وضع داكن
28-03-2024
Logo
الموضوعات الأدبية - درس تلفزيوني : 04 - كيف تكتب موضوعاً في التعبير
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

أيها الطلاب الأحبّة..
 في لقاء سابق تحدثت لكم عن أصول شرح نصّ أدبي , سأعالج بعض المشكلات التي يعاني منها طلابنا أو معـظمهم في كتابة موضوع التعبير الأدبي , وسأحاول أن أذلل لكم أبـرز العقبات التي تـقفون عندها وسأبين لكم أكثر الأغلاط التـي تـقعون فيها سواء في مادة الموضوع أو  أسلوبة أو خطته , وسألفت نظركـم إلـى نقاط مهمة تقوي الموضوع وتحسنه, كل ذلك من أجل أن تنالوا أكبر مردود في الامتحان نظير جهودكم الدراسية.. وذلك أن سؤال التعبير في الامتحان يحتل مركز الصدارة , فهو فضلاً عن أنه يستأثر بنصف الدرجات المقدرة لمادة اللغـة العربية يعكس أشياء كثيرة , يعكس ثقافة الطالب الأدبية ومحفوظاته الشعريـة و محاكمته الفكرية وقدراته اللغوية والتعبيرية وأذواقه الأدبية والجمالية.
والأصح أن نقول: إن مـوضوع التعبير يعكس شخـصيـة الطـالـب بـعـمقها أو سطحيتها بتأججها أو فتورها بتألقها أو همودها.
 ولبعض الطلاب أو لمعظمهم تجارب مرّة في امتحان اللغة العربية ولاسيما فـي سـؤال التعبير , تجـعـلهم يتهيبون هـذا السـؤال ويضيعـون جـزءاً من معـلوماتهـم وكثيـراً من قدراتهـم بسـبب شعـورهـم هذا , فمن الطلاب من يحـفظ موضوعات الكتاب أو موضوعات من غير الكتاب ويسـتظهرها , فإذا ما وجد في السؤال كلمة تـدخـل فـي بعـض مـوضـوعات المحـفـوظة صبّ المـوضـوع كـله على ورقـة الامتحان وقد يكـون الجـواب المطلوب جـزءاً من الموضـوع المكـتوب وليـس جميع أجزائه , وبهذا يهدر جهده ووقته في فقرات ليست مطلوبة ولم ينص عليها السؤال.
فهذا سؤال ورد عام 1970ونصه.. (قال أحد الأدباء: لعـل من أهم مـا يعنـي به القصاص اليوم رسم شـخـصيات وتحـليلها وتوجـيه القـصة إلى فكـرة معينة ترمـي إليهـا ). اشرح هذا القـول وأيـد رأيـك بشـواهد مناسبة من بعض القصص التي قرأتها.
ما المطلوب من هذا السـؤال ؟
المطلوب فكرة القصة و شخصيتها ومقدمة تتضمن تعريفها أو قيمتها وخاتمه سريعة. أما بقية العناصر فليست مطلوبة.
 ومن الطلاب من يعتقد أن جواب أي سؤال في التعبير يجب أن يكون مجموعة فقرات متتابعة من الكتاب مع أن من الأسئلة ما يكون جوابها فقرات متباعدة وليسـت متتابعـة.
فهذا سؤال ورد عام 1973ونصه:
 قال أحد الأدباء ( لكل قصة موضوع تعالجه وهـدف ترمي إليه. وقـد عالجت القصة العربية الحديثة موضوعات اجتماعية و قومية ترمي إلى الإصلاح والتحرير. هل تعرفون أن جواب هذا السؤال هو أربع فقرات متباعدة في موضوع القصة. اثنتان من عناصرها واثنتان من مضامينها.
المطلوب ... العنـصـر الأول: فكرة القـصة
والعـنـصـر الثاني: هـدفها والقصة الاجتماعية والقصة القومية ومقدمة عن تعـريفها أو تطورها وخـاتمة مناسـبـة.
 وهذا طالب يقـرأ السـؤال فلا يجد في نصه أي عـنوان من عـناويـن الموضوع الذي يتعلق بـه , فـيرتبك ولا يدري ماذا يعـمل ولـو أنـه أجـرى محـاكمة طفيفة لاهتدي إلى طبيعة الجـواب.
من ذلك السـؤال الذي ورد فـي العام الماضي:
قـال أحـد الأدباء: لم يخـرج الأدبي في موضوعاته وأساليبه عن دائرة أدبنا العـرب
القديـم , وإن كـان قد طبعها بطابع جـديد فـرضتـه ظروف الاغتراب والعـصـر الحديث ).
 ناقش هذا القول من خلال موضوعين بارزين تناولهما أدب المهجر. الموضوع يتعلق بالأدب المهجري , والطلاب يعرفون في هذا الموضوع الشـوق والحـنين والنزعـة القـوميـة والإنـسـانية والتأملية والـواقـعـية والخـياليـة وهـذه الموضوعات لم ترد في نصّ السؤال , والمطلوب في السؤال نزعة تمثل الطابـع التقليدي وأخرى تمثل الطابع التجـديدي أو نزعـتان تشير إلـى ما فيهما مـن التقليد أو التجـديد , هـذا مـن حـيث الموضوع ومثـل ذلك مـن حـيث الشـكل , وقـد يكـون الموضوع تطبيقياً وليـس ذا طابـع سـردي , وفـي مثـل هـذه الحـالة لا داعي لقـلـق الطالب أو ارتباكه.
ومن هذه الأسئلة سؤال ورد عام 1972 ونصه:
اختر أقصوصة واحدة مما قرأت , لخصها وحللها متحدثاً عـن كـل عنصر مــن عناصرها الفنية.
أعزائي الطلاب:
 غالباً ما يتضمن قول الناقد عناصر الموضوع الأساسية , وقد تتضح هذه العناصر أو تتحدد أو يزاد عليها في نصّ السؤال الذي يلي قول الناقد , من ذلك سؤال ورد عـام 1974 للفرع الأدبي ونصه:
(قال أحد النقاد عالج أدباؤنا مشكلة الاستغلال فـي المجـتمع فنددوا بأشكاله ودافعوا عـن الفئات المستغـلة).
ناقش هذه الفكرة , ثم تحـدث عـما طرحـه الأدباء مـن مواقف جـزئية وحـلول ثورية في معالجة هذه المشكـلة مستشهداً بمـا تحفظه مـن الشعـر والنثر.
فقول الناقد لـم يتتضمن سـوى عـنصر الاستغلال , ولكـن السؤال الذي ردفه أضاق المواقف الجـزئية والحـلول الثورية في معالجة هذه المشكلة.
وهذا طالب يكتب الموضوع المطلوب فإذا هو ثمانية أسطر....
 إن هذا الطالب ذو نفس تعبيري قصير, فهو يقتصر على الأفكار الأساسية أو على عناوين الأفكـار الأساسية , مع أن الموضوع التعبيري يحـتاج إلى شرح معـتـدل وحـد أدنـى مـن التفصيلات والجزئيات.
وهذا طالب تطغى الشواهد في موضوعـة على الأفكـار , بحـيث يصبح موضوعة قطعاً مختارة من الشعـر لولا بعض عـبـارات الـربـط لخرجت إجابت عن أن تكون موضوعاً تعبيرياً.
هـذا طالب تختفي الشواهد من موضوعه , ويبتعد عـن الجو الأدبي ويسـترسـل فـي السياسة أو الاجتماع أو التـاريخ , حتـى لتحـسـب مـوضـوعـه افـتتاحـية فـي صحيفة أو فصلاً من كتاب في التاريخ الحديث
 وهذا طالب يحفظ الموضوعات ويستظهرها , وحينما يكتبها تختفي شخصيته , حتى لتحسب أنك أمام إحدى ملازم الكتاب , ومع أن هذا الحفظ يحتاج إلى جهد كبير ووقت طويل فإنه يتعب الذاكـرة ويضعف المحاكمة , ومثل هذه الموضوعات لا ينال أصحابها درجات عالية.
قيـل لأبي حنيفة النعمان: فلان حفظ كتاب الأم للشافعي فتبسم وقال: زاد نسخة مـن هـذا الكتاب.
وهـذا طالب يبالغ فـي تـأكـيـد شخصيته , فبدلاً مـن أن يـعالج مـوضـوعـاً محـدداً بأسلوب تقريري يكتب قطعة حماسية لا ترى فيها أثراً للأفـكـار المطلوبـة.
وهذا طالب تعجب بمعلوماته الأدبية وشواهده الشعرية , وترثي لضعف أسلوبه وركاكة جملة وابتذال كلماته.
وهذا طالب تقرأ موضوعه فتظنه لبساطه أفكاره وضعف تراكيبه ورداءة خطه طالباً في المرحلة الإعدادية.
وهذا طالب يكتب موضوعاً لا تستطيع أن تقيمه ولا أن تقومه لأنه كتب بخط لا يستطيع هو أن يقرأه.
أخي الطالب...
 هذه بعض مواطن الضعف عند بعض طلابنا فيما يتعلق بموضوع التعبير , فإذا كنت تشكو منها أومن بعضها فانتبه لهذا الدرس وسجل أبرز نقاطه , وإذا كنت تظن أنك معافى منها فانتبه لهذا الدرس كثيراً حتى لا يذهب بك الاعتداد بنفسك إلى إغفالها ثم الوقوع فيها.
طلابي الأحبة..
 موضوع التعبير يشبه أن يكون مقالة موضوعية , وأنت في الامتحان أحد كتاب المقالة المغمورين غير المشهورين , والمقالة كما مرت بك في درس تلفزيوني سابق تقوم على عناصر ثلاثة المادة والأسلوب والخطة وهذه عناصر المقالة وعناصر موضوع التعبير وعناصر هذا الدرس المتلفز.
 المادة: هي مجموعة الأفكار الأدبية المدعمة بالشواهد الشعرية والنثرية التي تقع ضمن حدود عناصر السؤال , ومصدرها الكتاب المقرر أو ما انطلق منه وبقي في حدوده , أو ثقافة الطالب الأدبية المتعلقة بالسؤال , والمادة أو المعلومات المحفوظة هي المواد الأخرى كل شيء أمادة اللغة العربية فهي شرط لازم غير كافٍ , فالحد المقبول في المادة أن تكون متطابقة مع نصّ السؤال , وكما أغفل الطالب فقرة أساسية نصّ عليها السؤال خسر جزءاً من العلامة , أما إذا خرج الطالب كلياً عن نص السؤال خسر كل العلامة ولا عبرة بعد ذلك إلى أسلوبه ومحفوظاته , وقد فصلت في هذا قبل قليل وأوردت الأمثلة الكافية . وأن تكون وافيته فيها حدّ أدنى من الجزئيات والتفصيلات ومتسمة بالعمق الذي يغني أن تشرح الفكرة وتحلل وتعلل وتوازن وتدعم بالشاهد. وأن تكون فقرات الموضوع متوازنة فلا تطغى فقرة على فقرة. وأن تكون متسلسلة وهذا يعني أن تسير الفقرات وفق سياق تاريخي أو موضوعي.
والشواهد جزء أساسي من المادة , ونحن لا نصبر عنها ولا عليها لاعن غيابها ولا على كثرتها هي كالملح في الطعام إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده.
عزيزي الطالب...
 لا تقلق إذا لم تحفظ جميع شواهد الكتاب, فالمطلوب في الموضوع الواحد لا يزيد عن(10) أسطر من الشواهد أي شاهد واحد لكل فكرة أساسية في الموضوع , وأما الطلاب الناجحون في العام الماضي أو غير ناجحون أو يعيدون امتحانهم هذا العام فاطمئنهم إلى أن الشواهد التي حفظوها في العام الماضي وتنطبق على فقرات المنهاج الجديد تمام الانطباق , هي صالحة ولا غبار عليها يهمنا صحتها وانطباقها على الفكرة التي تدعمها ولا يهمنا مصدرها.
 من هذا يتضح أن العبرة ليست بكثرة الشواهد ومصدرها ولكن العبرة في حسن استخدامها, ومن حسن استخدامها فضلاً عن مطابقتها لأفكار الموضوع تلاحمها مع الأفكار , وهذا يكون بأن تمهد لها بكلام منتزع من الشاهد نفسه , وهذا لا يكلفك حفظ شيء جديد بل يكسبك نفساً تعبيرياً طويلاً.
مثال ذلك:
 هذا أبو العتاهية قد أحس بوطأة الغلاء على الطبقات الفقيرة فكتب إلى الخليفة يشكو له هذا الغلاء ويستعطفه للفقراء والمحتاجين.
يقول:

مـن مـبـلـغ عـنـي الإمام نـصـائـحـاً متـواليـة
أني أرى الأسـعار أسعار الرعيـة غاليـة
وأرى المكاسب نزرة وأرى الضرورة فاشيـة

 وقد ينزلق الطالب بدافع الاختصار والإيجاز إلى الاكتفاء بيت واحد في الشاهد لا يؤدي معنى متكاملاً.
مثال ذلك بيتان للرصافي في الدعوة إلى العلم:

 

أقول لقومي قول حيران جازع
تهيـج بـه أشـجـانه فيقــول
متى ينجلي يا قوم بالصبح ليلكـم
فتذهب عنكم غفلة وذهـول

 فلو اكتفى الطالب بالبيت الأول لما كان شاهده صحيحاً , أو يحذف الطالب بيتاً هو موطن الثقل في الشاهد ومن دونه لا يتضح معنى الشاهد مثال ذلك أبيات بدر شاكر السياب: فـــي كــل قـطــرة مـــن الـمــطـــر

 

 

حمراء أو صفراء من أجنحة الزهر
وكــل دمعة مـن الجياع والعراة
وكـل قـطرة تراق من دم العبـيد
فهي ابتسام في انتظار مبسم جديـد

 ومن الطلاب من يجمد على أسلوب واحد في عرض الشواهد فيقول في مطلع كل شاهد.. فهذا هو الشاعر فلان يقول...والأولى والأقوى أن ينوع ويغير.
وحينما يكون البيت مدوراً اكتبه متصلاً لئلا تقع في غلط يتعلق بروايته مثال ذلك بيت حافظ إبراهيم:

 

 

((ومن اللؤم أن ترى عندنا الأطفال تغنى لأنهم فقراء ))

فكلمة الأطفال إذا وضعتها في أي شطر تعد غلطاً في الرواية , وحينما تشك في حفظك للشاهد النثري حوّله من شاهد نصّي إلى شاهد تاريخي فدعْ كلمه قال أو ما في معناها ولخصّ فكرة الشاهد بأسلوبك أنت.
 والآن إلى أسلوب الموضوع: والأسلوب هو الصياغة اللغوية والفنية لمادة الموضوع وحدّه المقبول أن يخلو من الأغلاط بشتى أنواعها فمن الأغلاط الإملائية التي يكثر الوقوع فيها: همزه الوصل والقطع والهمزة المتوسطة والمتطرفة ذيادة سن أو إهماله والألف اللينة والتاء المربوطة , ومن الأغلاط اللغوية تعدية أفعال بحروف لا تناسبها , ومن الأغلاط النحوية رفع خبر كان وإحدى أخواتها , والغلط في استعمال المثنى وجمع المذكر السالم وجزم الفعل المعتل الآخر وتطابق المذكر والمؤنث ومن الأغلاط التعبيرية والأسلوبية التكرار في الحروف والكلمات والتراكيب والصور وعدم الانسجام في العطف فمن الطلاب من يعطف فعلاً على اسماً أو اسماً على مصدراً أو جمعاً على مفردٍ أو معرفة على نكرةٍ.
 ومن هذه الأغلاط أيضاً عدم الترابط بين أجزاء الجملة أو إقامة ترابط لا مسوغ له , ومن الطلاب من يورد المبتدأ ويغفل الخبر أو يصوغ جماعة شرطية وينسى جواب الشرط تلك هي بعض الأغلاط القاطعة التي يشار إليها بخط أحمر , وتسهم كثرة هذه الخطوط بتخفيض درجات الموضوع المستحقة.
 وهناك أغلاط شائعة يحاسب الطالب على بعضها , ولا عبرة لقول بعضهم إن الغلط الشائع خير من الصواب الضائع , من هذه الأغلاط قارن وصوابها وازن ويعتبر وصوابها يعد وفشل وصوابها أخفق واستلم وصوابها تسلّم. هذا عن حّد المقبول أما عن حدّه الإبداعي فهناك بعض الخصائص التي يجب أن تتوافر فيه , ومنها الدقة في اختيار الكلمات وقوة تماسك التراكيب , وإيثار التصوير على التقرير.
مثال على الأسلوب التصويري قول توفيق الحكيم:
الأدب الملتزم مثله كمثل حمام زاجل ينقل رسالة وهو حرّ طائر لا يشعر بقيد في ساقه ولا بغل في جناحه.
مثال آخر:
الشعر مصباح كمصباح علاء الدين يكشف لك عن كنوزك أنت المجنوءة في أعماقك , ولكنه ليس بالكيس المملوء الذي يفرغ في خزائنك الخاوية.
 ومن خصائص الأسلوب الإبداعي الثنائية في التعبير مثال ذلك يقول الحكيم: إذا طالعت أثراً فنياً قصيدة أو قصة أو صورة وشعرت بعدئذ أنها حركت مشاعرك العليا أو تفكيرك المرتفع فأنت أمام فن رفيع , فإذا لم تحرك المبتذل من مشاعرك والتافه من تفكيرك فأنت أمام فن رخيص.
ومن خصائص الأسلوب الإبداعي التوازن اللفظي مثال ذلك:
إن مهمة الكاتب ليست في تخوير النفوس بل في تحريك الرؤوس.
 وأما الخطة فتقضي أن يكون الموضوع موزعاً بين مقدمة وعرض وخاتمة , والمقدمة هي مجموعة أفكار عامة يجب أن تتصل بالموضوع اتصالاً وثيقاً , أي أن تكون أدبية وليست فلسفية أو وصفية وهي لا تحتاج إلى شاهد , و‘إن كانت بعض الشواهد تحسنها ويجب أن تكون موجزة مركزة مشرقة أي ألا تزيد عن حشر الموضوع , ويستحسن أن تسود مسبقاً ضمانا لسلامتها من الأغلاط ولقوة أسلوبها , وبعدها يستحسن أن يشرح رأي الناقد مشيراً إلى نقاطه الرئيسية التي ستكون فقرات الموضوع الأساسية , والعرض وفيه تعرض فقرات الموضوع الأساسية وفق الشروط التي تحدثت عنها في مادة الموضوع قبل قليل وفي الخاتمة تلخص أفكار العرض وتربطها بالسؤال.
عزيزي الطالب..
 ضع القلم على الطاولة واقرأ السؤال جيداً وتفهم حدوده وعناصره ونقاطه البارزة , دقق في قول الناقد وفي السؤال الذي يليه واعلم أنك إذا أخطأت في فهم السؤال كان خطؤك أشد في الجواب , وربما خرجت كلياً عن الموضوع , وإذا فهمت السؤال جيداً ضع خطاً تحت نقاطه البارزة ثم ضع عناصر الإجابة في ضوء هذه الخطوط.
 ضع على المسودة مخطط الموضوع المستوحي من نص السؤال, واكتب أوائل الشواهد وبهذا ترتاح من عبء كبير , لا تسوّد إلا المقدمة والفقرة التي تحس أنها غير واضحة في ذهنك , وخير من التسويد والتبييض الذي يستغرق وقتا وجهداً اكتب الموضوع جملة جملة مباشرة ولكن في تؤدة وخط واضح , ولا تنسى أن الخط الحسن يزيد الموضوع قيمه وإذا لم يكن خطك حسناً فليكن مقروءاً , ومن أبرز ما يوضح الخط تمايز حروف المتشابهة والانسجام بين حروفه يجعله جميلاً.
 ولا تبالغ في التقسيمات والتعريفات والعنوانات وأولاً وثانياً وثالثاً ومما يلي ومما يأتي فهذا كله يبعد الموضوع عن الطابع الأدبي والجمالي الذي من أبرز خصائصه الاتصال والترابط والوحدة الفنية , وكم يكون وقع الموضوع حسناً عند السادة المصححين حينما يكتب وفق نظام الفقرات وحينما تستخدم علمات الترقيم , ومما يقوي الموضوع أن تربط فقراته من حين لآخر بنص السؤال فهذا يجعل موضوعك أقرب إلى الجواب الصحيح منه إلى جملة فقرات محفوظة حفظاً جامداً.
 ولا تنسى (يا طالبنا العزيز) أن في سلم الدرجات درجتين تخصصان للموضوع الذي تبدو فيه شخصية الطالب واضحة وتبدو الشخصية عادة كم استخدام الأسلوب الذاتي , ومن مناقشة بعض الأفكار مناقشة ذاتية ومن خلال الثقافة الأدبية التي حصلها الطالب بجهده الشخصي.
وأخيراً أؤكد لك أيها الأخ الطالب أنك إذا قرأت الموضوع قراءة كلية , فإنك تكشف نصف أغلاطك أو أكثرها إذن لا تسلم الورقة قبل أن تنقّح الموضوع .
يقول الأصفهاني:(إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتاباً في يوم إلا قال في غده لو غيرّ هذا لكان أحسن ولو زيد كذا لكان يستحق ولو قدم هذا لكان أفضل ولو ترك هذا لكان أجمل وهذا من أعظم العبر).

 

إخفاء الصور