- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (006)سورة الأنعام
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة الكرام، مع الدرس السابع عشر من دروس سورة الأنعام .
للآية التالية اتصال بآيات سابقة :
ومع الآية الرابعة والخمسين، وهي قوله تعالى:
﴿ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(54) ﴾
أيها الإخوة، لهذه الآية اتصال بآياتٍ سابقة، حيث قال الله عز وجل في آية سابقة:
﴿ وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ(52) ﴾
لما أبى زعماء قريش أنْ يجلسوا في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المؤمنين الضِّعاف الفقراء، ورأوا في هذا الجلوس المشترك ما يخدش أو ما يقلِّل من قيمتهم أبَوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يحضروا ما دام هؤلاء الفقراء في مجلسه، ثم اقترحوا عليه أن يكون يومٌ لهم ويومٌ للزعماء، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم باجتهاد منه وبطمع أن يُسلم هؤلاء الكبار، ولهم أتباع كثر، فكأنه فكّر في أن يوافق، فجاء التوجيه الإلهي :
﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾
الآية السابقة جاءت لتعزز مكانة هؤلاء الذين استصغرهم زعماء قريش :
طبعاً النبي عليه الصلاة والسلام معصوم في أقواله، وأفعاله، وإقراره، لكن لحكمة بالغة بالغةٍ بالغة تُرِك له هامشٌ ضيق جداً للاجتهاد، فإن أصاب أقرّه الوحي على ذلك، وإن ترك الأَولَى، وهذا الاجتهاد يمكن أن يكون وسام شرف له، فرق كبير بين أن تجلس مع من يحبك ومع من يؤمن بك، وبين أن تجلس مع خصمٍ لدودٍ وقحٍ، لا يعبأ بك، ولا برسالتك، ومع ذلك النبي عليه الصلاة والسلام اختار الأصعب، اختار الأصعب طمعاً بهداية الخلق، فاجتهاده وسام شرف له، وإذا عتب الله عليه عتب له ولم يعتب عليه، وفرق كبير بين أن يعتب الله له وبين أن يعتب عليه، لكن الوحي وحي السماء هو الحق المطلق، فالله عز وجل نهاه عن أن يجعل لزعماء قريش يوماً، ولهؤلاء الفقراء الضعاف يوماً، فقال :
﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا﴾ بآياتنا الكونية، بآياتنا القرآنية، بآياتنا التكوينية، هؤلاء الذين أرادوا أن يعرفوا الله، هؤلاء الذين أرادوا أن يصلوا إلى الله، هؤلاء الذين ابتغوا وجه الله، هؤلاء الذين آمنوا بآيات الله، آمنوا بعظمته، آمنوا بعدله، آمنوا برحمته، ابتغوا رضوانه، هدفهم طاعته، هدفهم نيل رضوانه، قال:
(( كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ))
لا تظنن أنك لو كنت في الدرجة الدنيا من السُّلم الاجتماعي ليس لك عند الله شأن، لا، ربما كانت قُلامة ظفر مؤمنٍ مغمورٍ إذا غاب لم يُفتَقد، وإذا حضر لم يُعرَف، أفضل من ملايين من البشر الشاردين التائهين ﴿فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾
الله عز وجل هو السلام وإذا عرفته هداك سبل السلام :
﴿ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ(1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ(2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ(3) ﴾
الذي كان في قمم الحياة الدنيا صار في حضيضها، والذي كان في حضيضها صار في قممها
﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ(88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ(89) ﴾
فلذلك هذه الآية تُسرّي عن هؤلاء المؤمنين الضعاف، ترفع من شأنهم، تُعلِي قدرهم :
الله عز وجل لحكمة منه يخاطبنا بقيمنا :
﴿ وَهُوَ ٱلَّذِى فِى ٱلسَّمَآءِ إِلَٰهٌ وَفِى ٱلْأَرْضِ
﴿ قُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ ۖ لَهُۥ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۖ أَبْصِرْ بِهِۦ وَأَسْمِعْ ۚ
﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾
﴿ قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلَّا مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا
ولم يقل: علينا
حال من شرد عن الله عز وجل :
إخوتنا الكرام ، هؤلاء الذين شردوا عن الله عز وجل في قلوبهم من الخوف، ومن القلق، ما لو وُزِّع على أهل بلد لكفاهم.
إذا كنت في كل حال معــي فعن حملي زادي أنا في غنـى
فأنتم هو الحق لا غيركــم فيا ليت شعري أنا من أنـا
* * *
كن مع الله تر الله معــــك واترك الكل وحاذر طمعـــك
وإذا أعطاك من يمنعــــه ثم من يعطي إذا ما منعـــك
* * *
أطع أمرنا نرفع لأجلك حُجْبنا فإنا منحنا بالرضا من أحبنـا
ولُذ بحمانا واحتمِ بجنابنـــا لنحميك مما فيه أشرار خلقنـا
وعن ذكرنا لا يشغلنَّك شاغـل واخلص لنا تلق المسرة والهنا
وسلم الأمر لنا في كل ما يكن فما القرب والأبعاد إلا بأمرنـا
فيا خجلتي مـنـه إذا ما قال لي أيا عبدنا ما قرأت كتابنــــا
أما تستحي منا ويكفيك ما جرى أما تختشي من عتبنا يوم جمعنا
أما آن أن تقلع عن الذنب راجعاً وتنظر ما به جـاء وعدنـــا
* * *
لذلك أيها الإخوة، هؤلاء الفقراء الضعاف، يقول الله لنبيه الكريم:
مشاعر القهر والحقد والإحباط هذه المشاعر ليست مشاعر المؤمنين :
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً(19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً(20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً(21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ(22) ﴾
المصلي لا يرى الأقوياء إلا وحوشاً قد قُيِّدت بأزِمَّةٍ بيد الله عز وجل، فعلاقة الإنسان العاقل المؤمن ليست مع الوحوش بل مع من يملكها، بدليل أن الله عز وجل يقول :
﴿ مِن دُونِهِۦ ۖ فَكِيدُونِى جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ(55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(56) ﴾
أعراض الإعراض عن الله عز وجل :
علاقتك ليست مع الوحوش ولكن مع من يملكها، فإذا رضي عنك الذي يملكها أبعدها عنك، وإذا لم يرضَ عنك الذي يملكها قرّبها إليك، هذا هو التوحيد، في التوحيد لا يوجد قهر، و في التوحيد لا يوجد إحباط، وفي التوحيد لا يوجد قلق، وفي التوحيد لا يوجد انسحاق، وفي التوحيد لا يوجد شعور باليأس، كل هذه المشاعر هي أعراض لمرض واحد، هو الإعراض عن الله عز وجل، أعراض الإعراض
﴿ وَمَا مِن دَآبَّةٍۢ فِى ٱلْأَرْضِ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا
حيثما جاءت كلمة (على) مع الذات الإلهية لا تفيد الإلزام الخارجي، ليس فوق الله أحد، تفيد الإلزام الذاتي.
﴿ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى(12) ﴾
يعني أن الله عز وجل ألزم نفسه بهداية الخلق.
﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا
ما شرعت التوبة إلا لأن الإنسان قد يخطئ :
قال تعالى :
﴿ إِنِّى تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّى وَرَبِّكُم ۚ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلَّا هُوَ ءَاخِذٌۢ بِنَاصِيَتِهَآ ۚ إِنَّ رَبِّى عَلَىٰ صِرَٰطٍۢ مُّسْتَقِيمٍۢ(56) ﴾
الله عز وجل ألزم نفسه بالاستقامة، وألزم نفسه برحمة العباد، وألزم نفسه بكل خير، فكلمة (على) وكلمة (كتب) الكتابة الذاتية و(على) الإلزام الذاتي، لأن الله سبحانه وتعالى يقول في الحديث الصحيح القدسي :
(( عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فِيما رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أنَّهُ قالَ:
لكن البشر ليسوا كذلك، هم يستبدون، ويطلبون من الدول الضعيفة ألّا تستبد، هم يستبدّون بحق النقض في مجالسهم، ويطلبون من الدول الفقيرة ألّا تكون مستبدةً، نحن لسنا مع الاستبداد قطعاً، لكن هم مستبدون (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّماً، فَلَا تَظَالَمُوا)
إذاً معنى:
(( كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاءٌ، فخَيرُ الخطَّائينَ التوَّابونَ
وما شُرِعت التوبة إلا لأن الإنسان قد يخطئ، فهؤلاء الذين يؤمنون بآيات الله، وهؤلاء الذين كتب الله على نفسه الرحمة لهم:
البطولة أن تحترم ذاتك :
إذاً:
فلذلك البطولة أن تحترم ذاتك، قد تستطيع أن تفعل شيئاً لا يرضي الله، ولا يرضي الناس، لكن لا أحد يعلم به إطلاقاً، لكنك لفطرتك العالية تشعر بانهدام داخلي .
مرةً في فندق في ألمانيا كُتب على بعض الأَسِرّة أنه " إن لم تنم طوال الليل، وتقلبت قلقاً فاعلم أن العلة ليست في فُرشنا، إنها وثيرة، ولكن العلة في ذنوبك ".
أسعد الناس هو الذي ينام وليس في عنقه شيء، لا حق مادي ولا حق معنوي، قد يكون بيته متواضعاً، ودخله لا يكفي، لكن البطولة أن تنام ناعم البال، ليس هناك إنسان تعلق حقه بك، أن تنام ولم تبنِ مجدك على أنقاض الناس، ولم تبنِ غناك على فقرهم، ولا حياتك على موتهم، ولا أمنك على خوفهم، ولا عزك على ذلهم، ومعظم الذين يصلون إلى مراتب عالية بسرعة كبيرة في الأعم الأغلب يكون هذا الوصول على حساب قيمهم، وعلى حساب مبادئهم.
فهؤلاء:
ما معنى بجهالة؟ الحقيقة أن الإنسان الجاهل لا يعني أنه ليس عنده معلومات، عنده معلومات كثيرة جداً لكن كلها ليست صحيحة، هذا هو الجاهل، يقول الشاعر في الجاهلية :
فإن كنت لا تستطيع دفع منيتي فدَعني أبادرها بما ملكتْ يدي
* * *
البطولة أن تأتي تصوراتك مطابقة لمنهج الله عز وجل ولمقاييس القرآن الكريم :
وهناك أناس كثيرون يقولون: أنت الآن شاب، افعل كل شيء من أجل أن تستمتع بشبابك، غداً تتوب، هذا الذي يدعو إلى المعصية، هذا الذي يدعو إلى المتعة، محرمةً كانت أو مشروعةً، هذا جاهل، هذا الذي يدعو إلى معصيةٍ، أو إلى تفلّتٍ، أو إلى اختلاطٍ، أو إلى ممارسة شهوةٍ محرمة، هذا جاهل، هو يرى أنه يسعد بذلك، والحقيقة أن السعادة شيء واللذة شيء آخر، السعادة نفسية تنبع من الداخل، يملكها كل إنسان، مُتنامية تنتهي إلى الجنة، بينما اللذة خارجية تأتي من الخارج، تحتاج إلى أموال، وإلى وقت، وإلى جهد ومتناقصة، وتعقبها كآبة ﴿مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ﴾ يعني بتصوُّرٍ غير صحيح، هذا الذي يتوهّم أنه كلما استمتع بالملذات المُحرمة كان أذكى، وكان أعقل، وهناك أناس كثيرون يرون المعصية مغنماً، والانحراف عن الطريق الصحيح تحرراً، والانغماس في الملذات تمتعاً، وكسب المال الحرام شطارة، هؤلاء الجهلة، ليس معنى جاهل أنه لا يعلم، لا، يعلم معلومات غير صحيحة، إذا توهم الإنسان أنه كلما أكثر الملح في الطعام انخفض ضغطه، هذا جاهل أم عالم؟ هذا جاهل، يحب الملح الكثير فيكثر منه كثيراً، ويقول: لا، الملح يسهم في تخفيض الضغط، مثلاً، هذا جاهل، كل إنسان يتوهم أنه إذا غش الناس يزداد ربحه، لكن بعد حين ينفض الناس عنه، البطولة أن تأتي تصوراتك مطابقة لمنهج الله عز وجل، البطولة أن تأتي قيمك قيم القرآن الكريم، البطولة أن تأتي مقاييس الفوز عندك كمقاييس القرآن الكريم.
﴿ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
﴿ كلُّ نَفْسٍۢ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلْغُرُورِ
إذاً:
إذا كانت التوبة علماً وحالاً وعملاً عندئذٍ تكون التوبة نصوحاً :
إخواننا الكرام، هذا الإنسان الذي زلّت قدمه، وعمل سوءاً بجهالة، أي بتصور خاطئ.
هناك معنى آخر للجهالة:
فلذلك العلماء يفرقون بين من يعصي الله عن قصد وعمد وتخطيط، وبين من يعصي الله عز وجل عن ضعف وغلَبة، لذلك أن تعصيه استكباراً، وتخطيطاً، وعامداً، ومخططاً شيء، وأن تعصيه في لحظة ضعف، ثم تبكي كثيراً، وتتوب إلى الله عز وجل، هذا شيء آخر.
إذاً الآية:
﴿ وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ
الله عز وجل غفور رحيم بعد التوبة والإصلاح :
الله عز وجل أفرح بتوبة عبده من الضال الواجد، والعقيم الوالد، والظمآن الوارد . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ ، وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ ، فَأَيِسَ مِنْهَا ، فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا ، قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ : اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي ، وَأَنَا رَبُّكَ ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ ))
إذاً:
﴿ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ(119) ﴾
المغفرة محو الذنب :
﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ(50) ﴾
﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ(54) ﴾
إذاً: هذا الذي يتوهم أن القضية سهلة جداً، أن تتوب توبة نصوحاً قضية سهلة جداً، أما أن تتوهم أن الله غفور رحيم من دون توبة، ومن دون استقامة، ومن دون ندم، ومن دون إصلاح لما مضى، ومن دون ترك للذنب فوراً، ومن دون أن تعقد العزم على ألا تعود له فهو واهم وخاطئ .
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين