- الخطب
- /
- ٠1خطب الجمعة
الخطبة الأولى:
الحمد لله ثم الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكّلي إلا على الله . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقراراً بربوبيته وإرغاماً لمن جحد به وكفر . وأشهد أنَّ سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلَّم ، رسول الله سيِّد الخلق والبشر ، ما اتصلت عينٌ بنظرٍ أو سمعت أذنٌ بخبر . اللهمَّ صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريَّته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين. اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
من يتق الله يجعل له مخرجاً :
أيها الأخوة المؤمنون ؛ في القرآن الكريم آياتٌ لها طبيعةٌ خاصة ، طبيعتها أنها توصَف بأن تكون قانوناً لا يتبدَّل ، ولا يتغيَّر ، ولا يعدَّل ، ولا يجمَّد ، ولا يُلْغَى ، آياتٌ تأخذ طبيعة السُنَن الثابتة ، القوانين القَطْعيّة ، العلاقات الضروريّة ، من هذه الآيات آيةٌ في سورة الطلاق ، وصفها النبي عليه الصلاة والسلام فقال ، قال عليه الصلاة والسلام :
(( إني لأعلم آيةً لو أخذ الناس بها لكفتهم ))
أيْ لو لمْ يكن في القرآن الكريم إلا هذه الآية لكفتهم ، وقرأ قوله تعالى :
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾
فما زال يكرّرها ويُعيدها . .
أيها الأخوة المؤمنون ؛ هذه الآية في سورة الطلاق ، من قوله تعالى :
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
معنى ذلك أنه قبل هذا المَخْرَج كانت الأبواب كلها مُغَلَّقة ، غُلِّقَت أبواب العمل ، غُلِّقَت أبواب النجاة ، غُلِّقَت أبواب الخلاص ، غُلِّقَت أبواب الشفاء ، غُلِّقَت أبواب الرزق ، مشكلةٌ نزلت فاسْتَحْكَمَت ، طُرِقَ بابٌ لفتحها فأغلق ، طرق بابٌ آخر فأغلق ، طرق بابٌ ثالث فأغلق ، معنى :
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
قبل أن يجعل الله له هذا المخرج ، كانت الأبواب كلها مُغَلَّقَة .
من يتق الله عند نزول المصيبة يجعل الله له مخرجاً مِن الشدّة إلى اليسر :
يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ ليس من طبيعة المؤمن اليأس ، ما دام في القرآن الكريم هذه الآية ، ليس من طبيعة المؤمن أن يَقْنَطَ مِن رحمة الله ، لا يقنط من رحمة الله ، ولا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون الذين ما عرفوا الله سبحانه وتعالى . أحياناً تضيق أبواب الرزق ، بل إن أبواب الرزق تُغْلَق وتُرْتَج ، وأحياناً يضعف الأمل في الشفاء ، بل إن أبواب الشفاء تغلق وترتج ، وأحياناً يضعف الأمل بالخلاص ، بل إن أبواب الخلاص تُغْلَق وتُرْتَج ، تأتي هذا الآية لتفتح أبواب الأمل ، تأتي هذه الآية لتفتح أبواب رحمة الله سبحانه وتعالى ، تأتي هذه الآية لتفتح نور الأمل في القلوب :
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
صياغَة هذه الآية ليست متعلِّقةً بموضوعٍ دون آخر ، صياغة هذه الآية ذات طابَعٍ عام ، في أي موضوع ؛ في موضوع الرزق ، في موضوع العَمل ، في موضوع الزواج ، في موضوع السعادة البَيْتيّة ، في موضوع علاقاتك الخارجية ، في موضوع مستقبلك ، في موضوع مستقبل أولادك ، في موضوع مستقبل بناتك ، في موضوع صِحَّتك ، أيّ موضوعٍ لو رَكَّبْتَهُ على هذه الآية لانطبقت عليه :
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
ماذا قال علماء التفسير في هذه الآية ؟ قال بعض العلماء : ومن يتقِ الله بالصبر عند المصيبة ؛ جاءت مصيبة وأنت مؤمن ، فعرفت أنه لا يقع شيءٌ في الكون إلا بإذن الله ، وبأمر الله ، وبفعل الله ، وبقدرة الله ، والله رحيم ، والله حَليم ، والله مُقْسِط ، والله غَنيّ ، عندئذٍ تستلم . .
﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾
المعنى الأول لهذه الآية : ومن يتق الله عند نزول المصيبة ، بالصبر عليها ، يجعل الله له مخرجاً مِن الشدّة إلى اليسر ، من العُسر إلى اليُسر ، من الضيق إلى الفرج ، من النار إلى الجنّة ، المعنى الأول : يجب أن تصبر عند الشدائد ، لأن الإيمان شطران نصفٌ صبرٌ ، ونصفٌ شكرٌ ، والصبر من الإيمان كالرأس مِن الجسد ، فإذا ذهب الصبر ذهب الإيمان ، والصبر علامة مَعْرِفة الله سبحانه وتعالى .
هذا الذي يجلس على كرسي الطبيب - طبيب الأسنان - إن كان راشداً يصبر على الألم ، لأنه يعلم علم اليقين أن هذا الألم لمصلحته ، وأن هذا الألم المؤقّت لدفع الألم المَديد ، أما إذا كان الجالس على هذا الكُرْسِيّ طفلاً لا يعرف حقيقة ما يجري ، فإنه يبكي ، وإنه يصرخ، وقد يسمع الطبيب كلماتٍ قاسية . الصبرُ علامة المَعرفة ، علامة معرفتك بالله عز وجل أنك تصبر على حكمه ، هذا حكم الطبيب ، هذا حكم الرحيم ، هذا حكم الغني ، هذا حكم الذي قدَّر كل شيءٍ فأحسن تقديره .
أيها الأخوة المؤمنون ؛ المعنى الأول في قوله تعالى :
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
أيّ مَن يتقِ الله عند المصيبة بالصبر عليها ، يجعل الله له مخرجاً مِن العُسر إلى اليُسر ، ومن الضيق إلى الفَرَج ، ومن الشدة إلى الرخاء ، ومن إحكام هذه المصيبة إلى إطلاقها مِن أَسْرِ الإحكام .
مَن يتقِ الله بأداء الفرائض يجعل الله له مخرجاً مِن الغَيّ الذي يصيب الناس :
يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ معنىً آخر لهذه الآية : ومَن يتقِ الله بأداء الفرائض ، أحبُّ ما تقرَّبت إلى الله أن تؤدي ما افترض عليك من فرائض ، لا تُقبل نافلة قبل أن تؤدّى الفريضة ، فمن أدى الفرائض من صلاةٍ وصيامٍ وحجٍ وزكاة ، من فعل ما ينبغي ، من ترك ما لا ينبغي ، مَن أحل الحلال ، مَن حرم الحرام ، مَن ائتمر بما أمر ، مَن انتهى عما نهي ، مَن أدى الفرائض ، جعل الله له مخرجاً مِن العقوبة التي تنال معظم الناس ، الناس إذا عصوا ، إذا قصروا ، إذا خالفوا ، إذا شَذّوا ، تنالهم عقوبات الله عز وجل ، فمن اتقى الله في أداء ما افترضه عليه ، وفي ترك ما أمره أن ينتهي عنه ، جعل الله له مخرجاً مِن البلاء العام الذي يصيبُ العُصاة .
﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً﴾
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
مِن الغَيّ الذي سيصيب الناس الذين يعصون الله في آخر الزمان .
أيها الأخوة المؤمنون ؛ يقول الله عز وجل :
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾
هذا هو المَخْرَج . .
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
من يتقِ الله باتباع السنة يجعل الله له مخرجاً مِن عقوبة أهل البِدَع :
معنىً ثالث من المعاني التي أوردها علماء التفسير في هذه الآية : ومن يتقِ الله باتباع السنة ، ألم يخاطب الله سبحانه وتعالى المؤمنين بآيةٍ مُحْكَمَةٍ صريحةٍ يقول فيها :
﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾
فأنت أيها الأخ المؤمن مُلْزَمٌ باتباع السُنَّة . .
﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾
فمن اتقى الله باتباع السنة جعل الله له مخرجاً مِن عقوبة أهل البِدَع ، هؤلاء الذين يبتدعون في الدين ما ليس منه ، ويأتون ببدعٍ باطلة ، لابد أن يعاقبهم الله سبحانه وتعالى ، فطوبى لمن وسعته السُنة ولم تستهوه البدعة ، فمن اتقى الله باتباع السنة التي جاء بها النبي عليه الصلاة والسلام ، وما السنة عند علماء السنة إلا تبيانٌ وتفصيلٌ لما جاء في القرآن الكريم.
مَن يتق الله في كسب رزقه يجعل الله له مخرجاً مِن الضيق المادي :
أيها الأخوة المؤمنون ؛
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
المعنى الرابع : أنه من اتقى الله في كَسْبِ الرزق ، لم يأكل حراماً ، لم يأكل الربا ، لم يبع بيعاً باطلاً ، لم يخف العيب على الشاري ، لم يدلِّس في البيع ، لم يُغَرر في البيع ، لم يبع بيعاً لا يرضي الله عز وجل ، هذا الذي يبيع ويشتري ؛ يكسب رزقه ، لا يغش ، ولا يحتال، ولا يدلّس ، ولا يحتكِر ، ولا يستغل ، ولا يبالغ في السعر ، ولا يُرهق المسلمين ، هذا الذي يبيعُ ويشتري وفق ما أمر الله عز وجل ، أي ومَن يتق الله في كسب رزقه يجعل الله له مخرجاً مِن الضيق المادي ، بل يجعله في كفايةٍ و راحة ، مَن يتقِ الله في كسب الرزق لن يفاجأ بضرباتٍ قاصمة تنقصم لها الظهور ، لأنه عرف حدود الشرع ، عرف ما ينبغي وما لا ينبغي ، عرف ما يجوز وما لا يجوز ، عرف ما هو الحلال وما هو الحرام . لذلك من دخل السوق قبل أن يتفقَّه أكل الربا شاء أم أبى ، هكذا قال بعض العلماء : أكل الربا شاء أم أبى . فالفقه فرض عينٍ أن تعرف أحكام البيوع ، وأن تعرف البيع الحلال من البيع الحرام ، وأن تعرف ما يجوز وما لا يجوز في علاقاتك المالية ، فهذا شرطٌ أساسي ، بل هو فرض عينٍ ، وليس لك خيارٌ في تعلمه أو عدم تعلُّمه . التبحُّر في بعض العلوم يعد عند العلماء فرض كفاية ، لكن معرفة أساسيات العلوم التي لولاها لوقعت في الحرام ، هذه فرض كفاية لابد مِن أن تتعلمه ، فمن يتق الله في كسب الرزق يجعل الله له مخرجاً من ضيق الدين المادي ، إلى السعة التي توفر له كرامته وراحته .
مَن يتق الله في الوقوف عند حدود الشرع يجعل الله له مخرجاً مِن الحرام إلى الحلال :
أيها الأخوة المؤمنون ؛ والمعنى الخامس لهذه الآية : مَن يتق الله في الوقوف عند حدود الشرع واجتناب المعاصي ، باتباع أوامر الله بشكلٍ عام ، جعل الله له مخرجاً مِن الحرام إلى الحلال ، ومِن الضيق إلى السَعَة ، بل مِن النار إلى الجنة ، له مخرجٌ إلى الجنة ، بابٌ للجنة مفتوح .
أيها الأخوة المؤمنون ؛ في أعمالك اليومية ، في إنجازاتك ، إذا نَسَبْتَ الخبرة إلى ذاتك ، إذا نسبت القُدرة إلى ذاتك ، إذا نسبت العِلم إلى ذاتك ، فأنت لا تعرف الله ، ولا تعرف حدودك ، فمن اتقى الله بأن تبرأ مِن حَوْلِه وقوته ، وعلمه وخبرته ، وماله وجاهه ، وعزاها إلى الله سبحانه وتعالى ، جعل الله له مخرجاً مما كلّفه ، وأعانه عليه ، لو قمت إلى الصلاة فقلت :
﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾
الله سبحانه وتعالى يعينك على أداء الصلاة الصحيحة ، لو سِرْتَ في الطريق واستعنت بالله على غض البصر ، لجعل الله بينك وبين هذه المناظر حِجاباً حاجزاً ، أليس في قول سيدنا يوسف هذا النبي الكريم النبي الطاهر ، أليس في دعائه تعليماً لنا ؟ قال :
﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾
فلا تخرُج إلى الطريق وأنت مُعْتَدٌ بإرادتك القوية ، واستقامتك التامّة ، استعن بالله على غض البصر ، استعن بالله على أكل المال الحلال ، استعن بالله على أداء العبادات ، استعن بالله على فِعل القُرُبات ، ومن يتق الله بأن تبرّأ من حوله ، وقوته ، وعلمه ، وخبرته ، وجاهه ، أعانه الله على ما يصبو إليه .
أيها الأخوة الأكارم ؛ مَن اتقى الله فآثر الحلال ؛ عرضت له الدنيا مع الشبهات ، وجاءه الحلال مع اليَقين ، لكن الحلال قليل والحرام كثير ، الحلال صعبٌ والحرام يسير ، هكذا شاءت حكمة الله عز وجل ، من بات كالاً في طلب الحلال بات مغفوراً له ، لحكمةٍ أرادها الله عز وجل جعل كسب الحلال صعباً ، وجعل كسب الحرام سهلاً ، مَن آثر الحلال على الحرام ، مَن آثر الكسب الصعب على الكسب السهل ، مَن آثر أن يصبر على أن يُفْتَن ، فتح الله عليه إذا كان ذا ضيق ، ورزقه مِن حيث لا يحتسب .
هذه المعاني : بعضها في كسب الرزق ، بعضها في أداء العبادات ، بعضها في الوقوف عند حدود الشرع ، بعضها في اتباع السُنَّة ، بعضها في أداء الفريضة ، إن الله سبحانه وتعالى جَلَّت حكمته جعل هذه الآية ذات صياغةٍ عامة ؛ أي موضوعٍ روحيٍ ، نفسي ، مادي ، معنوي ، دنيوي ، أخروي ينطبق على هذه الآية :
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾
من يتق الله في تطليق زوجته يجعل الله له مخرجاً في إرجاعها :
أيها الأخوة المؤمنون ؛ يجب أن تعلموا أن هذه الآية جاءت بين آيات الطلاق ، ومن إعجاز القرآن أن الآية في سياقها لها معنى ، فإذا نزعتها مِن السياق لها معنى آخر .
معناها السياقي : أنه من اتقى الله في الطلاق ، ربنا سبحانه وتعالى قال :
﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ﴾
هذا الطلاق السُنِّيّ ، وأما الطلاق البدعي فأن تطلقها مرةً واحدة من دون عدة تعتَدُّها عليها ، والله سبحانه وتعالى يقول في آيةٍ أخرى :
﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾
فمَن لم يتقِ الله في آيات الطلاق ، لم يكن له مخرجٌ إلى أن يعودَ إلى زوجته إذا كان قد تعلَّق بها ، لذلك إذا جاءت هذه الآية في سورة الطلاق ، فعلى الرجل المسلم العالم أن يطلق وفق السنة ووفق ما أمر الله عز وجل ، لئلا يكون عليه حرجٌ في أن يعود إلى زوجته .
من يتق الله يرزقه من حيث لا يحتسب :
أيها الأخوة المؤمنون ؛ ورد في بعض الأحاديث الشريفة تفسيرٌ لهذه الآية ، لقوله تعالى :
﴿ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
فقال عليه الصلاة والسلام :
(( يجعل له مخرجاً مِن شبهات الدنيا ، ومِن غمرات الموت ، ومِن شدائد يوم القيامة ))
فما معنى قوله تعالى :
﴿ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾
قال بعض العلماء : يرزقه مِن حيث لا يرجو الرزق ، مِن جهةٍ لا يعتقد أنه تعطيه شيئاً ، مِن بابٍ يظنه مغلقاً ، مِن طريقةٍ يظنّها غير مجدية . .
﴿ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾
أي من حيث لا يرجو ، وبعض العلماء قال :
﴿ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾
أي يرزقه رزقاً ، ويبارك له فيه فيكفيه ، وهذه حقيقةٌ يعرفها معظم المسلمين ، قد يأتيك رزقٌ قليل مع البركة ، وكيف البركة ؟ أيّ إذا أعفاك الله مِن نفقات العلاج وثمن الدواء ، وبارك لك في رزقك ، ورزقك زوجةً صالحة ، عندها حكمةٌ في إنفاق المال ، فهذا مِن البركة التي وردت في هذه الآية :
﴿ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾
إما من حيث لا يرجو ، وإما أن الله سبحانه وتعالى يبارك لك فيما أعطاك ، ألا تدعُو الله سبحانه وتعالى فتقول : اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وبارك اللهم لنا فيما أعطيت ، هذه هي البركة التي أشارت إليها الآية .
الإكثار من لا حول و لا قوة إلا بالله عند نزول المصيبة :
أيها الأخوة المؤمنون ؛ سبب نزول هذه الآية كما ورد في بعض التفاسير : أن عوف بن مالك الأشجعي أسر المشركون ابناً له يُسمى سالمة ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا إليه الفاقة ، وقال : يا رسول الله ، إن العدو قد أسر ابني وجزعت الأم ، فماذا تأمرني ؟ فقال عليه الصلاة والسلام :
((اتقِ الله واصبر - أنت مؤمن - وآمرك وإياها - أي وزوجتك - أن تستكثرا مِن قول : لا حول ولا قوة إلا بالله ))
هذه قد أثرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند نزول المصيبة ، فعاد إلى بيته وقال لامرأته : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرني وإيّاك أن نستكثر مِن قول لا حول ولا قوة إلا بالله ، فماذا أجابت ؟ ماذا تجيب امرأةٌ في هذا الزمان تشكو زوجها أو تشكو ضيقاً ألمّ بها ؟ يقول لها زوجها : قولي لا حول ولا قوة إلا بالله ، ماذا قالت هذه المرأة ؟ قالت : نعم ونِعم ما أمرنا به النبي . هكذا ، هكذا المرأة المؤمنة ، نعم ونِعمَ ما أمرنا به النبي ، فجعلا يقولان ، فغَفَلَ العدو عن ابنهما ، فساق غَنَمَهُم ، وجاء به إلى أبيه ، وهي أربعة آلاف شاة ، نجا من الأسر ، وجاء بغنيمةٍ هي أربعة آلاف شاة . .
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾
إن الضيق الذي يصيب المؤمن أحياناً ضيقٌ تأديبيّ ، ضيقٌ ليدفعه إلى الله ، ضيقٌ ليدفعه إلى الطاعة ، ليدفعه إلى الصِلَة ، فإذا أحكمت الصلة فقد نجح العلاج .
من أكثرَ من الاستغفار جعل الله له مِن كل همّ فرجاً ومَن كل ضيقٍ مخرجاً :
أيها الأخوة المؤمنون ؛ يقول عليه الصلاة والسلام :
(( مَن انقطع إلى الله كفاه الله كل مؤنة ، ورزقه مِن حيث لا يحتسب ، ومَن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها ، ومَن أكثر الاستغفار جعل الله له مِن كل همّ فرجاً ، ومِن كل ضيقٍ مخرجاً ، ورزقه مِن حيث لا يحتسب ))
جاء رجلٌ إلى الحسن البصري قال : يا إمام إن زوجتي لا تنجب ، فقال : استغفر الله . جاءه رجلٌ آخر قال : يا إمام إن السماء لا تمطر . فقال : استغفر الله ، جاءه رجلٌ ثالث فقال : إن الرزق قليل . فقال : استغفر الله ، عنده رجل فقال : يا إمام ؛ أو كلما جاءك رجل تقول له استغفر الله ؟ هذه وصفة لكل حالة ؟ فقال : ألم تسمع قوله تعالى :
﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً﴾
أيها الأخوة المؤمنون ؛ مَن أكثرَ الاستغفار جعل الله له مِن كل هم فرجاً ، ومَن كل ضيقٍ مخرجاً ، ورزقه مِن حيث لا يحتسب ، والحديث القدسي الذي تعرفونه جميعاً :
(( من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين ))
من يتوكل على الله فهو حسبه :
بقي قوله تعالى :
﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾
أي من فوض أمره إلى الله كفاه الله ما أهمه ، ومَن اتقى الله وجانب المعاصي ، وتوكل عليه فقد أعطاه الله ثواب الدنيا والآخرة .
وقيل : إذا أردت أن تكون أقوى الناس فتوكّل على الله ، وإذا أردت أن تكون أغنى الناس ، فكن بما في يدي الله أوثق منك بما في يديك ، وإذا أردت أن تكون أكرم الناس فاتقِ الله. وقيل : مَن توكل على الله كفاه ، ومَن آمن به هداه ، ومَن أقرضه جازاه ، ومَن وثق به نَجَّاه ، ومَن دعاه أجابه .
هذه الفقرات الخمس مأخوذةٌ من خمس آيات . . من توكل على الله كفاه لقوله تعالى :
﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾
أي يكفيه . . ومَن آمن بالله هداه ، لقوله تعالى :
﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾
ومَن أقرضه جازاه ، لقوله تعالى :
﴿إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ ﴾
ومَن وثق به نَجَّاه ، لقوله تعالى :
﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾
ومَن دعاه أجابه ، لقوله تعالى :
﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾
من صبر على أمر الله أتاه الله ثواب الدنيا و الآخرة :
الفقرة الأخيرة من الآية :
﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ﴾
أي أمره نافذ ؛ شئت أم أبيت ، أحببت أم كرهت ، هو الواحد القهّار ، أمره نافذٌ في خَلْقِه ، فلذلك إذا صبرت على أمره أتاك الله ثواب الدنيا والآخرة ، فإن لم تصبر فأمره نافذ .
﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً﴾
أيْ مَن طلب الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه ، مَن طلب شيئاً فلينتظر ، فلعل الله سبحانه وتعالى جعل له وقتاً مناسباً ، فأنت لا تعرف حكمة الله عز وجل .
أيها الأخوة المؤمنون ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن مَلَك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطَّى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا ، الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله الأماني .
* * *
الخطبة الثانية :
أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
صقر البحر :
أيها الأخوة المؤمنون ؛ نوعٌ من الطيور اسمه : صقر البحر ، ينفر مِن البَرْد ، لذلك هو يهاجر من شمال آسيا وأمريكا ، إلى المناطق الدافئة في جنوب الكرة الأرضية . كم يقطع في هذه الرحلة ؟ إنه يقطع تسعة عشر ألف كيلو متر . نوعٌ من الطيور اسمه صقر البحر يقطع في رحلة الشتاء ورحلة الصيف تسعة عشر ألف كيلو متر ، لكن هذا الطير لا يحمل زاداً ، ولا يتأثَّر ريشه بالماء ، لأنه لو تأثر ريش الطائر بالماء لما أمكنه أن يطير بعد أن يغوص في الماء ، حيث يتسرَّب الماء في أجنحته ، وفي ريشه فيُثقُلُ ، ولا يمكنه أن يطير .
هذا الطائر ريشه له خاصَّة ، بل إن كل طيور البحر - كما قال علماء الطيور - لا يتأثَّر ريشها بالماء ، لا يَعْلَق عليها الماء إطلاقاً ، لأنه سوف يتغذَّى بأسماك البحر . يغوص الطائر - صقر البحر - إلى داخل الماء ، ليأكل زاده ، ثم يعود ، فيطير في جو الهواء .
أيها الأخوة المؤمنون ؛ بل إن هذا الطائر يَتتَبَّعُ بعض الطيور الجارحة ، فإذا صادت هذه الطيور سمكاً مِن الماء ، واعتزمت أن تحمله إلى صغارها ، هاجمها في الهواء ، فخافت مِنْه ، فتركت صيدها ، يسقط إلى الماء ، فيَنْقَضُّ هذا الطير ، ويأخذ هذه السمكة قبل أن تصل إلى الماء ، هل في إمكان طيارٍ أن يفعل هذا ؟ أن يأخذ هذا الصيد بعد أن سقط مِن فم الطير الجارح ؟ يأخذه قبل أن يعود في الماء ، ويطير به في جوِّ السماء .
أيها الأخوة المؤمنون ؛ نوعٌ آخر من الطيور ، اسمه خطَّاف البحر ، يهاجر من المنطقة المتجمّدة الشمالية ، إلى المنطقة المتجمدة الجنوبية ، ويقطع اثنين وثلاثين ألف كيلو متر في هذه الرحلة ، هذا رقمٌ يفوق حَدَّ التصوّر ، قد يقول قائل : وكيف عرف العلماء ذلك ؟ إن طيوراً تؤخذ مِن أوكارها ، يوضع في أرجلها حلقاتٌ معدنية ، مع رموزٍ مكتوبةٍ على هذه الحلقات ، وتؤخذ مِن المنطقة الجنوبية في الأرض ، يعرف العلماء بهذه الطريقة هجرة الطيور ، ومقدار ما تقطعه في هذه الرحلة الطويلة .
أيها الأخوة الأكارم ؛ يقطع نوعٌ آخر من الطيور مسافة أربعة آلاف كيلو متر ، مِن دون أن يأكل شيئاً في فمه ، ويطير بعض هذه الطيور ستاً وثمانين ساعة ، طيراناً مستمراً .
ضرورة التفكر في خلق الله عز وجل :
أيها الأخوة المؤمنون ؛ ما علاقة هذه الحقائق بالخطبة ؟ يقول الله سبحانه وتعالى:
﴿أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾
ويقول الله سبحانه وتعالى :
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ﴾
ومعنى " صافَّات " ، أي باسطاتٌ أجنحتهن عند الطيران . .
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾
وفي آيةٍ ثالثة في سورة الملك :
﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ﴾
معنى ذلك أن الطير في السماء ، هجرة الطيور ، بُنية الطائر ، هذه آياتٌ دالة على عظمة الله عزَّ وجل .
وفي القرآن الكريم ثلاث آياتٍ محكماتٍ ، بيِّنات ، واضحات ، تحضُّنا على التفكّر في خَلْق الله عزَّ وجل .
﴿ أَلَمْ يَرَوْا ﴾
حضٌ على الرؤية :
﴿أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾
﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ﴾
الدعاء :
اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولَنا فيمن تولَيت ، وبارك اللهم لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، ولا تهلكنا بالسنين ، ولا تعاملنا بفعل المسيئين يا رب العالمين ، اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعز المسلمين ، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .