وضع داكن
20-04-2024
Logo
الإيمان هو الخلق - الندوة : 72 - اليوم العالمي لمكافحة التدخين والمخدرات1 ـ أسباب الإدمان
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الأستاذ علاء :
أيها السادة المشاهدون سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ، وأهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم الإيمان هو الخلق ، يسعدنا أن نكون بمعية فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين بدمشق ، وكذلك العضو المؤسس في جمعية مكافحة التدخين والمواد الضارة في سوريا أهلاً وسهلاً سيدي الأستاذ .
الدكتور راتب :
بكم أستاذ علاء جزاك الله خيراً .

 

المخدرات و أضرارها :

الأستاذ علاء :
سيدي هذه الصفة الأخيرة كعضو مؤسس في جمعية مكافحة التدخين والمواد الضارة لها صلة وثيقة بالموضوع الذي سنأتي على تناوله بعد قليل إن شاء الله ، كم من غني أصبح فقيراً يسأل ؟ وكم من صاحب منزلة أصبح صعلوكاً يهمل ؟ وكم من عاقل ضيّع عقله وأصبح كالمجانين في الطرقات ؟ كم من شريف باع عرضه وأصبح دوساً ؟ وكم من سعيد تحول شقياً ؟ قد خسر أهله بل حياته ، لماذا وكيف ؟ كيف تقي نفسك وأفراد أسرتك ومن حولك ؟ كيف تنقذ نفسك ما إذا تورطت وكيف تعين من تورط ؟ كيف تعالج نفسك إذا ما هويت ؟ وكيف تأخذ بيد من هوى ؟ كل هذه التساؤلات قد تعالج في هذه الحلقة فكن عوناً لأسرتك ولأمتك وللمسلمين والمؤمنين جميعاً ، قال تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(90)﴾

(سورة المائدة)

سيدي في هذه الحلقة وربما لحلقات بعدها سوف نتناول موضوعاً هاماً ، هذا الموضوع يتعلق بالمخدرات وأضرارها ، بالمواد المخدرة سواء كانت نباتية أو مستخلصة أو كانت عقاراً .
نتيجة حجم المشكلة في العالم تنادت الأمم والشعوب لجعل يوم وهو السادس والعشرون من حزيران من كل عام جعلته يوماً عالمياً لمكافحة المخدرات ، هذه المشكلة مشكلة كبيرة في العالم وتأكل وتلتهم اقتصاديات العالم ، وقبل كل ذلك الأجساد والأرواح والأسر ، ترى هل يمكن أن تضعنا في حجم المشكلة عالمياً ؟

 

المخدرات وباء وداء للمجتمع في الوقت نفسه :

الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
أستاذ علاء جزاك الله خيراً ، الحقيقة أن الإنسان أعقد آلة في الكون ولهذه الآلة البالغة التعقيد والبالغة الخطورة صانع حكيم ، ولهذا الصانع الحكيم تعليمات التشغيل والصيانة ، وقد تفضلت قبل قليل وذكرت الآية الكريمة التي تنهى المؤمنين عن هذه الموبقات والتي يمكن أن تحول حياة الإنسان إلى جحيم ، المشكلة كبيرة جداً ، يعاني العالم من إدمان المخدرات ما يصل حجم المشكلة إلى مئة وثمانين مليون إنسان مبتلى بتعاطي المخدرات ، وهناك أربعون مليون إنسان يتعاطون القات في عدد من البلاد في شرق آسيا وفي إفريقيا ، كلفة معالجة هذه المشكلة تزيد عن مئة وعشرين مليار دولار ، وترتبط بها جرائم كثيرة ، من هذه الجرائم حوادث المرور التي عالجنا بعضاً منها في لقاءات سابقة ، كما تلحق أضراراً بالغة في اقتصاديات العديد ، وتخفض الإنتاج وتهدر الأوقات وتدعو إلى خسارة في القوى العاملة سموها المدمنون والمشتغلون بتجارة المخدرات ، وضحاياها كثيرون جداً وتنحسر الرقعة الزراعية التي كان من الممكن أن تكون غذاءً فتكون وباء وداء للمجتمع ، حجم المشكلة كبير جداً .
الأستاذ علاء :
سيدي ناهيك عن مرض الإيدز المرافق للتعاطي بسبب المحاقن الملوثة .

البعد عن الله يسبب انحرافاً أخلاقياً وإدماناً وأمراضاً لا تعد ولا تحصى :

الدكتور راتب :
الأمور متشابكة ، البعد عن الله يسبب انحرافاً أخلاقياً وإدماناً وأمراضاً لا تعد ولا تحصى الله عز وجل يقول :

﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)﴾

( سورة الأحزاب)

بل إن الذي يبتعد عن الله وعن منهجه يظلم أول ما يظلم نفسه التي بين جنبيه ، ويخسر أكبر خسارة في تاريخ البشرية أن يخسر الأبد والدار الآخرة ، وقد قال الله عز وجل : 

﴿ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ 

( سورة الزمر الآية : 15 )

 

أحد أسباب انحراف الإنسان عن منهج ربه :

غفلته عن سر وجوده وغاية وجوده :

الإنسان حينما أتى إلى الدنيا ليستعد لجنة عرضها السماوات والأرض ، فجاء إلى الدنيا وانغمس في أوحال الشهوة ، وما من شهوة أودعها الله فينا إلا جعل لها قناة نظيفة تسري خلالها ، وليس في الإسلام حرمان ، فالشهوة كالوقود السائل في المركبة إن وضع في المستودعات المحكَمة ، وسال في الأنابيب المحكَمة ، وانفجر في الوقت المناسب ، وفي المكان المناسب ولَّدَ حركة نافعة ، أقلتك أنت وأهلك إلى مكان جميل ، أما إذا صُب على المركبة أعطى شرارة أحرقت المركبة ومَن فيها ، الشهوة إما أن تكون قوة دافعة ونافعة وخلاقة وإما أن تكون قوة مدمرة ، فلذلك أحد أسباب انحراف الإنسان عن منهج ربه أنه يقع في المخدرات نتيجة لغفلة الإنسان عن سر وجوده وغاية وجوده وحينما يعصي ربه يصاب بالكآبة : 

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾

 

( سورة طه )

الدنيا إما دار سعادة للإنسان أو دار شقاء :


هذه الدنيا إما أنها دار سعادة وقد قال الله عز وجل :

﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46)﴾

( سورة الرحمن)

وإما أن تكون دار شقاء ، فالكآبة تستلزم هذه المخدرات ، المخدرات فيها أوهام الآلام الضاغطة التي لا تحتمل قد يهرب صاحبها إلى المخدرات ، فلعله ينسى أمراضه ودائماً وأبداً لا تحل مشكلة بمشكلة ، أنا من أجل أن أوضح هذه الحقيقة أضرب هذا المثل ، إنسان في عنده ندبة ظاهرة في خده الأيمن ذهب إلى طبيب تجميل قال له سأنزع لك قطعة من هذا الخد أضعها هنا .
ماذا فعل ؟ ما فعل شيئاً حلّ مشكلة وخلق مشكلة ، فالذي يهرب إلى المخدرات ليحل مشكلاته من بعده عن الله وقع في مشكلة أكبر ، لذلك أحياناً المعاصي تسلك طريق انفجاري من معصية إلى مخدرات إلى جريمة إلى قتل ، وهكذا لذلك معظم السرقات بالمئة خمسين منها تنقلب إلى جريمة قتل ، ومعظم الانحراف عن السلوك ينقلب إلى مخدرات ثم إلى جنس ثم إلى إباحة ثم إلى قتل ، فالإنسان ما لم يهتدِ لمنهج الله عز وجل فقد حكم على نفسه بالشقاء .

 

لا معنى لوجود الإنسان من دون منهج يسير عليه :

أستاذ علاء الآية الدقيقة جداً :

﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾

( سورة الرحمن )

لماذا جاء تعليم القرآن الكريم سابقاً لخلق الإنسان ؟ شيء غير منطقي لكن العلماء قالوا : الترتيب بالآية ترتيب رتبي ، لا ترتيب زمني بمعنى لا معنى من وجود الإنسان من دون منهج يسير عليه . آلة بالغة التعقيد كومبيوتر طبي ثمنه خمسين مليوناً ، لو جاءنا بلا تعليمات الصانع نخاف أن نشغله بلا توجيهات الصانع نحرقه ، وإذا جمدنا ماله خسرنا أيضاً أليس هذه التعليمات أهم من الآلة نفسها ؟ فلذلك القضية قضية المنهج مهمة جداً ، ممكن إذا ابتعدنا عن الدين وقعنا في مشكلات لا تنتهي .
الأستاذ علاء :
سيدي كما تفضلت هذه المشكلة ليست مشكلة مجزوءة أو هي تنأى عن بقية المشكلات وإنما ترتبط ارتباطاً عضوياً ببقية المشكلات والجرائم ، الإنسان يقع تحت مشكلات ببعده عن الله عز وجل ، تحت ضائقة مادية ، ضائقة عاطفية ما إلى ذلك ، يريد أن يهرب من هذا الألم إلى شيء آخر ، وهو الذي يتوهم فيه أنه يسري عنه ويجعل منه مسروراً كما يعرف في عالم من يتعاطى المخدرات ، أما في الواقع كمن ينتحر يحل مشكلته بالانتحار لكنه بطيء ، الآن سيدي هذه المشكلة كانت بالمواد المزروعة النباتية ، وكان تأثيرها موجود لكن الآن صار استخلاصات وصار هناك مواد صيدلانية وخرجت لدينا مركبات أخرى هذه المركبات تؤثر على الجملة العصبية ، وحياة الإنسان بكل معنى الكلمة ، هل لنا أن نتعرف على الخسائر التي تصيب البشرية من خلال هذا السم ؟

الشباب أكبر قوة دافعة علينا أن نحصنهم من أي انحراف وأن نصحح عقائدهم:

الدكتور راتب :
أستاذ علاء في نقطة دقيقة جداً نحن فيما مضى قبل خمسين عاماً تشبه حياتنا حديقة حيوان تقليدية ، الوحوش في الأقفاص خطرهم محدود ، بؤر فساد محدودة جداً ، الآن حياتنا تشبه حديقة حيوان إفريقية ، الوحوش طليقة ، فهذا الزائر إذا ما دخل إلى سيارة مصفحة يؤكل .يوجد الآن صوارف للانحراف لا تعدّ ولا تحصى ، لذلك الآن الأبوة مسؤولية كبيرة جداً يعني شمة واحدة تجعل الابن يدمن على المخدرات ، يكون له اتجاه جيد ، عنده انضباط ، له تربية جيدة ، فإذا هو يبيع أثاث بيته ، وقد يبيع عرضه من أجل أن يتابع

وهؤلاء تجار المخدرات ونحن نرحب بأن يحكم عليهم بالإعدام لأنهم يعطون المخدرات أولاً بلا مقابل وهناك نوع من المخدرات التعلق بها سريع جداً ، من شمة واحدة أو شمتين يصبح مدمن مخدرات فلذلك القضية الآن قضية عالمية ، تعنى بها جميع المجتمعات ، أي مجتمع متدين ، غير متدين ، قضية تهدد مستقبل أمة ، تهدد اقتصاد أمة ، تهدد سلامة أمة ، وكما تعلمون الأمة بشبابها ، النبي صلى الله عليه وسلم قال ريح الجنة في الشباب . فهؤلاء الشباب أكبر قوة دافعة ، سيدنا أسامة بن زيد شاب في السابعة عشر من عمره كان قائد جيش ومن جنوده أبا بكر وعمر وعثمان وعلي ، ريح الجنة في الشباب ، ودائماً الأنبياء حولهم شباب لذلك نحن يجب أن نهتم بالشباب ، أن نحصنهم من أي انحراف ، أن نصحح عقائدهم ، أن نصحح تصوراتهم ، أن نجعلهم يرتبطون بأمتهم ، أن يحملون هم أمتهم ، أن يسعون إلى صلاح أمتهم ، أن يستعيدوا دور أمتهم القيادي في العالم .

على كل أمة أن تحل مشكلات الشباب في الدرجة الأولى :

أنا أرى أن الأمة لا تفلح إلا إذا اعتنت بشبابها وحلت مشكلاتهم ، وأنا أرى أن هذه المشكلات في الدرجة الأولى ، التعليم ، فرص العمل ، الزواج ، المسكن ، هذه المشكلات أساسية ، حينما تؤمن للشاب فرصة عمل صار له دخل يبحث عن شريكة حياته ، نقدم له بيتاً بشكل معين تعاوني ، صار عنصراً بناء ، أما إذا الطريق مسدود ، لا في أمل في الزواج ولا في بيت ولا في عمل طبعاً أحد أسباب الوقوع في هذه الآفة الخطيرة جداً الطرق المسدودة أحياناً .
الأستاذ علاء :
سيدي أنا أعود للأسباب إن شاء الله بالتفصيل التي تفضلت بها ، وكيف نعالج هذه الأسباب ، الآن سيدي قبل أن نجيب عن الأسباب إذا أذنت لي مشكلة المخدرات لها خط هذا الخط يتعلق بأربعة أقسام ، القسم الأول بلد الزراعة ، القسم الثاني بلد الصناعة التي تصنع ، الثالث بلد العبور ، الرابع بلد الاستهلاك ، تمر هذه الآفة بمفهوم أجهزة الضبط بأربعة أنواع من الدول وهناك خطوط يقال خط البلقان ، وخط الشمال ، وخط الجنوب ، التي تنشط من خلالها تجارة المخدرات ، الآن من خلال هذه المشكلة نتبين الخسائر التي تمنى بها .

خسائر المخدرات :

1 – خسائر ظاهرة :

الدكتور راتب :
هل تصدق أستاذ علاء أن السعر في بلد الزراعة ينقلب عند الاستهلاك مئة ألف ضعف ، من ليرة إلى مئة ألف ليرة ، أولاً هناك خسائر ظاهرة نفقات مكافحة المخدرات ، خفض الطلب على المخدرات ، التوعية ، الإدارة العامة لمكافحة المخدرات ، المباحث العامة ، الجمارك ، السجون ، الشرطة الجنائية ، سلاح الحدود ، خفر السواحل ، القضاء ، الطب الشرعي ، برامج التوعية والتشخيص ، برامج إعادة التأهيل وأنا أثمن عالياً أن بلدنا الطيب عدّ الذي يتعاطى المخدرات عدّه مريضاً فإذا سلم نفسه يعفى من المساءلة ولا يعاقب ولا أي خطر يتهدده ، فإذا قبل أن يعالج يؤخذ إلى مصحات وبالمجان ، بادرة طيبة جداً ، هذه خسائر النفقات بالمليارات من أجل مكافحة المخدرات .
الأستاذ علاء :
وقد لا يحسب الأخ المشاهد أنه في هذا الرقم .
الدكتور راتب :
الإدارة العامة لمكافحة المخدرات ، المباحث العامة ، الجمارك ، السجون ، الشرطة الجنائية ، سلاح الحدود ، خفر السواحل ، القضاء ، الطب الشرعي ، برامج التوعية والتشخيص ، هذه كلها خسائر ظاهرة .

1 – خسائر مستترة :

أما المستترة التهريب ، والاتجار بالمخدرات ، وزراعة المخدرات ، أرض كان ممكن أن تقدم فواكه ومحاصيل زراعية وغذاء للأمة أصبحت تقدم دماراً ، الأمة بخسارة لأن الأرض خسرناها ، المهرب خسرناه كان عنصراً نافعاً صار عنصراً مؤذياً ، وأنا أثمن عالياً أن التاجر يحكم بالإعدام ، شيء آخر تناقص الإنتاج ، اضطراب العمل ، حوادث المرور ، هذه خسائر مستترة .

2 – خسائر بشرية :

نرى حادث سير ، قد يكون وراءه إنسان يتعاطى المخدرات ، يجوز أن يقتل قتلاً بمركبة ثانية ، هو السبب .
الآن في عندنا خسائر بشرية وكما تعلم أستاذ علاء بالميزان الاقتصادي أكبر مورد بشري هو الإنسان ، العالم خسران مئة وثمانين مليوناً ، هؤلاء الذين يتعاطون وفي حولهم ملايين أيضاً يقدمون لهم هذه الخدمات ، هذه خسائر ظاهرة ومستترة وبشرية .لكن الحقيقة الدقيقة أن هذه الخسائر يصعب تقديرها أو حصرها بدقة ، الإنسان معقد جداً ، نحن حياتنا حياة شبكة ، كله متداخل ، أحياناً في خسائر لأهل المدمن ، أحياناً يصيب أمه جلطة تميتها من شدة الألم ، أحياناً الأب يموت قهراً من ابنه ، الابن كان من الممكن أن يكون عنصراً صالحاً صار عنصراً سيئاً 

 

مجتمعاتنا بعيدة عن الحالات الوبائية الكبيرة بسبب الدين في المجتمع :

 

لذلك الخسائر كما يقولون متوالية هندسية والنزف شديد والمخدرات تدمّر المجتمع والدول والأفراد والأسر ، الحقيقة المشكلة كبيرة جداً ، لكن أنا من باب التفاؤل ، من باب الثقة ، مجتمعاتنا بعيدة عن الحالات الوبائية الكبيرة جداً ، هذه نعمة كبيرة سببها بقية الدين الذي في المجتمع .
الأستاذ علاء :
سيدي الآن إذا أتينا إلى مجتمعنا بفضل الله كما تفضلت هو محصن ، وما تبقى لديه من دينه وموروث أخلاقه وقيمه يحصنه وينظر إلى من يشتغل في هذه القضية نظرة معينة ، وباعتبارنا نقع على خط تهريب اسمه خط البلقان ، سوريا بلد عبور وبالتالي أراضيها تقصد من بلد الزراعة والتصنيع إلى بلد الاستهلاك وعلى طرفي المرور هنالك تحصل حالات من التعاطي ، لدينا إحصائية من المضبوطين مئة وخمسين شخص بالمليون ، هذا من المضبوطين ، الحمد لله ليست لدينا مشكلة كبيرة جداً موجودة في بلدان العالم ، لكن قانوننا استبق ، المشرع استبق هذه المشكلة وآزر المشكلة العالمية في قطع الطريق على هؤلاء ، سيدي لا يوجد تاجر مخدرات تناول المخدر الذي يروجه .

تاجر المخدرات إنسان مجرم بحق الأمة :

الدكتور راتب :
لذلك هذا إنسان مجرم بحق الأمة عقوبته الإعدام أقل عقوبة بحقه ، أستاذ علاء المشكلة أن المخدرات تنتقل كتداعيات إلى جرائم أخرى كالعصابات المنظمة ، إلى الدعارة ، إلى السرقة ، إلى السطو ، إلى الخطف ، إلى غسل الأموال ، إلى المشاركة في الأنشطة الاقتصادية مشروعة وغير مشروعة ، الأمور متداخلة جداً ، ونحن فيما أظن وهذا من باب حسن الظن أنه يصعب أن تتسلل هذه المشكلة إلى جهات أخرى ، أما في بلاد أخرى وأنا أعلم علم اليقين تتسلل هذه المشكلة إلى مؤسسات اقتصادية وسياسية مواقع السلطة والنفوذ وتؤثر في الانتخابات ، وقد يكون لتجار المخدرات رأي في الحكومة هذه مشكلة كبيرة جداً ، كولومبيا في أمريكا .
الأستاذ علاء :
سيدي هذه التجارة يتولد عنها مبالغ طائلة وأرقام فلكية .
الدكتور راتب :
أعلى دخل في العالم دخل المخدرات .
الأستاذ علاء :
لذلك هنالك من يحول شكل هذا المال من مال غير مشروع إلى مال مشروع من خلال التبييض ، والحمد لله في بلدنا صدر قانون غسيل الأموال وملاحقة هذه المسألة بكل معنى الكلمة أو التبييض ، الآن لو أتينا سيدي إلى الأسباب التي تدفع المرء لكي يدمن ما هي هذه الأسباب ؟

تعريف الإدمان :

الدكتور راتب :
الإدمان قبل كل شيء : التعاطي المتكرر للمواد المؤثرة بحيث يؤدي إلى حالة نفسية وأحيانا عضوية ، وتسيطر على المتعاطي رغبة قهرية ترغمه على محاولة الحصول على هذه المادة بأي ثمن ، ولو ببيع عرضه ، وأنا أعني ما أقول ، طبعاً يبيع أثاث بيته ، يبيع أولاده ، يبيع عرضه من أجل أن يشتري المخدر ، هذا الإدمان خطير جداً والحقيقة بطولة الإنسان ألا يقع في أي إدمان بأي شيء آخر ، قال أفضل عادة ألا تتعود أية عادة .
الأستاذ علاء :
سيدي الكريم الإدمان نتيجة تعاطي هذه المادة ، هذه المادة تتعشق خاصة مع الأعضاء النبيلة الدماغ والأعصاب وبالتالي في الدم والجسم ، تجعل من هذا المتعاطي يطلب هذه المادة لترتفع إلى نفس المستوى ، ولدينا مشكلة أخرى هي مشكلة الجرعة المتزايدة ، يبدأ بجرعة بسيطة الإنكريزينج ثم تبدأ بالتزايد إلى أن يصل إلى الجرعة القاتلة .
الدكتور راتب :
الجرعة البسيطة لمرة واحدة تكفيه ، الثانية يحتاج إلى زيادة آلياً .
الأستاذ علاء :
سيدي نأتي إلى أسباب هذا الإدمان .

الأسباب التي تدفع المرء لكي يدمن على المخدرات :

1 – التهاون في التربية الدينية :

الدكتور راتب :
الحقيقة فيما أرى ولعلي على صواب فيما أرى أن الإنسان حينما يتعرف على الله يتعرف على منهجه يحقق سلامته وسعادته في الدنيا والآخرة ، أول سبب خطير التهاون في التربية الدينية ، التربية الدينية فيها سلب وفيها إيجاب ، فيها روادع وفيها إيجابيات ، فهذا الوقت يمتلئ ، الإنسان مصمم ليختار هدفاً لا نهائياً هو الله ، فإذا اختار هدفاً محدوداً وهو المتعة ، المتعة محدودة فإذا أحاطها الإنسان تاقت نفسه إلى متعة أكبر وهكذا ، فأنا أرى بادئ ذي بدء أكبر مشكلة يعاني منها المجتمع العالمي اليوم هي المخدرات سببها التهاون في التربية الدينية ، في بعض الآثار : لذلك البنت يوم القيامة تقف أمام رب العزة ، تقول : يا رب ، لا أدخل النار حتى أدخل أبي قبلي ، هو الذي سبب فسادي .
فالأبوة مسؤولية كبيرة ، لما الأب يربي أولاده ولم يبقَ بالمناسبة من ورقة رابحة في أيدي المسلمين إلا أولادهم ، وكنت أقول دائماً يجب أن نقابل القنبلة الذَّرية بقنبلة الذُّرية ، فحينما يهمل الأب تربية أولاده لكن أكبر مشكلة في الموضوع أن هذا الذي أناط الله به تربية أولاده يحتاج إلى تربية ، لذلك البيت الخرب ، البيت الذي فيه شقاق ، فيه معاصي وآثام ، نفور ، خصومات مستمرة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم :

(( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ ؛ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ))

[ مسلم عَنْ صُهَيْبٍ]

أولاً المحافظ على دينه يحمد الله في السراء والضراء ، وإيمانه أكبر وقاية أكيدة من أي انحراف أو تعاطي المخدرات .

2 ـ التفكك الأسري :

يقع بعد التقصير في تربية الأولاد تربية دينية التفكك الأسري ، صدق ولا أبالغ أن التفكك الأسري يبقي بصمات خطيرة جداً في نفوس الصغار ، أنا البارحة في درس من دروسي تقدم طفل كالملك صغير وتخطى رقاب الناس ليسلم عليّ ، ثم قال لي أستاذ لا تقتلني فقط ، لا تقتلني معنى هذا أنه يعاني في بيته مشكلة ، طفل مثل الملاك لا تقتلني فقط .
واحد قال له سلم على الأستاذ فجاء بكل أدب وثيابه أنيقة لا تضربني لا تقتلني أستاذ . أنا تصورت في عنده خطأ في بيته خطأ كبير ، والله يا أستاذ علاء الأب إذا أحسن تربية أولاده هو أسعد الناس في الأرض ، الإنسان أولاده امتداده ، عندما يهتم بهم يهتم بدراستهم ، يهتم بأخلاقهم ، يهتم بعقيدتهم ، يهتم ببناته ، هذا أب له عند الله أجر لا يعلمه إلا الله : 

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ (21)﴾

( سورة الطور)

لذلك التفكك الأسري وأنا أعزي كل التفكك الأسري إلى المعاصي والآثام :

(( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا تَوَادَّ اثْنَانِ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِذَنْبٍ يُحْدِثُهُ أَحَدُهُمَا ))

[رواه أحمد عن ابن عمر ، وإسناده حسن]

على كل إنسان أن يهتم بتربية أولاده و يبعد الخلافات عنهم :

إذا أخطأ الأب أو أخطأت الأم ينشأ الشقاق بينهما من يدفع الثمن ؟ الأولاد ، التفكك الأسري يأتي بعد التقصير في التربية الدينية ، أسرة مضطربة ، أسرة جحيم ، صياح وضرب وكسر وبغضاء وعداوة ، والأب جهة والأم جهة وفي تفلت والابن مقهور والأب والعياذ بالله ، التفكك الأسري يأتي بعد التقصير في التربية الدينية ، والخلافات المستمرة ، أنا أتوجه للأخوة المشاهدين إذا في خلاف بين الزوج وزوجته ينبغي أن يعالج في غرفة مغلقة لا أمام الأولاد ، حتى لو أن الإنسان لحكمة بالغة بالغة بالغة هجر زوجته لا يهجرها بغرفة أخرى يكشف الطفل السبب ، اليوم أمه نائمة في غرفة الجلوس ، يجب أن يهجرها في الفراش نفسه الأمر يبقى في غرفة النوم فقط ولا ينتقل إلى الأولاد ، أنا أتمنى من أعماق أعماقي أن يحرص أي أب أو أي أم على حصر الخلاف في غرفة النوم فقط لا أمام الأولاد ، فالتفكك الأسري خلافات مستمرة .
حدثني أخ البارحة قال أتناقش أنا وزوجتي يبدو الصوت ارتفع قليلاً بكى الصغير ، تألم ما صار شيء مناقشة فقط فبكي الصغير ، أي شيء يسعد الطفل ؟ أن يرى أمه و أباه على وئام ، تؤمن له صحة نفسية ، تؤمن له مستقبلاً رائعاً عندما ينشأ بوضع سليم .

خاتمة وتوديع :

الأستاذ علاء :
لا يسعني في نهاية هذه الحلقة إلا أن أشكر فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة ، العضو المؤسس في جمعية مكافحة التدخين والمواد الضارة في سوريا ، أهلاً وسهلاً سيدي الأستاذ على كل ما قدم وشرحت وإن شاء الله نتمم موضوعنا في حلقات قادمة .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور