وضع داكن
29-03-2024
Logo
رسالة التجديد - الحلقة : 2 - التجديد في الإسلام.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أهلاً بكم أيها الإخوة والأحبة إلى لقاء جديد في برنامجكم رسالة التجديد بالطبع لن نستهل البرنامج إلا بعد أن نشارككم في الشكر والحمد لله سبحانه وتعالى الذي جلل بلادنا المباركة والمقدسة بهذا الغطاء الثلجي الكريم.
 بدايةً أرحب بضيفي في الأستوديو وهو اليوم العلامة الداعية الدكتور الشيخ محمد راتب النابلسي المحاضر في كلية التربية في جامعة دمشق، أهلاً بك دكتور النابلسي، فضيلة الشيخ قبل أن نأخذ محاور الحديث تحدثنا عن الثلج الذي أكرمنا الله عز وجل به والناس اليوم يفرحون ويهللون وهو نعمة والثلج أيضاً نريد أن نربطه ببرنامجنا برنامج التجديد فكيف تقرؤون التجديد في الإسلام وها نحن قد أمضينا أكثر من ستة أشهر على برنامجنا رسالة التجديد ؟
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين. الدكتور محمد جزاك الله خيراً حينما قال الله عز وجل:

﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً﴾

[ سورة المائدة: الآية 3]

 فهذا الدين الذي نعتنقه هو دين الله والله جل جلاله كماله مطلق فدينه لا يحتمل أن نضيف عليه شيئاً ولا أن نحذف منه شيئاً إنه الله إنه الكمال المطلق، فمعنى قوله تعالى:

 

﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾

 

[ سورة المائدة: الآية 3]

 الكمال نوعي أي أن طريقة معالجة أية قضية في الدين كاملة النوع والإتمام عددي أي أن عدد القضايا التي عالجها الدين تامة عدداً، فهناك قضايا سكت عنها والحكمة من السكوت عن بعض القضايا لا تقل عن حكمة معالجة بعض القضايا فحينما قال الله عز وجل:

 

﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً﴾

 

[ سورة المائدة: الآية 3]

 أي أن دينه كمال مطلق لا يضاف على عقائده شيئاً ولا يضاف على عباداته شيئاً لكن الأشياء الثابتة كما تعلمون فضيلتكم مغطاة بنصوص قطعية الدلالة بينما الأشياء المتغيرة يمكن أن تغطى بالقرآن وبالسنة بنصوص ظنية الدلالة ليجتهد المجتهدون ولتكون اجتهاداتهم تغطي كل الحالات المتغيرة التي تعترض الإنسان، لكن لو كان هناك تجديد كما يفهمه الإخوة الكرام لما انصرف التجديد في الدين إلا إلى معنىً واحد وهو أن نزيل عن الدين كل ما علق به مما ليس منه، كأن نبعاً صافياً سار هذا النبع فأضيفت إليه روافد ليست صافية ففي نهاية النهر تجد النهر أسوداً فالتجديد أن نعود إلى ينابيع الدين وقد ورد في الحديث الشريف لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها. أنا أذكر أن في دمشق بناء المحطة الحجازية حجره صار أسود اللون فجددوا هذا الحجر أي أزالوا عنه كل ما علق منه عبر العصور والدهور فرجع ناصع اللون كما أنشئ في وقته فالتجديد أن نزيل عن الدين كل ما علق به مما ليس منه فالعبادات الأصل فيها الحظر ولا تشرع عبادة إلا بالنص الصحيح قطعي الدلالة، بينما الأشياء الأصل فيها الإباحة ولا يحرم شيء إلا بنص قطعي الدلالة صحيح.
 يعني في الواقع شكراً لفضيلة الشيخ راتب، الإشارة واضحة كانت لفكرة التجديد كما اشرت جزاك الله خيراً وهو أن هناك اجتهاد مطلوب شرعاً في مورد النص وإنما أشرت إلى أن النص الذي يجتهد فيه إنما نص ظني الدلالة أو ظني الثبوت هنا يمكن للفقهاء أن يعملوا اجتهادهم، أما إذا بلغ النص رتبة القطعي في ثبوته فلا ينازع في الثبوت وإذا بلغ رتبة القطعي في دلالته فلا يجوز أن نختلف في الدلالة، يعني النصوص القطعية الدلالة مثلاً قل هو الله أحد، لا تجد أحد من أهل الإسلام يختلف في دلالة وحدانية الله عز وجل، نبوة النبي وردت في الدليل القطعي فلا نجد أحداً من أهل الإسلام يختلف في صدقه أو عدم صدقه صلى الله عليه وسلم، لذلك إذاً أنتم أشرتم إلى نقطة مهمة وهي أننا بحاجة فعلاً إلى الاجتهاد ما ورثناه من ثقافتنا الدينية يشبه ما أشرت إليه يشبه النهر في آخر مسيره لماذا هذا الماء الأسود، لماذا نحن نشعر أن هذا الماء الذي هو جعل الله منه كل شيء حي نرقبه في نهاية الطريق وقد غدا أسود ؟ ويمكن أن يحتوي على الأخطار والجراثيم إذاً ما هو السبيل للخلاص ؟ ما هو السبيل للخلاص ليس السبيل للخلاص أن ننغمس في هذا النهر كما هو لا أبداً بل نتجنبه كما ذكرتم ونعود إلى المنابع التي نبع منها الماء الصافي ومن هناك من مقاصد الشريعة من دلالات النص القطعي الثبوت والدلالة يمكننا أن نستنبط ما يلزمنا في ديننا وحياتنا من أحكام الشريعة.
 هناك ملاحظة أتمنى أن تكون واضحة لدى الإخوة المستمعين ذلك أن الإنسان إذا نطق بنص ظني الدلالة في الأعم الأغلب لضعف صيغته اللغوية فلذلك هو يقصد معنى واحد في ذهنه لكن تأتي عبارته فضفاضةً تتسع لعدة معاني فأي إنسان يصيغ قانوناً أو تشريعاً يحتاج إلى هيئة أخرى تفسر هذا النص لكن الإله العظيم خالق الأكوان المطلق في كماله إذا جاء نص في كتابه الكريم ظني الدلالة معنى ذلك أن الله أراد كل المعاني المحتملة من خلال هذا النص ليغطى بها المتغيرات في الإنسان، الإنسان عنده ثوابت مغطاة بنصوص قطعية الدلالة لا يختلف فيها اثنان ولا عالمان ولا مفسران ولا عالمان من علماء الحديث ولا مجتهدان، بينما النصوص ظنية الدلالة المعاني كلها التي تحتملها أرادها الله عز وجل أو أرادها النبي بوحي من الله عز وجل.
 قبل أن نسترسل في الحديث أحب أن أقول لمحبي الدكتور راتب النابلسي بالإمكان الاتصال على البرنامج... طبعاً أن تكون المداخلات في القضية التي نتحدث بها، نحن نفتح برنامج يوم الجمعة تأتي أسئلة من الشرق ومن الغرب ومن الشمال ومن الجنوب لكن الرجاء هنا نريد من كان لديه استفسار حول فكرة من الأفكار الذي يذكرها الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي يمكن الاتصال...
 دكتور محمد راتب النابلسي شكراً لك لهذا التوضيح الضروري في قضية التجديد الآن دعني أدخل مباشرة إلى الهم في داخل الأرض المقدسة الهم الذي نحسه جميعاً طبعاً أنت تعلم أن هذه الأرض قدسها الله عز وجل وباركها الله سبحانه وتعالى وأنت تعلم أن آمال المسلمين كلها تنصرف إلى القدس وما حولها وهي الأرض المقدسة وهناك جهاد وهناك كفاح وهناك شهداء وهناك رجال بذلوا دماءهم و أرواحهم، السؤال الآن حتى الآن دكتور راتب في الواقع لا نزال في وضع لا يرضى عنه أحد ألا يوجد في هؤلاء المسلمين رجل صالح يدعو فيستجاب له، ألا يوجد في هؤلاء الذين يتضرعون عند الكعبة رجل لو أقسم على الله لأبره، هذا سؤال يراود كثيراً من المستمعين، نحن على حق إن شاء الله، نؤمن بهذا الحق و نؤمن أن الله سبحانه و تعالى وعدنا بالاستخلاف في الأرض، و هو الذي وعد المؤمنين بالاستخلاف في الأرض و لا يشك عاقل أن المؤمنين في الجانب الفلسطيني أقرب إلى الله من هؤلاء في الجانب الإسرائيلي، إذاً لماذا لم نشاهد تغيراً حقيقياً على الأرض مع كثرة الضارعين و المتوسلين و المبتهلين إلى الله عز وجل بأن يحقق وعده و يستخلفنا في الأرض ؟
 دكتور محمد ! جزاكم الله كل خير، حينما يقول الله عز وجل:

 

﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ(4)﴾

 

[ سورة القصص: الآية 4]

 ما علة هذا التسليط ؟ دققوا:

 

﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ(5)﴾

 

[ سورة القصص: الآية 5]


 هذه علة رائعة جداً:

 

﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ(15)﴾

 

[ سورة الفجر: الآية 15]

 هو يقول، إذا غنياً أو قوياً أو وسيماً أو ذكياً يظن أن الله أكرمه مع أن الدنيا دار ابتلاء:

 

﴿وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16)﴾

 

[ سورة الفجر: الآية 16]

 جهلاً منه:

 

﴿كَلَّا﴾

 

[ سورة الفجر: الآية 17]

 كلا أداة ردع و نفي، أي يا عبادي ليس عطائي إكراماً و لا منعي حرماناً، لكن عطائي ابتلاء و حرماني دواء، هذا المستضعف قد يكون أعظم عند الله و أقرب إلى الله آلاف المرات من القوي المتجبر المتغطرس الذي نسي الله و الدار الآخرة، إذاً:

 

﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ﴾

 

[ سورة القصص: الآية 5]

 شيء آخر:
 سيد الخلق و حبيب الحق النبي عليه الصلاة و السلام، سيد ولد آدم و معه نخبة من البشر لقول النبي الكريم:

 

(( إن الله اختارني و اختار لي أصحابي ))

 و مع ذلك في أحد لم ينتصروا لا لضعفهم عند الله، هم نخبة البشر و على رأسهم سيد البشر، و لكن هناك مخالفة سلوكية، لو أن الله نصرهم مع هذه المخالفة لسقط التشريع، في حنين و النبي على رأسهم و أصحابه الكرام الذين فدوه بأرواحهم لم ينتصروا، لحكمة بالغة لأنه وقعوا في خطأ اعتقادي، قالوا:

 

 

(( عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ.... وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ ))

 

[ الترمذي، أبي داود، الدارمي ]

 ففي تاريخ المسلمين حالتان واضحتان نموذجيتان، الأولى خطأ في السلوك بأحد الثانية خطأ في الاعتقاد في حنين، و من الذي لم ينتصر سيد الخلق و حبيب الحق و معه نخبة البشر، فنحن حينما لا تحقق أهدافنا في المدى المنظور أو حينما لا نرى أن الله معنا فيما نتوهم هو معنا هو في هذا هو معنا، هذا من أجل أن نرفع المعنويات، ذلك أن أخطر شيء في حياة المسلم أن يهزم من داخله و لو لم نربح معركة نحن في النهاية:

 

﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128)﴾

 

[ سورة الأعراف: الآية 128]

 لو سمحت دكتور راتب نتوقف عند هذا الاتصال، السلام عليكم من سفير أشكركم في هذا البرنامج المعمق و الهادئ و أوجه شكر للدكتور راتب النابلسي الذي أثرى بوجوده في هذا البرنامج أي علينا أن نعترف بأن البرامج المعمقة في الإذاعات فعلاً أصبحت نادرة و قليلة، فأن نعتمد في برنامج إذاعي تحليل قضية في وعينا الإسلامي ووعينا الديني أصبح هذا نادراً، شكراً لك أخ سفير لهذه الملاحظة، في البداية أود أن أشير إلى أمر مهم أن هذا الموضوع بالذات نحن أحوج ما نكون إليه الآن، و خصوصاً أن هذا الموضوع يطرق من جانب إيجابي و هو التمسك بالأصالة مع المرور إلى الحداثة، أي هناك جسر ما بين الأصالة و الحداثة لكن أحب أن أوجه سؤال للدكتور راتب هناك من يدعو إلى نقد المسلمات وإعادة النظر والدراسة إلى كثير من المسلمات الإسلامية، إلى أي مدى تتعاملون كمفكر إسلامي بإعادة النظر بالمسلمات الإسلامية ؟
 جميل هل هناك توضيح آخر أخ سفير.
 أنا أحب أن هناك الفرق بين الاجتهاد والعودة إلى النص والتمسك بالنص أن هناك أطروحات معاصرة تحتاج إلى وقت تأمل كبيرة ولعل من أبرز الأطروحات المعاصرة أطروحات قضايا الشباب والتعامل، بسؤال آخر وبتعبير موجز ما هي أوليات ترتيب العقل لدى الشاب المسلم في ضوء المسلمات ونقد المسلمات ؟
 شكراً أخ سفير.
 نحن سعداء طبعاً أن يكون الإخوة المستمعين يلاحظون المعاني التي نتجه إليها في تطوير الوعي العربي والإسلامي، لو سمحت أن السؤال الأول كان متجه إلى أي مدى تريدون أن تتحدثوا في التجديد.
 الحقيقة دائماً المرة أهون بألف مرة من الوهم المريح، الحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح، هناك أفكار كثيرة تتملق مشاعرنا، تتملق ميولنا، تتملق شهواتنا، هذه أفكار خطيرة ذلك أن العقل أحياناً يكون قائداً وهذا هو دوره الحقيقي وقد يكون تبريرياً مقوداً فحينما نصر على شهوة أو على تقصير أو على انحراف أو على انغماس في ملذات لا ترضي خالق الأكوان يبحث عقلنا عن غطاء لهذا الشيء المنحرف، بادئة ذي بدء هناك عقل صريح يقود الإنسان إلى الصواب وإلى الحق وهناك عقل تبريري يغطي لصاحبه انحرافاته وشهواته التي لا ترضي الله عز وجل، لكن أحياناً يكون المثل واضحاً جداً في الإجابة عن بعض الأسئلة، لو أن الأخ الكريم الأخ سفير يملك جهازاً بالغ التعقيد تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز، هناك تعقيد إعجاز وتعقيد عجز، يعني الإنسان حينما تضعف ملكاته يعقد الأمور أما حينما ترى حاسوب سرعته عالية جداً ورامه إن صح التعبير واسع جداً ويستجيب لك بضربة واحدة على زر إنتر مثلاً معنى هذا أن داخله تعقيد بالغ ولكن تعقيد لا تعقيد ضعف، الإنسان حينما يمتلك آلةً بالغة التعقيد غالية الثمن عظيمة، من هي الجهة الوحيدة التي لها الحق أن تعطي رأيها وأن تكون تعليماتها مطبقةً ؟ هي الجهة الصانعة، لذلك قال تعالى:

 

﴿وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)﴾

 

[ سورة فاطر: الآية 14]

 هناك آراء واتجاهات وتصورات وأطروحات مادامت أرضيةً فيها الخطأ وفيها الصواب أما حينما تأتي بتفسير إلهي لخالق الأكوان، لا يمكن أن يوضع منهج الله في كفة و المناهج الوضعية في كفة أخرى، المسافة بين المنهجين كالفرق بين خالق الأكوان و بين هذا الإنسان الضعيف، فلذلك الجهة الوحيدة التي ينبغي أن تتبع تعليماتها و لا يمكن لمؤمن آمن بالله أن يضع منهج الله على بساط البحث و أن يضع هذه المسلمات.
 طبعاً فيما يتصل بما أشرت إليه قطعي الثبوت قطعي الدلالة.
 طبعاً أما أن يوازن بتشريع أرضي، مثلاً حينما نعطي المرأة نصف ما يملكه الرجل إذا طلقها ما الذي يحدث ؟ الذي يحدث الآن يوجد إحصاء تحت يدي أن عشرة بالمئة من حالات الزواج في بعض البلاد الغربية المتفلة من منهج الله مسجل بشكل أو بآخر قد يكون زواجاً مدنياً تسعين بالمئة من الزواج زواج مساكنة لا يوجد ورقة ولا وثيقة ولأتفه الأسباب يركلها بقدمه.
 السبب هو الخوف من أن تأخذ نصف ماله.
 بل إن هناك من يعدل ذلك بأن يسجل أمواله قبل الزواج والزيادة تقتسمه الزوجة. الآن في بلد إسلامي في الشمال تركيا قبل أيام شرعت أن الرجل إذا طلق زوجته تنال نصف أمواله، هم طبقوه فتراجعوا عنه ونحن في البدايات نطبقه. منهج الله لا يوازن إطلاقاً بمنهج البشر، لأن منهج الله فيه كمال مطلق وفيه معرفة خبير وصانع، كومبيوتر في حوزتك أصابه خلل ولك جار طيب جداً هل تسأله عن إصلاحه ؟ مستحيل، قضية اختصاص.
 طبعاً دكتور راتب لم نجيب عن كل الأسئلة لدينا وقفة مع الأسئلة قبل موجز الأنباء نريد أن نأخذ اتصال.
 السلام عليكم محمد دباس، نشكركم على هذا البرنامج الذي أفاد العالم
 أيوجد سلاح للإسلام للمقاومة على الإيمان بالله ؟
 أخبار الواحدة والنصف.
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في الواقع كلنا يشعر بالفخر كلما أنجز الشباب من أهل النضال في الأرض المقدسة موقفاً بطولياً، الشهداء ارتقوا إلى عالم المجد إلى رضوان الله تعالى وسجلوا لأمتهم موقفاً آخر يقرأه العدو كل يوم وهو أن هذه الأرض لا يمكن أن تستسلم وقد ظلت القدس تسعين عاماً تحت حكم الصليبين من الإفرنجة وقدر الله سبحانه وتعالى بعد ذلك أن تعود لها حريتها على يد صلاح الدين هذه طليعة جديدة من شهداء هذه الأمة يكتبون بالدم والنار تاريخ الكرامة وتاريخ العزة والفخر والإباء.
 أيها الإخوة عودةً مرةً أخرى إلى فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ضيفنا في برنامج اليوم في رسالة التجديد طبعاً دكتور راتب كنا نتحدث قبل موجز الأنباء عن الثوابت والمتغيرات في الشريعة ثما طالعنا الأخ محمد دباس بالسؤال ما هو السلاح الذي يمكن أن نواجه به عدونا نبدأ بسؤال الدباس ثم نعود.
 فاتنا حقيقة وهي أن الله سبحانه وتعالى حينما قال:

 

﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾

 

[ سورة الأحزاب: الآية 36]

 حينما نجد نصاً قرآنياً قطعي الدلالة ثابتاً قطعي الثبوت طبعاً القرآن كله قطعي الثبوت أو حينما نجد نصاً نبوياً قطعي الثبوت وقطعي الدلالة لا يمكن أن يطرح هذا الموضوع على بساط البحث، بعقد إيماني أنني آمنت بأن الله سبحانه وتعالى موجود وواحد وكامل وكماله مطلق وهذا تشريعه، أما في الظنيات هناك اجتهاد.
 أي عندما يؤمن المؤمن أن هذه بالضبط إرادة الله وأن هذه الإرادة تشمل كل الزمان وكل المكان فلا خيار أمام المسلم إلا الالتزام، أما عندما يقوم عنده الدليل أن هذه الإرادة خاصة بالظرف الفلاني أو بالوقت الفلاني أو بالحالة الفلانية فبساط الاجتهاد مفتوح ويمكن أن يجتهد المرء إذاً الاجتهاد في مورد النص إنما يطال ما لم يقم الدليل على أنه قطعي الثبوت قطعي الدلالة قطعي الزمان والمكان.
 كنت في مؤتمر علمي في بلد غربي قام أحد المحاضرين يقول ثقافة هذا البلد تقتضي أنه ليس في حياة هذه الأمة شيء مقدس، أي شيء خاضع للبحث والدرس والرفض. فنحن كمسلمين عندنا منهج إلهي لا يمكن أن يكون خاضعاً للبحث والدرس في قطعياته وثوابته الأساسية نعود للأخ الكريم الحقيقة النصر يحتاج إلى مقومين اثنين كل واحد منها بتعبير علماء الفيزياء شرط لازم غير كاف، يعني كمثل بسيط منتزع من حياتنا المنزلية لو أردت أن تأكل أن تطبخ طعاماً عندك أسطوانة غاز وحدها لا تكفي، عندك رأس غاز وحده لا يكفي شرط لازم غير كافٍ لابد من اجتماع الأسطوانة مع الغاز كي تأكل.
 كي توقد النار الطعام يحتاج إلى نار إذاً هذا شرط لازم غير كاف.
 لابد أن نؤمن الإيمان الذي يحملنا على طاعة الله، قال تعالى:

 

﴿وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47)﴾

 

[ سورة الروم: الآية 47]

 ولابد أن نعد لعدونا القوة المتاحة، ومن رحمة الله بنا أنه ما كلفنا أن نعد القوة المكافئة وقد يكون إعداد القوة المكافئة مستحيلاً لكن الله طلب منا أن نعد القوة المتاحة لقوله تعالى:

 

﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾

 

[ سورة الأنفال: الآية 60]

 قال هذه من تفيد استغراق الجزئيات أي كل أنواع القوى إعلامية أقمار صناعية كومبيوترية أسلحة.
 الذي تستطيعون.

 

﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ﴾

 

[ سورة الأنفال: الآية 60]

 هذا عطف الخاص على العام، ما هي القوة ؟ وقتها رباط الخيل تأتي بعدها المنجنيق بعده المدرعات، يأتي بعدها الطيران، وقد قيل بدأت الحرب بالإنسان ثم أصبحت بين ساعدين ثم بين عقلين، وانتهت بالإنسان.
 دكتور راتب لدينا اتصال نتوقف عنده.
 السلام عليكم الشيخ أحمد الحمصي، أهلاً الشيخ أحمد الحمصي من الباحثين والخطباء جزاك الله خيراً.
 جزاكم الله خيراً على هذا البرنامج والشكر أيضاً للأستاذ راتب النابلسي على هذه التوضيحات الجميلة مع الأمثلة المقنعة التي لا يمكن لأحد أن يأخذ هذه الأفكار نتيجة الأمثلة الواضحة والمبسطة، هناك استفسار كلمة التجديدة كلمة واسعة وفي بداية حديثكم إلى التجديد والعودة إلى الينابيع الأصلية وإلى الجذور الأصلية أحياناً تختلط هذه الكلمة على كثير من الناس يظنون أن الإسلام بحاجة إلى تجديد والحقيقة أنه بحاجة نفض الغبار مما علق عليه من رواسب أريد أن أرد على هذه الناحية هذه أولاً، الناحية الثانية أنتم من خلال برنامجكم الطيب تدعون إلى هدف جميل وهو مراقبة الإسلام للقضايا المعاصرة السؤال الآن الذي يجب أن يتوضح هل يتعارض هذا التجديد مع المنهج التقليدي السائد لدى غالبية العلماء، لأن هناك عندنا منهج تقليدي تعارف عليه كثير من العلماء وهذا كأنه منهج آخر فهل هناك تعارض أرجو بيان هذه النقاط وجزاكم الله خيراً.
 شكراً الأستاذ الشيخ أحمد الحمصي والسلام إلى الأخ الطيب الدكتور محمد راتب النابلسي وجزاكم الله خيراً والسلام عليكم.
 إذاً الحوار يعود بنا إلى ما كنا نتحدث عنه قبل فكرة الثوابت والمتغيرات في الشريعة.
 أرى والله أعلم أن للنبي عليه الصلاة والسلام سنتين، سنة فيها افعل ولا تفعل وسنة كيف ربى أصحابه وكيف دعا إلى الله وكيف تعامل، الدعاة إلى الله في أمس الحاجة في أن يفهموا سنته الثانية كيف تعامل مع أصحابه، فلذلك أي داعية على الإطلاق يتألق نجمه ويقبل الناس عليه ويلتفوا حوله إذا قلد النبي في طريقة دعوته إلى الله، ثم أي داعية قد يثير حوله جدلاً طويلاً حينما يخالف سنة النبي الدعوية، له سنة في مضمون التشريع وله سنة دعوية كيف دعا إلى الله ؟ كيف عامل أصحابه ؟ كيف حاورهم ؟ كيف ارتقى بهم من مستوى إلى مستوى ؟ كيف بدأ بالأولويات ؟ أنا حينما أخالف سنة النبي الدعوية لابد من أن أواجه مشكلةً مع من حولي فلذلك وبالمناسبة أيضاً شيء آخر أخلاقي يقول الله عز وجل يخاطب سيد الخلق وحبيب الحق وسيد ولد آدم يخاطب المعصوم يخاطب المشرع يخاطب الذي أيده بالمعجزات يخاطب الذي قال عنه سيدنا حسان:

 

وأجمل منك لم ترَ قـط عيني  وأكرم منك لم تلد النساء
خلقت مبرءاً من كل عيــب  كأنك قد خلقت كما تشاء

 الله عز وجل يخاطب هذا الإنسان الفذ قمة البشر يقول له:

 

 

﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾

 

[ سورة آل عمران: الآية 159]

 فكيف بمن لا يملك وحياً ولا تشريعاً ولا معجزة ولا كمالاً ولا بياناً وهو فظ غليظ ؟
 ألاحظ أن المخرج يشير إلي بأن المكالمات كثيرة ولكن هو يطلب أيضاً أن ننهي المكالمات حتى نستفيد تماماً من الحديث الطيب لكن معنا آخر اتصال:
 الأخت مها مشكورين على جهودكم، يا أخي أنا مرة تكلمت معك بظاهرة النساء الشيخات يفترون على الدين بطريقة غير معقولة ويكرهون الإنسان بالدين.
 تفضلي لأن الأستاذ راتب متخصص بجانب الدعوة واللقاء مع الناس وأنا أعتقد من المهم جداً أن يسمع ما تتحدثين عنه.
 أستاذ هناك عدد من النساء الذي يعملون أنفسهم شيخات تقول الواحدة منهم أنها تعرف أن تقرأ وتكتب وتحفظ عدداً من الأحاديث والآيات ولا أدري من أين تأتي بمعلومات وأحاديث ما أنزل الله بها من سلطان مثلاً:
 واحدة تقول في الحديث جاء يهودي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال له إذا كنت نبي الله دع هذه القطة تتكلم فقالت القطة أشهد أن لا إله إلا الله وأنك يا محمد رسول الله.
 قطة أم قط ؟
 في قصة المولد يألهون النبي، وحوش البرية جاءت، وحوش الشرق تختبئ من وحوش الغرب، وأنا لا أذكر أن هناك حديث أو آية تتكلم بهذا الكلام، وطالما تتكلموا بصدد تطهير الدين من هذه الاختلاقات وهناك عشرات أو مئات الكتب الموجودة في المكتبات التي تروج الفكر الظلامي مثلاً:
 يوجد شكري مصطفى مؤسس الجماعة الإسلامية المعروفة بجماعة التفكير والهجرة بمصر حول العلم و الإسلام نعود و نكرر أن العلم الذي أجازه الله تعليمه للناس إنما هو على سبيل المثال لمحة العلم الذي يربطهم بالتكليف الوحيد الذي لم يكلفهم الله إلا به، و هو... سبحانه و تعالى، و نقول إن ذرة يقصد بها غير هذه الغاية إنما هي ذرة خارجة عن العبودية و يظن محرفو الكلام عن مواضعه هذه الآيات القرآنية التي تحض على طلب العلم دلالة على تعلم علومهم، كذبوا، كلا بل هي علم يطغى به الإنسان إذ يرى أنه استغنى بهذا العلم عن ربه، و لقد أراد الله سبحانه و تعالى أن يختار خير أمة أخرجت للناس أمة أمية لا تكتب و لا تحسب، إذاً الحضارة الإسلامية ينهوا هذه الحضارة المداولة للعلم........
 إذاً المطلوب أن نرجع إلى الأمية و التخلف من أجل أن نكون أقرب إلى الله ؟
 هذا هو مراد الكاتب ؟ نعم.
 موجودة بكثرة هذه الأشياء في الكتب، فمسؤوليتكم أن تخلصوا الدين من هذه الكتب من هذه الخرافات، من هؤلاء الذين يسيئوا للدين، عوضاً من أن نخاطب العقل بالعلم و المنجزات العلمية و أفضل من أن نخاطب الناس و خاصة الشباب هذا الجيل الواعي و المتعلم بطريقة نتقبلها...؟
 أختي الكريمة الله جل جلاله في آية من آياته الكريمة رتب المعاصي ترتيباً تصاعدياً بدأ بالإثم و العدوان، و الفحشاء و المنكر، و الشرك، و الكفر، و جعل على رأس هذه المعاصي الكبيرة و أن تقولوا على الله ما لا تعلمون، الإمام الغزالي يقول:
 العوام لئن يرتكبوا الكبائر أهون من أن يقولوا على الله ما لا يعلمون.
 الإمام الشافعي يقول: و الله لأن أرتزق بالرقص أفضل من أن أرتزق بالدين، فهذه الدعوة إلى الله هي صنعة الأنبياء، و لكن في الوقت نفسه تصبح حرفة رخيصة حينما تتخذ ذريعة للدنيا، هذه الدعوة إلى الله كما قال الله عز وجل:

 

﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ(33)﴾

 

[ سورة فصلت: الآية 33]

 و الدعاة إلى الله ذكوراً و إناثاُ لا يفلحون و لا يلتف الناس حولهم و لا يدعون بصمات واضحة في مجتمعاتهم إلا إذا قلدوا النبي في أصول دعوته، و لذلك الدعاة إلى الله يحتاجون قبل كل شيء إلى معرفة سنة النبي الدعوية و لا شيء يعين الداعية على الانحراف كسكوت المدعو، هذا الصحابي الذي أمّره النبي على بعض أصحابه في سرية و كان ذا دعابة كما يقولون فقال أضرموا ناراً عظيمة و قال لأصحابه اقتحموها، ألست أميركم ؟ بالنص أليست طاعتي طاعة رسول الله ؟ أصحابه وقعوا في حيص بيص، و قعوا في تردد، فقال بعضهم كيف نقتحمها و قد آمنا بالله فراراً منها ؟ بعضهم قال: نطيعه و نقتحمها، عرضوا الأمر على النبي الكريم: قال و الله لو اقتحمتموها لازلتم فيها إلى يوم القيامة إنما الطاعة في معروف، لا شيء يعين المنحرف على انحرافه كوجود تابع معطل عقله، مستسلم استسلاماً لا يرضي الله عز وجل النبي عليه الصلاة و السلام مرة حينما استنكر على أحد أصحابه قتالاً جرى من جهته في فتح مكة، قال: أراجعه أحد ؟ قالوا: نعم راجعه حذيفة، قال: الحمد لله، على أي شيء حمد الله على أنه ربى أصحابه يحاورون قياداتهم، أما حينما يفهم المريد أنه بين يدي شيخه، كالميت بين يدي الغاسل، هذا كلام غير مقبول.
 أي تعود الأخت السائلة بنا إلى سؤال الأخ أحمد الحمصي، هل يمكننا أن نتحدث عن التجديد و التطوير و نحن محافظون على العقلية التقليدية السائلة نقلت نصاً لشخصية عامة في العمل الإسلامي في بلد إسلامي عزيز، و لكن هذه الشخصية بكل جرأة و بكل وضوح تقول إن كل هذه العلوم التي يضاهي بها الغرب هي السبب في سقوط هذه الحضارة و هي السبب في محاربة الدين، هو لم يقل ذلك صراحة و لكن هذا ما يفهمه القارئ علينا أن نكافح هذه العلوم و أن نعود إلى العلم الوحيد هي كلمة قالها قديماً أحد علماء الإسلام: العلم ما كان فيه قال حدثنا و ما سوى ذاك وسواس الشياطين، كل العلوم سوى القرآن مشغلة إلا الحديث و إلا الفقه في الدين فحمل المعرفة الحضارية في الإسلام عند حدوث هذا الخط الضيق ألا يشكل هذا تناقضاً صارخاً مع رسالة الإسلام في الدعوة و الانفتاح و التحرر، هل يمكن لأن ندعو إلى التجديد و نحن موافقون على مثل هذه الأفكار الظلمية التي نقلتها الأخت مها ؟
 سيدنا عمر و ما أدراكم من عمر ! عملاق الإسلام كان يتفقد أحوال رعيته، دخل إلى بلدة كل الفعاليات فيها بيد غير المسلمين، فعنفهم تعنيفاً شديداً، فاحتجوا كما يحتج الكسالى من المسلمين أن الله سخرهم لنا، فقال هذه المقولة: و الله لا تقدر بثمن قال: كيف بكم إذا أصبحتم عبيداً عندهم ؟ قبل ألف و وأربعمئة عام أدرك هذا الخليفة الراشد أن الإنسان إن لم يكن متفوقاً في دنياه لا يحترم دينه، كيف بكن إذا أصبحتم عبيداً عندهم ؟ من هو القوي ؟ المنتج من هو الضعيف ؟ المستهلك، و لذلك الغرب دائماً يريدوا المسلمين مستهلكين، يريدوا بلادهم أسواقاً لهم، لا يسمحوا لهم بتفوق و لا بتطور، هذه مشكلة كبيرة جداً، الإسلام منهج متكامل و حينما أفهموا الدين فهماً ضيقاً أدفعوا الثمن باهظاً كما يدفع المسلمين اليوم الأثمان باهظة.
 دعني هنا أضيف إشارة في القرآن نحن دائماً نقرؤها و هي قوله تعالى:

 

﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾

 

[ سورة فاطر: الآية 28]

 و عادة لا يذهب الذهن عندما أقول هذه الكلمة إلى المشايخ، أصحاب المحارب و المنابر، و لاشك أنهم علماء، و لاشك أن علمهم شريف كريم، و لكن السياق يدل على غير هذا السياق يقول الله عز وجل في سورة فاطر:

 

﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾

 

[ سورة فاطر: الآية 27]

 هذا علم الفلك و الأنواء:

 

﴿فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا﴾

 

[ سورة فاطر: الآية 27]

 هذا علم الزراعة و النبات و الثمار:

﴿وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا﴾

[ سورة فاطر: الآية 27]

 هذا علم الجيولوجيا و طبقات الأرض و غرابيب سود:

 

﴿وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ﴾

 

[ سورة فاطر: الآية 28]

 هذا علم البيولوجيا و الأحياء و الإنسان و الحيوان، هنا قال:

 

﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾

 

[ سورة فاطر: الآية 28]

 لذلك ما أشرتم إليه ربّ مئذنة تدل على الله، و ربّ مخبر يدل على الله، أي رسالة المخبر لا تقل عن المسجد في الدلالة على الله عز وجل و بناء الحياة، و تسخير ما في الوجود من أجل خدمة الإنسان، هذه الفقرة مهمة جداً أشرت إليها في مقاومة تلك التصورات إن علينا الآن أن ننصرف بكليتنا إلى دراسة التراث و أن نترك كل ما أنجزه الإنسان الحضاري في هذا العالم، في الواقع نحن أشرنا أن استقبال المكالمات، و لكن معنا من لا نستطيع على الإطلاق أن نرد رغبته و هو هنا الأستاذ أبو فراس فضل شروره المشرف العام على إذاعة القدس، أهلاً أخ أبو فراس.
 جزاك الله خيراً و أحييك و ضيفك العزيز، الله يبارك فيك، و أرجو أن تسمح لي بملاحظة عابرة على الاتصال السابق، و أنا لا أريد أن أكون متميزاً فقد أوقفتم الاتصالات، و لكن هذه الملاحظة ألحت علي، فاسمحوا لي أنت و ضيفك العزيز بأن أدلي بها.
 أنت أبو فراس جزء من نسيج التجديد الذي نطالب فيه و الذي نسعى إلى بنائه مع السادة العلماء.
 جزاكم الله خيراً، الملاحظة هي على اتصال سابق قبل قليل جاءكم اتصال الملاحظة تتناول خطأ التعميم، بمعنى آخر يقول علم المنطق أنه لا يجوز لنا إن ارتكب أحد سكان قرية ما فعلاً شائعاً أن نعمم على أهل القرية و نقول أن كل هذه القرية كذا و كذا و كذا، من غير المنطق أن نعمم على كل الأخوات الداعيات ما ورد على لسان إحداهن و جزاكم الله كل خير ؟
 شكراً لك لكن أنت تلاحظ الآن أن الخطأ الذي يرتكبه البعض من وجهة نظر أمريكية يستدعي عقاباً جماعياً كما فعلت أمريكا في أفغانستان و في غيرها، و هذا الذي أريد أن لا نتشبه بأمره، كتعليق يقال التعميم من العمى لا يعمم إلا الأعمى، بل إن الله عز وجل في قرآنه الكريم علمنا النظرة الموضوعية قال:

 

﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾

 

[ سورة آل عمران: الآية 199]

 ليس في القرآن أحكاماً معممة إلا فيها تحفظات و فيها استثناءات، بل إن الله عز وجل حينما أهلك فرعون قال:

 

﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (25)﴾

 

[ سورة النازعات: الآية 25]

 المنطق يقتضي الأولى و الآخرة بالتسلسل، قال الآخرة و الأولى لأنه قال في الآخرة:

 

﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)﴾

 

[ سورة النازعات: الآية 24]

 أما في الأولى قال:

 

﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾

 

[ سورة القصص: الآية 38]

 أي هناك شيء من التحفظ، فالإنسان حينما يكون متحفظاً، أو حينما يأتي حكمه موضوعياً هذه صفة أخلاقية و عقلية بل لا تلتقي القيم العقلية و الأخلاقية في موطن إلا الموضوعية، فالموضوعية قيمة عقلية و قيمة أخلاقية، و النبي حينما رأى صهره في الأسرى جاء ليقاتله و لو تمكن لقتله، قال: و الله ما ذممناه صهراً، أي أثنى على أنه صهر ممتاز لكن هو الآن لم يصل إلى الحقيقة.
 في الواقع هناك تحفظ ضروري جداً أشرت إليه و هو التعميم أي أشارت الأخت إلى أن بعض الشيخات يمارسن رواية أحاديث موضوعة من الواضح أن الشيخات و الشيوخ أيضاً يمكن أن يرووا بعض الأحاديث الموضوعة و علينا أن نوضح يعني مثل حديث الهرة لا أظن أنه وارد ولا بأي إسناد، حتى الحديث المشهور حديث الضب أن الضب شهد للنبي عليه الصلاة و السلام هو أيضاً حديث لا سند صحيح له.
 و في الواقع اسمح لي أن أشير إلى الأخت السائلة هناك أستاذ فاضل السيد خير الدين وانلي جمع في كتاب حققه معجزات الرسول عليه الصلاة و السلام و بالفعل تحرى الصحيح فلم يثبت منها إلا ثماني عشرة معجزة، و في الواقع لو أنك جمعت أيام الرسول عليه الصلاة و السلام في الرسالة و قسمت هذه المعجزات الثماني عشرة لرأينا أنه في كل خمسمئة يوم من الكفاح و العمل و الصمود و البذل كان يكرم رسول الله صلى الله عليه و سلم بيوم فيه معجزة أو خارقة، مقابل كل خمسمئة يوم من الصبر هناك يوم كان يكرمه الله عز وجل ببعض الخوارق لذلك فعلاً هي تشير و أما كل ما ورد أيضاً في مولد الرسول عليه الصلاة و السلام و أرجو أني لا أختلف معك في هذه النقطة مما أشارت إليه أن الجن و الإنس و البشر جاؤوا و شهدوا و اهتز العرش و......الكرسي عجباً، فأظن أننا لا نختلف في هذه النقطة أنه لم يثبت بسند صحيح أي حديث في ولادة الرسول عليه الصلاة و السلام باستثناء حديث واحد أخرجه البخاري و هو:

 

(( عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ وَسَأُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ دَعْوَةِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَبِشَارَةِ عِيسَى قَوْمَهُ وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ وَكَذَلِكَ تَرَى أُمَّهَاتُ النَّبِيِّينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ))

 

[ أحمد ]

 ففي الواقع هذه رؤيا إذاً رأتها أم الرسول عليه الصلاة و السلام في حين أن كل دعوته عليه الصلاة و السلام كانت مؤسسة على الحوار و الحجة و الإقناع، إذاً أرجو أنك تشاركني في هذا التحفظ أنه ليس كل النساء اللواتي يدعون إلى الله عز وجل يمارسن هذه الأخطاء.
 هناك ملاحظة: الحق لا يخشى البحث أولاً و لا يستحيا به، و لا يحتاج أن تكذب له و لا أن تكذب عليه، و لا أن تقلل من خصومه، و لا أن تبالغ في دعاته، الحق هو الله فأنت لا تحاول أن تبالغ في أي شيء نصرة لدين الله، هو أكبر من ذلك، أي الإنسان:

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ إِذَا حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ))

 

[ أحمد، الدارمي ]

 يأتي إنسان ساذج يقول أنا و الله لا أدري هذا الحديث ضعيفاً:

 

(( عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ رَوَى عَنِّي حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ ))

 

[ مسلم، الترمذي، ابن ماجه، أحمد ]

 لأن الدين في الأصل نقل و أخطر ما في النقل صحته، لذلك لا يعذر الدعاة إلى الله إذا تناولوا في أحاديثهم أحاديث موضوعة لأن هذه الأحاديث لها مضاعفات خطيرة قد تسبب إرباكاً للإنسان وقد تسبب قلقاً له لا ينتهي و النبي لم يقل هذا فصحة الحديث أحد شروط الدعاة إلى الله.
 أود أن أشير هنا إلى أن عدداً من الداعيات من النساء في زماننا هذا والحمد لله حققن تألقاً فريداً في خدمة الإسلام، اسمح لي أن أشير إلى أن أعظم وأكبر موسوعة في علم السيرة النبوية على الإطلاق ربما في التاريخ الإسلامي كله هي موسوعة أصدرتها مؤلفة ومفكرة داعية إلى الله عز وجل من بنات بلاد الشام جزاها الله خيراً بعنوان الجامع في السيرة النبوية، وأشير أيضاً إلى كتاب قرأته مؤخراً عن حاضر العالم الإسلامي قد يكون أوسع كتاب في الجغرافيا في العلم الإسلامي أيضاً كتبته إحدى الأخوات الداعيات إلى الله تعالى وأود أن أشير أن المرأة تاريخياً كانت تمارس دوراً رسالياً ودعوياً وتشديدياً.
 أنا أذكر أنه مر معي في السيرة أن النبي عليه الصلاة والسلام حينما فتح مكة تهافت أصحابه الكرام في أن يستضيفونه في بيوتهم أذكر أنه قال: انصبوا لي خيمةً عند قبر خديجة وركز اللواء أمام قبرها ليشعر الناس جميعاً أن جزءاً كبيراً من هذا النصر يعود فضله إلى زوجته التي ساندته من الداخل، هذه إشارة رائعة جداً، أنا والله أعتقد كلما امتد بي العمر أن المرأة لا تقل شعرةً عن الرجل لأن الله شرفها كما شرف الرجل وكرمها كما كرم الرجل وكلفها كما كلف الرجل وسيسألها كما سيسأل الرجل فالمرأة متساوية مع الرجل في التكليف والتشريف و المسؤولية ولكن ليس الذكر كالأنثى في الخصائص التي أنيطت بها كي تحقق المهمة الأولى من وجودها في الحياة.
 شكراً لهذا الاستطراد طبعاً إشارة الأخت السائلة إلى أن أفراداً محددين يمارسون مهنة التعليم ولكن ليسوا على حال من خلق الإسلام ومن علم الإسلام ومن علم السلف الصالح الآن دعني دكتور راتب نعود إلى الفكرة التي انطلقنا منها، كان هناك سؤال ولكن شغلتنا عنه المداخلات الكثيرة هناك هذا السؤال لماذا لم نستخلف في الأرض ؟ نحن هذا العالم الإسلامي مليء بالصالحين ومليء بالدعاة ومليء بأؤلئك الذي يتبرعون والله عز وجل وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض ولكن حتى الآن نجد أنفسنا آخر الأمم لماذا لم يتحقق الاستخلاف في الأرض ؟
 اسمح لي أن أكون واقعياً وصريحاً وكما قلت قبل قليل الحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح، قال تعالى:

 

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾

 

[ سورة النور: الآية 55]

 كقانون:

 

﴿وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾

 

[ سورة النور: الآية 55]

 كنظرة واقعية ليس هناك استخلاف ولا تمكين ولا تطمين، التفسير وأنا أعتقد أن زوال الكون أهون على الله من أن لا يحقق وعوده للمؤمنين:

 

﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً (87)﴾

 

[ سورة النساء: الآية 87]

﴿وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ﴾

[ سورة التوبة: الآية 111]

 و لكن الله يجيب في آية أخرى فقال:

 

﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً(59)﴾

 

[ سورة مريم: الآية 59]

 أجمع العلماء على أن إضاعة الصلاة لا يعني تركها، و لكن تفريغها من مضمونها فليس كل مصل يصلي:

 

(( إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي، و كفّ شهواته عن محارمي، و لم يصر على معصيتي و أطعم الجائع و كسا العريان و رحم المصاب و آوى الغريب، كل ذلك لي و عزتي و جلالي إن نور وجهه لأضوأ عندي من نور الشمس على أن أجعل الجهالة له حلماً و الظلمة نوراً، يدعوني فألبيه، يسألني فأعطيه، يقسم عليّ فأبره، أكلأه بقربي و أستحفظه ملائكتي، مثله عندي كمثل الفردوس لا يمس ثمرها و لا يتغير حالها ))

 و اتبعوا الشهوات، من أدق الآيات الكريمة:

 

 

﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)﴾

 

[ سورة الشعراء ]

 أكبر إنجاز للإنسان، أكبر مرتبة يصلها عند الله أن يأتيه بقلب سليم، قال علماء الدين: القلب السليم هو كل قلب سلم من شهوة لا ترضي الله و سلم من تصديق خبر يتناقض مع وحي الله، و سلم من تحكيم غير شرع الله، و سلم من عبادة غير الله، طبعاً المفهوم المخالف إذا أحكمنا الصلة بالله عز وجل و التزمنا منهج الله في افعل و لا تفعل فعندئذ نستحق أن نستخلف و أن نمكن.
 الجانب الذي أشرتم إليه أي الضراعة، أي السؤال البدهي دائماً يا أخي و الله مليء بالصالحين الذين يدعون و الذين يتضرعون و لو أقسم على الله عز وجل لأبره، و نحن نرى أن العدو لا يزال يتغطرس و يزيد في بطشه، و يزيد في غروره، و يزيد في كيده، و يزيد في مكره، أنت وضعتنا أمام الشروط الإلهية في تحقيق النصر، و أن الشرط الإلهي ليس فقط الدعاء و إنما هو العمل الصالح الذي منه كما أشرت:

 

﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾

 

[ سورة الأنفال: الآية 60]

تحميل النص

إخفاء الصور