- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (006)سورة الأنعام
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
أيها الإخوة الكرام ، مع الدرس السابع والثلاثين من دروس سورة الأنعام .
المحسوسات والمعقولات :
ومع الآية المئة ، وهي قوله تعالى :
﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ(100) ﴾
أيها الإخوة ، لا بد قبل تفسير هذه الآية من إعطاء فكرة سريعة عن إعطاء منهج البحث في الإسلام ، نحن في الإسلام عندنا قضايا حسية ، أداة اليقين فيها الحواس الخمس، ترى بعينيك الحاجة، ترى الضوء متألقاً، ترى المروحة تتحرك، تستمع إلى الصوت، تمسك بيدك الشيء، ولكن الأشياء الحسية ظهرت عينها وآثارها، أداة اليقين بها الحواس الخمس، ونحن وبقية المخلوقات سواء في هذا الحيّز، هذه دائرة، الحسيات لها مكان، لكن المعقولات أساسها شيء غابت ذاته، وبقيت آثاره، أداة اليقين بالمعقولات العقل، أي شيء له أثر العقل أداة اليقين به، الحيز الأول حيز المحسوسات، الحيز الثاني حيز المعقولات. عندنا شيء غابت عينه، وغابت آثاره، لا يستطيع العقل إدراكه، بل أعقل عقلاء الأرض لا يستطيع أن يثبت وجوده ما الذي يؤكد لنا وجوده؟ الخبر الصادق .
لذلك موضوع الملائكة، والجن، وما بعد الموت، وأصل الخليقة، والذي لا نراه بأعيننا، والماضي السحيق، والمستقبل البعيد، والذات الإلهية، وأسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى، هناك موضوعات كثيرة ، موضوعات إخبارية ، لذلك أنا أنصح الدعاة إلى الله ألا يتورطوا في طرح موضوعات إخبارية مع الذي لم يؤمن بالله أصلاً، لو قلت له: الجن، وأنت مؤمن بوجود الجن، يقول لك: ما الدليل ؟ لو قلت له : الملائكة ، يقول لك : ما الدليل ؟ تقول له : الصراط يوم القيامة ، يقول لك : ما الدليل ؟ تقول له : الحوض الذي سنرده إن شاء الله، يقول لك: ما الدليل ؟ فأنا أنصح الدعاة إلى الله أن يبتعدوا قدر ما يستطيعون عن قضايا إخبارية، أما نحن كمؤمنين والله كل خلية في جسمنا، وكل قطرة في دمنا، تؤمن بإخبار الله لنا، أما غير المؤمن بالله لا يمكن أن يُناقَش بالقضايا الإخبارية .
العقل والنقل :
إذاً أنت بطولتك الآن أي قضية في الدين، أو أي مقولة في الدين يجب أن تضعها في موضعها، فإن كانت حسية فالحواس الخمس أداة الإيمان بها، وإن كانت عقلية فالعقل، بمعنى أنها غابت ذاتها وبقيت آثارها .
الأعرابي ببساطة ما بعدها بساطة قال: الأقدام تدل على المسير، الذي يمشي غاب عنا، بقيت آثار أقدامه، الآن مركبة تمشي على طريق ترابي تحكم أنها كبيرة أو صغيرة من حجم عجلاتها، ومن آثار عجلاتها، الأقدام تدل على المسير ، والماء يدل على الغدير ، والبعرة تدل على البعير ، أفسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، ألا تدلان على الحكيم الخبير ؟
إذاً دائماً وأبداً بيّن أن هناك قضية حسية، وهناك قضية عقلية، وهناك قضية إخبارية، لا تناقش إنساناً اهتز أصل الإيمان عنده بقضية إخبارية تريحه وتستريح .
الآن عندنا تسلسل، أنت حينما تستخدم عقلك، ويجول جولة في الكون، ويرى القوة، ويرى الحكمة، ويرى الجمال، ويرى القدرة، ويرى العلم، ويرى الحلم، بعقلك يمكن أن تصل إلى الإيمان بالله واحداً، وموجوداً، وكاملاً .
الآن ولأن في القرآن دليلاً فيه، بعقلك يمكن أن تستنبط أن هذا القرآن الكريم كلام الله، وبعقلك يمكن أن تستنبط أن هذا الذي جاء بهذا القرآن الكريم هو رسول الله، فأنت بعقلك وبالدليل العلمي، لأن ذات الله عز وجل غائبة عنا، لكن الكون كله يدل عليه، الكون كله مظهر لأسمائه، الكون كله تعبير عن صفاته وكمالاته، لذلك بعقلك تؤمن بالله، وبعقلك تؤمن بكتابه من خلال الإعجاز العلمي، وبعقلك تؤمن برسوله، وانتهى دور العقل، وجاء دور النقل .
إخواننا الكرام، مثل دقيق جداً: كيف يتكامل النقل مع العقل ؟ دخلت إلى جامعة، الأبنية ، وقاعات التدريس، والمخابر، وسكن الطلاب، والحدائق، والنظام، وإدارة المرور، هذا كله تراه بعينك، وتستنبط أن هذه الجامعة وراءها عقل مدبر، وراءها مهندس كبير، وراءها خبرات متراكمة ، لكن مهما كنت ذكياً، ومهما تأملت في الأبنية، وفي البيوت، وفي المخابر، وفي قاعات المحاضرات، هل تستطيع أن تعرف من هو رئيس الجامعة ؟ مستحيل ، من هم عمداء الكليات ؟ ما نظام النجاح والرسوب ؟ ما شروط القبول ؟ هذه أشياء لا بد لها من نظام داخلي للجامعة ، من كتاب .
كل شيء عجز العقل عن إدراكه أخبرنا الله به :
فمليون موضوع يمكن أن تعرفها من خلال تفكرك في خلق السماوات والأرض، ومليون موضوع آخر لا يمكن أن تعرفها إلا من خلال الوحيين، لذلك الحقيقة الدقيقة أن كل شيء عجز عقلك عن إدراكه أخبرك الله به.
يعني أنت عندك ميزان بمحلك التجاري، وبمحلك التجاري تبيع بضائع للاستعمال المنزلي، وتحتاج لميزان حساس جداً ، لكن من خمسة غرامات إلى خمسة كيلو، هذا أقصى شيء، وأحببت أن تزن سيارتك، هذا الميزان المستخدم في البقالية لا يمكن أن يُستخدم لوزن سيارتك ، ولأن هذا الميزان يعجز عن وزن سيارتك، الشركة الصانعة محترمة جداً كتبت لك على قطعة معدنية داخل المركبة وزن السيارة. .
إذاً هناك أشياء تستنبطها بعقلك، وأشياء يخبرك الله بها ، فالذي عجز عقلك عن إدراكه أخبرك الله به، هذا منهج البحث في الإسلام، تؤمن بالله بعقلك ، وتؤمن بالنبي بعقلك، وتؤمن بالكتاب بعقلك ، ويتوقف العقل ويأتي دور النقل
الآن الموضوع إخباري محض، موضوع الدرس اليوم إخباري محض، الله عز وجل علمنا حينما أقسم ، فقال :
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38)وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) ﴾
معنى ذلك هناك شيء لا نبصره وهو موجود، وعند علماء العقيدة، وعند الفلاسفة أيضاً عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود، هل في جو الجامع بث إذاعي؟ نعم، هل ترونه؟ لا، الدليل: ائتِ بمذياع، وحرك المؤشر، تستمع إلى قرآن كريم، أو إلى نشرة أخبار، معناها هناك بث، والدليل أن المذياع إن دخلت في نفق يتوقف الصوت ، لأن النفق حاجز منع وصول الإشارة إلى المذياع .
إذاً عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود، عندما كانت الأمراض تأتي من غير سبب ظاهر، ثم اكتُشِف وجود كائنات دقيقة جداً لا تراها العين سُميت بالجراثيم ، لأنها أصل المرض ، فالآية الكريمة :
﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ﴾
على الإنسان أن يستعيذ بالله مما يهتم له ومما لا يهتم له :
أحياناً هناك لفتات لطيفة في القرآن :
﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى(6) ﴾
من كان يظن قبل مئة عام أن هناك بترول، هناك الماس، هناك مناجم ذهب، الآن الصراع في الأرض كله على ما تحت الثرى، لا على ما فوق الثرى ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى ﴾
هذه إشارات قرآنية، يعني رجل في ريعان شبابه، رجل في الأربعين من العمر وهبه الله شكلاً وسيماً يفوق حد الخيال، ومالاً لا يحصى، ومركبات، ومطاعم، ومعامل، يعني شيء لا يُصدق، دخل إلى الحمام وجد القاطع قد تعطل، جاء بمن يصلح له هذا القاطع، قال له : هذا المكان قريب ، قد يأتيه رذاذ فيفسده، سأرفعه ، قال له: ارفعه، فلما رفعه أصبح يحتاج إلى كرسي كي يصل إليه، احتاج مرة أن يحركه فطلب كرسي، انزاح الكرسي دخل في مقعده ، دخل للمستشفى عشرين يوماً ثم توفي .
الإنسان يهتم لأمراض كثيرة جداً ، يهتم لمصائب كبيرة، وقد يُدمّر الإنسان على أتفه سبب، فالله عز وجل من عظمته قد يدمر أكبر قوة مباشرة، ما من حاجة، لا تحتاج جيوشاً، ولا طائرات، ولا قصف، ولا حاملات طائرات ، ولا قنابل عنقودية ، ولا رصد جوي ، ولا أي شيء ، إعصار سبب خسائر بقيمة مئة مليار إلى أن أصبحت دولة متخلفة، فقر، ومرض، ومساعدات ، وأضعف الدول أرسلت مساعدة خمسة وعشرين ألف دولار ، هذه صفعة وليست مساعدة ، الله كبير .
مفارقات حادة في خلق الله عز وجل :
والله أيها الإخوة أقول: الله كبير، لا أرتوي من هذه الكلمة ، كبير، يدمر أكبر أمة ، وأقوى أمة على أتفه سبب، من كان يظن أن هذا المعسكر الشرقي الذي يملك من القنابل الذرية ما بإمكانه أن يدمر خمس قارات وخمس مرات تدميراً كاملاً، تداعى من الداخل، تقوّض من الداخل، وكما دُمر هذا العملاق الشرقي نسأل الله أن يأتي دور الغربي فلذلك الله عز وجل يقول :
﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ﴾
﴿ ٱللَّهُ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلْأَرْضَ قَرَارًا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ ۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ
يعني يُهلك أقوى قوى الأرض على أتفه الأسباب، الآن هناك حمّى الطيور، قيل يمكن أن تُميت سبعة ملايين في قارة واحدة، ذعر، قال تعالى :
﴿ وَمَا جَعَلْنَآ أَصْحَٰبَ ٱلنَّارِ إِلَّا مَلَٰٓئِكَةً ۙ وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيَسْتَيْقِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَيَزْدَادَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِيمَٰنًا ۙ وَلَا يَرْتَابَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْمُؤْمِنُونَ ۙ وَلِيَقُولَ ٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَٱلْكَٰفِرُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ ۚ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ
يمكن أن تميت سبع ملايين بالعدوى، حمى الطيور ، فالإنسان مهما تفوق فهو قزم عند الله ، لكن الأحمق هو الذي يتألّه .
(( الْكِبْرِياء رِدَائِي ، وَالْعَظَمَةُ إزَارِي ، فَمَنْ نازَعَنِي وَاحِداً مِنْهُمَا قَذفْتُهُ فِي النّارِ ))
أقول لكم من هو الأحمق ؟ الذي يقول: أنا، من أنت ؟ أنت لا شيء ، قل : الله.
العبادة هي الطاعة الخالصة :
إخواننا الكرام، لا أفتأ أذكر هذا الدرس، إن قلت: الله ، تولاك الله، وإن قلت: أنا ، تخلى الله عنك، جرب ، قل : هذه خبرتي، هذه معلوماتي، أنا ابن فلان، أنا دخلي جيد جداً ، لو ارتفع البنزين يغطي، قد يذهب الدخل كله، والله يا إخوان قصة لا أنساها: لي شخص أعرفه معرفة يقينية، عندهم فتاة مناسبة للزواج، خُطبت، خطبها مهندس محترم، صاحب دين، مقيم بالخليج، وإذ تُخطَب مرة ثانية من قِبل إنسان غني، فالأم خططت لإلغاء الخطبة الأولى ، فأمرت ابنتها أن تقطع الاتصال الهاتفي، وأن لا ترد على الرسائل، وبعدئذ أبلغوا الخاطب، وقد عُقد العقد ، أن لا مصلحة لنا ، طبعاً خطبها هذا الثاني الغني ثم طلقها ، فخُطبت وتزوجت ، ثم طُلقت مرة ثالثة ، والآن هي عانس، أحياناً الإنسان مهما بدا ذكياً الله يدمره إنسان :
(( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ))
الآية الكريمة: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ﴾
(( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ))
كن محسوباً على الله ولا تكن محسوباً على جهة أرضية :
إخواننا الكرام، بالمناسبة لا يليق بالإنسان، بل يُزرِي به أن يكون لغير الله، تكفي هذه الكلمة، لا يليق بك، ويُزري بك أن تكون لغير لله، أنت لله، لذلك كن محسوباً على الله، ولا تكن محسوباً على جهة أرضية، والذي يُحسَب على جهة أرضية قيمته من قيمة هذه الجهة ، فإن سقطت سقط معها، بالمناسبة الدعوة إلى الله أكبر من أن تكون محسوباً على جهة أرضية أنت لله.
﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً (18) ﴾
﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ﴾
﴿وَخَلَقَهُمْ﴾
(( إني والجن والإنس في نبأ عظيم ، أخلق ويعبد غيري ، وأرزق ويشكر غيري، خيري إلى العباد نازل ، وشرهم إلي صاعد ))
إذا أنت دعوت إنساناً، وتكلّفت، وهيّأت له طعاماً نفيساً، وضيافة حارة، ومقعداً وثيراً، وابتسامة مشرقة، بعدما أكل المقبلات، والعصير، والطعام النفيس، والحلويات، والفواكه، توجه إلى خادم في البيت، وقال له: مُمتن جداً لهذه الدعوة، كم يكون موقف هذا الضيف حقيراً! كل هذا الإكرام من صاحب البيت، والطعام طعامه، والإكرام إكرامه، والكلفة دفعها هو، ثم يتوجه هذا الضيف إلى خادم البيت ويمحضه كل امتنانه .
هذا الذي يحدث للناس، تجده ينسى الله، إن جاءه خير من إنسان ينسى الله عز وجل، إن سمح الهإ لطبيب أن يشفي ابنه ينسى الله، يقول لك: هذا الطبيب ليس له شبيه، فهناك شرك واضح جداً .
الشرك الخفي :
إخواننا الكرام ، الآية مخيفة :
﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) ﴾
الشرك الخفي أن ترى مع الله أحداً، نحن بحالة شرك خفي كبيرة جداً، يعني هناك الكثير من الناس إذا ابتسم وحيد القرن يرتاح، إذا ابتسم، وإذا هدد يقلق، الآن يفعل حصاراً اقتصادياً، غداً يرتفع كل شيء ، هناك خوف من غير الله .
﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) ﴾
إخواننا الكرام، كلمة أقولها لكم بصراحة: لا يمكن أن يأمرك أن تعبده وقد أسلَمَك إلى غيره لا تصح.
﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ ٱلْأَمْرُ كُلُّهُۥ فَٱعْبُدْهُ
متى أمرك أن تعبده ؟ بعد أن طمأنك ﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ﴾
نية الكافر شرّ من عمله :
قال تعالى :
﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ ۚ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ
مرة رأيت في محافظة آية ، تقريباً من أضخم قياس قرأته في حياتي :
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِۦ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَٰهَدَ عَلَيْهُ ٱللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10) ﴾
القصة كلها وحوش كاسرة، مخيفة، متوحشة، لكنها مربوطة بأزمّة محكمة بيد جهة قوية، وعليمة، ورحيمة ، وحكيمة ، وهذا الزّمام إن أُرخي وصل الوحش إلي فأكلني ، وإن شُدّ الزمام أبعده عني، أنا علاقتي مع من ؟ مع الوحش أم مع الذي يمسك بالوحش ؟ هذه القصة كلها ، والله وحوش مخيفة ، والله يقول الله عز وجل :
﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ(46) ﴾
نية الكافر شرٌّ من عمله، والله يتمنى أعداء الله ألا نأكل، وألا نشرب، يتمنوننا خُدّاماً لبضاعتهم، هذه الحقيقة ، لكن عندما خلقك الله ما أسلمك لغيره حتى طمأنك، إله يقول:
﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ(62) ﴾
﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍۢ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُغْشِى ٱلَّيْلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُۥ حَثِيثًا وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَٰتٍ بِأَمْرِهِۦٓ ۗ أَلَا لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلْأَمْرُ
الآن شركة تبيع طائرة، باعتها، بعد أن باعتها أمر الطائرة المقاتلة لا للشركة الصانعة بل للشركة التي اشترتها، قد تأمرها أن تقصف أو لا تقصف ، مع الله عز وجل الأمر خلاف ذلك ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾
معنى التوحيد :
هناك أحياناً أساليب يرتكبها أعداء الله كبيرة جداً، كما سمعتم بسجن أبو غريب ، هناك كلاب لا تُطعم لأسبوعين ، فإذا وُضعت في مكان مع إنسان تأكله عن آخره ، إنسان تقي ، الكلب لم يفعل له شيئاً، درس لا ينسى ، العادة يجب أن يأكله بكامله ، ألجمه الله عز وجل ، الأمر بيد الله عز وجل ، ما دمت تعتقد أن الله بيده كل شيء فهذا هو التوحيد ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد
﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ﴾
﴿ وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَٰطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَٰنَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَٰنُ وَلَٰكِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ وَمَآ أُنزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَٰرُوتَ وَمَٰرُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَآ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِۦ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَزَوْجِهِۦ ۚ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِۦ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ ٱللَّهِ
﴿
معنى الخرق :
يجب أن تؤمن بأن أمرك بيد الله وأنت حر، ولا يستطيع أحد أن ينال منك إلا أن يشاء الله، ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ ﴾
﴿وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ﴾
إخواننا الكرام، كيف إذا كان هناك جدار مطلي وجديد خرقته، التوحيد خرق بادعائهم أن الجن شركاء لله عز وجل ، هذا هو الخرق ﴿ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ ﴾
﴿ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ وَقَالَتِ ٱلنَّصَٰرَى ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ
فأهل الكتاب ادّعوا أن لله ولداً، والعرب قالوا: إن لله بناتٍ ، والآية :
﴿ أَفَأَصْفَىٰكُمْ رَبُّكُم بِٱلْبَنِينَ وَٱتَّخَذَ مِنَ ٱلْمَلَٰٓئِكَةِ إِنَٰثًا
بعض العرب قالوا : إن هناك علاقة نَسَبية بين الله وبين الجن ، كله ادّعاء ، والعوام لئن يرتكبوا الكبائر أهون من أن يقولوا على الله ما لا يعلمون ، الله عز وجل :
﴿ فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۚ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا وَمِنَ ٱلْأَنْعَٰمِ أَزْوَٰجًا ۖ يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ۚ لَيْسَ كَمِثْلِهِۦ شَىْءٌ
لا في ذاته ، ولا في أفعاله ، ولا في صفاته .
أحد أكبر أسباب العذاب أن تدعو مع الله إلهاً آخر :
﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ ﴾
﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213) ﴾
أحد أكبر أسباب العذاب أن تدعو مع الله إلهاً آخر.
﴿ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ ﴾
الإنسان بحاجة إلى ولد يعينه إذا تقدمت به السن ، والمرأة بحاجة إلى بنت تعينها إذا تقدمت بها السن ، لكن هل الإله كالبشر ؟ ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾
﴿ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101)﴾
طبعاً هذه الآيات تنفي أن يكون لله صاحبة ، أو ولد ، أو شريك ، أو نسب .
وفي درس آخر إن شاء الله نتابع هذه الآيات .
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين