- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (006)سورة الأنعام
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
أيها الإخوة الكرام، مع الدرس الخامس والثلاثين من دروس سورة الأنعام .
آيات الله ثلاثة أنواع :
ومع الآية السابعة والتسعين، وهي قوله تعالى :
﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ(97) ﴾
أيها الإخوة الكرام، ينبغي أن نعلم أن كلمة آية تعني علامة، وتعني دلالة، وتعني بياناً، وتعني برهاناً، وآيات الله ثلاثة أنواع: آيات كونية خلقه، وآيات قرآنية كلامه، وآيات تكوينية أفعاله، يمكن أن تعرف الله من آياته التكوينية والكونية والقولية أي القرآن .
لكن لا بد من ملاحظة: وهي أنك إذا بدأت بمعرفة الله من خلال آياته الكونية فالطريق سالك وآمن، وكلما ازددت تفكراً في خلق السماوات والأرض ازددت تعظيماً لله ومحبة له، لأن كل ما في الكون ينطق بوجود الله، ووحدانيته، وكماله، فإذا ثنّيت بآياته القرآنية تُكشف لك حقائق كثيرة، والآيات القرآنية تتكامل مع الآيات الكونية، كيف ؟
دخلت إلى جامعة، نظرت إلى أبنيتها، دُهشت لعظمة هذه الأبنية، ولتناسبها مع وظيفتها، قاعات محاضرات، مخابر، جناح لنوم الطلاب، جناح للأساتذة، مدرجات، حدائق كي يستمتع الطلاب، هدوء، مطاعم، أنت تستنبط أن الذي صمم هذه الجامعة مهندس قدير ومتخصص بالجامعات، لكن مهما كنت ذكياً، ومهما أطلت التفكر في هذه الأبنية لا تستطيع أن تعرف النظام الداخلي لهذه الجامعة، ولن تستطيع أن تعرف من هو عميد هذه الكليات، من هو رئيس الجامعة ؟ ما نظامها؟ ما نظام قبول الطلاب فيها؟ ما نظام النجاح والرسوب؟ لهذا لا بد من كتاب. الأبنية، والمخابر، والمدرجات، والحدائق، وأبنية الطلاب، وأبنية المدرسين، والأجواء المحيط بالجامعة، هذه كلها تدلك على أن الذي صممها مهندس قدير، لكن من هو رئيس الجامعة؟ من هم عمداء الكليات؟ ما الأنظمة الداخلية؟ كيف يُقبَل الطلاب؟ كيف يتخرجون؟ هذا شيء لا يمكن إلا أن تأخذه تلقّياً .
لا بدّ من أن تتكامل الآيات الكونية مع الآيات القرآنية :
إذاً ولله المثل الأعلى، هذا الكون يدل على خالقٍ عظيمٍ، على ربٍّ كريمٍ، على مُسَيِّرٍ حكيمٍ، أسماؤه حسنى، صفاته فضلى، مليار دليل على رحمته، وقدرته، وقوته، وجبروته، وحلمه، ولطفه، لكن لماذا خلقنا؟ هذا لا يأتيك بالتفكر يأتيك بالتلقي ، تقرأ القرآن:
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) ﴾
من الذي خلق الكون؟ لا بد له من خالق عظيم، يقول لك القرآن :
﴿ ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ
عَلَمٌ على الذات ، شيء جميل .
﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً (27) ﴾
إذاً لا بد من أن تتكامل آياته الكونية مع آياته القرآنية، فالآيات الكونية تدلك على الله عز وجل، والآيات القرآنية تدلك على سر وجودك، وعلى غاية وجودك، وعلى منهجه، إن الله يحب الصادقين، إن الله يحب المخلصين، إن الله يحب الطائعين .
﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ(1) ﴾
﴿ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍۢ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ
علينا أن نبدأ بآيات الله الكونية ونثني بآياته القرآنية ثم نتفكر في أفعاله :
لا يُكتفى بالكون، يجب أن نضم مع القرآن الكون، آياته الكونية وآياته القرآنية، الآن أفعاله، لكن أفعاله حقل ألغام، كيف؟ لو بدأت بالتفكر في أفعاله يقفز أمامك مليون سؤال وسؤال، لماذا القهر؟ لماذا الأقوياء والضعفاء؟ لماذا اجتياح الدول القوية للدول الضعيفة؟ لماذا الموت من الجوع في إفريقيا؟ لماذا شح الأمطار؟ لو أنك بدأت بآياته التكوينية لقفز إلى ذهنك مليون سؤال، لذلك أنصح أن تبدأ بآياته الكونية، وتثنّي بآياته القرآنية، ثم تفكر في أفعاله، أنت حينما ترى أمة قوية متغطرسة ترتكب كل الحماقات، وكل المحرمات، وكل الموبقات، وتستعلي، وهي قوية، ويبدو أنها تفعل ما تقول، شيء يحير، تفتح القرآن الكريم :
﴿ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِۦ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَٰبَ كُلِّ شَىْءٍ
واضحة : ﴿حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً﴾
أنت حينما ترى فرعون يقتل أبناء بني إسرائيل، ويستحيي نساءهم، ويتفنن في تعذيبهم، وترثي لحال هؤلاء المستضعفين المقهورين، الذين قُتِل أبناؤهم واستُحيت نساؤهم ، ثم تقرأ قوله تعالى :
﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ(5) ﴾
إرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة وحكمته المطلقة متعلقة بالخير المطلق :
إذاً أيها الإخوة، ابدأ بالتفكر في مخلوقات الله عز وجل، وإياك ثم إياك ثم إياك أن تتفكر بالخالق :
كيف يعلم ما سيكون؟ تجاوزت الخط الأحمر، لن تستطيع أن تكشف عدل الله بعقلك إلا بحالة مستحيلة؛ أن يكون لك علم كعلمه، ومادام ليس لك علم كعلمه إذاً تؤمن بعدله من خلال كلامه .
﴿ وَوُضِعَ ٱلْكِتَٰبُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا ٱلْكِتَٰبِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّآ أَحْصَىٰهَا ۚ وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم ۚ بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّى مَن يَشَآءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا(49) ﴾
لا فتيل، ولا قطمير، ولا نقير، ولا حبة من خردل .
﴿ وَنَضَعُ ٱلْمَوَٰزِينَ ٱلْقِسْطَ لِيَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْـًٔا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍۢ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَٰسِبِينَ
ينبغي أن نبدأ بالتفكر في خلقه أولاً، ونثنّي بقرآنه ثانياً، ثم إذا تفكرنا في أفعاله نعلم أن كل شيء وقع أراده الله، وأن كل شيء أراده الله وقع، وأن إرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، وأن حكمته المطلقة متعلقة بالخير المطلق، عندئذٍ تستسلم ، فلذلك يقول الله عز وجل :
أي شيء خلقه الله عز وجل له وظيفتان كبيرتان :
﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ﴾
﴿ سَنُرِيهِمْ ءَايَٰتِنَا فِى الْآفَاقِ وَفِىٓ أَنفُسِهِمْ
فالوظيفة الأولى أن تعرف الله من خلال هذا الذي خلقه لك، هذه الوظيفة الأولى وقد عبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
(( هِلالٌ خَيْرٍ وَرُشْد ))
يرشدني إلى الله وأنتفع به في دنياي، الخير النفع المادي .
يعني كنت أضرب مثلاً بشكل متكرر، أنه إذا كنت فقيراً لا سمح الله ولا قدر فقراً مُدقِعاً، ولا يتيح لك دخلك أن تلعق لعقة عسل واحدة، وقرأت كتاباً عن العسل، فخشع قلبك لله، وعظّمته على بديع صنعه، ولم تلعق لعقة واحدة، أنت حقّقت الهدف الأكبر من خلق العسل، لأنك تعرّفت إلى الله من خلاله، ولو أكلت عسلاً ما شاء لك أن تأكل، ولم تتفكر في هذا الشفاء للناس كما وصفه الله عز وجل فأنت لم تحقق شيئاً من سبب وجود العسل (هِلالٌ خَيْرٍ وَرُشْد)
العالم الغربي حقق الناحية النفعية في كل شيء، والمؤمنون في العالم حققوا الناحية التعرّفية، والدليل أن الله سخر هذا الكون تسخير تعريف وتكريم (هِلالٌ خَيْرٍ وَرُشْد)
ينبغي أن تؤمن بالله من خلال آياته وأن تشكره من خلال نعمائه وإحسانه :
﴿ مَّا يَفْعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَءَامَنتُمْ
انتهى كل شيء ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾
إذاً أنت بين آيات كونية، وآيات قرآنية، وآيات تكوينية، ابدأ بالكونية، وثنِّ بالقرآنية فهما متكاملان، إن استوعبت الآيات الكونية والقرآنية أمكنك أن تفهم الآيات التكوينية، لا تعترض عندئذٍ على الله، لا تقل: في العالم ظلم، لا تقل: هناك أقوياء وضعفاء، كل هذه الأسئلة التي يطرحها أهل الدنيا البعيدون عن الله عز وجل لا تطرحها أنت ، إذاً :
﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا﴾
لكن هناك آيات أخرى :
﴿ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ
تسخير تعريف وتكريم ، ينبغي أن تؤمن به من خلال آياته ، وينبغي أن تشكره من خلال نعمائه وإحسانه .
﴿ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38)وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) ﴾
الجزء الأخير من القرآن الكريم جزء مكي فيه إرشاد إلى التفكر في الكون :
ذكرت لكم كثيراً أن بعد الأرض عن الشمس مئة وستة وخمسون مليون كم، وأن الشمس تستوعب مليون وثلاثمئة ألف أرض، وأن نجم قلب العقرب يستوعب الشمس والأرض مع المسافة بينهما، والحديث عن النجوم لا ينتهي، وقد قال الله عز وجل :
﴿ قُلِ ٱنظُرُواْ مَاذَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۚ وَمَا تُغْنِى ٱلْآيَٰتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوْمٍۢ لَّا يُؤْمِنُونَ(101) ﴾
﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ(24) ﴾
﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ(5) ﴾
﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا(1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا(2) ﴾
﴿ وَالْفَجْرِ(1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ(2) ﴾
تقريباً الجزء الأخير من القرآن الكريم جزءٌ مكيٌّ فيه إرشادٌ إلى التفكر في الكون ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ أي هذا الذي أراد أن يعلم ينتفع من هذه الآيات .
حينما تتخذ قراراً بالبحث عن الحقيقة أي شيء مهما صغر يدلك على الله :
إخواننا الكرام ، هناك آيات عديدة تحير ، قال تعالى مثلاً :
﴿ أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
شيء محير، يا رب، أنا إذا فكرت بهذه الآية أؤمن؟ أم إذا كنت مؤمناً قبلها أنتفع بها ؟ أكثر الآيات: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾
أعرابي راعي إبل قد يهتدي إلى خالق السماوات والأرض من بعرة جمل، ومن غدير ماء، ومن أقدام على الرمال، وإنسان يجلس في أكبر محطة فضائية، أو في أكبر محطة أرضية تتلقى معلومات عن الفضاء بتلسكوبات هي من أعظم ما في العالم اليوم، أو هو على مجهر إلكتروني يرى الخلية بتفاصيلها، إذا أراد هذا الأعرابي راعي الإبل أن يعرف الله، وليس أمامه إلا ماء وأقدام وبعرة يصل إلى الله، وإذا لم يرد هذا الذي في أكبر محطة فضائية، ويرى المجرات العملاقة، ويرى بالمجهر الإلكتروني النُّسج الخَلَوية، فالأول يعرف الله بلا وسائل، والثاني لا يعرفه مع كل هذه الوسائل، لأن طلب الحقيقة يشبه الفيلم في آلة التصوير، فإن لم تطلب الحقيقة قد تلتقط هذه الآلة آلاف الصور الرائعة، لكن لأن صاحب هذه الآلة لم يطلب الحقيقة ليس فيها فيلم تنطبع عليه هذه الحقائق، أما الذي يطلب الحقيقة، ولو كان يملك أصغر آلة أو أقل آلة تعقيداً إنها تنفعه بل ترشده إلى خالقه.
﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾
(من نفس واحدة)
الآية التي تليها :
﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ
﴿مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾
المعنى الثاني: ﴿مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾
إذاً: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾
تمشي في الطريق تستمع إلى بوق سيارة، من يصدق أن في الدماغ جهاز يحسب تفاضل وصول الصوتين إلى الأذنين؟ صوت البوق دخل إلى هذه الأذن قبل هذه الأذن، التفاضل واحد على(1620) جزءاً من الثانية، الجهاز بالدماغ يحسب ذلك، يُصدِر أمراً بالحركة إلى اليمين، لأن البوق جاء من اليسار ، جهاز بالغ التعقيد .
خصائص النفس واحدة تحب الكمال والنوال والجمال :
إذاً أيها الإخوة ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾
خصائص النفس واحدة تحب الكمال، تحب النوال، تحب الجمال، تحب أن تكون متفوقة، تحب المحسن، تكره المسيء، تحب التعاون، لها فطرة، ولها جِبلِّة، ولها صِبغة، ولها طبع، من صمم هذا كله؟ الله عز وجل .
﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ﴾
هناك معنى آخر لمستودع: أنت في الشام، وقد يكون غذاؤك مستودعه في درعا، الخبز الذي تأكله مستودعه هناك، والفاكهة في المكان الفلاني، لك مستقر ولك مستودع يمدك بالغذاء ﴿فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ﴾
الإيمان بأن الله هو الرزاق يدفعك إلى طاعته :
﴿قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ﴾
﴿ ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ
إخواننا الكرام، على رؤوس جبال هملايا يوجد ينابيع ماء، معنى ذلك أن هناك قمم أعلى منها مستودعات للماء كي يشرب الوعول في هذه الارتفاعات الشاهقة الماء ﴿فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ﴾
في بعض البلاد أذكر سبعة آلاف جزيرة ، ثم أنبئت أن الرقم أكبر بكثير، لكل جزيرة نبع ماء عذب ﴿ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ﴾
أيها الإخوة ﴿ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾
الشيء الآخر، أن المستقر في مكان، وقد يكون مستودع غذائك في مكان آخر ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ﴾
(( إن روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها ، فاتقوا الله عباد الله ، وأجملوا في الطلب واستجملوا مهنكم ))
لا تقبل حرفة لا ترضي الله، لأن الذي لك هو لك ولن يكون لغيرك، والذي ليس لك لن يكون لك، الإيمان بأن الله هو الرزاق يدفعك إلى طاعته لا إلى معصيته من أجل الرزق، وفي درس آخر إن شاء الله نتابع هذا الدرس .
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين.