وضع داكن
28-03-2024
Logo
الخطبة : 0506 - الجانب النفسي في حياة الإنسان3 ، كيف يحل المؤمن المشكلات التي يعانيها - أكلة لحوم البشر لعنة الله عز وجل على المنحرفين بعد مرض الإيدز .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:
 الحمد لله ثم الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكلي إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً بربوبيته ، وإرغاماً لمن جحد به وكفر ، وأشهد أن سيدنا محمداً صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رسول الله سيد الخلق والبشر ، ما اتصلت عين بنظر ، أو سمعت أذنٌ بخبر ، اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريته ومن تبعه إلى يوم الدين ، اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم ، ولا تعذبنا فإنك علينا قادر ، والطف بنا فيما جرت به المقادير ، إنك على كل شيءٍ قدير ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

الحرص على الحقيقة لأنها شيء ثمين :

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ في سلسلة الخطب النفسية التي بدأناها قبل أسبوعين نتابع هذه الموضوعات ، والحديث اليوم كيف يحل المؤمن المشكلات التي يعانيها ؟
 أيها الأخوة الكرام ؛ قال العلماء في وصف الحقيقة : إن الحقيقة هي الوصف المطابق للواقع مع الدليل . فالإنسان حينما يتوهم ظنوناً وأوهاماً وأفكاراً لا تمت إلى الواقع بصلة ربما وقع في خطأ كبير وسار في طريق مسدود .
 أيها الأخوة الكرام ؛ الحقيقة الكبرى أن تؤمن بوجود الله ، وأن تؤمن بوحدانيته ، وأن تؤمن بكماله ، وأي شيء يقربك من هذه الحقيقة فهو حق ، وأي شيء يبعدك عن هذه الحقيقة فهو باطل .
 يا أيها الأخوة الكرام ؛ في القارات كلها هناك وهم ، وهناك باطل ، وهناك زيف ، وهناك خطأ ، لذلك قال الله عز وجل :

﴿وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنّاً إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً﴾

[ سورة يونس : 36 ]

 الذي يقال في أطراف الدنيا قليل منه يمت إلى الحقيقة ، وأكثره يمت إلى الباطل ، قليل منه يتوافق مع منهج الله عز وجل ، وكثير منه لا يتوافق مع منهج الله عز وجل ، قليل منه يؤكده الواقع ، وكثير منه لا يؤكده الواقع .
 أيها الأخوة الكرام ؛ ينبغي أن تعطي للحقيقة ميزاناً أساسه أن النقل يؤيدها ، وأن العقل يقبل بها ، وأن الواقع يتطابق معها ، وأن الفطرة ترتاح لها .
 أيها الأخوة الكرام دققوا في قوله تعالى :

﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾

[ سورة الأنعام : 116 ]

 فالحقيقة شيء ثمين جداً ، ينبغي أن نحرص عليها حرصاً لا حدود له .

 

حاجة البحث عن الحق إلى جهد كبير :

 أيها الأخوة الكرام ؛ في عالم ضاعت فيه الحقيقة ، وعمّ فيه الضلال ، يحتاج البحث عن الحق إلى جهد كبير ، لذلك لا نعجب إذا طلب الله من المؤمنين في الصلوات الخمس ، وفي كل ركعة حصراً - وهذه الآية جزء من الفاتحة الكريمة - :

﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾

[ سورة الفاتحة : 6 ـ 7 ]

 أن تهتدي إلى الحقيقة ، وأن تثمر الحقيقة ، وأن تسلك الصراط المستقيم ، هذه هي النعمة المطلقة ، التي ما بعدها نعمة أن تهتدي إلى الحقيقة ، وأن تثمر هذه الحقيقة ، وأن تسير على الصراط المستقيم .

﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾

[ سورة الفاتحة : 6 ـ 7 ]

 من هم المغضوب عليهم ؟ هم الذين عرفوا وانحرفوا ، من هم الضالون ؟ هم الذين ما عرفوا وانحرفوا ، المؤمن عرف واتبع ، والمغضوب عليه هو الذي عرف وانحرف ، والضال هو الذي تاه عن سواء السبيل .

 

تحديد المشكلة و البحث عن أسبابها :

 أيها الأخوة الكرام ؛ إن لم نتحر الحقيقة ، إن لم نجهد في البحث عنها ، إن لم نبذل الوقت الثمين في التعرف إليها ، ما الذي يحصل ؟ ينساق الإنسان مع شهواته ، مع أهوائه، مع نزواته ، مع مصالحه ، ورد في الحديث الشريف : " إن عمل النار سهل بسهوة ، وإن عمل الجنة حزن بربوة ، حفت النار بالشهوات ، وحفت الجنة بالمكاره " الإنسان إذا غفل عن الحقيقة ، لم يبحث عنها ، لم يبذل من وقته الثمين وقتاً للتعرف عليها ، لم يجهد بالوصول إليها ، تقاذفته الأهواء ، وتهاوت به السبل ، وانحاز إلى شهواته ، ولقي ربه وهو غاضب عليه ، بل إن الشهوات هي التي تتحكم به عندئذ .
 أيها الأخوة الكرام ؛ المؤمن حينما يحس بمشكلة ، حينما تتعبه الدنيا ، حينما تنشأ قضية تقلقه في بيته ، أو في عمله ، أو في علاقاته الاجتماعية ، هذه المشكلة أكثر الناس لا يتصدون لحلها ، أو إذا اتجهوا إلى حلها فاتهم أن يعرفوا أسبابها الحقيقية ، فلذلك المؤمن الصادق إذا عانى من مشكلة ، أو إذا أقلقته معضلة ، يسلك السبيل القويم في حلها ، ومن خصائص السبيل القويم أن الإنسان يحدد هذه المشكلة ، أحياناً تتداخل عدة مشكلات مع بعضها بعضاً ، فإذا أراد أن يحل هذه المجموعة من المشكلات أعجزه ذلك ، أما إذا حدد المشكلة ، أعطاها حدودها ، فعندئذ يسهل أن يبحث عن أسبابها ، فأول شيء في حل المشكلة أن تحددها ، كثيراً ما تتداخل المشكلات ، جانب مادي ، وجانب نفسي ، وجانب اجتماعي ، هذه إذا تداخلت وجدت أنك أمام ركامٍ من المعضلات يصعب عليك حلها ، قال الشاعر :

تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا  وإذا افترقن تكسرت آحادا
***

 فإذا كانت المعضلة قضيباً يسهل كسره وحده ، وأما إذا اجتمعا فربما لا تستطيع تحقيق الهدف .

 

أكبر خطأ يقع فيه الإنسان البعيد عن منهج الله أن يحل مشكلة بمشكلة :

 أيها الأخوة الكرام ؛ لو أن من هذه المشكلات الدخل القليل ، هذه مشكلة ، هناك من يحلها بدخل حرام ، ماذا فعل ؟ حلّ مشكلة بمشكلة ، إذا كانت المشكلة الأولى حجمها الشعور بالحرمان ، فإن حجم المشكلة الثانية التدمير الكامل ، لذلك أكبر خطأ يقع فيه الإنسان البعيد عن منهج الله عز وجل أن يحل مشكلة بمشكلة .
 بربكم لو أن في خد الإنسان ندبةً ، تحتاج إلى جراحة تجميلية ، ذهب هذا الإنسان إلى طبيب تجميلي ، واقترح عليه أن ينزع قطعة من خده الأيمن ليضعها على خده الأيسر ، هل تحل هذه المشكلة ؟ هذا حل مضحك ، لأنه حل مشكلة بمشكلة .
 لذلك الناس أحياناً كثيرة يلجؤون إلى حلّ المشكلات بمشكلات ، ربما كانت المشكلات التي أرادوا حلها لها نتائج محدودة ، أو أخطار محدودة ، أما الحل الذي جاؤوا به فكانت نتائجه أخطر .
 أيها الأخوة الكرام ؛ قاعدة يجب أن تكون بين أيديكم ، قاعدة ذهبية ينبغي أن تكون بين أيديكم دائماً : من ابتغى أمراً بمعصية كان أبعد مما رجا ، وأقرب مما اتقى .
 أيها الأخوة الكرام ؛ ضغط داخلي لشراء جهاز معين لا يرضي الله عز وجل يفسد الأسرة ، هل إذا اشتريت هذا الجهاز تحل المشكلة ؟ هذا الجهاز الذي حللت به مشكلة يسجل آلاف المشكلات ، لا تحل مشكلة بمشكلة ، تأخر زواج الفتاة هذه مشكلة ، هل تحل بتبرجها وخروجها على نحو يظهر مفاتنها ؟ هذا ليس حلاً لهذه المشكلة ، الجاهل دائما يتخبط في حل مشكلاته فينتقل من مشكلة إلى مشكلة ، ومن خطأ إلى خطأ ، ومن غلطٍ إلى غلط ، ومن حرمان إلى دخل حرام ، ومن تعنت إلى تفلت .

 

ما من مشكلة على وجه الأرض إلا بسبب خروجٍ عن منهج الله :

 أيها الأخوة الكرام ؛ من الثابت كما قلت قبل قليل أن تحديد المشكلة جزء من حلها، وتحديد المشكلة ينبغي أن تعزلها عن بقية المشكلات ، ثم أن تعرف أسبابها ، والعلم الشرعي وحده هو الذي يعرفك بأسباب المشكلات ، يجب أن نعلم علم اليقين أيها الأخوة الكرام أنه ما من مشكلة على وجه الأرض - وأنا أقول قولاً و أعني ما أقول - إلا بسبب خروجٍ عن منهج الله ، وما من خروجٍ عن منهج الله إلا بسبب الجهل المطبق ، لذلك كنت أقول دائماً : إن أعدى أعداء الإنسان هو الجهل ، وإن الجاهل يفعل بنفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به ، إن الجاهل يدمر نفسه ، إن الجاهل يدمر ماله ، إن الجاهل يدمر سعادته الزوجية ، إن الجاهل يدمر خريف عمره بالمعاصي التي يقترفها في مقتبل عمره ، إن الجاهل يدمر سعادته الأبدية .
 لذلك أيها الأخوة إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معا فعليك بالعلم ، قد يقول أحدكم : إني لا أعلم ؟ هل هذا عذر ؟ إن كنت لا تعلم فاسأل ، قال تعالى :

﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة النحل : 43 ]

 وقال تعالى :

﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً ﴾

[ سورة الفرقان : 59 ]

 أي إذا أردت قضية في الدنيا اسأل أهل الذكر عنها ، وإذا أردت قضية متعلقة بالآخرة فاسأل به خبيراً ، هناك من يرشدك ، من استشار الرجال استعار عقولهم ، أنت بإمكانك أن تستعير خبرة خمسين عاماً بسؤال أديب ، تسأل عالماً ، أو متطلعاً ، أو خبيراً ، فإذا كنت لا تعلم فاسأل به خبيرا ، إن كنت لا تعلم فاسأل أهل الذكر ، أنا أعاني من الشقاق الزوجي ما أسباب هذه المشكلة ؟ قد يفسر بأن مستوى الزوجة ليس على ما يرام ، لم لا تفسر بإطلاق البصر ؟ إطلاق البصر هو الذي يهدم السعادة الزوجية ، فإذا فسرت الشقاق الزوجي ، أو عدم الميل بهبوط مستوى الزوجة ، هذا تفسير ، لكن إطلاق البصر هو التفسير الحقيقي ، من غض بصره عن محارم الله ، أورثه الله حلاوة في قلبه إلى يوم يلقاه .

 

الاهتداء بالكتاب والسنة في معرفة أسباب المشكلات :

 أيها الأخوة الكرام بادئ ذي بدء يجب أن تعلم علم اليقين كما ورد في الحديث الصحيح :

((‏يا عبادي لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد - هذه فقرة من حديث قدسي - فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر‏))

[ مسلم عن أبي ذر ]

 ذلك لأن عطائي كلام وأخذي كلام ، فمن وجد خيراً فليحمد الله تعالى ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه .
 أيها الأخوة الكرام ؛ المشكلات في العادة لها أسباب قريبة ، ولها أسباب بعيدة ، البطولة والعقل لا أن تكشف الأسباب القريبة ، ولكن البطولة والعقل أن تكشف الأسباب البعيدة، أي الإنسان إذا تلقى ضربة بعصا لا ينبغي أن ينظر إلى العصا ، بل ينبغي أن ينظر إلى من يمسك العصا ، هناك مشكلات كثيرة تعزا إلى أسباب أرضية ، البطولة أن تكون موحداً ، أن ترجع هذه المشكلات لا إلى أسبابها المباشرة ، بل إلى أسباب غير المباشرة .

﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾

[ سورة الأعراف : 96 ]

 قد تقول : إن انحباس المطر له أسباب يدرسها علماء المناخ ، ولكن انحباس المطر بنص الآية الكريمة له أسباب بعيدة ، قد تقول : هذا الزلزال له أسباب قريبة ، ارتجاج القشرة الأرضية ، ولكن هناك أسباباً أكبر وأبعد ، فالمؤمن دائماً حاد البصر ، ينظر إلى المشكلة، ينظر إلى أسبابها البعيدة لا إلى أسبابها القريبة .
 أيها الأخوة الكرام ؛ ينبغي أن تعرف الأسباب الحقيقية ، البعيدة للمشكلة التي تعانيها ، أكثر الأخطاء فداحة حينما تأخذ سبباً مباشراً وتعالجه ، ويغيب عنك أن هناك سبباً بعيداً إن لم تعالجه .

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾

[ سورة الرعد : 11 ]

 إن كانت هناك مشكلات نعاني منها أفراداً ومجتمعين ، هذه المشكلات لها أسباب ظاهرة ، لا ينبغي أن نقف عند الأسباب الظاهرة ينبغي أن نقف عند الأسباب البعيدة ، لأننا إذا عالجنا الأسباب البعيد حلت هذه المشكلة ، يجب أن نهتدي بالكتاب والسنة في معرفة أسباب المشكلات .
 أيها الأخوة الكرام ؛ الآية الكريمة :

﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾

[ سورة الشورى : 30 ]

 هذه الأسباب البعيدة .

﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾

[ سورة النحل : 112 ]

 قد تفسر مشكلة عانى منها مجتمع تفسيراً أرضياً ، قريباً ، مباشراً .

﴿فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾

 ما الذي صنعوه ؟ كفروا بأنعم الله عز وجل .

 

معرفة الله و معرفة منهجه يرشدان الإنسان إلى أسباب مشاكله :

 أيها الأخوة الكرام ؛ من أجل أن تعرف الأسباب لا بد من أن تعرف الله ، وأن تعرف سننه ، وأن تعرف المنهج الذي سنّه لعباده ، إذا عرفت الله عز وجل ، وعرفت منهجه ، هاتان المعرفتان ربما أرشداك إلى سبب ما تعاني من مشكلة ، كلكم يعلم أن قلة الرزق مشكلة يعاني منها معظم الناس ، قال تعالى :

﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ﴾

[ سورة الجن : 16-17]

 وقال تعالى :

﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾

[ سورة الأعراف : 96 ]

 وقال تعالى :

﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾

[ سورة المائدة : 66 ]

 وقال تعالى :

﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً﴾

[ سورة نوح : 10 ـ 12 ]

 هناك آيات كثيرة :

﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾

[ سورة طه : 132 ]

 إذاً هذه الآيات تبين الوسائل التي ينمو بها الرزق ، قال عليه الصلاة والسلام : " الأمانة غنى ، استمطروا الرزق بالصدقة ".
 أيها الأخوة الكرام ؛ بيت القصيد في هذه الفكرة أن تصل إلى الأسباب الحقيقة ، لأنك إذا وصلت إلى الأسباب الحقيقية وضعت يدك على العلاج الحقيقي .
 تصور أن مريضاً زار طبيباً متى يكون الطبيب موفقاً ؟ إذا وضع يده على الداء ، أي إذا كان التشخيص صحيحاً ، ومتى يكون موفقاً ؟ إذا اختار الدواء المناسب ، ومتى يشفى المريض من مرضه ؟ إذا استعمل الدواء ، هذه الحادثة البسيطة ، صحة التشخيص ، وصحة وصف الداء ، واستعمال الدواء ، هذه الأشياء الثلاثة هي التي تنقل الإنسان من المرض إلى الصحة .

 

بطولة الإنسان أن يقبل التفسير الصحيح للمشكلة ولو نقض هذا التفسير فكرة ألفها :

 أيها الأخوة الكرام ؛ ما الذي يحصل وأنت تحلل ؟ ما الذي يحصل وأنت تبحث عن الأسباب ؟ في الأعم الأغلب أن التفسير للمشكلة الذي يتوافق مع فكرة راسخة تعتنقها ، أقرب إلى تناولك من فكرة تنقض هذه الفكرة الراسخة ، الإنسان يحب أن يبقى منسجماً مع ما يتوهم أنه صحيح ، فإذا بحثت عن مشكلة ، وبحثت عن حل لها ، لا ينبغي أن تتأثر بالأفكار الراسخة ، التي قد تكون مغلوطة ، الإنسان يميل إلى أن يقبل تفسيراً يتناسب مع أفكار رسخت عنده دون أن يتحقق منها ، ويرفض التفسير الذي ينقض هذه الأفكار ، هذا ضعف في الإنسان، لكن البطولة أن تقبل التفسير الصحيح ولو نقض هذا التفسير الصحيح فكرة ألفتها ، فكرة ترسخت في ذهنك دون أن تتحقق منها ، ما الذي يقضي على سعادتنا ؟ أوهام وأفكار لا تمت إلى الحقيقة بصلة .
 أيها الأخوة الكرام ؛ هذا مزلق الإنسان دائماً ، يميل إلى أن يفسر الأمور وفق أفكار ألفها ، أما إن فسر الأمور تفسيراً ينقض أفكاره التي توارثها عن آبائه وأجداده ، فهنا يحتاج الأمر إلى بطولة .

تفسير الإنسان المشكلات وفق ما يتمناه يحول بينه و بين معرفة الحقيقة :

 شيء آخر : أيها الأخوة الكرام ؛ الإنسان يميل إلى تفسير المشكلات بكلام يسوغ سلوكه الراهن ، إذا أردت أن تبرر سلوكك لن تصل إلى حل مشكلاتك ، لابد من أن تنحي ما أنت عليه من خطأ ، ومن انحراف ، ومن معصية في حل المشكلات ، أما إذا أردت أن تبرر ، وأن تسوغ لن تصل إلى حل إطلاقاً ، فكرة راسخة لم تتحقق من صحتها ، أو سلوك تريد أن تبقى عليه ، إذا أصررت على هذه وتلك ، لن تصل إلى الحل ، في الأعم الأغلب تهتدي أو تصل إلى طريق مسدود .
 شيء آخر : التفسير الذي يتناسب مع ما يتمناه الإنسان في دنياه العاجلة هذا أيضاً يحول بينه وبين معرفة الحقيقة .
 إذاً : الأماني والمصالح ، السلوك المنحرف ، الأفكار الراسخة ، العادات ، التقاليد، الهوى ، النزوة ، إذا أردت أن تهتدي بهذه العناصر التي أنت عليها لن تصل إلى الحقيقة ، الحقيقة تحتاج إلى جرأة ، أن تنحي السلوك ، وأن تنحي الأفكار التي رسخت في ذهنك دون التحقق منها ، أن تنحي مصالحك ، أن تنحي أمانيك ، إذا نحيت كل هذه العوامل المشوشة تصل إلى الحقيقة ، إذا وصلت إليها وصلت إلى كل شيء .

أي حلّ لمشكلة بعيد عن منهج الله يولد مشكلة ولا يحلها :

 أيها الأخوة الكرام ؛ لذلك معظم آيات القرآن الكريم تختم بقوله تعالى

﴿ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾

[ سورة الجاثية: 23]

﴿ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾

[ سورة يونس : 16]

 والآيات التي تتحدث عن العقل وملحقاته تقترب من ألف آية في القرآن الكريم .
 أيها الأخوة الكرام ؛ هذا ما يسميه العلماء البحث الموضوعي ، وإذا كان هناك من قيمة علمية وأخلاقية في وقت واحد فهي الموضوعية ، الموضوعية قيمة في العلم ، وقيمة في الأخلاق ، فإذا أردت أن تصل إلى الحقيقة صافية نقية تهتدي بمنهج الله عز وجل ، وتسأل أهل الذكر إن كنت لا تعلم ، فإذا ظهر السبب بطل العجب ، هذا أسلوب أيها الأخوة في حل مشكلات الإنسان ، أي حل لمشكلة بعيد عن منهج الله عز وجل ، هو في الحقيقة يولد مشكلة ولا يحل مشكلة .

 

قوة الإرادة أساسها التعمق في العلم و العلم سبيل السعادة :

 بقي أن يكون الإنسان ذا إرادة قوية في أن يزيل أسباب المشكلة ، هذه الإرادة القوية تنمو بالعلم ، وتضعف بالجهل .
 أضرب لكم هذا المثل : لو أن إنساناً على ثقافة عالية يشكو من ارتفاع ضغطه ، وجاءه طبيب حاذق أقنعه بتفاصيل آلية تناول الملح ، وكيف أنه يرفع الضغط ، مع أن الملح مادة أساسية في الطعام ، ومع أن الطعام الذي لا ملح فيه قد لا يتذوق ، ومع ذلك هذا الإنسان إذا اقتنع وإذا عرف الآلية الدقيقة التي ترفع الضغط عن طريق الملح ربما عزف عن الملح كله ، فكلما زاد علمك قويت إرادتك ، قوة الإرادة أساسها التعمق في العلم ، فالعلم هو السبيل الوحيد إلى الله ، السبيل الوحيد إلى السعادة في الدنيا والآخرة .
 أيها الأخوة الكرام يقول الله عز وجل :

﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ﴾

[ سورة الفتح : 26 ]

 انظر إلى تحرك غير المؤمنين ، يتحركون تحرك جاهلية ، تحركاً عنيفاً ، تحركاً أعمى ، أما انظر إلى المؤمن فترى أن الله يلقي في قلبه السكينة ، هادئ الأعصاب ، متوازن ، يستقبل قضاء الله عز وجل برضا ، فكره صاف ، صفاء فكره يعينه على وضع الحلول ، قوة عزيمته تعينه على اتخاذ القرار المناسب .

 

تلخيص لطريقة حلّ المشكلات :

 أيها الأخوة الكرام ؛ هذا الذي يرضي الله عز وجل أن تحل مشكلاتك التي تعانيها بالمنهج التالي ، أن تحددها ، أن تبحث عن أسبابها البعيدة ، وهذا في ضوء معرفتك بالله عز وجل ، ومعرفتك بسننه التي سنها الله لعباده ، بمعرفة منهجه ، فإن عسر عليك ذلك فاسأل أهل الذكر إن كنت لا تعلم ، فاسأل به خبيراً ، ثم تصل إلى السبب الحقيقي ، وبعدها تضع الحل النابع من الكتاب والسنة ، وبعدها تعزم على المضي في تنفيذ هذا القرار ، وعندئذ تغدو المشكلة هباء وذكرى بعد أن كانت ثقيلة على قلب الإنسان كأنها جبل جاثم .
 أيها الأخوة الكرام ؛ النبي عليه الصلاة والسلام في حديث ورد عنه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبين أنه :

((مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ إِذَا لَبِسَ لأمَتَه أنْ يَرْجِعَ حَتى يَحْكُمَ اللهُ لَه))

[ تفسير ابن كثير]

 هذا الحديث يشير إلى فضيلة الصدق ، ونفاد الأمر ، التردد ، والتريث ، والأخذ ، والعطاء ، والقلق ، هذا ليس من صفات المؤمن .
 أيها الأخوة الكرام ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، و زنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطى غيرنا إلينا .

 

* * *

الخطبة الثانية :
 أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

آكلة لحوم البشر لعنة الله عز وجل على المنحرفين بعد مرض الإيدز :

 أيها الأخوة الكرام ؛ في شهر أيار من هذا العام ظهر مرض خطير في بريطانيا ، هذا المرض تسببه بكتيريا مجهرية وحيدة الخلية اسمها آكلة لحوم البشر ، وهي لعنة الله عز وجل على المنحرفين بعد مرض الإيدز الذي تئن منه البشرية الآن ، بسبب انحرافها ، في هذا الشهر من هذا العام بالذات توفي ستة أشخاص في بريطانيا بهذا المرض ، وبعد أيام توفيت امرأة في السادسة و الأربعين بهذا المرض .
 ما هذا المرض ؟ بكتيريا تأكل لحم المريض ، بمعدل بوصة بالساعة تأكل اللحم والعضلات ، الجلد والعضلات تأكلها عن آخرها ، وتبقي آثراً بجسم المريض يشبه أثر الحرق من الدرجة الخامسة ، ثم يموت المصاب على الفور ، أما مدة الوفاة فالوقت بين الإصابة والوفاة بحسب بدء مكان التآكل ، فإذا كان هناك أماكن عصبية ، لا تمتد حياة المريض إلا ساعة أو ساعتين ، إذا كان مرض الإيدز يعطي مهلة للمريض سنة أو سنتين ، فهذا المرض يعطيه ساعة أو ساعتين فقط ، أما إذا كان البدء في الأطراف فقد يمتد به الأمر إلى يومين فقط ، أي من ساعة إلى ساعتين ، ومن يوم إلى يومين ، ويقضي هذا المريض نحبه ، الأسباب هي أسباب مرض الإيدز بالذات ، خمور ومخدرات وفواحش وانحرافات ، هذا المرض ظهر في بريطانيا وفي أمريكا وفي كندا وفي اليابان ، وهذه البكتيريا التي سميت آكلة لحوم البشر هوائية ولا هوائية ، ومعنى أن هوائية ولا هوائية ، أي أنها قادرة على أن تنتقل وأن تحدث العدوى في كل الظروف ، وفي كل البيئات ، وشيء آخر أن آلية عملها لا تزال غامضة حتى اليوم .
 وأما قول النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح :

((لَمْ تَظْهَرَ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا ، إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا))

[ ابن ماجه عن عبد الله بن عمر ]

 فهذه الأوبئة الفتاكة القاتلة التي ليست في أسلافهم ، ولحكمة أرادها الله عز وجل أن الجزاء من جنس العمل ، وأن هذه الأمراض الوبيلة التي هي ردّ على انحراف البشر لعلها تردع الآخرين ، وهذا من رحمة الله عز وجل بالإنسان ، كان من الممكن أن يحاسب الإنسان على عمله في الآخرة فقط ، ولكن العقاب الأليم الذي ينزل بساحة المذنبين في الدنيا ، هو ردع لبقية المذنبين ، والمكافأة التي ينالها المحسن في الدنيا هي تشجيع لبقية المحسنين ، وهذا من رحمة الله بنا ، كان من الممكن أن يلغى المرض في الحياة والله على كل شيء قدير ، وكان من الممكن أن يؤخر الحساب كلياً إلى يوم القيامة ، لكن حكمة الله شاءت أن يعجل الله لبعض الانحرافات العذاب في الدنيا ليكون هذا العذاب ردع لبقية المسيئين ، وأن يعجل بعض المكافأة لبعض عباده المحسنين في الدنيا لتكون هذه المكافأة تشجيعاً لبقية المحسنين .
 أيها الأخوة الكرام ؛ التوفيق كل التوفيق ، والفوز كل الفوز ، والسعادة كل السعادة، والفلاح كل الفلاح ، بطاعة الله عز وجل ، ويكفينا أن الله سبحانه وتعالى يقول :

﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾

[ سورة الأحزاب : 71 ]

 أعيد عليكم فقرة ذكرتها في الخطبة الأولى : ما من مشكلة يعاني منها البشر إلا بسبب خروج عن منهج الله ، وما من خروج عن منهج الله إلا بسبب جهل تلبس به الإنسان ، فإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معا فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك ، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً .

 

الدعاء :

 اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شرّ ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت ، ولك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك ونتوب إليك ، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك . اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين . اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، ودنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين . اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك . اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين . اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين . اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك ، ومن الفقر إلا إليك ، ومن الذل إلا لك ، نعوذ بك من عضال الداء ، ومن شماتة الأعداء ، ومن السلب بعد العطاء . اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله عوناً لنا فيما تحب ، وما زويت عنا ما نحب فاجعله فراغاً لنا فيما تحب . اللهم صن وجوهنا باليسار ، ولا تبذلها بالإقتار ، فنسأل شرّ خلقك ، ونبتلى بحمد من أعطى ، وذم من منع ، وأنت من فوقهم ولي العطاء ، وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء . اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين . اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .

 

تحميل النص

إخفاء الصور