وضع داكن
27-12-2024
Logo
الدرس : 11 - سورة الأنعام - تفسير الآيات 36-38 ، اتحاد المعجزة بالمنهج
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

 أيها الإخوة الكرام ، مع الدرس الحادي عشر من دروس سورة الأنعام .


الله عز وجل يصف الذين يدَّعون السماع ولا يطبقون بأنهم لا يسمعون :


 مع الآية السادسة والثلاثين ، وهي قوله تعالى :

﴿  إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36) ﴾

[ سورة الانعام ]

 الذي يستمع في القرآن الكريم يعني أن يطبق، وما لم تطبق فلست مستمعاً .

﴿ إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَٰهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ مَوْلَىٰهُ وَجِبْرِيلُ وَصَٰلِحُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ۖ وَٱلْمَلَٰٓئِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ(4) ﴾

[  سورة التحريم  ]

 علامة إصغائكما إلى الله التوبة، يعني ما لم تتحرك، ما لم تتخذ موقفاً، ما لم تستجب، ما لم تصل، ما لم تقطع، ما لم تعطِ، ما لم تمنع، ما لم تغضب، ما لم ترضَ، ما لم تتخذ موقفاً من سماعك للحق، فكأنك لم تسمع للحق. 

﴿إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ﴾ أي إنما علامة استجابة الذين يسمعون أن يستجيبوا للحق.

 أيها الإخوة الكرام، لا يمكن أن تقول لإنسان: على كتفك عقرب شائلة، ويبقى هادئاً مرتاحاً مبتسماً، ويلتفت إليك ويقول لك: أشكرك على هذه الملاحظة، وأسأل الله أن يُمكّنني أن أكافئك عليها، حتماً لم يسمع ما قلت له، ولو سمع ما قلت له لمّا تكلم ولا كلمة، بل ارتعدت فرائصه، وخلع معطفه ليبعد العقرب عنه، أليس كذلك؟ 

 مستحيل أن تدرك ولا تنفعل، مستحيل أن تنفعل ولا تتصرف، مستحيل أن تنفعل ولا تتحرك، الله عز وجل يصف الذين يدَّعون السماع ولا يطبقون بأنهم لا يسمعون .


الاستجابة تكون بالإيجاب أما الذي لا يستجيب فهو عند الله ميت :


 لكن أيها الإخوة، فرق كبير بين يستجيب وبين يُجيب، قد تسأل أحداً مبلغاً من المال فإذا قال لك: لا، لقد أجابك، لكن أجابك بالنفي، أجابك بالسلب، أجابك بغير مرادك، أما حينما تسأل أحداً مالاً، ويستجيب لك، أي يعطيك المال، فالاستجابة شيء، والإجابة شيء آخر، الإجابة قد تكون سلباً أو إيجاباً، لكن الاستجابة لا تكون إلا إيجاباً، فلذلك :

﴿  يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَٱعْلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِۦ وَأَنَّهُۥٓ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) ﴾

[  سورة الأنفال ]

 فالاستجابة تكون بالإيجاب، أما الذي لا يستجيب هو عند الله ميت، الدليل: ﴿إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى﴾ يعني والذين لا يستجيبون، لأنهم لم يستمعوا حقيقةً هم عند الله موتى .

وليس من مات فاستراح بميت *** إنما الميت مــيت الأحياء

* * * *

 وقد قال الله عن هؤلاء الشاردين :

﴿  أَمْوَٰتٌ غَيْرُ أَحْيَآءٍۢ ۖ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ(21) ﴾

[  سورة النحل ]

 وقد قال عنهم أيضاً:

﴿  وَمَا يَسْتَوِى ٱلْأَحْيَآءُ وَلَا ٱلْأَمْوَٰتُ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ ۖ وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍۢ مَّن فِى ٱلْقُبُورِ (22) ﴾

[  سورة فاطر  ]

 فالخطورة أن يموت قلب الإنسان، أن يكون قلبه مُغلفاً، أن يكون سمعه فيه وقر، أن يكون القرآن عليه عمىً، هذه حالة مرضية خطيرة مُهلِكة ﴿إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾


خيارك مع الإيمان خيار وقت :


 إذاً: إذا دعاك خالق السماوات والأرض، دعاك إلى أن تعبده كي تسعد بعبادته في الدنيا والآخرة، إذا دعاك إلى جنة عرضها السماوات والأرض، وجعل الكون كله دليلاً على وجوده وكماله ووحدانيته، وجعل منهجه متوافقاً مع حاجاتك الأساسية، من حاجة إلى الأمن وإلى الكفاية، وإلى السلامة، وإلى السعادة، فإذا استجبت فقد حققت الهدف الذي من أجله خُلِقت، وإذا لم تستجب، بمعنى أنك لم تستمع السماع الذي أراده الله عز وجل ، فأنت عند الله ميت ﴿وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ﴾ لكن هذا الذي يموت بعد أن يموت يعرف الحقيقة .

﴿ لَّقَدْ كُنتَ فِى غَفْلَةٍۢ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) ﴾

 

[ سورة ق  ]

 لكن متى عرف الحقيقة؟ بعد فوات الأوان، ولا قيمة لهذه المعرفة إطلاقاً، إذاً: معنى ذلك أن خيارك مع الإيمان خيار وقت، ليس غير، لأن أكفر كفار الأرض حينما أدركه الغرق قال :

﴿  حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ(90) ﴾

[ سورة يونس  ]

 متى؟ بعد فوات الأوان، يعني شيء لا بد منه، إما أن يكون وأنت في ريعان شبابك:

((  اغتنم خمساً قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك ))

 

[ رواه الحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس  ]


أحمق أهل الأرض الذي يوقع الأذى في بني البشر ويظن أنه سينجو من عقاب الله :


 إما أن تؤمن في الوقت المناسب، أو أن يكون الإيمان لا جدوى منه لأنه جاء بعد فوات الأوان ﴿إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ .

﴿  إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ(25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ(26) ﴾

[  سورة الغاشية  ]

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(93) ﴾

[  سورة الحجر  ]

 لن تجد على وجه الأرض إنساناً أغبى من الذي لا يُدخل المسؤولية يوم القيامة في حساباته، هذا أحمق أهل الأرض، الذي يُوقع الأذى في بني البشر ويظن أنه سينجو من عقاب الله .

﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ(42) ﴾

[  سورة إبراهيم  ]


في الآخرة يأتي الإنسان ربه فرداً ليس له شيء إلا عمله الصالح :


 أنت في الدنيا حولك جمع غفير يؤيدونك بإشارة منك، هذا في الدنيا فقط، أما في الآخرة : 

﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍۢ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَٰكُمْ وَرَآءَ ظُهُورِكُمْ ۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَٰٓؤُاْ ۚ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (94) ﴾

[  سورة الأنعام  ]

 لا أحد معك، انظر الآن، قد تعتدي دولة كبرى طاغية، فكل من له مصلحة معها يؤيدها، ويعينها على باطلها، وعلى ظلمها، وعلى عدوانها، في الأرض هناك تكتلات، وقد يكون التكتل على باطل، هذا في الدنيا فقط، ولكن في الآخرة يأتي الإنسان ربه فرداً، ليس له شيء إلا عمله الصالح .

 إذا وقعت عين الأم على ولدها يوم القيامة تقول: يا بني، هل من حسنة منك أرجو ثوابها ؟ قال: يا أمي، ليتني أستطيع ذلك، إنما أشكو مما أنتِ منه تشكين، قالت: يا بني، ألم يكن لك صدري سقاءً، وبطني وعاءً، وحجري غطاءً، قال لها: ليتني أستطيع ذلك .

﴿  فَإِذَا نُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَلَآ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍۢ وَلَا يَتَسَآءَلُونَ(101) ﴾

[  سورة المؤمنون  ]

 انتهت كل علائق الأرض، لذلك أغبى أغبياء أهل الأرض هؤلاء الذين يبطشون، ويقتلون، ويهدمون، ويظنون أنهم لن يحاسبوا ﴿إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾


معجزة النبي معجزة مستمرة فكلما تقدم العلم كشف عن جانب كان غائباً عن الناس :


﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (37) ﴾

[  سورة الأنعام  ]

 لأنه بلغهم أن أنبياء الله السابقين جاؤوا بمعجزات حسية  فسيدنا إبراهيم أُلقي في النار ولم يحترق، وسيدنا موسى جعل عصاه ثعباناً مبيناً، وهكذا، وفاتهم أن هؤلاء الأنبياء إنما بعثوا إلى أقوامهم فحسب، لذلك كانت معجزاتهم حسية، لأقوامهم فقط، فيؤمن بها من رآها، ومن لم يرها قد يؤمن وقد لا يؤمن، لكن غاب عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين، ولكل البشر أجمعين، وأن كتابه آخر الكتب، لذلك لا بد من أن تتحد معجزته بمنهجه، واتحاد المعجزة بالمنهج هي أن في القرآن آيات كثيرة فيها إشارات تعد سبْقاً علمياً، فكلما تقدم العلم كشف عن جانب من عظمة هذه الإشارات، وهذا دليل قطعي أبدي على أن هذا القرآن كلام الله ، لذلك غاب عنهم أن معجزة النبي صلى الله عليه وسلم أبلغ من أية معجزة، إنها ليست كتألق عود الثقاب تتألق ثم تنطفئ فتصبح خبراً يصدقه من يصدقه أو يكذبه من يكذبه، إن معجزة النبي صلى الله عليه وسلم معجزة مستمرة، فكلما تقدم العلم كشف عن جانب كان غائباً عن الناس، مثلاً حينما يقول الله عز وجل :

﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَسْتَحْىِۦٓ أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِۦ كَثِيرًا وَيَهْدِى بِهِۦ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِۦٓ إِلَّا ٱلْفَٰسِقِينَ (26) ﴾

[  سورة البقرة ]

 بعوضة ! في كتاب الله؟ في وحي السماء ؟ في منهج الله عز وجل ؟ بعوضة ! 


خلق البعوضة آية من آيات الإعجاز العلمي :


﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً﴾ ما قيمة هذا المخلوق الهيّن على الناس؟ وقد أشار النبي إلى ذلك ، فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : 

((  لَوْ كَانَتْ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ  ))

[ الترمذي عن سهل بن سعد  ]

 بعوضة ذُكرت في سورة البقرة، فلما اختُرِع المجهر الإلكتروني الذي يكبر أربعمئة ألف مرة، ووُضِعت البعوضة تحته، تبين أن في رأسها مئة عين، وفي فمها ثمانية وأربعين سناً، وفي صدرها ثلاثة قلوب، قلب مركزي، وقلب لكل جناح ، وفي كل قلب أذينان وبطينان ودسامان ، ومع البعوضة أجهزة لا تملكها الطائرات، جهاز استقبال حراري ترى الأشياء لا بأشكالها، ولا بأحجامها ، ولا بألوانها، ولكن بحرارتها، وحساسية هذا الجهاز واحد على ألف من الدرجة المئوية، ومعها جهاز تحليل دم فما كل دم يناسبها ، ينام أخوان على سرير واحد ، يستيقظ الأول وقد مُلئ بلسع البعوض، والثاني لم يُصب بشيء ، معها جهاز تحليل للدم ، ولكي يسلك الدم في خرطومها الدقيق لا بد من أن يتميع ، معها جهاز تمييع دم، ولئلا تقتل في أثناء امتصاص الدم معها جهاز تخدير، فمن جهاز استقبال حراري رادار، إلى جهاز تحليل، إلى جهاز تمييع، إلى جهاز تخدير .

أما خرطومها لما وضع تحت المجهر الالكتروني تبين أن له ست سكاكين، أربع سكاكين لإحداث جرح مربع، وسكينان تلتئمان على شكل أنبوب لامتصاص الدم، وتبين أن في أرجل البعوضة مخالب كي تقف على سطح خشن، ومحاجم على أساس تفريغ الهواء كي تقف على سطح أملس. 

إذاً: هذه الآية من آيات الإعجاز العلمي ، هذا متى عُرِف ؟ بعد اكتشاف المجهر الالكتروني ، إذا قال الله عز وجل :

﴿ ٱلَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍۢ طِبَاقًا ۖ مَّا تَرَىٰ فِى خَلْقِ ٱلرَّحْمَٰنِ مِن تَفَٰوُتٍۢ ۖ فَٱرْجِعِ ٱلْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍۢ(3) ﴾

[  سورة الملك  ]

 ليس معنى التفاوت بالحجم  بين البعوضة والحوت الأزرق مسافة كبيرة جداً، الحوت الأزرق فيه ما يقدر بخمسين طنّاً من اللحم، وخمسين طنّاً من العظم، وخمسين طنّاً من الدهن، وتسعين برميلاً من الزيت، ويرضع وليده ثلاثمئة كغ في كل رضعة، ثلاث رضعات في اليوم، وطنّاً من الحليب ، فهناك تفاوت كبير بين البعوضة وبين الحوت، لكن معنى الآية: ﴿مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ﴾ في إتقان الصنعة، نحن كبشر نصنع صناعة متقنة جداً وصناعة رخيصة للاستهلاك الخفيف قطعة للمنزل، أما قطعة الصناعة من مواد أولية عالية جداً، لكن الله تعالى يقول: ﴿مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ﴾ .


معجزة نبينا محمد هي الكتاب الذي أنزل عليه وهو القرآن الكريم :


 إذاً : قضية أن تأتي النبي صلى الله عليه وسلم آية حسية هذه قضية متعلقة بالأنبياء السابقين، الذين جاؤوا لأقوام محدودين، والمعجزة لهؤلاء فقط ، أما أن يأتي نبي لكل الأمم والشعوب، ولآخر الزمان، وكتابه آخر الكتب، فلا بد من تلازم بين المعجزة وبين المنهج، الإنجيل شيء، وسيدنا عيسى أحيا الميت، شيء آخر، التوراة شيء، وسيدنا موسى جعل البحر طريقاً يبساً شيء آخر، أما النبي الكريم عليه أتم الصلاة والتسليم معجزته هي كتابه، المعجزة في القرآن الكريم . 

﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ أراد الله العلاقة بينه وبين العباد علاقة حب، وعلاقة ود، وعلاقة اختيار، وعلاقة طواعية، وعلاقة مبادرة شخصية، ما أرادها علاقة قهر وسيطرة، ولو أراد الله أن يخضع الناس جميعاً له لجعلهم أمة واحدة. 

إذاً: إن الله عز وجل قادر أن ينزل آية تجبر الناس على الإيمان.

﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ أنّ هذا الإيمان القسري لا يسعد صاحبه. يعني تماماً لو أن رئيس جامعة أراد أن ينجح كل الطلاب، قضية سهلة جداً، يوزع أوراق الامتحان مطبوع عليها الإجابة التامة، والعلامة مئة من مئة، لكن يكلّف الطالب كتابة اسمه، لكن هذه الدكتوراه لا تساوي شيئاً لا عند رئاسة الجامعة، ولا عند المجتمع، ولا عند صاحبها، لا قيمة لها إطلاقاً، فأن تقول : ألا يستطيع رئيس الجامعة أن ينجح جميع الطلاب ؟ بلى، ولكن هذا النجاح لا قيمة له إطلاقاً ، هذه معنى قوله تعالى : 

﴿لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَة مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَة وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾


النمل من آيات الله الدالة على عظمته :


 ثم يقول الله عز وجل :

﴿  وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38) ﴾

[  سورة الأنعام  ]

 أيها الإخوة الكرام ، أريد أن أشرح لكم هذه الآية من خلال بحث علمي عن مجتمع النمل ، فالنملة حشرة اجتماعية راقية، موجودة في كل مكان، وفي كل وقت وزمان، بل إن أنواع النمل تزيد عن تسعة آلاف نوع، وبعض النمل يحيا حياة مستقرة في مساكن مُحكمة، هذا المجتمع المدني للنمل ، وبعض النمل يحيا حياة الترحال كالبدو تماماً، هذا مجتمع البدو عند النمل ، وبعضهم يكسب رزقه بجده وسعيه بمجتمع حضاري ، وبعضهم يكسب رزقه بالعدوان والسيطرة.

النمل حشرة ذات طبع اجتماعي فإذا عُزلت عن أخواتها ماتت، ولو تهيأ لها غذاء جيد، ومكان جيد، وظروف جيدة، فهي كالإنسان، إذا عزلته في مكان بعيد عن الضوء والصوت والساعة والزمن والليل والنهار عشرين يوماً فقد توازنه، واختل عقله .

 تُعلم النملة الإنسان درساً بليغاً في التعاون، فإذا التقت نملة جائعة بأخرى شبعى تعطي النملة الشبعى للجائعة خلاصات غذائية من جسمها، ففي جهازها الهضمي جهاز ضخ تُطعم به غيرها من جياع النمل، ومعها جهاز مص لتأكل، الإنسان مص فقط لا يضخ شيئاً ، لذلك قال صلى الله عليه وسلم : 

((  ليس المؤمن الذي يبيت وجاره إلى جنبه جائع  ))

[  رواه علقمة بن أبي علقمة عن أمه عن عائشة  ]

 أيها الإخوة، لقد رصد العلماء طرق معيشة النمل، وأدهشهم عملها الجاد الدؤوب في تحصيل أرزاقها، والتعاون، وتوزيع الوظائف فيما بينها بكل دقة وجدية، فللنمل ملكة كبيرة الحجم، مهمتها وضع البيض، وإعطاء التوجيهات، ولها مكان آمن في مساكن النمل، يعني لها قصر، وهي على اتصال دائم بكل أفراد المملكة .


بعض من مهام النمل :


 الإناث العاملات عند النمل لها مهمات متنوعة، من هذه المهمات: تربية الصغار، وهذا يشبه عندنا قطاع التعليم،وفي النمل عساكر لها حجم أكبر، ولها رأس صُلب، كأن عليه خوذة، وهذا يشبه قطاع الجيش في حراسة المملكة، وحفظ الأمن ورد العدوان، ومن مهمات العاملات: تنظيف المساكن والممرات، وهذا يشبه قطاع البلديات، ومن مهماتها سحب جثث الموتى من المساكن، ودفنها في الأرض، وهذا يشبه مكاتب دفن الموتى، ومن مهماتها أيضاً جلب الغذاء من خارج المملكة ، وهذا يشبه قطاع المستوردين، ومن مهماتها زرع الفطريات، وهذا يشبه قطاع الزراعة، ومن مهمات العاملات تربية حشرات تعيش النمل على رحيقها، وهذا يشبه قطاع مربي الماشية .

 إن للنمل نظاماً دقيقاً في معاشه، فله قائد يوجهه ويأمره، وله مساكن يعيش فيها، وهذه المساكن مقسمة إلى غرف معيشة، ومستودعات لتخزين المُؤَن، ولها دهاليز معقدة عليها حراسة مشددة على مدار الساعة، ويجتمع في تلك المساكن قرى كاملة كأنها مستعمرات تصل بينها طرق ومسالك، حيث تهتدي بها إلى سطح الأرض .

 يعمل النمل في قراه بموجب انضباط مدهش وصارم للغاية، وبإشراف النمل الذي كبرت رؤوسه، وعظمت خراطيمه ، دققوا الآن في تفسير قوله تعالى : 

﴿إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ﴾ يبني النمل المدن، ويشق الطرقات، ويحفر الأنفاق، ويخزن الطعام في مخازن وصوامع، وبعض أنواع النمل يقيم الحدائق، ويزرع النباتات، وبعض أنواعه يشن حروباً على قبائل أخرى، قال الله عز وجل : 

﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾ هناك نوع من النمل يبني بيوته فوق الأرض، من أوراق الأشجار وأغصانها، ويكثر هذا تحت شجر الصنوبر، أو ينحت هذه البيوت في الأشجار العتيقة كما يتخذ الإنسان من الجبال بيوتاً، ومع أن النمل لا يملك الآلات والعدد فإنه يبني أبراجاً في غاية الدقة والإحكام ، مستعيناً بمقص فمه الحاد، حيث يمضغ ما يقصه حتى يصبح كالعجين، ولعل ما بناه القدماء المصريين في مساكنهم وأهراماتهم كان تقليداً للنمل .

 يبقى صغار النمل في الديار، تحفر هذه الصغار الحجرات، وتبني السراديب، وتنمو وهي فيها ، بالإضافة إلى وجود المربيات، وبعض النمل مسؤول عن الحراسة، والتنظيف ، وحفظ وترتيب المُؤَن التي يحضرها النمل العامل، وهو يأبى كل الإباء أن يطّلع أحد على أسراره، أو أن يتطفل عليه لمعرفة نظامه العجيب في الحياة .


بعض الغرائز التي أودعها الله في النمل :


 وقد وجد العلماء أن النمل حينما يغادر قريته يرسل في كل مسافة معينة مادة كيمائية لها رائحة حتى يستطيع التعرف إلى طريق عودته، عندما يمشي يحدث نقاط فيها مواد كيمائية ، حتى تكون هذه المواد علامات في طريق العودة، وأنه أحدهم حينما قام أحدهم بإزالة هذه المادة لم يستطع النمل الاهتداء إلى طريق عودته، وإذا رأت النملة شيئاً مفيداً لا تقوى على حمله نشرت حوله بعض الرائحة، وأخذت منه قدراً يسيراً، وكرت راجعة إلى أخواتها، وكلما رأت واحدة منهن أعطتها شيئاً مما معها كي تدلها على مكان هذه الوجبة الدسمة، حتى يجتمع على ذلك الشيء جماعات منها يحملونه ويجرونه بجهد وعناء، متعاونين على نقله، علماً بأن للنمل قوى عضلية بالنسبة إلى حجمه تزري بقوة أعظم المصارعين والرياضيين .

 كما وجد العلماء أن النملة ـ دققوا الآن ـ ينشر عند موته رائحة خاصة تنبه بقية الأفراد على ضرورة الإسراع بدفنه، عندما تموت النملة، قبل أن تموت ترسل إشارة ورسالة: أن تعالوا ادفنوني، وعندما قام أحد العلماء بوضع شيء من هذه المادة على جسم نملة حية سارع باقي النمل إلى دفنها، معه نص، انتهى ما في مجال، أرسلت نص، أن تعالوا وادفنوني ، أنا لست ميتة ، أبداً ، فدفنوها .

 النمل من الحيوانات والحشرات القليلة التي أودع الله فيها غريزة ادخار الغذاء، فهو يحتفظ بالحبوب في مسكنه الرطب الدافئ تحت الأرض دون أن يصيبها تلف، ويتفنن النمل في طرق الادخار بحسب أنواعه، فهو يقطع حبة القمح نصفين، حتى لا تنبت، ويقشر البقول لئلا تنبت من جديد، أو يتركها أسابيع في تهوية وحرارة معينة، ويُسمح لها بعد ذلك بالإنبات ، فتنمو .

 الموضوع أيها الإخوة موضوع دقيق جداً، الله عز وجل أثبت لها المعرفة قال :

﴿ حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) ﴾

[ سورة النمل  ]

 هذه معرفة، ولغتها لغة كيماوية، وللنملة مخ صغير، وخلايا عصبية، وأعصاب لتقدير المعلومات، وخرائط كي تهتدي بها إلى مواقع الغذاء .

 وللنملة أيضاً رأس ووسط وذيل اسطواني، ولها ستة أرجل تقدر بها على الجري السريع ، ولبعضها أجنحة للوثوب، لها خمسة أعين، عينان مركبتان على جانب الرأس مكونتان من أعين بسيطة تعد بالمئات، وهي ملتئمة الوضع والتركيب والترتيب، حيث ترى وكأن لها عين واحدة، والثلاث العيون الباقية موضوعة على شكل مثلث يعلو العينين المركبتين، وهي أعين بسيطة لا تركيب فيها .


النمل أقرب الحشرات إلى الإنسان في أفعاله :


 أيها الإخوة، النملة تملك نوعاً من التصرف العقلاني وهي من أذكى الحشرات، وهي ترى بموجات ضوئية لا يراها الإنسان، ولغة النمل كيماوية لها وظيفتان: التواصل والإنذار، فلو سحقت نملة فإن رائحة تصدر عنها تستغيث بها النملات، إذا كان هناك خطر يمكن لجماعة النمل القضاء عليه ترسل رسالة استغاثة، أما إذا كان الخطر أكبر من طاقة جماعات النمل ترسل رسالة تحذير ليبتعدوا، عندها ثلاث رسائل: تعالوا ادفنوني ، أو ابتعدوا ، أو اقتربوا .

 للنمل جهاز هضم مدهش، فيه فم ومري ومعدة وأمعاء، وجهاز مص، كما قلت قبل قليل ، وضخ، ويَعرف النمل بعضه بغير علامة، والتوادد موجود بين أهل القرية الواحدة فقط، ما عدا ذلك فعداء مستحكم ، حيث يمكن أن تنشب الحروب بين عدة قرى من النمل فتنتظم في صفوف قتالية ، وتحدث المعارك، ويقع القتلى والجرحى، ويتخذ النمل المنتصر الأسرى ليجعلهم خدماً في قراه، ويقوم بدفن موتاه في مقابر خاصة، كما ينظف أرضه من جثث أعدائه حتى قيل أن النمل أقرب الحشرات إلى الإنسان في أفعاله، وقد يصبح النمل قوة مزعجة مهلكة شديدة الخطر على الإنسان نفسه، حيث يمكن أن يقوّض دعائم المساكن الخشبية حتى تتداعى عروشها، أو يكوّن مستعمرات في دور الكتب حيث يقوم بإتلاف الورق أكلاً وتمزيقاً، سيدنا علي كرم الله وجهه يقول : " انظروا إلى النمل في صغر جثتها، ولطافة هيأتها، لا تكاد تنال بلحظ البصر، ولا بمستدرك الفكر، كيف دبت على أرضها، وصبت على رزقها، تنقل الحبة إلى جحرها، وتعدها في مستقرها، تجمع في حرها لبردها، وفي وردها لصدرها، مكفولة برزقها، مرزوقة بوسقها، لا يغفلها المنان، ولا يحرمها الديان ولو في الصفا الوابد، والحجر الجامد، ولو فكرت في مجاري أكلها، في علوها وسفلها، وما في الجو من شراشيف بطنها، وما في الرأس من عينها وأذنها، لقضيت من خلقها عجباً، ولقيت من وصفها تعباً، فتعالى الله الذي أقامها على قوائمها، وبناها على دعائمها، لم يشركه في فطرتها فاطر، ولم يعنه على خلقها قادر، لا إله إلا هو، ولا معبود سواه " .

 أردت من هذا البحث أيها الإخوة أن أبين ما معنى قوله تعالى : 

﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ ﴾ والنملة دابة ﴿وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ ﴾ ثمة عالم وضع في عش طائر بيضة ليست منه، فلما فقست ورآها ليست منه قتل زوجته، لأنها خانته.

 والغربان يأكلون أحياناً جوز الهند، ولها غلاف خشبي قاسٍ جداً، يصعدون إلى أعالي السماء، ويلقونها، تنكسر في الأرض، يكون حول هذه الجوزة مئات الغربان، هناك عُرف أنّ هذه من حق الذي صعد إلى أعالي السماء وألقاها من هناك، ليس هناك خطف ولا سرقة .


الفرق بين الأمر التكويني والأمر التكليفي :


 طبعاً هذه المعلومات أيها الإخوة مفادها أن هؤلاء المخلوقات :

﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾ ولكن هذا النظام البديع، وهذه القدرات الفائقة، وهذا التعاون المدهش ، وهذا التنسيق ، وهذا التخصيص ، بمجتمع النمل شيء لا يُصدق ، لكن هذا كله بأمر تكويني ، أما الإنسان إذا صدق، وأتقن عمله فهذا بأمر تكليفي ، وفرقٌ كبير بين الأمر التكويني وبين الأمر التكليفي ، عندما ينجح طالب بالامتحان بجهده، ودراسته، وتعبه، وبحثه، وقراءته، وحفظه، وتجاربه شيء، وعندما يتلقى ورقة الامتحان مكتوب عليها الجواب شيء آخر .

 هذا النظام البديع، وهذه الدقة وهذا التنسيق بالوظائف، وهذا القيام بالواجبات على أعلى درجة هذا بأمر تكويني، أما الإنسان حينما ينشئ مجتمعاً راقياً فيه أمانة وصدق وعفاف فهذا إنسان مكلف، ويستحق الجنة على هذا الالتزام، فرق كبير بين انضباط الإنسان لأنه إذا انضبط بأمر تكليفي، وبين انضباط الحيوان بأمر تكويني، لأنه لا أجر له، الحيوان غير مكلف، أما الإنسان فمكلّف .


الملف مدقق

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور