وضع داكن
28-03-2024
Logo
موضوعات علمية من الخطب - الموضوع : 002 - الطب الوقائي
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

الطب الوقائي .

أيها الإخوة المؤمنون ؛ أشار النبي عليه الصلاة والسلام، في أحاديث كثيرة إلى ما يسمى اليوم بالطب الوقائي، والوقاية كما يقولون: درهم وقايةٍ خيرٌ من قنطار علاج ،

القلب :

قال عليه الصلاة والسلام:

(( أَلا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ ))

( من صحيح البخاري: عن " النعمان بن بشير " )

لو أن أحدنا، قبض كفَّه، حجم كفه المقبوض، كحجم قلبه تماماً، تبدأ عضلته بالضخ، في الشهر الأول، وأنت في بطن أمك، ولا تكفُّ عن الحركة، إلا مع انتهاء الرحلة.

إن الطبيب له علمٌ يدلُّ به إن
كان للناس في الآجال تأخير
حتى إذا ما انقضت أيام رحلته
حار الطبيب وخانته العقاقير.

يبدأ هذا القلب يضخ منذ الشهر الأول وأنت في رحم الأم، إلى أن تنتهي الرحلة، إلى أن ينهي الله هذه الرحلة، هذا هو الموت، لكل أجلٍ كتاب.
ابسط يدك واقبضها، سبعين مرةً في الدقيقة، فهذا معدَّل ضربات القلب في الدقيقة، وفي أثناء بذل الجهد الكبير، قد يصل هذا النبض إلى مئةٍ وأربعين نبضةً في الدقيقة.
القلب محرك، ولكن هذا المحرك مرن، تزداد قوة أحصنته إلى السبعين، عند الحاجة، وتنخفض إلى الأربعة، عند عدم الحاجة، قوة الأحصنة لهذا القلب متبدلة.
قال العلماء: القلب، ينبض، في اليوم مئة ألف مرة، في الأربعة وعشرين ساعة، وينبض، في الشهر، ثلاث ملايين نبضة، وإذا وصل الإنسان إلى الثمانين، أحصى العلماء، متوسط عدد نبضات قلبه، إلى ألفين وثمانمئة وثمانين مليون نبضة.
شيءٌ عجيب، أن هذا القلب الصغير، يضخ من ثلاثة آلاف إلى خمسة آلاف جالون في اليوم الواحد، كل ضخة تعادل نصف فنجان شاي، من ثلاثة آلاف إلى خمسة آلاف جالون من الدم، يضخ في اليوم الواحد.
المشكلة أن كل عضوٍ من أعضاء الإنسان، إذا أصيب بالعطب، والعطل، يعني فقد شيء من ميزات حياته الإنسان، لكن القلب إذا أصيب بالعطب، أو العطل، انتهت الحياة، فالحياة، متوقفةٌ على القلب.

 

صحة القلب .

فلذلك كما قيل : المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء ، وليس من غرائب الصدف، أن أطالع مقالةً علمية، يقول فيها المؤلف، أو كاتبها: إن صحة القلب، وانتظام عمله، ودوام عمله، متوقفٌ على، كمية الطعام التي تملأُ المعدة، ونوع هذا الطعام. صحة القلب، وانتظامه، ودوامه نبضه، متوقفٌ، على نوع الطعام وعلى كميته، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:

(( مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ ))

( من صحيح البخاري: عن " عَنْ مِقْدَامِ ابْنِ مَعْدِي كَرِبَ " )

قال:

(( نحن قومٌ لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع ))

لو أردت أن تجمع الطب الوقائي، هناك جامعة اليوم، تُدَرِّسَ كتاباً، يزيد عن ألف صفحة عن الطب الوقائي، لو جمعت هذه الصفحات الألف، وأردت أن تضغطها في كلمات، لما كان من كلمةٍ أبلغ، نحن قومٌ لا نأكل حتى نجوع، إذا جاع الإنسان، أفرزت هذه الخلايا كمياتٍ كبيرة من العصارات الهاضمة، فوق أنك تحس بطعم الطعام طيباً، وفوق أنه يسهل هضمه، إنك إذا أكلت وأنت جائع، عرفت لذة الطعام، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:

(( نعم الإدام الجوع ))

أطيب أكلةٍ تأكلها أن تكون أنت جائع.
المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء

(( لآمَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ حَسْبُ الآدَمِيِّ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ غَلَبَتِ الآدَمِيَّ نَفْسُهُ فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ ))

( من سنن ابن ماجة: عن " عَنْ مِقْدَامِ ابْنِ مَعْدِي كَرِبَ " )

شيءٌ آخر، حينما قال النبي عليه الصلاة والسلام:

(( أَلا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ ))

( من صحيح البخاري: عن " النعمان بن بشير " )

حَمَّلَ بعض علماء التفسير، وعلماء الحديث، هذا الحديث معنىً آخر، أن للنفس قلباً، هناك قلب الجسد، وهناك قلب النفس، فمن كان قلبه سليماً، من كل غشٍ، أو حسدٍ، أو حقدٍ.

﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)﴾

( سورة الشعراء )

يقول بعض الأطباء: إن هناك عدة أشياء تتلف القلب، أولها، التوترات العصبية، قال ربنا عزَّ وجل:

 

﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213)﴾

( سورة الشعراء )

معناها الشرك، يسبب أمراضاً في القلب، والإيمان يسبب صحةً لهذا القلب.

(( عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ))

( من صحيح مسلم: عن " صهيب " )

معنى ذلك أن الإيمان، وسلامة القلب، وطهارة النفس، والتوكل، والتوحيد، أحد أسباب صحة القلب.
فهذا الطبيب يقول: جمع الأطباء أمراض القلب، إلى أسبابها، فكان من أبرز أسبابها ؛ التوترات العصبية، وليس كالشرك، مسبباً للتوترات العصبية، وكثرة الطعام، وكثرة المواد الدسمة في الطعام، وقلة الحركة
فالنبي الكريم كان يخدم نفسه، يرفو ثوبه، يكنس داره، كان في مهنة أهله.
بذل الجهد، والتوحيد، والاعتدال في الطعام، والانتباه إلى نوع الطعام، هذه الأشياء الأربعة، إذا توافرت، كانت وقايةً، من العطب والعطل الذي يصيب القلب.

أيها الإخوة المؤمنون... ما من قولٍ يقوله النبي عليه الصلاة والسلام، لأنه إن هو إلا وحيٌ يوحى، لا ينطق عن الهوى، إلا متطابق أشد التطابق مع أحدث معطيات العلم، إذا أردت صحةً، ونشاطاً، وقوةً، وراحةً، فاسلك سبيل النبي عليه الصلاة والسلام، وحِّد، إن وحدت، لا ترى زيداً، أو عبيداً، لا ترى إلا الله،...

﴿ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾

( سورة الفتح: من آية " 10 " )

﴿ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾

( سورة الأنفال: من آية " 17 " )

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾

( سورة هود: من آية " 123" )

هذه صحة القلب، التوكل، والتوحيد، التفويض، والاستسلام، والاستقامة، والعمل الطيب، وهذا القلب، الذي لا غلَّ فيه، ولا حسد، ولا بغض، ولا حقد، ولا خداع، ولا نِيةً سيئة، هذا القلب يبدو صحيحا، لأن أحد أسباب أمراض القلب، التوترات النفسية، وقلة الطعام.

(( مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ ))

( من صحيح البخاري: عن " عَنْ مِقْدَامِ ابْنِ مَعْدِي كَرِبَ " )

نحن قومٌ لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع.

ونوعية الطعام، كان النبي الكريم، يتخير من طعامه، ما كان فيه الفائدة.
أيها الإخوة المؤمنون... هذا جزءٌ من الطب النبوي.

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور