وضع داكن
28-03-2024
Logo
رمضان 1426 - الفوائد - الدرس : 10 - عشرة أشياء تحجب عن الله
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين

القرب من الله هو العطاء الأكبر:

 

 أيها الإخوة الكرام، الله جل جلاله الذات الكاملة، صاحب الأسماء الحسنى، والصفات الفضلى، الخالق المربّي المسيّر، هو الحقيقة الوحيدة في الكون، ولا حقيقة سواه، هو القوة المطلقة، هو الغني المطلق، هو الرحمة المطلقة، كل ما في الدين يدعو إلى القرب منه، وكل ما عند الشيطان يدعو إلى البعد عنه، لذلك أكبر عطاء إلهي أن يجعلك قريباً منه، وأكبر عقاب إلهي أن تكون محجوباً عنه.

﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾

( سورة المطففين )

من هو الله:

 هو المعطي وحده، هو المانع، هو الرافع، هو الخافض، هو المعز، هو المذل، هو الذي يؤتي الحكمة، هو الذي يملأ قلب المؤمن غنى، هو الذي يملأ قلب المؤمن أمناً، هو الذي يملأ قلب المؤمن رضاً، هو الخالق، هو الرزاق، هو المحيي، هو المميت:

 

﴿وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾

 

( سورة المائدة)

 عشرة أشياء تحجب عن الله

 

 موضوع الدرس اليوم: بما أن أكبر عقاب يصيب الإنسان أن يُحجَب عن الله، فما هي الأشياء التي تحجب عن الله ؟ كما أنه هناك عشرة أشياء ضائعة، هناك عشرة أشياء تحجب عن الله.

العقيدة الفاسدة أكبر ما يحجب عن الله:

 إن أكبر هذه الأشياء أن تكون العقيدة فاسدة،

الله قدر الكفر و المعصية

 أنت حينما تستمع إلى من يقول لك: إن الله قدّر على الإنسان الكفر والمعصية قبل أن يُخلق، ثم جعله في النار خالداً مخلداً، قد لا تجرؤ بعقلك الواعي أن تقول كلمة، بل قد لا تجرؤ أن تهمس همساً، لكن عقلك الباطن يرى أن هذا ظلم كبير، ماذا فعلت ؟ هذه عقيدة فاسدة، من هذه العقيدة هناك آلاف العقائد الفاسدة، هذه تحجب عن الله إما بعقلك الواعي، أو بعقلك الباطن، لا يليق بإله عظيم أن يعذبنا من دون سبب، أن يخلقنا للعذاب، أن تكون حياتنا مشحونة بالمصائب، أن يموت أناس من الشبع، وأناس يموتون من الجوع، أنت حينما تفسد عقيدتك تحجب عن ربك  دون أن تشعر، دون وعي منك، لكن حينما تستقيم عقيدتك، وحينما تعرف الحقيقة، تقرأ القرآن:

 

﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾

 

( سورة السجدة )

 لو تسأل عن معنى هذه الآية، هذه الآية تسبب بعقلك الباطن سوء ظن بالله.

 

﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾

 

( سورة الشمس )

 إن فهمت الآية على أن الله خلق الفجور في الإنسان، ثم يعاقبه عليه فعقلك الباطن يبتعد عن الله، لذلك قال بعض العلماء: إن العوام لأن يرتكبوا الكبائر أهون من أن يقولوا على الله ما لا يعلمون، دون أن تشعر، قد تقرأ حديثاً ليس صحيحاً، أو حديثًا ضعيفًا، أو له تأويل آخر

 

عذاب شديد لمن ينسى القرأن لتقدم سنة

 أن الإنسان إذا حفظ القرآن، ثم نسيه لتقدمه في السن فله عذاب شديد، لا ذنب له، هذا عارض سماوي، الإنسان مع تقدمه في السن ينسى، ماذا فعل ؟ لذلك هناك أناس يحجِمون عن قراءة القرآن، وعن حفظه خوفاً من أن ينطبق عليهم هذا الحديث الذي عليه إشكال.

 

 

عقيدة فاسدة دون تدقيق تؤدي للحجب عن الله

 

 

 فأنت حينما تتلقى عقيدةً فاسدةً غير صحيحة، وتصدقها دون أن تشعر تبتعد عن الله.

الله غير عادل

 لا تبتعد كثيراً، لو أن ابناً اكتشف أن الأب خصّ أحد أولاده بعطاء كبير، وحرم الباقين، هذا الابن قد يحافظ على أدبه مع أبيه، لكنه ابتعد عنه، وانسلخ عنه، لأن أباه لم يعدل.
فما لم تعتقد بالكمال المطلق لله عز وجل فلن تستطيع أن تقبل عليه، بل تبتعد عنه.
 أحد الصحابة قال النبي له قبل معركة بدر: لا تقتلوا عمي العباس، فكر، قال: أحدنا يقتل أباه وأخاه، وينهانا عن قتل عمه ؟ لم تستقم معه، لم يقنع بها، إلى أن اكتشف بعد حين أن عمه العباس مسلم، وهو عينُ النبي صلى الله عليه و سلم في قريش، ينقل له كل أخبار قريش، وكل قرارات قريش، وكل ما تخطط له قريش، فلو أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: عمي أسلم لا تقتلوه لكشف أمره، وانتهى دوره، لو أن عمه لم يشارك في الحرب لكشف نفسه، وانتهى الأمر، لو سكت النبي صلى الله عليه و سلم لقتَله أصحابه، لا يمكن أن يقول إلا هذه الكلمات: لا تقتلوا عمي العباس، بعد حين حينما علم هذا الصحابي الجليل أن عمه العباس مسلم، وكان عين النبي صلى الله عليه و سلم في مكة، وهذه قيادة عالية جداً، أن يكون لك إنسان في موقع العدو ينقل لك كل خططه، هذه أعلى مستوى في القيادة، يقول هذا الصحابي: ظللت عشر سنين أتصدق رجاء أن يغفر الله لي سوء ظني برسول الله صلى الله عليه و سلم.
لذلك حينما تتلقى عقيدة سيئة فاسدة، ولا تدقق، ولا تمحص، ولا تسأل، لعلك بعقلك الباطن تبتعد عن الله، وتحجب عنه، الإنسان يحب الكمال، يحب العدل، يحب الرحمة، يحب الإنصاف، يحب القوة، يحب الغنى،

 

 

مصير الناس بيد الأقوياء منهم

 لمجرد أن تتوهم أن الأمر بيد زيد من كبار الطغاة في العالم، أو عبيد، أو فلان، أو علان، وهؤلاء الطغاة يتلذذون بتعذيب العباد وتدميرهم، وإفقارهم، وسحقهم، وهدم بيوتهم، إذا توهمت أن الله أوكل هؤلاء الطغاة بالتحكم في مصائر العباد دون أن تشعر تبتعد عن الله، وإنه من الظلم أن يجعل الله مصيرك مع إنسان قوي جداً، وحاقد جداً، ويبغضك جداً، ويتمنى إبادتك، هذا الكلام غير صحيح.

 

 

 

﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾

 

( سورة هود الآية: 123 )

 أقول لكم: إن معظم ابتعاد الإنسان عن الله بسبب عقيدة فاسدة تسربت إليه والله ولم يدقق فيها، ولم يمحص، لذلك أول شيء يحجب عن الله عقيدة فاسدة، أو سوء ظن بالله، أو عقيدة فهمها فهماً خاطئاً.

 

الشرك:

 الشيء الثاني الذي يحجب عن الله هو الشرك، دون أن تشعر لمجرد أن تعتقد أن هذه الجهة أمرك بيدها، وما تريد أن تفعل بك تفعل بك، دون أن تراجع، وهي لا تحبك، هذا وحده يحجب عن الله.

 

﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾

( سورة الزمر )

﴿لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾

( سورة الأعراف الآية: 54 )

﴿مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً﴾

( سورة الكهف )

 أمْرك بيد الله، ولا أحد يستطيع أن ينهي حياتك إلا بإذن الله، ولا أحد يستطع أن يقطع رزقك إلا بإذن الله.

 

﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾

 

( سورة فاطر الآية: 2 )

 إذاً عقيدة فاسدة، وشرك بالله يحجبان عن الله.

 

البدع القولية:

 الآن مجتمعنا الإسلامي مفعم بمقولات لا أساس لها من الصحة، لكن العوام يرددونها،

 

 

الله عز وجل يعطي الحلاوة للذي ليس له أضراس

 يقول أحدهم: الله عز وجل يعطي الحلاوة للذي ليس له أضراس، هذا كفر بالله، يعني أن الله ليس حكيماً،

 

 

الله خلقنا للعذاب

 يقول: سبحان الله ! الله خلقنا للعذاب، أيضاً هذه عقيدة ليست صحيحة، وعندنا مئات المقولات،

 

 

طاسات معدودة بأماكن محدودة

 

 

 ( طاسات معدودة بأماكن محدودة )، لا تعترض

الله قدر عليه المعصية

 الله قدّر عليه شرب الخمر، لم يفعل شيئًا، لكن الله قدر عليه، ويضعه في جهنم، خلقه، وقدر عليه أن يعصيه، ويعذبه إلى أبد الآبدين،

 

نتيجة

 لا يمكن أن تقبِل على الله بهذه العقيدة، تبتعد عنه، أما هو فينتظرك أن تصطلح معه، " يا داود، لو يعلم المعرضون انتظاري لهم، وشوقي إلى ترك معاصيهم لتقطعت أوصالهم من حبي، ولماتوا شوقاً إلي، هذه إرادتي بالمعرضين فكيف بالمقبلين ؟ ".
هو ينتظرك، فإن تقربت منه شبراً تقرب منك ذراعاً، وإن تقربت منه ذراعاً تقرب منك باعاً، وإن أتيته مشياً أتاك هرولة، و

 

 

(( للهُ أَفْرَح بتوبة عبده من العقيم الوالد، ومن الضال الواجد، ومن الظمآن الوارد ))

 

[ رواه ابن عساكر في أماليه عن أبي هريرة

 هذه البدع القولية يجب أن تركلها بقدمك، لا أساس لها من الصحة، وهي تردد كثيراً،

 

الله لم يأذن له بالطاعة

 تقول لأحدهم: لمَ لا تصلي ؟ فيجيبك بقوله: لم يَأذن الله بعد، ما هذا الكلام ! فلان ما شاء الله، كتب الله له الهداية، هو لا علاقة له إطلاقاً، ولا اختيار له إطلاقاً، الآن هو جيد جداً، لأن الله كتب له الهداية، فلان سبحان الله ! لم يأذن الله له أن يهتدي، ألغى لك اختيار الإنسان

 

 

إلغاء العمل و السعي

 ألغى عمله، ألغى سعيه، يأتي إمام كبير ترك مئة مؤلّف، وهو من كبار العلماء، من كبار المجتهدين، ملأ الدنيا علماً، رآه تلميذه في المنام، قال له: يا سيدي، ما فعل الله بك ؟ قال: والله لم ينفعنِي كل عملي، إلا أنني كنت أكتب في كتاب، فرأيت دُوَيْبَةً، مخلوق لا يرى بالعين، نقطة صغيرة، فانتظرها حتى شربت من حبره، لهذا غفر الله له، يُحدِث لك اختلال توازن، كل هذه الدعوة الكبيرة، كل هذه الكتب، كل هذا الإخلاص، كله رُفَضِ !؟
 أو يوهمك أنه يمكن أن تعبد الله طوال عمرك، وأن تفنى في طاعته، ثم يكون المصير إلى النار، وقد تناصبه العداء، وتتفنن في إيذاء أوليائه، ثم يكون مصيرك الجنة، الدليل:

 

 

(( فَوَ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا ))

 

[ رواه الترمذي عن ابن مسعود]

 هذا الحديث مستحيل وألف ألف مستحيل أن يكون معناه هكذا.

 

الله أغوى الشيطان

 

﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي﴾

( سورة الحجر الآية: 39 )

 معنى ذلك أن الشيطان مخلوق صالح جداً، لكن الله أغواه، هذه كلها تحدِث منعكسات للإنسان ليبتعد عن الله، فالعقيدة الفاسدة، والشرك، والبدع القولية تحجب عن الله.

 

الله فطرنا على حب الظلم

 مثلاً: مرة في ندوة تلفزيونية قال لي المحاور: سبحان الله يا أستاذ:

 

 

والظلم من شيم النـــفوس  فإن تجد ذا عفة فلعلّة لا يظلم
***

 من شيم النفوس ؟! الله خلقنا نحب الظلم، كيف يحاسبنا إذاً ؟ يقول لك: الإنسان لئيم، كذا خلقه الله ؟

 

 

﴿أََقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾

 

( سورة الروم الآية: 30 )

 فطرك أكمل فطرة، تقرأ عن سيدنا علي كلام لا أصل له ؟ المرأة شر كلها، وشر ما فيها أنه لا بد منها، أما النبي صلى الله عليه و سلم فيقول:

 

(( فإنهن المؤنسات الغاليات ))

 

[ رواه أحمد في مسنده والطبراني في الكبير عن عقبة بن عامر ]

(( أكرموا النساء، ما أكرم النساء إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم ))

[ رواه البيهقي عن أبي هريرة ]

 فالبدع القولية تبعد عن الله عز وجل،

 

البدع العملية:

 وعندنا مئات البدع العملية، غني كبير ما صلى في حياته ركعتين، ولا التفت إلى القبلة، يموت، يقولون: رأيناه في المنام وجهه يفيض منه النور، ويلبس الأبيض، هذا الشيء يحدث اختلال توازن، ترك صلاة، شرب الخمر، غرق في المعاصي كلها، ورأوه في المنام يفيض وجهه نوراً، من قال لك ذلك ؟ بدع عملية، هذا الرجل الغني قضيته سهلة، نسقط عنه الصلاة، فيوصي أن ادفعوا لي كذا عن الصلوات كلها، فأنت تسمع كلامًا، وتجد أشياء تشكك في أحقية هذا الدين.

 

 

ما دخل على الدين من ضلالات أفسد الدين

 والله أيها الإخوة، ولا أبالغ، كيف أن نبع بردى ماء عذب صافٍ زلال يتلألأ، وكيف أن مياه مصبه سوداء، الدين بدأ كالنبع، فأضيف له مما ليس منه، مِن بدع قولية، وبدع عملية، وعقائد فاسدة، فصار الدين غير مقبول عند الناس، يضاف إلى ذلك أنه كلما أحسنا الظن بإنسان يدعي أنه مؤمن فاجأك بخيانة، أو فاجأك بخطأ، أو فاجأك باحتيال، مثل هذا الإنسان أنا أراه في حق الدعوة إلى الله مجرماً، لأنه شكك في أحقية الدين، قال أحدهم: يا رب، دلّني على شيخ صاحب دين، حينما لا يرى من يعمل في الدعوة بمستوى دعوته يبحث عن شيخ فيه تدين.
عندنا بدع قولية تحجب عن الله، وعندنا بدع عملية تحجب عن الله.

 

 

كبائر باطنة:

 وعندنا كبائر باطنة، وهذه مهلكة، الكبر، الاستعلاء، هو فوق الناس، يعتد بماله، بأسرته، بوسامته، بحجمه، بقوته، هذه كلها كبائر باطنة، هذه لا توبة منها، هذه تحجب عن الله.

 

 

كبائر ظاهرة:

 وعندنا كبائر ظاهرة، يشرب الخمر، مثلاً، يزني بمستوى أقل من الفاحشة الكبرى.

 

 

الصغائر:

 الآن عندنا صغائر، هو مقيم على مئة صغيرة، وقد ألِفها، هذه كلها تحجب عن الله دون أن يشعر.

 

 

(( إن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرتكم هذه، ولكن يطاع فيما تحقرون من أعمالكم ))

 

[ورد في الأثر]

 هذه الصغائر إذا كثرت اجتمعت فحجبت عن الله عز وجل، وكنت أقول دائماً: ثمة راكب مركبة على طريق، عن يمينه واد سحيق، فحرف المقود 90 درجة فجأة، هذه الكبيرة على الوادي، وحرف المقود سنتيمترًا، وثبّته، بعد حين على الوادي، حرف المقود سنتيمتر مع الثبات،  أو 90 درجة فجأة، في النهاية المصير واحد، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:

 

(( لاَ صَغِيَرَةَ مَعَ الإِصْرَارِ، وَلاَ كَبِيرَةَ مَعَ الاسْتِغْفَارِ ))

 

[ رواه أبو الشيخ والديلمي عن ابن عباس ]

 ففي حال الانحراف بتسعين درجة تعيد فجأة فتبقى في الطريق، والسنتيمتر الواحد إذا ثبت كان المصير إلى الوادي.
فساد العقيدة، والشرك، والبدع القولية، والبدع العملية، والكبائر الباطنة، والكبائر الظاهرة، والصغائر، هذه كلها تحجب عن الله.

 

التوسع في المباحات:

 الآن: التوسع في المباحات، يعتني بالببيت، يمكن أن يموت ألف شخص، والبيت قائم، وقد أطلعني أخ على بيت بمنطقة في المصيف، شيء يأخذ بالألباب، لم يدع شيئًا إلا من أعلى مستوى، مساحات، وشرفات، وكسوة غالية جداً، بقي منظمًا، قال لأحد إخواننا: هيئ لي المنظم يوم الخميس، أنا يوم الجمعة أريد أن آتي إلى البيت، وأسكنه نهائياً، لم يأتِ، أخبره، فقيل له: توفى، هذا الذي يعتني بالمباحات، لا شرِبَ خمر، ولا قتل، ولا زنى، لكن كل وقته، وكل جهده، وكل إمكانياته لدنياه، يقف قلب الإنسان، كل هذا التعب انتهى.

 

 

الغفلة:

الآن: الغفلة عما خُلقت من أجله، يأكل ويشرب، ويتحرك، ويأتي إلى الدروس ، لكنه غافل عن سبب وجوده في الدنيا:

 

 

جئت من أين و لكني أتــــيتُ  فـرأيت قدامي طريقاً فمشيتُ
كيف جئت كيف أبـــــصرتُ  طريقي لست أدري ولــماذا
لست أدري لست أدري
***

الإنسان البعيد عن الله يميل إلى التشكيك في كل شيء، يقول لك: لا نعرف:

 

 

زعم المنجم والطبيب كلاهما لا  تبعث الأموات قلت إليـكما
إن صح قولكما فلست بخاسر أو  صح قولي فالخاسرة عليكما
***

 

﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾

( سورة التكاثر )

 إنه حجاب أهل الغفلة عن سر وجودهم وغاية وجودهم.

 

الإنشغال عن مقاصد الدين بالجزئيات:

 الآن، آخر بند يحجب عن الله: الدين له مقاصد كبرى، في الدين صلة بالله، في الدين تضحية، في الدين بطولات، ندع كل هذا، ونعيش في جزئيات صغيرة جداً، لا تقدم ولا تؤخر، تدخل في متاهات الأرائِتيات، نتوقع حالات لا تحدث في المئة مليون عام مرة، نبحث عن حكم فقهي لها، شيء لا يصدق، إذا غرقنا في الجزئيات، ونسينا مقاصد الدين.
 الصحابة فتحوا العالم، ورفرفت راياتهم في المشرق والمغرب، فيمسخ الدين في آخر الزمان إلى أحكام فقهية احتمالية لا تقع في المئة عام مرة، دخل في فمه غبار، هل أفطر ؟ هل الغبار غذاء ؟ أشياء تخرجك من جلدك، نسينا مقاصد الشريعة، نسينا الصحابة الكرام الذين فتحوا العالم، نسينا الحب في الدين، نسينا التضحية، نسينا السعادة الكبرى، بقينا في جزئيات فقهية لا تقع في المئة عام مرة.
قال أحدهم: يا بنيتي، إن فلان خطبك، قالت له: والله نِعم الشباب يا أبتِ، فيقال: العقد باطل !!! لماذا هو باطل ؟ قال: لأن البنت إذنها صمتها، هي تكلمت، انتهى، العقد باطل !! هناك أشياء أقسم بالله لا تكاد تصدق، أصبح الدين معادلات رياضية، تعريفات، ونسينا أعظم ما في الدين.
لذلك أيها الإخوة، فساد العقيدة، والشرك، والبدع القولية، والبدع العملية ، والكبائر الباطنة، والكبائر الظاهرة، والصغائر، والتوسع في المباحات، والغفلة عن سر وجودك، والغرق في الجزئيات، هذه كلها تحجبك عن الله عز وجل.

 

 

الدعاء:

 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا أرضنا وارضَ عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور