الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

ما وظيفة هذه الآيات في القرآن الكريم ؟

أيها الأخوة المؤمنون, قال تعالى:

﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾

[ سورة الجمعة الآية: 2]

تلاوة الآيات أيها الأخوة، قد تأتي في القرآن الكريم، فالله سبحانه وتعالى يقول:

﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾

[سورة النحل الآية: 78]

﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآية: 78]

﴿ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ﴾

[سورة السجدة الآية: 9] 

﴿ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ﴾

[سورة السجدة الآية: 9]

هذه الآيات كلُّها تدلُّ على أن الإنسان يجب أن يفكر في خَلْقِه, قال تعالى:

﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾

[سورة البلد الآية: 8-10]

إليكم الحديث عن العين :

هذه العين التي تشكل في محجرها كرةً صغيرة، لا يزيد قطرها عن عشرين ميليمتراً

ترى بها كلَّ شيء، ترى الجبال جبالاً، ترى البحار بحاراً، ترى الأنهار أنهاراً، ترى الشيء بحجمه الحقيقي، بألوانه، بحركاته وسكناته، بأبعاده الثلاث, قال تعالى:

﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ﴾

[سورة البلد الآية: 8-9]

هذه العين فيها قرنيةٌ شفافة، لو أن هذه القرنية تتغذى عن طريق الشعريات، شأنها كشأن أي نسيجٍ، لرأيت شبكةً أمام عينيك, من الذي جعل القرنية شفافةً؟ الله سبحانه وتعالى .

فيا أيها الأخوة الأكارم, نعمةٌ كبرى أن تكون القرنية شفافةً، لا يعرفها إلا من فقدها، كيف أن الله سبحانه وتعالى أراد أن تتغذى القرنية عن طريق نادرٍ دقيق، ألا وهو طريق الحلول، تأخذ كل خليةٍ الغذاء من جارتها، لئلا يكون في القرنية شبكةً من الشعريات تعيق الرؤية؟ قال تعالى:

﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾

[سورة البلد الآية: 8-10]

هذه القُزحية، من الذي جعلها تتسع وتضيق حسب شدة الضوء؟

من جعل هذه الحركة ذاتيةً؟ يد من؟ يد الله سبحانه وتعالى, قال تعالى:

﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾

[سورة البلد الآية: 8-10]

لو دخل الإنسان إلى مكانٍ مظلم، بعد أن كان في مكانٍ منير، لا يرى شيئاً، لماذا؟ لأن القُزحية لمَّا تضق بعد، حتى تتسع القزحية، ويدخل النور الكافي، عندئذٍ ترى الشيء بعد مدة، هذه إشارة .

أسئلة موجهة إليك :

يا أيها الأخوة المؤمنون, من جعل هذا الجسم البلوري؟ العدسة المتحركة عدسةٌ لينة، يزداد احددابها ويقل بحسب بعد الجسم المرئي، من قاس لك المسافة؟ من أعطى هذا الجسم هذا الاحدداب المعيَّن؟

من ضغط هذا الجسم البلوري؟ من جعله يقل احددابه بحسب بُعد المنظور؟ إنه الله .
أيها الأخوة المؤمنون, من جعل هذا السائل المائي الذي له ضغطٌ معين، وقرينة انكسارٍ معيَّنة؟ من جعل الخلط الزجاجي؟ من جعل الشبكية التي تتلقَّى الاهتزازت الضوئية؟ .