وضع داكن
16-04-2024
Logo
الأسماء الحسنى - الدرس : 15 - اسم الله الفتاح
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، وهو ( الفتاح )،وكما تعلمون دائماً أن صيغ المبالغة إذا صيغت بها أسماء الله فتعني الشيء الكثير

اصطلح مع الفتاح يفتح لك الأبواب المغلقة

 فأصعب الأبواب المغلقة يفتحها الله عز وجل، وأكبر عدد من الأبواب المغلقة يفتحها الله عز وجل، قد يغلق عليك باب الرزق، تسعى من دون طائل، كلما طرقت باباً أغلق، كلما اتجهت جهة سدَّتْ، فتقع في حيرة، في  مثل هذه الحالة ينبغي أن تؤمن أن الله إذا شاء، وإذا رضي عنك، وإذا اصطلحت معه يفتح لك الأبواب المغلقة، فإذا العسر يسر، وإذا الشدة رخاء، وإذا التعسير تيسير، وإذا القلق طمأنينة، وإذا البعد عن الله قرب، إذاً أخطر شيء في حياة المؤمن أن يُهزَم من الداخل.

 

كن عن همومك معرضا  وكل الأمور على القضا
وأبشر بخير عاجــل  تـنس به ما قد مضـى
فلرب أمـر مسخــط  لك في عواقبه رضــا
ولربما ضاق المضيـق  و لربما اتسع الفضــا
الله يفعـل ما يشــاء  فلا تكـن مـعترضــا
الله عودك الجميـــل  فقس على ما قـد مضى
***

 

إن أردت أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله الفتاح

 إن أردت أن تكون أغنى الناس فكن بما في يدي الله أوثق منك بما في يديك، إن أردت أن تكون أكرم الناس فاتق الله، وإن أردت أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله، هو ( الفتاح )، يفتح لك الأبواب المغلقة، أحياناً يغلق باب الزواج، تخطب، وتخطب، وتخطب، وكلما اهتديت إلى فتاة أعجبتك، لكن أهلها رفضوا الزواج منك، وكلما تيسر أمر تعسر أمر، تقول: سنوات وسنوات وأنا أطرق أبواب الناس، ولا طريق إلى الزواج، باب الزواج مغلق.
 أيها الإخوة الكرام، لعل الله عز وجل حينما يغلق لك الأبواب كلها أراد أن تتجه إليه نحو الأعلى، باب السماء مفتوح دائماً، ولا يغلق، فإذا رأيت أن أبواب الأرض قد أغلقت فمعنى ذلك أنك ينبغي أن تفهم على الله، أغلقها في وجهك كي تتجه إليه، وتصطلح معه، وهذا ما يعانيه المسلمون اليوم، قد تسأل مسلماً بحسب ما يقرأ، وما يسمع، بحسب الواقع والتحليلات يقول لك: ليس هناك من أمل، أبواب الفرج الأرضي أغلقت، وكأن الله يريدنا أن نتجه إليه، وأن نصطلح معه، وإذا رجع العبد العاصي إلى الله نادى مناد في السماوات والأرض أن هنئوا فلاناً، فقد اصطلح مع الله، قد يكون باب الدراسة مغلقاً، لا تنجح، تحمل مواد أكثر مما ينبغي، تجد أن الامتحان شبه مستحيل، أغلق لك أبواب الأرض، وفتح لك باب السماء كي تعتمد عليه، وكي تتوكل عليه، وكي تلجأ إليه، وأراد أن يسمع صوتك، لذلك كلما تذلل الإنسان على أعتاب الله رفعه الله، وكلما علق الأمل عليه فرج الله عنه، وكلما أيقن أنه لا رازق إلا الله، ولا موفق إلا الله، ولا معطي إلا الله، ولا يمكن أن يحقق شيئاً في الأرض إلا بتوفيق الله، وما توفيقي إلا بالله يسّر الله له أموره.

 

من معاني اسم الله الفتاح

 

المعنى الأول: الفتاح هو الذي يفتح لك الأبواب المغلقة

  المعنى الأول من اسم (الفتاح ): أنه يفتح لك الأبواب المغلقة، أنا أخاطب الشباب الآن، شاب من أسرة متواضعة حظها من المال قليل، لكن حظها من الاستقامة كثير، شيء بين يديك غير موجود لا في وظيفة، ولا في تجارة، ولا في دخل، وقد ترى المستقبل مظلماً، لكن يجب أن تعتقد أن الله عز وجل لا ينسى من فضله أحداً، وأنك إذا اعتمدت عليه، وعلقت الأمر عليه، وفوضت الأمر إليه، ورفعت يديك تدعوه فإنه يجعل من ضعفك  قوة، ومن حيرتك اهتداءً، ومن فقرك غنىً، ومن خوفك أمناً، هو ( الفتاح )، يا فتاح، يا كريم، هكذا يقول الناس، التاجر يفتح دكانه، ويقول: يا فتاح اجبر عني هذه البضاعة، الطالب يقول: يا فتاح افتح لي ذهني في الامتحان، الصانع يقول: يا فتاح، المسجون يقول: يا فتاح افتح لي أبواب السجن، اعف عني يا رب، المريض أغلق باب الصحة في وجهه، كلما سأل طبيباً يقول: ما من أمل، حالتك صعبة جداً، فإلى أن تغلق الأبواب كلها أمامه بقي باب السماء مفتوحاً فتوجه إلى السماء
 أول معنى من معاني الفتاح: أنه يفتح الأبواب المغلقة، الأمور المعسرة، الطرق المسدودة، الحيل المخفقة يفتحها، لذلك العوام لهم كلمات على بساطتها رائعة، الذي عند الله ليس عند العبد.
 أعرف رجلاً عنده معمل، وهو ناجح جداً بهذا المعمل، سمع من إنسان صاحب قرار في هذا البلد أن عام ثلاثة وثمانين هذا العام ينتهي فيه القطاع الخاص كلياً، فصدق هذا الكلام، وباع معمله، ثم فتحت الأمور، وسمح  باستيراد المواد الأولية، وراجت البضاعة رواجاً عجيباً، هو خطؤه أنه صدق هذا الإنسان، ولو أنه اعتقد أن الذي عند الله ليس عند أحد، وأن الغيب لا يعلمه إلا الله، وأن الله هو الفتاح العليم لاستمر في عمله.

 

نزلت فلما استحكمت  حلقاتها فرجت
***

 اشتدي أزمة تنفرجي، والآن الأزمة في أشدها على المسلمين في العالم كلها.

 

 

(( يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا ))

 

[أبو داود عن ثوبان]

 كل من في الدنيا يتربص بنا، فلذلك ( الفتاح ) هو الذي يفتح لعباده أبواب فضله، وأبواب رحمته، وأبواب التوفيق، وأبواب النصر، وأبواب الغنى، قولوا: يا فتاح، يا عليم.

 

المعنى الثاني: الفتاح هو الذي يفتح بيننا بالحق

 المعنى الثاني من اسم ( الفتاح )، ربنا افتح بيننا بالحق، خصومات، خلافات كل يدعي أنه على حق، وكل يدعي أن تحليله صحيح، وكل يدعي أن رؤيته صائبة، وكلهم مختلفون، لكن الله سبحانه وتعالى هو الذي يفصل بينهم في الدنيا والآخرة، الله هو الفيصل الذي يفصل الحق عن الباطل
 أحيانا يكون الخلاف الزوجي مستحكمًا، ربنا افتح بيننا، ويكون الخلاف بين شريكين مستحكمًا، ربنا افتح بيننا، أو خلاف بين حضارتين مستحكم، ربنا افتح بيننا، هم يتهموننا أننا إرهابيون وقتلة، وجهال ومتخلفون، ونحن  معنا وحي السماء، معنا منهج الله، معنا رحمة الله، لكن هم يعتقدون خطأً أننا متخلفون، ونحن نعلم علم اليقين أننا على حق، المؤمنون منا طبعاً، فلذلك قال تعالى:

 

 

﴿ قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ ﴾

 

[ سورة سبأ: الآية 26]

 يعني أظهر دينك يا رب.
 مرة أراد نور الدين الشهيد أن يواجه التتار، وقد اكتسحوا العالم الإسلامي، وتفننوا في إذلاله، وفي تقتيل أبنائه، وقد صُفَّتْ في برج الروس خمسون ألف رأس على شكل برج، سجد، وبكى في السجود واسمحوا لي بهذه الكلمة، في أثناء دعائه قال: يا رب، من هو الكلب نور الدين حتى تنصره ؟ انصر دينك يا رب
 الآن الهجمة على إسلامنا، إسلامنا يحاكم، قرآننا يحاكم، لا يريدون لهذا الدين أن تقوم له قائمة، حرب عالمية ثالثة معلنة على الدين، قال: يا رب، من هو الكلب ـ يصف نفسه ـ نور الدين حتى تنصره، انصر دينك يا رب.
 لذلك ( الفتاح ) هو الذي يحكم بين عباده، هو الذي يفصل بينهم، هو الذي يقول بفعله: أنت على حق، وأنت على باطل.

 

المعنى الثالث: الفتاح هو الذي يفتح قلوب المؤمنين بمعرفته

 

 والمعنى الثالث لاسم ( الفتاح ): هو الذي يفتح قلوب المؤمنين بمعرفته، والآية الكريمة:

﴿ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً ﴾

[سورة الكهف]

 ما الباقيات الصالحات ؟ سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، إن سبحته، وحمدتَه، ووحدته، وكبرته فقد عرفته، وإن عرفته فقد عرفت كل شيء، وما فاتك شيء، وما فقدت شيئاً.
 المعنى الثالث لـ ( الفتاح ): هو الذي يفتح لك أبواب معرفته، وشرف المعلوم من شرف العلم، وشرف العالم من شرف المعلوم، أنت تتمنى أن تعرف الله، إذاً يفتح قلوب المؤمنين برحمته وبمعرفته.
 الآن هناك ضيق، وقلق، وكآبة، ويفتح لك باب الأنس به، وهناك حجاب، يفتح لك باب الإقبال عليه، هناك تذمر، يفتح لك باب الرضا فتأنس به، وتقبل عليه، وترضى عنه، هو ( الفتاح )

 

ما نصيبُ المؤمن من هذا الاسم

 أيها الإخوة الكرام، ما نصيبُ المؤمن من هذا الاسم ؟

 

 

لا يأس و لا كآبة

 يجب ألا ييأس، وألا يقنط، وأن يعتقد أن الله عز وجل لا يتخلى عن عباده، ولا يسلمهم لأعدائهم، ونحن نرجو ربنا، نرجو رحمته، ونخشى عذابه، ( الفتاح ) يفتح لنا باب القرب، يفتح لنا باب الإقبال عليه، يفتح لنا باب الأنس به، يفتح لنا باب المودة معه، قال تعالى:

 

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً﴾

 

[ سورة مريم: الآية 96]

 ليس من عادتي أن أشير على إنسان كئيب بطبيب نفسي، أقول له: لا يجتمع إيمان حق وكآبة، إيمان حق مع مرض نفسي لا يجتمعان، يكون المرض أساسه التوهم، طبعاً هناك أمراض نفسية أساسها خلل في الأعضاء،  هذا موضوع ثانٍ، أما مرض نفسي أساسه الكآبة من دون أسباب مادية، هذا شفاؤه الإيمان، فالمؤمن يجب أن يكون متفائلاً، وأن يكون واثقاً، هناك إنجازات عقب هذه الهجمة الشرسة على المسلمين، لكن نحن الآن في دوامة القلق والحيرة، ولكن هناك إنجازات ما كان لها أن تكون لولا الذي حدث

 

لا تغلق الأبواب

 لا تغلق الأبواب، افتحها، يسر الأمور، أعطِ كل ذي حق حقه، طمئن الناس الذين حولك، كن فتاحاً لِما استغلق عندهم، وإياك أن تيأس، لأن الله هو ( الفتاح ) وإياك أن تغلق أبوابك على أحد، اقتبس من كمال الله كمالاً، فكما أن الله عز وجل فتاح الأبواب لمن طرق بابه فأنت أيضا أعطِ، ولا تخف، أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا.
 إذاً يفتح الأبواب المغلقة، ويحكم بين خلقه، ويفتح قلوب المؤمنين بمعرفته، ويفتح باب الأنس به، ويفتح باب الإقبال عليه، ويفتح باب الرضا منه، والمؤمن عليه أن يفتح الأبواب أمام من يقفون على بابه.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور