وضع داكن
18-04-2024
Logo
ندوات الإعجاز العلمي - الندوة : 16 - الكبد.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)﴾

( سورة الذاريات )

 السماء، البرزخ، النحل، الأرض، ظلمات الفضاء، الكون، النمل، الكواكب، دقة الإنسان,
التفكر في الخلق والكون
 التفكر في الخلق والكون، حوارات مع الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي من علماء دمشق، يجريها عبد الحليم قباني,
المذيع:
 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم,
إخوة الإيمان والإسلام، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته,
 إن علماء الإسلام لما التزموا بقيمة العقل، ولم يحجروا عليه، فأخذوا بالتفكر والسير والبحث، كما قال الله تعالى:

 

﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ﴾

 

( سورة العنكبوت الآية: 20 )

 فحقَّقوا ما لم يحقِّقه أحد قبلهم، كما أفاد منهم من جاء بعدهم، وخاصة الأوربيون الذين استثمروا ما ترجم إلى لغاتهم من ناحية، وصححه، وأبدعه علماء المسلمين من ناحية أخرى في نهضتهم الحديثة، ولولا علماء المسلمين لكانت بدايتهم من نقطة الصفر، ولتأخرت مسيرة التطور قروناً، فقد كان لهم فضل الريادة، بل كانت هناك علوم إسلامية بحتة هي الأساس في الإنجازات العلمية المعاصرة لتلك العلوم الحديثة,
 ونتحدث اليوم عن إعجاز القرآن الكريم في هذه الحلقات، ونقول: إن فيه من الآيات التي نزلت منذ أكثر من 14 قرناً ما يفصح عن حقائق علمية لم تكشف إلا حديثاً، وللأسف أن المسلمين لم يكونوا هم السبّاقين إلى اكتشاف هذه العلوم، أو بالأحرى الحقائق العلمية الحديثة على الرغم من إشارات القرآن الكريم,
 معنا اليوم فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي، الأستاذ المحاضر في كلية دمشق ، الخطيب والمدرس الديني في مساجد دمشق,
أهلاً وسهلاً بكم,
الأستاذ:
أهلاً بكم أستاذ عبد الحليم، جزاكم الله خيراً ,
المذيع:
 بإذن الله في هذه الحلقة سنتحدث عن جهاز معقد في الإنسان، وهو الكبد، فللإنسان أجهزة معقدة يؤدي كل منها وظيفة تفيد الجسم,
الأستاذ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين,
 قبل أن أبدأ بالحديث عن هذا الجهاز العظيم الذي هو الكبد، لا بد من لفتة لطيفة سريعة، أن الثقافة الغربية التي هي في تفوق كبير، ومن أسباب تفوقها ذهاب الثقافة العربية الإسلامية إليها، أحد الأدباء يقول: ثقافة أية أمة ملك البشرية جمعاء، لأنها بمثابة عسل استخلص من زهرات مختلف الشعوب على مرِّ الأجيال، وهل يُعقَل إذا لدغتنا جماعة من النحل أن نقاطع عسلها ؟! نحن نقاطع البضائع الاستهلاكية، الدخان، المطاعم، السيارات، لكن لا نقاطع المنجزات العلمية، لأننا ساهمنا فيها مساهمة كبيرة، وهذا باعترافهم,
ذكر لي صديق مقيم في بريطانيا يحضِّر الدكتوراه في الطب، بعض المدرسين في أثناء الشرح قال: للعرب فضل كبير علينا، فمعظم علومنا استقيناها منهم، هذه الحقيقة,
إذاً ثقافة أيّ أمة ملكُ البشرية جمعاء، لأنها بمثابة عسل استخلص من زهرات مختلف الشعوب على مرّ الأجيال,
 شيء آخر أستاذ عبد الحليم، أريد أن أقول: إن التفكر في آيات الله الدالة على عظمته هو أوسع باب ندخل منه إلى الله، وإن التفكر في آيات الله الدالة على عظمته هو أقصر طريق نصل به إلى الله، لأن هذه الآيات تضعك أمام عظمة الله عز وجل، والإسلام عقيدة وشريعة، معرفة بالله عز وجل وتطبيق لمنهجه، وكنت أقول دائماً: إنك إن عرفت الآمر، ثم عرفت الأمر تفانيت في طاعة الآمر، أما إذا عرفت الأمر، ولم تعرف الآمر تفننت في التفلت من الأمر,
 بقي أن الآيات كثيرة بعضها بثّه الله في السماوات، وبعضها في الأرض، لكن أقرب آية إلينا جسمنا، أقرب آية بين أيدينا أنفسنا، أقرب آية تدلنا على عظمة الله أعضائنا، فيمكن أن نمضي وقتاً ـ إن شاء الله ـ في الحديث عن هذا الجهاز الذي يسمى الكبد، الإنسان أحياناً يأتي بقطعة من هذا الكبد إلى البيت تؤكل في وقت المساء أو في الصباح، وهو طعام لذيذ، لكن لو عرف الإنسان أن هذا الجهاز يقوم بمهمات يعجز عنها كبار العلماء,

هذا الكبد بالتعريف الدقيق منطقة صناعية كاملة، وهو من آيات الله الكبرى الدالة على عظمته، هذا الكبد الذي أودعه الله في أحشائنا، هو أكبر عضو في الأحشاء، والإنسان يتوهم أنه لا يستطيع أن يعيش من دون قلب أكثر من ثلاث دقائق، يجب أن نعلم أنه أيضاً لا يستطيع أن  يعيش من دون كبد أكثر من ثلاث ساعات، الشيء الذي لا يصدق أن هذا العضو الكبير الخطير، الذي هو منطقة صناعية كاملة، لو أنك استأصلت أربعة أخماسه بمبضع الجراح يستطيع أن يعيد يناء نفسه في ستة عشر أسبوعاً، أسرع خلية على الإطلاق في النمو خلية الكبد ـ تعود إلى نفس الحجم ـ نعم لو أن نصف الكبد أصابه تلف، وجاء الطبيب الجراح فاستأصل نصفه بكامله في أسابيع معدودة يعيد الكبد بناء نفسه، الآن صار هناك زراعة كبد، لكن العملية نجاحها في المئة ثلاثون، وتكلف عشرات الملايين,

شيء آخر، إذاً هذا الكبد عنده قدرة فائقة عجيبة على ترميم ذاته، وإعادة بناء ذاته، لأن خلايا الكبد هي أسرع خلايا انقساماً على الإطلاق,
 الآن كم تتصور أستاذ عبد الحليم أن هذا الكبد يقوم بوظائف، بعضهم قال: يقوم بخمسمئة وظيفة، بعضهم قال بسبع مئة وظيفة، بعضهم قال: وظائفه تعد بالآلاف، لكن الشيء الذي لا يصدق أيضاً أن كل خلية من خلايا الكبد تقوم بكل هذه الوظائف، ليس في الكبد اختصاص، كل خلية فيه تقوم بكل الوظائف، ذلك لأنه عضو خطير، لو كان في كل حيز من الكبد اختصاص لو أصيب حيز لانتهى الأمر، ولكن كل خلايا الكبد تقوم بكل وظائف الكبد، وهذه خصيصة نادرة في الأعضاء,
المذيع:
قد تقوم الخلايا الباقية بالمساهمة بكل الوظائف في مرحلة ما,
الأستاذ:
 الآن من أبرز وظائف الكبد أنه مخزِّن للدم، وتعلمون أستاذ عبد الحليم من لقاءات سابقة أن معامل كريات الدم الحمراء تصنع في الثانية الواحدة اثنين ونصف مليون كرية حمراء، في الثانية الواحدة، وتعلمون أيضاً أن هذا الهيكل العظمي الذي هو قوام الإنسان له وظيفة قد لا ننتبه إليها، وأنبلُ عضو في الإنسان هو الدماغ محفوظ في الجمجمة،

والنخاع الشوكي محفوظ في العمود الفقري، وأن الرحم محفوظ في عظم الحوض

وأن القلب محفوظ في الصدر، وأن معامل كريات الدم الحمراء محفوظة داخل العظام

فالدم قوام حياة الإنسان، في الثانية الواحدة يلد اثنين ونصف مليون كرية حمراء، وفي الثانية الواحدة يموت اثنان ونصف مليون كرية حمراء، والعجيب في الأمر أن هذه الكريات التي تموت لا تطرح خارج الجسم، بل تفكك، ويستفاد من موادها الأولية، تفكك الكريات الحمراء إلى خضاب دم، وإلى حديد، الحديد يشحن إلى معامل كريات الدم الحمراء في نقي العظام ليعيد بناءه مرة ثانية، كيف الآن معامل تتغط السيارة المستعملة إلى مربع صغير، ثم تعاد إلى معامل صهر الحديد أيضاً، هذا اتجاه اقتصادي، فالله عز وجل أمْرُه كن فيكون، زل فيزول، ومع ذلك فهو يعلِّمنا من خلال خَلقه كيف نكون اقتصاديين، فهذا الكم الكبير في كل ثانية اثنان ونصف مليون كرية حمراء تموت، هذه تذهب إلى الطحال لتفكَّك إلى مقوّماتها الأساسية، هيموغلوبين وحديد، الحديد يعاد نقله إلى معامل كريات الدم الحمراء في نقي العظام، والهيموغلوبين يكوّن الصفراء تلك المادة التي تعين على هضم المواد الدسمة.

فأول وظائف الكبد أنه مخزِّن للدم، حيث يستوعب 1500 من السنتيمترات المكعبة من الدم، الكبد في الأساس مخزن للدم، فإذا طرأ طارئ، وحصل نزيف، أو حادث، أو عملية ولادة، فإن هرموناً في الكظر يأمر الكبد أن يحرر هذا الدم ليكون تعويضاً للدم الذي فقده هذا الإنسان،  ودائماً الدول الراقية تعيش المستقبل، فلو فرضنا أنه وقع عليها عدوان طارئ فعطل الكهرباء عندها مولدات احتياطية، فدائماً الإنسان العاقل عنده احتياط في كل شيء

حتى إن الله عز وجل حينما أودع في القلب جهاز تنبيه كهربائي، فيه جهاز تنبيه ثانٍاحتياطي، لو تعطل الأول عمل الثاني، وجهاز تنبيه احتياطي ثالث، لو تعطل الثاني عمل الثالث، هذا من التخطيط,
المذيع:
إذاً وظائف للكبد كثيرة، من هذه الوظائف التخزين، وهناك أيضاً وظائف أخرى,
الأستاذ:
 مثلاً: من وظائف الكبد تخزين السكر، وتخزين الدسم، وتخزين البروتين، وتخزين الفيتامينات، العجيب أستاذ عبد الحليم أنه لو فحصت دم إنسان ففيه نسب ثابتة معيّرة من كل المواد، لو أن نسبة زادت لاختل توازن الإنسان، لكن المخزون الأساسي هو الكبد، فالكبد مستودعات الأغذية,
 بالمناسبة معيّرة الإنسان متى يجوع ؟ لا يجوع إذا نقص الغذاء في دمه، لو فحصت دم إنسان جائع ترى النسب كلها نظامية، يجوع إذا نقصت المواد في المستودعات، بدليل أن الإنسان حينما يضطرب أو يأتيه خبر سيء ينسى أنه جائع، ويقوم بعمل مديد بطاقة عالية من دون أن يأكل، معنى ذلك أن الجوع هو نقص في المواد الغذائية التي في المستودعات، في الكبد,
 والعجيب أيضاً أستاذ عبد الحليم أن هناك مخزوناً في الكبد لا يمكن أن يصرف، هذا يسمى الآن الاحتياطي الاستراتيجي، لا يمكن أن يصرف إلا في حالة نادرة، إذا وضع الإنسان في مكان ليموت جوعاً، في مثل هذه الحالة ينفق هذا المخزون الاحتياطي، فالإنسان قد يجوع، يبحث عن طعام، أما حينما ييأس من أن يأكل، وقد وضع في مكان ليموت فيه جوعاً، هذا الاحتياط الاستراتيجي يتحرر من الكبد ليكون وقوداً للإنسان,
 شيء آخر، الإنسان لو أنه لا يجوع يموت، أحياناً توضع في السيارة أجهزة تشير إلى ارتفاع الحرارة، لو أن السائق لم ينتبه إلى هذا الجهاز، أو لهذه الساعة، يحترق المحرك، الآن هناك أجهزة إنذار صوتي، لكن العجيب أنّ الإنسان إذا جاع يا ترى الإنذار صوتي أم مرئي أم ضوئي ؟ كل كيان الإنسان يشعر بالجوع، معنى ذلك أن الجوع لولاه لما عاش الإنسان، الجوع يقتضي أن تعوض هذا الكمّ الذي خسره هذا الكبد من مجموع المواد الغذائية,
المذيع:
طبعاً فضيلة الدكتور، كما تحدثنا عن وظائف الكبد، وخصوصاً في التخزين، تحدثنا عن تخزين الدم، وتخزين السكر والدسم، وإلى ما هنالك، لا بد من أن يكون هناك وظيفة تحويلية، أو ما شابه ذلك,
الأستاذ:
 طبعاً، أنت إذا كان عندك مستودع للحبوب، ومستودع للدهون فرضاً، مواد دهنية، ومستودع الحبوب انتهى، لا تستطيع أن تحوّل الدهون إلى حبوب، هذا فوق طاقة البشر، لكن الشيء الذي يلفت النظر أن الكبد يمكن أن يحول النشويات إلى مواد دسمة، والدسمة إلى سكريات، وهذا التقسيم الكبير للمواد الغذائية بين مواد دسمة، ومواد نشوية، ومواد سكرية، هذا التقسيم في خارج الجسم، أما الجسم لو اضطر فإنّه يحوّل المواد الدسمة إلى مواد سكرية، والسكرية إلى نشوية، هذه خاصة دقيقة جداً في الإنسان، لأنه مصمَّم على أنه يعالج ذاته معالجة داخلية,
 دائماً الكبد يقوم بوظيفة التعيير، حيث يدخل السكر إلى الكبد بنسب عالية جداً، أحيانا يأكل الواحد يأكل أكلة فيها حلاوة، ويكثر منها، فدخل كمٌّ كبير من المواد السكرية إلى الكبد، الكبد لا يخرج إلا نسب محدودة جداً من السكريات، وما مرض السكر إلا ارتفاع السكر في الدم، فهذا الكبد يقوم بمهمة التعيير، فكل المواد التي في الدم عيرها الكبد، هذا شيء مهم جداً من وظائف الكبد، يعيّر السكر، ويعيّر بقية المواد,
المذيع:
هنا نريد أن نعطي ملاحظة بالنسبة لمرضى السكري في هذه النقطة، هل يكون هذا المعيار قد فُقِد عند الإنسان عندما يكون لديه هذا المرض ؟
الأستاذ:
 البنكرياس يفرز مادة يمكن أن تحرق السكر في درجة حرارة الإنسان، لو جئت بملعقة سكر، ووضعتها على يدك لا تحترق، فكيف نوفق بين احتراق السكر الذي يحتاج إلى مئة درجة، وبين احتراق السكر في الدم ؟ السكر في الدم يحترق بدرجة 37، بفضل مادة يفرزها البنكرياس، وهي الأنسولين، إذا ضعف إفراز هذه المادة بقي السكر الذي لم يحترق في الدم فترتفع نسبته، والسكر الذي يخترق ينتهي، فالبنكرياس يفرز مادة اسمها الأنسولين تسهم في حرق السكر في درجة الحرارة العادية، فإذا كان قلَّت المادة معنى ذلك أن السكر سوف يرتفع في الدم,

شيء آخر في الكبد المادة، أن هناك وظيفة رابعة له، هي وظيفة التكوين، فالكبد يكون عنصر التجلط، وعنصر التمييع، تعلمون أن الدم بين أن يكون مائعاً وبين أن يكون جامداً، إذا جمد الدم في الأوعية مات الإنسان، يقال: له جلطة، مثلاً، وإذا ماع الدم كثيراً، سال كله من ثقب صغير، وفي الدم صفيحات، وهذا من فضل الله عز وجل، وكريات بيضاء وحمراء،

الصفيحات مهمتها سد الثغرات، الإنسان إذا أصيب بشظية، أو جرح يجب أن يخرج الدم كله، ولولا الصفيحات لسال دمه كله من ثقب بسيط، ولمات الإنسان، فلذلك كان تعيير الكريات الحمراء والبيضاء والصفيحات,
 ثم إن الكبد يفرز عنصر يميع الدم، وعنصر يجلطه، من توازن إفراز هذين العنصرين يكون الدم في حالة بين الميوعة القاتلة وبين التجلط القاتل، هذا ما يسمى عند الإنسان سيلان الدم، والأطباء ينصحون الناس بعد الأربعين بتناول حبة أسبرين يومية، ليكون هذا الدم مائعاً حيث يبتعد عن أي تجلط، فيسبّب أزمة لصاحبه,
 الآن الكبد نفسه يفرز البروتين، يعيّر، ويحدّد نسب الماء في الجسم، ومن التهب كبده أصيب بالاستسقاء، أي إنّ الجسم يخزن ماء كثيراً يفوق حاجته، من علامات التهاب الكبد الاستسقاء، هناك ماء كثير يودع في الأنسجة دون أن يستهلك، لأن الكبد هو الذي يعير نسب الماء في الجسم، لو أصيب الكبد بالتهاب حاد لضاع الإنسان فيما يسمى الاستسقاءَ,
 من وظائف الكبد أيضاً أنه يدرس وضع السم في الدم، فإما أن يعدله بتفاعل كيماوي، وإما أن يقيّده، وإما أن يطرده، شيء رائع جداً، المجرم إما أن نطره خارج البلاد، وإما أن نقبض عليه، ونضعه في السجن، وإما أن نجرده من سلاحه، إما أن يقوم تفاعل فيلغي سميته، وإما أن يقيَّد فلا يؤذي أحداً، وإما أن يطرد خارج الجسم، وهذا من وظائف الكبد، وكما قلت في أول اللقاء: لا يستطيع الإنسان أن يعيش من دون كبد أكثر من ثلاث ساعات، لأنه منطقة صناعية كاملة,
الإنسان حينما يفكر في هذه الأجهزة العملاقة البالغة في الدقة، البالغة في الاختصاص، ألا يسبّح الله عز وجل ؟ ألا يقول: سبحان الله ! لأن معرفة الله أصل الدين، كيف نعرفه، الله عز وجل ذاته غائبة عنا، بدليل قوله تعالى: 

﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ 

( سورة الأنعام الآية: 103 )

لكن هذا الذي صنعه بين أيدينا، الصنعة تدل على الصانع، فنحن نرى الله من خلال صنعته الدقيقة، وإتقانه لصنعته,
 قلت قبل قليل: هناك نمط اقتصادي في الجسم، فهذه الكريات الحمراء التي ماتت تسهم أعضاء الجسم في تفكيكها إلى عناصرها الأولية، وإرسال بعضها إلى معامل كريات الدم في نقي العظام، ويسهم الآخر في إمداد الصفراء بهذه المادة التي تعين على هضم المواد الدسمة,
المذيع:
فضيلة الدكتور، طبعاً لكل جهاز مرض، وقد يصاب الإنسان بأمراض كثيرة، ولكن بالنسبة للكبد ما المرض الذي يصيبه ؟
الأستاذ:
 هناك التهاب كبد وبائي، هذا مرض خطير، مرض مميت، بالمناسبة أحبّ أن أنبّه الإخوة المستمعين أنه لو أن إنسانًا مصابًا بالتهاب كبد وبائي، وهو يعمل في مطعم، ولم ينظف ما بين أظافره وأصابعه بعد دخول الحمام فإن 300 رائد من رواد المطعم يصابون بهذا المرض، القضية خطيرة جداً، إنسان مصاب بالتهاب كبد وبائي بسبب وصول جرثوم إليه، إن لم يبالغ في تنظيف يديه حينما يعدّ الطعام فقد يصيب مئات الذين يرتادون هذا المطعم بهذا المرض المميت دون أن يشعر أحد، فلا بد من دقة بالغة في موضوع، هذا المرض الخطير اسمه التهاب الكبد الوبائي,
المذيع:
من أين يأتي هذا المرض ؟ هل هو تلوث ؟
الأستاذ:
 هو تلوث، لذلك النظافة من الإيمان، حينما يبالغ الإنسان في النظافة يكون قد بالغ في صون جسمه من الأمراض، والملاحظ أن أمراض القذارة كثيرة، والعدد دقيق، 300 مليون إنسان في الأرض مصابون بأمراض القذارة، بينما العالم الإسلامي يعد الشريط الأخضر، بحكم الوضوء والصلاة، والإنسان من خلال دينه يبالغ في تنظيف نفسه، وفي تنظيف فتاحاته وأعضائه، فهذه الأمراض خطيرة جداً، سببها القذارة، وعدم التنظيف، فهذا التهاب الكبد الوبائي يأتي من جرثوم، فالإنسان إذا لم يعتنِ بنظافة طعامه، ونظافة أعضائه فقد يصاب بهذا المرض,
المذيع:
فضيلة الدكتور، أيضاً نسمع بتشمع الكبد، وما شابه ذلك، كنا في هذه الحلقة نتحدث عن الكبد، لا بأس إن أعطينا ولو نبذة بسيطة عن ذلك,
الأستاذ:
 هذا التشمع في الأعم الأغلب سببه شرب الخمر، الكحول أحد أسباب تشمع الكبد، التشمع يعني التليّف، هذا الكبد خلاياه تعطلت عن أن تقوم بوظائفها، فيجب أن نعلم علم اليقين أن العلاقة بين المعصية ونتائجها علاقة عليمة، علاقة سبب بنتيجة، وأن العلاقة بين الطاعة ونتائجها علاقة علمية، علاقة سبب بنتيجة، لأن هذا الدين منهج الله عز وجل، منهج الله قائم على قوانين، الفرق بين الدين السماوي، وبين الدين الوضعي، الدين الوضعي طقوس حركات وسكنات وتمتمات لا معنى لها، وليس فيه منهج، لكن دين الله عز وجل يتّسم بمنهج، والمنهج مبني على أمر ونهي، والأمر والنهي أساسه المواد النافعة والمواد الضارة، فحينما يعاقر الإنسان الخمر فقد يصاب كبده بالتشمع,
المذيع:
أيضاً يجب على الإنسان أن يتنبه لتعاطي الخمر، فقد ورد تحريمه في الإسلام، وهذا مما لا يفيد الإنسان، بل يضره,
 أيها الإخوة والأخوات، أتينا إلى نهاية هذه الحلقة، وذلك لضيق الوقت، إن شاء الله نتحدث في حلقات قادمة عن آيات الله الكبرى الدالة على عظمته، وتحدثنا في هذه الحلقة عن آية كبرى، وهي أكبر عضو في الأحشاء " الكبد ",
إخوة الإيمان والإسلام إلى حلقة قادمة مع فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي الأستاذ المحاضر في جامعة دمشق، والخطيب والأستاذ الديني في جوامع دمشق,

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور