وضع داكن
25-04-2024
Logo
الخطبة : 0536 - الدعوة إلى الله 2 - الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:
 الحمد لله نحمده ، ونستعين به ونسترشده ، ونعوذ به من شرور أنفسنـا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقراراً بربوبيته وإرغامـاً لمن جحد به وكفر . وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق والبشر ، ما اتصلت عين بنظر ، أو سمعت أذن بخبر . اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين . اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرِنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممــــن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم :

 أيها الأخوة الكرام ؛ في الخطبة قبل الماضية تحدثت عن مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبينت أن من معاني إحياء ذكرى مولد النبي عليه الصلاة والسلام اقتفاء سنته ، واتباع منهجه ، وتناولت جانباً واحداً من جوانبه صلى الله عليه وسلم ، هذا الجانب هو أن الله سبحانه وتعالى وصفه بأنه داع إلى الله ، قال تعالى :

﴿وداعياإِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً ﴾

[سورة الأحزاب: 46]

 ثم تبين لكم من خلال الآيات والأحاديث الصحيحة أن الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم ، لقول الله عز وجل :

﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾

[ سورة العصر: 1-3]

 فالتواصي بالحق أحد أركان النجاة ، لذلك يُبنى على هذه الآية أن الدعوة إلى الله فرض عين ، لا أقول إن الذي يدعو إلى الله تنفيذاً لهذه الآية هو عالم جمع شتى العلوم ، ولكن تدعو إلى الله في حدود ما تعلمت ، الآية التي استمعت إلى شرحها ، والحديث الذي استُنبط منه الحكم الشرعي ، والموقف البطولي ، والحكم الفقهي الذي وصل إليك من خلال خطبة جمعة ، أو درس فقهي ، أو مطالعة في كتاب معتمد ، هذه الحقيقة التي توصلت إليها يمكن أن تنقلها إلى الناس لقول النبي عليه الصلاة والسلام :

(( بلغوا عني ولو آية ))

[البخاري عن ابن عمرو ]

((فرب مبلغ أوعى من سامع ))

[من حديث طويل متفق عليه عنعبد الرحمن ابن أبي بكر عن أبيه]

(( نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ غَيْرَهُ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ ))

[الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد والدارمي عن زيد بن ثابت]

 أيها الأخوة الكرام ؛ ولكن لو أردنا تطبيق هذه الآية :

﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾

[ سورة العصر: 3]

 أو لو أردنا أن نكون من الدعاة المتخصصين المتبحرين بالعلم ، الذين يملكون الدليل التفصيلي ، والذين يتمكنون من ردِّ الشبه ، والضلالات تنفيذاً لقوله تعالى :

﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

[ سورة آل عمران : 104 ]

 إن كنت داعياً متخصصاً ، أو كنت داعياً متطوعاً تنفيذاً لقول النبي ، فلابد أن تعتمد بعض قواعد الدعوة التي تُستنبط من آيات القرآن الكريم ، ومن أحاديث النبي عليه أتمّ الصلاة والتسليم .

 

أخلاق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم :

 أيها الأخوة الكرام ؛ النبي دعا إلى الله ، وربّى أصحابه ، فكيف كان أصحابه وقد رباهم النبي من خلال الوحي والسنة ؟ قال تعالى :

﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً﴾

[سورة الأحزاب: 45-46]

 لقد دعا النبي إلى الله ، وتلا على قومه آيات الله ، وعلمهم الكتاب والحكمة ، وزكى نفوسهم ، حتى صاروا أبطالاً ، رهباناً في الليل ، فرساناً في النهار ، يقومون الليل إلا قليلاً ، ينفقون أموالهم سراً وعلانية ، يدرؤون بالحسنة السيئة ، في صلاتهم خاشعون ، عن اللغو معرضون ، للزكاة فاعلون ، لفروجهم حافظون ، لأماناتهم وعهدهم راعون ، يمشون على الأرض هوناً ، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً ، يبيتون لربهم سجداً وقياماً ، تائبون ، عابدون ، حامدون ، سائحون ، راكعون ، ساجدون ، آمرون بالمعروف ، ناهون عن المنكر ، حافظون لحدود الله ، يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ، إذا قال لهم الناس : إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ، زادهم إيماناً وقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل . هم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، منهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً ، يبلغون رسالات الله ويخشونه ، ولا يخشون أحداً إلا الله ، يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ، إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم ، وإذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً ، وعلى ربهم يتوكلون ، ما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله ، وما ضعفوا ، وما استكانوا ، والله يحب الصابرين . كانوا قوامين لله ، شهداء بالقسط ، أذلة على المؤمنين ، أعزة على الكافرين ، أحبوا الله وأحبهم ، رضي الله عنهم ورضوا عنه . هذه شهادات الله في القرآن الكريم لأصحاب النبي ، الذين رباهم من خلال الوحيين ؛ القرآن المتلو ، والحديث الذي لا ينطق به النبي عن الهوى . هذه نتائج دعوته ، الذي ذكرته قبل قليل آيات من كتاب الله ، جمعتها في وصف أصحاب رسول الله ، فإذا دعوت إلى الله فلتكن هذه هي الأهداف .
 أيها الأخوة الكرام ؛ الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم ، شاء أم أبى ؛ لأن الدعوة إلى الله أحد أركان النجاة .

 

دور الدعاة إلى الله :

 أيها الأخوة الكرام ؛ إنما يعانيه المجتمع من فساد ، ومن خلل ، ومن شقاء ، ومن انحراف ، هو بسبب تقصير الدعاة في الدعوة إلى الله ، المسلمون أيها الأخوة من دون دعاة إلى الله جهَّال ، تتخطفهم شياطين الإنس والجن من كل حدب وصوب ، وتعصف بهم الضلالات من كل جانب ، لذلك كان الدعاة إلى الله ، مصابيح الدجى ، وأئمة الهدى ، وحجة الله في أرضه . بهم تمحق الضلالات ، وتنقشع الغشاوات ، هم ركيزة الإيمان ، وغيظ الشيطان ، هم قوام الأمة ، وعماد الدين ، هم أمناء على دين الله ، يدعون الناس إلى الله بلسان صادق ، وجنان ثابت ، وخلق كريم ، أعمالهم تؤكد أقوالهم ، هم أسوة ونبراس ، يصلحون ما فسد ، ويقوّمون ما اعوج ، لا يستخفون من الناس ، ولا يخشون أحداً إلا الله ، ولا يقولون إلا حسناً . ولن يفلح الدعاة إلى الله في دعوتهم إلا إذا اتبعوا النبي صلى الله عليه وسلم الذي عصمه الله عن الخطأ في الأقوال ، والأفعال ، والأحوال ، وأوحى إليه وحياً متلواً هو القرآن الكريم ، وغير متلو ، وألزمنا أن نأخذ منه كل ما أمرنا به ، وأن ندع كل ما نهانا عنه ، وأن نتأسى بمواقفه وسيرته ، لأنه القدوة ، والأسوة الحسنة ، والمثل .

قواعد الدعوة إلى الله :

1 ـ القدوة قبل الدعوة :

 أيها الأخوة الكرام ؛ من قواعد الدعوة إلى الله ، وقد اتفقنا وجئنا بالدليل على أن الدعوة إلى الله فرض عين ، من أجل أن تتسع دوائر الحق ، وأن تنكمش دوائر الباطل : القاعدة الأولى : القدوة قبل الدعوة .
 كان صلى الله عليه وسلم عابداً متحنثاً ، وقائداً فذاً ، شيَّد أمَّةً من الفُتات المتناثر، كان رجل حرب يضع الخطط ويقود الجيوش ، كان أباً عطوفاً ، وزوجاً تحققت فيه المودة والرحمة والسكن ، كان صديقاً حميماً ، كان قريباً كريماً ، كان جاراً تشغله هموم جيرانه ، كان الناس كلهم من مودته وعطفه ما يجعلهم يفتدونه بأنفسهم ، ومع هذا كله فهو قائم على أعظم دعوة شهدتها الأرض ، الدعوة التي حققت للإنسان وجوده الكامل ، وتغلغلت في كيانه كله ، ورأى الناس الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم تتمثل فيه هذه الصفات الكريمة كلها ، فصدقوا تلك المبادئ التي جاء بها كلها ، رأوها متمثلة فيه ، لم يقرؤوها في كتاب جامد ، بل رأوها في بشر متحرك ، تحركت لها نفوسهم ، وهفت لها مشاعرهم ، وحاولوا أن يقتبسوا قبسات من رسول الله صلى الله عليه وسلم كلٍّ بقدر ما يُطيق ، فكان أكبر قدوة للبشرية في تاريخها الطويل ، وكان هادياً ومربياً بسلوكه الشخصي ، قبل أن يكون معلماً بالكلم الطيب الذي ينطق به .
 يا أيها الأخوة الكرام ؛ ولأن القدوة هي أعظم وسائل ، أنت أب في البيت ، أن تتمثل المبادئ الصحيحة ، وأن تسلك السلوك القويم ، أبلغ ألف مرة من أن تنصب نفسك معلماً لأولادك ؛ لأن القدوة هي أعظم وسائل التربية ، ذلك لأن دعوة المترف إلى التقشف دعوة ساقطة، ودعوة الكذوب إلى الصدق دعوة مضحكة ، ودعوة المنحرف إلى الاستقامة دعوة مخجلة . لذلك كانت مواقف النبي صلى الله عليه وسلم وشمائله وفضائله ومكارمه قدوةً صالحة، وأسوة حسنة ، ومثلاً يُحتذى ، وهي ليست للإعجاب السلبي ، ولا للتأمل التجريدي ، ولكنها وُجدت فيه لنحققها في ذوات أنفسنا ، أي في أعياد المولد ، في احتفالات المولد ، إذا وقفنا خطباء وتحدثنا عن شمائل النبي ، هذه الشمائل التي تلفت النظر ، والتي تأخذ بالألباب ، ليست للإعجاب الشخصي ، ولا للتأمل التجريدي ، إنها للتطبيق العملي .
 أيها الأخوة الكرام ؛ هذه الشمائل ما وجدت في النبي صلى الله عليه وسلم إلا لتكون مثلاً يُحتذى ، وهي وجدت من أجل أن نحققها في ذوات أنفسها ، كل بقدر ما يستطيع . وقد ورد في وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لسيدنا معاذ :

(( يا معاذ أوصيك بتقوى الله ، وصدق الحديث ، والوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة، وترك الخيانة ، وحفظ الجار ، ورحمة اليتيم ، ولين الكلام ، وبذل السلام ، وحسن العمل ، وقصر الأمل ، ولزوم الإيمان ، والتفقه في القرآن ، وحب الآخرة ، والجزع من الحساب ، وخفض الجناح ، وأنهاك أن تَسُبَّ حكيماً ، أو تكذب صادقاً ، أو تُطيع آثماً ، أو تعصي إماماً عادلاً ، أو تُفسد أرضاً . . وأوصيك ؛ باتقاء الله عند كل حجر وشجر ومدر ، وأن تُحدث لكل ذنب توبة ، السر بالسر ، والعلانية بالعلانية ))

[أخرجه البيهقي في كتاب الزهد]

 وصية رسول الله لسيدنا معاذ . كل هذه الوصية من ألفها إلى يائها ، جملة وتفصيلاً ، تتعلق بمكارم الأخلاق ، لذلك إذا أردت أن تدعو إلى الله فكن قدوة قبل كل شيء .

 

سرّ نجاح دعوة النبي صلى الله عليه وسلم :

 يا أيها الأخوة الأحباب ؛ يستطيع الإنسان أن يكون عالماً نابغاً في الطب أو العلوم أو الهندسة من دون أن تتطلب هذه العلوم ممن يتعلمها قيداً سلوكياً ؟ ولا يُفسد حقائقها أن يتبع النابغ فيها هوى نفسه ، في حياته الخاصة . أن تكون عالماً في الرياضيات ، في الفيزياء ، في الكيمياء ، في الطب ، في الفلك ، وأن تتفوق ، وأن تنبغ ، وأن تعلو ، وأن يتألق نجمك ، يمكن أن تبلغ قمم هذه العلوم ، من دون قيد سلوكي ، لك أن تفعل ما تشاء في حياتك الخاصة ، إلا العلم الديني - دققوا فيما أقول - فإنك إن كنت من المتدينين المخلصين ، أو من علمائه العاملين ، أو من الداعين إليه ، فلا بد من أن تكون قدوة حسنة لمن تدعوهم إليه ، وإلا ما استمع إليك أحد ، ولو كنت أكثر الناس اطلاعاً وعلماً في دين الله ، ولن ينظر إليك أحد نظرة احترام جديرةً بك ، إلا إذا كان سلوكك وفقاً لقواعد الدين .
 قال ملك عمان وقد التقى النبي صلى الله عليه وسلم : والله ما دلني على هذا النبي الأمي إلا أنه لا يأمر بخير إلا كان أول آخذ به ، ولا ينهى عن شيء إلا كان أول تارك له ، وأنه يغلب فلا يبطر ، ويُغلب فلا يضجر ، ويفي بالعهد ، وينجز الوعد .
 هذا التطابق بين الأقوال والأفعال هو الذي دلّ ملك عمان على النبي صلى الله عليه وسلم .
 أيها الأخوة الأحباب ؛ قال أحد كُتاب السيرة الغربيين الذين أسلموا : " كان محمد ملكاً ، وكان سياسياً ، ومحارباً ، وقائداً ، ومشرِّعاً ، وقاضياً ، وفاتحاً ، وكان مضطهداً ، وتاجراً، وصديقاً ، وابناً ، وأباً ، وزوجاً ، وجاراً ، وقد مارس بالفعل جميع المبادئ التي كان يلقنها للناس ، ولن تجد في القرآن حُكماً ، أو أمراً لم يعمل به النبي صلى الله عليه وسلم ، إذا كان يمارس بالفعل كل ما كان يدعو إليه بالقول . يضرب على هذا مثلاً يقول : فالمرء مثلاً لن يكون عفواً ، إلا أن يكون له عدو يلقى منه أشدّ الإساءة ثم تدور الدائرة على هذا العدو فيقع في قبضته ، ويصبح تحت رحمته ، ثم يملك القدرة على الانتقام منه ، ثم يعفو عنه . . ثم يقول الكاتب الغربي الذي أسلم وألّف كتاباً في السيرة وقد تُرجم إلى اللغة العربية : " تأمل دخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة دخول الظافر المنتصر ، وقد خرَّت جزيرة العرب صريعة تحت قدميه، وأصبحت مكة التي كانت قلعة العدو تحت رحمته ، فلو شاء لقطع رؤوس القوم ، الذين كانوا بالأمس ألد أعدائه ، الذين اتخذوه هزواً ، وأمعنوا في اضطهاده والاستخفاف به ، ولو أنه عاقبهم بذنبهم لكان مُحقاّ ، ولم يكن ملوماً ، ولم تظهر فضيلة العفو قط بصورتها الكاملة في تاريخ أي دين حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم ولولاه لظلت هذه الفضيلة معطلة إلى الأبد " .
 كل هذا الكلام تحت بند القدوة قبل الدعوة . قبل أن تتكلم تمثل المبادئ التي تنطلق منها ، قبل أن توجه كن في المستوى الذي يليق بك كموجه ، قبل أن تكون شديداً أباً على أبنائك ، تجنب أن تفعل شيئاً تنهاهم عنه ، قبل أن تكون معلماً لطلابك ، احرص على أن يروك في المستوى الذي ينبغي أن تكون فيه ، القدوة قبل الدعوة .
 والذي أراه أن الناس ولا سيما الآباء والأمهات ، والمعلمون والمدرسون ، وأصحاب المراكز القيادية ، لا يستطيعون أن يؤثروا بمن دونهم إلا إذا كانوا قدوة لهم ، وهذا هو سرُّ أن النبي صلى الله عليه وسلم ، نجح في دعوته نجاحاً يكاد يكون أسطورياً ، في ربع قرن قلب وجه الأرض .

2 ـ الإحسان قبل البيان :

 أيها الأخوة الكرام ؛ قاعدة ثانية من قواعد الدعوة إلى الله : الإحسان قبل البيان ؛ لقد علَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نكون رحماء قبل أن نكون أوصياء ، فمن لا يرحم لا يُرحم . قال الله تعالى في كتابه العزيز :

﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾

[سورة الأنبياء: 107]

 فالنفوس جُبلت على حُبّ من أحسن إليها ، وبغض من أساء إليها ، هو صلى الله عليه وسلم فتح أقفال القلوب برحمته ورفقه ، حتى لانت له القلوب القاسية ، واستقامت الجوارح العاصية ، وقد قال عليه الصلاة والسلام :

(( إنما بُعثت بمداراة الناس ))

[ من المأثور عن جابر بن عبد الله]

 وحرف الجر (الباء) في كلمة المداراة ، يفيد الاستعانة ، أي أنني أستعين على هدايتهم بمداراتهم ، والفرق واضح بين المداراة والمداهنة ، المداراة أن تبذل الدنيا من أجل الدين، بينما المداهنة أن تبذل الدين من أجل الدنيا .
 أيها الأخوة الكرام :

((بعث النبي الكريم خيلاً قِبل نجد ، فجاءت برجل من بني حنيفة يُقال له : " ثمامة بن أثال " وكان ثمامة قد أوقع أشدَّ الأذى بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فرُبط هذا الرجل بسارية من سواري المسجد فخرج النبي إليه فقال : ماذا عندك يا ثمامة ؟ قال : عندي خير ، إن تقتلني تقتل ذا دم ، وإن تنعم تنعم على شاكر ، وإن كنت تريد المال فسل منه ما تشاء . . فتركه حتى كان الغد ثم قال له : ما عندك يا ثمامة ؟ قال : قلت لك ، إن تنعم تنعم على شاكر ، فتركه حتى كان بعد الغد قال : ما عندك يا ثمامة ؟ قال : عندي ما قلته لك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أطلقوا ثمامة ، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ، يا محمد والله ما كان على وجه الأرض أبغض إليَّ من وجهك ، فقد أصبح وجهك أحبَّ الوجوه إليّ ، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك فأصبح دينك أحبّ الدين إليّ ، والله ما كان بلدٌ أبغض إليّ من بلدك فأصبح بلدك أحبَّ البلاد إلي ، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى ؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمره أن يعتمر ، فلما قدم مكة قالوا له صبوت ؟ - أي أسلمت - قال : لا والله ولكن أسلمت مع محمد رسول الله ، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي))

[أخرجه الإمام البخاري في المغازي عن أبي هريرة]

 الإحسان قبل البيان ، من لا يرحم لا يُرحم ، يجب أن تفتح القلوب قبل أن تفتح العقول ، يجب أن تكون من الذين تأسر بإحسانك قلوب الناس .

3 ـ الترغيب قبل الترهيب :

 أيها الأخوة الكرام ؛ قاعدة ثالثة من قواعد الدعوة إلى الله ؛ الترغيب قبل الترهيب .
 لقد علَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نقدَّم للمدعو الترغيب قبل الترهيب ، والتبشير قبل الإنذار ، مثلاً : ينبغي أن نرغبه في الإخلاص قبل أن نخوفه من الرياء ، ينبغي أن نرغبه في طلب العلم ونشره ، قبل أن نخوفه من الإعراض عنه وكتمانه ، ينبغي أن نرغبه في الصلاة في وقتها ، قبل الترهيب في تركها أو تأخيرها ، لأن تقديم أسلوب الترغيب يكون أنفع وأجدى من تقديم أسلوب الترهيب ، يتَّضح هذا من موقف النبي صلى الله عليه وسلم وحديثه لعدي بن حاتم حينما أسلم .
 يروى أن حاتم الطائي يروي عن نفسه فيقول : ما من رجل من العرب كان أشدّ كراهية لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يُذكر مني ، وكنت ملكاً في قومي فالتقيت به فقال لي : لعلك يا عدي إنما يمنعك من الدخول في هذا الدين ما ترى من حاجتهم - أي فقر المؤمنين- فوالله ليوشكن المال أن يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه ، ولعله إنما يمنعك من الدخول فيه ، ما ترى من كثرة عدوهم وقلة عددهم تقول : إنما اتَّبعه ضعفة الناس ، فوالله ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها تزور هذا البيت لا تخاف أبداً إلا الله ، ولعلك إنما يمنعك من الدخول فيه أنك ترى أن المُلك والسلطان في غيرهم ، وايم الله ليوشكن أن تسمع بالقصور البيض في أرض بابل قد فُتحت عليهم ، قال عدي : فلما سمعت بذلك أسلمتُ". قدم البشارة على الإنذار ، قدم الترغيب على الترهيب ، قدم الإيجابيات على السلبيات ، قدم الرجاء على الخوف .

4 ـ التيسير لا التعسير :

 أيها الأخوة الكرام ؛ القاعدة الرابعة من قواعد الدعوة إلى الله - ونحن في شهر المولد والنبي صلى الله عليه وسلم كان داعياً إلى الله ، والدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم - القاعدة الرابعة التيسير لا التعسير . لقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نُيسر ولا نُعسر ، وأن نُبشر ولا ننفِّر ، فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم عنه صلى الله عليه وسلم قوله :

(( يسروا ولا تعسروا ، وبشروا ولا تنفروا ، سددوا وقاربوا))

[ البخاري عن أبي موسى ]

 قال النووي رحمه الله : لو اقتصر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله على " يسروا" لصدق على أن يسَّر مرة وعسَّر كثيراً ، فلما قال : "ولا تعسِّروا " معنى ذلك ينبغي أن نجتنب التعسير في كل الأحوال ، قال ابن مسعود : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام ، كراهة السآمة علينا " .
 أي كان يعظنا من حين لآخر ، دون تتابع لئلا نسأم الموعظة ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تكليف الناس ما لا يطيقون ليستمر سيرهم في طريق الإيمان ، فالداعية المتبع لسنة النبي عليه الصلاة والسلام يأخذ نفسه بالعزائم ، ويسمح لمن يدعوهم بالرخص تخفيفاً عليهم وتيسيراً لهم ، لا إذا سئلت تعطي العزيمة وتختار لك الرخصة .
عن أنس رضي الله عنه :

(( أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى شيخاً يُهادى بين ابنيه ، قال : ما بال هذا؟ قالوا : نذر أن يمشي . . قال : إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني وأمره أن يركب ))

[ البخاري عن أنس ]

 وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً قائماً في الشمس .
 فقال : ما بال هذا ؟ قالوا : نذر ألا يستظل ، ولا يتكلم ، ويصوم فأمره أن يستظل ، ويتكلم ، وأن يصوم ويفطر ، وقال : " عليكم بما تطيقون فإن الله لا يملُّ حتى تملوا ".
 وقد قال الإمام علي كرم الله وجهه : " إن للقلوب إقبالاً وإدباراً فإذا أقبلت فاحملوها على النوافل ، وإن أدبرت فاقتصروا بها على الفرائض" .

5 ـ التربية لا التعرية :

 القاعدة الخامسة ؛ التربية لا التعرية، لقد علَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم من خلال أقواله وأفعاله ومواقفه من أصحابه في شتى مستوياتهم وأحوالهم أن الدعوة مهمة تربوية أساسها النفسي الحب الصادق ، والرحمة الواعية ، والشفقة الحانية ، أساسها العقلي : المعرفة الدقيقة ، والعميقة ، والشاملة لطبيعة النفس الإنسانية ، في قوتها وضعفها ، في تألقها وفتورها، في إقبالها وإدبارها .

 

سرّ موقف النبي الرحيم بحاطب بن بلتعة :

 يا أيها الأخوة الكرام ؛ قصة سمعتموها مني كثيراً ، ولكن لا بأس في إعادتها :
 لما تجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم لفتح مكة كتب حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة يخبرهم بذلك ، وقال لهم : إن رسول الله يريد أن يغزوكم فخذوا حذركم ، ثم أرسل الكتاب مع امرأة مسافرة فنزل الوحي على رسول الله يخبره بذلك ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً والزبير والمقداد وقال : انطلقوا حتى تأتوا موضع كذا ، فإن به ظعينة معها كتاب ، فخذوه منها فائتوني به ، فخرجنا حتى أتينا الروضة ، وهو المكان الذي حدده لهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا نحن بالظعينة فقلنا لها : أخرجي الكتاب ، فقالت : ما معي من كتاب ، فقلنا لها : لتُخرِجنَّ الكتاب أو لتلقين الثياب فأخرجته من عقاصها ، أي من ضفائر شعرها ، فأتينا به النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا فيه : من حاطب بن أبي بلتعة إلى أُناس من المشركين بمكة ، يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال النبي لحاطب : ما هذا يا حاطب ؟ وما حملك على ما صنعت ؟ . . قال حاطب : يا رسول الله ، لا تعجل عليَّ إني كنت امرأ ملصقاً في قريش ، ولم أكن من أنفسها ، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بهم أهلهم ، وأموالهم بمكة فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب أن أتخذ عندهم يداً يحمون بها قرابتي ، وما فعلت ذلك كفراً ولا ارتداداً عن ديني ، فقال عمر رضي الله عنه : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق ، قال صلى الله عليه وسلم : لا يا عمر إنه شهد بدراً ولعل الله اطلع على أهل بدر فغفر لهم " ثم التفت إلى أصحابه ، وقال : "صدقوه ولا تقولوا فيه إلا خيراً "
 إنه القلب الكبير ، والصدر الواسع ، والتفهُّم العميق للحظة ضعف طارئة ألمت بهذا الصحابي ، وأراد النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الموقف الرحيم أن يعينه وينهضه من عثرته فلا يطارده بها ، ولا يدع أحداً يطارده . . وسرّ التفاوت بين موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم وموقف عمر رضي الله عنه ، أن عمر نظر إلى الذنب نفسه فإذا هو خيانة عظمى، بينما نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى صاحب الذنب فرآه ضعفاً طارئاً ألمّ به ، أنقذه من ضعفه ، وأنهضه من كبوته ، وأعانه على شيطانه .
 أيها الأخوة الكرام ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا لغيرنا وسيتخطى غيرنا إلينا ، الكيس من دان نفسه ، وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله الأماني . .

* * *

الخطبة الثانية :
 أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صاحب الخلق العظيم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مخاطبة العقل و القلب معاً :

 أيها الأخوة الكرام ؛ بقيت قاعدة أخيرة ، هي مخاطبة العقل والقلب معاً ،
 الإنسان عقل يدرك ، وقلب يحب ، فإذا توجهت إلى عقله وحده لم تفلح ، وإن توجهت إلى قلبه وحده لم تفلح ، لابد من أن تتوجه إلى قلبه وعقله معاً . علَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم من خلال سنته وسيرته أن الإنسان عقل يدرك وقلب يحب ، وأن العقل غذاؤه العلم ، وأن القلب غذاؤه الحب ، وأن العقل أمير القلب ، لذلك ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن :

(( أرجحكم عقلاً أشدُّكم لله حبَّاً ))

[ورد في الأثر]

 أيها الأخوة ؛ إذا كان العقل للنفس كالعين تبصر به ، فإن الهدي الرباني نور لهذه العين ، فأنى للعقل أن يرى الحقائق من دون نور يكشفها له ؟ وإذا كان القلب وما ينطوي عليه من حب محركاً للإنسان ، ينتقل ويرقى به فإن العقل مقودٌ يوجه هذه الحركة نحو الهدف ويجنبها الانحراف والهلاك .
لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب العقل في الإنسان فعن أبي أمامة رضي الله عنه أن :

(( فَتًى شَابًّا أَتَى النبي فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ : ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا ؟ فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا : مَهْ مَهْ ، فَقَالَ : ادْنُهْ فَدَنَا مِنْهُ قَرِيباً ، قَالَ : فَجَلَسَ ، قَالَ : أَتُحِبُّهُ لأُمِّكَ ؟ قَالَ: لاَ وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ ، قَالَ : وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأُمَّهَاتِهِمْ قَالَ : أَفَتُحِبُّهُ لاِبْنَتِكَ ؟ قَالَ : لاَ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ ، قَالَ : وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ ، قَالَ : أَفَتُحِبُّهُ لأُخْتِكَ؟ قَالَ : لاَ وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ ، قَالَ : وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأَخَوَاتِهِمْ ، قَالَ : أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ ؟ قَالَ: لاَ وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ ، قَالَ : وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ ، قَالَ : أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ ؟ قَالَ: لاَ وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ ، قَالَ وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالاَتِهِمْ ، قَالَ : فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : اللهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ وَحَصِّنْ فَرْجَهُ قَالَ : فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ ))

[ أحمد عن أبي أمامة ]

 توجه إلى عقله فخاطبه ، وأحياناً يخاطب القلب .
 الأنصار حينما وجدوا على النبي في أنفسهم عقب غزوة حنين وكان قد وزع الغنائم ، قال لهم :" يا معشر الأنصار ، ألم أجدكم ضُلالاً فهداكم الله ، وعالة فأغناكم الله ، وأعداء فألف الله بين قلوبكم ؟ . . أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً ليُسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم ، أما ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعوا أنتم برسول الله إلى رحالكم ؟ فبكوا حتى أخضلوا لحاهم ، وقالوا : رضينا برسول الله حظاً وقسماً " .
 خاطب العقل تارةً ، وخاطب القلب تارةً . والقرآن خاطب العقل والقلب معاً .
 أيها الأخوة الكرام ؛ مخاطبة العقل والقلب ، والتيسير لا التعسير ، والترغيب لا التحذير، والإحسان قبل البيان ، والقدوة قبل الدعوة . هذه قواعد الدعوة إلى الله ، فإذا أردت أن تكون داعياً إلى الله ، فهذا فرض عين على كل مسلم . لك أقرباء ، لك أهل ، لا يوجد واحد من الأخوة الحاضرين إلا وله زيارة ، لقاء ، مجلس ، سهرة ، ندوة ، سفر مع أشخاص يحبهم ، لماذا تتحدث عن موضوعات لا تغني ولا تجدي ؟ تحدث عن الله عز وجل فبلغ ولو آية ، وحدث عن رسول الله ولو بحديث واحد تكن بالمعنى الواسع من الدعاة إلى الله عز وجل .
 أيها الأخوة الكرام إني داع فأمنوا .

الدعاء :

 اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شرّ ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت ، ولك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك ونتوب إليك ، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك . اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين . اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، ودنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين . اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك . اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين . اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين . اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك ، ومن الفقر إلا إليك ، ومن الذل إلا لك ، نعوذ بك من عضال الداء ، ومن شماتة الأعداء ، ومن السلب بعد العطاء . اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله عوناً لنا فيما تحب ، وما زويت عنا ما نحب فاجعله فراغاً لنا فيما تحب . اللهم صن وجوهنا باليسار ، ولا تبذلها بالإقتار ، فنسأل شرّ خلقك ، ونبتلى بحمد من أعطى ، وذم من منع ، وأنت من فوقهم ولي العطاء ، وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء . اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين . اللهم ارزقنا التأدب ونحن في بيوتك يا رب العالمين . اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعز المسلمين ، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى، إنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .

 

تحميل النص

إخفاء الصور