وضع داكن
18-04-2024
Logo
ومضات إيمانية لرمضان 1425 - الدرس : 39 - الآية 41 من سورة فاطر
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 


 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 أيها الإخوة الكرامإذا كان أحدكم في طابق مرتفع، ورأى مركبة من أعلى، رآها تقف عند الإشارة الحمراء، فلما أصبحت خضراء انطلقت، فلما اقترب منها طفل أطلقت بوقها، فلما رأت اتجاهاً إجبارياً نحو اليمين انعطفت، هذا الذي يرى المركبة من علٍ، ولا يرى من فوق سائقها بماذا يحكم ؟ فيها سائق بالمئة مئة، لأن المادة لا تعقل، حديد، وبترول، ومواد من أصل كيميائي، هذه لا يمكن أن تعقل، الآن نحن أمام آية من آيات الله الدالة على عظمته، يقول الله عز وجل في سورة فاطر:

﴿إِلَّا غُرُوراً (40) إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً (41) ﴾

(سورة فاطر)

 أيها الإخوة، هذا الذي سأتلوه عليكم من الحقائق من المسلّمات والبديهيات مما يقرأه الطلاب في المرحلة الثانوية، الأرض تدور حول الشمس بسرعة ثلاثية كيلو مترًا في الثانية، نحن في هذه الصلاة استمرت ستين دقيقة، بستين ثانية، ثلاثة آلاف وستمئة، في كل ثانية ثلاثون كيلو مترًا ضرب ثلاثين ثلاثة آلاف وستمئة، ضرب ثلاثين، حتى الآن قطعنا في رحلتنا حول الشمس مئة وثمانية آلاف كيلو متر من دمشق إلى اللاذقية ثلاثمئة وستون حول الأرض، أربعون ألفًا ! مئة وثمانية آلاف من بدء صلاة التراويح حتى الآن.
 فالأرض تدور حول الشمس، ولكن المسار ليس دائرياً، بل هو بيضوي، ومعنى هذا أن له قطرين، قطرًا أكبر وقطرًا أصغر، الآن الأرض في مسيرتها حول الشمس حينما تصل إلى القطر الأصغر هناك احتمال أن قوى التجاذب بين الكواكب يحكمها الكتلة والمسافة، فإذا قلّت المسافة ازدادت قوة الجذب، فحينما تقترب الأرض من القطر الأصغر هناك احتمال أن تنجذب إلى الشمس، وإذا انجذبت قال بعض العلماء: نتبخّر الأرض في ثانية واحدة، لأن الحرارة في جوف الشمس في مركزها عشرون مليون درجة !
 إلهنا وربنا يزيد من سرعتها، إذا اقتربت من القطر الأصغر من أجل أن ينشأ من هذه الزيادة قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة، يد من ؟ الصخور بإمكانها أن تظهر هذه الحقائق، الآن تابعت سيرها، فوصلت إلى القطر الأكبر، هناك احتمال، لأن المسافة بينها وبين الشمس زادت، فتضعف قوى الجذب، يوجد احتمال أن تتفلت الأرض من مسارها حول الشمس، فتمشي بفضائها الخارجي، وتنعدم الشمس وحرارتها وضيائها، فتكون الأرض مقبرة جليديةً للبشر، وتنتهي الحياة، لذلك في هذه المنطقة الحرجة تتباطأ سرعتها لينشأ من تباطئها قوة نابذة أقلّ تكافئ القوة الجاذبة الأقلّ، ترتفع سرعتها، وتقلّ، لكن الشيء المحير اللطيف أن هذه الزيادة هي تسارع بطيء، والتباطؤ بطيء، لو كان التسارع سريعاً والتباطؤ سريعاً لانهدم كل ما على الأرض، وهذا من لطف الله عز وجل:

 

﴿إِلَّا غُرُوراً (40) إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً (41) ﴾

 والزوال هنا الانحراف، فإذا زالتا بالمعنى الأول، زالتا بالمعنى الثاني: تلاشتا، إما أن تتبخر في ثانية واحدة، أو تكون قبراً جليدياً لجميع الكائنات الحية، يد من ؟
أنت في أعلى طابق ترى مركبة تتحرك، عند الإشارة الحمراء توقفت، فلما تألقت الإشارة الخضراء انطلقت، فلما اقترب منها طفل أطلقت بوقها، فلما كان الاتجاه نحو اليمين إجبارياً انعطفت نحو اليمين، فيها سائق بالمئة مليون، وهذه الأرض التي تدور حول الشمس، تسرع تارة بتسارع بطيء، وتبطئ تارة بتباطؤ بطيء.
ولو أن هذه الأرض تفلتت من جاذبية الشمس، وسارت في الفضاء الخارجي، وأردنا جدلاً أن نعيدها نحتاج إلى مليون مَليون حبل فولاذي، قطر الحبل خمسة أمتار، وهذا الحبل الفولاذي الذي قطره خمسة أمتار يقاوم من قوى الشد ما يساوي مليوني طن.
الأرض منجذبة نحو الشمس بقوة تساوي مليونين ضرب مليون مليون، المليون مليون اثنا عشر صفرًا، ضرب مليونين أربعة وعشرون، أمامها ثمانية عشرة صفرًا، هذه قوة جذب الشمس للأرض، من أجل أن تحرفها عن خط مستقيم ثلاثة ميليمترات كل ثانية، هذه حقائق بديهية.

 

 

﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ﴾

 

(سورة فاطر)

﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾

 لو زرعنا هذه الحبال على الوجه المقابل للشمس لما كان بين الحبلين إلا خمسة أمتار، ومعنى هذا أنه لا طيران، ولا مواصلات، ولا سفن تعبر المحيطات، ولا زراعة، ولا شمس، نحن في غابة، فتأتي الآية الثانية:

 

﴿ (1) اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾

 

(سورة الرعد)

 أي بعمد لا ترونها، لذلك:

 

﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾

 إخواننا الكرام، هذه الآيات الكونية في القرآن الكريم أتمنى على كل واحد منا أن يتابعها، ويدقق فيها، لأنها طريق معرفة الله.

 

 

﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) ﴾

 

(سورة الجاثية)

 ما من طريق إلى تعظيم الله إلا عن طريق التفكر في آياته، وتفكر ساعة خير من قيام سنة !! لأننا على مشارف ليلة القدر، والآية الكريمة:

 

﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾

 

(سورة الزمر)

 طريق تقدير الله التفكر في خلقه، فإذا عرفنا الله، ثم عرفنا أمره تفانينا في طاعة الآمر، أما حينما نعرف الأمر، ولا نعرف الآمر نتفنن في التفلت من الأمر، فهذه الآية:

 

﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً (41) ﴾

 من هي القدرة التي يمكن أن تضبط حركة الكواكب ؟ لولا أن الكواكب تدور حول كواكب أخرى لأصبح الكون كتلة واحدة حسب قانون الجاذبية، الكون كله يصبح كتلة واحدة ! لكن الشيء العجيب أن كل كوكب في حركته الدائرية ينشأ عنها قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة.
مثل للتقريب: لو جئنا بسطح طاولة، وأتينا بكتلتين مغناطيسيتين متساويتين تساوياً تاماً، وكلفنا أحد الإخوة الكرام أن يضع بينهما كرة حديدية حيث لا تنجذب لا إلى اليمنى ولا إلى اليسرى، يبذل جهدًا يفوق حد الخيال، لو انزاحت واحدًا بالألف من الميل تنجذب، لو كان الكتلتين ليستا متساويتين فالأمرُ أصعب بكثير، يلزمها حسابات، أنا أفترض كتلتين متساويتين تماماً، لو أن الكتلتين مختلفتان في الحجم يلزمها رياضيات، لو كانت ثلاث كتل أصعب، أربعة أصعب، حسابات دقيقة جداً، لو كانت هذه الكتل في الفراغ كتلة عليا، وكتلة سفلى، وكتلة نحو اليمين، وكلفنا أحداً أن يضع كرة في الفضاء حيث تكون محصلة قوى التجاذب سكون هذه الكرة، هذا فوق طاقة البشر جميعاً.
الآن لو تحركت هذه الكرات، هي متحركة، ومتفاوتة في أحجامها، وأبعادها، وحركتها، والمحصلة كن مستقر.
 أيها الإخوة، شيء لا يصدق، هذه قوى التجاذب، ومن لطف الله عز وجل أن قوى التجاذب لا ترى بالعين، يمكن أن تمشي فيها، لا تراها بالعين، وهذا من لطف الله عز وجل، يمكن أن ننشئ بناء مئة طابق، أعلى من الأرض خمسين مترًا، وليس له علاقة بالأرض أبداً ! هل يوجد في الأرض كلها من يفعل هذا ؟ مئة طابق من إسمنت مسلح لا علاقة له بالأرض أبداً، منتصب، هناك قوى، لكنها غير مرئية، يمكن أن تمشي فيها، هذا من لطف الله عز وجل، فكلما تفكرنا في خلق السماوات والأرض كلما ازددنا خشية له وأطعناه.
لذلك:

 

 

﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) ﴾

 

(سورة آل عمران)

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور