وضع داكن
18-04-2024
Logo
عقل وقلب - الندوة : 08 - من استغنى عن محبة الله له عقاب شديد ـ هناك خط في البحر يمنع اختلاط البحرين معاً
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الأستاذ جميل :
السلام عليكم ورحمة الله أيها الأخوة والأحبة ، أسعد الله أوقاتكم بكل خير ، وأهلاً بكم في لقاء جديد في برنامجنا عقل وقلب .
الحبّ مصدر سعادة وهناء ، ففيه الرضا ، وفيه القبول ، وفيه الخير لكل الناس ، فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ، سؤالي هل يستحق أحد من الموجودات أن يقدم حبه على حب الله سبحانه وتعالى ؟ .

 

السعادة الحق بيد الله وحده و الخاسر من توجه لغير الله تعالى :

الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم .
بجهل الإنسان وتوهمه يظن أن مخلوقاً دون الله يسعده ، والحقيقة المطلقة أن السعادة الحق بيد الله وحده ، فإذا التفت إلى الله وأقبلت عليه ، امتلأ القلب سعادة ، قال تعالى :

﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾

( سورة الرعد )

فلذلك أكبر مغبون ، وأكبر خاسر ، وأكبر متورط ، وأكبر مغامر ، وأكبر مقامر من توجه إلى غير الله ، ماذا عنده ؟ ليس عنده شيء ، هذا الذي تؤكده الآية الكريمة :

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾

( سورة النساء الآية : 48 )

هذا المعنى الدقيق في أن الشرك لا يغفر ، أسوق لتوضيحه هذا المثل :
لو أن إنساناً (نحن في دمشق)

تاجراً له في حلب مبلغ ضخم جداً بالملايين ، والذي عليه هذا المبلغ وعده في أحد الأيام إذا أتاه إلى حلب ينقده المبلغ عداً بالتمام والكمال ، ركب قطاراً ، أخذ بطاقة من الدرجة الأولى ، لكن خطأ جلس في مقطورة من الدرجة الثالثة هذا خطأ ، لكن القطار باتجاه حلب ، جلس بعكس اتجاه القطار ، أصيب بالدوار ، هذا خطأ ، لكن القطار متجه إلى حلب ، جلس مع شباب غير منضبطين ، فانزعج أشد الانزعاج ، هذا خطأ ثالث ، لكن القطار متوجه إلى حلب ، تلوى من الجوع ولا يعلم أن في القطار عربة فيها مطعم ، هذا خطأ رابع ، لكن القطار متجه إلى حلب ، لكن الخطأ الذي لا يغفر ، أن تركب قطار درعا ، ما في شيء .

 

من أحبّ غير الله عز وجل احتقر نفسه :

إذا توجهت إلى غير الله ، غير الله عبد مثلك ، فقير ، وقد يكون لئيماً ، وقد يكون صاحب أثرة ، وقد يستغلك ، وعند الضرورة لا يستجيب لك ، وقد يملك ولا يستجيب ، وقد لا يملك ، فالخطأ الكبير الفاحش ، الفادح ، المغامرة ، المقامرة ، الغباء ، الحمق ، الخسارة ، الغبن أن تتجه إلى غير الله ، قال تعالى :

﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾

( سورة البقرة الآية : 165 )

لكن عظمة المؤمن :

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ﴾

( سورة البقرة الآية : 165 )

المؤمن يحب الله ، المؤمن لا يليق به أن يجير لغير الله ، يعني أنت حينما تحب غير الله تحتقر نفسك .

(( عبدي خلقت لك ما في السماوات والأرض ، ولم أعيَ بخلقهن ، أفيعييني رغيف أسوقه لك كل حين ؟ لي عليك فريضة ، ولك علي رزق ، فإذا خالفتني في فريضتي لم أخالفك في رزقك ، وعزتي وجلالي إن لم ترضَ بما قسمته لك فلأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحش في البرية ))

[ورد في الأثر]

أحب غير الله ، أحب المال ، أحب النساء ، أحب العلو في الأرض ، أحب البيوت الفارهة على حساب دينه ، ارتكب أعمالاً محرمة من أجل المال .
فهذا الإنسان حينما يكتشف أنه خاسر خسارته لا تعوض

﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ﴾

من توجه إلى غير الله و اعتمد عليه وقع في الشرك :

الآن يوجد بالآية ملمح دقيق جداً :

﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾

( سورة البقرة الآية : 165 )

هؤلاء الذين ظلموا ، وأحبوا غير الله ، هؤلاء الذين أحبوا الفاني ، إما أن تكون عبداً لله ، وإما أن تكون عبداً لعبد لئيم ، هؤلاء الذين توجهوا إلى غير الله ، غير الله ما عنده شيء يقدمه لك ، عنده وعود فارغة ، حتى الشيطان الذي هو سبب غواية الإنسان :

﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ﴾

( سورة إبراهيم الآية :22 )

أي ضحكت عليكم .

﴿ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾

( سورة إبراهيم )

توجهوا إلى غير الله ، اعتمدوا على غير الله ، وضعوا ثقتهم بغير الله ، توكلوا على غير الله ، عقدوا آمالهم على غير الله ، خافوا غير الله ، هذا هو الشرك .

﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً ﴾

( سورة البقرة الآية : 165 )

الأنبياء العظام أعقل بني البشر لأنهم وصلوا إلى أصل الجمال :


هو لماذا تاجر بالمخدرات ؟ من أجل أن يسكن قصراً جميلاً ، أن يتزوج بامرأة بارعة الجمال ، أن يركب مركبة فارهة ، حبّه للجمال في البيت ، وفي المركبة ، وفي المزرعة ، وفي المرأة ، دعاه إلى ارتكاب الحرام ،

﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ ﴾

أن قوة الجمال

﴿ لِلَّهِ جَمِيعاً ﴾

هو أصل الجمال ، هو الذي منح هذه الطبيعة مسحة من جماله ، هو الذي منح هذه المرأة مسحة من جماله ، هو الذي منح هذا الطفل الصغير مسحة من جماله ، هو الذي أعطى هذا الطعام هذا الطعم الطيب .
فكل جمال في الأرض مشتق من جمال الله ، فالأنبياء العظام هم أعقل بني البشر لأنهم وصلوا إلى أصل الجمال .

فـلو شاهدت عيناك من حسننا الذي رأوه لما وليت عنا لغيرنـا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنا خلعت عنك ثياب العجب وجئتنـا
ولو ذقت مـن طعم المحبة ذرة عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنـا
* * *
ولو نسمت من قربنا لك نسمة لمــــت غريباً واشتياقاً لقربنا
فما حبنا سهل وكل من ادعى سهولته قلنا له قــــد جهلتنا
فأيسر ما في الحب بالصب قتله وأصعب من قتل الفتى يوم هجرنا
* * *

من أحبّ الله عز وجل وصل إلى كل شيء :

هذا الذي أحب الله وصل إلى كل شيء .

(( ابن آدم اطلبني تجدني فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء ، وأنا أحب إليك من كل شيء))

[تفسير ابن كثير]

وأنا أقول دائماً : يا رب ماذا وجد من فقدك ؟ وماذا فقد من وجدك ؟ وإذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟
إذاً أكبر حماقة ، وأكبر غباء ، وأكبر حمق ، وأكبر خطأ ، وأكبر خسارة ، وأكبر تورط ، وأكبر مقامرة ، أن تحب غير الله ، لأنه حبه سيزول .
وأحياناً تكون المصالح محققة في وقت من الزمان ، يكون الحب مصطنعاً ، فإذا انتهت المصالح انقطعت هذه المحبة ، لكن محبة الله عز وجل محبة دائمة ،

﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً ﴾

الأستاذ جميل :
فضيلة الدكتور قد يجول في خاطر بعض الناس عبارة مفادها لماذا أحب الله ؟ لاسيما إن كان صاحب هذه المقالة إن كان غنياً يستغني عن ربه ، أو كان قوياً يرى في قوته أيضاً استغناءً عن ربه ، ويقول إنما أوتيته على علم عندي كما جرى مع قارون ، فما قولكم في ذلك ؟.

 

بطولة الإنسان أن يعرف أن الله عز وجل على كل شيء قدير :

الدكتور راتب :
الحقيقة الذي يتوهم أن الغني بعيد عن معالجة الله إنسان أحمق ، لأن الله عز وجل إن صحّ التعبير خياراته مع الإنسان لا تعد ولا تحصى ، فالذي يعتمد على ماله يسوق الله له شدة لا يجدي معها المال .
أعرف إنساناً أنا أظنه صالحاً ، ولا أزكي على الله أحداً ، قال لي مرةً : الدارهم مراهم ، تحل بها كل المشكلات ، فابتلاه الله بمشكلة جعلته في المنفردة 64 يوماً ، ويأتيه كل يوم آلاف الخواطر ، هل تحل هذه بالمال ؟ الذي اعتمد على ماله يؤدبه الله بمشكلة لا تحل بالمال .
أعرف إنساناً آخر في أعلى درجة من التألق ، شهادات عليا ، دخل فلكي ، فجأة أصيب بفقد بصر ، زاره صديقه ، وصديقه صديقي ، قال له : والله يا فلان أتمنى ألا أملك من الدنيا إلا هذا المعطف ، وأن أجلس على الرصيف أتسول ، وأن يرد لي بصري .
من اعتمد على ماله أدبه الله بتأديب لا ينفع فيه المال ، من اعتمد على مكانته وعلى منصبه أدبه الله بشيء تحار فيه العقول .
فالبطولة ألا تصل مع الله إلى طريق مسدود ، البطولة أن تعرف أن الله على كل شيء قدير ، وأن الناس في قبضة الله كانوا أغنياء أو فقراء ، الإنسان في قبضة الله .

الخاسر من وصل مع ربه إلى طريق مسدود :

الذي يتوهم أن المال يحميه من قضاء الله وقدره إنسان جاهل ، لكن كما قال بعضهم : عرفت الله من نقض العزائم ، إنسان يريد أن يعيش حياة بالغة الرفاه .
أعرف رجلاً له دار لهو (سينما) ابن أخته تلميذي ، أصيب بمرض خبيث في مقتبل حياته ، فكان في زيارة خاله فبكى ، قال له : جمعت أموالاً طائلة كي أستمتع بها في الحياة فإذا المرض يداهمني ، وأُحيل بيني وبين الاستمتاع بهذا المال ، هذا المال جمعه على حساب أخلاق الشباب ، وإفساد الشباب ، وعلى حساب صمود الشباب ، أمام المغريات .
لذلك الله كبير ، فأنت أحببت غير الله وقعت في ورطة كبيرة جداً ، وخسرت الآخرة .

﴿ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾

( سورة الزمر الآية : 15 )

الأستاذ جميل :
نحن على عدة للسادة المشاهدين أن نتابع في غذاء العقل ، من القلب إلى العقل ومعكم فضيلة الدكتور .

 

لقطات في القرآن الكريم تبين أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن:

الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
نحن ننطلق من أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن ، الكون كله يشهد أن هذا القرآن كلامه ، من اللقطات الرائعة أن وكالة فضاء كبرى في العالم لها موقع في الانترنيت ، عرضت سورة إذا تأملتها لا تشك لثانية واحدة أنها وردة جورية ، وردة بكل معاني هذه الكلمة ، بأوراقها الحمراء الداكنة ، ووريقاتها الخضراء الزاهية ، وكأسها الأزرق في الوسط ، تأملها جيداً وردة جورية ، كُتب تحتها : صورة انفجار لنجم اسمه عين القط يبعد عن الأرض ثلاثة آلاف سنة ضوئية .

﴿ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾

( سورة المؤمنون )

آية في كتاب الله حار بها المفسرون ، هي قوله تعالى :

 

﴿ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾

( سورة الرحمن )

أنا أُشهد الله أنه ما من تفسير لهذه الآية أشد دقة من هذه الصورة ، هذه الصورة ظهرت حديثاً قبل عشر سنوات ، أما هذه الآية نزلت قبل ألف و أربعمئة عام .

 

في القرآن الكريم سبق علمي وإشارات إلى أشياء لم تكن معروفة وقت نزول الوحي :

إذاً كلام الله عز وجل فيه أدلة أنه كلام الله ، من هذه الأدلة ما يسمى بالإعجاز العلمي ، أو بالسبق العلمي ، فلقطات في القرآن الكريم تبين أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن .
إنسان يركب طائرة حديثة جداً ، ولتكن 777 ، في الدرجة الأولى ، مقاعد وثيرة أمامه الصحف والمجلات ، أنواع الأطعمة الفاخرة ، أنواع المشروبات الفاخرة ، طبعاً قهوة وشاي ، كل شيء ، الانترنيت أمامه ، محطات الفضاء أمامه ، يفتح كتاب الله ليقرأ :

﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا ﴾

( سورة النحل الآية : 8 )

طبعاً هو يركب طائرة ، فيها أربعمئة راكب ، على ارتفاع 43 ألف قدم ، مكيفة ، طعام نفيس ، شراب نفيس ، صحف ، مجلات ، محطات فضائية ، أخبار ، أين الحمار والبغل من هذه الطائرة ؟ هو يقرأ قرآناً ،

﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا ﴾

﴿ وَزِينَةً ﴾

( سورة النحل الآية : 8 )

أما حينما يتابع الآية يخر لله ساجداً :

 

﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

( سورة النحل )

هذا كلام الله ، في وقت نزول الوحي كانت الخيل والبغال والحمير ، لكن في عصور لاحقة تكون الطائرة ، واليخت ، والباخرة ، وما إلى ذلك ، والسيارة ،

﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

لأنه كلام خالق السماوات والأرض ، لأن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن ، جاءت تتمة الآية

﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

إذاً في القرآن الكريم سبق علمي وإشارات إلى أشياء لم تكن معروفة وقت نزول الوحي إطلاقاً .

 

الإعجاز في القرآن الكريم سبيل المسلم ضد الطرف الآخر :

أستاذ جميل ، القرآن طافح بهذه اللقطات ، هذه تؤكد أن القرآن كلام الله عز وجل ولن تستطيع أن تواجه إنساناً معترضاً على كلام الله ، إلا بهذه الأدلة ، مثلاً الله عز وجل يقول :

﴿ غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ﴾

( سورة الروم )

من معاني هذه الآية أن كلمة

﴿ أَدْنَى ﴾

تشير إلى أخفض مكان في الأرض ، قبل اكتشاف أشعة الليزر ما كان الإنسان يعرف أي مكان في الأرض أشد انخفاضاً ؟ أما الآن هذه الأشعة يقيسون بها بعد الأرض عن القمر بالمليمترات ، يرسلون أشعة إلى القمر ثم ترتد إليهم ، الآن مع المهندسين جهاز ليزري ، تطلق أشعة إلى الحائط وتعود ، يقول لك الجدار يبعد عنك 3 أمتار و83 سنتيمتر ، و4 ميلي ، بعد اكتشاف أشعة الليزر تبين أن أخفض مكان في الأرض هو غور فلسطين ، أنا سافرت إليه ، في الطريق لوحة كتب عليها 6 متر تحت سطح البحر ، أخفض منطقة في العالم هي غور فلسطين ، وتؤكد الدراسات الداخلية أن معركة الروم والفرس كانت في غور فلسطين ، قال تعالى :

﴿ غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ﴾

الأستاذ جميل :
مع أنها إشارة عابرة فضيلة الدكتور ، وليست مقصودة لذاتها .
الدكتور راتب :

 

فحوى دعوة الأنبياء واحدة لأنها من مصدر واحد :

هناك بهذه الآية ملمح رائع جداً ، أن هناك مشتركاً بين المسلمين وبين أهل الكتاب لهذا المشترك أثبت الله فرح الصحابة بانتصار الروم على الفرس ، لولا هذا المشترك لما كان من معنى لإثبات فرح الصحابة ، أنت بعيد عن معركة ، طرفان ، الطرف الأول هم الروم أهل الكتاب ، والطرف الثاني الفرس ، قال تعالى :

﴿ غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ﴾

هذا معنى قوله تعالى :

﴿ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ﴾

( سورة البقرة الآية : 285 )

الأنبياء جميعاً جاؤوا من مشكاة واحدة ، قال تعالى :

 

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾

( سورة الأنبياء )

.

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ ﴾

أي فحوى دعوة الأنبياء واحدة ، لأنها من مصدر واحد ، هذه الآية تؤكد هذه الحقيقة ، وفرح الصحابة الكرام بانتصار الروم يؤكد المشترك العقدي بين المسلمين وبين أهل الكتاب .

 

التفكر في آيات الله تعالى طريق الإنسان للوصول إلى إعجاز القرآن الكريم :

هناك أدلة كثيرة تؤكد أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن ، قال تعالى :

﴿ وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾

( سورة الحج )

الذي يذهب إلى بيت الله الحرام ، قد يأتي من مكان بعيد ، فجاءت الآية :

﴿ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾

أنت تتوهم كلمة بعيد أوضح ، وعلى كل ضامر يأتين من كل فج بعيد فإذا بالآية تقول

﴿ وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾

لأن الأرض كرة ، ولأنك إذا ابتعدت عن إحدى نقاطها ، لم يكن الخط مستقيماً ، بل كان منحنياً ، لذلك قال تعالى :

﴿ وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾

والعمق يؤكد كروية الأرض ، الأرض ليست مسطحة ، إنها كرة ، هناك أدلة كثيرة تشعر أن هذا القرآن كلام الله ، أن هذا القرآن وحي الله ، أن هذا القرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
مثلاً : الله عز وجل حينما أمرنا أن نفكر في خلق السماوات والأرض والآية الأصل في هذا الموضوع :

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾

( سورة آل عمران )

وجود خط في البحر يمنع اختلاط البحرين معاً آية من آيات الله تعالى حيرت العلماء :

من هذه الآيات :

﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾

( سورة الرحمن )

أيضاً هذه الآية أوقعت علماء التفسير في حيرة ، ماذا تعني ؟ أحد رواد الفضاء حينما اقترب من الأرض بسفينته الفضائية ، رأى خطاً بين كل بحرين ، هو خط وهمي ، خط تمايز اللونين ، هذه الرؤيا سُجلت ، أحد علماء البحار تابعها ، إلى أن اكتشف أن مياه كل بحر لا يمكن أن تختلط بمياه البحر الآخر ، بين كل بحرين حاجز ، لم تُعرف طبيعته حتى الآن ، لكل بحر ملوحته ، ومكوناته ، وكثافته ، ولا يمكن أن تختلط مياه البحر بمياه الآخر ، وهذا يبدو جلياً في الفواصل بين البحار ، في قناة السويس ، وفي باب المندب ، وفي جبل طارق ، وفي خليج البوسفور ، حتى إن العلماء نزلوا إلى قاع البحر عند هذه الفواصل الحرجة ، فإذا بجدار بين البحرين هذا الجدار عندي له صور دقيقة جداً ، إذاً هذه الآية التي حيرت العلماء

﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾

نعود ونقول إن الذي خلق الأكوان ، هو الذي أنزل هذا القرآن .

 

خاتمة و توديع :

الأستاذ جميل :
جزاكم الله خيراً فضيلة الدكتور وأحسن إليكم على هذا التوضيح ، والتبيين ، والجمع فيما بين القلب والعقل ، والشكر لكم مشاهدينا الأعزاء إلى لقاء قادم نستودعكم الله .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور