وضع داكن
25-04-2024
Logo
موضوعات إسلامية - متفرقة : 102 - الإنسان صفاته قبل الإيمان وبعد الإيمان
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

الإنسان في أصل جبلته شديد الهلع كثير الجزع :

 أيها الأخوة الكرام، الله جلّ جلاله يصف الإنسان بأنه هلوع جزوع، لكن قال علماء التفسير كلمة إنسان إذا جاءت معرفة بال في أي مكان في القرآن الكريم تعني الإنسان قبل أن يعرف الله، هناك إنسان عرف الله له خصائص، ما دليل ذلك؟ قوله تعالى:

﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾

[ سورة المعارج : 19 ]

 في أصل جبلته شديد الهلع، كثير الجزع:

﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً*إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً* وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً* إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾

[ سورة المعارج : 19 ]

 إذاً ممكن أن تقول: هناك إنسانان، إنسان منقطع عن الله له خصائص، وإنسان متصل بالله له خصائص، فالفرق بين المؤمن المتصل وغير المؤمن المنقطع فرق كبير جداً، كالفرق تماماً بين قطعة لحم مشوية طازجة وأنت جائع جداً، وبين قطعة لحم متفسخة، الاثنتان من اللحم، لكن هناك قطعة لحم تتمنى أن تأكلها، وهناك قطعة لحم تهرب مئة متر من ريحها الذي لا يحتمل، هذا المثل لا يبتعد كثيراً عن الفرق بين المؤمن وغير المؤمن، تعيش مع المؤمن بسعادة كبيرة، صادق إذا حدثك، أمين إذا عاملك، عفيف إن استثيرت شهوته، متواضع، كريم، صادق، عادل، منصف، إن لم يكن هناك صفات بالمؤمن تشد الناس إليه، بتعبير آخر أنا أقول: إن لم يعشقك كل الناس فلست مؤمناً، معنى مؤمن متصل بالله، الله رحيم، وأنت رحيم، الله عدل وأنت عدل، الله لطيف وأنت لطيف، الله قوي وأنت بالحق قوي، أنت غني وأنت تستغني عن أموال الناس، أي إن مكارم الأخلاق مخزونة عند الله تعالى، فإذا أحبّ الله عبداً منحه خلقاً حسناً.

 

الإيمان هو الخلق :

 النبي عليه الصلاة والسلام آتاه الله العلم، آتاه الحكمة، آتاه القرآن، آتاه وحي السماء، كل هذه الصفات التي اختص بها النبي عليه الصلاة والسلام لم تذكر حينما أراد الله أن يثني عليه، أثنى عليه بخلقه العظيم، لذلك الإيمان هو الخلق، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان.
 أي يمكن أن تضغط الدين كله بالخلق الحسن، لذلك ما لم يُشد الناس إليك، ما لم يسعدوا بقربك، ما لم يتمنوا أن يجلسوا معك، ففي الإيمان ضعف وخلل، الإيمان كمالات، الإيمان رحمة، الإيمان عدل، الإيمان إنصاف، فلذلك لما أثنى الله عز وجل على النبي عليه الصلاة والسلام أثنى عليه بالخلق الحسن:

﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾

[ سورة القلم: 4 ]

 أما النبي عليه الصلاة والسلام فمعه الوحي، معه معجزات، معه قوة، معه غنى، كل هذا من عند الله، لكن للتقريب أنت أعطيت ابنك سيارة هل بالإمكان أن تقيم له حفلاً كبيراً بهذه المناسبة؟ السيارة منك، متى تقيم له حفلاً؟ بحالة واحدة، عندما يتفوق بالنجاح، والنجاح جهده، النجاح من كسبه، من اختصاصه، من تفانيه في الدراسة، فلذلك النبي عليه الصلاة والسلام لما أثنى الله عليه أثنى عليه بالخلق العظيم قال له:

﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾

[ سورة القلم: 4 ]

بطولة الإنسان أن يكون صادقاً أميناً و منصفاً في الوقت نفسه :

 النبي عليه الصلاة والسلام آتاه الله خصائص كبيرة جداً، معه وحي، أنزل عليه القرآن الكريم، ومع ذلك حينما أثنى الله عليه أثنى عليه بالخلق العظيم، فلذلك لما أثنى الله على نبيه الكريم أثنى عليه بالخلق الحسن، فإذا كان سيد الخلق، وحبيب الحق، وسيد ولد آدم، الثناء تعلق بالخلق، فلأن يكون الثناء عليك أيها المؤمن بالخلق من باب أولى، الصلاة سهلة، القيام بالعبادات سهلة، لكن البطولة أن تكون صادقاً، أن تكون أميناً، أن تكون محسناً، أن تكون منصفاً، لذلك الإيمان صدق ولا أبالغ لا يوجد كلمة أتأثر بها تأثراً لا حدود له ككلمة ابن القيم الجوزية، قال: الإيمان هو الخلق، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان. أنا لا أصدق أن هناك مؤمناً كذاباً، المؤمن لا يكذب في قول النبي عليه الصلاة والسلام:

(( يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ ))

[ أحمد عن أبي أمامة ]

 فإذا كذب وخان ليس مؤمناً، الكذب والخيانة يتناقض مع الإيمان، والحديث دقيق جداً، هناك مؤمن عصبي المزاج، مؤمن هادئ جداً، مؤمن اجتماعي جداً، مؤمن انطوائي لا يحب العلاقات الكثيرة مع الناس، كلها طباع على العين والرأس ومحترمة، أما الكذب والخيانة فيتناقض مع الإيمان:

(( يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ ))

[ أحمد عن أبي أمامة ]

الإيمان مرتبة علمية وأخلاقية وجمالية :

 لذلك الشيء الصارخ بالمؤمن أنه أخلاقي، صدق ولا أبالغ إذا قلت: مؤمن وقبل هذا أضع هذا المثل، إذا قلت دكتور، أي أمي؟ مستحيل ، معه ابتدائية، إعدادية، وثانوية، وليسانس، ودبلوم عامة، دبلوم خاصة، ماجستير، ودكتوراه، كم شهادة؟ يحتاج إلى ثلاث عشرة شهادة حتى يضع أمام اسمه حرف الدال، أليس كذلك؟ وأنت مؤمن أي صادق، أمين، عفيف، ورع، متواضع:

(( يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ ))

[ أحمد عن أبي أمامة ]

 الإيمان مرتبة أخلاقية، الإيمان مرتبة علمية، قيل: ما اتخذ الله ولياً جاهلاً لو اتخذه لعلمه، الإيمان مرتبة علمية، مرتبة أخلاقية، الإيمان مرتبة جمالية، ما معنى جمالية؟ أي أذواقه الجمالية عالية جداً ولو كان فقيراً عنده ذوق في حديثه، ذوق في مشيه، ذوق في استقبال الضيف، ذوق في إكرام الضيف، الذوق خصائص جمالية، مرة دخلت إلى بيت فيه غرفة ضيوف، وعلى الطاولة في الوسط تقريباً عشر فازات كريستال، لا يوجد ذوق أبداً، الشيء اللطيف واحد، الأجمل أن يكون شيئاً واحداً ضعه في الوسط والباقي خزنه، الذوق شيء آخر، أنا أقول لك: المؤمن صاحب ذوق، في لقاءاته، حتى في بيته في طعامه، وشرابه، في هندامه، المؤمن يتمتع بحس جمالي، لأن القيم متداخلة، صادق ورث الهيئة، ليست جيدة، أنا إذا قلت: أنيق بثيابه، لا أقصد أن ثيابه غالية أبداً، قد تشتري أرخص ثياب لكن فيها ذوق، الذوق قيمة جمالية عالية، تدخل على مكتبه هناك ذوق، بيته فيه ذوق، بيت متواضع، مرة دخلت إلى بيت بآخر جادة في الجبل، الجادة العاشرة، ما مرّ بحياتي بيت أقل تواضعاً من هذا البيت، بلاط لا يوجد فيه لكن هناك لمسات جمالية في البيت عالية، مرة دخلت إلى بيت عربي في جوبر، أنا ما مرّ معي مثل هذا البيت، أصحابه فقراء جداً، هناك علب سمنة موحدة من قياس واحد كلها ملونة بالأخضر، تقريباً مئة قطعة نبات من أجمل النباتات بعلبة موحدة، بلون واحد، مفتوحة ومدهنة بدهان جميل جداً، تدخل إلى البيت أربعة دواوين قماش لا يوجد فيها قطن، البيت مطروش، فالذوق ليس له علاقة بالغنى أبداً، قد تكون أفقر إنسان لكن عندك ذوق، أنا أعتقد أن المؤمن عنده قيم جمالية عالية، وضع بيته، وضع حاجاته الأساسية، فيها أناقة، فيها جمال، وقد تكون رخيصة جداً، ليس لها ثمن غالٍ إطلاقاً ومع ذلك فيها ذوق، الذوق قيم جمالية موحدة، كرمه في ذوق، سلامه في ذوق، جلوسه في ذوق، إنسان يقود المركبة بأدب، أحياناً يجلس بشكل جانبي ويحرك المقود بأصبعه، هو شيء كبيرة جداً، مقوده هيدروليك، لا تحتاج عزم بأصبعه يحركه، في كبر، المؤمن يجب أن تحبه، في كل حالاته؛ بتواضعه، بذوقه، بحركته، بكلامه، باستقبال الضيف، بوداع الضيف:

﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾

[ سورة القلم: 4 ]

الكمال يعين الإنسان على الاتصال بالله :

 إذا الله عز وجل ترك للنبي مليون صفة ما ذكرها وذكره بصفة واحدة معنى هذا أن هذه الصفة أهم صفة، سيد الخلق متفوق من كل مكان، الله أغفل كل صفاته إلا صفة الخلق العظيم:

﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾

[ سورة القلم: 4 ]

 أنا لا أصدق أن هناك مؤمناً مشاحناً، مؤمناً قناصاً، أينما وجد الخطأ يروجه ويعممه، لا يوجد عنده هذا الشيء إطلاقاً، المؤمن يجب أن تحبه بشكل عفوي، يجب أن تحبه عفوياً من كماله، أنا أقول لك: الكمال يعينك على الاتصال بالله، الكمال يقربك من الله، لأن الله كامل كمالاً مطلقاً، أنبياؤه كاملون، المؤمنون كاملون، كلمة مؤمن تعني كامل، مؤمن أي صادق، وفي، كريم، شجاع، لا يكذب، لا يخون، لا ينافق، فأنت يمكن أن يكون الخلق العظيم سبباً لصحة عباداتك، وقد يكون الخلق العظيم نتيجة لعباداتك، العلماء يعبرون عن هذه الحقيقة بالكلمة التالية، هناك علاقة ترابطية، مؤمن أي أخلاقي، أخلاقي أي مؤمن، هناك علاقة متينة لذلك:

﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴾

[ سورة الماعون: ]

 هو نفسه:

﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ﴾

[ سورة القصص: 50]

الإنسان إما أن يتبع منهج الله أو يتبع الهوى :

 هناك خطان لا ثالث لهما، أنت إما أنك متبع لمنهج الله أو متبع للهوى، لا يوجد حالة ثالثة:

﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ﴾

[ سورة القصص: 50]

 وأنت عندك حالة صراع كل دقيقة بين الحق والباطل، أو بين الخير والشر، أو بين الكمال والنقص، أو بين المحبة والكراهية، كلها كلمات تدخل في إطارين؛ حق باطل، صاحب الحق لطيف صاحب الباطل عنيف، صاحب الحق كريم المبطل بخيل، الحق شجاع المبطل جبان، كل صفة من صفات الإنسان فيها حالتان حادتان، وهاتان الحالتان الحادتان بالإيمان يكون بالإيجابية منها، من دون إيمان بالسلبية، أكاد أقول: حينما تحاول أن تكون أخلاقياً إنك تحاول أن تعبد الله العبادة التي أرادها الله، تجد إنساناً يقضي الصلوات كلها في المسجد فإذا غضب يطلع منه سباب والعياذ بالله:

((لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلا اللَّعَّانِ وَلا الْفَاحِشِ وَلا الْبَذِيءِ))

[الترمذي عن عبد الله ]

ليس المؤمن بالطعان و لا اللعان :

 أنا أقول لكم هذه الكلمة وأنا متوكل على الله بها، أنا لا أصدق أن المؤمن يطرب لطرفة جنسية، هناك جلسات كل طرفة أسوأ من الثانية بالقضايا الجنسية والعورات والكل يضحك، مستحيل، مستحيل أن يسمح لك إيمانك أن تدخل بهذه المتاهة، سأقول لك كلمة أدق: ومستحيل أن تضحك بملء فمك وأنت بمجلس وأنت مؤمن بطرفة جنسية ضحك مشاركة، مرة كنت بجلسة طرح شخص طرفاً من هذا النوع، فأنا غيرت كل موقفي منه، فلما خرجت - الشخص الذي يطرح هذه الطرف له مكانة كبيرة جداً - لحقني مدير مكتبه قال لي: هل انزعجت؟ قلت له: نعم والله كنت منزعجاً، هذا المكان لا يليق بصاحبه أن يتكلم هذه الطرف اللاأخلاقية:

((لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلا اللَّعَّانِ وَلا الْفَاحِشِ وَلا الْبَذِيءِ))

[الترمذي عن عبد الله ]

 ليس لك حق أن تتجاوب مع طرفة جنسية، تضحك، لا تنضبط، أتمنى
 أن تجعل الأخلاق مقياساً لإيمانك، تجلس مع إنسان ثلاثين سنة، ثلاثون سنة لا تسمع منه كلمة لا تليق، أحياناً الإنسان يغضب، مقياس الإيمان عند الغضب هناك إنسان يغضب فيسب الأنبياء، يسب الذات الإلهية، أخذ صفراً وانتهى عند الله، مرة إنسان سيارته أصابها حادث بسيط لم يترك ديناً إلا و سبه، ذهب إلى المصلح وأنا كنت عند المصلح دخل وهو يسب، صاحب الكراج وضع يده ضمن الرفراف فعاد إلى وضعه كما كان، لم يلزمه إصلاح، قلت له: والله لو شاهدت سيارتي مصفحة لا أتكلم ولا كلمة، هكذا المؤمن، أنا بصراحة أقول لك: الذي يسب الدين يأخذ صفراً، أخي كنت غاضباً، تسب رئيس الدولة، هل أنت واعٍ لما تقول؟ لا تنام في بيتك، لماذا مع الذات الإلهية تسب وأنت لا تجرؤ أن تسب إنساناً؟ رئيس دولة؟ لأنك تعرف مضاعفات هذه الكلمة، لأي استفزاز تسب الإله، وأنا أنصحكم مثل هؤلاء لا تعاشرهم، لا يليق بك أن تعاشره، ويجب إذا سبّ الدين أن تأخذ منه موقفاً سلبياً، ليس من المعقول أن تعيش معه، والله بالمصالح، بالأسواق، سبّ الدين كأنه ورد بشكل ليس طبيعياً إطلاقاً، لأتفه سبب، سب الدين، سب الذات الإلهية:

((لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ، وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ))

[ أحمد عن أنس بن مالك]

ضبط اللسان أكبر جزء من الدين :

 ضبط اللسان أكبر جزء من الدين:

(( وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ، أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِم ))

[ أخرجه الترمذي وصححه وابن ماجه والحاكم عن معاذ ]

(( وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سَخَط الله لا يُلْقِي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة ]

 إنسان تزوج قال له شخص: من أخذت؟ قال له: فلانة، ما تكلم ولا كلمة فقط قام بحركة ما، ولم ينطق بأي حرف، ثاني يوم طلقها، بعد عدة يوم ماتت قهراً، هي لم تعمل شيئاً، بعد أن طلقها، جاء وعاتبه قال له: والله لا يوجد شيء لكن أحببت أن تأخذ أجمل منها، هو فهم أن هذه الحركة تدل على أنها خائنة، هذه لا تعني أنها ليست جميلة، هذه تعني أنها خائنة، زانية، أين تمشي؟

(( وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سَخَط الله لا يُلْقِي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة ]

 حدثني مدير مخبر، قال لي: إنسان شكّ في ابنته، وابنته مستقيمة لكن يبدو أن هناك خطأ باتصال هاتفي، فأحب أن يعمل تحليلاً، هذا التحليل وقع من يد موظف بالمخبر وانكسر، هذه العينة من البول انكسرت، خاف من معلمه فكتب: النتيجة إيجابية، في اليوم الثاني ذبحها والدها، يعد قاتلاً، قل: معلمي العينة انكسرت، لا تقل له: الحمل إيجابي، لا يعرف القصة يظن أنها بين زوجين.
 والله يا أخوان كل غلطة أساسها كلمة واحدة، هذه ليست كلمة إشارة:

(( وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سَخَط الله لا يُلْقِي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة ]

 ضبط اللسان يا أخوان:

احذر لسانَك أيُّــها الإِنسان ُ لا يلدغنَّك إنـه ثُـــعبانُ
كم في المقابرِ من قتيلِ لسانِه  كانت تهاب لقاءَه الشجعانُ
***

تكامل العلم مع الأخلاق :

 كلمة واحدة مرة ثانية:

(( وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سَخَط الله لا يُلْقِي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة ]

 مرة قرأت كتاباً، الكاتب كتب في المقدمة أربع كلمات، إن شاء الله الله يغفر لصاحبه، كلمة واحدة.
 مرة ثانية: أنت أخلاقي لأنك ضعيف، وضعيف لأنك أخلاقي، هذه الكلمة، أربع كلمات نسفت الأخلاق كلها، لأنك ضعيف أخلاقي، إذا كنت أخلاقياً معنى هذا أنك ضعيف؟ هناك ضلالات لا يعلمها إلا الله، وأنت كمؤمن معك الكتاب والسنة إذا قرأت القرآن لا تعبأ بهذه الكلمات إطلاقاً، دائماً عندك مقياس، الله عز وجل يلهمنا الصواب، الخلق الحسن أحد أكبر ثمار الدين، أحد أكبر ثمار الدين الخلق الحسن، لذلك قالوا: روى الحسن عن أبي الحسن عن جد الحسن:" أن أحسن الحسن الخلق الحسن"، والله عز وجل حين أثنى على النبي عليه الصلاة والسلام أثنى على خلقه العظيم، أي إن صليت ثلاثين ركعة في الليل هل تشد الناس إليك؟ لا، أنت لا تستطيع أن تشد الناس إليك بعباداتك، هذه لك، وهذه بينك وبين الله، لكنك تشد الناس إليك بأخلاقك، تعبير معاصر شدّ الناس إليه، أقبلوا عليه، تحلقوا حوله، تقربوا إليه، تستطيع أن تشد الناس إليك بالأخلاق فقط لا بالعلم، أحياناً يوجد بالجامعة إنسان متفوق جداً لكن أخلاقه سيئة، بعيد عن الدين، لا يصلي، كلامه قاس، يحطم من حوله، يقسو على الطلاب قسوة غير معقولة، أسئلته غير متوقعة، يرسب عنده عدد كبير من الطلاب، معك علم لكن لا يوجد أخلاق، لذلك العلم والأخلاق يتكاملان.

 

أعظم شيء بالإنسان أن يحبّ الله و يخافه في الوقت نفسه :

 ماذا أقول دائماً عظمة الذات الإلهية، أنك بقدر ما تحبه بقدر ما تخافه، أعظم شيء بالإنسان أن تحبه وأن تخافه معاً، أعبر عن هذا كما قلت قبل قليل بقدر ما تحبه بقدر ما تخافه، والمؤمن يتخلق بأخلاق الله، تحبه لكن ليس سهلاً، تحبه إلى درجة تتجاوز حدك معه لا تقدر، وتخاف منه لدرجة أنك لا تستطيع أن تكلمه، لا تقدر، تحبه بقدر ما تخافه، ترجو رضاه وتخشى عقابه، والله عز وجل وصف الأنبياء والمرسلين بأنهم يعبدون الله رغباً ورهباً، وأنت كأب يجب أن يحبك ابنك ويخاف منك بآن واحد، من السهل أن يحبك فقط، ومن السهل إذا دخلت إلى البيت أن يهرب إلى غرفته، لا يجلس معك يخاف منك، الحالة الحادة سهلة جداً، الابن أخطأ ضربته ضرباً مبرحاً، الابن أخطأ، لابأس لا تحاسبه، لكن البطولة أن يحبك بقدر ما يخافك.
 لذلك قالوا: لا تكن ليناً فتعصر أو قاسياً فتكسر. كن بينهما، والاعتدال بالخلق هو الكمال، والفضيلة وسط بين طرفين، التهور رذيلة والجبن رذيلة، والشجاعة بين التهور وبين الجبن، البخل رذيلة والإسراف رذيلة، والكرم بينهما، بين رذيلتين، الفضيلة بين طرفين.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور