الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

ماذا تعني كلمة موسعون في هذه الآية ؟

قال تعالى:

﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾

[سورة الذاريات الآية: 47]

أيها الأخوة المؤمنون, انطلاقاً من أن التفكر في خلق السموات والأرض طريقٌ إلى معرفة الله، والتفقه في الدين طريقٌ إلى عبادته، وتعلم العلوم المادية طريقٌ إلى صلاح الدنيا، انطلاقاً من هذه الحقيقة، يقول ربنا سبحانه وتعالى:

﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ﴾

[سورة فصلت الآية: 53]

من آيات الآفاق، قول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم:

﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾

[سورة الذاريات الآية: 47]

فماذا تعنيه كلمة موسعون؟ كلكم يعلم: أن الضوء يقطع في الثانية الواحدة ثلاثمئة ألف كيلومتراً في الثانية، ويقطع في الدقيقة ثمانية عشر مليون كيلومتراً, ويقطع في الساعة ألف مليون كيلومتر، ويقطع في العام عشرة آلاف مليار كيلومتر، فإذا قرأتم في كتب الفلك أن هذا النجم يبعد عنا سنةً ضوئية, هذا رقم فلكي، ومعنى سنة ضوئية واحدة أنه يبعد عنا عشرة آلاف مليار، أو عشرة آلاف مليون مليون كيلومتر، من أجل أن نعرف ماذا تعني كلمة:

﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾

[سورة الذاريات الآية: 47]

القمر الذي طبَّل الإنسان, وزمَّر حينما وصله, وقال: غزونا الفضاء, يبعد عنا ثانيةً واحدة وزيادة، والشمس تبعد عنا ثماني دقائق، مئة وستة وخمسين مليون كيلومتر يقطعها الضوء في ثماني دقائق، والمجموعة الشمسية قطرها ثلاث عشرة ساعةً ضوئية، أما الذي أريد أن أؤكده أن أقرب نجمٍ إلى الأرض, يبعد عنا أربع سنوات ضوئية فقط، هذه المسافة من أجل أن تعرف ما هي:

﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾

[سورة الذاريات الآية: 47]

من أجل أن تقطعها في سيارة، تسير بسرعة مئة كيلومتر، تحتاج إلى اثنين وأربعين مليون سنة، من أجل أن تصل إلى أقرب نجمٍ إلى الأرض، والذي بعده عن الأرض أربع سنوات ضوئية، تحتاج إلى اثنين وأربعين مليون سنة، وهناك النسر الطائر يبعد عنا أربعة عشر سنةً ضوئية، وهناك النسر الواقع يبعد عنا ثلاثين سنةً ضوئية، وهناك السَّماك الرامح يبعد عنا خمسين سنةً ضوئية، وهناك المرأة المسلسلة تبعد عنا ألف سنةٍ ضوئية, واكتشفت مجرة قبل عامين تبعد عنا ستة عشر ألف مليون سنة ضوئية، هذه أرقامٌ دقيقة أيها الأخوة, قال تعالى:

﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾

[سورة الذاريات الآية: 47]

آيةٌ ثانية، يقول الله سبحانه وتعالى:

﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾

[سورة الواقعة الآية: 75-76]