وضع داكن
20-04-2024
Logo
الخطبة : 1165 - ماذا بعد رمضان - برنامج متابعة بعد رمضان.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:

الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، وكشف الغمة، وجاهد في الله حقّ الجهاد، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

مرحلة ما بعد رمضان :

الطريق إلى الله مستمر حتى بعد رمضان
أيها الأخوة الكرام، نحن في مرحلة ما بعد رمضان، والحقيقة التي ينبغي أن تقال في هذه المناسبة أن كل مؤمن صام هذا الشهر الكريم، وقام ليله، وأحيا ليله، وقرأ القرآن الكريم، وغض بصره عن محارم الله، وتحرى لدخله الحلال، هذا السلوك الذي كان في رمضان بطولتك أن يستمر معك إلى ما بعد رمضان، يستمر معك إلى ما بعد رمضان لتكون المكتسبات تراكمية، كلما قفزت في سلم الإيمان قفزة نوعية ينبغي أن تحافظ عليها، وتبني عليها قفزة أخرى، بهذا المنطق وهذا السلوك تنتفع من عباداتك، حيث تتراكم مكتسباتها إلى أن تصل إلى مرحلة يرضى الله فيها عنا جميعاً، أما السلوك المألوف المرفوض فغير المعقول أن يعود الإنسان بعد رمضان إلى ما كان عليه قبل رمضان، إذاً هو لم يتقدم، ليس هناك مكتسبات تراكمية صارت المكتسبات آنية، انقضى رمضان.

رَمَضانُ وَلّى هاتها يا ساقي مُشتاقَةً تَسعى إِلى مُشتاقِ
***

فحينما ينطلق الإنسان دون أن يشعر إلى أن يعود بعد رمضان إلى ما كان عليه قبل رمضان ألغى من حياته تراكم الإنجازات، وصار الإنجاز مرتبطاً بمرحلة معينة، فلما انتهت ألغي هذا الإنجاز، إذاً لا تقدم ولا ارتقاء في حياة الإنسان الذي يفهم رمضان موسم عبادة، موسم التزام، موسم انضباط، موسم بذل، موسم عطاء، موسم قرآن، موسم طلب علم، موسم مغفرة، ويعود بعد رمضان إلى ما كان عليه قبل رمضان.

 

شهر رمضان أراده الله عودة إليه وصلحاً معه وتوبة إليه :

رمضان شهر العودة والصلح والإقبال على الله
فلذلك أيها الأخوة، لا بدّ من مراجعة الحسابات، لا بدّ من ترتيب الأوراق، لا بدّ من وقفة متأنية مع الذات، في حياتي، في كسب مالي، في علاقاتي، في خروج بناتي بأي طريقة، في علاقتي بمن معي، بمن فوقي، بمن تحتي، في عملي، مع صحتي في عاداتي الغذائية، في علاقاتي الاجتماعية، هذه المنظومة من العلاقات ينبغي أن تقيّم بعد رمضان كي تستمر على ما كانت عليه في رمضان، هذا لمن صام رمضان كما أراد الرحمن، هذه حالة.
هناك حالة ثانية إنسان قصر في رمضان، وتألم أشد الألم، لأن النبي عليه الصلاة والسلام صعد المنبر فقال: آمين، فلما صعد الدرجة الثانية قال: آمين، صعد الثالثة قال: آمين، فلما انتهت الصلاة والخطبة، قالوا: يا رسول الله علام أمّنت ؟ قال: جاءني جبريل ـ أنا يعنيني واحدة ـ وقال لي: خاب وخسر من أدرك رمضان فلم يغفر له، إن لم يغفر له فمتى؟
كأن هذا الشهر الكريم أراده الله عودة إليه، صلحاً معه، توبة إليه، إقبالاً عليه، لكن هذه العودة، وهذه التوبة، وهذا الإقبال، مرة ثانية كل بطولتك أن تستمر، وألا يفطر بعد رمضان إلا فمك فقط، ما كنت ممنوعاً عنه في رمضان وهو الطعام والشراب أصبح بعد رمضان كما كان قبل رمضان مباح، فلذلك المكتسبات، من هذه المكتسبات أنك صليت ثلاثين يومياً صلاة الفجر في المسجد، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:

(( مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ))

[ سنن ابن ماجة عَنْ سَمُرَةَ ابْنِ جُنْدَبٍ ]

(( مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَهُوَ كَمَنْ قَامَ نِصْفَ اللَّيْلُِ ))

[ مسلم عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]

وفي الأعمّ الأغلب أن معظم المسلمين صلوا في رمضان الفجر في جماعة والعشاء في جماعة، فإذا جهدت بعد رمضان أن تتابع الصلاة في المسجد فقط استمرت مكتسباتك، وكلكم يعلم أن الصلاة في المسجد تعدل صلاة الفرد سبعة وعشرين ضعفاً، لأن المسجد مكان عبادة، مكان تتنزل فيه الرحمات، والدليل: "إن بيوتي في الأرض المساجد، وإن زوارها هم عمارها، فطوبى لعبد تطهر في بيته ثم زارني، وحق على المزور أن يكرم الزائر".

 

على الإنسان أن يضمن استمرار لوازم شهر رمضان الكريم بعد رمضان :

من لوازم رمضان أنك صليت في المسجد الصبح والعشاء، فإذا تابعتهما بعد رمضان تكون هذه المكتسبات العبادية استمرت طوال العام، أنا أؤكد على العشاء والفجر، قد يكون الإنسان بالظهر في عمل يصعب أن يرتاد مسجداً، الظهر والعصر والمغرب لهما وضع خاص، أما الفجر والعشاء بداية النهار ونهايته، هذا كسب، ولا أظن أن واحداً في رمضان يجرؤ عن أن يملأ عينه من حرام النساء في الأعم الأغلب يغض البصر، غض البصر في رمضان يجب أن يستمر بعد رمضان هذا مكسب ثان، والدليل أن هناك آية كريمة قال تعالى:

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾

[ سورة النور: 30]

فإذا استطعت أن تتابع هذه العبادة بعد رمضان معنى ذلك مكتسبات غض البصر استمرت بعد رمضان إلى نهاية العام، في الأعمّ الأغلب أنك في رمضان قرأت القرآن الكريم بعضهم قرأ كل يوم جزءاً، تلاوة القرآن الكريم من أرقى العبادات فينبغي أن تلزم نفسك بقراءة القرآن الكريم بعد رمضان كما كنت في رمضان، تابع تلك العبادات التي قمت بها في رمضان، والتي هي من لوازم هذا الشهر الكريم، حاول أن تستمر بعد رمضان، لذلك الإنسان كما قيل: إذا أردت أن تحدث ربك فادعه، وإذا أردت أن يحدثك الله فاقرأ القرآن الكريم، فأنت إذا تلوت القرآن الكريم كأن الله يخاطبك:

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾

[ سورة النور: 30]

غض البصر أمر الله في كافة الأزمنة
كأن الله يقول لك: غض بصرك، فحينما تقرأ القرآن الكريم ولاسيما عند آيات يا أيها الذين آمنوا، حينما تشعر أنك معني بالخطاب، وأن خالق السماوات والأرض يخاطبك، وينتظر موقفك، و ردّ فعلك، ينتظر ماذا تعمل بعد قراءة هذه الآية، ففي رمضان لزمت المساجد، وفي رمضان صليت الفجر والعشاء في جماعة، وفي رمضان بالغت في الاستقامة، فغضضت بصرك عن محارم الله، هذه المكتسبات التي أكرمك الله بها في رمضان، والتي شعرت من خلالها أنك قريب من الواحد الديان، هذه ينبغي أن تستمر في رمضان، لا شك أنك في رمضان زرت أقاربك كصلة رحم، هذه الصلة ليس المفروض أن تكون في رمضان فقط، أن تكون بعد رمضان، ومن أرقى العبادات التعاملية صلة الأرحام، وكأن الله عز وجل أراد من هذه العبادة أن القوي يصل الضعيف، وأن الغني يصل الفقير، الغني يتفقد شؤون قريبه الفقير، والقوي يتفقد شؤون قريبه الضعيف، فإذا احتاج إلى مساعدة، معاونة، إرشاد، إلى مؤازرة، كانت هذه الزيارة منطلقاً للعمل الصالح، فكل الذي لزمته في رمضان من غض للبصر، من حفظ للنفس، من ضبط للسان، من أداء للصلوات في المسجد، من أذكار قمت بها بعد الفجر، من تلاوة قرآن، ينبغي أن تستمر بعد رمضان.
في الحقيقة هذه العبادات التي أمرنا الله بها هي قفزة نوعية في الطريق إلى الله، هذه القفزة ينبغي ألا يأتي بعدها قفزة مخالفة نحو الأرض، يجب أن تكون القفزات كلها نحو الأعلى، حتى يكون تطور إيمان الإنسان تطوراً تدريجياًً، كل عام هناك قفزة نوعية.

 

على الإنسان ألا تكون علاقته مع الله علاقة نوبية :

أيها الأخوة الكرام، لكن نقول لمن لم يوفق في رمضان إلى أن يصوم كما أراد الواحد الديان، أنا أقول له بكل صراحة: أشهر العام كلها رمضان، الله موجود، والوقت بيدك، والعبادة ميسورة، والمناجاة ميسورة، والقرآن بين يديك، والعمل الصالح قادر عليه، فالإنسان إذا فاته هذا الشهر الكريم لخطأ، أو لسوء فهم، أو لظروف صعبة، بإمكانه أن يعوض هذا بعد رمضان، يمكن أن تعوض أو أن تستمر، للمقصر نقول له: عوض، وللمتفوق نقول له: استمر.
على كلٍّ لا ينبغي في علاقتك مع الله أن تكون علاقات نوبية، أي مرحلة معينة، يوم معين، شهر معين، تؤدي هذه العبادة وتعود بعدها لما كنت عليه، لا، يجب أن تكون كل مكتسباتك تراكمية، هذا هو الفرق بين رمضان وبين ما بعد رمضان، إذا استمرت هذه المكتسبات العبادية من أعمال صالحة، إنفاق معين، عبادة قرآن معينة، دعوة إلى الله معينة، حضور دروس معينة، هذه كلها نشاطات، على كلٍّ:

(( أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ ، فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ ، وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ ؟ قَالُوا : وَذَلِكَ مَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ذِكْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ))

[ رواه مالك والترمذي وأحمد في المسند والحاكم في المستدرك عن أبي الدرداء ]

الذكر كلمة واسعة جداً، إن دعوت إلى الله فأنت ذاكر، إن أمرت بالمعروف فأنت ذاكر، إن نهيت عن المنكر فأنت ذاكر، إن جلست تستمع لدرس ديني فأنت ذاكر: بذكر الله تطمئن القلوب

﴿ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾

[ سورة الرعد: 28]

أي يجب أن تنطلق من هذا الحديث الشريف، مرّ الصّديق بصحابي جليل اسمه حنظلة، رآه يبكي في الطريق فقال: مالك يا حنظلة تبكي؟ قال: نافق حنظلة، قال له: ولِمَ يا أخي؟ قال حنظلة: نكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن والجنة كهاتين، فإذا عدنا إلى بيوتنا وعافسنا الأهل ننسى، سيدنا الصديق من تواضعه الجم، قال له: وأنا كذلك يا أخي، انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحدثاه بهذا الحال، فقال عليه الصلاة والسلام: نحن معاشر الأنبياء تنام أعيننا، ولا تنام قلوبنا، أما أنتم يا أخي فساعة وساعة.
أي مقام النبوة اتصال بالله مستمر، مقام غير النبوة اتصال نوبي ساعة وساعة، لو بقيتم على الحال التي أنتم بها عندي، لصافحتكم الملائكة، ولزارتكم في بيوتكم.
معنى ذلك اعلم علم اليقين أنه ينبغي أن يكون لك حال في المسجد، أنت في بيت الله، هل يعقل أن تطرق باب إنسان كائناً من كان من دون أن يقدم لك ضيافة؟ مستحيل ولو أقل شيء سكرة، أنت دخلت إلى بيت من بيوت الله، إنّ بيوتي في الأرض المساجد، وإن زوّارها هم عمّارها، فطُوبى لِعَبْد تطهّر في بيته ثمّ زارني ، وحُقّ على المزور أن يُكْرم الزائر.

 

من ذكر الله أدى واجب العبودية ومن ذكره الله منحه الأمن والرضا :

الآن كيف يكرمك؟ هنا الشاهد، يكرمك استنباطاً من قوله تعالى:

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء َالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾

[ سورة العنكبوت: 45 ]

أنت حينما تأتي إلى بيت من بيوت الله، وتُحكم اتصالك بالله، الآن إنك في الصلاة وأنت في المسجد تذكر الله تقول له:

﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾

[سورة الفاتحة: 1-7]

أنت في الصلاة في المسجد تذكر الله، لكن الله عز وجل يقول:

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾

[ سورة البقرة: 152]

أنت ذكرته، فإذا ذكرته هو يذكرك أيضاً، كيف يذكرك؟ لكن الله بادئ ذي بدء يقول لك:

﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾

[ سورة العنكبوت: 45 ]

إنك إن ذكرته أديت واجب العبودية، لكنه إذا ذكرك منحك الأمن:

﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾

[سورة الأنعام: 81-82 ]

من خالط إيمانه ظلم فقد نعمة الأمن :

عندما يختلط الإيمان بظلم تفقد نعمة الامن
هذه النعمة يفتقدها أهل الأرض بلا استثناء إلا المؤمنين والدليل:

﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾

جاء الجواب:

﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ﴾

يستنبط أن المؤمن إذا خالط إيمانه ظلم يفقد نعمة الأمن:

﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ ﴾

لو تعمقت في اللغة العربية لفهمت من كلمة:

﴿ لَهُمُ الْأَمْنُ ﴾

معنىً يختلف عن أولئك الأمن لهم، أولئك الأمن لهم ولغيرهم، أما:

﴿ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ ﴾

هذه صيغة قصر وحصر، أي الأمن لهم وحدهم، وأنا أعتقد يقيناً أنه لا يتمتع على وجه الأرض إنسان مهما يكن قوياً، ومهما يكن غنياً، لا يتمتع بنعمة الأمن إلا المؤمن، الدليل الوحيد هذه الآية:

﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾

[سورة الأنعام: 81-82 ]

أول ثمرة من ثمار ذكر الله لك:

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾

[ سورة البقرة: 152]

أنت حينما صليت ذكرته، أديت واجب العبودية، لكنك إذا ذكرته ذكرك، فإذا ذكرك منحك نعمة الأمن.

 

تمتع المؤمن بنعم لا تعد و لا تحصى :

نعم الله علينا أكثر من أتعد أو تحصى
الآن نعمة أخرى؛ فإذا ذكرته منحك نعمة الرضا، أنت راض، حال الرضا حال رائع جداً، حال رائع راض عن الله، راض عن بيتك، عن أهلك، عن أولادك، لأن الإنسان إذا بَعُد عن الله سخط عليه، لا يعجبه شيء، تجلس مع إنسان معه ملايين مملينة، يشكو لك آلاف القضايا، التشكي من صفات البعيد عن الله، أما المؤمن فيتمتع بنعم لا تعد ولا تحصى، مثلاً أكبر نعمة امتن الله بها عليك ـ قد تستغربون ـ أنك موجود:

﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ﴾

[ سورة الإنسان:1 ]

الله عز وجل منحك نعمة الإيجاد، موجود، ولماذا أوجدك؟ ليسعدك، هذه أكبر نعمة، فوق هذه النعمة نعمة الإمداد، منحك نعمة الإمداد؛ أمدك بالهواء، بالماء العذب، بالطعام، بالشراب، بالفواكه، بالثمار، أكرمك بالأرض، الأرض كوكب مهيأ لك، بحجمه، بدورانه، بليله، بنهاره، بفصوله، بثماره، بنباتاته، بحيواناته، بمناظره الجميلة، بالألوان، بعض الحيوانات ترى لونين فقط أبيض واسود، أنت ترى ألواناً، العين البشرية تفرق بين ثمانية ملايين لون، منحك:

﴿ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ ﴾

[ سورة البلد: 8 ]

الله أكرمك بالطعام والشراب، أكرمك بإمدادات لا يعلمها إلا الله، إذا اتصلت به منحك نعمة الأمن، منحك نعمة الرضا، منحك نعمة التوفيق، منحك نعمة النصر، منحك الحكمة:

﴿ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيراً ﴾

[ سورة البقرة : 269 ]

منحك نعماً لا تعد ولا تحصى، هذا كله من الصلاة، لأنك إذا ذكرت الله في الصلاة ذكرك الله، وإذا ذكرك الله منحك هذه النعم، فلذلك:

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾

[ سورة طه: 14]

لكن ذكره لك أكبر من ذكرك له.

 

السكينة أكبر عطاء إلهي يمنحه الله لمن ذاق حلاوة القرب منه :

السكينة أكبر عطاء إلهي يمنحه الله لمن ذاق حلاوة القرب منه
أيها الأخوة الكرام، حينما تذوق حلاوة القرب في رمضان تحافظ على الصلوات كما أراد الله عز وجل، و الحديث الذي أتمنى أن يكون واضحاً، والذي أذكره كثيراً، لأنه يحتوي على أساسيات الدين، ليس كل مصلٍّ يصلي، النبي عليه الصلاة والسلام قال:

(( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))

[أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس]

والمسلمون عددهم مليار وثمانمئة مليون، وليست كلمتهم هي العليا، وليس أمرهم بيدهم، وللطرف الآخر عليهم ألف سبيل وسبيل، منحك نعمة الأمن، والرضا، ونعمة التوفيق، ونعمة الحكمة، ونعمة السعادة، ونعمة السكينة، ما السكينة؟ أكبر عطاء إلهي، تسعد بها ولو فقدت كل شيء، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء، سعد بها النبي عليه الصلاة والسلام وهو في غار ثور، حيث أهدر دمه والمشركون يتعقبونه، سعد بها وهو في طريق الهجرة، سعد بها وهو في أصعب أيامه في الطائف، النبي عليه الصلاة والسلام مرّ بمحن صعبة جداً، وكل محنة من المتوقع أن ينتهي بها الإسلام، وهو واثق من نصر الله له، إن الله ناصر نبيه، الدليل أن النبي عليه الصلاة والسلام حينما تبعه سراقة ليقتله من أجل مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً، قال له النبي الكريم: يا سراقة كيف بك إذا لبست سواري كسرى؟ تصور دولة مثل اليمن، دولة متواضعة، نقول لأحد مواطنيها أنت سوف تدخل البيت الأبيض لتكون الشخصية الأولى فيه ـ كلام مضحك ـ يا سراقة كيف بك إذا لبست سواري كسرى؟ كسرى أكبر ملك، والذي حصل أنه في عهد عمر بن الخطاب جاءت كنوز كسرى، وأمسك سيدنا عمر سواري كسرى وقال أين سراقة؟ ألبسه سواري كسرى، وقال، بخ بخ أعيرابي من بني مدلج يلبس سواري كسرى، والله أيها الأخوة الكرام، أتمنى عليكم ألا تتضعضع ثقتكم بالله عز وجل، والله وعود الله قائمة، أنتم لا تبتعدون كثيراً، كم مقاتل بغزة ـ أنا أظنهم مؤمنين ولا أزكي على الله أحداً ـ وقفوا أمام رابع جيش في العالم اثنين وعشرين يوماً، ولم يستطع هذا الجيش أن يحقق أي تقدم، هذا درس لنا، انهيار النظام العالمي درس لنا، هناك ومضات سمِّها ومضات، سمها شحنات إيمانية، أنا سميتها جرعة إيمانية، جرعات منعشة من الله عز وجل، دول عظمى تعتمد نظاماً مالياً عملاقاً يَحْكُم مليارات المليارات ينهار؟ لأن فيه الربا:

﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾

[ سورة البقرة : 276 ]

بطولة الإنسان ألا يتسرب اليأس إليه لأن وعود الله قائمة :

المؤمن المستقيم يجب أن لا يتسرب اليأس إليه
إذاً أيها الأخوة، وعود الله قائمة، البطولة ألا يتسرب اليأس إليك:

﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾

[ سورة آل عمران:139]

أذكر هنا أن أحد العلماء في الغرب، وقد هداه الله إلى الإسلام، وسافر من أمريكا إلى بريطانيا، والتقى بالجالية الإسلامية في بريطانيا، قال كلمة بحضور أحد علماء الإعجاز العلمي والتقيت به في الشام قالها أمامه، قال: أنا لا أصدق أن يستطيع العالم الإسلامي اللحاق بالغرب على الأقل في المدى المنظور، لاتساع الهوة بينهما ـ أما الكلام الدقيق ـ ولكنني مؤمن أشد الإيمان أن العالم كله سيركع أمام أقدام المسلمين، لا لأنهم أقوياء ولكن لأن خلاص العالم في الإسلام، والله الذي لا إله إلا هو يجب أن تعتقدوا معي أن قوله تعالى:

﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ ﴾

[ سورة التوبة:33]

دقق:

﴿ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ﴾

[ سورة التوبة:33]

كنت في فرنسا بمؤتمر هل تصدقون أن الذين حضروا المؤتمر كان عددهم مئة وخمسين ألفاً، وأقاموا في أكبر مجمع، كان مطاراً برجياً، هؤلاء جاؤوا من أطراف أوربا لهذا المؤتمر، المسلمون بأمريكا يقتربون من عشرة ملايين، بفرنسا من ستة ملايين، الإسلام ينتشر حتى في هذا المؤتمر أبلغنا إحصائية دقيقة أن في كل يوم يدخل في الإسلام من الشعب الفرنسي من أصول فرنسية محضة خمسون رجلاً يومياً، في أمريكا يدخل في الإسلام كل يوم ثلاثة وثلاثون، الآن الإسلام أوسع دين في الانتشار مع أن العالم كله يحاربه، مع أن حرباً عالمية ثالثة معلنة على الإسلام في شتى بقاع الأرض، ومع ذلك هذا الدين ينمو نمواً عجيباً، لأن الإنسان بحاجة إلى الحق، والحق في وحي السماء، لذلك أمم كثيرة، مفكرون كثر من شتى الجنسيات يدخلون في دين الله أفواجاً.

 

دين الإنسان قوام حياته و سبب سعادته :

الدين قوام الحياة وسبب السعادة
أيها الأخوة، هذا الذي قال: أنا لا أصدق أن يستطيع العالم الإسلامي اللحاق بالغرب على الأقل في المدى المنظور، لاتساع الهوة بينهما، ولكنني مؤمن أشد الإيمان أن العالم كله سيركع أمام أقدام المسلمين لا لأنهم أقوياء ولكن لأن خلاص العالم بالإسلام.
لكن له كلمة رائعة أتمنى أن تكون لنا جميعاً، ونحن في عيد الفطر السعيد أن تكون هذه الكلمة بالتعبير المعاصر ورقة العمل التي بين أيدينا، قال: بشرط أن يحسن المسلمون فهم دينهم، وأن يحسنوا تطبيقه، وأن يحسنوا عرضه على الطرف الآخر، ثلاث ورقات رابحة.
على كلٍّ ابدأ بنفسك، أحسن فهم هذا الدين، اطلب العلم، دينك قوام حياتك، مصيرك، سبب سعادتك، سبب سلامتك، ينبغي أن تتعلمه، أي لا يوجد إنسان كل شهر أو شهرين أو ثلاثة يخطر على باله أن يقرأ كتاباً، فيقرأ صفحة من كتاب، بعد عدد من السنين يصبح معه دكتوراه، هذا ليس معقولاً، دكتوراه أي هناك دوام، و طلب علم مستمر يومي، الذي يقول لك: أنا دكتور، معه ابتدائية، إعدادية، وثانوية، وليسانس، ودبلوم عامة، ودبلوم خاصة، وماجستير، ودكتوراه، دوام يومي، كتب تقرأ، كتب تؤلف، حتى يضع دالاً جانب اسمه، أن تصل إلى جنة عرضها السماوات والأرض، ألا يوجد عندك وقت لتحضر درس علم؟ لتفهم حديثاً شريفاً؟ لتفهم تفسير كتاب الله؟ ليس معقولاً، هذا المسلم أحياناً يكون ساذجاً لا يستعد لأي درس علم، ولا لأي كتاب يقرأه، يعيش على الأفلام والأخبار، يشتغل بالتجارة، ويأكل، ويشرب، هذا لا يوجد عنده أهلية لينال مكتسبات المسلمين.

على الإنسان أن يتخذ قراراً حاسماً بطلب العلم :

على الإنسان أن يتخذ قرارا حاسما بطلب العلم
فيا أيها الأخوة، تحتاج إلى موقف حازم، موقف جريء، يجب أن تتخذ قراراً حاسماً بطلب العلم، لا يكفي بكل جمعة خطبة، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل، طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاً، ما الذي يمنع أن تتخذ قراراً مصيرياً الآن لطلب العلم؟ احضر درساً أسبوعياً ثابتاً في التفسير، درساً في الحديث، اعمل تراكماً، حينما تتراكم هذه القناعات دون أن تشعر ترى نفسك بالطريق الصحيح.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين، أستغفر الله .

* * *

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صاحب الخلق العظيم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

من أخلص لله تفجرت ينابيع الحكمة في قلبه وأجراها الله على لسانه :

قسم وقتك واجعل للعبادة منه قسم ثابت
أيها الأخوة، بناءً على هذا الكلام لا يوجد مانع بدءاً من اليوم أن تضع برنامجاً لطيفاً؛ ربع ساعة قرآن، ربع ساعة ذكر، عمل صالح كل يوم، الصلاة بأوقاتها في المسجد، هناك أعمال، هناك عبادات، اعملها دورياً ضمن برنامج، مثلاً كما ورد في الأثر: "من أخلص لله أربعين صباحاً تفجرت ينابيع الحكمة في قلبه وأجراها الله على لسانه".
أي اخطب ود الله عز وجل، الإنسان بحكم مصالحه في الدنيا الأقوياء يخطب ودهم، الأغنياء يسترضيهم، أي من مصيره بيده لا يزعجه إطلاقاً، كيف أنك تعامل الناس عامل الذات الإلهية، الذي منحك نعمة الإيجاد، ونعمة الإمداد، ونعمة الهدى والرشاد، اخطب وده، ابحث عن طريق لإرضائه، كلهم عباده:

(( الخلق عيال الله فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله ))

[ أخرجه أبو يعلى والبزار عن أنس بن مالك ]

تعامل معه، حاول أن تناجيه، حاول أن تسترضيه، حاول أن تصطلح معه، حاول أن تتقرب منه، حاول أن تعمل عملاً يرضى به عنك، عفواً بتعبير معاصر أدخل ربك في حساباتك، هذا العمل يرضي الله، سأزور فلاناً، أعوده وهو مريض، هذا العمل لا يوجد مكسب منه إلا أن هناك وقتاً وجهداً من أجل الله عز وجل، حاول أن تتكلم كلمة حق في مجلس الكل ساكت، كله يتكلم بالأسعار والأمور العادية تكلم كلمة حق:

(( مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلسٍ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعالى فِيهِ إِلاَّ قامُوا عَنْ مثْلِ جِيفَةِ حِمارٍ وكانَ لَهُمْ حَسْرَةً ))

[ رواه أبو داود وغيره عن أبي هريرة رضي اللّه عنه ]

(( وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ))

[ أخرجه مسلم عن أبي هريرة ]

حاول أن يكون لك في الأسبوع مجلس علم تتلقى، حاول أن تعمل إصلاحاً في بيتك، أن تعمل نهضة عبادية في البيت، نهضة بالعمل الصالح، حاول أن تتحرك، الإنسان يعيش على ما هو عليه؛ لا يبدل، لا يطور، لا يغير، لا يطمع إلى مستوى أعلى، هذا الإنسان يعيش بحالة سكونية عجيبة، الإنسان يتذكر الآخرة عند الموت، لا، هذا الموت أخطر حدث في حياتك يجب أن تدخله في حساباتك اليومية.

 

الدعاء :

اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق، ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك و نتوب إليك، اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام، وأعز المسلمين، انصر المسلمين في كل مكان، وفي شتى بقاع الأرض يا رب العالمين، اللهم أرنا قدرتك بأعدائك يا أكرم الأكرمين .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور