وضع داكن
29-03-2024
Logo
خطاب الله للمؤمنين - الدرس : 20 - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

اختلاف مقاييس الله عز وجل عن مقاييس البشر في الترجيح بين البشر:

إن أكرمكم عند الله أتقاكم
أيها الأخوة الكرام، مع درس جديد من دروس يا أيها الذين آمنوا، آية اليوم:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12) ﴾

( سورة الحجرات)

أيها الأخوة، هناك مقاييس عند الله، المقاييس التي عند الله في الترجيح بين البشر غير المقاييس التي عند الناس في الترجيح بين البشر، من التباعد بين المقياسين تنشأ هذه الأمراض النفسية، السخرية، الاستعلاء، الكبر، الغيبة، النميمة، هناك مقاييس اعتمدها القرآن الكريم في الترجيح بين البشر، وهناك مقاييس اعتمدها الناس في الترجيح بين البشر.

اعتماد القرآن الكريم على مقياسين للترجيح بين البشر:

1 ـ مقياس العلم:

القرآن اعتمد مقياسين فقط، مقياس العلم ومقياس العمل، أما مقياس العلم ففي قوله تعالى:

﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

( سورة الزمر )

هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون
آية أخرى:

 

﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾

 

( سورة المجادلة )

فمقياس العلم هو المرجح الأول في القرآن الكريم.

2 ـ مقياس العمل:

والمقياس الثاني مقياس العمل:

﴿ و لِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ ﴾

( سورة الأنعام الآية: 132 )

الغنى والقوة والذكاء مقاييس اعتمدها البشر للترجيح فيما بينهم وهي مقاييس خاطئة:

أنت عند الله ترقى بعلمك وعملك، أما عند الناس مقاييس الناس مقاييس أخرى، الناس يُعظمون الأغنياء، ويُعظمون الأقوياء عملك يرقى بك عند الله
فالغني عند الناس مبجل محترم ولو كان غارقاً بالمعاصي والآثام، والقوي عند الناس معظم ومحترم خوفاً أو طمعاً، ولو كان غارقاً بالآثام والمعاصي، والوسيم يلفت النظر، والذكي يلفت النظر، الآن حينما تكون عند الناس قوياً بمالك أو بقوتك تسخر ممن لا يرقى إلى ما أنت فيه، وقد يكون هذا الذي تسخر منه قلامة ظفره تساوي عند الله مليون من أمثالك، قد يكون مدير عام وعنده حاجب، قد يكون الحاجب مؤمن، لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام:

(( كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ، يعني ثوبين باليين، لَا يُؤْبَهُ لَهُ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ))

[ الترمذي عن أنس بن مالك ]

(( رب أشعث أغبر ذي طمرين، مدفوع بالأبواب، لو أقسم على الله لأبره ))

[ أخرجه الحاكم في المستدرك وأبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة ]

من هنا ورد في بعض الآثار النبوية:

(( ابتغوا الرفعة عند الله ))

[ أخرجه ابن عدي في الكامل عن ابن عمر ]

الخلق كلهم عند الله سواسية ليس بينه وبينهم قرابة إلا طاعتهم له:

الخلق كلهم عند الله سواسية ويتفاضلون عند الله بالطاعات
الله عز وجل المقاييس التي وضعها للترجيح بين خلقه بإمكان أي إنسان أن يستخدمها ليصل لأعلى مرتبة عند الله، أول مقياس:

﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ

( سورة الحجرات الآية: 13 )

يعني هل تصدقون أن النبي عليه الصلاة والسلام ما فدى أحد من صحابته بأمه وأبيه إلا سعد بن أبي وقاص قال له في إحدى المعارك:

(( ارْمِ سَعْدٌ فِدَاكَ أَبِي وَأُمّي ))

[ أخرجه الشيخان عن علي بن أبي طالب ]

وكان إذا دخل عليه يقول:

(( هَذَا خَالِي، فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ ))

[ الترمذي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ]

(( ارْمِ سَعْدٌ فِدَاكَ أَبِي وَأُمّي ))

. قال له سيدنا عمر: يا سعد، لا يغرنك أنه قد قيل: خال رسول الله، فالخلق كلهم عند الله سواسية، ليس بينه وبينهم قرابة إلا طاعتهم له.

البطولة والذكاء والتوفيق أن تكون مقاييس الإنسان متطابقة مع مقاييس القرآن:

فقير مهمش، معتم عليك، من أسرة فقيرة، بوظيفة متواضعة، شاب في مقتبل العمر المقياس الذي يرفعك عند الله بمتناول يديك المؤمن يعظم أهل الإيمان ولو كانوا ضعفاء وفقراء
أحياناً هناك مكاسب لا يمكن أن تصل إليها بحكم انتمائك لا يمكن، أما عند الله تصل إلى كل الدرجات العالية وكن من شئت، أليس عبداً لله ؟ وهذا الكون يدلك على الله، وهذا المنهج طريقك إلى الرفعة عند الله، إذاً الحقيقة الأولى أن البطولة والذكاء والتوفيق أن تكون مقاييسك متطابقة مع مقاييس القرآن، أنا أقول لكم بكل صراحة المؤمن يُعظم ويُحترم ويُبجل أهل الإيمان ولو كانوا فقراء وضعفاء، لا أقول يحتقر لا، هو مؤدب جداً لكن لا يعبأ بهذه الموازين التي وضعها البشر.

(( من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه ))

[البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود]

لأنه موحد لا يخضع إلا لله، ولا يقدر إلا المؤمنين الصادقين، أي ممكن أن تدخل لبيت إنسان دخله محدود، والبيت يقدر بستين متراً ومتواضع جداً، والأثاث متواضع جداً، والوضع العام مؤلم، لكنك تعلم علم اليقين أن هذا الإنسان مستقيم تحترمه، وتبجله، وتوقره، وقد لا تحترم إنساناً يملك ملايين مملينة، لكنه غارق في المعاصي والآثام، الآن مبعث السخرية أنك اعتمدت مقياساً غير مقاييس القرآن، ولو عرفت مقام هذا الإنسان عند الله لوقفت أمامه متذللاً.

توزيع الحظوظ في الدنيا توزيع ابتلاء:

الآن نحن بحاجة إلى توضيح فكرة ثانية، الثانية أن الله وزع الحظوظ ما معنى حظ ؟ المال حظ، القوة حظ، قد يأتي ابن ملك قوي من الولادة قوي، القوة حظ، المال حظ، الوسامة حظ، الذكاء حظ، طلاقة اللسان حظ، الذكاء الاجتماعي حظ، هذه حظوظ الله عز وجل وزعها في الدنيا توزيع ابتلاء، يعني اعلم علم اليقين أنك ممتحن فيما أعطاك، غني الغنى مادة امتحانك عند الله، فقير الفقر مادة امتحانك عند الله، قوي القوى مادة امتحانك عند الله، ضعيف الضعف مادة امتحانك عند الله، وسيم جداً الوسامة مادة امتحانك مع الله، لا سمح الله دميم جداً، الدمامة مادة امتحانك عند الله، اعلم علم اليقين أنك ممتحن فيما أعطاك، ممتحن فيما زوى عنك، والحياة محدودة، والعمر قصير.
أنت ممتحن فيما أعطاك الله
للتوضيح إنسانان عاشا ستين عاماً، أحدهما امتحن بالفقر فصبر ولم يتأفف، وتجمل، وتعفف، ما تضعضع أمام غني، فقير دخله محدود، يعاني من قلة الدخل، وقد سعى سعياً حثيثاً لرفع دخله، فلم يستطع فبدأ يتدبر هذا الدخل المحدود ينفقه بحذر شديد وبعناية بالغة، هو امتُحن بالفقر فنجح، صبر، وتجمل، ولم يتشكَ، وعفّ، ولم يطمع إلى مال حرام، نجح، عاش ستين سنة، لا سمح الله ولا قدر امتحن بامتحان الغنى فاستعلى بماله على من حوله، سخر المال لمتعه المشروعة وغير المشروعة، لم يرَ أحداً إلا وقيّمه بالمال فقط، لذلك يسخر من الفقير، أحياناً بعض الأغنياء الذين ما عرفوا الله هذا البيت متسع لك ؟ أيسكن بهذا البيت ؟ ما عنده غير هذا البيت، أنت ماذا فعلت ؟ صغرته، هذا الراتب يكفيك ؟ لا يكفي ابنتي يوماً، إذا إنسان أخطأ وخطب ابنة غني وقال له أنا مهندس ودخلي كذا، لا يكفيك يوماً، يسخر، يسخر من أصحاب الدخل المحدود، يسخر ممن كان ضعيفاً ولم يكن قوياً، أحياناً الأسر تقع في هذا المطب، يكون عندهم بنات أحد الأصهار قوي له منصب رفيع أو غني، تجد كيفما تحرك يزار ويهنئ ويعزى، والصهر الفقير يكون ساكناً بطرف المدينة لو مات لا ينتبهوا له، هذا الواقع، هناك مقاييس يعتمدها الناس باطلة، إذا كنت مؤمناً تقدر المؤمن ولو كان فقيراً وضعيفاً.

المؤمن كتلة من الأدب متواضع لا يسخر من أحد:

السخرية من الآخرين ليست من الإيمان
إن كنت مؤمناً حقاً لا تعبأ بالغني ولا بالقوي، لا تعبأ بغير المؤمن ولو كان قوياً وغنياً هذا هو الولاء والبراء، راجع نفسك هل تعتمد مقاييس الناس في تقييم الناس ؟ أم تعتمد مقاييس رب الناس في تقييم الناس ؟ المؤمن مؤدب، والله الذي لا إله إلا هو أكاد أقول لك: إن المؤمن كتلة من الأدب متواضع، دخل عليه رجل فقير:

(( أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَكَلَّمَهُ، فَجَعَلَ تُرْعَدُ فَرَائِصُهُ، فَقَالَ لَهُ: هَوِّنْ عَلَيْكَ، فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ ))

[ ابن ماجه عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ]

إذا كنت كذلك لا تسخر من أحد لعله أرقى عند الله مكانة منك، لا تسخر، أنا مؤدب مع الجميع، مع الفقير، مع الغني، مع القوي، مع الضعيف، مع الصحيح، مع المريض، لكن يمكن دون أن تسمعه إذا كنت في نعمة وكان الذي أمامك في محنة أن تشكر الله أن عافاك من هذه المحنة، هذا من باب شكر الله عليك:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ (11) ﴾

( سورة الحجرات)

المؤمن لا يلمز و لا يغمز و لا يقلد لأن معرفته بالله جعلته متواضعاً:

المؤمن لا يقلد الآخرين
هناك من يُحقر الآخرين، هناك من يُحقر نفسه ليضحك الآخرين، هناك من يحاكي الآخرين بحركاتهم، بسكناتهم، بمشيتهم، بعبارات يرددونها:

﴿ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ (11) ﴾

( سورة الحجرات)

كان النبي عليه الصلاة والسلام ينادي أصحابه بأحب الأسماء إليه، من أنت ؟ هذا الصحابي الذي أسلم خلال دقائق، قال أنا زيد الخيل، بل زيد الخير، فالمؤمن مؤدب، حتى لو كان هناك معلماً و يوجد باسم طالب ما أحياناً اسم الأسرة يثير الضحك يناديه باسمه الأول، هناك عائلات لها ألقاب قديمة أو لها إشكالات معينة، دائماً المؤمن ينادي من حوله بأحب الأسماء إليهم، ولا يقلد أحداً، ولا يلمز، ولا يغمز، ولا يسخر، ولا يستعلي، هذا المؤمن لأن معرفته بالله جعلته متواضعاً، ومعرفته أيضاً أن هذا الذي أمامه قد تكون قلامة ظفره أفضل من الذي يسخر منه.

احترس من الناس بسوء الظن:

أيها الأخوة في الحديث الصحيح:

(( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث))

[مسلم عن أبي هريرة ]

ألم يقل ربنا عز وجل:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ (12) ﴾

( سورة الحجرات )

المؤمن لا يسيء الظن بالآخرين
بعض، يعني إنسان مؤمن، صادق، عفيف، ورع، مالك حق أن تتهمه بتهمة لم يكن أي مؤشر عليها، أمين، سوء الظن إثم، أما وجدته هناك أشياء إذا دخلت غطاها في بادرة، في حالات سوء الظن عصمة، في حالات احترس من الناس بسوء الظن، في حالات الحزم سوء الظن، دخل إلى بيته مباشرة زوجته وضعت الهاتف، تتكلم مع من ؟ لماذا اضطربت ؟ لماذا وضعت سماعة الهاتف في مكانها واضطربت ؟ معنى ذلك هناك شيء غلط، فأنت حينما ترى بادرة، مؤشر، علامة لخلل ينبغي ألا تكون ساذجاً، ينبغي أن تكون سيئ الظن، الله عز وجل ماذا قال ؟

 

﴿ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ (12) ﴾

 

( سورة الحجرات )

بعضه إثم:

﴿ اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ (12) ﴾

( سورة الحجرات )

هناك شخص سوداوي قناص، مشكك دائماً، يكون شخصاً بريئاً طاهراً عفيفاً، ما في أي مؤشر يشير إلى خطأه يتهمه، هذا خطأ كبير ومعصية كبيرة:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ (12) ﴾

( سورة الحجرات )

إذا في بوادر، في مؤشرات، في علامات، ينبغي أن تكون سيء الظن لأن النبي عليه الصلاة والسلام ورد عنه: احترس من الناس بسوء الظن.
وسوء الظن عصمة، والحزم سوء الظن، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي بشره عن أحد، لطيف لكن ليس ساذجاً، والله هناك مطبات في حياتنا لا يعلمها إلا الله .

 

الدنيا لا قيمة لها فعلى الإنسان أن يبتعد عن تتبع الأخبار السيئة:

إذا شخص ساذج يؤاخذ:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا (12) ﴾

( سورة الحجرات )

التجسس تتبع الأخبار السيئة:

﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12) ﴾

( سورة الحجرات )

(( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث))

[مسلم عن أبي هريرة ]

الموت ينهي كل شيء:

كتعليق على اللذين امتحنا، أحدهما امتحن بالغنى فلم ينجح، والآخر امتحن بالفقر فنجح افتراضاً الموت ينهي كل شيء
الآن هذا الفقير الذي عانى بالستين عاماً ما عانى استحق جنة عرضها السماوات والأرض إلى أبد الآبدين، وهذا الغني الذي تغطرس، واستعلى، وأنفق المال على ملذاته المحرمة، واحتقر من حوله، استحق النار إلى أبد الآبدين، الدنيا لا قيمة لها لذلك سيدنا علي يقول: الغنى والفقر بعد العرض على الله.
أنا أقيس عليها الوسامة والقبح بعد العرض على الله، أحياناً خادمة مستوى جمالها عشرة بالمئة، لكنها مؤمنة تصلي أتت من بلاد بعيدة كي تطعم أولادها الفقراء، وتؤدي فرائضها، هذه يوم القيامة ملكة جمال، والتي أعطاها الله جمالاً بارعاً، وتاهت بجمالها، وأفسدت الشباب بجمالها، وأظهرت مفاتنها هذه تأتي يوم القيامة دميمة، كما أن الغنى والفقر بعد العرض على الله، والوسامة والقبح بعد العرض على الله، والقوة والضعف بعد العرض على الله، والذكاء والغباء بعد العرض على الله، الموت ينهي كل شيء، ينهي قوة القوي، وضعف الضعيف، وغنى الغني، وفقر الفقير، ووسامة الوسيم، ودمامة الدميم، وذكاء الذكي، أبداً الموت ينهي كل شيء.

 

البطولة من يضحك آخراً:

هناك مقاييس أخرى يقيّم بها البشر يوم القيامة من هنا قال الله عز وجل:

﴿ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ ﴾

( سورة الواقعة )

لا تجسسوا
قد يكون مؤسسة فيها حاجب مؤمن، مستقيم، طاهر، دخله حلال، بيته منضبط ، والمدير العام متفلت، يوم القيامة ﴿ خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ ﴾. فالبطولة من يضحك آخراً هناك من يضحك أولاً، ولكن البطولة من يضحك آخراً.

 

(( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث))

 

[مسلم عن أبي هريرة ]

ولا تحسسوا، التحسس تتبع الأخبار الطيبة، فلان دخله كبير كم راتبه ؟ وهل لك تعويضات ؟ هذه المعلومات لا تحتاجها إطلاقاً، هذا تحسس، تتبع الأخبار الطيبة تحسس، تتبع الأخبار السيئة تجسس، ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تنافسوا.

(( لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَقَاطَعُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ))

[رواه مسلم عن أنس بن مالك]

(( المُسلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، وَلا يَحْقِرُهُ، كُلُّ المُسْلِمِ على المُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ ومَالُهُ وَعِرْضُهُ ))

[ رواه مسلم عن أبي هريرة ]

(( بِحسْبِ المْرِء مِنَ الشرّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلمَ ))

[ رواه الترمذي، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه ]

الابتعاد عن الغيبة و النميمة يقوي المجتمع ويطهره:

(( المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، ويشير إلى صدره، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وعرضه، وماله، إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ))

[رواه مسلم عن أبي هريرة وروى البخاري أكثره]

الآيات:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12) ﴾

( سورة الحجرات)

شخص قال لآخر: لقد اغتبتني ! فقال له: ومَن أنت حتى أغتابك ؟ لو كنت مغتاباً أحداً لاغتبت أبي وأمي، لأنهما أولى بحسناتي منك.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور