- الخطب
- /
- ٠1خطب الجمعة
الخطبة الأولى:
الحمد لله ثم الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكلي إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً بربوبيته ، وإرغاماً لمن جحد به وكفر ، وأشهد أن سيدنا محمداً صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رسول الله سيد الخلق والبشر ، ما اتصلت عين بنظر ، أو سمعت أذنٌ بخبر ، اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريته ومن والاه ، ومن تبعه إلى يوم الدين ، اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم ، ولا تعذبنا فإنك علينا قادر ، والطف بنا فيما جرت به المقادير ، إنك على كل شيء قدير ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
ثماني آيات في سورة النساء هن خير مما طلعت عليه الشمس وغربت :
أيها الأخوة المؤمنون : يقول ابن عباس رضي الله عنه : ثماني آيات في سورة النساء هن خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت ، الآيات هي :
﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ﴾
الثانية :
﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ﴾
الثالثة :
﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ﴾
الرابعة :
﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾
الخامسة :
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾
السادسة :
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾
السابعة :
﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً ﴾
الثامنة :
﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾
ابن عباس رضي الله عنه الذي دعا له النبي عليه الصلاة والسلام بأن يعلمه الله التأويل ، يقول : هذه الآيات الثمانية هي خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت .
الآية الأولى :
﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ ﴾
أيها الأخوة الكرام ؛ لو تتبعنا الآيات التي على شاكلة هذه الآية :
﴿ يُرِيدُ اللَّهُ﴾
لوجدنا أن الله سبحانه وتعالى يريد أن يبين لنا ، ويريد أن يتوب علينا ، ويريد أن يخفف عنا ، ويريد بنا اليسر ، ويريد ليطهرنا ، ويريد أن يتم نعمته علينا ، ويريد الآخرة ، ويريد أن يحق الحق.
﴿إِنَّ رَبَّكَ فعال لِمَا يُرِيدُ ﴾
أيها الأخوة الكرام ؛ يريد الله سبحانه وتعالى :
﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾
الله سبحانه وتعالى تولى البيان و ما من واقعة إلا و لها حكم شرعي :
قال علماء التفسير :
﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ ﴾
أمر دينكم ، كي تصلح دنياكم وآخرتكم، وكي تسعدون في دنياكم وآخرتكم ، ومن بيان الله عز وجل أنه يبين ما يحل لنا ، وما يحرم علينا ، وهذا يدل أيها الأخوة على أنه لا تخلو واقعة في الدنيا من حكم الله ، لا يخلو حدث ، ولا موقف ، ولا واقعة في الدنيا من حكم الله ، لأن الله سبحانه وتعالى تولى البيان ، فإذا كانت هناك واقعة لا بيان لها ، إذا كان هناك حدث لا حكم له ، فهذا مناقض لهذه الآية ، استنبط علماء التفسير من أنه لكل واقعة على الإطلاق حكماً شرعياً ، من فرض ، أو واجب ، أو مندوب ، أو سنة ، أو مستحب ، أو مباح ، أو مكروه تنزيهاً ، أو مكروه تحريماً ، أو محرم ، ما من موقف ، ما من حركة ، ما من تصرف ، ما من شيء إلا وله حكم في الشرع .
أيها الأخوة الكرام ؛ يؤكد هذا المعنى قول الله عز وجل :
﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾
فالإكمال نوعي ، والإتمام عددي ، أي أن مجموع القضايا التي عالجها القرآن الكريم تام ، وأن طريقة المعالجة كاملة ، إذاً ما من واقعة ، ما من موقف ، ما من تصرف ، ما من عطاء ، ما من أخذ ، ما من صلة ، ما من قطيعة ، ما من غضب ، ما من رضا ، ما من حركة ، إلا ولها حكم في الشرع ، لذلك أيها الأخوة : إن المؤمن الحق بعد أن آمن بالله واحداً ، وكاملاً ، يتحرى أمر الله عز وجل ، وينتقل إلى تطبيقه ، وهذا شغله الشاغل .
توضيح الله عز وجل الحلال و الحرام و الحق و الباطل في كتابه :
أيها الأخوة الكرام ؛ إذا بدا لنا لقصور في إدراكنا أن هذا التصرف لا حكم له في الشرع ، هذا خطأ ووهم منا ، أو هذا من تقصير المجتهدين في استنباط الأحكام الفرعية من الأصول الكلية في الشريعة الإسلامية ، لا يعقل أن يدعنا الله بلا أمر أو نهي ، لا يعقل أن يدعنا الله بلا حكم ، ماذا نعمل في هذه الواقعة ؟
أيها الأخوة الكرام ؛ باب الاجتهاد لا يغلق ، لكن للمجتهد شروطاً ، إذا توافرت ففي إمكانه أن يستنبط من الأحكام الكلية أحكاماً تفصيلية للمستجدات في حياتنا .
أيها الأخوة الكرام ؛ الآية تقول :
﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ ﴾
فالله سبحانه وتعالى أثبت إرادته والإرادة أبلغ من الحدث .
﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ﴾
ماذا تعني الآية الثانية؟ الحق والباطل موضح في كتاب الله ، والحلال والحرام موضح في كتاب الله ، والخير والشر موضح في كتاب الله ، وطريق الهدى وطريق الضلال موضح في كتاب الله ، ماذا تعني قصص الأقوام السابقة ؟ إنها تعني شيئاً خطيراً ، هي برهان عملي على الأحكام النظرية ، هذا هو الحق ، وهذا هو الباطل ، وهؤلاء القوم سلكوا طريق الحق ، فقطفوا هذه الثمار ، وهؤلاء القوم حادوا عن طريق الحق فدفعوا ثمن انحرافهم ، إن القصة أيها الأخوة حقيقة مع البرهان عليها ، الله سبحانه وتعالى رأفةً بنا ، ورحمة بنا ، لم يقتصر في كتابه المنزل على نبيه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن بين لنا الحق والباطل ، والخير والشر ، والحلال والحرام ، ولكن أعطانا مؤيدات ، وبراهين ، من واقع بني جلدتنا ، أقوام عرفوا ربهم واستقاموا على أمره فاستخلفهم الله في الأرض ، وجعل كلمتهم هي العليا ، ومكن لهم دينهم في الأرض ، وأقوام حادوا عن طريق الحق فجعلهم الله نكالاً وعبرة لبقية الأمم ، شيء رائع ومتكامل أن تأتي الحقيقة وأن تأتي قصة تؤكدها ، أن يوصف طريق الحق ، وأن يؤيد هذا الوصف بأقوام سلكوه فقطفوا ثماره ، وأن يشرح طريق الباطل وأن تأتي قصة تبين أن هؤلاء حادوا عن هذا الطريق فدفعوا ثمن انحرافهم ، الآية دقيقة جداً :
﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ﴾
لماذا ؟
﴿ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ﴾
من أجل أن تسلكوا طريق الحق ، من أن أجل أن تتوبوا فيقبل الله توبتكم ، من أجل أن تتوبوا فتسعدوا بتوبتكم ، من أجل أن تتوبوا فتحققوا الغاية من وجودكم .
﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾
المثل العليا لا تعيش إلا بالمثل الحي :
أيها الأخوة الكرام ؛ أحياناً لا يكتفي الإنسان بالمبادئ النظرية ، يحتاج إلى تطبيقات عملية ، لا يكتفي الإنسان أحياناً بالفكرة من دون برهان ، لا يكتفي الإنسان بالمثل من دون أن تجسد في أشخاص ، لا يكتفي الإنسان بنظام رائع من دون أن يراه متمثلاً في مجتمع ، لعل مجتمعاً مسلماً طبق في حياته منهج الله ، فتألق من بين الأقوام ، هذا أهدى للبشرية ، من آلاف الوعاظ ، والكتاب ، والخطباء ، لأنه مثلٌ حي ، والمثل العليا لا تعيش إلا بالمثل الحي ، لهذا كانت حياة الأنبياء إعجازاً ، وكانت أعمالهم خارقة ، لأنهم طبقوا في سلوكهم ما قالوه في ألسنتهم .
أيها الأخوة الكرام ؛ موقف الأقوام السابقة من منهج الله ، إن اتبعوا منهج الله سعدوا به فارتقوا في الدنيا والآخرة ، وإن حادوا عنه شقوا بانحرافهم عنه ، فشقوا في الدنيا وكان شقاؤهم محققاً في الآخرة .
ثبات القيم في كل زمان و مكان :
أيها الأخوة الكرام ؛ استنبط العلماء أيضاً من هذه الآية ، من الفقرة التالية من الآية أنه ما حرم علينا حرم على من قبلنا ، وما أحلّ لنا أحلّ لمن قبلنا ، إجمالاً لا تفصيلاً ، لأن الحق لا يتعدد ، ولأن هذا ينقلنا إلى موضوع خطير ألا وهو ثبات القيم ، دعاة الشيطان ، دعاة الكفر ، المنحرفون ، الفجار هؤلاء يزعمون أن كل شيء متبدل في الحياة الدنيا ، أن القيم كلها نسبية ، وأن القيم كلها متغيرة ، لكن هذا يؤكد أن الحق حق في أي مكان وزمان ، وأن الباطل باطل في أي زمان ومكان ، وأن النفس البشرية فطرت على الخير وعلى كره الشر ، وقد قال الله عز وجل :
﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾
التبيين من أمانة العلماء :
أيها الأخوة الكرام ؛ شيء آخر من لوازم هذه الآية :
﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ﴾
أن خلقه بيان لنا ، وأن قرآنه بيان لنا ، وأن سنة نبيه القولية بيان لنا ، وأن سنته العملية بيان لنا، وأن دعوة العلماء الصادقين المخلصين بيان لنا ، وأن تربية الله النفسية للإنسان نوع من البيان أيضاً ، وهذا تؤكده الفطرة التي فطر الإنسان عليها ، وقد قال الله عز وجل كما قلت قبل قليل .
﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾
وهذه كما قال العلماء : أمانة العلماء في التبيين .
﴿لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ﴾
فالتبيين من أمانة العلماء الذين ينقلون ما في الكتاب والسنة إلى الناس .
أيها الأخوة الكرام ؛ هذا الذي يبين الحق ، ويحذر من الباطل ، هذا الذي يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، هذا الذي يبين طريق الجنة ، ويحذر من طريق النار ، هذا يحقق الهدف من وجود الإنسان ، هذه الآية الأولى التي قال عنها ابن عباس رضي الله عنه من الثمانية التي هي خير لهذه الأمة مما طلعت عليه والشمس وغربت .
الإنسان بين إرادتين ؛ بين إرادة الرحمن ودعوة الشيطان :
أيها الأخوة الكرام ؛ الآية الثانية :
﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً ﴾
﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ﴾
الإنسان بين إرادتين ، بين إرادة الرحمن ودعوة الشيطان ، الله سبحانه وتعالى يريد أن نتوب إليه ، ليقبل توبتنا ، وليغفر خطيئتنا ، وليقربنا ، وليسعدنا .
﴿ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ ﴾
دقة الآية بالغة جداً ، هؤلاء الذين يدعونك إلى الباطل ليسوا على الحق ، إنهم يتبعون شهواتهم ، إن شهواتهم تتحكم بهم ، إن إلههم هواهم ، هؤلاء يبحثون عن ملذاتهم ، وعن مصالحهم ، ولا يعتد بهم في ميزان الحق والباطل ، لذلك هؤلاء يريدون
﴿ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً ﴾
وكأن في طبيعة النفس أنها إذا انحرفت تتمنى أن ينحرف الجميع معها ، لذلك تجد المنحرف يدعو الناس إلى أن ينحرفوا مثله ، يشجعهم على المعصية ، يدعوهم إلى الانحراف ، يدعوهم إلى السقوط ، لعله يتوهم أن الباطل إذا انتشر لم يعد باطلاً ، لكن الباطل باطل ولو كان منتشراً، ولو كان منحسراً .
أيها الأخوة الكرام ؛
﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ﴾
أي يريد توبتكم ، وإن الله كما قلت فعال لما يريد ، في مطلع الخطبة ، إذاً إن أفعاله كلها تتجه إلى أن يحمل الإنسان على التوبة ، وكأن الله سبحانه وتعالى يسوق إلى هذا الإنسان من الشدائد ما يحمله على التوبة، وهذا ما يؤكده قوله تعالى :
﴿تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا﴾
أي ساق إليهم من الشدائد ما يحملهم على التوبة ، ولا تدهش أيها الأخ الكريم أنك إذا رأيت في مجتمع المؤمنين عدد كبير ساقتهم المصيبة إلى أعتاب الله ، وقادتهم الشدائد إلى التوبة ، وحملتهم على الطاعة والإنابة ، وهذا من تربية الله لهذا الإنسان ، وهذا مظهر من ربوبية الله عز وجل ، أي تربية الله عز وجل لهذا الإنسان الشارد ، إذا تاب العبد توبةً نصوحة ، أنسى الله حافظيه والملائكة وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه ، والله سبحانه وتعالى كما ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أفرح بتوبة عبده من الضال الواجد ، والعقيم الوالد ، والظمآن الوارد ، إذا جاءت توبة الله قبل توبة العبد فهي الشدائد التي تحمل على التوبة ، وإن جاءت توبة الله بعد توبة العبد فتعني قبول التوبة ، والمعنيان متكاملان في التوبة .
الشدائد التي تنتهي إلى الصلح مع الله هي من النعم الباطنة :
أيها الأخوة الكرام ؛ قال بعض المفسرين :
﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾
الشدائد التي تنتهي إلى الصلح مع الله ، والإنابة إليه ، والإقامة على أمره ، هي النعم الباطنة الني نظنها أحياناً نقماً ، وليست نعماً ، إنها في الحقيقة نعم باطنة .
﴿ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً ﴾
أي هؤلاء أصحاب الأهواء ، أصحاب الانحرافات لا يعنيهم إلا أن يشدوا الناس إلى جادتهم ، إلا أن يحملوا الناس على انحرافهم ، إلا أن يكفروا أهل الباطل ، فلعل هذا يخفف عنهم من عذابهم .
المؤمن بين دعوتين ؛ دعوة إلى التوبة ودعوة إلى الانحراف :
أيها الأخوة الكرام ؛ يجب أن يكون المؤمن صاحياً ، إنه بين دعوتين ، دعوة إلى التوبة ودعوة إلى الانحراف ، دعوة إلى الله ورسوله ، ودعوة إلى الدنيا ، وبعد الدنيا ، وليس بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار .
أيها الأخوة الكرام ؛ ماذا يعني اتباع الشهوات ؟
﴿ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً ﴾
قال تعالى :
﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ﴾
إن الغي الذي لقيه ، ويلقاه كل منحرف عن طريق الحق هو جزاء عادل لاتباع الشهوة التي حرمها الله عليه .
الشهوات حيادية :
أيها الأخوة الكرام ؛ الآية الثالثة التي هي من ضمن الآيات التي قال عنها ابن عباس رضي الله عنه : إن هذه الآيات خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت ، قال تعالى :
﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً ﴾
ما معنى التخفيف في هذه الآية ؟ الله سبحانه وتعالى أودع في الإنسان الشهوات، ولكن هذه الشهوات ما أودعها فيه إلا ليرقى بها ، لكن إذا أساء استعمالها شقي بها ، إنها حيادية ، ومن تخفيف الله علينا في موضوع الشهوات التي أودعها الله فينا أنه ما من شهوة أودعها الله فينا إلا وجعل لها قناة نظيفة يمكن أن تسري خلالها ، لو استعرضت الشهوات شهوةً شهوة ، ما من شهوة إلا ولها طريق مشروع ، يفعله الإنسان وهو مطمئن البال ، يفعلها الإنسان واتصاله بالله مستمر ، لا يشعر أنه ارتكب إثماً ، ولا انحرف عن طريق الحق ، لأنه مارس هذه الشهوة وفق المنهج الذي رسمه الله ، فالزواج مشروع ، وكسب المال مشروع ، والتفوق في الحق مشروع ، ولعمري إنها الشهوات الثلاث ؛ الأولى لحفظ بقاء الفرد ، والثانية لحفظ بقاء النوع ، والثالثة لحفظ الذكر ، والثلاث لها قنوات نظيفة يمكن أن يحقق الإنسان فيها هدفه المشروع من دون أن يشعر أنه ارتكب إثماً ، أو انحرف عن جادة الطريق .
أيها الأخوة الكرام ؛ لكن المجتمعات الجاهلة تفرض قيوداً على المنهج الذي رسمه الله عز وجل ، مثلاً العقبات التي توضع أمام الشباب في سبيل أن يستكملوا نصف دينهم هذه العقبات ليست في أصل الدين ، ولكنها من أعراف المجتمع التي ينبغي أن ننبذها ، فإذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه .
﴿إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ﴾
الشيء الذي أودعه الله في الإنسان يمكن أن يسري في قناة نظيفة من دون حرج، أما أن نضع العراقيل ، وأن نضع العقبات ، وأن نضع الشروط التعجيزية ، فهذا من شأنه أن ينحرف بالمجتمع إلى الفساد الذي لا يرضي الله عز وجل ، وله عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع .
الحكمة من خلق الإنسان ضعيفاً :
أيها الأخوة الكرام ؛
﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً ﴾
ولعمري إن هذا الضعف خلقي ، ليس انحرافاً في الإنسان أن يكون ضعيفاً ، ولا ذنباً في الإنسان أن يكون ضعيفاً ، هذا الضعف في أصل خلقه ، وما خلقه الله ضعيفاً إلا ليفتقر في ضعفه فيسعد في افتقاره ، ولو خلقه قوياً لاستغنى بقوته فشقي باستغنائه .
أخوة الإيمان : طبيعة الإنسان أنه كثير الخوف ، ضعيف ، شديد الحرص ، قال تعالى :
﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾
يا رب لم كانت مشيئتك أن تخلق الإنسان هكذا ؟ خلقه ضعيفاً ليتصل بالله عز وجل ، الإنسان إذا ألمت به مصيبة بادر إلى مناجاة الله ، بادر إلى الإنابة إلى الله ، لولا ضعفه لما حمله ضعفه على أن يتصل بالله عز وجل ، وسعادته الاتصال بالله ، إذاً كان ضعفه باعثاً على توبته ، وضعفه باعثاً على صلاح ذات بينه ، وضعفه باعثاً على إسعاده في الدنيا والآخرة.
أيها الأخوة الكرام ؛ وأما إذا حلّ بالإنسان نعمة ، وخشي أن تزول سارع إلى الدعاء ، والشكر ، والعرفان ، والطاعة ، بحثاً عن دوامها ، وعن استقرارها ، إذاً ضعف الإنسان في الأصل لصالحه ، هذا معنى قوله تعالى :
﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ ﴾
أي ما من شهوة أودعها فيكم إلا ولها طريق مشروع ، وما من مشقة إلا ومعها يسر ، وما من تكليف إلا ومعه رخصة أحياناً تخفف من وقع هذا التكليف .
﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً ﴾
ليفتقر في ضعفه فيسعد بافتقاره ، ولو خلق قوياً لاستغنى بقوته فشقي باستغنائه .
الآيات التالية مفتاح سعادتنا و نجاحنا و تفوقنا :
أيها الأخوة الكرام ؛ هذه الآيات الثلاث التي نوه بها ابن عباس رضي الله عنه .
﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ ﴾
﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ﴾
﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ ﴾
وبقيت الآيات .
﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ﴾
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾
﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً ﴾
والآية الأخيرة :
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾
هذه الآيات كلها في سورة النساء ، وكل آية أيها الأخوة من هذه الآيات يمكن أن تكون مفتاحاً لسعادتنا ، مفتاحاً لنجاحنا ، مفتاحاً لفلاحنا ، مفتاحاً لتفوقنا ، فالإنسان أيها الأخوة معه كتاب من عند الله عز وجل ، فيه بيان لكل شيء ، وهنيئاً لمن كان يعمل في الدنيا في بيان الحق للناس فهذا من أعظم الأعمال ، بل إن هذا من صنعة الأنبياء التي ذكرها الله عز وجل في القرآن الكريم :
﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾
أيها الأخوة الكرام ؛ أعيد على أسماعكم مرة ثانية الآيات التي فيها يريد الله .
﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ ﴾
﴿ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ﴾
﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ ﴾
يريد الله لكم اليسر ، يريد الله ليطهركم ، وليتم نعمته عليكم ، والله يريد الآخرة ، ويريد الله أن يحق الحق بكلماته .
﴿ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾
إذاً كل أفعال الله عز وجل من أجل تحقيق هذه الإرادة التي هي في صالح الإنسان .
أيها الأخوة الكرام ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا ، الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني . والحمد لله رب العالمين .
* * *
الخطبة الثانية :
أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
تذكية الذبيحة :
أيها الأخوة الكرام ؛ لا يجوز أكل الذبيحة إلا إذا كانت مذكاةً ، والتذكية في الشرع كما قال الفقهاء هي أنهار الدم أي أن يجري الدم من الذبيحة كالنهر ، وفري الأوداج ، وأن تقطع الشرايين والأوردة التي في رقبة الذبيحة ، مقروناً بالقصد لله ، وذكر اسم الله عليها ، وبهذه الطريقة يضمن الشرع استنزاف الدم من الحيوان ، بقطع شرايين الرقبة وأوردتها ، وعندئذٍ لا يحتجز الدم بأنسجة الحيوان ، والعين السليمة بإمكانها أن تميز بين الذبيحة المذكاة والذبيحة غير المذكاة ، فالذبيحة غير المذكاة زرقاء اللون ، يابسة المجس ، والذبيحة المذكاة وردية اللون، لينة المجس .
الأضرار الناتجة عن بقاء الدم في أنسجة الذبيحة :
أيها الأخوة ؛ ماذا يفعل الدم إذا بقي في أنسجة الذبيحة ؟ قال العلماء : إن هذا الدم يتحلل ، وتخرج منه مواد حامضية تؤدي إلى تيبس اللحم ، الدم يتحلل ويخرج من هذا التحلل مواد حامضية تؤدي إلى تيبس لحم الذبيحة ، وينتج من تحلل هذا الدم أيضاً تفاعل مكونات الدم في الأنسجة ، ينتج من هذا التفاعل غازات سامة التأثير ، كريهة الرائحة ، هذه الغازات السامة تؤدي إلى فساد الذبيحة ، وقال العلماء : تناول الدم ولو بكمية قليلة يؤدي إلى ارتفاع منسوب البولة الدموية ، وارتفاع منسوب البولة الدموية يؤدي إلى تغيرات دماغية تهدد درجة الوعي ، فالذبيحة غير المذكاة ترفع نسبة البولة في الدم ، لأن الدم فيها ، وهذه النسبة إذا ارتفعت تهدد الدماغ بضعف درجة الوعي ، والله سبحانه وتعالى ذكر في القرآن الكريم أنواعاً من اللحوم غير المذكاة ، فذكر المنخنقة ، التي تموت خنقاً بحبس النفس ، وذكر الموقوذة ، التي تموت ضرباً بالعصا أو بالحجر ، وذكر المتردية ، التي تسقط من ارتفاع فتموت ، وذكر النطيحة ، التي تنطحها أخرى فتموت ، وذكر وما أكل السبع ، الدابة التي يفترسها سبع ذو ناب، والعلة في هذه اللحوم كلها أن الدم بقي في أنسجتها .
بقي شيء من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام ، النبي عليه الصلاة والسلام حينما كان يذبح الدابة يقطع أوداجها ، من دون أن يقطع رأسها ، وتعلمون أيها الأخوة أن القلب ينبض النبضات النظامية بمؤثر كهربائي ذاتي ، لكنه لا يرتفع نبضه إلى أعلى درجة إلا بمؤثر خارجي يبدأ من الدماغ ، فلو أننا قطعنا رأس الغنمة ، أو الذبيحة لانقطع التأثير الاستثنائي ، عندئذٍ لا يستطيع القلب بنبضاته الاعتيادية أن يخرج كل الدم من الدابة ، القلب بعد الذبح له مهمة خطيرة وهي إخراج الدم كله من جسم الذبيحة ، ولا يكون هذا إلا بضربات عالية التواتر ، وهذه الضربات عالية التواتر تحتاج إلى أمر استثنائي يبدأ من الرأس ، فإذا قطع الرأس بقي القلب ينبض النبضات النظامية ، وربما هذه النبضات لا تكفي لإخراج الدم من الذبيحة ، أليس هذا من دلائل النبوة ؟ هل كان في عهد النبي عليه الصلاة والسلام معطيات علمية وصلت إلى هذا الكشف العلمي ؟
الأنواع التي استثناها النبي من الذبيحة :
شيء آخر : قد يسأل سائل فما بال السمك نأكله ميتاً ؟ وهل دم السمك غير دم الدواب الأخرى ؟ يجيب العلماء عن هذا التساؤل بأن للسمك خاصة أودعها الله فيه ، هي أن السمكة إذا اصطيدت ، وخرجت من الماء ، انتقل دمها كله إلى غلاصمها ، وكأنها ذبحت ، لذلك استثنى النبي عليه الصلاة والسلام من تناول ما مات من الحيوانات السمك ، وفي الحديث ورد الحوت ، لذلك هذا من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام ، فالسمك إذا اصطيد وخرج من الماء انتقل دمه كله إلى غلاصمه ، وكأنه ذبح تماماً .
أيها الأخوة الكرام ؛ هذا كله يؤكد أن هذا القرآن كله من عند الله ، وأن كلام النبي عليه الصلاة والسلام .
﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾
وأن علماء العقيدة قالوا : إن هناك وحياً متلواً هو القرآن الكريم ، وهناك وحياً غير متلو هو السنة المطهرة .
الدعاء :
اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت ، ولك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك ونتوب إليك ، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك . اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ، ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين . اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، ودنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين . اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك . اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين . اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً ، وسائر بلاد المسلمين . اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك ، ومن الفقر إلا إليك ، ومن الذل إلا لك ، نعوذ بك من عضال الداء ، ومن شماتة الأعداء ، ومن السلب بعد العطاء . اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله عوناً لنا فيما تحب ، وما زويت عنا ما نحب فاجعله فراغاً لنا فيما تحب . اللهم صن وجوهنا باليسار ، ولا تبذلها بالإقتار ، فنسأل شر خلقك ، ونبتلى بحمد من أعطى وذم من منع ، وأنت من فوقهم ولي العطاء ، وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء . اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين . اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .