وضع داكن
28-03-2024
Logo
قوانين القرآن الكريم - الدرس : 18 - قانون الدعاء
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

قانون الدعاء :

 أعزائي المشاهدين ... أخوتي المؤمنين ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، ولازلنا في قوانين القرآن الكريم ، والقانون اليوم ( قانون الدعاء )

الدعاء مخ العبادة :

 أيها الأخوة ، الدعاء هو العبادة ، بل الدعاء مخ العبادة ، والله عز وجل يقول :

﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ﴾

( سورة الفرقان الآية : 77 )

لولا أنكم تدعونه لا يعبأ بكم ، لماذا ؟ لأن الدعاء يعني أول ما يعني أنك مؤمن بوجود الله ، وإلا لما دعوته ، ما دمت مؤمناً بوجود الله فأنت تدعوه ، وأنت مؤمن أيضاً بأنه يسمعك ، بل إن الله جلّ جلاله إن تكلمت يسمعك ، وإن تحركت يراك ، وإن أضمرت شيئاً يعلمه ، تؤمن بوجوده ، و بأنه مطلع عليك ، ظاهراً وباطناً ، ولولا أنك مؤمن أيضاً بقدرته .

﴿ إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾

( سورة الأحقاف )

 وأمره :

﴿ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾

( سورة يس )

(( ما شاءَ اللهُ كانَ ، وما لم يشأْ لم يكن ))

[أخرجه أبو داود عن بعض بنات النبي صلى الله عليه وسلم ]

 وأن الله :

﴿ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾

( سورة البروج )

 وكل شيء وقع أراده الله ، وكل شيء أراده الله وقع ، لو لم يكن الله جلّ جلاله أمره كن فيكون لما دعوته .

 

قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ : هذه الآية أصل في الدعاء :

 أيضاً لولا أنك مؤمن برحمته ، وبأنه يحب عباده ، وبأنه يحب سلامتهم وسعادتهم لما دعوته ، إذاً هذه آية دقيقة جداً :

﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ﴾

 يعبأ بكم إذا دعوتموه ، لأنكم إذا دعوتموه آمنتم بوجوده ، وبعلمه ، وسمعه ، وآمنتم بقدراته ، وآمنتم برحمته ، فأنت أيها الإنسان لا يمكن أن تدعو جهة ليست موجودة ، بل لا تدعو جهة لا تسمعك ، بل لا تدعو جهة ليست قديرة ، بل لا تدعو جهة لا تحبك .
 إذاً هذه الآية أصل في الدعاء .

 

الله تعالى يحب الملحين بالدعاء :

 أيها الأخوة الكرام ، كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب ، فالآية الدقيقة هي قوله تعالى :

﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾

( سورة غافر الآية : 60 )

 أي أنه ما أمرنا أن ندعوه إلا ليستجيب لنا ،

﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾

 هو ينتظر أن ندعوه ، يحب الملحين بالدعاء ، يحب من عبده أن يسأله شسع نعله إذا انقطع ، يحب من عبده أن يسأله ملح طعامه ، يحب من عبده أن يسأله حاجته كلها ، يحبنا أن ندعوه لأنه ينتظر دعاءنا ليسعدنا ويسلمنا في الدنيا والآخرة ، هذا معنى قوله تعالى :

﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾

عدم وجود أي حجاب بين العبد و ربه :

لكن هناك آية دقيقة وهي أن الله سبحانه وتعالى يقول :

﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ﴾

( سورة البقرة الآية : 186 )

 هناك آيات كثيرة ، فيها كلمة قل بين السؤال والجواب :

﴿ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ﴾

( سورة البقرة الآية : 219 )

 من هذه الآية هناك عشرات ، إلا أن هذه الآية الوحيدة في كتاب الله ليس بين السؤال والجواب كلمة قل ، أي ليس بينك أيها الإنسان وبين الواحد الديان وسيط ولا حجاب .

﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾

( سورة البقرة الآية : 186 )

شروط الدعاء المقبول :

 أما شروط الدعاء :

1 ـ الاستجابة لله :

﴿ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي ﴾

( سورة البقرة الآية : 186 )

2 ـ الإيمان به :

 أن يطبقوا منهجي .

﴿ وَلْيُؤْمِنُوا بِي ﴾

( سورة البقرة الآية : 186 )

 بعد الإيمان بي :

﴿ لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾

( سورة البقرة)

 إلى الدعاء المستجاب ، إذاً تبين من هذه الآية أن شروط الدعاء أن تؤمن بالله أولاً ، وأن تستجيب له ثانياً ، عندئذٍ تعرف ماذا تسأله ، تسأله من خير الدنيا والآخرة إذاً :

﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾

من اشتق من كمال الله عز وجل كمالاً تقرب به إليه كان مستجاب الدعوة :

 أيها الأخوة ، يقول الله عز وجل :

﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾

( سورة الأعراف الآية : 180 )

 يعني كأن الله سبحانه وتعالى أرشدنا إلى أحد الأسباب الفعالة في استجابة الله لدعائنا ، يعني الله عز وجل صاحب الأسماء الحسنى ، والصفات الفضلى ، فإذا التقطت من كماله كمالاً وتقربت به إليه فإنك عندئذٍ مستجاب الدعوة .
يعني الله رحيم فإذا اشتققت من رحمته رحمة رحمت بها عباده ، إن أردتم رحمتي فارحموا خلقي ، فرحمتك لعباده أحد الأسباب الفعالة في استجابة دعائك .
 الله عز وجل عدل إذا كنت منصفاً في معاملة العباد فالله سبحانه وتعالى يستجيب لك ، هذا معنى قول الله عز وجل

﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾

 أي توصلوا بكمال مشتق من كمال الله ، اجعلوه وسيطاً بينكم وبين الله كي يستجيب دعاءكم .

 

الإخلاص في الدعاء عامل أساسي في الاستجابة لك :

 أيها الأخوة الكرام ، الله عز وجل يقول :

﴿ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ ﴾

( سورة غافر الآية : 65 )

 لابدّ من الإخلاص أن تدعوه قلباً وقالباً ، أن تدعوه بلسانك وبجنانك ، أن تدعوه ولا ترجو سواه ، أن تدعوه وأنت موقن بالإجابة ، أن تدعوه وأنت مؤمن أنه واحد لا شريك له ، بيده الأمر ، هو المعطي ، هو المانع ، هو الخافض ، هو الرافع ، هو المعز ، هو المذل هذا مما يفهم من قول الله عز وجل

﴿ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ ﴾

آداب الدعاء :

1 ـ التضرع لله عز وجل و التذلل له أثناء الدعاء :

 أيها الأخوة الأحباب ، الله جلّ جلاله يبين في بعض الآيات القرآنية آداب الدعاء الله عز وجل يقول :

﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾

( سورة الأعراف )

أولاً يحبك أن تتضرع له ، أن تتذلل له ، لأنه إن خضعت له وتذللت يرفع شأنك ، ويعلي قدرك ، ويعزك ، من هنا كان من آداب الدعاء أن تدعوه متضرعاً ، متذللاً ، أن تمرغ جبهتك في أعتاب الله عز وجل ، الله عز وجل مكافأة لك على عبوديتك لله عز وجل يعلي قدرك ويرفع ذكرك ، وينصرك على من هو أقوى منك .

2 ـ ألا ترفع صوتك بالدعاء :

 أدب آخر من آداب الدعاء : ألا ترفع الصوت بالدعاء ، لأن الله عز وجل يسمعك لو دعوته بقلبك ، وهناك شاهد دقيق يقول الله عز وجل يتحدث عن سيدنا زكريا فيقول :

﴿ إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً ﴾

( سورة مريم )

 يعني بإمكانك أن تدعوه بقلبك دون أن تحرك شفتيك ، فالله عز وجل يسمعك ويعلم ما في قلبك ، ويراك .
 إذاً من آداب الدعاء التضرع أولاً وخفض الصوت بالدعاء ثانياً ، أما رفع الصوت ، والتفاصح ، والتقعر في اللغة ، فهذا لا يرضي الله عز وجل ، يريد قلباً خاشعاً يريد قلباً منيباً .

3 ـ أن تجمع بين الخوف و الرجاء أثناء الدعاء :

 أدب آخر من آداب الدعاء ، أيها الأخوة الأحباب ، يقول الله عز وجل :

﴿ وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً ﴾

( سورة الأعراف الآية : 56 )

 أي ينبغي أن تجمع بين الخوف والرجاء ، لا أن تجعل الخوف يفضي بك إلى اليأس ، ولا أن تجعل من الرجاء سبباً لعدم استقامتك على أمره ، ينبغي أن تعبده خائفاً ، وأن تعبده طائعاً ، وقد ورد في بعض الآثار القدسية أن يا رب :

 

(( أي عبادك أحب إليك حتى أحبه بحبك ؟ قال : أحب عبادي إليّ تقي القلب ، نقي اليدين ، لا يمشي إلى أحد بسوء ، أحبني ، وأحب من أحبني ، وحببني إلى خلقي ـ لكن الشاهد في تتمة هذا الأثر ـ قال : يا رب تعلم إني أحبك ، وأحب من يحبك ، فكيف أحببك إلى خلقك ؟ قال : ذكرهم بآلائي ، ونعمائي ، وبلائي ـ أي اجمع بين الخوف والرجاء ـ ذكرهم بآلائي كي يعظموني ، وذكرهم بنعمائي كي يحبوني ، وذكرهم ببلائي كي يخافوني ))

 

[ الدر المنثور عن ابن عباس]

استجابة الله للمضطر و المظلوم و لو لم تتوافر فيهما شروط الدعاء لرحمته العظيمة :

 أيها الأخوة الكرام ، حقيقة دقيقة جداً : هي أن شروط الدعاء ذُكرت في آيات كثيرة أن تؤمن بالله أولاً ، وأن تستجيب له ثانياً ، وأن تدعوه مخلصاً ثالثاً ، وأن تخفض صوتك بالدعاء ، وأن يكون مع الدعاء تضرع ، وأن تدعوه راجياً ، وخائفاً ، هذه شروط الدعاء وردت في آيات القرآن الكريم ، ولكن رحمة الله العظيمة أن هذه الشروط لو لم تحقق في إنسان كان مضطراً إلى استجابة دعائه ، يقول الله عز وجل :

﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾

( سورة النمل الآية : 62 )

 المضطر يستثنى من شروط الدعاء ، الله عز وجل يستجيب له لا لأنه مؤهل بدعائه ، بل لأن الله عز وجل برحمته استجاب له ، أما الشيء الخطير هو أن الله عز وجل يستجيب أيضاً للمظلوم ، فقد قال عليه الصلاة والسلام :

 

(( اتقوا دعوة المظلوم ولو كان كافراً فإنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا ، وَبَينَ اللهِ حِجَابٌ ))

 

[ أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن عبد الله بن عباس ]

 فالإنسان يجب أن يعلم علم اليقين أن المضطر ، وأن المظلوم يستجيب الله لهما ولو لم تتوافر فيهما شروط الدعاء .
 أيها الأخوة الكرام ، إلى لقاء آخر إن شاء الله تعالى . 

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور