وضع داكن
23-04-2024
Logo
موضوعات علمية من الخطب - الموضوع : 090 - لسان المزمار.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

ما وظيفة لسان المزمار في الإنسان ؟

أيها الأخوة المؤمنون, في جسم الإنسان شرطيٌ للمرور، يعمل منذ أن يتخلَّق الإنسان في بطن أمِّه حتى الموت، لا يكلُّ، ولا يسأم، ولا يتعب، يعمل ليلاً نهاراً، في اليقظة، وفي المنام، إنه لسان المزمار .

لأنف له طريق، طريق الهواء من الأنف إلى الرئتين عبر الرغامى، القصبة الهوائية ،

وطريق الطعام من الفم إلى المعدة عبر المري يتقاطع، وهذان الطريقان في منطقةٍ حرجة، هي البلعوم .

يقوم لسان المزمار بأخطر عملٍ في حياة الإنسان، لو أن نصف كأسٍ من الماء، دخل خطأً في الرغامى، في القصبة الهوائية، إلى الرئتين، لمات الإنسان اختناقاً، لأن خلايا الدماغ النبيلة تموت موتاً نهائياً، إذا انقطع عنها الأوكسجين أكثر من خمس دقائق تموت، فلو أن نصف كأسٍ من الماء دخل خطأً من الفم إلى الرغامى، وقد نسي لسان المزمار أن يسدَّ طريق الرغامى، ويفتح طريق المري، لو أن هذا حدث مرةً، لكانت هي القاضية، ولو نزل الطعام في القصبة الهوائية لسد المجرى, ولاختنق الإنسان, ومات فوراً .

هذا اللسان، الذي يفتح طريق المري عند الطعام، ويفتح طريق التنفس عند التنفس، يعمل ليلاً نهاراً، يعمل وأنت نائم، أنت تقول: لا آكل في الليل, هذا اللعاب الذي يتجمَّع في فمك، كيف تبتلعه, وأنت نائم من دون أن تشعر؟ من الذي أمر هذا اللسان أن يفتح طريق المري، لينتقل اللعاب المجمَّع في الفم إلى المعدة، ثم يغلقه فيتابع التنفس عمله، وأنت لا تدري؟
ما هي الأجهزة التي سخرها الله في كل من الرغامى والمري في جسم الإنسان حتى يقومان بوظيفتهما ؟
أيها الأخوة المؤمنون, من فضل الله علينا، أن هذه الرغامى، القصبة الهوائية، لشدة خطورة عملها، ولأنها جهازٌ مصيري، فلو توقف التنفس دقائقَ معدودات، لمات الإنسانُ، لخطورة عملها، جهَّزها الله سبحانه وتعالى بأهدابٍ متحركة، تتحرك نحو الأعلى دائماً، فأي شيءٍ طفيفٍ دخل فيها، إنه يتحرك نحو الأعلى، ليتجمع في الحنجرة، ويكون هو القشع، من الذي زوَّد هذه القصبة الهوائية بهذه الأهداب المتحركة؟ علماً بأن التدخين، كما قلت لكم قبل عدة خطب: يشلُّ هذه الأهداب التنفسية، عندئذٍ تتعرض الرئة للإصابة بالالتهابات الإنتانية، بسبب شلل هذه الأهداب التي تتحرَّك نحو الأعلى .
أما المري، فقد زوَّده الله بعضلاتٍ دائرية تتقلَّص تباعاً، فلو وُضِعَ الإنسان بشكلٍ مقلوبٍ, بحيث تكون رجلاه نحو الأعلى، ورأسه نحو الأسفل، وألقمته لقمةً، أو سقيته جرعةً من ماء، لسار الماء على عكس الجاذبية نحو الأعلى، لسار الطعام بعكس نظام الجاذبية نحو الأعلى، بسبب هذه العضلات الدائرية التي تتقلَّص تباعاً،

من زوَّد القصبة الهوائية بهذه الأهداب المتحركة نحو الأعلى, ومن زوَّد المري بهذه العضلات الدائرية التي تسوق كل شيءٍ نحو المعدة، بصرف النظر عن جهة الإنسان؟ إنه الله سبحانه وتعالى, قال تعالى:

 

﴿وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾

[سورة الجاثية الآية: 4]

﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ﴾

[سورة فصلت الآية: 53]

﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾

[سورة الذاريات الآية: 21]

هذه آية لا تحتاج إلى كتب، ولا إلى مجلدات، ولا إلى مجاهر، ولا إلى مطالعات، ولا إلى دراسات، كلٌ منا بإمكانه أن يفكِّر في هذه الآية .

تحميل النص

إخفاء الصور