وضع داكن
19-04-2024
Logo
الخطب الإذاعية - الخطبة : 64 - الذوق الإسلامي - عذراً يا صلاح الدين .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الاولى :

الحمد لله رب العالمين ، يا رب ، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات ، يا كاشف الأسرار ، يا مسبل الأستار ، يا واهب الأعمار ، يا منشئ الأخبار ، يا مولج الليل في النهار ، يا معافي الأخيار ، يا مداري الأشرار ، يا منقذ الأبرار من العار والنار ، جد علينا بصفحك عن زلاتنا ، كن لنا ، وإن لم نكن لأنفسنا ، لأنك أولى بنا ، متعنا بالنظر إلى نور وجهك ، لا تهجرنا بعد وصلك ، لا تبعدنا بعد قربك ، لا تكربنا بعد روحك قد عادينا أعدائك فيك ، فلا تشمتهم بنا لتقصيرنا في حقك ، ووالينا أصفياءك لك ، فلا توحشنا منهم لسهونا عن واجبك .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .

سل الواحة الخضراء والماء جاريــا وهذي الصحارى والجبال الرواسيا
سل الروض مزدانا سل الزهر والندى سل الليل والإصباح والطير شاديـا
وسل هذه الأنسام والأرض والسمــا وسل كل شيء تسمع الحمد ساريــا

***
الشمس والبدر من أنوار حكمـتــه و البر و البحر فيض من عطاياه
الطير سبحه و الــزرع قدســـه و الموج كبره والحوت ناجــاه
والنمل تحت الصخور الصم مجــده و النحل يهتف حمدا في خلايـاه
رب السماء ورب الأرض قد خضعت إنــس و جن وأملاك لعليــاه
الناس يعصونه جهـراً فيسترهــم العبد ينسى وربي ليس ينســاه

وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، يا سيدي يا رسول الله
أدعوك عن قومي الضعاف لأزمة في مثلهـا يلقى عليك رجـاء
رقدوا وغرهم نعيم باطــــل و نعيم قوم في القلوب بــلاء
المصلحون أصابع جمعت يــدا هي أنت بل أنت اليـد البيضاء
أدَرى رسول الله أن نفوسهــم ركبت هواها و القيود هــواء
يتفككون فما تضم نفوسهم ثقــة ولا جمع القلوب صفـــــاء

اللهم صل وسلم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وأصحبه الطيبين الطاهرين أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارض عنا ، وعنهم يا رب العالمين .
عباد الله وأوصيكم ونفسي بتقوى الله ، وأحثكم على طاعته ، وأستفتح بالذي هو خير.

الذوق وعلاقته بالدين الاسلامي :

أيها الإخوة المؤمنون في دنيا العروبة والإسلام .
الإسلام : عقائد ، وعبادات ، ومعاملات ، وآداب .
وموضوع الخطبة اليوم :
بعض الآداب الإسلامية ، ولكن بمصطلح جديد شاع بين الناس ألا وهو الذوق .
ونقصد بالذوق :
التناسق والجمال في المكان من الذوق
أدبيات التعامل مع الناس .. جمال التعامل بأشكاله المتعددة .. النفس المرهفة الجميلة .. الموقف الجميل ، التصرف الجميل ، الحركة الجميلة ، اللمسة الجميلة ، الكلمة الجميلة ، جمال النظام ، جمال النظافة .. جمال الأناقة ، جمال التناسق والانسجام ، جمال في البيت ، جمال في مكان العمل ، جمال في الطريق ، جمال في الأماكن العامة .
ونقصد بالذوق :
النفس الشفافة التي تفهم الخطأ وتقدر وقوعها فيه من نظرة العين ، وابتسامة الوجه .
إن الحياء شعبة من الإيمان .. والحيي هو الذي يفهم خطاه من لمحة عابرة ، ونظرة حائرة .
الناس أجناس فمنهم من أعتقد خطأً أن الذوق ، والأدب ، والخلق الرفيع ، والرّقي الحضاري .. كل هذه قيم غربية خالصة ، ولا تكتسب إلا في المدارس الأجنبية .
ومنهم من تربى على الأدب والرقي والذوق ، وظنّ أن الإسلام عكس ذلك تماما ، فتراه حينما يسمع كلمة “ متديّن “ ينتظر منه عدم اللياقة .. وعدم النظافة .. وعدم النظام .. فصار الذوق عند هذا الإنسان الواهم حاجزا بينه وبين التديّن .
ومن الناس من ظن أن الإسلام في المسجد ليس غير.!! لذلك يقول “ دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر “ وبالتالي فالأدب والرقي والحضارة وكذلك إدارة الحياة جميعها .. ليس لهذا علاقة بالدين .. والحقيقة أن ما لله لله وما لقيصر لله!
وسنعرف من خلال هذه الخطبة ـ إن شاء الله تعالى ـ وسيتأكد لنا أن الذوق والأدب ، والرقي ، والحضارة ، والشفافية ، والجمال ، والنظافة ، والنظام هي أصول كبيرة من أصول هذا الدين .
إن الإسلام جاء لتنظيم الحياة وإدارتها والسمو بها ، فالإسلام هو الحياة الكاملة .
والإنسان المتديّن الذي فهم الإسلام عبادة شعائرية ليس غير .. صلاة وصياما وذكرا وتسبيحا فهو حريص على هذه العبادة ، ولكنه لم يفهم أن الذوق جزء أساسي من أخلاق المسلم ، وأن الله لا يرضيه أن يؤذي الناس بكلمة أو بتصرف ، فإذا عامل الناس بغلظة .. وبشيء من عدم الذوق ، فتكون النتيجة أنه يفتن الناس عن دينهم . فيصبح تديّنه سببا لبعد الناس عن الإسلام .. وتجد من حوله يقولون : منذ أن تديّن أصبح فظا .. . غليظا .. غير مهتم بمظهره .

المظهر المرتب من الذوق
فالنبي صلى الله عليه وسلم سيد الخلق ، وحبيب الحق ، أوحي إليه ، وأوتي القرآن ، وأوتي المعجزات ، تمثل فيه الكمال البشري ، حتى قال الله له مخاطباً : وإنك لعلى خلق عظيم ، وأقسم الله بعمره الثمين فقال : لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ، النبي صلى الله عليه وسلم جميل الخلق حسن النطق ، أوتي جوامع الكلم ، عصمه الله من أن يخطئ في أقواله ، وفي أفعاله ، وفي إقراره ، وفي صفاته .. . ومع كل هذه الخصائص ، ومع كل هذه الكمالات التي هي في القمم يقول الله له على الرغم من كل هذه الخصائص :

﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾

[ سورة آل عمران الآية : 159 ]

فكيف بإنسان ليس بسيد الخلق ، ولا بحبيب الحق ، ولم يوح إليه ، ولم يؤت جوامع الكلم ، وهو مع هذا فظ ، غليظ في أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، متجهم في نظراته ، قاس في تعليقاته .

الذوق في التعامل مع الوالدين :

الاستئذان على الوالدين من الذوق
ولنبدأ بالأدب مع الوالدين ، أو ولنبدأ بالذوق في التعامل معهما :
في المنهج الإلهي إرشادات كثيرة جداً في التعامل مع الوالدين ، نكتفي بواحدة منها .
الاستئذان للدخول على الأب والأم ، تجسده آية في القرآن الكريم تبين أدب الدخول ووقته ، يقول الله تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ﴾

[ سورة النور : 58 ]

آية في القرآن الكريم ، الذي تعبدنا بتلاوته إلى ساعة اليقين ، ترسخ قاعدة من قواعد الذوق ..
هل بعد ذلك نقول : إن الإسلام ينظم الحياة في المسجد ليس غير أم أنه ينظم الحياة كلها .. انه ينظم الحياة حتى في غرفة النوم !!
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال :

(( يا رسول الله أأستأذن على أمي ؟ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " نعم “ ، قال الرجل : يا رسول الله أأستأذن على أمي ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " نعم “ ، قال الرجل للمرة الثالثة : يا رسول الله أأستأذن على أمي ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " أتحب أن تراها عارية ؟ “ قال : لا يا رسول الله ، فقال صلى الله عليه وسلم : “ فاستأذن على أمك “ ))

[ رواه البيهقي في السنن الكبرى 7\97]

التعامل مع الزوجة :

الذوق في التعامل مع الزوجة
وهناك توجيهات كثير في التعامل مع الزوجة نكتفي بواحدة منها :
ومن الأدب في التعامل مع الزوجة ، أو من قواعد الذوق في التعامل مع الزوجة .
من الأزواج من يهدد زوجته مرارا وتكرارا .. هزلا وجدا .. قائلا : سأتزوج عليك .. أين الذوق في التعامل مع المرأة ؟ .. ومنهم من يعد هذا من المزاح .. في حين أن هذا الأمر يجرح المرأة جرحا شديدا ، ويرضها رضاً بليغاً ، ولا تنساه ...
وإليك هذا الحديث الذي دار بين النبي صلى الله عليه وسلم والسيدة عائشة .. فلقد جلست السيدة عائشة مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخذت تقص عليه عشر قصص عن زوجات مع أزواجهن ، وظلت تحكي حتى وصلت إلى القصة الأخيرة ، قالت :

(( وآخر الأزواج اسمه : أبو زرع ، كان رقيقا مع زوجته ، يحبها وتحبه ، عاشت معه أحلى الأيام ، ثم قالت السيدة عائشة : غير أنه طلقها .. فنظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم وقال لها : " كنت لك كأبي زرع لأم زرع ، غير أني لا أطلقك ))

[ البخاري 5189 ومسلم 6255]

هذا ذوق رفيع في التعامل مع الزوجة .
سألته مرة : كيف حبك لي ، فقال لها كعقدة الحبل ، فكانت تسأله من حين لآخر : كيف العقدة ؟ فيقول على حالها ، أراد أن يطمئنها .
كنا في البيت مع الوالدين والزوجة فإذا خرجنا إلى الشارع .

لا ترفعوا أصواتكم :

إطلاق بوق السيارة ليس من الذوق
من الذوقيات المفقودة في الشارع تلك الأصوات المزعجة لأبواق السيارات التي يتفاخر بها أصحاب السيارات ، صغيرة كانت أو كبيرة ، فتجد صاحب المركبة يقف أسفل البيت وينادي ببوق مركبته من في الطابق العلوي ، بدلا من أن يصعد إليه ، يريح نفسه ويتعب الآخرين باستخدام آلة التنبيه .. فيأتي الإسلام ويرد للشارع ذوقياته المفقودة .

يقول الله تعالى : وينبغي أن نفهم الآية على نحو موسع :

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾

[ سورة الحجرات الآية : 4 ـ 5 ]

نعم .. إن الآية تتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكنها تنظم وتهذب سلوكيات الناس .
إن من حق الناس عليك ألا تزعجهم فمنهم النائم .. ومنهم الطالب الذي يدرس .. ومنهم المريض .. ومنهم الذي يصلي .. واعلم أن الشارع ليس ملكك وحدك .

 

فافسحوا يفسح الله لكم :

التفسح في المجالس يشمل السماح لمرور الآخر بسيارته
ومن التصرفات العجيبة .. أنك تجد سائق السيارة لا يسمح للسيارة التي خلفه أن تتجاوزه .. وإذا سألته ما السبب لم يجب ، والأدهى من ذلك أن هذا التصرف أصبح عملاً لا شعورياً من كثرة ما تعوّد عليه .
ولكن الإسلام يعلمك الذوق في هذه المواقف .
يقول الله تعالى : وينبغي أن نفهم الآية بمعناها الواسع .

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾

[ سورة المجادلة الآية : 23 ]

افسحوا ليس في المجالس فقط ، ولكن في الطرق .. افسحوا يفسح الله لكم .. من قلة الذوق أنك تضيّق الطريق على الناس ، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " ثلاث يصفينّ لك ود أخيك “ .. منها “ وأن تفسح له في المجلس “ .
وإليك هذا الموقف الجميل ..
بينما كان يجلس النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد إذ جاء رجل من الأعراب فتزحزح له النبي صلى الله عليه وسلم ( بالرغم من أن المسجد لم يكن ممتلئا ) فقال هذا الأعرابي وقد لفت نظره هذا التصرف : يا رسول الله لم تزحزحت ؟ إن في المسجد سعة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " حق على كل مسلم إذا جاء أخوه أن يتزحزح له “ .
من يقول بعد هذا : خذوا الذوق وتعلموه من الغربيين ؟!

إماطة الأذى عن الطريق صدقة :

إلقاء القمامة في مكانها من الذوق
هل من الأدب والذوق إلقاء القمامة في الشارع ؟ تجد الرجل ينظر يمينا وشمالا ويقول في نفسه : هل يراني أحد ؟ ويبدأ يختلس النظرات ، كالذي يسرق شيئا ، ثم يلقي بالقمامة .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :

(( إماطة الأذى عن الطريق صدقة ))

[ رواه مسلم 1668 وأبو داود 1285 ]

فما بالنا بمن يلقي الأذى في الطريق .. !! يقول النبي صلى الله عليه وسلم :

(( الإيمان بضع وستون شعبة أعلاها قول لا اله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ))

[ رواه البخاري 9 ومسلم 152 ]

ومعنى ذلك أن إماطة الأذى عن الطريق جزء من الإيمان .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم ، في حديث رائع رواه البخاري ومسلم :

(( إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ))

[ أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن جابر بن عبد الله ]

فالمدخن مثلاً يؤذي من حوله إذن بناء على هذا الحديث الصحيح تتأذى منها الملائكة ، وقد ثبت أن الذي يجالس المدخن يتأذى بثلث أخطار التدخين .

الذوق في الطريق :

عدم الجلوس في الطرقات من الذوق
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :

(( إياكم والجلوس بالطرقات ، إذ أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه : غضّ البصر ، وكفّ الأذى ، وردّ السّلام ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ))

[ رواه البخاري 2465 و6229 ومسلم 5528 و5613 ]

يا الله .. الإسلام يضع لك منهجا .. للجلوس في الشارع مضطرا ..

 

الاستئذان :

خرجت من بيتك إلى الشارع ووصلت إلى بيت صديقك .
تقول : صديقي .. إنه أخي .. إننا هنا نتكلم عن الذوق في المعاملة .. نتكلم عن الأدب الذي علمنا إياه الإسلام .. والآن إليك كلام الله عز وجل :

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾

[ سورة النور الآية 27 ]

الاتصال قبل الزيارة من الذوق
ومعنى ( تستأنسوا) ، أي تتأكدوا أنهم مستعدون لاستقبالكم ، وتستأنسوا في القرن الواحد والعشرين معناها : أن تتصل به هاتفياً وتأخذ منه موعداً .. كلمة جميلة كلها ذوق ..

﴿ تَسْتَأْنِسُوا ﴾

أي تضمن أنه سيأنس بك هذا الصديق .
أحيانا تذهب من دون موعد تجده يعتذر لك .. أنه لن يستطيع أن يستقبلك ، فتغضب غضبا شديدا وتقيم الدنيا ولا تقعدها .. من الذوق ألا تغضب .
يقول تعالى :

﴿ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾

[ سورة النور : 28 ]

إياك أن تغضب إن اعتذر أخوك عن أن يستقبلك ..

﴿ هو أزكى لكم ﴾

طريقة قرع الباب :

البعد عن الباب بعد قرعه من الذوق
ومن السلوكيات غير الطيبة والبعيدة كل البعد عن الذوق .. أن تجد مثلا من يدق جرس الباب ، ثم يقف في وجه الباب أمام العين السحرية ، ويضع يديه الاثنتين على الباب !! .
وانظر إلى أدب الإسلام .. يقول صلى الله عليه وسلم :

(( لا تقفوا أمام الباب ولكن شرّقوا أو غرّبوا ))

[ أخرجه الإمام أحمد 5\421 ]

 

 

 

الحركة الرفيعة :

 

 

 

هناك من الناس صنف لا يراعي الآداب العامة ، فتجده بعدما يدخل مكاناً .. سواء كان بيتا أو مصعدا ، أو سيارة .. يغلق الباب بشدة ، فتارة يكسر الزجاج ، وتارة يفزع الناس ..
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :

(( ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه ))

[ رواه الإمام أحمد 6\206 ]

بالله عليك .. اجعل هذا الحديث منهجاً لك ، فهو طريقك إلى الذوق الرفيع .

التطفل في الدعوة :

أحيانا يدعوك أحد أصدقائك لطعام في يوم كذا ، وفي هذا اليوم تذهب لصديقك ولكن ليس بمفردك !! فتأخذ معك شخصا آخر .. فيصاب صاحب البيت بصدمة لهذا التطفل .
دعي النبي صلى الله عليه وسلم هو وخمسة من الصحابة عند رجل من الأنصار ، وفي أثناء ذهاب النبي صلى الله عليه وسلم والخمسة إذا بصحابي آخر يتبعهم ويمشي معهم حتى وصلوا إلى البيت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب البيت :

(( إنّ هذا تبعنا فإن شئت فأذن له وإن شئت فليرجع ))

قال الأنصاري الذي دعاهم : بل آذن له يا رسول الله .

[ رواه البيهقي في السنن الكبرى 7\265 والطبراني في المعجم الكبير 17\198 و17\199 ]

إنه موقف محرج وبخاصة لصاحب البيت وأهله .. فالطعام لعدد معين .. وقد تكون الأماكن على الطاولة لعدد معين ، وإذا زاد هذا العدد فما العمل ! ؟ ولكن انظر إلى أدب النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يضع صاحب البيت في مأزق وحرج ، فبادره وشرح له الموقف وخيّره .
أين هذه الذوقيات بيننا الآن ! ؟.

 

ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام :

بعض الناس حينما يدخل بيت صديقه تجد عينيه تتحركان بسرعة تبحث عن الهاتف .. فإذا رآى الهاتف رفع السماعة ، وبعدها يستأذن من صديقه اتصالا واحداً سريعاً .. وهو يعلم أن صديقه لن يرفض له طلباً .. . فكيف يرفض وقد أمسك بالهاتف فعلا ؟ ثم يبدأ الاتصال .. فيتصل بجدة مثلا !! ويستمر هذا الاتصال نصف ساعة !! هل هذا من الذوق ؟؟ ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام ، وهل يراعي حياء الناس إلا من كان عنده ذوق ؟ فتجده يرى القلم في جيب زميله ثم يقول له : إنه قلم جميل ( وإنها لكلمة لها معنى ) فما على زميله إلا أن يقول : تفضل خذه !! فيأخذ منه القلم ، إلى هؤلاء نوجّه إليهم : ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام .

 

طول المكث عند المضيف :

أحيانا ينزل الإنسان عند أقاربه ضيفاً ، ويمكث يوما أو اثنين أو ثلاثة .. ويكرمه أهل البيت ، وتتفنن الزوجة في الضيافة ، وتجتهد لترضي ربها ، أولا ثم لترضي زوجها باستضافة أهله وإكرامهم .. وتكون الطامة حينما يمكث الضيف أسبوعا أو أكثر .. فيصبح هذا الضيف ثقيلا . وإذا علم الثقيل أنه ثقيل فليس بثقيل ، ولكنه لا يعلم .
فحينما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة نزل في منزل أبي أيوب الأنصاري ، لحين بناء المسجد النبوي ، وبناء بيته .. وكان بيت أبي أيوب يتكون من طابقين ، فقال أبو أيوب : يا نبي الله ، بأبي أنت وأمي ، إني لأكره أن أكون فوقك وتكون تحتي ، فكن أنت في العلوّ ، وننزل نحن إلى الأسفل .
هل تعرف لماذا فعل أبو أيوب ذلك ، ولماذا كان هذا الاختيار ؟
حتى لا تكون قدماه فوق النبي صلى الله وسلم .. قمة في الذوق .. قمة الأدب في التعامل مع النبي صلى الله عليه وسلم .. ولكن انظر إلى أدب النبي صلى الله عليه وسلم وذوقه الرفيع .. قال النبي صلى الله عليه وسلم :

(( يا أبا أيوب ، إنه أرفق بنا وبمن يغشانا أن نكون نحن في أسفل البيت وتكون أنت في العلو ))

[ رواه ابن هشام في السيرة النبوية عن ابن إسحاق 2\498 ]

مكان جلوسك عند المضيف :

من السنة ألا تجلس في بيت من تزوره إلا في المكان الذي يدعوك إليه ، فلا تجلس في مكان تختاره وتصر عليه إلا إن يؤذن لك ، فقد يكون المكان الذي اختاره الضيف يشرف على البيت كله ، وزوجته محجبة ، فكيف تتحرك في أرجاء البيت .. إنها والله آداب الإسلام ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم :

(( لا يجلس أحدكم على تكرمة الرجل إلا بإذنه ))

إن الحضارة ليست باستخدام الهاتف المحمول ، والدخول على مواقع الإنترنت ، وركوب المركبة الفارهه فقط ، إنما الحضارة بالأدب والذوق والرقي الأخلاقي ..

عيادة المريض :

اختصار زيارة المريض من الذوق
ومن الذوقيات الإسلامية في عيادة المريض .. ألا تطيل الزيارة .. فمن الذوق أن تكون زيارة خفيفة إلا إذا كان المريض مستأنسا بك وسعيدا .. وهناك قصة لطيفة للإمام أبي حنيفة كان مريضاً وعاده أربعة رجال .. فكانت زيارتهم ثقيلة وأطالوا الجلوس والإمام مريض ، فضاق بهم ، وتعب تعبا شديدا ، ومع ذلك فهم ما زالوا يجلسون .. فماذا فعل الإمام ؟ قال لهم : قوموا فقد شفاني الله عز وجل .. !!
إن الإسلام يعلمنا ويربينا على أن نراعي ظروف المريض . وحالته الصحية .. .
 

الذوق مع الجيران :

وننتقل الآن إلى الذوق والأدب مع الجيران .. يعلمنا الإسلام أننا إذا دخلنا البيت ومعنا فاكهة ، أو طعام نادر تحبه النفس .. فرآه أحد الجيران سواء كان صغيرا أو كبيرا فلا بد أن نقدم لهم منه طالما أننا لم نخبئه ..
ورد في الحديث ، حول الأدب مع الجار ... وإذا اشتريت فاكهة فأهد له منها ، فإن لم تفعل فأدخلها سراً ، ولا يخرج بها ولدك ليغيظ ولده ، ولا تؤذه بقتار قدرك ( برائحة طعامك ) إلا أن تغرف له منها .
وبعض الناس يتعمد أن يري جيرانه ما يحمل من طعام لذيذ أو يتحدث عما في البيت من طعام طيب ، ولذيذ تفاخرا .. أو يتحدث عن رحلاته ، وإنفاقه .
هذا من قلة الذوق الذي نهينا عنه .. ؟!
كان هناك شاب يسكن في جوار الإمام أبي حنيفة .. يشرب الخمر ويغني طوال الليل وهو سكران ويقول : أضاعوني وأي فتى أضاعوا .. كل يوم على هذا الحال .. يقوم الإمام أبو حنيفة لصلاة الفجر فيزعجه هذا الشاب ، فكان أبو حنيفة يتحيّن الفرصة المناسبة ليعظ فيها هذا الشاب ، ويرقق قلبه للتوبة ، وفي يوم من الأيام قام الإمام أبو حنيفة ليصلّ الفجر، فلم يسمع صوت هذا الشاب ، فسأل عنه فعرف أنه قد قبض عليه .. !! لأنه ضبط يشرب الخمر .. فذهب أبو حنيفة إلى صاحب الشرطة وقال له : هلا أفرجتم عنه لي .. فقالوا : إنه شرب الخمر !! قال : أخرجوه من أجلي .. فأخرجوه .. فأخذه أبو حنيفة وجعله يركب خلفه على بغلته ، ولم يتكلم معه كلمة واحدة .. حتى وصل إلى البيت وحينها قال أبو حنيفة : هل أضعناك يا فتى ؟ فقال : لا والله ولا أعود إليها أبدا ، إنه يشرب الخمر !! ؟ ولكن انظر إلى نتيجة اللطف والذوق ..
كثير من الشباب فطرتهم طيبة رغم كل ما يفعلونه ، ولكنهم لم يجدوا أمثال أبي حنيفة الذي يتحيّن الفرص ويتخيّر الوقت ويفتح بمفتاح الذوق أبواب قلوبهم المغلقة .. أو التي كنا نظنّ أنها مغلقة !!. انظر إلى نتيجة اللطف والذوق .

الذوق في المسجد :

عدم تجاوز صفوف المصلين من الذوق
ومن الذوقيات والآداب التي علمها لنا الإسلام في المسجد وأصبحت من البديهيات : ألا نتخطى الرقاب ، وأن نجلس حيث ينتهي بنا المجلس ، وأن تفسح لإخواننا ليجلسوا ، وألا نجلس في مكان نسد بجلوسنا طريقاً ، وأن نجلس فيه جلسة تنم عن أدب جم ، فما رؤي النبي صلى الله عليه وسلم ماداً رجليه قط ، وأن ندع كل حركة أو صوت يؤذي الجالسين وأن نحافظ على نظافة المسجد ، وعلى حرمته .. فلا نرفع أصواتنا فيه ، ولا نتكلم بشؤون الدنيا ، وأن نكون في أعلى درجات النظافة في البدن وفي الثياب ، وفي البعد عن كل أكلة تؤذي رائحتها رواد المسجد .
إنه بيت الله .. احرص أن تكون فيه في قمة الذوق وقمة الأدب .
الهاتف المحمول تتأذى منه الملائكة .. !! بدليل : أن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فمن الذوقيات المطلوبة في القرن الواحد والعشرين : أن تغلق الهاتف المحمول وأنت ذاهب إلى بيت الله ، وهذا أمر مهم ، فأحيانا تكون في بيت الله ، وبعد مجاهدة في صلاتك تسعد بنفحات من الله وبأنس به ، وفجأة .. تسمع صوت المحمول الملعون !! .. فتذهب هذه النشوة ، لذلك اضطر أحد أئمة المساجد أن يقول قبل أن يبدأ بالصلاة :
استووا واعتدلوا ، وأغلقوا هواتفكم فإن إغلاق الهواتف من إقامة الصلاة .
لذلك ندعو كل متوجه إلى المسجد أن يغلق هاتفه المحمول حفاظا عليه من لعنة المصلين ودعائهم عليه ، فقد يقع منك ويتعطل !! فإن المصلين يتأذون منه ، وإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم .

الأدب في الدعوة إلى الله :

وإليك هذا الموقف الطريف البسيط فإن له دلالات عظيمة .. أحيانا يتعوّد الناس على أشياء لم يرد لها أصل في السنة ، وحينما نريد أن نقومها يكون التقويم بشكل خاطئ .. وبشكل منفّر .
وقف شيخ كبير في الصلاة ، وكان بجواره شاب على وجهه علامة التدين .. وبعدما انتهى الإمام .. أعجب هذا الشيخ الكبير بالشاب ، وأعجب بخشوعه في صلاته ومدّ الشيخ الكبير يده لهذا الشاب داعياً له أن يرزقه الله حجة أو عمرة ليصلي في بيت الله الحرام فقال له مختصراً هذا الدعاء : حرماً .. . فنظر إليه الشاب المتدين بتجهم وغلظة قائلا : لم يرد في السنة حرما ! فقال الرجل الكبير : وهل قلة الذوق هي التي وردت في السنة !! ؟
ولكن لغياب الفهم .. ولغياب حسن التعامل مع الناس بالحكمة ، والموعظة الحسنة سيظل هذا الشيخ على موقفه بسبب هذا الشاب .
أيها الشاب افهم دينك . وتلطف مع الناس وتأدب في معاملتك معهم .. فالذوق مفتاح القلوب . وقلة الذوق تصد الناس عن سبيل الله .
ولنتعلم من الطفلين الحسن والحسين سبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم .
هذه قصة ينبغي أن يدرسها كل من يدعو إلى الله عز وجل ويجعلها دائما نصب عينيه .
ذات يوم وجد الحسن والحسين سبطا النبي صلى الله عليه وسلم وجدا رجلا لا يحسن الوضوء .. فماذا فعلا ؟ انظر إلى فعلهما وتعلم الذوق في الدعوة إلى الله منهما .
ذهبا إليه .. فقال الحسن : يا سيدي ، أخي هذا يدّعي أنه يتوضأ أحسن مني ، وأنا أقسم أنني أتوضأ كما يتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم ، فاحكم بيننا وانظر إلى وضوئه ووضوئي ، ثم قل أينا يتوضأ كما يتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم . فدخل الحسن وتوضأ ، وأسبغ الوضوء وأحسنه ، ودخل الحسين وتوضأ مثل أخيه . فقال الرجل : والله إني لا أجيد الوضوء كما تتوضآن . ما رأيك في تصرف الحسن والحسين !! تعلم الذوق والأدب الرفيع من الحسن والحسين .. واقتد بهما تصل إلى ما تريد بأرق وألطف الأساليب .
من أمر بمعروف فليكن أمره بمعروف .

الذوق في الحديث :

وسننتقل إلى الحديث عن الذوق في الكلام مع الناس .. وفيها من اللطائف الكثير والكثير .. وأول الأشياء التي يقع فيها البعض هو المقاطعة وعدم سماع آراء الآخرين .. وهذه الأشياء تدل على قلة الذوق .
ولذلك .. إذا أردت أن يكرهك الناس فعليك بمقاطعتهم وعدم إعطائهم الفرصة ليعبّروا عن وجهة نظرهم .. وكلما عرضوا فكرة فقل لهم إنهم على خطأ وعندي أفضل منها .. دائما أوجد عندهم إحساسا بأنهم لا يفهمون ، دائما عليك بتوبيخهم .. إذا فعلت هذا سيكرهك جميع الناس ؟
أفرغت يا أبا الوليد .. ! ؟
هذه أشياء .. إن فعلتها يكرهك الناس ..
لنتعلم من نبيك صلى الله عليه وسلم كيف يحبك الناس ويقدرونك .. وإنها والله لكلمات تدرس ليتعلم الناس فن الكلام وأسلوب الحوار .

جاء عقبة بن ربيعة ممثلا لقريش ، وكان سيداً فيهم ، فجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا ابن أخي اسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها ، لعلك تقبل بعضها ، فقال صلى الله عليه وسلم :

(( قل يا أبا الوليد ، أسمع ))

قال : يا ابن أخي إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعناه لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا .. !! ، وإن كنت تريد به ملكا ، ملكناك علينا .. !! وإن كنت كان هذا الذي يأتيك رئيا لا تراه ولا تستطيع رده عن نفسك ، طلبنا لك الطب .
إنها اختيارات سخيفة .. مال ، ملك ، مداواة من مرض ..
ولكن انظر إلى ذوق وأدب النبي فبدأه بكنيته

(( أبا الوليد ))

.. من باب التلطف ولين الجانب ثم قال له :

(( قل يا أبا الوليد ، أسمع ))

.. فلم يقاطعه النبي وبعد أن أنهى عتبة كلامه
قال النبي صلى الله عليه وسلم :

(( أفرغت يا أبا الوليد ؟ ))

قال : نعم . وللقصة تتمة ...

 

طالب جامعة بريطاني أسلم بسبب الذوق الإسلامي:

علمنا النبي صلى الله عليه وسلم .. حينما نكون ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث ، فإن ذلك يؤذيه .
لقد كان صديقان مسلمان يدرسان في بريطانيا ويتحدثان العربية والإنكليزية .. فكانا يتحدثان العربية طالما كانا بمفرديهما وحينما يأتي هذا الصديق الإنكليزي يتحولان إلى الإنكليزية .. حدث هذا عدة مرات .. فتعجبت هذا الصديق من ذلك الفعل أيما تعجب ، فأراد أن يتفسر ويعرف السبب .. فقالا له : نهانا نبينا أن نتحدث سويا بلغة لا يفهمها ثالثنا .. . فما كان منه إلا أن قال باللغة الإنكليزية ما معناه : نبيكم هذا حضاري جدا ، فأسلم هذه الصديق بعد ستة أشهر ، وقد عكف على دراسة الإسلام ، وكان من كلامه : أول شيء وقع في قلبي هو ذوق الإسلام في التعامل مع الآخرين .
إننا نريد أن نخرج من خلق الذوق بشيء هام جدا .. ألا وهو عدم إيذاء شعور الآخرين أيا كان الفعل ، فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أنكر فعلا من إنسان ، لم يذكر اسمه صراحة ، بل تجده يقول :

(( ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا ))

ولا يصرّح حفاظا على شعور الآخرين ، فهذا من قمة الذوق ، فلتكن من الآن لماحا ، إذا أحسست أن الكلمة التي ستقولها ستضايق من أمامك ، فلا تقلها .
ومن تطبيقات خلق الذوق .. الذوق مع أصحاب المراكز العليا أمثال الملوك والأمراء والعلماء ، فمن السنّة أن ننزل الناس منازلهم إلا في حالة الحرب ، وتعلم من النبي صلى الله عليه وسلم .
يبعث برسالة لكسرى ملك الفرس الذي يسجد للنار .
فيقول له :

(( من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم الفرس ))

ويبعث إلى هرقل ملك الروم ..
فيقول له :

(( من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم ))

[ رواه البزاز في مسنده 2374 ]

فهل كسرى وهرقل عظيمان عند رسول الله ؟

 

الذوق والأدب مع أصحاب الفضل عليك :

أدب العباس :

كل من كان له فضل عليك .. كان له حق عليك ، وأول هذه الحقوق أن تتأدب معه ، وانظر إلى أدب العباس فمن المعروف أن العباس أكبر سنا من النبي صلى الله عليه وسلم فحينما سئل العباس : أأنت أكبر أم رسول الله ؟ فقال كلمات رقيقة .. كلها أدب وذوق وحب .. قال : هو أكبر مني وأنا ولدت قبله .
ومن يفعلها سواك يا أبا بكر :

 

حينما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم هو وسيدنا أبو بكر .. . انتظره الأنصار على مشارف المدينة .. ولم يكن الأنصار يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم ، فرأوا راحلتين قادمتين ، وكان سيدنا أبو بكر الصديق هو المتقدم ، لأنه كان خائفا على النبي صلى الله عليه وسلم فكان يحميه فظن الأنصار أن الرسول هو أبو بكر الصديق فأسرعوا نحو ناقة أبي بكر وأخذوا خطامها .
إنه موقف حرج .. كيف تصرّفت فيه يا أبا بكر ؟ هل قلت لهم : لست أنا برسول الله إنني أبو بكر ؟ فإنك لو قلت هذا لما كانت لطيفة .. . فماذا فعلت يا أبا بكر! ؟
لقد خلع رداءه وأظل به رأس النبي صلى الله عليه وسلم فكانت لمحة طيبة وذوقا رفيعا فعرف الأنصار أنه ليس برسول الله صلى الله عليه وسلم وأسرعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
حقا .. . إنه أبو بكر الصديق .

أدب الإمام الشافعي :

أحيانا يزول حاجز الاحترام بينك وبين مدرسك وخاصة حينما تكونان في لقاء خاص .
ولكن انظر إلى الإمام الشافعي وكيف كان يتأدب مع أستاذه يقول : لا أستطيع أن أقلب الورق بصوت مرتفع بين يدي أستاذي كي لا أزعجه ، ولا أستطيع أن أشرب الماء أمام أستاذي إجلالا له .
والله إننا نحتاج اليوم لأمثالك أيها الإمام الشافعي.
وتخيّل معي لو كان الإمام الشافعي بيننا الآن ..
ونظر إلى ما يحدث بين الطالب والمعلم ..
ماذا كان يفعل ؟

المبالغة في الذوق من قلة الذوق :

وأخيرا .. من الذوق في التعامل مع الناس نقطتان :

الأولى :

أن المبالغة في الذوق من قلة الذوق .
بمعنى : ألا تتكلف في الذوق .. فمثلا عند عيادتك للمريض قلنا لا تطيل إلا إذا أذن لك أو كان يأنس بك فيطلب منك أن تجلس ، ويقسم عليك .
فلا تبالغ في الذوق وتقول : لقد علمونا ألا نطيل على المريض ، أنا عندي ذوق .. المريض يقسم عليك ، وأنت مصر .. إن المبالغة في الذوق من قلة الذوق .
إليك هذه المقولة للإمام الشافعي :
يقول : أثقل إخواني على قلبي من يتكلف لي وأتكلف له وأحب إخواني إلى قلبي من أكون معه كما أكون وحدي .

الثانية :

المبالغة في الجدية من قلة الذوق
أن المبالغة في الجدية من قلة الذوق أيضا .. .
فعدم الضحك والمبالغة في الجدية ليس من الذوق في شيء .. فقد كان عليه الصلاة والسلام ، يضحك مما يضحك منه أصحابه ، و يتعجب مما يتعجبون ، إياك أن تفهم أن عدم الضحك من الذوق ، إنه من قلة الذوق أحياناً .
لا بد للإنسان أن يفهم دينه فهما صحيحا .. لا إفراط ولا تفريط .
كتب رجل صالح قبل موته رسالة لابنته يقول فيها :
بنيّتي لم أعد أفزع من الموت ، ولو جاءني اللحظة ، لقد أخذت من الحياة كثيرا .
أقصد أعطيت كثيرا ، أحيانا يا بنيّتي يصعب التفرقة بين الأخذ والعطاء ؛ لأنهما عند المؤمن لهما مدلول واحد ، في كل مرة أعطيت فيها أخذت منها ؛ بل أخذت أكثر مما أعطيت .
أيها الإخوة في كل مكان :
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا لغيرنا ، وسيتخطى غيرنا إلينا الكيس من دان نفسه والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني والحمد لله رب العالمين .
الخطبة الثانية :

 

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نظراً لشدة الآلام التي تنتاب أمتنا ، لما جرى أخيراً ومؤخراً على الساحة العربية والإسلامية ، فنحن مضطرون أن نقدم اعتذارنا للبطل صلاح الدين الذي طرد الفرنجة القدامى من بلاد المسلمين ، ونحن بأخطاء كبيرة ارتكبها بعضنا أعدناهم إلى بعض بلاد العرب والمسلمين .

نعتذر إليك يا صلاح الدين عن تقصيرنا
فعذرا لك يا صلاح الدين وألف عذر أنت الذي طردت الفرنجة القدامى من بلاد من الشام ومصر والعراق وأنت الذي حررت دمشق والقدس من أيديهم وقد قلت قولتك المشهورة ( لن يرجعوا إليها ما دمنا رجالا ) عذرا يا صلاح الدين لقد رجعوا في المرة الأولى بعد الحرب العالمية الأولى ولما دخل قائدهم إلى دمشق ووقف عند قبرك وقال : ها قد عدنا يا صلاح الدين فعذرا وألف عذر لك لقد رجعوا مرة ثانية ، بسب أخطاء ارتكبناها بعضنا ولسان حالهم يقول ثانية ها قد عدنا يا صلاح الدين . ولئلا تقلق علينا كثيراً ؛ إنهم يقولون إنما عادوا كي ننعم بحرية كحريتهم ، وسلام كسلامهم ، وبرخاء كرخائهم . ولا أتمنى عليك أيها القائد الفذ أن تسأل أهم يحققون هذه الأهداف بوسائل من جنسها ، أم بوسائل مناقضة لها ، من أجل أن تكون مستريحاً .. . لا تسأل ! إن وسائلهم إفقار ، وإضلال ، وإفساد ، وإذلال .
إنها ردّة ولا صديق لها ، إنها هجمة تترية ولا قطز لها ، إنها حملة فرنجية وأنت غائب عنها .
عذرا يا صلاح الدين فلقد كنت دائما ترتسم معالم الحزن والأسى على وجنتيك ولم يكن للابتسامة مكان ولا نصيب على شفتيك فلما كنت تُسألُ لماذا لا تضحك يا صلاح الدين فكان جوابك المتكرر ( إني أستحي من الله أن أضحك وما يزال المسجد الأقصى بيد المعتدين )
عذراً يا صلاح الدين وأنت الذي وصلك خبر اعتراض أمير الفرنجة أرناط الذي احتل قلعة الكرك في الأردن ومن هناك راح يقطع الطريق على الحجاج المسلمين المتوجهين من الشام نحو الحجاز فكان يقتل الرجال ويسبي النساء وهو يقول لهم نادوا من ينتصر لكم ، فلما سمعت ما قاله بكيت وانسابت الدموع من عينيك وقد قلت قولتك المشهورة : أنا سأنوب عن رسول الله بنصرة أمته ، وهذا ما كان منك أيها البطل الذي ما هدأ لك بال ولا سكنت لك جارحة حتى وفيت بوعدك يوم حطين يوم انتصرت على ملوك أوروبا وأمرائها ، ويوم وقع أرناط في الأسر فمثل بين يديك وذكرته بما قال وقلت له يا أرناط أنا أنوب اليوم عن رسول الله بالدفاع عن أمته ، ولم تذكر الروايات التاريخية أنك تأكدت من شخصية أرناط بفحص حامضه النووي .
عذرا يا صلاح الدين ، وأنت الذي كنت كل مساء بعد أن ترجع من قتال الأعداء القدامى يوم حطين فكنت تخلع عباءتك وعمامتك وتنفض ما علق عليها من غبار في كيس ، وتجمع ذلك الغبار حيث أوصيت أولادك أن إذا متَّ أن يضعوا هذا الغبار تحت رأسك حتى إذا جاءك الملكان في القبر يسألانك كما يُسأل كل إنسان عند موته في قبره فإذا رأيا ذلك الكيس من الغبار قالا ما هذا الكيس يا صلاح الدين فتقول لهم هذا غبار الجهاد في سبيل الله!!
يا ســـعد بلّغ خـــالدا إن القتــــال له رجـال
عذرا يا صلاح الدين يا من هزمت الفرنجة القدامى في حتى أصبح اسمك على لسان النساء في أوروبا يخوفن بك أولادهن في الليل ليناموا نم يا ولدي وإذا لم تنم فسيطلع علينا صلاح الدين لقد قذفت الرعب في نفوس أهل أوروبا وشكَّلت لهم عقدة نفسية اسمها صلاح الدين .
فعذرا وألف عذر يا أيها القائد الفذ ، لما حل بنا من بعدك ، ومن أجل أن تبقى منسجماً مع إيمانك الكبير بالله نقول لك :
هان أمر الله علينا من بعدك فهنا على الله ، وقد تحققت نبوءة القرآن فينا : فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً ... وقد لقينا ذلك الغي
ومن أجل أن نطمئنك نذكرك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي دافعت عن المسلمين نيابة عنه :

(( لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله ، ما يضرهم من كذبهم ، ولا من خالفهم ، حتى يأتي أمر الله ، وهم على ذلك ، فقال مالك سمعت معاذاً يقول : وهم بالشام ))

[ رواه البخاري ومسلم ]

قال مستشارك ومرافقك كنت خاشع القلب ، عزيز الدمعة ، إذا سمعت القرآن أو تلوته دمعت عيناك ، وكنت رحمك الله كثير التعظيم لشعائر الدين كنت ناصرا للتوحيد وقامعا أهل البدع لا تؤخر الصلاة عن وقتها ، وكانت لك ركعات تصليها إذا في جوف الليل .
وكنت إذا سمعت أن العدو داهم المسلمين خَررتَ إلى الأرض ساجدا لله تدعو بهذا الدعاء : إلهي قد انقطعت أسبابي الأرضية في نصرة دينك ، ولم يبق إلا الإخلاد إليك ، والاعتصام بحبلك ، والاعتماد على فضلك ، أنت حسبي ونعم الوكيل .
الأمة العربية والإسلامية تمر بمحنة عظيمة
الأمة العربية والإسلامية تمر بمحنة عظيمة ، نرجو أن تكون وراءها منحة ربانية لا شرقية ولا غربية ، ولكن علوية سماوية ، وتعاني هذه الأمة من شدة لم تشهد مثلها في التاريخ الحديث ، نرجو أن يعقب هذه الشدة شدة إلى الله عز وجل تستحق بعدها أن تستخلف ، وأن تمكن في الأرض .

 

وقد شرح هذه المحنة ، وتلك الشدة ، السيد الرئيس في مؤتمر القمة الإسلامي الذي عقد بكوالالامبور في ماليزيا مؤخراً ، قال سيادته قي خطابه :
في الثمانينات كانوا في الغرب يدعمون التطرف الإسلامي وليس الإسلام ، أما اليوم فهم يحاربون الإسلام لا التطرف الإسلامي .
ولو تساءلنا لماذا يحارب هؤلاء المتعصبون الإسلام وهو دين العدل والمحبة والتسامح لكان الجواب البديهي لأن الإسلام الحقيقي هو الذي يمنع التطرف ، لأنه دين الاعتدال ، من دون التنازل عن الكرامة ، وهؤلاء المتعصبون يتمنون ويعملون عكس ما يعلنون ، من انتهاك للسيادة ، والحصار الاقتصادي ، إلى الاجتياح الثقافي ، والتمويل السري لبعض الهيئات لاستمرار واتساع التطرف الإسلامي ، أو أي تطرف آخر ، لأنه المعادل الموضوعي لتطرفهم ، والمبرر الأكيد لبقائهم في مواقع السيطرة في مناطق عديدة في هذا العالم ، فالتطرف يعيش على تطرف مقابل وهو يضمحل في بيئة الاعتدال .‏‏‏ ‏
إن علينا أن نعزز الدين الإسلامي الصحيح عقيدة وسلوكا ففيه تحصين للإسلام والمسلمين وإضعاف لأعدائهم وهذا يبدأ بمكافحة وتجنب كل الممارسات الشاذة الناجمة عن فهم خاطئ للدين والتي تسيء إليه بشكل مباشر وتعطي الآخرين من أصحاب النيات السيئة الحجة والمبرر لوصف الإسلام بشتى الصفات السلبية واللاإنسانية . وان كنا نرفض وبقوة كل المحاولات التي تجعل من صفة الإرهاب خاصة بالدين الإسلامي فإننا نرفض وبنفس القوة كل محاولة لربط الممارسات الخاطئة لبعض الأفراد بديانة أو حضارة معينة .‏‏‏
‏انتهى كلام السيد الرئيس .
وإننا نقول ما قاله صلاح الدين ونحن نرى جيوش الفرنجة من جديد تداهم أرض العرب والمسلمين اللهم وقد انقطعت أسبابنا الأرضية في نصرة دينك ولم يبق لنا إلا الإخلاد إليك والاعتصام بحبلك والاعتماد على فضلك أنت حسبنا ونعم الوكيل .

الدعاء :

اللهم ربنا اكفنا شرهم بما شئت ، اللهم ربنا رد عنا كيدهم ، اللهم ربنا إنهم قد استعلوا علينا بقدرتهم ، فأرنا فيهم قدرتك
اللهم إنا نسألك بدموع الأطفال وبكائهم ، وبخشوع الشباب وتضحياتهم ، وببطولة الشابات واستشهادهن ، وصلاح الأمهات ووعيهن ، وبركوع الشيوخ ودعائهم ، وبشكوى البهائم التي أحرق كلؤها ، وبشكوى الأشجار التي اقتلعت من جذورها ، وبتسبيح الصخر التي تفتت أجزاؤه
اللهم إنا نسألك باستغاثة المستغيثين ، واستجارة المستجيرين ، والتجاء الملتجئين ، وتسبيح المسبحين ، وحمد الحامدين ، وتهليل المهللين ، وبتكبير المكبرين ، ورجاء الراجين ، ألا تتخلى عنا ، ومنا من يفعل ما يوجب أن تتخلى عنا يا رب العالمين ، وألا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك ، وأصلح لنا شأننا كله يا كريم 0
اللهم إنك أنت القائل :

[وَكانَ حَقّاً عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ]

ونحن مؤمنون بك ، مقصرون في عبادتك ، فإن كنا لانسحق أن تنصرنا بعدلك ، فانصرنا برحمتك ، وإن كنا لانسحق أن تنصرنا استحقاقاً ، فانصرنا تفضلاً ، فنسألك اللهم بوعدك الذي قطعته على ذاتك العلية ، ونسألك اللهم بإيماننا بك ، أن تنتصر لنا وتنتصر لإخواننا في فلسطين وفي كل بلاد العرب والمسلمين ، وأن ترد عنهم كيد الكائدين عاجلاً غير آجل بما شئت ، وكيف شئت يا رب العالمين.
اللهم إنك أنت القائل:

[حَتَّى إِذا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا]

اللهم إنا لا نريد أن نصل إلى نقطة اليأس ، نحن لا نيأس ، نحن لا نظن بك إلا النصر والتأييد ، فنسألك اللهم بحسن ظننا بك أن تنصرنا على أعدائنا يا كريم ، نسألك اللهم أن تكفَّ عنا بأس الذين كفروا، لأنك أشد بأساً وأشد تنكيلاً .
اللهم إن أعداءك اليهود يعتمدون على حبل من الناس ، وإن عبادك المسلمين يقولون : إنهم يعتمدون عليك ، ويلتجؤون إليك ، وليس لهم غيرك، وقد تخلى عنهم أهل الأرض ، إلا من كلمات تردد لا تقدم ولا تؤخر ، أفتخذل عبادك المؤمنين يا رب العالمين ؟ أفتعرض عنهم يا أكرم الأكرمين ؟ أفتشمت بهم أعداءهم يا ناصر المستضعفين 0
اللهم وفق ولاة أمور المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لما تحبه وترضى ، اللهم ألف بينهم ، ووحد كلمتهم واجمعهم على الحق والخير والهدى.

 

اللهم بفضلك و رحمتك أعل كلمة الحق و الدين ، و انصر الإسلام و أعز المسلمين ، وأذل الشرك والمشركين و خذ بيد ولاتهم إلى ما تحب و ترضى ، اللهم وفق السيد رئيس الجمهورية بشار الأسد لما فيه خير البلاد والعباد وهيء له بطانة خير ووزراء صدق يا رب العالمين إنك على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير .

و الحمد لله رب العالمين

عباد الله ....

( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )

أقم الصلاة ، وقوموا إلى صلاتكم ، يرحمكم الله

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور