وضع داكن
19-04-2024
Logo
الخطبة : 0180 - أهمية العلم - موضوع عن الذباب .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى :

 الحمد لله ثم الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكلي إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا بربوبيته وإرغاما لمن جحد به و كفر ، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق و البشر ، ما اتصلت عين بنظر أو سمعت أذن بخبر .
 اللهم صل و سلم و بارك على سيدنا محمد وعلى آله و أصحابه و على ذريته و من والاه ومن تبعه إلى يوم الدين .
 اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم ، ولا تعذبنا فإنك علينا قادر ، والطف بنا فيما جرت به المقادير ، إنك على كل شيء قدير .
 اللهم علمنا ما ينفعنا ، و انفعنا بما علمتنا ، و زدنا علما ، و أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه ، و أرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

أهمية العلم .

 أيها الإخوة المؤمنون ؛ يقول الإمام الشافعي رضي الله عنه :
 إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، و إذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، و إذا أردتهما معا فعليك بالعلم .
 وطلب العلم أيها الإخوة ليس شيئا نفعله أو لا نفعله ، نختاره أو لا نختاره ، إن طلب العلم الشرعي ، بل إن طلب العلم الذي يجب أن يُعلم بالضرورة هو فرض عين على كل مسلم ، ومعنى فرض ، أي أن على كل مسلم ذكر كان أو أنثى من أي اختصاصا كان عليه أن يطلب العلم الشرعي ليعرف الحلال من الحرام ، و الخير من الشر ، وما ينبغي و ما لا ينبغي ، و ما يجوز ومالا يجوز ، ليستطيع أن يستقيم على أمر الله فينجو من عذاب الله في الدنيا ، ومن عذابه في الآخرة ، كيف تبيع و تشتري إن لم تعرف أحكام البيوع ، كيف تسافر ، كيف تتزوج ، إن نشاطات الحياة مزالق كبيرة ، فإذا تحصنت بالعلم الشرعي و عرفت الحلال من الحرام ، كان هذا العلم معوانا لك على الاستقامة .
 يا أيها الإخوة الأكارم ؛ طبيعة الإسلام تقتضي على الأمة التي تعتنقه أن تكون متعلمة ، فالعبادات ليست طقوسا في الإسلام ، إنما هي أعمال معللة بمصالح الخلق ، يجب أن تعرف حكمتها ، لذلك ربنا سبحانه و تعالى في آيات كثيرة أشار إلى قيمة العلم ، بل إنه في آيات كثيرة أشار إلى أن الجهل سبب الشقاء الأبدي ، سبب الشقاء الأبدي ، قال تعالى :

﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾

[سورة الملك الآية : 10]

 لو كنا نسمع أو نعقل ، إذًا يجب أن نسمع وأن نعقل و نحن في الدنيا ، قبل أن تنطبق علينا هذه الآية ، يجب أن نسمع و يجب أن نعقل ونحن في الدنيا ، و في الحياة بقية ، كيف نلقى الله عز وجل ، كيف يستطيع الرجل أن يتقي الله و هو لا يعلم أمر الله ، كيف يستطيع أن يتقي الله وهو لا يعرف الحلال من الحرام ، لذلك طلب العلم فريضة على كل مسلم ، أي على كل شخص مسلم ، طلب العلم فرض عين ، ربنا سبحانه و تعالى في آية أخرى أشار إلى مغبة الجهل ، و إلى النتائج الوخيمة التي تترتب على الجهل ، فوصف أهل النار بأنهم صمٌّ بكم عمي فهم لا يعقلون ، ربنا سبحانه و تعالى يقول :

 

﴿ هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾

 

[سورة إبراهيم الآية : 52]

 والله سبحانه و تعالى يقول :

 

﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾

 

[سورة محمد الآية : 19]

 لا إله إلا الله كلمة التوحيد ، لا إله إلا الله لا يسبقها عمل و لا تترك ذنبا ، لا إله إلا الله حصني ، من دخل حصني أمن عذابي ، وقال تعالى :

 

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾

 

[سورة الأنبياء الآية : 25]

 متى نعرف الحق ، لا بد من وقت ، لا بد من تخصيص وقت تتعرف فيه إلى الله عز وجل ، الإمام الغزالي رحمه الله كان يقول :
 حيثما وردت كلمة العلم في الكتاب و السنة فإنما تعني العلم بالله .
 و علامة العلم بالله خشيته ، و ركعتان من ورع خير من ألف ركعة من مخلط ، و من لم يكن له ورع يصده عن معصية الله إذا خلا لم يعبأ الله بشيء من عمله ، و كفى بالمرء علما أن يخشى الله ، و كفى به جهلا أن يُعجب بنفسه ، فالعلم بالله فرض عين ، الله سبحانه و تعالى الذي إليه تصير الأمور ، الذي إليه ترجع الأمور كلها ، الذي بيده ملكوت السماوات والأرض ، الذي يجير و لا يجار عليه ، الذي بيده الحياة و الموت ، بيده الرزق ، بيده الصحة و المرض بيده كل صغيرة و كبيرة ، كيف لا نعرفه ، و ما الذي يقف عقبة دون أن نعرفه ، و ما الذي يشغلنا عنه ، أحياة تافهة ؟ لعاعة من الدنيا .

 

مرتبة العلم :

 أيها الإخوة الأكارم ؛ ربنا سبحانه و تعالى يقول :

﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ ﴾

[سورة آل عمران الآية : 18]

 علامة أولي العلم شهادتهم له سبحانه وتعالى أنه قائم بالقسط ، و الله سبحانه و تعالى رفع مرتبة أولي العلم رفعا عظيما حيث قرنهم بذاته العظيمة و بملائكته الأطهار ، قال تعالى :

 

﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ ﴾

 

[سورة آل عمران الآية : 18]

 أيها الإخوة الأكارم ؛ طلب العلم فريضة ، ومعنى فريضة أنك لن تستطيع أن تحقق هدفك إلا به ، كيف أن الطعام و الشراب فرض على سلامة الإنسان و بقاءه حيا ، كذلك العلم .

 

قيمة العلم :

 فربنا سبحانه و تعالى يقول :

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴾

[سورة العلق الآيات : 1-4]

 قال بعض العلماء : إن الإشارة إلى القلم في هذه الآية إشارة إلى قيمة العلم ، و أن العلم منه ما هو مسموع ، ومنه ما هو مكتوب ، و أن العلم يمكن أن تأخذه مشافهة ، و يمكن أن تأخذه مدارسة ، و في هذه الكلمة إشارة إلى قيمة العلم ، فبالعلم تحيا القلوب، و بالعلم تحيا الأمم ، وبالعلم تتقدم الشعوب ، وبالعلم نعرف الله عز وجل .
 الله سبحانه وتعالى أعطى المال وهو لا يحبه ، فحينما خرج على قومه في زينته خسف الله به الأرض ، و لكن هؤلاء الأنبياء الذين اصطفاهم والذين أحبهم ماذا أعطاهم ، قال تعالى :

 

﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً﴾

 

[سورة القصص الآية : 14]

 فينبغي أيها الأخ الكريم أن تبحث عن الحكمة و عن العلم ، لأن الله عز وجل يقول :

 

﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ﴾

 

[سورة البقرة الآية : 269]

 بمقياس السماء ، قال تعالى :

 

﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ﴾

 

[سورة البقرة الآية : 269]

 الإمام علي كرم الله وجهه و رضي الله عنه يقول :
 يا كُميل الناس ثلاثة :
 عالم رباني ، ومتعلم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع أتباع كل ناعق ، لم يستضيئوا بنور العلم ، و لم يلجؤوا إلى ركن وثيق ، فاحذر يا كميل أن تكون منهم .
 يا كميل العلم خير من المال :
 لأن العلم يحرسك ، و أنت تحرس المال ، و المال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الإنفاق .
 يا كميل :
 مات خزَّان المال وهم أحياء ، و العلماء باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم مفقودة ، وأمثالهم في القلوي موجودة .

 

طلب العلم :

 أيها الإخوة الأكارم ؛ أليس في هذه الأحاديث ، أليس في هذه الآيات ، أليس في هذه الأقوال حضٌّ لنا على طلب العلم ، ألا ينبغي أن نعرف كلام الله ، ألا ينبغي أن نستمع إلى تفسير ، ألا ينبغي أن نعرف ما مراده من كلامه ، ألا ينبغي أن نعرف أمره و نهيه ، ألا ينبغي أن نعرف حلاله و حرامه ، ألا ينبغي أن نعرف الطريق إلى الجنة ، ألا ينبغي أن نعرف الطريق إلى النار كي نحذرها .
 أيها الإخوة المؤمنون ؛ قليل من العلم خير من الكثير من العبادة ، العبادة الجوفاء التي لا يرقى بها الإنسان أفضل منها قليلٌ من العلم ، العبادة النافلة الجوفاء التي لا يرقى بها الإنسان خير منها طلب العلم ، لذلك قال النبي عليه الصلاة و السلام :

(( قليل العلم خير من كثير العبادة ))

[أخرجه الطبراني في المعجم الكبير والأوسط ]

 و أفضل العبادة الفقه ، و الفقه أن تعرف الحكم الشرعي ، و أعلى من الفقه التفقه ، أن تعرف حكمة الحكم الشرعي ، هذا الأعرابي الذي جاء النبيَّ عليه الصلاة و السلام وقال له كما ورد بالأثر :

(( عظني و أوجز ، فقال عليه الصلاة و السلام : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، و من يعمل مثقال ذرة شرا يره ، قال هذا الأعرابي : قد كُفيت ، فقال عليه الصلاة و السلام : فقُه الرجل ))

 و لم يقل : فقِه ، لأن فقِه تعني معرفة الحكم ، و فقُه تعني معرفة سر الحكم ، فلذلك قال عليه الصلاة و السلام :

(( أفضل العبادة الفقه ))

[أخرجه الطبراني في المعجم الكبير والأوسط ]

 أي أن تصلي و أن تعرف حكمة الصلاة ، وأن تعرف جوهر الصلاة ، قال تعالى :

 

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ﴾

 

[سورة العنكبوت الآية : 45]

 أمر إلهي ، قطعي الثبوت ، قطعي الدلالة ، قال تعالى :

 

﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾

 

[سورة العنكبوت الآية : 45]

 هذا هو التعليل ، قال تعالى :

 

﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾

[سورة العنكبوت الآية : 45]

 و لذكر الله أكبر ما في الصلاة ، فإذا وقفت لتصلي لا يذهبن الظنُّ أنك إذا صليت و أنت ساهٍ ولاهٍ سقط الوجوب إن لم يحصل المطلوب ، قم فصل ، صل صلاة مودِّع ، أقبل على الله في صلاتك ، فإذا كان هناك حجاب بينك و بين الله ابحث عن هذا الحجاب ، من أي طبيعة هو ، ما الذنب الذي ارتكبته ؟ ما المعصية التي اقترفتها ؟ ما المخالفة التي اجترحتها حتى كانت حجابا بيني و بين الله ، اهتكها بالتوبة ، مزِّقها بالعودة والإنابة ، اتق الله حيث ما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، لا تقف في الصلاة و أنت ساهٍ و لاهٍ ، إذا كان هناك حجاب فابحث عنه ، ابحث عن على الجفاء ، ابحث عن علة الفتور فيما بينك و بين الله ، ابحث لماذا أنت خجول من الله عز وجل ، ألمال اكتسبته حراما ، ادفعه صدقة ، و حرِّر ذمتك منه ، ألتقصير منك على زوجتك ؟ عاملها بالإحسان ، ألتقصير لك مع أولادك ؟ صحِّح تقصيرك ، لا تبق الحجب بينك و بين الله ، لا تعتمد على هذه المقولة ، و إن كانت صحيحة ، سقط الوجوب و إن لم يحصل المطلوب ، إن قلتها مرارا و تكرارا كانت الصلاة جوفاء لا نعى لها ، عندئذ تتساهل بها ، و تؤخرها عن وقتها ، قال تعالى :

 

﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾

 

[سورة العنكبوت الآية : 45]

 الصلاة عماد الدين ، من أقامها فقد أقام الدين ، و من هدمها فقد هدم الدين .
 أيها الإخوة المؤمنون ؛ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( يَا أَبَا ذَرٍّ لَأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ مِائَةَ رَكْعَةٍ وَلَأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ بَابًا مِنْ الْعِلْمِ عُمِلَ بِهِ أَوْ لَمْ يُعْمَلْ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ أَلْفَ رَكْعَةٍ ))

[رواه ابن ماجه]

 نافلة طبعا .
 عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( يَا أَبَا ذَرٍّ لَأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ مِائَةَ رَكْعَةٍ وَلَأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ بَابًا مِنْ الْعِلْمِ عُمِلَ بِهِ أَوْ لَمْ يُعْمَلْ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ أَلْفَ رَكْعَةٍ ))

[رواه ابن ماجه]

 إن غدوت و تعلمت بابا من العلم ، إن عرفت أحكام البيع و الشراء ، فانضبطت في البيع و الشراء ، آلاف الطرق في البيع و الشراء يقع فيها المرء في الربا وهو لا يشعر ، قد يكتسب مالا حراما وهو لا يشعر ، قد يأكل الربا وهو لا يشعر ، قد يوكل الربا وهو لا يشعر وعلة هذا كله الجهل ، فلذلك عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( يَا أَبَا ذَرٍّ لَأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ مِائَةَ رَكْعَةٍ وَلَأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ بَابًا مِنْ الْعِلْمِ عُمِلَ بِهِ أَوْ لَمْ يُعْمَلْ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ أَلْفَ رَكْعَةٍ ))

[رواه ابن ماجه]

 أيها الإخوة المؤمنون ؛ عبادة الجهال قليلة الجدوى ، إنهم يصلون و يقترفون المعاصي ، و المعاصي حجب بينهم و بين ربهم ، يصلون و يأكلون المال الحرام ، وفضلا عن أنهم مقطوعون عن الله عز وجل ، إنهم يضربون للناس أسوأ مثل ، إن الناس ينفرون من الدين لأن هؤلاء الذين يصلون ليسوا ملء السمع و البصر في المعاملات ، أنت على ثغرة من ثغر الإسلام ، فلا يؤتين من قبلك ، هؤلاء الذين يصلون و يصومون ليسوا منضبطين في المعاملات المالية ، ليسوا منضبطين في أمور المعاملات عامة ، ليسوا قدوة حسنة ، يقتدي الناس بهم ، لذلك هم يسيئون إلى أنفسهم مرة ، و يسيئون إلى مجتمعهم ألف مرة ، إن أحد أسباب انصراف الناس عن الدين ، أو أحد أسباب خروج الناس عن دين الله أفواجا أن هناك من يتزياَّ بالدين و يتمسَّح بالدين ، و الدين منه براء ، يصلي ، و المؤمن لا يكذب ، قال عليه الصلاة و السلام :

(( من عامل الناس فلم يظلمهم ، و حدثهم فلم يكذبوهم وعدهم فلم يخلفهم فهو ممن كملت مروءته و ظهرت عدالته ، ووجبت أخوته و حرمت غيبته ))

 من ظلم الناس ، من اعتدى عليهم ، من نقض عهده معهم ، من خالف ما جرى من لسانه من وعد لهم فقد سقطت مروءته .
 عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ مَا خَطَبَنَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا قَالَ :

(( لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ ))

[رواه أحمد]

 حتى أن الفقهاء يذكرون أنه من طفف بلقمة ، من طفف و لو بتمرة ، أو من أكل لقمة من حرام ، أو من مشى في الطريق حافيا ، أو من أكل في الطريق ، أو من بال في الطريق ، أو من علا صياحُه في البيت ، أو من تنزه في الطرقات ، أو من كان حديثه عن النساء ، أو من صحب الأراذل ، أو من قاد برذونا ، أو من أطلق لفرسه العنان ، هؤلاء جميعا جُرحت عدالتهم ، ماذا نستنبط من هذه الأحكام أن المؤمن يجب أن يكون ملء السمع و البصر ، ملء البصر بهندامه ، قال عليه الصلاة و السلام قَالَ ثُمَّ مَرَّ عَلَيْنَا يَوْمًا آخَرَ فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ كَلِمَةً مِنْكَ تَنْفَعُنَا وَلَا تَضُرُّكَ قَالَ نَعَمْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَنَا

(( إِنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ فَأَصْلِحُوا رِحَالَكُمْ وَلِبَاسَكُمْ حَتَّى تَكُونُوا فِي النَّاسِ كَأَنَّكُمْ شَامَةٌ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ ))

[رواه أحمد]

 ملء السمع و البصر بحديثه ، فلا يتكلم إلا بالصدق ، الحديث الذي أثنى به النبيُّ على التجار مصدَّر :

(( إن أطيب الكسب كسب التجار الذين إذا حدثوا لم يكذبوا ، و إذا وعدوا لم يخلفوا ، وإذا اؤتمونوا لم يخونوا ))

 لو أُلغي الكذب من حياتنا لكنا بحالة أخرى غير هذه الحالة ، لو كان الصدق رائدا لنا في كل أحوالنا لكنا في حالة غير هذه الحالة .
 يا أيها الإخوة المؤمنون ؛ طلب العلم فريضة ، احضر مجالس العلم ، اقتطع وقتها من وقتها الثمين ، فإن اقتطاع وقتها من وقتك توظيف لهذا الوقت ، و ليس هدرا له ، توظيف ، العمل الذي يمتص كل وقتك خسارة في خسارة ، ولو درَّ عليك مئات الألوف ، لماذا أنت مخلوق ، من أجل أن تأكل و تشرب ، الموت يأتي ، و تأتي معه النهاية العظمى لكل شيء ، أنت خُلقت من أجل أن تعرف الله عز وجل ، فلا بد من تخصيص وقت ، هذا الذي يذهب إلى بلد أجنبي ليتعلم ، و ليس معه مصروف يصرفه هناك فتعاقد مع جهة كي يعمل هناك ، فإذا هذه الجهة تلزمه أن يعمل عشرين ساعة ، أين دوام الجامعة ؟ كيف يحصِّل هذه الشهادة ؟ فهل يعد هذا العمل هناك ربحا أم خسارة ، يعد خسارة لأنه قضى على المهمة الرئيسة ، من ذهابك إلى هذا البلد الأجنبي ، كذلك أنت في الدنيا أنت في مهمة ، فالعمل الذي يمتص كل وقتك ولا يسمح لك أن تحضر مجلس علم ، و لا أن تعرف كتاب الله ، هذا العمل خسارة كله ، لا بد من وثقت تخصصه لحضور مجالس العلم ، لمعرفة أحكام الشرع ، لمعرفة كلام الله ، من أجل أن تستقيم على أمره ، ليس العلم في الإسلام هدفا بذاته ، إنما العلم وسيلة لهدف كبير ، تتعلم لتعمل ، وتعمل لترقى ، و ترقى لتسعد ، أجمل تعريف للعبادة أنها طاعة طوعية ، تسبقها معرفة يقينية ، تنتهي بسعادة أبدية ، إذًا حجر الزاوية معرفة يقينية ، قال تعالى :

 

﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ﴾

 

[سورة التكاثر الآيات : 5-7]

 أيها الإخوة الأكارم ؛ ربنا سبحانه و تعالى يقول :

 

﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾

 

[سورة فاطر الآية : 28]

 "إنما" أداة قصر ، أي العلماء وحدهم ، , ليس أحد غيرهم ، هم الذين يخشون الله عز وجل ، و الجهال من شأنهم أنهم لا يخشون الله ، و لا يعرفونه ، و يعصونه ، و يخالفونه ، و قد يعبدونه عبادة جوفاء لا جدوى منها ، ألم يقل النبي عليه الصلاة والسلام :

(( رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ ))

[رواه ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

(( رب تال للقرآن و القرآن يلعنه ))

 عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( مَا آمَنَ بِالْقُرْآنِ مَنْ اسْتَحَلَّ مَحَارِمَهُ ))

[رواه الترمذي]

 أليست هذه كلها أحاديث تؤكد أن العبادة ما لم تكن عن وعي و انضباط و فهم لحكمتها ، هي عبادة لا تقدم و لا تؤخر .
 أيها الإخوة المؤمنون ؛ يقول الله عز وجل :

 

﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾

 

[سورة العنكبوت الآية : 43]

 و قال تعالى :

 

﴿ أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

 

[سورة الزمر الآية : 9]

 هل يستوون ؟ ربنا عز وجل كيف وصف أهل الكفر و الجهل ، قال تعالى :

 

﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾

 

[سورة الفرقان الآية : 44]

 وقال تعالى :

 

﴿ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾

 

[سورة المنافقون الآية : 4]

 و قال تعالى :

 

﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ﴾

 

[سورة الجمعة الآية : 5]

 وقال تعالى :

 

﴿ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ﴾

 

[سورة المدثر الآيات : 50-51]

 و قال تعالى :

 

﴿ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ﴾

 

[سورة الأعراف الآية : 176]

 هؤلاء الجهال هذا نعتهم في القرآن الكريم .
 أيها الإخوة المؤمنون ؛ العلم حياة القلب ، تعلموا ، و لا إسراف في طلب العلم ، لا إسراف في الخير ، و لا خير في الإسراف ، تعلم فإن العلم تلقى الله عز وجل وهو عنك راض ، طلب العلم طريق إلى الجنة .
 أيها الإخوة المؤمنون ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا و زنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا لغيرنا ، و سيتخطى غيرنا إلينا ، فلنتخذ حذرنا ، الكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، و العاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني .

والحمد لله رب العالمين
***

الخطبة الثانية :
 الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وليُّ الصالحين ، و أشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم ، اللهم صل و سلم و بارك على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين .

الذباب:

 أيها الإخوة المؤمنون ؛ يقول الله تعالى :

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴾

 

[سورة الحج الآية : 73]

 البله سبحانه و تعالى ضرب للناس مثلا الذبابة ، هذا المخلوق الضعيف المستقذَر ، الذي يتكاثر بسرعة جنونية ، الذبابة الواحدة خلال أيام ....الذي يبدو لكم ضعيفا ، لو أنك رششت مكانا موبوءا بالذباب و قضيت على كل الذباب إلا ذبابة واحدة ، هذه الذبابة ستنتج جيلا من الذباب يقاوم هذه المادة التي رششتها في هذا المكان ، تصنيع المضادات الحيوية عند الذباب شيء لا يُصدق ، أيُّ شيء يقضي على الذباب تصنِّع الذبابة في أجهزتها الدقيقة مضادا حيويا يكسبها مناعة ضد هذه المادة الفعالة .
 شيء آخر حتى أن الذباب إذا مات في البرد ينجب جيلا يقاوم البرد ، قال تعالى :

 

﴿ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴾

 

[سورة الحج الآية : 73]

 كُبِّرت عين الذبابة مئات المرات فكان من هذا التكبير العجب العجاب ، آلاف العدسات المرصوفة إلى جانب بعضها بعضا تحقق للذبابة رؤية كاملة إن الذبابة هذا المخلوق الضعيف الذي يشمئز الناس منه تستطيع أن تناور مناورة لا تستطيع أعظم الطائرات الحربية و أحدثها أن تفعل فعلها ، إنها تسير بسرعات فائقة بالنسبة إلى حجمها ، و تستطيع أن تنتقل فجأن إلى زاوية قائمة ، و تستطيع أن تسقط إلى السقف و هذا شيء لا تستطيع طائرة في الأرض أن تفعله ، قال تعالى :

 

﴿ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴾

 

[سورة الحج الآية : 73]

 أما الذي يلفت النظر في حديث سيد البشر أن النبي عليه الصلاة والسلام قال ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَالْأُخْرَى شِفَاءً ))

[رواه البخاري]

 هذا الحديث متفق عليه ، العلم الحديث أكد صحة هذا الحديث ، فقد كُشف أن في بعض جناحي الذبابة مادة ترياقية مضادة للجراثيم و لأنواع المكروبات ، فإذا علِق بأرجل الذبابة بعضُ الجراثيم أو المكروبات أو البكتريات الضارة ، ووقع هذا الذباب في سائل فعليك أن تغمس الجناح الثاني فإن في بعض الأجنحة الدواء الترياق المضاد لهذه الجراثيم ، هذا الذي كشفه العلم حديثا ، مقالة مفصلة تعتمد على أدق البحوث نُشرت أخيرا في مجلة عربية كانت قد تُرجمت عن مقالة أجنبية تؤكد هذه الحقيقة ، قال تعالى :

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ﴾

 

[سورة الحج الآية : 73]

 ليست عنكم معلومات البعوضة ببعيد ، إن البعوضة - و الشيء بالشيء يُذكر - تملك جهازا راداريا و جهاز تحليل للدم و جهاز تخدير و جهاز تمييع ، تميِّع الدم و تخدر الإنسان و تمتص دمه مميعا ، و تعرف مكان الرجل من دون أن تراه ، جهاز رادار و جهاز تحليل للدم ، هناك دم لا تحبه ، وجهاز تمييع و جهاز تخدير ، و في أرجلها محاجم و مخالب ، فإذا وقعت على سطح أملس تستخدم المحاجم ، و إذا وقعت على سطح خشن تستخدم المخالب ، و لها ثلاثة قلوب ، قلب مركزي ، و لكل جناح قلب ، وجناح البعوضة يرفُّ أربعة آلاف رفة في الثانية الواحدة ، لذلك صوتها يرتقي إلى مستوى الطنين ، ربنا عزوجل قال :

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ﴾

 

[سورة البقرة الآية : 26]

 وهذه ذبابة ، فإذا كان الخلق مجتمعين في أرقى عصورهم مع تقدم العلم عاجزين عن أن يخلقوا ذبابا ، قال تعالى :

 

﴿ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴾

 

[سورة الحج الآية : 73]

 و أن الحديث النبوي ، كيف عرف النبيُّ هذه الحقيقة ، من أين عرفها ، أكان هناك تحليل عنده ، أكان هناك معامل للتحليل ؟ أكان هناك ميكروسكوبات ؟ كيف قال النبي : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَالْأُخْرَى شِفَاءً ))

[رواه البخاري]

 كيف ، وكيف أن العلم الحديث أثبت ذلك .
 يا أيها الإخوة المؤمنون ؛ القول الثابت أن النبي عليه الصلاة و السلام في أقواله لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، إن السنة المطهرة ، بل إنه ما تواتر من السنة المطهرة قطعي الثبوت ، ومنه ما هو قطعي الدلالة ، و من أنكره فقد كفر .
 أيها الإخوة المؤمنون ؛ دقِّقوا في آيات الله التي بثَّها في الأرض و السماء ، قال تعالى :

 

﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

 

[سورة يونس الآية : 101]

 و قال تعالى :

 

﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾

 

[سورة الذاريات الآية : 21]

الدعاء :

 اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، و تولنا فيمن توليت ، و بارك لنا فيما أعطيت ، و قنا و اصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي و لا يُقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، و لا يعز من عاديت ، تباركت ربنا و تعاليت ، اللهم أعطنا و لا تحرمنا ، و أكرمنا و لا تهنا ، و آثرنا و لا تؤثر علينا ، و أرضنا وارض عنا ، و اقسم لنا من خشيتك مت تحول به بيننا و بين معصيتك ، و من طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، و متعنا اللهم بأسماعنا و أبصارنا وقوتنا ما أحييتنا ، و اجعله الوارث منا ،واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، و انصرنا على من عادانا ، و لا تجعل الدنيا أكبر همنا ، ولا مبلغ علمنا ، و لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك و لا يرحمنا ، مولانا رب العالمين ، اللهم بفضلك و رحمتك أعل كلمة الحق و الدين ، وانصر الإسلام و أعز المسلمين ، و خذ بيد ولاتهم إلى ما تحب و ترضى ، إنه على ما تشاء قدير ، و بالإجابة جدير .

 

تحميل النص

إخفاء الصور