وضع داكن
29-03-2024
Logo
الخطبة : 0139 - الحج3 رمي الجمار - النوم على الشق الأيمن.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى :

الحمد لله ثم الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكلي إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقراراً بربوبيته ، وإرغاماً بمن جحد به وكفر ، وأشهد أن سيدنا محمداً رسول الله سيد الخلق والبشر ما اتصلت عين بنظر ، أو سمعت أذنٌ بخبر ، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريته ، ومن والاه ، ومن تبعه إلى يوم الدين ، اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم ، ولا تعذبنا فإنك علينا قادر ، والطف بنا فيما جرت به المقادير ، إنك على كل شيء قدير .

مناسك الحج :

أيها الإخوة المؤمنون ؛ وصلنا في مناسك الحج في الجمعة الماضية إلى عرفات ، وبينت أن الحج كما قال عليه الصلاة والسلام :

(( الحجُّ عرفةُ ))

عرفة ؛ بمعنى أن الوقوف بعرفة ركن الحج الأعظم ، وأن عرفة أعني أن تعرف الله سبحانه وتعالى ، وأن الوقوف بعرفة لقاء أكبر مع الله سبحانه وتعالى .

رمي الجمرات :

يا أيها الإخوة المؤمنون ؛ ويلتقط الحاج من مزدلفة سبعة حصيات ، ليحذف بها جمرة العقبة ، والسنة أن تكون الحصيات صغيرات ، بحجم الحنطة ، أو أكبر قليلاً ، ولا يجوز الرمي بشيء فوق هذا الحجم ، وما يفعله الحجاج ، أو وما يفعله بعض الحجاج من رمي الجمرة بأشياء ، وحاجات ، ومتاعاً فوق هذا الحجم فإنه لا يجوز ، وإن حوادث مؤسفةً تقع في كل عام بسبب جهل الحجاج ، وقد قيل :
تفقهوا قبل أن تحجوا .
أيها الإخوة الأكارم ؛ رمي الجمار في الأصل ، تعبير رمزي عن أن الحاج الذي أشرقت نفسه بنور المعرفة في عرفات ، وزكت بنفحات القرب عند جبل الرحمة إن رمي الجمار تعبير عن حالة الحاج الذي استنار بنور الله ، وتفتحت بصيرته فرأى الحق حقاً ، والباطل باطلاً ، إن رمي الجمار تعبير عن معاداة الشيطان .
أيها الإخوة الأكارم ؛ مناسك الحج ، أفعال مادية ، إن لم تكن هناك حالات نفسية تقابلها فلا معنى لها ، أفعال مادية مناسك الحج ، يجب أن يقابل كل فعل مادي منها حالة نفسية داخلية ، فرمي الجمار بلا حالة نفسية لا معنى له ، ما الفرق بين الطقس والعبادة ، في الشرائع الوثنية هناك طقوس ، يعني أعمال لا معنى لها ، ليست معقولة ، ليست هادفة ، ليست مفسرة ، ولكن العبادات كما قلت في الخطبة السابقة معللة بأهداف نبيلة .

﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾

[ سورة العنكبوت الآية : 45 ]

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾

[ سورة البقرة الآية : 183 ]

﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ ﴾

[ سورة التوبة الآية : 103 ]

التفقه شرط أساسي للعبادات :

فمناسك الحج من دون أن تفقه المراد منها ، من دون أن تفقه سر التشريع فيها ، من دون أن تملك الحالة النفسية التي يجب أن ترافقها ، إن مناسك الحج من دون هذا كله لا معنى له ، فرمي الجمار من ترمي ؟ إن رمي الجمار تعبير عن معاداة الشيطان ومحاربته ، بعد ماذا ؟ بعد أن حصلت المعرفة ، فلا سلطان للشيطان على الحاج بعد اليوم ، من ذهب إلى الحج ، وعاد من الحج ، ولا يزال الشيطان متمكناً منه ، ولا يزال للشيطان سلطان عليه فكـأنه لم يحج .

﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ﴾

[ سورة إبراهيم الآية : 22 ]

إذاً أيها الأخ الكريم ، وأيها الحاج الكريم ، اعلم أنك في الظاهر كما يقول أبو حامد الغزالي رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ‏ اعلم أنك في الظاهر ترمي الحصى في العقبة وفي الحقيقة ترمي بها وجه الشيطان ، وتقصم ظهره ولا يحصل إرغام أنفه إلا بامتثالك أمر الله عز وجل ، يعني :
لو أن حاجاً التقت سبع حصيات وفق السنة المطهرة ، وطبق مناسك الحج واحدةً واحدة ، ورمى بهذه الحصيات جمرة العقبة ، وعاد إلى بلده ، واتبع الشيطان فو الله الذي لا إله إلا هو ما رمى الشيطان ، لا يكون رمي الجمار صحيحاً إلا إذا امتثلت أمر الله سبحانه وتعالى ليس في الإسلام شكليات ، ليس في الإسلام طقوس ، ليس في الإسلام أعمال لا معنى لها ، حينما كان المسلمون يفقهون سر التشريع ، ويعرفون علة الأوامر ، وعلة النواهي ، ويعرفون حكمة أوامر الله عز وجل فتحوا العالم .

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي ﴾

[ سورة النور الآية : 55 ]

أما إذا طبقت العبادات تطبيقاً شكلياً ، صلينا وعصينا ، صمنا وانتهكنا ، حججنا وفرطنا ، حينما نكون كذلك فقرأ على هذه الأمة السلام .

﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ﴾

[ سورة مريم الآية : 59 ]

إذاً كما قال الإمام الغزالي رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ اعلم أنك في الظاهر ترمي الحصى في العقبة ، وفي الحقيقة ترمي بها وجه الشيطان ، وتقصم ظهره ، ولا يحصل إرغام أنفه إلا بامتثالك أمر الله سبحانه وتعالى .

الهدي :

وبعد رمي الجمار ، ينحر الحاج الهدي ، هدية لله عز وجل. أما أن تأتي بالشاة فتذبحها وتلقي بها في الطريق لتصبح جيفة تملئ ما حولها رائحة نتنة ، ليس هذا من مناسك الحج ،

ما هكذا شرع الله سبحانه وتعالى ما المقصود أن يصل هذا الطعام إلى أكباد جائعة ، أما أن تذبح وتهدر ما يزيد عن أربعة آلاف ليرة في الطريق ، لتصبح جيفاً تملئ الجو رائحة نتنة ليس هذا من مناسك الحج ، يجب أن يبلغ الهدي محله ، أين محله ؟ الأكباد الجائعة ، مناسك الحج معللة بأهداف نبيلة ، أما حينما جهل الناس حكمة المناسك ، وفعلوا شكليتها ، وفعلوها من دون تعمق ، من دون فهم ، صارت مناسك الحج مساراً للنقد عند غير المسلمين ، مقالات تنشر ، فيها انتقاد لاذع لمناسك الحج التي يقوم بها المسلمون من دون أن يفهموا حكمة دينهم ، وبعدها ينحر الحاج الهدي ، هدية لله عز وجل ، وتعبيراً عن شكره ، لما من الله عليه من نعمة الهدى ، كأن الهدي مشتق من الهدى ، أو من الهدية ، هو هدية لله عز وجل ، تعبيرٌ وشكرٌ على نعمة الهدى .
وضع الأسماء شيء دقيق جداً ، الزكاة تزكو بها النفس ، الصلاة صلة ، الحج حجة ، تملك الحجة لأنك رأيت الحق حقاً والباطل باطلاً ، رأيت بنور الله حقيقة الحياة ، وحقيقة الوجود ، وعرفت سر مجيئك إلى الدنيا ، وعرفت أثمن ما في الدنيا ، وعرفت أن القرب من الله هو كل شيء ، وأن طاعته أثمن شيء ، وأن الجنة فيها ما لا عين رأت ، ولا أذنٌ سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .
أيها الإخوة المؤمنون ؛ إذاً ينحر الحاج الهدي هدية لله عز وجل وتعبيراً عن شكره لما منّ الله عليه من نعمة الهدى والمعرفة ، وتأكيداً لذبح شهواته التي هي حجاب بينه وبين ربه ، ونحر رغباته التي لا ترضي الله عز وجل .

الحلق :

وبعدها يحلق الحاج أو يقصر ، وقد روى البخاري ومسلم أن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :

(( رحم الله المحلقين ، قالوا : والمقصرين ، قال : رحم الله المحلقين ، قالوا والمقصرين يا رسول الله ، قال : رحم الله المحلقين ، قالوا : والمقصرين قال : والمقصرين ))

إما أن تحلق وإما أن تقصر ، وللحلق والتقصير حكم بالغة .

التحلل :

أيها الإخوة المؤمنون ؛ وبعد التحليق أو التقصير يتحلل الحاج من بعض محظورات الإحرام .

طواف الإفاضة :

وبعد طواف الإفاضة وهو الركن الأخير من أركان الحج يتحلل الحاج من كل المحظورات .

عبادة الحج :

الحج عبادة راقية ، قد ينشغل الإنسان في بلدته بدكانه ، بتجارته ، بمنصبه ، بمكانته ، بوجاهته ، بماله ، بقضاء أوقات فراغه في متع مباحة على حد تعبير بعضهم ، وهو غافل عن الدار الآخرة

حينما يترك بلده ، ويترك بيته ، ويترك زوجته ، ويترك أولاده ويترك مكانته ، ويترك منصبه ، ويترك وجهاته ، ويأتي إلى بيت الله الحرام ، أشعث أغبر ، لا يعرفه أحد ، يرتدي ثياباً بسيطة ، ليست مخيطة ، الوزير والخفير على حدٍ سواء ، الغني والفقير على حدٍ سواء ، والقوي والضعيف على حدٍ سواء ، والصحيح والمريض على حدٍ سواء ، كأن الله سبحانه وتعالى يطلعنا على يوم الحشر .

﴿ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾

[ سورة المطففين الآية : 6 ]

هذه الأقنعة المزيفة ، قناع المال قناع مزيف عند الموت سوف يزول عنك ، الجاه قناع مزيف عند الموت سوف يزول عنك ، الأسرة تأنس بها ، ولكن للقبر وحشة ، أين الزوجة ، أين الولد ، أين الأهل ، أين الجيران ، الله سبحانه وتعالى ينتزعك من أهلك ، من بيتك ، من عملك من وجاهتك من مكانتك ، من رتبتك ، من منصبك ، من مالك ينتزعك إليه ، لتجرب مرةً كيف الوقوف بين يديه ، كيف تقف في وقت وفي مكان .

﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾

[ سورة الشعراء الآيات : 88 ـ 89 ]

يا أيها الإخوة الأكارم ؛ الحج سياحة ، ولكن إلى أين ؟ إلى الله عز وجل ، قد ينطلق الإنسان إلى مكان جميل ، حيث المتعة ، وحيث الطعام الفاخر ، وحيث المناظر الخلابة ، ولكنك في الحج تنطلق إلى الله سبحانه وتعالى ، أما هذه التلبية ، لبيك اللهم لبيك ، لا شك أنك تنادى ، أن خلي نفسك وتعال ، دع عنك هموم الحياة وتعال إلي ، دع عنك مشاغل الدنيا وتعال إلي ، دع هموماً قد تثقلك ، دع هموماً تسحق الإنسان ، تعال إلي ، خلي الدنيا وراء ظهرك ، خلي أموالها ، خلي أراضيها ، خلي تجارتها ، خلي متعها وتعال تعال إلي .

إلى متى أنت باللذات مشغول وأنت عن كل ما قدمت مسؤول

تقول : يا رب لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك لبيك إن الحمد والنعمة لك ، لبيك لا شريك لك ، التلبية جواب لدعوة ، هل سمعت هذه الدعوة .
أيها الإخوة الأكارم ؛ وبعد التحليق أو التقصير يتحلل الحاج من بعض محظورات الإحرام ، وبعد طواف الإفاضة وهو الركن الأخير من أركان الحج يتحلل الحاج من كل محظورات الإحرام .
وقد ورد عن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوله :
لا ينفر أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت .
يطوف بالبيت ثم يقصد راجعاً إلى أهله ، ويستحب للحاج أن يدعو بدعاء ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنهما :
اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ، حملتني على ما سخرت لي ، وسترتني في بلادك حتى بلغتني بنعمتك إلى بيتك ، وأعنتني على أداء نسكي ، فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضاً ، وإلا فمن الآن فرضى عني ، قبل أن تنئى بيتك داري فهذا أوان الانصراف ، إن أذنت لي ، غير مستبدل بك ، ولا ببيتك ، ولا راغب عنك ، ولا عن بيتك ، اللهم فأصحبني العافية في بدني ، والصحة في جسمي ، والعصمة في ديني ، وأحسن منقلبي ، وارزقني طاعتك ما أبقيتني واجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة ، إنك على كل شيء قدير ، وقد قال عليه الصلاة والسلام :

(( إذا قضى أحدكم حجته فليتعجل إلى أهله ))

هكذا السنة .
أيها الإخوة المؤمنون ؛ في خطب ثلاثة بتوفيق الله عز وجل عرضت عليكم بإيجاز شديد مناسك الحج ، والحكمة التي وراء كل منسك ، أما زيارة النبي عليه الصلاة والسلام ، إلى خطبة قادمة .

الوفاء بالعهد :

أيها الإخوة الأكارم ؛ روى ابن جرير الطبري في تاريخه ، أن يزدجرد أحد ملوك الفرس كتب إلى ملك الصين يستمده ، أي يستعين به ، يطلب منه المدد خوف أن تقتحمه جيوش المسلمين ، فقال ملك الصين لرسول يزدجرد قد عرفت أن حقاً على الملوك إنجاد الملوك على من غلبهم ، ولكن صف لي صفة هؤلاء القوم الذين أخرجوكم من بلادكم ، أي ملك الصين يطلب من رسول ملك الفرس ، بعد أن أخرجه المسلمون من بلاده ، صف لي صفة القوم الذين أخرجوكم من بلادكم ، فإني أراك تذكر قلة منهم وكثرةً منكم ، هم قلة وأنتم كثرة ، ولا يبلغ أمثال هؤلاء القليل الذين تصف منكم فيما أسمع من كثرتهم ، إلا بخير عندهم ، كيف قلة قليلة تنتصر على كثرة كثيرة ، لا بد من صفات عالية جداً لا بد من نوعية فوق الحد المعقول ، لا تغلب القلة الكثرة إلا بصفات نادرة ، أما في الأصل الكثرة تغلب القلة ، إذا تكافئ المتحاربان فالنصر للأكثر والنصر للأقوى ، ولكن قلة قليلة تغلب كثرةً كثيرة ، لا بد من سر ، صف لي هؤلاء القوم ، فقلت سلني عما أحببت ، فقال أيوفون بالعهد قلت نعم .
فيا أيها الإخوة المؤمنون ؛ بربكم المسلمون اليوم يوفون بعهدهم ، سواء عهد الله ، أو العهد فيما بينهم ، أو اتفاقاتهم فيما بينهم ، ييعك البيت ، بيعاً قطعياً بسعر ٍمناسب هو سعر السوق وقتها ، الفراغ بعد سنة ، لا يفرغ لك البيت إلا بمئة ألف ليرة زيادة ، هكذا ، لم يعجبك هذه المحاكم مفتحةً أبوابها .
أيوفون بالعهد ؟ قال نعم ، قال وما يقولون لكم قبل أن يقاتلوكم قلت يدعوننا إلى واحدة من ثلاث ، إما دينهم ، يدعوننا إلى دينهم ، فإن أجبناهم أجرونا مجراهم ، كنا مثلهم ، في الحقوق والواجبات ، هكذا الإسلام ، لا فرق لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ، فإن أمنوا فهم منكم فإخوانكم في الدين ، انتهى الأمر ، ليس هناك من تفرقة ، أي إنسان مادام قد أمن فهو أخوك في الله.
يا سعد : لا يغرنك أنه قيل خال رسول الله فالخلق كلهم عند الله سواسية ، ليس بينه وبينهم قرابة ، إلا طاعتهم له .
فإن أجبناهم ، أجرونا مجراهم ، أوالجزية ، والمنعة ، ندفع لهم الجزية ، ويدافعون عنا ، يمنعوننا من أعدائنا ، مقابل شيء ، أو المنابذة القتال ، قال وكيف طاعتهم لأمرائهم ، قلت أطوع قوم لمرشدهم ، هكذا .
أبو سفيان تعجب عجباً عريضاً قال ما رأيت أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمدٍ محمداً ، هكذا .
يوم كنا نحب بعضنا بعضاً ، يوم كان المؤمن لا ينام الليل إذا بات أخوه جائعاً ، نحن اليوم هكذا ! هكذا اليوم نحن! .
والله لا يؤمن ، والله ما أمن ، والله ما أمن ، والله ما أمن من بات شبعان وجاره إلى جانبه جائع وهو يعلم ، فإن قلت لا أعلم ، أقول لك من لم يتفقد أمور المسلمين فليس منهم ، نحن اليوم هكذا! كل إنسان يسعى إلى مصلحته ، فإذا أمن حاجاته فعلى الدنيا السلام ، لو مات الناس جميعاً ويحيى هو هذا هو هدفه ، هكذا الإسلام .
أيها الإخوة المؤمنون ؛ فقال فما يحلون وما يحرمون ، فأخبرته أيحرمون ما أحل إليهم قال لا ، قال أيحللون ما حرم عليهم ، قال لا ، يعني منضبطون ، أوامر الله واضحة ، القرآن بين أيديكم .

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾

[ سورة النور الآية : 30 ]

كم من مسلم يطبق في المئة هذه الآية .

﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾

[ سورة البقرة الآية : 279 ]

كم من مسلم يطبق هذه الآية ، أيحللون ما حرم عليهم ، قال لا أيحرمون ما حلل لهم ، قال لا ، فقال فإن هؤلاء القوم لا يهلكون أبداً حتى يحلوا حرماتهم ، ويحرموا حلالهم ، حينما يحرموا المسلمون ما أحل لهم أو حينما يحللون ما حرم عليهم ينتهون ، قال أخبرني عن لباسهم فأخبرته ، وعن مطاياهم فأخبرته ، فقال نعمة الحصون هذه ، وكتب إلى يزدجرد ، إنه لم يمنعني أن أبعث إليك بجيش أوله بمرو ، وآخره بالصين لجهالة ما يحق علي ، ولكن هؤلاء القوم الذين وصفوا لي لو يحاولون الجبال لهدوها ، ولو خلي لهم وبيني لأزلوني عن ملكي ، فسالمهم وأرضهم وأرضى منهم بالمساكنة ، ولا تفجعهم ما لم يفجوعك .
يعني هذه الحقيقة الله سبحانه وتعالى معنا ، لئن أقمنا الصلاة معية الله مشروطة ، وقال الله :

﴿ وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً ﴾

[ سورة المائدة الآية : 12 ]

أيها الإخوة المؤمنون : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطى غيرنا إلينا ، فلنتخذ حذرنا ، الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني .

والحمد لله رب العالمين
***

الخطبة الثانية :

 

الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم ، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

النوم الصحيح :

يا أيها الإخوة المؤمنون ؛ الإنسان حينما يأوي إلى فراشه ليراقب نفسه كيف ينام ؟
1- بعض الناس ينامون على بطونهم .
2- وبعض الناس ينامون على ظهورهم .
3- وبعض الناس ينامون على شقهم الأيمن .
4- وبعض الناس ينامون على شقهم الأيسر .

مضار النوم على البطن .

فالذين ينامون على بطونهم هؤلاء يشعرون بضيق في التنفس لأن ثقل كتلة الظهر والهيكل العظمي تقع على رئتيه فضلاً عن أن هذه النومة ، نومة الشيطان .

مضار النوم على الظهر .

وبعض الناس ينامون على ظهورهم ، يستلقون هكذا ... ، كذلك التنفس من الفم ممكن ، ولكنه غير طبيعي لماذا ؟ لأنك إذا تنفست من فمك عطلت جهازاً من أدق الأجهزة ، جهاز تسخين وتصفية ، ففي الأنف سطوح متداخلة ، فيها شرايين ذوات عضلات ، إذا توسعت العضلات جاءت كمية كبيرة من الدم ، فإذا سار الهواء في هذه السطوح المتداخلة ولامس كميات الدم الكبيرة المتدفقة على الأنف بفعل عضلات الشرايين عندئذٍ يسخن الهواء ويصل إلى أول القصبة في درجة 38 ، قد يكون الهواء في درجة الصفر فإذا دخل إلى الرئة صار بفعل الأنف جهاز التسخين العالي المستوى في درجة 38 ، فضلاً عن أن هذه السطوح العديدة المتداخلة ، والهواء يجب أن يسير بها هكذا ، بشكل حلزوني ، إلى أن يسخن ، هذه السطوح فيها مادة لزجة ، أي غبار ، أي هباب ، أي جسم ، أي شيء يعلق بها .
ولو تصورنا أن شيئاً استطاع أن يسير بين السطوح دون أن يلمسها ، أو دون أن يعلق عليها هناك الأشعار التي خلقها الله في الأنف من أجل أن تصطاد هذه المواد الغريبة وهذه الأشياء العالقة في الهواء ، يعني أرقى جهاز تسخين ، وأرقى جهاز تصفية ، يصل الهواء إلى الرغامى نقياً ، دافئاً ، نظيفاً ، مصفى .
فإذا نام الإنسان على ظهره ، وتنفس من فمه كأنه عطل هذه الأجهزة بالغة التعقيد .
ليس في شرايين الإنسان شرايين لها عضلات تتوسع إلا بالأنف ، إذا كان البرد شديداً ليراقب أحدكم أنفه ، يراه أحمر اللون قاني .
وإذا تنفس الإنسان من فمه ماذا يحدث ؟
هؤلاء أكثر تعرضاً للزكام من غيرهم ، وهؤلاء تجف لثتهم ، وإذا جفت تراجعت وتراجع اللثة عن الأسنان مرض العصر ، وفضلاً عن هذا وذاك فإن الشخير الذي لا يحتمل سببه هو التنفس من الفم .
إذاً : النوم على الظهر ليس صحياً .

مضار النوم على الشق الأيسر .

بقي النوم على الشق الأيسر ، إن الطعام يستغرق في الحالة الطبيعية من ساعتين إلى أربع ساعات في المعدة ، فإذا كان النائم على الشق الأيسر استغرق هضم الطعام من خمس ساعات إلى ثمانية ، لأن الرئة اليمنى وهي الكبيرة تضغط على القلب ، والكبد وهو أكبر الأعضاء يبقى معلقاً قلقاً .
النوم على الشق الأيمن ليس له مضار .

فإذا نام الإنسان على شقه الأيمن ، الرئة اليسرى أصغر وأخف ، والكبد وهو أكبر أعضاء الجسم مستقر في الجسد على جهة الأرض ، والهضم يتم بسرعة .

حديث شريف يؤكد حقيقة النوم الصحيح :

لذلك اسمعوا يا أخوة الإيمان ماذا قال النبي العدنان ، قال عليه الصلاة والسلام للصحابي الجليل البراء بن عازب :

(( إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاةِ , ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ , ثُمَّ قُلِ : اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ , وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ ))

قال بعضهم :
النوم على الظهر نومة الأمراء .
والنوم على البطن نومة الشياطين .
والنومة على الشق الأيسر نومة الأغنياء لكثرة أكلهم ، ينامون على الشق الأيسر كي يستريحوا .
والنوم على الشق الأيمن نومة العلماء .
على الظهر نومة الأمراء ، وعلى البطن نومة الشياطين ، وعلى الشق الأيسر نومة الأغنياء ، وعلى الشق الأيمن نومة العلماء .
والنبي عليه الصلاة والسلام فيما ثبت من حديثه الشريف يقول :

(( إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاةِ , ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ , ثُمَّ قُلِ : اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ , وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ ))

الدعاء :

اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيمن أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، وإنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت ولك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك ونتوب إليك ، اللهم اغفر ذنوبنا ، واستر عيوبنا واقبل توبتنا وفك أسرنا وأحسن خلاصنا ، وبلغنا مما يرضيك آمالنا واختم بالصالحات أعمالنا مولانا رب العالمين ، اللهم إنا نعوذ بك من الفقر إلا إليك ، ومن الذل إلا لك ، ومن الخوف إلا منك نعوذ بك من عضال الداء ، ومن شماتة الأعداء ، ومن السلب بعد العطاء ، اللهم بفضلك ورحمتك ، أعلِ كلمة الحق والدين وانصر الإسلام وأعز المسلمين والدين وانصر الإسلام وأعز المسلمين وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنه على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير . 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور