وضع داكن
29-03-2024
Logo
موضوعات فقهية متفرقة - الدرس : 13 - فضيلة التعليم .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

فضيلة التعلم :

 أيها الأخوة المؤمنون ، تحدثت عن فضيلة التعلم ، وهذا الفصل من إحياء علوم الدين ، واليوم الحديث عن فضيلة التعليم .
 أكبر خطأ يرتكبه الإنسان أن يظن أنه يتعلم ، أنت مكلف أن تعلم كما أنت مكلف أن تتعلم ، وليس التعليم قاصراً على الدعاء والمرشدين والعلماء ، بل كل من يستمع إلى العلم عليه أن يعلم ، فالله سبحانه وتعالى يقول :

﴿وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾

[سورة التوبة : 122]

 جاء أناس إلى النبي عليه الصلاة والسلام وتعلموا منه ثم رجعوا إلى قومهم لينذروهم، هذا ينطبق على كل منكم ، جاء إلى مجلس العلم ، ثم عاد إلى البيت ، وله زوجه وله أولاد ، جاءه صديقه ، جاءه أخوه ، جاءه ابن عمه ، جاءه نسيب له ، ذهب إلى عمله ، زميله في العمل ، جاره في العمل ، كل واحدٍ منكم محاط بأربعين أو خمسين إنساناً كل أسبوع ، فإذا حضرت مجلس علم ، وتعلمت شيئاً ؛ حديثاً ، آية ، حقيقة ، فكرة ، وتركت في نفسك أثراً بليغاً ، وحينما عدت إلى البيت نقلتها لزوجتك ، أو لأولادك فأنت ممن تنطبق عليك هذه الآية :

﴿وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾

[سورة التوبة : 122]

 والإنذار هنا المقصود به التعليم والإرشاد . قال الله تعالى :

﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ﴾

[سورة آل عمران : 187]

 هذا الميثاق ميثاق التعليم . وقوله تعالى :

﴿وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾

[سورة البقرة :146]

 إثمهم كبير جداً عند الله ، وهو تحريم الكتمان . وقال تعالى :

﴿وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾

[سورة البقرة :283]

 الآية متعلقة بالشهادة ، والقرآن له خاص وله عام ، الحقيقة من يكتمها فإنه آثم قلبه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(( ما آتى الله عالماً علماً إلا وأخذ عليه من الميثاق ما أخذ على النبيين أن يبينوه للناس ولا يكتمونه ))

[أخرجه أبو نعيم في فضل العالم العفيف من حديث ابن مسعود]

من خشي غير الله فقد رسالته و وجوده :

 هناك آية قرآنية استوقفتني كثيراً ، قال تعالى متحدثاً عن هؤلاء الذين يبلغون رسالات الله ، الله سبحانه وتعالى أراد أن يصفهم ، بماذا وصفهم العالم ؟ كم صفة له ؟ ألا يصلي؟ يصلي . ألا يصوم ؟ يصوم . ألا يتقي ؟ يتقي . من الممكن أن تقترح أنت مئة صفة للعالم ، ربنا عز وجل اختار للعلماء صفة واحدة - هو له صفات كثيرة - اختار واحدة لأن هذه الواحدة خطيرة خطيرةْ فإذا توافرت فهو يبلغ رسالات الله ، وإن لم تتوافر فقد هذه الأهلية ، ماذا قال الله عز وجل :

﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ﴾

[سورة الأحزاب : 39]

 لو أن هذا الإنسان الذي يبلغ رسالات الله خشي من جهة غير الله ما النتيجة الحقيقية ؟ أنه سوف يكتم حقيقة لا ترضي هذه الجهة ، ما النتيجة الثانية ؟ أنه سوف يقول قولاً غير صحيح إرضاءً لهذه الجهة فإذا كتمت الحق إرضاء- لمن تخشاه من دون الله - وإذا نطقت بالباطل إرضاءً لمن تخشاه من دون الله ، فهل أنت بعد هذا وذاك تبلغ رسالات الله ؟!
 هذه الصفة إذا فقدها العالم فقد رسالته . مثلاً : إذا عطلنا المحرك في السيارة ، فقط المحرك ، لم يبق فائدة في السيارة ، إذا ألغيت المحرك لم يعد اسمها سيارة ، ألغيت وجودها ، إذا عطلت المكبر في المسجلة لم تعد مسجلة ، هي تدور صحيح ولكن لا نسمع الصوت . هناك أشياء أساسية وجوهرية إذا ألغيتها ألغيت الشيء .

﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ﴾

[سورة الأحزاب : 39]

 انظر إلى هذا الوصف ما أجمله ، ربنا كلامه موجز ، كلامه معجز لم يقل : ويصلون . . طبعاً يصلون ويصومون . . طبعاً يصومون ويحجون . . طبعاً يحجون ويتصدقون . . طبعاً يتصدقون ، ولكن :

﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ﴾

[سورة الأحزاب : 39]

 بمجرد أن يخشى هذا الذي يبلغ رسالات الله غير الله فقد مهمته ، فقد رسالته ، فقد هويته ، فقد وجوده ، فقد وظيفته ، فقد مبرر وجوده ؛ لأنه سوف يبلغ ما يرضى عنه هذا الذي خشيه من دون الله ، سوف يسكت عن الحق إرضاءً لمن خشيه من دون الله ، وسوف ينطق بالباطل إرضاءً لمن خشيه من دون الله ، ولعمري ماذا بقي إذا سكت عن الحق ونطق بالباطل ، ماذا بقي من تأديته لرسالات الله ؟

﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ﴾

[سورة الأحزاب : 39]

 قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه ابن مسعود :

(( ما آتى الله عالماً علماً إلا وأخذ عليه من الميثاق ما أخذ على النبيين أن يبينوه للناس ولا يكتمونه ))

[أخرجه أبو نعيم في فضل العالم العفيف من حديث ابن مسعود]

الدعوة إلى الله بالحكمة و الموعظة الحسنة :

 وقال تعالى :

﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[سورة فصلت : 33]

 الله عز وجل بهذا التركيب الاستفهامي التقريري ، هذا استفهام تقريري يبين أن أعلى عمل في الأرض أن تدعو إلى الله ، وأن يكون عملك صالحاً ، وباب الدعوة ميسر لكل إنسان ، لو تعلمت حديثاً واحداً وعلمته فأنت من هؤلاء ، لو تعلمت آية واحدة . . لو لم تستطع أن تتعلم وجررت الناس بمالك حتى حضروا مجلس علم فهو في صحيفتك ، فإما أن تعلم مباشرة ، وإما أن تجذب هذا الإنسان لمن يعلمه ، قال تعالى :

﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾

[ سورة النحل : 125]

 قد ترى في سلوك إنسان خمسين مخالفة . . فإذا قلت له : هذه حرام وهذه حرام وهذه حرام وجد كل حياته حراماً ، يقول : أخي لا أريد هذه الطاعة ، هذه ليست حكمة ، الحكمة أن تعرفه بالله عز وجل .
 مرةً سمعت كلمة أعجبتني تُسمى التدخل الإيجابي . مثلاً : الباعة أسعارهم مرتفعة جداً ويوجد غش ، ويوجد احتكار ، فنفتتح محلاً بهذا السوق ، ونعرض فيه بضاعة جيدة ورخيصة ، فنحن لم نضيق على الباعة ، تركناهم يفعلون ما يشاؤون ، ولكننا فتحنا محلاً في نفس السوق ، وبعنا بضاعة رخيصة جداً بأسعار معتدلة ، فالناس تهافتوا علينا وتركوهم ، مما اضطرهم أن يخفضوا أسعارهم . هذا أسلوب راق جداً ، فبدلاً من أسلوب العنف نستعمل أسلوب التدخل الإيجابي . فأنت بدلاً من أن تقول له : هذه حرام وهذه حرام وهذه حرام وبيعك حرام ، ومحلك أخذته بالحرام ، وبضاعتك بالحرام ، وزوجتك ماشية بالحرام ، وبناتك لا حجاب . . لقد أكثرت عليه الحرام فيئس من الحلال كله . . عرِّفه بالله ، تكلم له عن آيات الله ، علمه الصلاة، ادعه إلى صدقة . إذا تصدق صلى ، فإذا صلى ذاق من طعم الإيمان ، فإذا ذاق من طعم الإيمان هو يسألك أهذه حلال أم حرام ؟ قل له : هذه حرام . . هذه الآية ؟ لا تعطه كلهم دفعة واحدة .

﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾

[ سورة النحل : 125]

 يقولون إن رجلاً فرنسياً أسلم على يد أحد المشايخ في مصر ، قال له : علمني الدين ؟ قال : اجلس عندي درس فقه ، جلس في درسه . . أول يوم أحكام المياه ؛ الماء الطاهر، الطاهر المطهر ، الطاهر غير المطهر ، حكم الوضوء بماء الحمص ، حكم الوضوء بماء العدس ، حكم البئر إذا وقع فيه فأر ، فإذا يلحقها هر فلها حكم آخر ، من دون أن تلحقها قطة فلها حكم ثانٍ يقول : أين الهدى ؟ لا زلنا في الماء ، فأصابه الملل فترك . التقى مع عالم آخر ، قال له : الماء الذي تشربه توضأ منه .

﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾

[ سورة النحل : 125]

من أمر بمعروف فليكن أمره بمعروف :

 علمنا الله عز وجل كيف حرم الخمر ، حرمها بالتدريج ، قال تعالى :

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ﴾

[سورة النساء : 43]

 وبعد ذلك قال :

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

[سورة المائدة : 90]

 فكما أن الله سبحانه وتعالى حرم الخمر بالتدريج عليك أن تسلك هذا السبيل الحكيم في تحبيب الناس بالخير ، وتنفيرهم من الشر . لذلك من أمر بمعروف فليكن أمره بمعروف .
 حينما خرج الدم من يد النبي الكريم لماذا توضأ مرةً ومرةً لم يتوضأ ؟ هناك حكمة ، فإذا كانت كمية الدم كبيرة يتوضأ ، وإذا كانت قليلة لا يتوضأ . أخذ أحد الأئمة أن الدم ينقض الوضوء ، وآخر قال : الدم لا ينقض الوضوء .
لماذا قال رسول الله مرةً : اقرؤوا مع الإمام ومرةً قال : لا تقرؤوا ؟ إذا كان صوت الإمام واضحاً جداً ، وأنت تقف وراءه فتشوش عليه قال : ما لي أنازع القرآن ؟ إذا صفك رقم خمسة عشر ، لست تسمع شيئاً ، أتقف ساكتاً ؟ ما هذه الصلاة ؟ هناك حكمة عندما يعرف الإنسان حكمة كل أمر يقلد .
 لك قريب شارب خمر ، وأولاده فقراء ، أتعطيه نقوداً ؟ يشرب بها خمراً ، فأنت تطبق المذهب الشافعي ، تعطيه الزكاة عينية ، تبعث إليه كيس سكر ، أرز ، سمنة ، لكن لك شخص عنده حكمة بالغة ، هو أدرى بالمئة ليرة ، يشتري بها ألبسة لأولاده ، كتب مدرسية ، هو حكيم . الحكيم أعطه نقوداً ، إنسان من الريف تعطيه كيساً من القمح يراه شيئاً ثميناً جداً ، المطحنة جاهزة ، والتنور جاهز ، أعط إنساناً يسكن في الشام كيساً يراه عبئاً عليه ، أين يريد أن يطحنه؟ أين يريد أن يصوله ؟ فهناك حكمة .

﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾

[ سورة النحل : 125]

 تشاجر مع صديقه فحلف بالطلاق ، له زوجة صائمة مصلية محجبة مستقيمة ، آدمية عفيفة ، طاهرة ، خدومة ، متواضعة ، وهي تطبخ طُلقت . . اتفاق الأئمة حجة قاطعة ، واختلافهم رحمة واسعة . هناك فقهاء قالوا : إذا حلف إنسان بالطلاق ، ولم تكن زوجته طرفاً في الطلاق ، وكان يكره فراقها كما يكره فراق دينه فإن هذا الطلاق لا يقع . منطقي ، حكيم جداً ، لم تكن طرفاً في الموضوع ، ويكره فراقها كما يكره فراق دينه فهذا الطلاق لا يقع . اتفاق الأئمة حجة قاطعة ، واختلافهم رحمة واسعة .
 سألتك امرأة هل هذه الأساور عليها زكاة ، ليس عندها غيرهم ، أنت حنفية ؟ لا ، تقول لها : إن كنت حنفية فعليهم زكاة ، اذهبي وبيعي واحدة وادفعي زكاتهم . . لا ، ممكن أن تقول لها لا يوجد عليهم زكاة ، مادامت لا تملك ثمناً نقدياً آخر هناك مذهب آخر .

(( إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا . . . . ))

[متفق عليه عن أبي هريرة ]

 من أمر بمعروف فليكن أمره بمعروف .

المؤمن الصادق :

 وأما الأخبار فقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد أنه لما بعث رسول الله معاذاً رضي الله عنه إلى اليمن قال :

((فَوَ اللَّهِ لَأَنْ يُهْدَى الله بِكَ رَجُلاً وَاحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ))

[متفق عليه عن سهل بن سعد الساعدي ]

 من هو المؤمن ؟ الذي يصدق بهذا الكلام ، هذا كلام رسول الله ، لا ينطق عن الهوى ، ترى علامة المؤمن الصادق أن همه الأكبر هداية الناس ، تراه حريصاً على هدايتهم أكثر من حرصه على عمله ، أو على مستقبله ، أو على مستقبل زواجه ، لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من الدنيا وما فيها ، كل واحد له عند الله مرتبة ، هذه المرتبة بحسب الذين اهتدوا عن طريقه :

(( ما أحدث رجل أخاً في الله إلا أحدث الله له درجة في الجنة ))

[ كنز العمال عن أنس]

 اهتدى على يديك إنسان فأنت مرتبتك واحد ، اثنان اثنان ، إلى أن يقول الله عز وجل عن سيدنا إبراهيم :

﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾

[ سورة النجل : 120]

 أي اهتدت أمة ، أما سيدنا رسول الله فجميع الأمم عن طريقه .

﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾

[ سورة الأنبياء : 107]

 فمن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ، فإذا ساهمت بهداية إنسان ، وهذا الإنسان صار عالماً ، واهتدى على يديه مليون ، المليون لك وله ، حسنات الله عجيبة جداً ، المليون بصحيفته وبصحيفة من علمه أنت من غير أن ينقص من أجره شيئاً . فلما يوقن الإنسان أن هداية الأشخاص أغلى عمل في الأرض هذه صنعة الأنبياء ، قد يعطي الله الدنيا لمن يحب ولمن لا يحب ، ولكن هذه الصنعة لا يسلمها إلا لمن يحب .

﴿ وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ﴾

[ سورة طه : 41]

 ما معنى واصطنعتك لنفسي ؟ أنت لي ، أنت داع إلي . فالسيدة عائشة تحدث الناس عنها أنها زانية ، وهي بقية طاهرة ، لماذا سمح الله لهم أن يفعلوا ذلك ؟ قد جعلها الله أسوة لكل امرأة ، لآخر الزمان ، يتكلم الناس عنها ظلماً وهي بريئة فلها أسوة بالسيدة عائشة كأن السيدة عائشة كانت كبش الفداء ، فالله عز وجل اصطنعها لنفسه . فأجرى هذه القصة تعليماً لنا، فليس كل شيء يُقال صحيحاً . . طاهرة نقية ، حصينة ، حصان ، رزان ، شريفة ، مقربة ، وهكذا تحدث الناس ، فأية امرأة مسلمة مؤمنة لغط الناس بها ، فلها بالسيدة عائشة أسوة حسنة لأن الله اصطنعها لنفسه . فكل إنسان داعية قد يكون فقيراً ، لماذا فقير ؟ حتى إذا كان طالب علم فقيراً لا يأخذ على خاطره ، قد يكون هذا الداعية مريضاً ، إذا إنسان أحب الله أن يعالجه بالمرض ، هذا فلان كان مريضاً . سيدنا رسول الله جاءه جبريل قال له : أتحب أن تكون نبياً ملكاً أم نبياً عبداً ؟ قال : بل نبياً عبداً ، أجوع يوماً فأذكره ، وأشبع يوماً فأشكره .
 دخل عدي بن حاتم إلى بيته ، قال : فتناول وسادة من أدم محشوةً ليفاً قال : اجلس عليها ، قلت : بل أنت . قال : بل أنت . وجلست عليها وجلس هو على الأرض . . كيف رسول الله وهو سيد العالمين ليس عنده إلا وسادة واحدة في بيته ، ما هذا البيت ؟ عندما كان يصلي قيام الليل ترفع السيدة عائشة رجليها كي يسجد ، ألهذه الدرجة كانت الغرفة ضيقة ؟ هذه غرفته ، وهذا أثاث بيته الفخم ، وهذه الثريات سراج ، والسجاد جلد غزال . .
 دخل سيدنا عمر على رسول الله فرآه نائماً على حصير ، وقد أثر على خده الشريف فبكى ، قال له : يا عمر لمَ تبكي ؟ قال : رسول الله ينام على حصير ، وكسرى ملك الفرس الكافر ، عابد النار ، الظالم ينام على حرير ؟ قال : يا عمر إنما هي نبوة وليست ملكاً . وهناك قولاً آخر : أما ترضى أن تكون لهم الدنيا وتكون لنا الآخرة .
إذاً . .

((فَوَ اللَّهِ لَأَنْ يُهْدَى الله بِكَ رَجُلاً وَاحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ))

[متفق عليه عن سهل بن سعد الساعدي ]

 إن صدقتم بهذا الحديث فانطلقوا إلى هداية الناس ، وكلما تهدي واحداً لك عند الله درجة .

من كتم علمه ألجم بلجام من نار :

 وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن مسعود :

(( من تعلم باباً من العلم ليعلم الناس أعطي ثواب سبعين صديقاً))

[رواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن مسعود]

 وقال عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام - هكذا تروي الكتب - من علم وعمل وعلم ـ يوجد آية قرآنية بهذا المعنى ؟ . .

﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾

[ سورة العصر : 1-3 ]

 إذا كانت حياة الإنسان خالية من إيمان ، وتطبيق ، وتعليم ، وصبر فهو خسران .. أخي معه ثلاثة آلاف مليون ، خسران .
 وعمل وعلم ، فذلك يدعى عظيماً في ملكوت السموات .
 وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه ابن عباس بسند ضعيف :

(( إذا كان يوم القيامة يقول الله عز وجل للعابدين والمجاهدين ادخلوا الجنة ، فيقول العلماء : بفضل علمنا تعبدوا وجاهدوا))

[ أخرجه أبو العباس الذهبي في العلم من حديث ابن عباس بسند ضعيف]

 وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن عمر ، والحديث متفق عليه :

(( إن الله عز وجل لا ينتزع العلم انتزاعاً من الناس بعد أن يؤتيهم إياه ولكن يذهبوا بذهاب العلماء ، فكلما ذهب عالم ذهب بما معه من العلم حتى إذا لم يبق إلا رؤساء جهالاً إن سئلوا أفتوا بغير علم فيضلون ويضلون ))

[متفق عليه عن ابن عمر ]

 العلم يُنتزع انتزاعاً بقبض العلماء . وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة وهو حديث حسن :

(( من عمل علماً فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار ))

[أبو داود والترمذي عن أبي هريرة]

 الحكم يعرفه ، ولكن لم يتكلم لمصلحة ، له شريك يربح منه كثيراً وقع شريكه بمخالفة فإذا نصحه بتلك المخالفة سيتشاجران معاً ، يقول له : نفك الشركة بيننا ، فيقول لنفسه : اسكت يا ولد أنت تربح منه . تعلم علماً وكتم هذا العلم من أجل مصلحة مادية ، ألجمه الله بلجام من نار .
 قلت لكم مرة : إنسان يصلي في أول صف ، كل صلاة في وقتها ، له محل تجاري وله مطعم يباع فيه الخمر ، قلنا له فقال : إن شاء الله برقبة شريكي ، أنا ليس لي دخل ، أنا إلى المطعم لا أذهب أبداً ، فقط آخذ الأرباح آخر السنة ، في رقبته إن شاء الله . لا في رقبة الشريكين معاً ، إذا قال له : لا يجوز ، يجوز ، هذا ليس عملك إن لم يعجبك ذلك انسحب ، هناك ربح جيد كيف ينسحب؟؟!!

(( من عمل علماً فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار ))

[أبو داود والترمذي عن أبي هريرة]

النصيحة و التشهير :

 وقال صلى الله عليه وسلم :

((ما أهدى مسلم لأخيه هدية أفضل من كلمة تزيده هدى أو ترده عن ردى ))

[أبو نعيم من حديث عبد الله بن عمرو]

 فعلامة المؤمنين يتناصحون ، إذا رأى الأخ على أخيه غلطاً ، لكن الفرق بين النصيحة والتشهير ، النصيحة بينك وبينه ، التشهير أمام ملأ ، أمام الملأ لا يرضى منك ، يعارض ، أحياناً لا يكون منطقياً ، أحياناً يركب رأسه ، أحياناً يتعنت ، أحياناً يتشدد لا يتراجع ، لأنك أردت أن تشهر به ، عندئذ لا ينصاع لك ، إن كنت مخلصاً في نصيحتك انصحه على انفراد ، بشكل لطيف .
 سيدنا الحسن والحسين رضي الله عنهما حينما رأوا رجلاً كبيراً في السن يتوضأ بشكل غير صحيح ، فتوضؤوا أمامه وسألوه : نحن قد اختلفنا بموضوع في الوضوء ، فاحكم بيننا يا عم وتوضؤوا أمامه ، قال : المخطئ أنا وليس أنتما . أي هذا أسلوب من أساليب تصحيح الأغلاط بشكل لطيف ، فالإنسان إذا أراد أن يتناصح يجب أن يكون ذكياً بالتناصح ، إنسان غلط أمام سيدنا رسول الله باللغة - إذا أخطأت أمام نحوي أو لغوي يقيم القيامة عليك يقول لك : أعد ، أعد . . – فقال : " أرشدوا أخاكم فإنه قد ضلّ " يا ترى تصليح الغلطة وجرحه أفضل من تركها إلى آخر المجلس وتنبيهه لها تنبيهاً لطيفاً ؟ المؤمنون بعضهم لبعض نصحة متوادون ، ولو ابتعدت منازلهم ، والمنافقون بعضهم لبعض غششة متحاسدون ، ولو اقتربت منازلهم .
 إذاً :

((ما أهدى مسلم لأخيه هدية أفضل من كلمة تزيده هدى أو ترده عن ردى ))

[أبو نعيم من حديث عبد الله بن عمرو]

 وقال صلى الله عليه وسلم :

((الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه))

[الترمذي عن أبي هريرة]

 ذكر الله وما يتصل به .

 

النبي الكريم يعلّم الناس كيف يرحمون الحيوان :

 وقال عليه الصلاة والسلام :

(( إن الله سبحانه وملائكته وأهل سماواته وأرضه حتى النملة في جحرها ، وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير))

[الترمذي عن أبي أمامة]

 لأن معلم الناس الخير يعلمهم كيف يعاملون الحيوان ، فإذا رحم الإنسان الحيوان ففي صحيفة من دله على ذلك .
 حدثني شخص أنه ذبح شاة أمام أختها ، قال : والله لأول مرة في حياتي أرى شاة تبكي خوفاً ، النبي الكريم أدرك ذلك ، لما رأى شخصاً يذبح شاةً أمام أختها غضب عليه الصلاة والسلام وقال : " أتريد أن تميتها مرتين ، هلا حجبتها عن أختها " كان عليه الصلاة والسلام رحيماً . . ولما دخل إلى بستان ورأى جملاً فلما اقترب منه حن - معنى حن هطلت دموعه- تقدم النبي عليه الصلاة والسلام ومسح ذفري الجمل وقال : " من صاحب هذا الجمل ؟ قالوا : فتى من الأنصار ، قال : ائتوني به ؟ جاؤوا به فقال : يا فتى ألا تخشى الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها ؟ إنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه "
 فالذي يحمل مفكاً ينعر به الدابة من أجل أن تمشي ، تراها مجروحة ، هذه بهيمة في خدمتك ، فكم من مركوبة خير من راكبها عند الله .
 النبي الكريم بلغه عن رجل خان صديقه أثناء السفر أو الجهاد والكلب قتله ، قال : " خان صاحبه ، والكلب قتله ، والكلب خير منه "

﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾

[سورة البينة : 6]

 طبعاً .

﴿الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ﴾

[سورة البينة : 6]

على طالب العلم أن يعقل ما يقال ليبلغه لغيره :

 وقال عليه الصلاة والسلام :

(( ما أفاد المسلم أخاه فائدة أفضل من حديث حسن بلغه فبلغه ))

[جامع بيان العلم وفضله لابت عبد البر عن محمد بن المنكدر]

 لذلك طالب العلم همه الأول يعقل هذا الذي يقال ؛ تفسير آية ، تفسير حديث ، حقيقة ، آية كونية ، إذا عقلها وبلغها لأخيه المؤمن يسعد ويسعد .
 وهناك حديث رواه أبو هريرة قال :

(( كلمة من الخير يسمعها المؤمن فيعلمها ويعمل بها خير له من عبادة سنة ))

[ ابن المبارك عن أبي هريرة]

 و:

(( رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِمَجْلِسَيْنِ فِي مَسْجِدِهِ ، وَأَحَدُ الْمَجْلِسَيْنِ يَدْعُونَ اللَّهَ وَيَرْغَبُونَ إِلَيْهِ وَالآخَرُ يَتَعَلَّمُونَ الْفِقْهَ وَيُعَلِّمُونَهُ ، فَقَالَ : كِلا الْمَجْلِسَيْنِ عَلَى خَيْرٍ وَأَحَدُهُمَا أَفْضَلُ مِنْ صَاحِبِهِ ، أَمَّا هَؤُلاءِ فَيَدْعُونَ اللَّهَ وَيَرْغَبُونَ ، إِلَيْهِ فَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُمْ وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُمْ ، وَأَمَّا هَؤُلاءِ فَيَعْلَمُونَ الْعِلْمَ وَيُعَلِّمُونَ الْجَاهِلَ ، فَهُمْ أَفْضَلُ وَإِنَّمَا بُعِثْتُ مُعَلِّمًا))

[ مسند البزار عن عبد الله بن عمرو]

 أي يقلدون النبي صلى الله عليه وسلم في صنعته :

(( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ))

[أخرجه البزار عن أبي هريرة ]

الحسد و الغبطة :

 الدرس اليوم كله على التعليم ، وكل واحد منكم يجب أن يعلم ، يجب أن يعمل قائمة؛ فلان اهتدى على يدي ، وفلان وفلان ، إذا واحد أحسن من الدنيا وما فيها ، فكيف باثنين أو ثلاثة ؟ إذا إنسان لم يعرف الله عز وجل وصار عنده أموال تعادل ملء الأرض ذهباً . . لو أنه يملك ذهباً ملء الأرض ، وأراد أن يدفع هذا المال كله ليفتدي نفسه من عذاب الله لا يُقبل منه ذلك ، وهداية رجل واحد خير لك من الدنيا وما فيها . والحديث المعروف المشهور :

(( إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ ، إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ))

[مسلم عن أبي هريرة]

 هذه أعمال مستمرة ، غير منقطعة .

((لا حَسَدَ إلا في اثنَتَيْنِ . . .))

[البخاري عن أبي هريرة]

 إذا حسدت إنساناً على بناء ضخم فهذا حسد غير ذكي ، حسد غبي ، لأن هذا البناء سوف يغادره إلى مثواه الأخير ، إن حسدته على ماله فهذا حسد غير ذكي ، لأنه لن يأخذ معه إلا أمتار من الخام الأسمر ، وقطن فقط ، إذا حسدته على زوجته سوف يتركها ، إذا حسدته على أولاده فسوف يتركهم ، أو قد لا ينفعونه ، أما إذا حسدته على علم فمعك حق ، إذا حسدته على مال ينفقه في طاعة الله فمعك حق . لكن نحن نسمي الحسد في العلم وفي المال الذي ينفقه صاحبه في طاعة الله غبطة ، هناك أناس يقولون : أنا حاسدك على هذه الدعوة إلى الله . لا تقل له : أنا حاسدك ، بل قل : أنا أغبطك . دقة العبارة جميلة ، في الخيرات غبطة وفي غير الخير حسد .
 هناك بيت شعر مكتوب :

ملك الملوك إذا وهب  لا تسألن عن السبب
***

 أي عطاء الله بلا سبب ، أنا عدلت تعديلاً طفيفاً :

ملك الملوك إذا وهب  قم فاسألن عن السبب
***

 لأن عطاء الله بالعدل ، وهناك أسباب .

الله يعطي من يشاء  فقف على حد الأدب
***

 لذلك قال عليه الصلاة والسلام :

((لا حَسَدَ إلا في اثنَتَيْنِ : رجلٌ آتاهُ اللَّه القرآنَ, فهو يَتْلُوهُ آناءَ اللَّيلِ, والنَّهارِ, فَسمِعَهُ جَارٌ له ، فقال : لَيْتَني أُوِتيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ : فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعمَلُ ، ورجلٌ آتاهُ اللَّهُ مالاً, فهو يُنفِقُهُ في حَقَّهِ ، فقال رجل : لَيْتَني أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ ما يَعمَلُ))

[البخاري عن أبي هريرة]

 علم يعلمه ، المال ينفقه في طاعة الله ، هؤلاء الشخصان يُحسدان وما سوى ذلك حسد غبي ، الحاسد جاهل ، والمحسود أجهل .

من تعلّم وطبق السنة صار له وجهة إلى الله عز وجل :

 وقال عليه الصلاة والسلام في حديث حسن :

(( على خلفائي رحمة الله قيل : ومن خلفاؤك يا رسول الله ؟ قال : الذين يحيون سنتي ويعلمونها عباد الله ، يحيون سنتي - وفي رواية - عند فساد أمتي))

[جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر عن سَلَمَةُ بْنُ الْمُحَبَّقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]

 أخي مرحبا ، قل له : السلام عليكم ، والله أجمل ، السلام عليكم سلام الإسلام ، السلام من أسماء الله عز وجل ، العلم السنة ، المصافحة سنة ، ألا تأكل متكئاً سنة ، هذه مائدة الله عز وجل ، فالإنسان إذا تعلم وطبق السنة يصير له وجهة إلى الله عز وجل ، يسعد ويسعد.

 

أبلغ لغة أن يطبق الإنسان ما يقول ثم يتكلم :

 الآثار انتهينا من الأحاديث ، بدأنا بالآيات ، ثنينا بالأحاديث ، والآن الآثار .
 قال عمر رضي الله عنه : " من حدث حديثاً فعمل به فله مثل أجر من عمل ذلك العمل "
 لذلك أقول دائماً أربعة أدعية أدعيها يقشعر منها جلدي : " اللهم إني أعوذ بك أن يكون أحد أسعد بما علمتني مني" . . والله مصيبة يتعلم حديثاً ويطبقه ويسعد فيه وأنت متعلم نصه ولفظه وروايته ولست مطبقه فتشقى به ، هذه أكبر خسارة .
 من أندم الناس ؟ قيل : من دخل الناس بعلمه الجنة ودخل هو بعلمه النار ، روى لنا النبي الكريم عن أهوال يوم القيامة ، أنهم يشاهدون رجلاً انفتح بطنه واندلقت أمعاؤه من بطنه، وهو يدور في النار كما يدور حمار الرحى ، إذا إنسان ضُرب ضربة قوية يدوخ .

((يدور في النار كما يدور حمار الرحى ، وأمعاؤه اندلقت من أقتابه))

[أحمد عن أسامة بن زيد ]

 فلان ، هو بذاته ، هذا كان عالماً في الدنيا يسألونه ألست أنت فلان ؟ يقول : نعم ، ألم تكن تأمرنا بالخير ؟ قال : نعم ، ألم تكن تنهانا عن الشر ؟ قال : نعم ، ما الذي جاء بك إلى هنا ؟ قال : كنت آمركم بالخير ولا آتيه ، وأنهاكم عن الشر وآتيه . فلذلك أبلغ لغة أن يطبق الإنسان ثم يتكلم ، إذا طبق وتكلم يؤثر .
 رجل عالم عنده عبد ، له تلميذ غني ، مرة هذا العالم زار تلميذه ، هذا التلميذ رحب به ترحيباً منقطع النظير ، صنع له طعاماً اعتنى به ، والعبد يرى تأثير هذا الشيخ على تلميذه ، قال لنفسه : إذا كلمت الشيخ حتى يعتقني فسوف يعتقني ، بعد أن انتهت الزيارة قال له : لو أمرت سيدي أن يعتقني . قال له العالم : خيراً إن شاء الله ، فتوقع أنه سوف يعتقه في اليوم الثاني فمر يوم و اثنان و ثلاثة ، ثم أسبوع وأسبوعان وثلاثة ، وشهر وشهران وثلاثة ، لا حس ولا إنس ، يا ترى ماذا قال له ؟ قال له ؟ لمَ لم يقل له ؟ إذا قال له لمَ لم يطبق ؟ صار هناك سؤال وجواب ، ثم دعاه مرةً ثانية ، وأيضاً أكرمه إكراماً منقطع النظير ، ثم قال له : سيدي أكلمته حتى يعتقني ؟ فقال له : إن شاء الله يصير خيراً . أيضاً مضى أسبوع وأسبوعان ، وشهر وشهران ، لا حس ولا إنس ، ثم عزمه ثالثة ، فقال له : قال : إن شاء الله يصير خيراً . أعطاها نبرة جادة .
 بعد عدة أيام استدعاه سيده فقال له : أنت حر لوجه الله ، لكن هذا العبد قد تألم ، قال : إذا كانت تحل بكلمة من هذا العالم فلماذا تأخر إلى الآن رجوته منذ سنة . التقى بالرجل العالم وسأله ، قال : يا بني أنت أتعبتني كثيراً ، اقتصدنا من مصروفنا مبالغ حتى أعتقنا عبداً بعد أن أعتقت عبداً أمرت سيدك فأعتقك . هكذا كان العلماء قديماً . . العدل حسن لكن في الأمراء أحسن ، والورع حسن لكن في العلماء أحسن ، والحياء حسن لكن في النساء أحسن ، والتوبة حسن لكن في الشباب أحسن ، والسخاء حسن لكن في الأغنياء أحسن ، والصبر حسن لكن في الفقراء أحسن .
 فالورع حسن ، لكن في العلماء أحسن . قال له : أتعبتنا حتى وفرنا من مصروفنا ، وأعتقنا عبداً ، لما أمرنا سيدك بإعتاقك فنفذ فوراً . لذلك قال الله عز وجل :

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ ﴾

[ سورة فصلت : 33 ]

 كل إنسان يتفلسف أما الذي يؤثر كلامه في الناس فهو الذي يطبق .
 عندما تعامل الإنسان معاملة إسلامية ثم تنصحه نصيحة يخضع لك ، ويحترمك ويصغي لك ، إذا رأى المعاملة ليس كما يجب ، معاملة مصلحية ، أما الكلام لطيف فقال : " خلقت خلقاً ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الصبر ، فبي حلفت ، أعلي يجترؤون أم بي يغترون ؟ والله لألبسنهم فتنة تدع الحليم حيراناً" . كلام حلو كثيراً ، تطبيق لا يوجد . من حدث حديثاً فعمل به فله أجر مثل ذلك العمل :

(( إن الله سبحانه وملائكته وأهل سماواته وأرضه حتى النملة في جحرها ، وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير))

[الترمذي عن أبي أمامة]

تدخل العالم بين الله و خلقه :

 وقال بعض العلماء : " العالم يدخل فيما بين الله وبين خلقه "
 فعلاً كلما عرضت قضية عليه ، فالقضية معاملة الله للعبد ، يتدخل ويقول له : الله يريد بك خيراً ، هذه القضية لمصلحتك ، من أجل أنْ تصبر ، من أجل أن يرقى بك ، من أجل أن يرفع درجتك ، من أجل ، من أجل . . كالذي يدخل بين الأم وابنها ، يقول : إياك أن تغلط الأم لا يوجد مثلها ، كل أعمالها من أجل مصلحتك ، لو أنك حزنت منها ولكنها لمصلحتك ، أنت تتدخل بين الأم وابنها ، أنت تفهم الابن مقام الابن . فالعالم يتدخل فيما بين الله وخلقه . فلينظر كيف يدخل . . ويكون تدخله إيجابياً ، ألم يقل سيدنا موسى : " اللهم إنك تعلم أني أحبك، وأحب من يحبك ، ولكن كيف أحببك إلى خلقك ؟ قال : ذكرهم بآلائي ، ونعمائي ، وبلائي "

شعور المعلم عند سؤال المتعلم :

 سفيان الثوري - رحمه الله - قدم عسقلان فمكث فيها لا يسأله إنسان فقال : " إني مزمع أن أخرج من هذا البلد ، هذا بلد يموت فيه العلم "
 أحياناً أسأل الطلاب سؤالاً ، هل هناك سؤال ؟ لا أحد يجيب ، أقول لهم : هذا السكوت أول تفسير هو حسن ظني بكم ، أنكم فاهمون تماماً ولا يوجد قضية غامضة ، والتفسير الثاني : الحياء ، والحياء خلق عال ، والتفسير الثالث عدم المبالاة ، الموضوع كله خارج اهتمامنا . فالإنسان لا يسأل إما عن فهم ، وإما عن حياء ، وإما عن عدم مبالاة . الشيء الخطير الثالثة ، يعيش بدوامة ثانية .

(( من أصبح وأكبر همه الدنيا جعل الله فقره بين عينيه . .))

[ الترمذي عن أنس]

 شخص أوقف شخصاً و بدأ بآية ، قال له : والله مستعجل ، عندي موعد فلا تؤاخذني ، والله كلامك حلو ولكني مرتبط بموعد ، قال له : أراك تعرج ، قال : نعم والله ، قال : يوجد لهذا دواء ، قال : أطلت الحديث معه ، نصف ساعة أوقفته من أجل رجله ، من أجل تفسير آية عنده موعد ، مستعجل ، الحجاج ماشي في الطريق ، رأى بائع قدور يصلي قاعداً ، وقف عنده قال : أريد هذا القدر ، وضع سلماً وصعد إليه ، فقال : ليس هذا الذي بجانبه ، فصعد إلى جانبه . . قال : من أجل بيع وشراء يصعد وينزل مئة مرة .

﴿وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾

[سورة النساء :142 ]

 بزمانك رأيت إنساناً يعد نقوداً ينام – خمسمئات مثلاً – لا ، يبقى صاحياً . أحياناً الإنسان يشرد في الصلاة .
 قال عطاء رضي الله عنه : دخلت على سعيد بن المسيب وهو يبكي فقلت ما يبكيك؟ قال : لا أحد يسألني عن شيء ، ما هذا البلد ؟ إذا سأل أحدهم ينتعش المسؤول ، هناك إنسان مهتم ، هذه القضية تشغل باله ، خائف أن يكون قد وقع بالحرام ، عنده ورع ، عنده اهتمام، فالسؤال له فائدة غير مباشرة ، وهو شعور المعلم أن المتعلم مهتم . وقال بعضهم : " العلماء سرج الأزمنة ، كل واحد مصباح زمانه ، يستضيء به أهل عصره "

أهمية العلم و العلماء :

 وقال الحسن رحمه الله : " لولا العلماء لصار الناس مثل البهائم " ، أي أنهم بالتعليم يخرجون الناس من حدّ البهيمية إلى حدّ الإنسانية ، البهيمية طعام وشراب وعمل واستراحة وملذات ، انظر حياة معظم الناس ، ماذا يوجد فيها ؟ أكلنا ، وشربنا ، ونمنا ، وسهرنا ، وضحكنا ، ولعبنا ، وتنزهنا ، يذهب الصيف ويأتي الشتاء ثم الربيع والخريف ، نفس الوتيرة . حديثه عن الطعام ، أو النساء ، الأكل أو النساء ، طعام وشراب ونوم وراحة وترتيبات وتزيينات وحفلات وانتهى كل شيء ، والآخرة خارج اهتمامهم .

(( من أصبح وأكبر همه الدنيا جعل الله فقره بين عينيه ، وشتت عليه شمله ، ولم يؤته من الدنيا إلا ما قدر له ، ومن أصبح وأكبر همه الآخرة جعل الله غناه في قلبه ، وجمع عليه شمله ، وأتته الدنيا وهي راغمة ))

[ الترمذي عن أنس]

 وقال عكرمة : " إن لهذا العلم ثمناً ، قيل : وما هو ؟ قال : أن تضعه فيمن يحسن حمله ولا يضيعه" . وقال يحيى بن معاذ : " العلماء أرحم بأمة محمد صلى الله عليه وسلم من آبائهم وأمهاتهم " كيف ؟ نأخذ مثلاً رسول الله ، رسول الله أرحم بالخلق من أنفسهم بأنفسهم ، واحدنا همه دنياه ، أما النبي الكريمة فهمه آخرتك ، الدنيا زائلة ، أما البطولة فبالآخرة ، لذلك من يقوم مقام الأنبياء هؤلاء حريصون على الناس أشد من حرص الناس على أنفسهم . قال : وكيف ؟ قال : لأن آباءهم وأمهاتهم يحفظونهم من نار الدنيا .
 إذا أحدهم اقترب ابنه من مدفأة تراه يقفز قفزاً ، يقول : سيحرق يده . . كيف تغريه بمعصية ؟ ترسله إلى دولة أجنبية لوحده يسكن مع أسرة يبقى فيها أربعة أسابيع أو خمسة حتى يتعلم اللغة . هذه الأسرة قد يكون فيها زنا ، أسرة كافرة ، هذا شيء غير معقول ، تخاف عليه من نار الدنيا ألا تخاف عليه من نار الآخرة ؟
 قال : لأن آباءهم وأمهاتهم يحفظونهم من نار الدنيا ، وهم يحفظونهم – أي العلماء- من نار الآخرة .
 وقيل : " أول العلم صمت ، ثم استماع ، ثم حفظ ، ثم عمل ، ثم نشر " صمت ، استماع ، حفظ ، عمل ، نشر .
 وقيل : " علم علمك من يجهل ، وتعلم ممن يعلم ما تجهل ، فإنك إذا فعلت ذلك علمت ما جهلت ، وحفظت ما علمت "
 وقال معاذ بن جبل في حديث مرفوع : " تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية ، وطلبه عبادة ، ومدارسته تسبيح ، والبحث عنه جهاد ، وتعليمه من لا يعلمه صدقة ، وبذله لأهله قربة، وهو الأنيس في الوحدة ، والصاحب في الخلوة ، والدليل على الدين ، والمصبر على السراء والضراء ، والوزير عند الأخلاء ، والقريب عند القرباء ، ومنار سبيل الجنة ، يرفع الله به أقواماً فيجعلهم في الخير قادة وسادة ، هداة يُقتدى بهم ، أدلةً في الخير ، تُقتص آثارهم ، وترمق أفعالهم ، وترغب الملائكة في خلتهم ، وبأجنحتها تمسحهم ، وكل رطب ويابس يستغفر لهم ، حتى حيتان البحر وهوامه ، وسباع البحر وأنعامه ، والسماء ونجومها ، وأن العلم حياة القلوب من العمى ، ونور الأبصار من الظلم ، وقوة الأبدان من الضعف ، يبلغ به العبد منازل الأبرار ، والدرجات العلى ، والتفكر فيه يعدل بالصيام ، ومدارسته بالقيام ، به يُطاع الله عز وجل ، وبه يُعبد ، وبه يُحمد ، وبه يُمجد ، وبه يُتورع ، وبه تُوصل الأرحام ، وبه يُعرف الحلال والحرام ، وهو إمام والعمل تابعه يُلهمه السعداء ، ويحرمه الأشقياء ، ونسأل الله تعالى حسن التوفيق "

من أحبّ العاجلة و كره الآجلة حظر الله عنه العلم و الأدب :

 و :

(( ما استرذل الله عبداً إلا حظر عليه العلم والأدب ))

[ذكره ابن النجار في تاريخه وكذا القضاعي في الشهاب عن أبي هريرة ، وذكر في الميزان أنه خبر باطل وأعاده في ترجمة أحمد بن محمد الدمشقي وقال له مناكير وبواطيل ثم ساق منها هذا وقال بعض الشراح الشهاب غريب جداً]

 معنى استرذله : رآه رجلاً سخيفاً ، شهوانياً ، دنيوياً ، يحب العاجلة ، يكره الآجلة ، يحب مصلحته وشهواته ، يكره الحق ، إن رآه كذلك قال له : هذه المجالس ليست لك ، دعك عنها ، أنت مشغول ، أنت عندك عمل لأنصاف الليالي هنا عمل عبادة ، أحياناً يتوهم ويقول : العمل عبادة أيضاً ابق لأنصاف الليالي بالعمل ، واترك أولادك ، ولا تهذب نفسك ، والموت يأتي فجأة .

(( ما استرذل الله عبداً إلا حظر عليه العلم والأدب ))

 فإذا سمح الله لرجل أن يحضر مجلس علم ففيه خير ، ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم ، إذا الإنسان حاجز محلاً في جامع فلا يفرط به ، إذا لم يأتِ عدة مرات يتراكم على قلبه الران ، ثم يقطعه نهائياً ، قليل من الإهمال ، أخي والله لا يوجد انشراح ، يضيق الله صدره. ما معنى حظر عليه العلم والأدب ؟ يضيق الله صدره من العلم ، بالأسواق يستأنس ، بالحديث عن الدنيا يطرب ، طليق اللسان ، يحدثك إلى الواحدة ليلاً ، فإذا تحدثت إليه عن الآخرة يتثاءب، يقول : تأخرنا اسمح لنا بالخروج . هذه قاعدة : المؤمن مهما حدثته عن الله عز وجل يبقى سعيداً ومسروراً .

(( ما استرذل الله عبداً إلا حظر عليه العلم والأدب ))

طلب الفقه حتم واجب على كل مسلم :

 أنا لي عندكم نصيحة ، احضر مجلس العلم في كل أحوالك ، أخي البارحة ما رأيناك ؟ نعم والله كنت متضايقاً ، بالعكس أخي ألا تريد أن تأخذ الدواء ، عندما أشفى آخذه ، ما هذا الكلام ؟ يجب أن تأخذه حتى تشفى ، الدواء للشفاء ، إذا شفيت لا تحتاج إلى دواء .
 أخي إذا كنت متضايقاً لا آتي إلى المجلس ، لا بالعكس ، إذا كنت متضايقاً تعال ، إذا كنت متضايقاً تسر هنا ، يذهب عنك الضيق ، متشائم يذهب عنك التشاؤم ، خائف يذهب عنك الخوف ، فهذا المجيء حتمي ، طلب الفقه حتم واجب على كل مسلم .
 أي بكل أحوالك ؛ معكر تعال ، مشغول تعال ، وقعت بمخالفة ، خجلان من ربك تعال ، أنت داخل إلى بيته يضيفك .
 " إن بيوتي في الأرض المساجد ، وإن زوارها هم عمارها ، فطوبى لعبد تطهر في بيته ثم زارني ، وحق على المزور أن يكرم الزائر"
 أخي أنا وقعت بمخالفة ، صافحت اليوم فأنا أستحي من الله لا أريد أن آتي إلى الدرس . بالعكس ، ادفع صدقة وادخل إلى بيته تائباً على نية أن يضيفك في هذا الدرس ، ماذا يضيفك ؟ العفو عنك ، أو المجاوزة ، احتمال أن تدخل إلى الدرس تبكي قليلاً فترى أن قلبك انجلى " إن لربكم في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها " اجعل الدرس فوق كل أشغالك ، أي هذا الدرس من فضل الله مخصص للتحدث عن نعمه ، هذه السنة العاشرة أدرسها من فضل الله ما غبت درساً ، من فضل الله عز وجل أنه أكرمني لأني حريص على طلب الخير ، وأنتم أيضاً احرصوا على الدوام ، الثبات نبات ، اليوم تأثرت ، اليوم الثاني صفت نفسك ، الثالث تخلصت من ذنب كان جاثماً على صدرك ، إذا ثبت ستتجه نحو الأحسن ، ما من إنسان ثبت على حضور مجلس إلا و تطور ، الإنسان له أذن تسمع ، هذا حرام وهذا حلال ، هكذا طريق السعادة وهكذا طريق الشقاء ، سوف يطبق بعد ذلك ، إذا مضى فترة طويلة وتخلصت من كل مخالفتاك البيتية ، أنا سأتحمل سنة لأن الأمر يحتاج إلى نفس طويل ، أما إذا الإنسان أسرع فأفضل ، من يؤكد له أن الموت بعيد قد يكون قريباً .
 إنسان توفي أخوه وترك له عشرة أولاد ، صار يبكي ، له شيخ ذهب إليه قال : لم تبك يا بني ؟ قال : أخي ترك لي عشرة أولاد وما خلف شيئاً ؟ ثم قال : ترك شيئاً يكفيهم سنة قال : جيد ، عندما تمضي السنة ابدأ بالبكاء ، مات قبل السنة ، من عنده ضمان أن يعيش لبعد ساعة ، فالإنسان يتوب .

(( بادروا بالأعمال الصالحة ، فماذا ينتظر أحدكم من الدنيا ؟ هل تنتظرون إلا فقراً منسياً ، أو غناً مطغياً ، أو مرضاً مفسداً ، أو هرماً مفنداً ، أو موتاً مجهزاً ، أو الدجال فشر غائب ينتظر ، أو الساعة والساعة أدهى وأمر ))

[الحاكم عن أبي هريرة ]

 اًتوبوا إلى الله ، فإذا تاب الإنسان إلى الله توبة نصوحة فكأن جبل أزيح عن كاهله ، استراح ، لذلك توبوا إلى الله توبةً نصوحة :

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَ

تحميل النص

إخفاء الصور