وضع داكن
29-03-2024
Logo
علم القلوب - الدرس : 32 - التوحيد والتفريد 4 - معرفة العبد بالله تعالى 2 صفات العارف بالله
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

العلم بالله هو العلم الذي يُعوَّل عليه في النجاة في الدنيا و الآخرة :

 أيها الأخوة الكرام: ذكرت من قبل أن هناك علماً بالله, وعلماً بأمره, وعلماً بخلقه؛ فالعلم بخلق الله أن تعلم هذه الحقائق في الكون؛ الفيزياء, والكيمياء, والرياضيات, والفلك, والطب, والهندسة, والجغرافيا, والجيولوجيا, هذا علم بخلقه, وجامعات الغرب متفوقة في هذه العلوم, وهناك علم بأمره، وكليات الشريعة في العالم الإسلامي متفوقة في هذه العلوم؛ الحلال والحرام, وأحكام الزواج والطلاق, والوكالة والحوالة والكفالة, وما إلى ذلك.
 لكن العلم الذي يُعوَّل عليه في النجاة في الدارين هو: العلم بالله؛ سمه إن شئت معرفة الله عز وجل, سمِّ الذي يعلم هذه الحقائق عارفاً بالله, مسميات أو أسماء لمسمى واحد.
 فقال: "من سكن إلى غير الله, فذلك من قلة معرفته بالله, ومن سكن إلى الله على ما ينبغي, -هنا يوجد شرح دقيق, أي اطمأن ولم يكن كما ينبغي أن يكون تماماً, اطمأن كما ينبغي أن يكون-, فهذا من قلة معرفته بالله أيضاً".
الله عز وجل إن رأى عبداً قد سكن واطمأن على غير ما ينبغي يفاجئه بتأديبه, ويتخلى عنه أحياناً.
 "من سكن إلى غير الله فذلك من قلة معرفته بالله, ومن سكن إلى الله على ما لا ينبغي فذلك لقلة معرفته بالله أيضاً".
 أي:

﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً﴾

[سورة السجدة الآية:16]

من هاب الله هابه كل شيء ومن لم يهب الله هابه الله من كل شيء :

 دقة الفكرة أحياناً الخوف يقود إلى اليأس, والطمع يقود إلى التساهل؛ فالله عز وجل يؤدب العبد إذا اطمأن أكثر مما ينبغي, ويقربه إذا يئس أكثر مما ينبغي.
 وقال أبو الوراق: "من صحت معرفته بالله, ظهرت عليه الهيبة والخشية؛ يخشى الله ويهابه الخلق, يهاب الله ويهابه الخلق, يخشى الله ويخشاه الخلق".
 هذه نقطة دقيقة جداً: بقدر خشيته لله يخشاه أهل الدنيا, بقدر هيبته لله يهابه الخلق؛ من هاب الله هابه كل شيء, ومن لم يهب الله هابه الله من كل شيء.
 يُحكى عن الحسن البصري أنه مرّ بصبيان يلعبون في السكة, فلما رأوه تنحوا عنه, فدنا منهم, فقال: "ما شأنكم تنحيتم؟ فقال واحد منهم: إنك أصلحت سرك مع ربك, فوقعت هيبتك في قلوبنا".
 هذا قانون لكل واحد من المؤمنين, إذا أصلح سره مع الله ألقى الله عليه الهيبة.
 هناك قصص كأنها خيال؛ يُروى أن السلطان العثماني أرسل الصدر الأعظم, ليدعو الشيخ بدر الدين لاحتفال في استانبول, -والصدر الأعظم كان رئيس وزارة, والدولة العثمانية كانت تحكم ثلثي العالم -, ركب البارجة من استانبول, إلى بيروت, ثم إلى الشام, ودخل على الشيخ, -معه دعوة من السلطان إلى استانبول-, فالشيخ له هيبة كبيرة جداً, قال له: لا أرغب أن أذهب إلى هذا المكان, انتهت الجلسة, رجع, وصل إلى الإسكندرون, تألم أشد الألم, صدر أعظم, ولم يتمكن أن يدعو عالماً في دمشق تنفيذاً لرغبة السلطان!؟ خاف من السلطان, وامتلأ غيظاً, فعاد ثانية -هكذا تصور-, ليأخذه بالقوة, دخل عليه, -طبعاً بعد أسبوع لأن السفر كان شاقاً بالباخرة أو بالبارجة-, فدخل عليه, كان يصلي, فلما سلم من صلاته, التفت, قال له: يا با, أنت هنا, قال له: نسيت أن أُقبّل يدك سيدي, ورجع مرة ثانية".
 ما هذه الهيبة؟ هذه هيبة الطاعة, هيبة الإخلاص, هيبة الخوف من الله, هيبة الزهد في الدنيا.
 الحسن البصري سئل: "بم نلت هذا المقام؟ قال: باستغنائي عن دنيا الناس, وحاجتهم إلى علمي".
 إذا كان من يعمل في الحقل الديني يحتاج إلى ما عند الناس, والناس مُستغنون عن علمه, انتهى العالم كله أساساً.
 فقال: "إنك أصلحت سرك مع ربك, فوقعت هيبتك في قلوبنا".

 

الله عز وجل يعطي المستقيم على أمره والمخلص له هيبة لا تقاوم :

 المؤمن المتصل بالله الله يعينه, يذله؟ مستحيل! بقدر طاعتك وإخلاصك الله يلقي عليك الهيبة, وهذا سر.
 يروون أن أبا لهب, أو أبا جهل, هناك إنسان له دَيْن على إنسان, استهزاء دفعوه إلى بيت النبي ليأخذ له حقه, يروى أن النبي خرج من بيته, وطرق باب أبي جهل, أو أبي لهب, قال له: "أعطه حقه, لم يتردد, وأعطاه حقه, الناس عجبوا لهذه الاستجابة السريعة, قال: والله! رأيت عليه مهابة لا تقاوم".
 الله عز وجل يعطي المستقيم على أمره والمخلص له هيبة, وهذا الشيء ثابت وواضح.
 وقضية الحسن البصري مع الحجاج قال لهم: "يا جبناء, والله لأورينكم من دمه, فأمر بقتله, وجاء بالسياف, والسياف واقف، وجيء بالحسن ليقتله, أعطى أمراً بقتله, دخل الحسن البصري, ورأى الحجاج بأعلى حالات الغضب, فقال: "يا ملاذي عند كربتي, يا مؤنسي عند وحشتي, اجعل نقمته علي برداً وسلاماً, كما جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم".
 الحجاج وقف له, -وهو لا يشعر-, واستقبله, وقربه, وأجلسه على سريره, وسأله, واستفتاه, وعطره, وأكرمه, وشيعه إلى باب القصر, تبعه الحاجب قال له: يا أبا سعيد! لقد جيء بك لغير ما فعل بك, فماذا قلت لربك وأنت داخل؟ قال له: قلت: يا ملاذي عند كربتي, يا مؤنسي عند وحشتي, اجعل نقمته عليّ برداً وسلاماً".
 أنت موصول بالله, لك هيبة؛ هذه هيبة أهل الحق, هذه هيبة الإخلاص, هذه هيبة الطاعة, هذه هيبة الزهد.

 

العارف بالله لا يعبد الله على موافقة الخلق بل يعامل الخلق على موافقة الخالق :

 قلت لكم يوم الجمعة قصة مفادها أن هارون الرشيد كان في الحج, وفي ساعة من ساعات الضيق, قال لوزيره الفضل بن الربيع: "انطلق بنا إلى رجل من أهل العلم, لعله يُسري علي, فطرقوا باب أول عالم, قال له: أجب أمير المؤمنين, خرج مسرعاً, وقال: يا أمير المؤمنين! لو طلبتني لأجبتك, -أنا آتي إليك-, جلس معه ساعة, حدثه, لم يشعر بشيء, قال له: أعليك دين؟ قال له: نعم, قال: يا عباس, اقض دينه, -متضايق-.
 انطلق بنا إلى رجل آخر, أيضاً طرق الباب, قال له: أجب أمير المؤمنين, فانطلق مسرعاً إليه, وقال: يا أمير المؤمنين! لو طلبتني لأتيتك, جلس معه ساعة, لم يرتاح, قال له: أعليك دين؟ قال له: علي دين, قال: اقض دينه, قال له: ما زلت ضائق النفس.
 مالوا لعالم ثالث, -يبدو أن الثالث قريب من الله-, قال له: أجب أمير المؤمنين, قال له: وما شأني وشأنه؟ قال له: أليس له عليك حق؟ فنزل, فتح الباب, ورجع, أطفأ المصباح, وجلس في زاوية الغرفة, وصلت كف أمير المؤمنين إلى يده في الظلام, قال له: ما ألين هذه الكف لو نجت من عذاب الله! وحدثه عن سيدنا عمر بن عبد العزيز, وكيف كان حوله رجال صلحاء, علماء كبار, نصحة, ومرة كيف سألهم, وكيف أجابوه, يقول له وهو يبكي, -والقصة طويلة-, قال له: أعليك دين؟ قال له: نعم, لله عز وجل, إن حاسبني سقطت حجتي, وإن عفا عني فهذا ما أرجوه, قال له: للعباد؟ قال له: لا, لا أشتري شيئاً لا أملك ثمنه, فبذل المستحيل أن يعطيه شيئاً أبداً, اعتذر, - والقصة لها تتمة, أي أنت عندما تكون مع الله لك هيبة-, وشعر براحة كبيرة جداً, وبكى بكاء شديداً, قال له: يا فضل, إن أردت أن تأخذني إلى عالم, فخذني إلى مثل هذا الرجل".
 فالإنسان إذا كان مع الله يكون له هيبة, ويكون موصولاً بالله.
 قيل: "العارف بالله من جعل قلبه لمولاه, وروحه لبلواه, وجسمه للمخلوقين في موافقة رضا الله"
 القلب لله, الروح لبلواه, صابر على بلاء الله عز وجل, قلبه معلق بالله, جسده صابر على بلوى الله عز وجل, وروحه أيضاً مستشرفة لعظمة الله.
 وقيل: "العارف بالله لا يعبد الله على موافقة الخلق, بل يعامل الخلق على موافقة الخالق".
 الأصل: الله عز وجل, فيتعامل مع الناس وفق منهج الله, ولا يتعامل مع الله وفق رغبة الخلق.

من أراد أن يعرف مكانته عند الله فلينظر فيما استعمله :

 الآن: هناك أشخاص مصلحته, وعمله, ورغباته, حتى المباحة هي الأصل, ويجعل علاقته بالله وفق مصالحه.
 أوضح مثل: إذا كان له مجلس علم, مجلس ذكر, لأتفه سبب يقول لك: والله ما تمكنت؛ الأصل مصالحه, الأصل رغباته, خططه, أما القريب من الله فالأصل الله عز وجل, فيجعل كل علاقاته بالخلق وفق خطته مع الله, بينما بعض الأشخاص يجعل كل علاقته مع الله وفق خطته مع الخلق, أي علاقته بالله تابعة لخطته مع الخلق, أما العارف بالله فعلاقته بالخلق تابعة لخطته مع الله عز وجل.
 "من أراد أن يعرف قدر معرفته بالله فلينظر قدر هيبته من الله في وقت خدمته لله".
 أي إن أردت أن تعرف مقامك فانظر فيما استعملك, إن أردت أن تعرف مكانة الله عندك فانظر قدر هيبتك له، أي أنت تعرف الله بقدر هيبتك له.

كلمة أرجو فيها أدب أما الجزم في مصير الخلق فهذا سوء أدب مع الله عز وجل :

 سئل محمد بن الواسع: "هل عرفت الرب؟ فسكت, قال: من عرفه طلبه, ومن طلبه وجده, ومن وجده أنس به, ومن أنس به استوحش بغيره".
 وقال بعضهم: "إن من المسائل مسائل جوابها السكوت, إذا سئل الرجل: هل أنت العارف بالله؟ أو هل تعرف الله؟ أو هل تخاف من الله؟ أو هل أنت مؤمن؟ فإن قال: لا, فقد كفر, وإن قال: نعم, فليس وصفه وصف العارفين الخائفين".
 وهذه نقطة دقيقة: أحياناً السكوت أبلغ جواب, الإنسان يتحدث بألف موضوع, أما إذا وصف نفسه وصفاً معيناً فكأنه أساء الأدب مع الله عز وجل, أنا أعرف هنا يوجد إساءة أدب مع الله، أرجو الله أن أكون كذلك.
 قالت له: "هنيئاً لك أبا السائب! لقد أكرمك الله, فالنبي ما قبل هذا الكلام, قال لها: ومن أدراك أن الله أكرمه؟ قولي: أرجو الله أن يكرمه, وأنا نبي مرسل, لا أدري ما يفعل بي ولا بكم, أرجو الله أن يكرمه".
 الرجاء فيف أدب, أما الجزم ففيه تأل على الله عز وجل, فلان ما منه خير, تأل على الله, فلان هذا من أهل الجنة, من أنت؟ نبي أنت؟ تقول له: أنت من أهل الجنة, من قال لك ذلك؟ قل: أرجو الله أن يكون من أهل الجنة.
كلمة أرجو فيها أدب, أما الجزم والقطع في مصير الخلق فهذا سوء أدب مع الله عز وجل.
 قال له: "هل تعرف الله؟ هل تخاف من الله؟ هل أنت مؤمن؟ إذا قال: لا, فقد كفر, وإن قال: نعم, فليس في أدبه وصف مع الله عز وجل".

في الدنيا جنة من لم يدخلها لن يدخل جنة الآخرة هي جنة القرب من الله عز وجل :

 قال بعض العارفين: يقول الله عز وجل: "وعزتي وجلالي, ما عرفني من لم يحبني, وكيف لا يحبني وقد عرفني؟ وأين يذهب ولا هو يجد مثلي؟ ولا عبدني من لم يذكرني, ولا علم قربي من لم يأنس بي".
 أي مستحيل أن تعرفه ولا تحبه, ومستحيل أن تحبه ولا تتقرب إليه, ومستحيل إذا تقربت إليه أن تأنس بغيره, هذه كلها مستحيلات.
 وقال مالك بن دينار: "إن في الدنيا جنة, من لم يجدها لم يشتق معها إلى شيء آخر".
 إذا الإنسان وصل إلى الله لا يشتهي شيئاً آخر، من عرف الله زهد فيما سواه.
 يُروى عن سيدنا علي -كرم الله وجهه- أنه قال: "لا أحب إن أماتني الله في صغري, ورفعني في عليين, قيل: ولم؟ قال: تركني حتى عرفته، ليس العجب ممن وجد الجنة في العقبى, ولكن العجب من وجد الجنة في الدنيا".
 طفل صغير, ذهب إلى الجنة, شيء طبيعي جداً, لأنه غير مكلف, أما البطولة فأن تصبح رجلاً في الأربعين, في الخمسين, في الستين, وأنت قريب من الله, إلى درجة أنك في الجنة.
 لذلك قالوا: في الدنيا جنة من لم يدخلها لن يدخل جنة الآخرة، هي جنة القرب من الله عز وجل.

صفات العارف بالله :

 وقالوا: "للعارف ثلاث علامات؛ لا يطفىء نورُ معرفته بالله نورَ ورعه, أي هناك شخص إذا عرف الله, وعرف رحمته, قل ورعه, هذا ليس عارفاً بالله, كلما ازددت معرفة به ازداد ورعك-, من لم يطفئ نورُ معرفته بالله نورَ ورعه, ولا يدعي باطناً من العلم ينقضه ظاهر من الحكم, -يدعي دعوى كبيرة, سلوكه الظاهر لا يؤيدها, هذا ليس عارفاً بالله-, ولا تحمله الكرامات على هتك أستار الحرمات".
 وقيل: "العارف بالله يُقبل عليك بوجهه وكأنه لا يعرف غيرك, أو يقوم عنك وكأنه لم يعرفك قط".
 أي إذا كان أقبل على عمل طيب كأنه لا يعرف غيرك, وإذا كانت مصلحته لا تتوافق مع بقائه مع هذا الإنسان ينصرف عنه وكأنه لا يعرفه.
 هذا يوافق ما قالته السيدة عائشة -رضي الله عنها-, سئلت عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- فقالت: " يكون معنا يحدثنا ونحدثه, فإذا حضرت الصلاة, فكأنه لا يعرفنا ولا نعرفه".
 أي إذا أقبل على عمل يُقبل عليه بكليته, فإذا انصرف إلى الله عز وجل ينصرف بكليته.
 هذه بعض صفات العارفين بالله.

أصل الدين معرفة الله عز وجل :

 على كلٍّ؛ يجب أن يكون كل مؤمن عارفاً بالله, لأن أصل الدين معرفة الله عز وجل, ومعرفة الله إن صحت صحّ معها كل شيء؛ أن تصل إلى الله, وأن تعرفه, وأن تحبه, وأن تؤثره على ما سواه, وأن تخلص له, هذا جوهر الدين, وهذا الذي كان عليه أصحاب رسول الله, أما حينما يبقى الدين شعائر, وعبادات شكلية ظاهرية, ويفرغ من مضمونه الأخلاقي, ومن مضمونه الوجداني, ويبقى فلكلوراً, وعادات, فينتهي.
 وهذا ما انتهى إليه الإسلام في معظم بلاد المسلمين؛ الإسلام أقواس, وزخرفة, وزينة, وفلكلور, ومصاحف مزينة, ومساجد فخمة جداً, واحتفالات, وألقاب علمية, ومكتبات, وجامعات, ومؤتمرات, هذا الإسلام.
 لكن: ادخل إلى بيوت المسلمين لا يوجد إسلام, بيت كبيوت الشاردين عن الله عز وجل, هذا الإسلام مضمونه ومحتواه الأخلاقي, ومحتواه الوجداني, بقي مظاهر فلكلورية أو تراث.
 كلمة دقيقة الآن: الناس يسمون الدين تراثاً, هؤلاء الشاردون عن الله, كيف نأكل طعاماً معيناً؟ مثلاً: لنا أطعمة خاصة بنا, حمامات خاصة, لنا احتفالات خاصة, عندنا رقصات خاصة, وعندنا تراث ديني, أيضاً التراث الديني فرغ من مضمونه؛ أما الدين فمنهج, والدين صلة بالله عز وجل, والإنسان المؤمن إنسان متميز, وإنسان فذ.
 فالإيمان مرتبة أخلاقية, ومرتبة علمية, ومرتبة جمالية؛ مرتبة أخلاقية لا يوجد إنسان مؤمن لا يوجد عنده قيم أخلاقية صارمة, لا يوجد إنسان مؤمن ليس على معرفة بالله عز وجل, لا يوجد إنسان مؤمن إلا وهو أسعد الخلق.
البارحة كان هناك جلسة, عندنا طلاب علم, أحدهم قال لي: أنا عمري بالخامسة والعشرين, فخطر في بالي أن أحج, وصف لنا الحج الذي أكرمه الله به, شيء غير معقول! قال لي: كنت في فوج فيه سبعمئة شخص, صار لي حالة قرب من الله كبيرة جداً, وشعر أنه كسب شيئاً في الحج, شيء لا يوصف, فقلت: سبحان الله! يعطي الله الإنسان على قدر إخلاصه.
 تجلس أحياناً مع إنسان, يحدثك عن كل شيء إلا الحج؛ نوع الأكل, والشرب, والطائرة, والدخول, والخروج, والإقامة, وأنت في الطواف ماذا شعرت؟ ما هذه المشاعر التي امتنَّ الله بها عليك؟ ما هذا القرب الذي حباك الله به؟ لا يعرف شيئاً, تجد إنساناً آخر يحج إلى بيت الله الحرام مخلصاً, فله حال مع الله كبيرة جداً.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور