وضع داكن
20-04-2024
Logo
الإيمان هو الخلق - مقومات التكليف - الندوة : 64 - الشرع ـ الشرع ميزان للإنسان
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الأستاذ علاء :
 أيها السادة المشاهدون سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ، وأهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم الإيمان هو الخلق
 يسعدنا أن نكون بمعية فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين ، أهلاً وسهلاً سيدي الأستاذ .
الدكتور راتب :
 بكم أستاذ علاء جزاك الله خيراً .

 

الشرع هو النموذج الأمثل للحياة :

الأستاذ علاء :
 وصلنا عند مقوم هام من مقومات التكليف التي طالما ذكرنا بها السادة المشاهدين التي أعطاها الله للإنسان من الكون والعقل والفطرة ، إلى أن وصلنا إلى الشرع وحططنا رحالنا عند الشرع ، وتبينا بأن الشريعة عدل كلها ، لأنها منهج الله ، رحمة كلها ، حكمة كلها ، مصلحة كلها ، وأية قضية خرجت من الحكمة إلى خلافها ، ومن العدل إلى الجور ، ومن المصلحة إلى المفسدة ، فليست من الشريعة ، ولو أدخلت عليها بألف تأويل وتأويل .
 هذا الموضوع نريد أن نقف عنده بشكل ملي ، نعم إن الشرع وضعه الله عز وجل لكي يتبين الإنسان تصرفاته من خلال هذا الميزان ومن خلال هذا الطريق ، لا يعرف مسير الإنسان لأنه يسير على طريق غير معبدة ، غير سوية ، غير مخصصة لهذه الآلية إلا بوجود طريق معبد سوي نظامي له إشارات دلالة وإشارات تحذير وله تحويلات نظامية .
 الشرع هو النموذج الأمثل للحياة ولضبط إيقاع المسير بكل معنى الكلمة ، نريد أن نقف بشيء من التفصيل عند عدل كلها ، رحمة كلها ، حكمة كلها ، مصلحة كلها ، وأية قضية خرجت من الحكمة إلى خلافها ، ولو أدخلت عليها بألف تأويل وتأويل .

 

ارتباط العقل بالواقع ارتباطاً وثيقاً :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين أستاذ علاء جزاك الله خيراً ، الحقيقة أن الله عز وجل أعطانا العقل ميزاناً وأعطانا الفطرة ميزاناً آخر ، بالعقل نتعرف على الله عز وجل ، وبالفطرة نتعرف على أخطائنا ، لكن العقل قد يضل :

 

﴿ إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18)فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19)ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20)ثُمَّ نَظَرَ (21)ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22)ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23)فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24)إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25)سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26)وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27)لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28)﴾

(سورة المدثر)

 العقل أستاذ علاء مرتبط بالواقع ، والعقل أحياناً يستخدم لتبرير الخطأ .

 

الوحي السماوي وسيط أساسي لعمل العقل :

 إما أن يكون العقل صريحاً وإما أن يكون العقل تبريرياً ، العقل التبريري ساقط ، كيف أن تأتي دولة عظمى وتكتسح بلد نامٍ تنهب ثرواته تذل أهله تقتل أبناءه ، وتقول جئنا من أجل الحرية والديمقراطية ، هذا اسمه احتقار للعقل ، بل هو العقل التبريري بعينه ، العقل قد يضل لأن العقل تماماً كالعين ، لو أن العقل في أعلى درجات التألق كما أن العين في أعلى درجات الدقة لو لم يكن هناك ضوء يتوسط بينها وبين المرئي لا ترى شيئاً ، فسيان أن يجلس في غرفة إنسان بصير وأعمى من دون ضوء ، كلاهما لا يرى شيئاً ، كما أن الضوء المادي وسيط أساسي لرؤية العين كذلك الوحي السماوي وسيط أساسي لعمل العقل ، مشكلة الأرض اليوم أن أربعة أخماس مواردها من أجل السلاح والدمار والقتل ، الأسلحة الكيماوية والجرثومية والدمار الشامل والنووية ، الإنسان هو الذي كل شيء من أجله صار هو الضحية الأولى في العالم كله ، لأن العقل تحرك من دون وحي السماء ، من دون نور الوحي ، من دون نور الوحي ، من دون توجيهات الخالق فالعقل قد يضل والفطرة قد تنطمس .

الشرع ميزان على ميزان العقل وميزان الفطرة :

 أنا أتساءل هؤلاء الذين يبنون أمجادهم على أنقاض الشعوب ، على حريات الشعوب ، على قتل الشعوب ، على استلاب ثروات الشعوب كيف ينامون ؟ انطمست فطرتهم.
الأستاذ علاء :
 سيدي الفطرة تنطمس .
الدكتور راتب :

﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ(14)﴾

(سورة المطففين)

 فإذا انطمست الفطرة وضلّ العقل ، ما الميزان على الميزانين ؟ الشرع ميزان على ميزان العقل وميزان الفطرة ، تماماً كما لو ضابطة للتموين ضبطت ميزاناً ، ما الصواب؟ في كيلو نظامي مودع في البلدية هو الضابط المقياسي ، فنحن إذا فكرنا بعقولنا ووصلنا إلى نتيجة مخالفة للشرع حتماً التفكير خاطئ تماماً ؛ كما لو أن أستاذ رياضيات أعطى مسألة للطلاب أعطى الجواب فأيّ حل لأي طالب انتهى به إلى هذا الرقم فالحل صحيح ، وأي حلّ انتهى إلى رقم آخر فالحل غلط ، أنا بالعقل أعمل للحقيقة أما إذا وصلت إلى مقولة خلاف الشرع فهذا ليس عقلاً هو عقل تبريري ساقط ، لأن الله كماله مطلق ، فكما أن العقل ميزان وكما أن الفطرة ميزان ، كما أنني بالعقل أكتشف الحقائق ، وبالفطرة أكتشف الأخطاء ، العقل ميزان علمي والفطرة ميزان نفسي ، قد يضل العقل وقد تنطمس الفطرة فيأتي الشرع ميزاناً على ميزان العقل والفطرة ، هو المرجعية العليا ، لذلك قالوا : الحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع .

 

من بنى مجده وماله ومكانته على حساب آخرته فهو أكبر خاسر :

 قد يبدو للإنسان أن مخالفة الشرع فيه متعة له ، أو فيه مكسب مادي كبير ، الإنسان حينما يغش ويكون الغش محكماً قد يربح أضعاف أرباحه العادية ، فبعقله القاصر التبريري يرى أن غش الناس في البيع سبب ربح كبير ، ولكن الله شرعه لا لهذا الدنيا فقط ، للحياة الأبدية فإن حقق ربحاً كبيراً في وقت قصير مخالفاً منهج الله مؤذياً عباد الله هذا الربح الكبير سوف يغادره إلى قبر وإلى حساب دقيق من قبل خالق الأكوان ، لذلك الأب حينما يرى أن ابنه يلهو بلعبة والامتحان على الأبواب يحطمها له ، يحطم الأب هذه اللعبة مع أنها ثمينة والأب ميسور لأن تحطيمها ضمان لمستقبله ، أما إذا تركها على ما هي عليه ضيّع مستقبله .
 لذلك :

﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21)﴾

( سورة السجدة)

 المشكلة أن الإنسان يرى الدنيا فقط ، الصحة كل شيء والمال كل شيء والمكانة الاجتماعية كل شيء ، أما إذا بنى مجده وماله ومكانته على حساب آخرته فهو أكبر خاسر ، لذلك من رحمة الله به أنه يعالجه قبل أن يموت لأنه رب العالمين .

 

الأستاذ علاء :
 سيدي الآن في قضايا ساخنة وتأتينا في كل دورة زمنية ، وهذه القضايا لها تأصيل شرعي ، لكن إذا نظرنا إليها سيدي في مآلها ، مآل يرفض العقل الصريح ، يعني الآن الرجم في وقت واحد عند الزوال أو قبل الزوال ، وعلى أساس أن هذه المسألة هي سنة نبوية والكل يحرص على تطبيق السنة لأن فيها تقرباً من الله لكن في البحث الموضوعي ضحايا وتدافع وموت كيف ؟

الشريعة مصلحة كلها تحرص على التقرب من الله عز وجل :

الدكتور راتب :
 لذلك أمير الحج حينما يرى ضرورة في تأمين سلامة الحجاج بتوسيع وقت الرجم هذا من صلاحيته ، والنبي الكريم يقول افعل ولا حرج . إذا حجّ مع النبي صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف إنسان الآن أربعة ملايين ، فلذلك لا بد من التوسع ولا سيما في قضية هي السنة ، السنة يمكن أن نوسع وقت الرجم بحيث أن المصلحة تتحقق ، أما حينما نجمد مع النص جموداً عجيباً هذا ليس من الشرع في شيء ، ليس من الشرع مثلاً أن نذبح الخراف في منى وأن نتركها في العراء ، يفسد هواء منى لأشهر عدة ، أما حينما جمعت هذه الخراف ووضعت في البرادات وقدمت هدايا إلى العالم الإسلامي ولا سيما الشعوب الفقيرة هذا من الشرع ، كما تفضلت الشريعة مصلحة كلها ، دقق :

﴿ سُبُلَ السَّلاَمِ ﴾

( سورة المائدة الآية : 16 )

 يهديهم سبل السلام مصلحة الإنسان أن يكون صحيح النفس ، عنده صحة نفسية إذا طبق منهج الله يغدو صحيحاً ، مصلحة الإنسان أن يكون في تفاهم مع زوجته ، إذا طبق أمر الله في علاقته الزوجية تكون المودة بين الزوجين ، مصلحة الإنسان أن يكون أولاده أبراراً إذا ربى أولاده وفق الشرع يسعد بهم ويسعدوا به ، مصلحة الإنسان أن يكون ذا مال حلال فإذا طبق منهج الله في كسب المال يأتيه المال من طريق مشروع يسعد به ويرفعه عند الله درجات .

 

الإنسان حينما يكون عنصراً إيجابياً يقدم خدمات للأمة لا يشعر بالقلق أبداً :

 إذاً في قوله تعالى :

﴿ سُبُلَ السَّلاَمِ ﴾

( سورة المائدة الآية : 16 )

 يهديهم سبل السلام ، السلام مع نفسه ، أستاذ علاء المؤمن ينام على فراش وثير فراش راحة الضمير ، فراش أنه ما بنى مجده على أنقاض الناس ، فراش أنه ما بنى مجده على إفقار الناس ، ولا على إضلال الناس ، ولا على إفساد الناس ، ولا على إذلال الناس ، ولا على أنقاض الناس ، الإنسان حينما يكون عنصراً إيجابياً يقدم خدمات للأمة ، حينما يسهم في بناء الأمة ، حينما يكون عنصر خير ، حينما يكون عنصر عطاء ، حينما يكون عنصر أمن للناس لا إخافة لهم ، هذا الإنسان ينام على فراش وثير ، أما الذي يبني مجده على أنقاض الناس هذا ينام على فراش يقلقه وقد لا ينام الليل أبداً ، أنا أذكر أن إنساناً دهس طفلاً والساعة الثانية ليلاً ، ولا أحد يعرف أنه دهسه ، وكُتب الضبط ضد مجهول ، لم يذق هذا السائق طعم النوم أربعين ليلة ذهب إلى طبيب نفسي فأقنعه أن يدفع دية لأهل الطفل ، والدية مجزية ، حتى يستطيع أن ينام .

 

من طبق الشرع بنى سلاماً مع نفسه :

 لذلك أنت حينما تطبق الشرع لتبني سلاماً مع نفسك ، أحياناً الإنسان ينهار داخلياً جاء الشرع لأنه مصلحة كلها بأعلى درجات مفهومات هذه الكلمة ليصطلح مع نفسه كي ينام ، الإنسان حينما يطبق منهج الله كأنه ملك ، لأنه نظيف طاهر واضح ، ليله كنهاره ، سره كعلانيته ، أهدافه واضحة ، وسائله واضحة ، يعمل تحت ضوء الشمس ، لأن الحق لا يخشى البحث ، لأن الحق لا يحتاج إلى أن نكتم عن الناس بعضه ، لا يحتاج أن نكذب له ، لا يحتاج أن نكذب عليه ، لا يحتاج أن نقلل من خصومه ، لا يحتاج أن نبالغ ، الحق هو الله لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : تركتكم على بيضاء نقية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا ضال .

من طبق الشرع بنى سلاماً مع نفسه :

 أنا حينما أفهم أن الشرع من أجل مصلحتي ، من أجل سلامتي ، من أجل سعادتي ، من أجل كمال وجودي ، من أجل استمرار وجودي ، لذلك العالم الجليل الذي قال : الشريعة مصلحة كلها . بالمناسبة يوجد شيء منطقي الإله العظيم كماله مطلق والكون ينطق بهذا الكمال ، أيعقل أن يكون شرعه فيه نقص ؟ أيعقل أن يكون شرعه فيه مفسدة ؟ أيعقل أن يكون شرعه فيه أذى للناس ؟ مستحيل لأن مقولة رائعة كمال الخلق يدل على كمال التصرف ، فهذا القرآن منهجه وتلك السنة الصحيحة بيان المعصوم النبي صلى الله عليه وسلم ، الشريعة مصلحة كلها .
 شيء آخر عدل كلها ، لما الإنسان يشرع دون أن يشعر بعقله الباطن يحابي نفسه يعطي نفسه كل الميزات ويقلل كل ميزات الآخرين دون أن يشعر ، والإنسان حينما يشرع له نظر قاصر يلاحظ زاوية وينسى أخرى ، الإنسان حينما يشرع لا يعلم بالضبط أبعاد هذا التشريع ، الإنسان حينما يشرع قد لا يقبل تشريعه لند له ، أما حينما يأتي التشريع من عند خالق الأكوان ، الله عز وجل كلنا عباده .

الكمال الإلهي كمال مطلق :

 الشرع إذا جاء من عند الخالق مقبول من عند الكل ، فيه عدل ، الكمال الإلهي كمال مطلق ، أحياناً القاضي يحكم ألف حكم خمسة أحكام فيها ظلم عن غير قصد يسمى قاضياً عادلاً أما الإله لأنه مطلق لا يمكن أن يكون في أفعاله فعل واحد غير عادل ، الشريعة مصلحة كلها عدل كلها .
 قال له اعدل يا محمد قال له ويحك يا هذا من يعدل إن لم أعدل ؟ ولا يسع الناس إلا العدل وهذا الذي يجري في العالم لأنه في ظلم كبير وهؤلاء الذين يريدون أن يكافحوا الإرهاب غاب عنهم أن هذا الإرهاب من صنعهم ، من الظلم الشديد الذي فعلوه ، من قهر الإنسان ، من دعم الظالمين لذلك رجع كيدهم عليهم . الشريعة مصلحة كلها .
الأستاذ علاء :
 سيدي قبل أن ننتقل إلى الانتقال من الحكمة إلى خلافها ، ومن الرحمة إلى القسوة ، قد يصل بالإنسان كما تفضلت تعاكس مصالح أو بالعقل التبريري إن صحّ التعبير تضارب بين الشرع والعقل يظن الإنسان يحد من حريته من حركته من انطلاقته من سعت حركته الحيوية إن صحّ التعبير ، جاء الشرع ليقيد كل هذه الحركات فبالتالي هو يريد أن ينهض أن يتقدم أن يكون يرفع حركة التقدم وعجلة التقدم والبناء يأتي الشرع ليكبح جموحه وليكبح انطلاقته ماذا نقول في هذا ؟

أوامر الشرع ضمان لسلامة الإنسان وليست حداً لحريته :

الدكتور راتب :
 أنت بهذا السؤال تريد أن تعبر عن بعض التساؤلات عند الأخوة المشاهدين أنا فهمت عليك ، الحقيقة حينما أفهم أن أوامر الشرع ضمان لسلامتي وليست حداً لحريتي أكون فقيهاً ، أنا حينما أدخل في حقل وأرى لوحة كتب عليها حقل الغام ممنوع التجاوز ، أنا لأني واعٍ حينما أرى أن هذه اللوحة لمصلحتي وضمان لحياتي وسلامتي وأنني من أعماق أعماقي أشكر من وضعها أكون فقيهاً ، أما إذا رأيت هذه اللوحة حداً لحريتي وتضييقاً لحركتي وكبحاً لطموحاتي فأنا لا أفقه من الدين شيئاً ، أنت حينما ترى أن العلاقة بين الأمر والنهي علاقة علمية ، حينما ترى أن العلاقة بين النهي ونتائجه علاقة علمية ، أي علاقة سبب بنتيجة ترى أن هذا الشرع من عند الخالق(تعليمات الصانع)، وما من جهة على وجه الأرض أجدر أن نتبع تعليماتها من الصانع ، فلذلك الشريعة عدل كلها والعدل يسع الجميع ، مصلحة كلها كل مصالحك في الدنيا والآخرة مجتمعة في طاعة الله ، أنا أقول دائماً النجاح كل النجاح ، التفوق كل التفوق ، العقل كل العقل ، الذكاء كل الذكاء في طاعة الله عز وجل ، ومستحيل وألف ألف ألف مستحيل أن تطيعه وتخسر ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تعصيه وتربح .

الشريعة مصلحة كلها لأنها من عند الخبير :

 إذاً شريعتنا مصلحة كلها لا لسبب أو لآخر بل لأنها من عند الصانع ، من عند الخالق ، من عند الخبير :

﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾

( سورة فاطر الآية : 19 )

 الإنسان يفعل إذا كان جاهلاً يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به ،إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم .

 

الله عز وجل له خلق الكون وله أمر الشرع وله أفعال الحوادث :

 مصلحة كلها عدل كلها حكمة كلها ، معنى حكمة أي أن الذي أمر الله به عباده لو لم يأمر لكان ملوماً يوم القيامة ولو لم يأمر لكان نقصاً في حكمته ، ولو لم يأمر أو لم يفعل ، الله له أمر وله فعل ، ولو لم يأمر لكان نقصاً في حكمته ، أو لو لم يفعل لكان نقصاً في حكمته لقوله تعالى :

﴿ وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (47)﴾

(سورة القصص )

﴿ فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (134)﴾

(سورة طه )

 هذا الذي يجري هذا الشرع وهذه أفعال الله عز وجل ، وبالمناسبة الله عز وجل له خلق الكون ، وله أمر الشرع ، وله أفعال الحوادث ، نعرفه من خلقه عن طريق التفكر ، ونعرفه من أفعاله عن طريق النظر ، ونعرفه من قرآنه عن طريق التدبر ، والحوادث من خلال النظر ، النقطة الدقيقة أن هذه الشريعة مصلحة ، وعدل ، ورحمة .
الأستاذ علاء :
 سيدي كل قضية تخرج عن هذه الموازين إن صحّ التعبير فليست من الشرع ، كيف لنا ونحن عامة الناس وهي ليست متخصصة وليست تقرأ الفقه ولا أصول الفقه ولا علم العقيدة ، كيف لنا نحن العامة أن نميز بين هذه الأشياء وأن نعرف أنه لو أولت هذه القضية بتأويل شرعي وخرجت عن المصلحة ليست من الشرع كيف ننمي هذا الحس لدى جمهورنا؟

 

كتاب الله و سنة نبيه مرجعان أساسيان لبيان الشرع :

الدكتور راتب :
 هذا الموضوع أولاً في عندنا قرآن ، في كليات ، لذلك الله عز وجل كلف نبيه الكريم أن يبين هذه الكليات ، صار في عندنا مصدرين عندنا كتاب كريم فيه أصول وعندنا سنة صحيحة هي بيان لهذا الشرع ، وعندنا علماء أخذوا هذه النصوص ووضعوا قواعد أصولية لفهمها دقيقة جداً ، فلذلك نحن بحاجة إلى بيان المصطفى وإلى بيان العلماء ، فالعلماء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ .
[سنن أبي داود عن كَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ]
 فنحن يجب أن نرجع الآية الدقيقة جداً :

﴿ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾

( سورة النحل )

 ما في إنسان يأخذ دكتوراه من دون أستاذ لماذا في كل اختصاص في الأرض في حياتنا في جامعة في عمداء كليات في دكاترة متخصصين في مرجعيات علمية ، نريد أن ننشئ سداً في مرجعية ، نعبد طريقاً في مرجعية ، هذه التربة ميكانيك التربة لا يحتمل هذه المركبات نعالج التربة ، لماذا نحن في أمور الدين لا نريد مرجعاً ؟ كل واحد يعمل نفسه مشرعاً ، كل واحد يريد ديناً من تفصيله ، يريد ديناً فيه ربا ، يريد ديناً فيه اختلاط ، يريد ديناً فيه تقصير بالعبادات .
الأستاذ علاء :
 سيدي يريد ديناً لا يدفع تأمينات اجتماعية ، يعتبر التأمينات حرام .

 

العلم لا يؤخذ إلا عن طريق عالم متمكن ورع :

الدكتور راتب :
 حق العمال ، حق الموظفين ، فكل إنسان لا يرجع إلى مرجعية موثوقة ورعة لذلك بعض العلماء الكبار يقول لا يمكن أن يأخذ العلم إلا عن طريق علماء متفوقين في علمهم ورعين في سلوكهم . الشاطبي رضي الله عنه أضخم كتاب الموافقات في المقدمة التاسعة يقول العلم لا يؤخذ إلا عن طريق عالم متمكن ورع . أما أنا آخذ نصاً أمامي مثلاً :

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً (130)﴾

( سورة آل عمران )

 بفهم ساذج مضحك أن الله نهانا عن الأضعاف المضاعفة فقط ، أنا آخذ نسب قليلة لا علي أن أرابي ، حينما يترك النص للعامة نقع في شر أعمالنا ، أحياناً في فهم للنصوص عجيب ، كنت في مؤتمر فقال أحد المؤتمرين أن :  المسلمون يكرهون الأولاد كيف ؟ قال لأن أم سليم لما جاء زوجها من الجهاد وسألها عن ابنها المريض قالت له هو في أهنأ حال وقد مات ، فأطعمته ونامت معه وفي الصباح أبلغته . نحن نعد هذا بطولة إنسانة بأعلى درجة من العقل ، إنسان كان في الجهاد متعب تبلغه صباحاً وقد توفاه الله . فاستنبطوا من هذا أن المسلمون لا يحبون أولادهم يفرحون بموتهم .
الأستاذ علاء :
 سيدي فهم النص فهماً مغايراً .

 

علينا ألا نفهم النصوص إلا من خلال مرجعيات إسلامية فقط :

الدكتور راتب :
 أو فهماً إبليسياً .

﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ(99)﴾

( سورة الحجر )

 إذا جاءك اليقين عليك ألا تعبده ، لا عليك ألا تعبده إذا جاءك اليقين ، لا يمكن أن نفهم النصوص إلا من خلال مرجعيات إسلامية ، لذلك العلماء لهم دور كبير في الحياة أنا مواطن يتابع دينه من الفضائيات فقط ، وفي بالفضائيات أشياء كثيرة لا ترضي الله عز وجل وفي جهات داعمة ومصالح وفي جهات ممولة وقد تكون تكيد للدين ، تقحم الخزعبلات والترهات في بعض الفضائيات كلها سحر وشعوذة وكذب ودجل ، أما إنسان يترك للفضائيات من دون مرجع أرضي كنت أقول دائماً خذوا دينكم عن الأرضيات لا عن الفضائيات .

 

أية قضية خرجت من المصلحة إلى المفسدة ليست من الشريعة :

 الشريعة عدل كلها ، رحمة كلها ، حكمة كلها ، الآن يقول أحد العلماء كلاماً رائعاً : من دعا إلى الله بأسلوب ومضمون سطحي غير متماسك ، أو دعا إلى الله بأسلوب غير علمي وغير تربوي ، أو اكتشف هذا المدعو أنك لست مطبقاً لما تقول قال هذا المدعو بهذا المضمون وبهذه الطريقة وبهذه الحقيقة الفاضحة لا يعد عند الله مُبلّغاً ، لأن الإنسان في فطرته يؤمن أن هذا الدين عظيم يجب أن يتناسب مع عظمة الله عز وجل .
 شركة عملاقة في الكومبيوتر معقول تعمل لها أوردر طلبية وتأخذ منك المبلغ تضعه في الجيب وتقول لك معوضين مثل بائع البطيخ ؟ الشركة العملاقة فيها محاسبة ، فيها أوامر قبض ، أوامر صرف ، فيها إيصالات ، لذلك كمال الخلق يدل على كمال التصرف ، أحياناً الإنسان ماذا يقول الإمام الشافعي :
 " لأن أرتزق بالرقص أفضل من أن أرتزق بالدين ".
 من أجل أن نرتزق بالدين نؤول ونأتي بفتاوى ضعيفة ، ونأتي بما في بعض الكتب من سقطات نجمعها ونقول هذا هو الدين ، لذلك يكثر أعداء الدين ، شيء غير منطقي ، كلام فيه ضلال ، فيه بعد عن الحق .
 لذلك أية قضية خرجت من المصلحة إلى المفسدة ، ومن العدل إلى الجور ، من الحكمة إلى خلافها ، ومن الرحمة إلى القسوة فليست من الشريعة ، ولو أدخلت عليها بألف تأويل وتأويل .

خاتمة وتوديع :

الأستاذ علاء :
 سيدي نعتذر من السادة المشاهدين أن الفقرة العلمية لم يتح لها مجالاً ، لكن نعد إن شاء الله في الحلقة القادمة ، لا يسعني في نهاية هذه الحلقة إلا أن أشكر فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة على كل ما قدم وشرحت وإن شاء الله نتمم موضوعنا في حلقات قادمة .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور