وضع داكن
28-03-2024
Logo
محفوظات - مقدمات الكتب : 15 - مقدمة رسم المصحف والإعجاز العددي.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجهم أجمعين .
وبعد ...
 فلا بد لي من الاعتراف بأنني لم أدخل في تفصيلات الإحصاءات العددية واستقصاءها لأن ذلك ليس بمقدوري من جهة، ومن جهة أخرى فقد سلَّمت للباحث جزاه الله خيراً بصحتها، وكان اهتمامي كله وإعجابي في البحث بما هو أهم أعني المنطلق القوي والسليم في الرد على مؤلفي الكتب الثلاثة موضوع النقاش، بعد توهين دعاواهم بتخطئة إحصاءاتهم تارة، وبيان حياتهم تارات، ليوصلوا النتائج إلى وهم أقاموه في عقولهم ونفوسهم وحسبوه خيراً . وقد كشف الباحث جزاه الله خيراً التواء منهجهم بعبارات من مثل: " شروط توجيهية، وشروط انتقائية ". وبالفعل هم يعتقدون، ثم يبحثون عن استدلال لما اعتقدوا . في حين أن القاعدة الذهبية: " استدل، ثم اعتقد " .
 إن المنطلق السليم والمرتكز القوي في الرد كان فيما جاء في الصفحة 115 والصفحة 128 وفي الخاتمة . ومن جميل ما جاء من قول " ... وحتى نفهمَ القرآن بظاهره، لا لنجعله كتاباً مُشَفّراً نقضي وقتنا معه في البحث عما بين السطور وما وراء الكلمات والحروف...".
 وتبدو صلابة المنطق فيما قاله الباحث في الصفحة 82: " إن الميل عن الدعوة إلى القرآن بمنطقه وأسلوبه وحكمته، إلى الدعوة إليه بأساليب متكلفة ومتقعرة وفيها من الأخطاء العلمية ما فيها، أمر لا يعود على الإسلام والمسلمين بالنفع ... " .
 أعقب فأقول: لو كان سلك الإعجاز العددي نافعاً في تثبيت الإيمان وتقويته لنفع أول ما نفع من ابتدعه و افتراه وهو رشاد خليفة، إذ أنه من الثابت أنه اضطرب وصار يتحدث عن توقيت يوم القيامة ويتنبأ بأمور بناءً على الأرقام والأعداد، ثم وصل به الأمر إلى ادعاء النبوة ومات على غير الملة والعياذ بالله ...
 إن الأمة اليوم بحاجة إلى هذه الجهود المباركة وأمثالها وهي تعيش مرحلة فكرية خطير سماها أحد الدعاة ( فتنة التبديل والتأويل ) تتجلى في طروحات ومؤلفات ظاهرها الحرص والغيرة على الإسلام وباطنها من قبله العذاب ... فإلى متى تشقى أمة الإسلام وأبناؤها بحسن الظن، فيُدسّ لهم السم في الدسم، من مؤسسات عالمية قعدت للإسلام وأهله كل مرصد وحشدت للكيد لهذه الأمة كل الطاقات، واعتمدت فن التمويه، والتدليس لتُضلّ من فشا فيهم الجهل من أهل الإسلام، واشرأبت أعناقهم لتلقي كل شيء من الشرق والغرب . تاركين وراء ظهورهم كنوز الدنيا والآخرة، مما منّ الله به على عباده من الوحيين: القرآن والسنة .
 ولقد أحسن الأخ المؤلف في تقصّيه موضوع الرسم القرآني واعتمد مراجع متخصصة موثوقة، ونجح في الخروج بنتيجة صحيحة على الرغم من تعدد الأقوال وتشعب المذاهب في ذلك . وحين دعت الحاجة إلى الاستشهاد بالحديث النبوي كان الاحتجاج بأحاديث صحيحة...
وأحمد للمؤلف الموضوعية الكاملة في عرضه للبحث ومناقشته الخصوم بالرغم من معارضته لأفكارهم .
 أخيراً أحمد الله أنه لا يزال في الأمة أمثال الدكتور أشرف قطنه ممن لا تستهويهم ولا تفتنهم صيحات وصرخات و ( صرعات ) لها ما قبلها وما بعدها ... ولعلي لا أتجاوز إذا قلت إن الأصل في التعامل مع هذه الدعوات سوء الظن وليس حسنه ... لأن هذه الأمة كُفيَتْ مرتين:
الأولى: كفايتها بالوحيين القرآن والسنة والاستغناء بهما عما سواهما من تخبّط العقل البشري بعيداً عن هَدْيهما .
والثانية: حصيلة مئات السنين من أبحاث لعلماء سلم لهم أمر العقيدة الصافية والالتزام بالنصوص الصحيحة، فلم يبعدوا النَجْعَة في قول أو يُغربوا في تأويل .
 ومن كفاية هذه الأمة أنها أمة عمل وتطبيق لا أمة فلسفة وتنظير. وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: " يا أيها الناس اتّبِعوا ولا تبتدعوا فقد كُفيتم . وعليكم بالأمر العتيق " . ومعظم ما يُرى الآن على الساحة من طروحات فكرية ما هو إلا إشغال للأمة عن أن تعي أمر ربها وتطبق ذلك في كل شأن من شؤون حياتها . ورحم الله من قال: " لا تخلو أرض من قائم لله بحجة " .
هذا ما بدا لي وأسأل الله للدكتور أشرف التوفيق والسداد وأن يثيبه ويجزيه ما هو أهل له

* * * * * *

إخفاء الصور