- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (006)سورة الأنعام
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
أيها الإخوة الكرام، مع الدرس الثامن والعشرين من دروس سورة الأنعام .
ليست العبرة أن تُقر أنه إله واحد ولكن العبرة أن ترجو لقاءه :
ومع الآية التاسعة والسبعين ، وهي قوله تعالى :
﴿ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ(79) ﴾
هذا الدين كله دين التوحيد، وقد لخّصه الله عز وجل بكلمات .
﴿ قُلْ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰٓ إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَٰحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَٰلِحًا
هنا نقطة دقيقة جداً، لا يكفي أن تُقرّ بالتوحيد ينبغي أن تتحرك
كنت أضرب مثلاً: يعني في النظام العسكري المُجنّد لا يستطيع أن يقابل قائد الفرقة، مستحيل، يوجد فوقه مراتب كثيرة جداً، والنظام العسكري يقتضي التسلسل، لكن لو أن هذا المُجند رأى ابن قائد الفرقة على وشك الغرق فألقى بنفسه وأنقذه، يستطيع أن يقابله، ويُجلِسه إلى جنبه، ويأتيه بالضيافة ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً﴾
الشرك الجلي والشرك الخفي :
أكثر شكوى تأتيني أن أحواله ضعفت، صلاته ليس فيها خشوع، يعني يؤدي الأعمال الصالحة من دون أن يشعر بقرب من الله عز وجل، لكن هذه الآية هي الرد المُفحِم:
فهنا: ﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ﴾ لا إلى زيد، ولا إلى عبيد، ولا إلى فلان، ولا إلى علان، ولا إلى الشمس، ولا إلى القمر، ولا إلى الحجر، ولا إلى المدر، ولا إلى البقر ولا إلى الأصنام.
﴿ وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ
قومه حاجَجُوه بالشرك أن هذه أصنام تنفع وتضر .
الحجة لا تأتي مع الشرك بل تأتي فقط مع الإيمان :
إخواننا الكرام، مستحيل وألف ألف مستحيل أن يكون مع الشرك حجة، الحجة مع الإيمان .
﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ ءَاتَيْنَٰهَآ إِبْرَٰهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِۦ
يعني لا يمكن أن تقوم للباطل حجة، الحجة ضعيفة، واهية، متمزقة، لا تقف على قدميها، وإذا أصغيت إلى حجج أهل الدنيا رأيت شيئاً مضحكاً، حججهم باطلة، حججهم داحضة عند الله عز وجل، يعني الحجة اليقينية القطعية المقنعة القاطعة لا يملكها إلا المؤمن قولاً واحداً .
بشكل أو بآخر أنا أتمنى لكل واحد منا أن يكون في أعلى درجة من امتلاك الحجة، لكن أقول لكم كلمة لعلها قاسية: ما لم تُقِم الحجة على غير المؤمنين فإيمانك ليس كافياً، لأن الإيمان في الأصل ليس متداولاً بين المؤمنين، بين المؤمنين وبين غير المؤمنين .
مرة حضرت مناقشة دكتوراه، والأطروحة ثمانمئة صفحة، الدكتور المناقِش قال له كلمة، قال له: هذا الكتاب لا يصلح إلا للمسلمين، ولكن جهةً أخرى إذا قرأته لها عليه ألف مأخذٍ ومأخذٍ، قال له: إنك لا تصب ماء في وعاء فارغ، إنك تصب ماء في وعاء ملآن .
فأنت ما لم تفكر كيف يفكر هذا الإنسان الآخر، الآن أكثر شيء مطروح الرأي والرأي الآخر، وأنت كمؤمن يجب أن تعلم الرأي الأخر، ويجب أن تملك حجة تدحض الرأي الآخر، تدحضه بالعلم لا بالصياح لا بالشتم، لا، لا، هذا ليس من سلوك المؤمنين .
الإنسان حينما لا يعلم من هو الله لا يملك الحجة :
حجج أهل الدنيا بالصياح والضجيج، والسّباب والشتائم، أما الحجة العلمية علمٌ لعلمٍ، حجةٌ لحجةٍ، دليلٌ لدليلٍ، لا يمكن أن تقوم حجة للباطل، الحق لا يتعدد، والمؤمن الصادق وحده يملك الحجة.
﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28) ﴾
يعني إنسان معه جوهرة ثمنها مئة مليون أمام إنسان يحمل قطعة من الزجاج ثمنها قروش، فأنت تعلم ماذا تملك، والحقيقة أنت حينما لا تعلم من هو ربك، وكيف أن الله سبحانه وتعالى يدافع عنك، وكيف أن الله سبحانه وتعالى لا يتخلى عنك، أنت حينما لا تعلم من هو الله لا تملك الحجة.
يعني الآن نحن أيها الإخوة في العالم الإسلامي نعاني حالة إحباط سببها الغزو، والتهديد، والاحتلال، والاتهام، والضغوط، هذا كله واقع، لكن المؤمنين الصادقين لا يتأثرون به أبداً .
﴿
الشرّ في النفوس فقط أما في الأفعال فكل شيء وقع أراده الله تعالى :
إخواننا الكرام، يجب ألا ترى مع الله أحداً، على الشبكية يوجد ملايين القوى الجبّارة في الأرض، ملايين القوى الطاغية، ملايين القوى الظالمة، على الشبكية الشر ليس إلا في النفوس، أما في الأفعال فكل شيءٍ وقع أراده الله، وكل شيءٍ أراده الله وقع، وإرادة الله متعلقةٌ بالحكمة المطلقة، وحكمته المطلقة متعلقةٌ بالخير المطلق، ما دام الشيء وقع فقد أراده الله، والحقيقة الدقيقة أنه لكل واقعٍ حكمة، وليس كل مُوقِعٍ حكيماً، قد يكون المُوقِع مجرماً، ولكن لأن فعله وقع فهناك حكمة نعرفها أو لا نعرفها ، نكشفها أو لا نكشفها .
إذاً:
ما لم تكن سعيداً بما وهبك الله من نعمة التوحيد، وما لم تكن مُحاجِجاً بالحجة اليقينية بما وهبك الله من الحق العتيد ففي الإيمان خلل.
موضوع الخوف :
الآن موضوع الخوف ، قال :
﴿وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ﴾ يعني هذه الأصنام أحجار، هذه لا تخيف، والذي يخاف منها عطّل عقله، والحقيقة أحياناً ترى إنساناً في أعلى مرتبة اجتماعية، قد يكون رئيس وزارة في العالم الغربي، يذهب إلى فلكي ليتنبّأ له، معنى ذلك أن ضعف الإنسان يحوجه إلى جهة قوية يعتمد عليها وهذا أصل التدين. قال الله تعالى :
﴿ يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ ٱلْإِنسَٰنُ ضَعِيفًا
نحن جميعاً ضعفاء لكن المؤمن قوّى ضعفه بالله، نحن جميعاً فقراء لكن المؤمن قوّى فقره بالله عز وجل، استغنى بالله، نحن جميعاً جهلاء لكن المؤمن استنار بنور الله، لذلك حاشا يا رب أن نفتقر في غناك، وأن نضل في هداك، وأن نضامّ في سلطانك.
الفكرة دقيقة، أنا لا أخاف هذا الطاغية، لأنه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرا، وأخافه إن شاء الله لي التأديب عن طريقه، سمح له أن يقترب مني: لا يخافن العبد إلا ذنبه، ولا يرجونّ إلا ربه.
لا ينجي المسلم إلا أن تكون عقيدته تحقيقاً لا تقليداً :
الآن :
﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ(62) ﴾
﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍۢ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُغْشِى ٱلَّيْلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُۥ حَثِيثًا وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَٰتٍ بِأَمْرِهِۦٓ ۗ أَلَا لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلْأَمْرُ
أنا لا أخاف من هؤلاء الشركاء
الآن مثلاً الآية الكريمة :
﴿ فَٱعْلَمْ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ
ما قال: فقل، لو قال : فقل ، لقبلت عقيدة المؤمن تقليداً، ولو قُبلت عقيدة الإنسان تقليداً لكانت كل الفرق الضالة ناجية عند الله، لماذا ؟ لأنهم سمعوا من يقف على توجيههم منه كلاماً فصدقوه، إلا أن العقيدة لا تُقبل إلا تحقيقاً وتدقيقاً، مُدلّلة بالأدلة، مُعلّلة بالحكم ، فلو أن العقيدة تُقبل تقليداً لانتهى الأمر، لكن العقيدة لا تُقبل إلا تحقيقاً، لذلك لا ينجّي المسلم أن يكون أبوه مسلماً، وأمه مسلمة، لا ينجّي المسلم إلا أن تكون عقيدته تحقيقاً، فالآية :
كل شيء من الله فإذا جاءك من الله ما تكره فابحث عن ذنبك :
هناك قاعدة في الأمن الجنائي لطيفة: في أية جريمة عندهم قاعدة ابحث عن المرأة، يعني في الأعم الأغلب وراء كل جريمة امرأة، ليست هي القاتلة، لكن هي المُسبب في القتل، أنا أقول لكم: طبقوا هذه القاعدة بشكل آخر، حينما يأتيك ما لا يرضيك ابحث عن الخطأ، ابحث عن الذنب، ابحث عن الخلل، ابحث عن الظلم.
أمثلة من الحياة العامة عن تأديب الله لعباده :
أحد الإخوة الكرام متفوق جداً في اختصاص نادر، المعامل الضخمة فيها حواسيب صناعية، هذا الأخ متخصص بإصلاح الحواسيب الصناعية، ويتلقّى أجراً فلكياً، فمرة استُدعي لإصلاح خلل لحاسوب في معمل، وطلب مبلغاً كبيراً، فصاحب المعمل جادله كثيراً، وساومه كثيراً، حتى ضاق به ذرعاً، وقال له: أنا لست بحاجة إليك، أنت بحاجة إلي، فإن شئت هذا الأجر فأنا جاهز، وإلا فاسمح لي، فصاحب المعمل أذعن له، الأخ صادق ومؤمن، يغلب على ظني أنه صالح، ولا أزكّي على الله أحداً، في العادة يستغرق الإصلاح ربع ساعة، نصف ساعة، ساعة، أول يوم من الثامنة صباحاً حتى الثامنة مساء ما تبيّن معه شيء، ثاني يوم بأكمله، ثالث يوم بأكمله، رابع يوم، خامس يوم، سادس، سابع يوم، ثامن يوم، ما اكتشف الخلل، والأجر على الإنجاز لا على الساعات، على الإنجاز، ثمانية أيام ضاعت من وقته، ولم يكشف الخلل، قال لي: عدت إلى البيت في اليوم الثامن عالجت نفسي، يوجد خلل، دقق وبحث حتى وصل إلى هذه الكلمة: أنا لست بحاجة إليك، أنت بحاجة إلي، إن قبلت بهذا الأجر فأنا آتيك غداً وإلا فاعذرني، فيها كِبر، فيها اعتداد، أقسم بالله العظيم في اليوم التاسع خلال ربع ساعة، طبعاً استغفر، ودفع صدقة، واصطلح مع الله، أقسم بالله العظيم باليوم التاسع بربع ساعة الخلل انكشف، والمشكلة حُلّت، تأديب.
أخ ثانٍ عنده معمل ألبسة، يعني أخ في المسجد علم أن هذا الأخ عنده معمل ألبسة، واقترب العيد، فذهب إليه، وطلب قطعتين لأولاده، طبعاً شراء، لكن هذا المعمل يبيع ثلاثمائة دزينة، أربعمائة دزينة، اعتبر صاحب المعمل أن القطعتين إهانة له، قال له: أنا لا أبيع بالمفرق، قال له: لا عليك، شكراً، فودعه، وخرج من معمله، يقسم بالله العظيم ما دخل إلى معمله إنسان مدة ثلاثة وثلاثين يوماً، الله أدبه، هذه الكلمة كبيرة، إنسان جاء ليشتري وعنده ثلاثة أولاد، لكل ولد قطعة، لا يريد ثلاثمئة دزينة يريد ثلاث قطع فقط، فأنت كبرت نفسك أن تبيعه هذه القطع الله عز وجل أدبه، يوجد ملايين من هذه القصص. فحينما تعتد بنفسك، حينما تقول: أنا، حينما تتحدث عن خبرتك، حينما تعجبك نفسك.
إذا أراد ربك إظهار فضله عليك خلق الفضل ونسبه إليك :
إخواننا الكرام، درسان في القرآن، درس بدر، ودرس حنين، وهذان الدرسان ينبغي أن تلحظهما كل ساعة في حياتك، درس بدر :
﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍۢ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ
معنى أذلة؛ أي مفتقرون إلى الله، اللهم إني تبرّأت من حولي وقوتي، والتجأت إلى حولك وقوتك، يا ذا القوة المتين، ادعُ بهذا الدعاء دائماً .
لذلك درس حنين: لن نُغلب من قلة، هذا درس حنين، هكذا الصحابة قالوا، خاضوا مع النبي حروباً، بذلوا له أرواحهم، وأموالهم .
﴿ لَّقَدْ رَضِىَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ
مع كل هذه الميزات لما قالوا: لن نُغلَب من قلة ، قال تعالى :
﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِى مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍۢ ۙ
هناك درسين: درس بدر ودرس حنين، تقول: الله، يتولاك، تقول: أنا، يتخلى عنك، كلام واضح، ناصح، ناصع، مبين، مع كلمة (الله) يتولاك، مع كلمة (أنا) يتخلى عنك، في حرفتك، في دراستك، يا رب، أنا متقن الحساب أما الجبر فعليك، مرة قال له: أنا متقن مادة الجبر يا رب فسقط بالجبر، أحياناً الإنسان تُغلق عليه أفكاره .
أقول لكم مرة ثانية: القصص حول هذا الموضوع لا تعد ولا تحصى، تقول (أنا) يتخلى عنك، تقول (الله) يتولاك، أنا لا أريد مجاملات مع الله، كله بفضل الله، أريد حقيقة، هل ترى أنه فضل الله عليك؟ هل ترى أنك من دون الله لا شيء؟ هل ترى أن الله سمح لك بالصحة؟ سمح لك بالزواج؟ سمح لك بكسب المال؟ سمح لك أن تنطق بالحق؟ إذا أراد ربك إظهار فضله عليك خلق الفضل ونسبه إليك .
السلطان في الآية التالية هو الحُجّة :
أيها الإخوة، هناك سؤال :
﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً
الآن السؤال مرة ثانية: تريدني أن أخاف من صنمٍ، ليس هناك من حجة أو دليل مقنع على أنه إله، ولا تخاف أنك جعلت مع خالق السماوات والأرض شريكاً، ليس هناك سلطان على شركه مع الله عز وجل،
أي نوع من أنواع الإيمان له من الله حجة :
﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ(82) ﴾
إخواننا الكرام، مرة الحسن البصري سيد التابعين كان عند والي البصرة يزيد، وهو عنده جاء توجيه من يزيد، إذا نفذه أغضب الله عز وجل، وقع هذا الوالي في قلق شديد، إن أغضب يزيد أزاحه من مكانه، وإن أغضب الله أدخله النار، قال له: ماذا أفعل؟ ـ اسمعوا هذا الجواب يا إخوان، هذا الجواب يجب أن يكون شعار كل إنسان قال له: إن الله يمنعك من يزيد، ولكن يزيد لا يمنعك من الله.
إذا أخلصت لإنسان من دون الله، وعبدته من دون الله، لا يمنع عنك الورم الخبيث، ولا الأمراض الوبيلة، ولا حادث مروع، ولكنك إذا كنت مع الله، وأراد هذا الشريك الذي يدَّعيه الناس شريكاً لله أراد بك شراً فالله يحميك منه، إن الله يمنعك من يزيد، ولكن يزيد لا يمنعك من الله.
﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ
﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ(83) ﴾
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين