وضع داكن
24-04-2024
Logo
الأسماء الحسنى - الدرس : 09 - اسم الله المهيمن
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، و هو ( المهيمن )

معنى اسم الله المهيمن:

 قال العلماء: ( المهيمن ) هو الرقيب، لا تخفى عليه خافية، يعلم السر و أخفى، يعلم كل حركة و سكنة، إن تكلمت فهو يسمعك، و إن تحركت فهو يراك، و إن أضمرت فهو يعلم، و يحول بينك وبين قلبك،

 

لوازم اسم الله المهيمن:

 

من لوازم اسم ( المهيمن ) العلم

 من لوازم اسم ( المهيمن ) العلم، إنك لن تستطيع أن تسيطر على جهة إلا إذا علمت كل دقائقها، مادامت بعض الحقائق خافية عنك فأنت لست مهيمناً.
من لوازم ( المهيمن ) أنه يعلم كل شيء، يعلم كل حركة و سكنة، يعلم كل خاطرة،

 

من لوازم اسم ( المهيمن ) القدرة:

 و من لوازم اسم ( المهيمن ) أن يملك القدرة التامة على تحقيق مصالح العباد علماً و قدرة.
 أيها الإخوة الكرام، في حياتنا هناك من يعلم و لا يقدر، و ما أكثر هؤلاء، و هناك من يقدر و لا يعلم، و قلما يجتمع في الإنسان القدرة و العلم، العين بصيرة و اليد قصيرة، يعلم و لا يقدر أن يفعل شيئاً، و الذي بإمكانه  أن يفعل كل شيء لا يعلم، ليس عنده حل للمشكلة، و قد تجد إنساناً يعلم و يقدر، هذه حالات نادرة جداً، و لكن المستقبل لا يملكه، قد تأتي مستجدات تفسد عليه كل خططه.
 هناك من يعلم ولا يقدر، هناك من يقدر و لا يعلم، هناك من يعلم ويقدر، ولكن لا يضمن المستقبل، إذاً من لوازم ( المهيمن ) أن يعلم كل شيء، أقول: ( المهيمن )، إذا كنت مهيمناً على جهة، أي أنت مدير مستشفى،  مدير جامعة، مدير مؤسسة، لا تكون مهيمناً إلا إذا علمت كل دقائق ما يجري في هذه المؤسسة، فالمهيمن يجب أن يعلم، و ( المهيمن ) يجب أن يملك القدرة على نفع من حوله علماً و قدرة، لأنه من يقدر و لا يعلم، أو  من يعلم و لا يقدر، لكن قد يرسم خطة رائعة للنهوض بهذه المؤسسة، و قد يأتي أمر بعزله عن وظيفته، إذاً هو لا يملك المستقبل، أما إذا قلنا: الله ( المهيمن )، و لله المثل الأعلى فهو يعلم:

 

 

( المهيمن ) يعلم:

 

﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ ﴾

[ سورة غافر: الآية 19]

 كيف ؟ كمثل طبيب مؤمن يغض بصره عن عورات النساء، عنده مريضة تشكو له ناحية من جسمها، لو أنه نظر إلى مكان آخر هل في الأرض كلها جهة تستطيع أن تضبط هذه المخالفة ؟ أبداً، أو أنت في غرفة  مظلمة، و البيت الذي يقابلك فيه غرفة مضيئة، و فيه امرأة متبذلة، إن نظرت إليها وأنت في غرفة مظلمة هل تستطيع جهة في الأرض أن تضبطك بهذه المخالفة ؟ لا يوجد.
 الله عز وجل يقول:

 

﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾

 

[ سورة غافر: الآية 19

 قد تعقد عقد شركة تملك أنت المال، و يملك الطرف الآخر الخبرة، و في أعماقك بعد أن تقوم الشركة، و تقتبس منه دقائق خبرته بعد سنتين تصرفه بطريقة أو بأخرى، وتستقل بهذه المؤسسة، هذا الخاطر الذي انتابك  من يستطيع أن يطلع عليه ؟ الله عز وجل، الله مهيمن، مهيمن أي يعلم، يعلم خواطرك يحول بينك وبين قلبك، لا تخفى عليه خافية، يسمعك إذا قلت، ويراك إذا تحركت، ويعلم خبايا نفسك إن سكت، تتكلم، تتحرك، تجلس، وتصمت، أنت في علم الله، وفي قبضته، هو يعلم، ولا نهاية لعلمه،

 

( المهيمن ) يقدر:

 وهو يقدر، ولا نهاية لقدرته، لذلك الله مطلق، العلم المطلق عند الله، والقدرة المطلقة عند الله، والآية تقول:

 

﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ﴾

[ سورة الأنفال: الآية 59]

 لا يستطيع الكافر أن يفعل شيئاً ما أراده الله، ولا يستطيع الكافر أن يتفلت من قبضة الله، ولو بدا ذكياً، ولو بدا قوياً، ولو بدا محنكاً:

 

﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾

 

[ سورة البروج: الآية 12]

 لكن أنا أطمئن الإخوة المؤمنين، أن الخط البياني للمؤمن خط صاعد حتى الموت، نقطة على هذا الخط، بينما خط الشارد عن الله خط صاعد، وقد يكون الصعود حاداً، ولكن السقوط يكون مريعاً.

 

الشعور باسم الله المهيمن:

 إذاً أيها الإخوة الكرام، إذا قلنا: مهيمن، أي يعلم، ولا نهاية لعلمه، وإذا قلنا: مهيمن، أي يقدر، ولا نهاية لقدرته،

 

 

( المهيمن ) معنا:

 لكن من أدعية النبي عليه الصلاة والسلام إذا أقدم على سفر يقول:

 

 

(( اللهم أنت الرفيق في السفر، والخليفة في الأهل والمال والولد ))

 

[الترمذي]

 هل هناك جهة في الكون ممكن أن تكون معك في سفرة طويلة، تحفظك، وتوفقك، وتؤيدك، وتنصرك، وتلهمك، هي نفسها مع أهلك في بلدك، مع أهلك في بيتهم، تحفظهم وترعاهم، أينما تحركت أنت معه، وأياًّ خلفت في بيتك هم معه أيضاً، إذاً هو مهيمن،

 

الهيمنة من الله رحمة ومحبة:

 لكن أيها الإخوة الكرام، كلمة مهيمن قد يفهم منها القوة، لكن إذا قلت: الله ( المهيمن )، منه الهيمنة رحمة ومحبة، أحياناً تكون الأم في أعلى درجات اليقظة اتجاه ابنها، ولكن هذه اليقظة لصالحه، يقظة العناية، يقظة الحرص، يقظة الرحمة، يقظة الحب،

 

 

الهيمنة من الله لمصلحة عبادة:

 فإذا كان الله مهيمناً لأنه يحب عباده، ولأنه خلقهم ليسعدهم، وسعادتهم بمعرفته، وسعادتهم بطاعته، إذاً هو مهيمن لصالحهم، الإنسان إذا هيمن لا لصالح الناس، لصالحه، يهيمن لصالحه، يحكم قبضته من أجل مصالحه،  من أجل مكانته، من أجل مستقبله، لكن الله عز وجل مهيمن من أجل عباده، مهيمن من أجل حفظهم، من أجل تربيتهم، من أجل معالجتهم، من أجل الأخذ بيدهم إلى سعادة خلقهم لها.
 الآن تصور مؤمنًا مع ( المهيمن )، عنده فاجعة ؟ مستحيل، عنده مشكلة ؟ مستحيل، عنده قلق ؟ مستحيل، لأنه مع ( المهيمن )
 مرة يخطر على بال المؤمن أنه مهما امتد به العمر فلن تظهر أحداث تفسد عليه عقيدته، أي شيء وضعي، بعد حين يظهر خطؤه، أي كتاب، اقرأ كتابًا مؤلفًا من خمسين عامًا، تكتشف أخطاء لا نهاية لها مع تطور  العلم، لكن هذا القرآن الذي بين أيدينا مهما تقدم العلم فهل هناك من حقيقة علمية تتناقض مع آياته ؟ أبداً، أنت مطمئن، مهما امتد بك العمل، مهما امتد بك العمر فلن تجد حدثاً يلغي آية، أو يفند آية، أو يتناقض مع آية، أنت  مع الحق المطلق، أنت مع وحي السماء، أنت مع كلام المعصوم، فلذلك عند المؤمن نعمة هو لا يعرفها إطلاقاً، أنت حينما تقرأ القرآن الكريم، القرآن الكريم قدم لك تصوراً، أو تفسيراً، أو فلسفة، أو عقيدة، أسماء  لمسمى واحد، قدم لك تفسيراً، أو قدم لك فلسفة، أو قدم لك تصورًا لحقيقة الكون، وحقيقة الحياة الدنيا، وحقيقة الإنسان، وقدم لك بياناً لما كان في الماضي السحيق، ولما سيكون في المستقبل البعيد، وقدم لك سر وجودك، وغاية وجودك، فأنت تنعم بنعمة لا يعرفها إلا من كان بعيداً عن هذا الدين.
 أيها الإخوة الكرام، عامة الناس الذين ما عرفوا الله عندهم أسئلة لا تعد ولا تحصى مقلقة، تفسد عليهم سعادتهم، أنت حينما لا تقرأ القرآن، ولا تعرف كلام سيد الأنام عندك تساؤلات كبيرة جداً، والحياة الدنيا فيما يبدو فيها تساؤلات ليس لها حل إطلاقاً.

 

 

ما معنى أن نكون مع المهيمن:

 يا أيها الإخوة الكرام، أنت حينما تكون مع ( المهيمن ) فأنت في حصن حصين، وأنت مع القوي الكبير، وأنت مع من بيده مقاليد السماوات والأرض، وأنت مع الإله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد،  إذا كنت مع ( المهيمن ) فلن يخيب مسعاك، ولن تشعر بالإحباط، و لن تشعر بالإخفاق، أنت مع ( المهيمن )، ليس شيئاً سهلاً أن تكون مع ( المهيمن ) ليس شيئاً بسيطاً أن يكون خالق السماوات والأرض يدعمك،  ويؤيدك، وينصرك، ويحفظك، ويوفقك، المستقبل لمن كان مع ( المهيمن )، والشقاء والخزي والعار لمن كان مع عبد من عبيد المهيمن.
 ما من عبد يعتصم بي، ما من مخلوق يعتصم بي من دون خلقي أعرف ذلك من نيته، فتكيده أهل السماوات و الأرض إلا جعلت له من بين ذلك مخرجا، و ما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني أعرف ذلك من نيته إلا  جعلت الأرض هوياً تحت قدميه، و قطعت أسباب السماء بين يديه، إن كنت مع ( المهيمن ) فأنت أيضاً مهيمن في عملك، في أسرتك، في اختصاصك، في راحة نفسك، في سلامة صدرك، إذاً السعيد من كان مع الله.

 

 

كن مع الله تـر الله معك  واترك الكل وحاذر طمعك
و إذا أعطاك من يمنعـه ثم من يعطي إذا ما منعك

 

ما معنى أن لا نكون مع الله:

 قيل: من أصبح وأكبر همه الآخرة جعل الله غناه في قلبه، وجمع عليه شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن أصبح وأكبر همه الدنيا جعل الله فقره بين عينيه، وشتت عليه شمله، ولم يؤته من الدنيا إلا ما قدر له.
 الآن الناس يلتفون حول القوي، لأنهم يتوهمون أن قوته دعم لهم، وأنهم يطمئنون إليه، لأنه يعطيهم، ولا يمنعهم، هذا إذا كنت مع إنسان قوي، فكيف إذا كنت مع ملك الملوك، ومع مالك الملوك، ومع قيوم السماوات  والأرض، ومع من بيده كل شيء، ومع من إليه يرجع الأمر كله، ومع من هو خالق كل شيء، وهو على كل شيء وكيل

 

نتيجة معرفة الله المهيمن:

 والله أيها الإخوة الكرام، المؤمن مخبوء بين ثوبيه، إنسان عادي يرتدي ثيابًا كما يرتديها معظم الناس، لكن يوجد بقلبه ثقة بالله، يوجد بقلبه شعور بالتفوق، يوجد بقلبه شعور بأن الله لن يسلمه إلى أحد، وبأن الله يحبه، وبأن الله يوفقه، لذلك كن مع ( المهيمن )، الله عز وجل هو ( المهيمن )

 

 

نتيجة عدم معرفة الله المهيمن:

 دققوا في هذه الآية:

 

 

﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا ﴾

 

[ سورة يونس: الآية 24]

 والآن كلام الأقوياء في هذه الأيام فيه غطرسة، فيه غطرسة كبيرة جداً، فيه استعلاء، فيه استخفاف بالآخرين، لذلك الآن نعاني من إنسان قوي متأله، لا يقول: أنا إله، ولكن يتصرف بغطرسة وكبر، وقسوة ما بعدها قسوة.

 

خلاصة:

 أيها الإخوة الكرام، إذا كنت أنت مع القوي فأنت معافى من الخوف، معافى من القلق، معافى من الإحباط، معافى من اليأس.
 أيها الإخوة الكرام، لابد من معرفة أسماء الله الحسنى، لأنها جزء من معرفة الله، لا يكفي أن تقول: الله خالق السماوات والأرض، يجب أن تعرفه مهيمناً، قوياً، كبيراً، رحيماً، لطيفاً، عدلاً، وأسماء الله كلها حسنى، وصفاته كلها فضلى.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور