وضع داكن
28-03-2024
Logo
رمضان 1426 - الفوائد - الدرس : 14 - اطلب قلبك في ثلاث مواطن
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 أيها الإخوة الكرام، لا زلنا في فوائد ابن القيم رحمه الله تعالى، وقد أورد ابن القيم في كتابه الفوائد بعض الحكم التي نقلت عن ابن مسعود رضي الله عنه، ومن هذه الحكم:
اطلب قلبك في ثلاثة مواطن
 يعني تفحص قلبك في ثلاثة مواطن، والمؤمن يرعى قلبه، لأن أثمن شيء تملكه القلب السليم، بنص الآية الكريمة:

﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾

( سورة الشعراء )

أمراض القلب تبدأ بعد الموت

 ولأن أمراض الجسد مهما تكن خطيرة فإنها تنتهي عند الموت، بينما أمراض القلب تبدأ بعد الموت، وتكون سبب هلاك الإنسان إلى أبد الآبدين.
" اطلب قلبك في ثلاثة مواطن، عند سماع القرآن، وفي مجالس الذكر، وفي أوقات الخلوة، فإن لم تجده في هذه المواطن فسأل الله أن يمن عليك بقلب، لأنه لا قلب لك ".

 

أعراض مرض القلب

 يعني إذا ذكرت الله، ولم تشعر بشيء، وإذا صليت فلم تشعر بشيء، وإذا تلوت القرآن فلم تشعر بشيء، فابحث عن قلب، لأنه لا قلب لك، ورأس مالك عند لقاء الله القلب السليم، ذلك القلب الذي سلم من شهوة لا ترضي الله، ومن تصديق خبر يتناقض مع وحي الله ومن تحكيم شرع غير الله، ومن عبادة غير الله.

 

 

علاج للقلب

 أيها الإخوة، كعلاج لقلب ميت، قال تعالى:

 

 

﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ﴾

 

( سورة الكهف الآية: 110 )

 يعني الاتصال بالله، وأن يكون القلب سليم، وأن يكون مفعماً بمحبة الله:

 

﴿كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ﴾

 

( سورة الكهف الآية: 110 )\

العمل الصالح طريق القرب من الله

 يعني أنه لا يبتغي بهذا العمل أحداً إلا الله، لأن طريق القرب من الله العمل الصالح، لكن اجهد أن يكون الإخلاص ملازماً لهذا العمل.

 

الإخلاص شرط قبول العمل الصالح

 أيها الإخوة له قواعد، من علامة إخلاصك أن عمل الصالح لا يزداد أمام الناس، ولا يقلّ في خلوتك، لأن الله معك، في كل وقت، وفي كل مكان، وفي كل زمان، ومن علامة إخلاصك ألا يزداد العمل بالمديح، وألا يقلّ بالذم.
أحياناً يكون الإنسان صالحًا، وله عمل طيب، يذمه الناس امتحاناً له، فإذا ترك العمل الصالح عقب هذا الذم كان هذا كشفًا لحقيقة إخلاصك.

 

 

مخاطر كبائر القلوب

 إخواننا الكرام، كبائر القلوب لا يتوب الناس منها، لأنها متغلغلة في أعماقه، وهي كالمرض الخبيث، فليحذر الإنسان الكبائر الباطنة، الكبائر الظاهرة يسهل التوبة منها، كإنسان مقيم على معصية، والمعصية واضحة، واضحة عنده وعند غيره، لذلك قد يتصاعد شعوره بالذنب فينتهي بالتوبة، إلا أن الكبائر الباطنة هذه قلما يتوب الإنسان منها، لأن صاحبها يعتقد أنه على صواب،

 

 

بعض أنواع الكبائر الباطنة

 

المبتدع

 يقال: المبتدع لا توبة له، ليس باب التوبة مغلقاً أمامه، لا، لكن قلما يتوب، هو لا يتوب، من هنا ينبغي أن نحذر من الكبيرة الظاهرة مرة، وأن نحذر الكبيرة الباطنة ألف مرة،

 

الكبر

 الكبر، الكبيرة الباطنة،

 

 

الشعور أنك لن تحاسب على ذنوبك، لأنك عند الله مقرب

 

 الشعور أنك وحدك على الحق، وأن كل الناس تائهون، هذه كبيرة، الشعور أنك لن تحاسب على ذنوبك، لأنك عند الله مقرب، الآية الكريمة:

﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (73) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (74) إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً﴾

( سورة الإسراء )

 أيها الإخوة،

 

﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾

 

( سورة الحاقة )

 قيل للنبي الكريم صلى الله عليه و سلم: مثِّل بهم، لأنهم مثلوا بعمك حمزة، ففي بعض الروايات أنه قال:

 

(( لا أمثل بهم، فيمثل اللّه بي، ولو كنت نبياً ))

 

[أخرجه الطبراني أيضاً عن يعقوب بن إسحاق الحضرمي ]

 إذا كان سيد الخلق وحبيب الحق يخاف من الله هذا الخوف فما بالك مطمئناً من أن تحاسب ؟

 

أنا لي باع طويل في العمل الصالح

 

 أيضاً قولك: أنا لي باع طويل في العمل الصالح كبيرة باطنة، هذا لا يلغي المحاسبة، كل شيء له حساب، لذلك أيها الإخوة الكبائر الباطنة خطيرة، أنت بحاجة إلى مراجعة حساباتك، وتصحيح مسارك، مراقبة قلبك، والتدقيق في كل ما يجلب الهلاك للإنسان.

حرية في ممارسة الشهوة

 أيها الإخوة،

 

(( إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذِن اللهُ بهلاكها ))

 

[ ورواه الطبراني أيضا والحاكم عن ابن عباس ]

 ما هو الفساد ؟ لو أردت أن تصف بلدةً بأنها فاسدة، أو قوماً بأنهم فاسدون، أو مكانًا بأنه مكان فساد، لو أردت أن تدقق في حقيقة الفساد لما وجدت فساداً أكبر من حرية في ممارسة الشهوة بحق أو بباطل، بوجه مشروع أو غير مشروع، والحرية في كسب المال، مع أن شهوة  المال وشهوة الفرج هما عوامل الفساد في الأرض، لذلك من ضبط شهوته ، وضبط ماله ودخله فقد سد على نفسه تسعة أعشار الفساد في الأرض، أن تسعة أعشار الفساد متعلق بالمال والشهوة، لذلك قال النبي الكريم:

 

(( تَعِسَ عبدُ الدينار وعبدُ الدرهم ))

 

[ رواه البخاري وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنهما ]

فالبطل الذي يجعل المال في خدمته

 إخواننا الكرام، المال قد يوضع بخط عامودي، وهذا الخط مدرج، في مكان من التدريج ما فوقه أنت خادم للمال، وما تحته المال هو في خدمتك، فالبطل الذي يجعل المال في خدمته، لا أن يكون عبداً للمال، لذلك:

 

﴿وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾

 

( سورة الزخرف )

 إن الإنسان ينتقل من كسب الرزق إلى شهوة الجمع، همه الوحيد أن يكون له أكبر رصيد مالي، مع أن الذي ينتفع منه هو رزقه فقط، الذي يملك 90 مليار دولار ماذا يأكل ؟ وأين ينام ؟ وماذا يلبس ؟

 

القدرة على الاستمتاع بالحياة محدودة

 إخوانا الكرام، هناك قضية دقيقة، القدرة على الاستمتاع بالحياة محدودة، لك أن تأكل كمية طعام محدودة، معك مليار، معك ألف مليار، لا تملك غير هذه الوجبة، هذا هو الرزق، فالقدرة على الاستمتاع بالمادة محدودة، له سقف، مهما تكن غنياً، تنام على سرير واحد ، وتركب مركبة واحدة، وتأكل طعاماً محدوداً، أما القدرة أن تسعد بقربك من الله فليس لها سقف.

 

 

لماذا نشقى ؟

 

 إخوانا الكرام، أنت مخلوق لمعرفة الله، والقرب منه، والسعادة بجواره، وحينما تختار هدفاً محدوداً يبدأ الشقاء من هنا، لأنك أنت مصمم ومبرمج لهدف لا محدود، فاخترت هدفاً محدوداً، ما الذي يحصل ؟ أنت حينما تختار هدفاً محدوداً، وتدركه يبدأ الشقاء، بل يبدأ الملل، طاقة كبيرة، إنسان كبير جداً في إمكاناته قلنا له: انسخ هذه الصفحة، يكاد ينتحر، انسخ هذه الصفحة، هو بإمكانه أن يخترع، فأنت مخلوق من أعلى مستوى، فإذا اخترت هدفاً أرضياً محدوداً بدأ الشقاء، أما إذا اخترت هدفاً عظيماً، أن تتعرف إلى الله، والله أيها الإخوة تبقى شاباً طول حياتك،

المؤمن لا يشيخ

 المؤمن لا يشيخ، لأن هدفه أكبر من إمكاناته، والإنسان قد يشيخ في الأربعين، هدفه بيت، اشترى بيتًا، هدفه أن يتزوج، فتزوج، وأن يشتري مركبة، وكانت الحياة لا معنى لها.

 

ما هو سبب الأنحراف ؟

 الآن نفسر لماذا يلجأ بعض كبار الأغنياء إلى القمار ؟ يمكن لإنسان أن يقامر بثروته ؟! يمكن أن يدفع ملايين الدولارات في ساعة واحدة ؟! ملل، حتى الانحرافات الجنسية، ملّ من المرأة، انتقل إلى الشذوذ، الانحرافات والملل سببها أنه اختار هدفًا محدودًا أحاط به واستوعبه، ثم ملّه، ولن تسعد إلا إذا اخترت هدفاً كبيراً، والهدف الكبير الوحيد أن تتقرب من الله عز وجل، فالمؤمن شاب دائماً لا يشيخ أبداً، شاب في التسعين، هذا الذي علّم ثمانين عامًا يقول للشاب في الطريق: كنت تلميذي، وكان أبوك تلميذي، وكان جدك تلميذي، وكان في التسعين منتصب القامة، حاد البصر، مرهف السمع، أسنانه في فمه، فإذا سئل: ما هذه الصحة يا سيدي ؟ يقول: يا بني حفظناها في الصغر والملل فحفظها الله علينا في الكبر.

 

 

كيف نسعد؟

 والله أيها الإخوة بإمكان كل واحد منا أن يكون أسعد الناس، أحد إخوانا الكرام توفي ـ رحمه الله ـ ذهب إلى الحج، وهنأته في بيته بعد أن جاء من الحج، قال لي كلمة لا أنساها، قال لي: ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني، إلا أن يكون أتقى مني،

 

 

عندما نتقي الله نذق طعم الإيمان

 وما لم تقل ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني لم تذق طعم الإيمان،

 

 

المؤمن لا يعرف الخوف أو اليأس

 أنت مؤمن وتخاف، مستحيل، مؤمن وتيئس، مؤمن وتكتئب، مستحيل، مؤمن وتتطامن أمام غني ؟ مستحيل، وقالوا:

 

 

﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾

 

( سورة الشعراء )

 تصور فرعون بكل قوته، وبكل جبروته، وبكل أسلحته يتبع شرذمة قليلة مع سيدنا موسى.

 

﴿قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾

 

( سورة الشعراء )

 احتمال النجاة صفر، والبحر أمامهم، وفرعون وراءهم، والنجاة صفر، البحر أمامهم وفرعون وراءهم، وهم قلة، وفرعون طاغية كبير:

 

﴿قَالَ كَلَّا﴾

 

( سورة الشعراء الآية: 62 )

 ( كلا ) بخلاف كلمة ( لا )، لا للنفي، أما كلا فللردع:

 

﴿قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾

 

( سورة الشعراء )

 هل هناك من مصيبة أكبر من أن تكون في بطن حوت، وفي ظلمة بطن الحوت، وفي ظلمة البحر، وفي ظلمة الليل ؟

 

﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾

 

 

( سورة الأنبياء )

الصحة النفسية أساسها الإيمان

 أنا من عادتي أن أي أخ مريض شفاه الله أدله على طبيب متفوق باختصاصه، مؤمن، إلا الذي معه مرض نفسي أدله على الله، الله معك، وكل شيء بيده، الأعداء الكبار بيده ، الطغاة بيده، زوجتك بيده، أولادك، صحتك، شريانك، عصبك، دماغك، كل شيء بيده.

 

﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ﴾

 

( سورة آل عمران الآية: 26 )

 كل شيء يملك بيد الله عز وجل، فأنت حينما تؤمن ينبغي أن تكون صحيح النفس، والصحة النفسية أساسها الإيمان.
كان عندنا أستاذ في الجامعة من كبار علماء النفس بالشرق الأوسط، حدثنا أنه ذهب إلى مؤتمر في الصحة النفسية في بريطانيا، فألقى كلمة قال فيها: نحن في الشرق الأوسط أقلّ البلاد في العالم إصابة بأمراض النفس، لسبب بسيط جداً، هو أننا مؤمنون بالله.
تجد المؤمن يأتيه مصاب كبير، يقول لك: الحمد لله يا رب، الحمد لله على كل حال، وإنسان آخر يأتيه مصاب لا يحتمل، ويختل توازنه، ويصاب بانفصام شخصية.

 

لا حل لمشكلاتنا إلا في الإيمان

 لذلك أيها الإخوة، لا حل لمشكلاتنا إلا الإيمان، ولحكمة بالغةٍ بالغة جعل الله هذا في الزمان أخطارًا لا تعد ولا تحصى، تأتي أخبار أنفلونزا الطيور، هذا المرض وحده يكفي، يمكن أن يدمر 150 مليونًا، وأخبار الأعاصير تكفي، وأخبار الزلازل تكفي، 50 ألف إنسان في باكستان، وأربعة ملايين مشرد، الحياة الدنيا هكذا، أرادها الله دار ابتلاء،

 

 

(( إن هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء، ودار ترح لا دار فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء، ولم يحزن لشدة، ألا وإن الله تعالى خلق الدنيا دار بلوى، والآخرة دار عقبى، فجعل بلوى الدنيا لثواب الآخرة، وثواب الآخرة من بلوى الدنيا عوضا، فيأخذ ويبتلي ليجزي ))

 

[ رواه الديلمي عن ابن عمر ]

التوحيد حقيقة الإيمان

 والله أيها الإخوة، لو لم يكن في الدين كله إلا التوحيد لكفى، ما التوحيد ؟ أمرك بيد رحيم، أمرك بيد غني، أمرك بيد قدير، أمرك بيد عادل، ولا يسلمك لأحد، هو خلقك، وهو ربك، بيده رزقك، بيده حياتك، بيده موتك، بيده سعادتك، بيده شقاؤك، الأمر بيد الله عز وجل.

 

﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾

 

( سورة هود الآية: 123 )

 لذلك:

 

﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ﴾

 

( سورة الشعراء )

 إخواننا الكرام، لمجرد أن يقع الإنسان في الشرك ينخلع قلبه من الخوف.

 

﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا﴾

 

( سورة آل عمران الآية: 151 )

 ولمجرد أن يوحّد الإنسان ربه يملأ الله قلبه أمناً وسكينة، وطمأنينة ورضاً وسعادة.

 

إطار الإسلام و مضمونه

 الإسلام له شكل، وله إطار، لكن مضمونه أخطر من شكله بمئة مرة، إطاره أن تصلي، إطاره أن تأتي المسجد، إطاره أن تدفع زكاة مالك، أن تصوم رمضان، لكن مضمونه أنت أسعد الناس بأي وضع كنت، سواء كنت موظفًا بدخل محدود، أو بدخل غير محدود، غنيًّا قويًّا، أو ضعيفًا، امرأة أو رجلا، أنت حينما تؤمن بالله ينبغي أن تقطف ثمار إيمانك سكينة ، وطمأنينة، ورضاً.
سأقول لكم كلمة، لا أدري إذا كانت معبّرة عن نفسي لا يوجد إلا الله، هناك أقوياء، وطغاة، وظلام، لكنهم كلهم بيد الله.

 

 

﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ﴾

 

( سورة هود الآية: 123 )

﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ﴾

( سورة الزخرف الآية: 84 )

﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾

( سورة فاطر )

 أنا ملك الملوك، ومالك الملوك، قلوب الملوك بيدي، فإن العباد أطاعوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالرأفة والرحمة، وإن العباد عصوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالسخط والنقمة، فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك، وادعوا لهم بالصلاح، فإن صلاحهم بصلاحكم .
 هذه الحقيقة، الإيمان هو التوحيد،

 

إيمان غير منجي صاحبه

 أما أن الله خلق الكون فهذه يعرفها إبليس.

 

 

﴿ فَبِعِزَّتِكَ﴾

 

( سورة ص الآية: 83 )

 إبليس مؤمن، مؤمن إيمانًا لا ينجيه من النار أبداً، والإيمان المنجي ألا ترى مع الله أحدا، وأن ترى يد الله تعمل وحدها، وأن ترى أن الله هو الظاهر، وهو الباطن، وهو الأول، وهو الآخر، وهو على كل شيء قدير، علاقتك معه فقط.

 

لا ترى مع الله أحدى

 ملخص الملخص: أنت أمام وحوش مخيفة، كل وحش يمكن أن يأكلك بلقمتين، مئة وحش، لكنهم جميعاً مقيّدون بأزمة بيد جهة قوية عادلة رحيمة، أنت علاقتك ليست مع الوحوش، مع من يملكها، فإذا أرخى الذي يملكها الحبل وصلتْ إليك، وإذا شد الحبل أبعدها عنك، فعلاقتك  مع الخالق، الدليل:

 

 

﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾

 

( سورة هود )

 ولحكمة بالغة بَالغة الله عز وجل يمكن أن ينصر دينه عن طريق العنكبوت، فلو رأى المطاردون رسول الله لقتلوه فورا، لأن الجائزة مئة ناقة لمن يأتي به حيا أو ميتا، لكن الله عز وجل ينصر دينه بأقل الأشياء، ويدمر الإنسان بأقل الأشياء، فلا تر مع الله أحدا، ولا تر يدا تعمل غير يد الله، لكن قد لا تفهم حكمة الله، هذا لا يمنع أن تستسلم، هذا الذي حصل قبل أربع خمس، أحداث أيلول، إذا أمد الله بعمرنا جميعا سوف نجد أن خيرها يفوق حد الخيال، مع أنها في ظاهرها مؤلمة، مع أن هناك حربا عالمية سادسة أعلنت على الإسلام، ومع ذلك مادام الشيء قد  وقع فله حكمة بالغة، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها، والآية الكريمة التي هي نهاية هذا الكلام:

 

﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾

 

( سورة البقرة الآية: 216 )

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور