وضع داكن
19-04-2024
Logo
رمضان 1426 - الفوائد - الدرس : 30 - قول سيدنا علي في وفاة سيدنا أبو بكر الصديق
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة الكرام، مع فائدة جديدة، تقول هذه الفائدة، والحقيقة هي حكمة أو فائدة تاريخية، لكنها تلفت النظر.

وصف سيدنا علي لسيدنا أبي بكر

 أمير المؤمنين، سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه حينما توفي الصديق ماذا قال ؟ والله أيها الإخوة الكرام، هذا الذي قاله هو الحق، يقول هذا الإمام الكبير علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته الزهراء رضي الله عنها، وأبو ريحانيتيه الحسن والحسين، مناقبه جمة، تفوق الحصر، وفضائله عظيمة تجل عن الوصف، والتي منها شجاعته التي يضرب بها المثل، وفصاحته التي يقتدى بها، حتى صار غمام الزاهدين، هو أول من أسلم من الذكور في أكثر الأقوال، وقد اختلف في سنه يومئذ، فقيل: كان له خمس عشرة سنة، وقيل: ست عشرة، وقيل: أربع عشرة، وقيل: ثلاث عشرة سنة، ماذا قال هذا الإمام الكبير حين وفاة سيدنا الصديق ؟ قال كلامًا رائعًا جداً، هو الأصل، قال: " رحمك الله يا أبا بكر، كنت إلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ كنت إلفه، كان يحبك كثيراً ـ وأنسه وثقته وموضع سره، كنت أول القوم إسلاماً، وأخلصهم إيماناً، وأشدهم يقيناً، وأخوفهم لله، وأعظمهم غناءً في دين الله، وأحوطهم على رسول الله، وأثبتهم على الإسلام، وأيمنهم على أصحابه، وأحسنهم صحبة، وأكثرهم مناقب، وأفضلهم سوابق، وأرفعهم درجة، وأقربهم وسيلة، وأشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم سنناً وهدياً، ورحمة وفضلاً، وأشرفهم منزلة، وأكرمهم عليه، وأوثقهم عنده، فجزاك الله عن الإسلام وعن رسوله خيراً، كنت عنده بمنزلة السمع والبصر ".
 من أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام:

(( أبو بكر وعمر مني بمنزلة السمع والبصر ))

[الجامع الصفير بسند فيه ضعف]

 كنت عنده بمنزلة السمع والبصر، صدقت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كذبه الناس، فسماك الله في تنزيله صديقاً، فقال:

 

﴿ وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ﴾

 

[الزمر: من الآية 33 ]

 آية كريمة تتحدث عن الصديق، وَاسَيْته حين بخلوا، وكنت معه عند المكاره حين قعدوا، وصحبته في الشدائد أكرم الصحبة، ثاني اثنين، وصاحبه في الغار والمنزل، عليه السكينة والوقار:

 

﴿ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا﴾

 

[ التوبة: من الآية 26 ]

 ورفيقه في الهجرة، وخليفته في دين الله وفي أمته، أحسنتَ الخلافة حين ارتد، الناس فنهضت حين، وهَن أصحابك، وبرزت حين استكانوا، وقويت حين ضعفوا، وقمت بالأمر حين فشلوا، ونطقت حين تتعتعوا، ترددوا، مضيت بنور إذ وقفوا، واتبعوك فهدوا، وكنت أصوبهم منطقاً، وأطولهم صمتاً، وأبلغهم قولاً، وأكثرهم رأياً وأشجعهم نفساً، وأعرفهم بالأمور، وأشرفهم عملاً، كنت للدين يعسوباً أولاً حين نفر الناس عنه، وآخرًا حين قفلوا، وكنت للمؤمنين أباً رحيماً إذ صاروا عليك عيالاً، فحملت أثقال ما ضعفوا عنه، ورعيت ما أهملوا، وحفظت ما أضاعوا، شمرت إذا خنعوا، وعلوت إذ هلعوا، وصبرت إذ جزعوا، وأدركت أوتار ما طلبوا، وراجعوا رشدهم برأيك فظفروا، ونالوا بك ما لم يحتسبوا، كنت كما قال عليه الصلاة والسلام: أمّن الناس عليه في صحبتك، وذات يدك، وكنت كما قال: ضعيفاً في بدنك، قوياً في أمر الله، متواضعاً في نفسك، عظيماً عند الله، جليلاً في أعين الناس، كبيراً في أنفسهم.
هذا كلام سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه لسيدنا الصديق، هكذا كان أصحاب رسول الله.

 

الحكمة من عزل سيدنا عمر لسيدنا خالد

 

 عثرت على رواية رائعة لسيدنا عمر بن الخطاب حين عزل سيدنا خالدًا، فجاء سيدنا خالد إلى عمر بن الخطاب وقال له: يا أمير المؤمنين، لماذا عزلتني ؟ قال: والله إني لأحبك، قال: لماذا عزلتني ؟ قال: والله إني لأحبك، قال: لماذا عزلتني ؟ قال: والله ما عزلتك يا ابن الوليد إلا مخافة أن يفتتن الناس بك، لكثرة ما أبليت في سبيل الله، سيدنا خالد خاض مئة معركة أو زهاءها، وانتصر بها جميعاً، حتى توهم الناس أن أيّة معركة قائدها خالد لا يمكن أن تهزم، فسيدنا عمر أراد إنفاذ التوحيد، أن الذي ينصر هو الله، وليس خالدًا فعزله، قال: والله ما عزلتك يا بن الوليد إلا مخافة أن يفتتن الناس بك، لكثرة ما أبليت في سبيل الله، هذا الكلام هو الكلام الذي يليق بهذا الإمام العظيم، فلذلك بين الصحابة من الود والتقدير ما لا يوصف.
سيدنا علي هذا موقفه، لو فهمنا هذا الكلام بعمق فلا يمكن أن نتهم سيدنا الصديق، وهو إنسان بأعلى درجات العلم يبين خلال هذا الصديق الكبير، فهذا النص يمكن أن يكون في حوزة كل منكم، ونقدسه، وهو من الصحابة الكبار، هذا قول سيدنا علي.
 رحمك الله يا أبا بكر، كنت إلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنسه وثقته، وموضع سره، كنت أول القوم إسلاماً، وأخلصهم إيماناً، وأشدهم يقيناً، وأخوفهم لله، وأعظمهم غناءً في دين الله، وأحوطهم على رسول الله، وأثبتهم على الإسلام، وأيمنهم على أصحابه، وأحسنهم صحبة، وأكثرهم مناقب، وأفضلهم سوابق، وأرفعهم درجة، وأقربهم وسيلة، وأشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم سنناً وهدياً، ورحمة وفضلاً، وأشرفهم منزلة، وأكرمهم عليه، وأوثقهم عنده، جزاك الله عن الإسلام وعن رسوله خيراً، كنت عنده بمنزلة السمع والبصر، صدقت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كذبه الناس، فسماك الله في تنزيله صديقاً فقال:
وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ

واسيته حين بخلوا وكنت معه عند المكاره حين قعدوا وصحبته في الشدائد أكرم الصحبة ثاني اثنين وصاحبه في الغار والمنزل عليه السكينة والوقار،
ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا
 ورفيقه في الهجرة، وخليفته في دين الله وفي أمته، أحسنت الخلافة حين ارتد الناس، فنهضت حين وهن أصحابك، وبرزت حين استكانوا، وقويت حين ضعفوا، وقمت بالأمر حين فشلوا، ونطقت حين تتعتعوا، وترددوا، مضيت بنور إذ وقفوا، واتبعوك فهدوا، وكنت أصوبهم منطقاً، وأطولهم صمتاً، وأبلغهم قولاً، وأكثرهم رأياً، وأشجعهم نفساً، وأعرفهم بالأمور، وأشرفهم عملاً، كنت للدين يعسوباً أولاً حين نفر الناس عنه، وآخراً حين قفلوا، وكنت للمؤمنين أباً رحيماً إذ صاروا عليك عيالاً، فحملت أثقال ما ضعفوا عنه، ورعيت ما أهملوا، وحفظت ما أضاعوا، شمرت إذ خنعوا، وعلوت إذ هلعوا، وصبرت إذ جزعوا، وأدركت أوتار ما طلبوا، وراجعوا رشدهم برأيك فظفروا، ونالوا بك ما لم يحتسبوا، كنت كما قال عليه الصلاة والسلام أمَنّ الناس عليه في صحبتك وذات يدك، وكنت كما قال: ضعيفاً في بدنك، قوياًً في أمر الله، متواضعاً في نفسك، عظيماً عند الله، جليلاً في أعين الناس، كبيراً في أنفسهم.

حب المسلمين للصحابة أجمعين

 هذا كلام سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن سيدنا الصديق، والصحابة الكرام كانوا في أعلى درجات الود، فلذلك نحن نحب أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام جميعاً من دون استثناء، قال تعالى:

﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾

[ سورة الفتح: 18]

 إنّ الله في عليائه قد رضي عن المؤمنين إذ يبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، وكان على رأسهم سيدنا الصديق وسيدنا عمر، هذا النص أيها الإخوة الكرام، شاهد جامع مانع كاف لمعرفة أنه لا يمكن أن يكون هناك خلاف بين الصديق وسيدنا علي، لذلك الدين أيها الإخوة الكرام، لو عدنا إلى ينابيعه الأصيلة لرأينا ماءً عذباً زلالاً، تماماً كأي نهر في منبعه ماء صاف، عذب زلال، أما في مصبه فماء أسود، أرأيتم لهذا المديح ؟ هذا مديح سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه لسيدنا الصديق، قال تعالى:

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾

 

[ سورة الأنعام: 159]

حب الصحابة يعمق الوحدة ويطرد الخلاف

 وكنت أقول هذه المقولة دائماً لأن أعداءنا وضعونا جميعاً في سلة واحدة: ينبغي أن نقف جميعاً في خندق واحد، الآن نحن في أمسّ الحاجة إلى الوحدة، وهذا النص يعمق الوحدة بين المسلمين، هذا أكمل موقف لسيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، هذا الموقف أرجو الله سبحانه  وتعالى أن نحسن الظن بأصحاب رسول الله جميعاً، فهم قمم البشر:

(( إن الله اختارني، واختار لي أصحابي ))

[ الجامع الصغير عن أنس]

قصة وعبرة

 أذكر لكم هذه القصة السريعة: أحد الصحابة لما قال النبي عليه الصلاة والسلام:

(( لا تقتلوا عمي العباس ))

 ما أعجبه ذلك، لأنه قال: أحدنا يقتل أباه وأخاه، ويمنعنا أن نقتل عمه ؟ فالنبي الكريم يعلم أن عمه أسلم، وهو عين النبي e في مكة، وما من حركة أو سكنة أو قرار يتخذ إلا يعلن النبي عليه الصلاة والسلام عنه، وهذه قيادة في منتهى الذكاء والحكمة، لكن لو قال: إن عمي أسلم  لأنهى دوره، ولو أن عمه لم يشارك في الحرب لكشف نفسه، ولو سكت النبي e لقُتِل عمه، فالنبي عليه الصلاة والسلام ما عنده خيار إلا أن يقول:

(( لا تقتلوا عمي العباس ))

 ، فهذا الصحابي الذي انتقد النبي الكريم قال بعد حين حينما كشفت الحقيقة: تصدقت عشر سنين رجاء أن يغفر الله لي سوء ظني برسول الله e، تصدق عشر سنوات رجاء أن يغفر الله له سوء ظنه برسول الله.
فدائماً وأبداً اعتقد أن هؤلاء الصحابة كانوا في أعلى درجات الكمال، وقد اختارهم الله لنبيه الكريم،

(( إن الله اختارني واختار لي أصحابي ))

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور