وضع داكن
28-03-2024
Logo
رمضان 1430 - الفوائد - الدرس : 12 - الأغترار
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

بطولة الإنسان أن يملك رؤيا صحيحة تمكنه من معرفة الحق و الباطل:

 أيها الأخوة الكرام، مع فائدة جديدة من فوائد كتاب الفوائد القيم لابن القيم رحمه الله تعالى، والفائدة تتحدث عن الاغترار، الله عز وجل يقول:

﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ(5)﴾

(سورة فاطر)

 الاغترار أن ترى الشيء بحجم أكبر من حجمه، هناك رؤيا.
 أيها الأخوة، الإنسان حينما يتحرك ليعمل، أو حينما يتحرك ليسرق، أو حينما يتحرك ليتزوج، أو حينما يتحرك ليزني، أو حينما يتحرك ليكسب مالاً حلالاً، أو حينما يتحرك ليكسب مالاً حراماً، ما الذي حركه ؟ رؤيا سبقت الفعل، هذه الرؤيا إن صحت سلمت وسعدت، وإن لم تصح هلكت وشقيت، فالبطولة أن تملك رؤيا صحيحة، البطولة أن ترى الحق حقاً والباطل باطلاً، لأن هناك من يرى الحق باطلاً والباطل حقاً، المجرم حينما يقدم على جريمته ماذا يرى ؟ رأى أنه سيقتله، ويأخذ ماله، وينعم بهذا المال إلى نهاية حياته، ولم ير أنه سيقبض عليه ويعدم، لم ير هذه الرؤيا.
 أحياناً تجد إنساناً في أعلى درجة من الذكاء، ويتحرك حركة وفق خبرات عالية جداً، لكن لأنه لم يتصل بالله لم يرَ رؤيا صحيحة، فكان دماره بضعف رؤيته، فالذي ينجينا جميعاً رؤيا صحيحة، فرعون قال:

﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾

( سورة النازعات )

 و قال:

﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾

( سورة القصص الآية: 38 )

 أما حينما أدركه الغرق:

﴿ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ(90) ﴾

( سورة يونس الآية: 90 )

 البطولة أن ترى الرؤيا الصحيحة قبل فوات الأوان، لكن كل الخلائق يرونها بعد فوات الأوان، البطولة أن تجيب عن السؤال في أثناء الامتحان، أما كل الطلاب الكسالى الذين رسبوا يعودون إلى البيوت ويقرؤون الجواب الصحيح متى عرفوا الجواب الصحيح ؟ بعد فوات الأوان.

 

أخطر شيء في حياة أي إنسان رؤيته:

 فيا أيها الأخوة، أكاد أقول إن أخطر شيء في حياتك رؤيتك، الذي يغش المسلمين ماذا رأى ؟ رأى أن هذا المال الكبير الذي سيُحصله من غش المسلمين رآه أكبر عنده من الله، لذلك الإسلام كلمة كبيرة جداً، هذه الكلمة مع مضي الزمان، ومع التفلت، ومع الجهل، ومع محبة الدنيا، فرغت من مضمونها، ألا يقول كل مسلم صبيحة عيد الأضحى وعيد الفطر: الله أكبر الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلاً ؟ هذا المسلم الذي أطاع زوجته وعصى ربه ماذا رأى ؟ ماذا رأى ؟ رأى أن طاعة زوجته أكبر عنده من الله، هذا المسلم الذي غش المسلمين، أضاف مواد مسرطنة للمواد الغذائية التي يصنعها ماذا رأى ؟ رأى أن هذا الربح الذي يحققه من سعر هذا المادة الغذائية بعد أن ابيضّ لونها بمادة مسرطنة أكبر عنده من الله، لذلك هذا الذي يقول الله أكبر ويعصي الله ما رأى الله أكبر ولا مرة ولو رددها بلسانه ألف مرة، الإنسان حينما يعصي الله رأى أن هذه الشهوة أكبر عنده من طاعة الله، فلذلك كل الخطأ يأتي من رؤيا فاسدة، الرؤيا الفاسدة تحركها الشهوة، الرؤيا الصحيحة يحركها نور يقذفه الله في قلب المؤمن.

 

 

عدم استقامة الحياة إلا بالإيمان:

 الذي أتمنى أن يكون واضحاً هذه الصلوات الخمس التي أمرنا بها، قد يقول قائل: أنا أصلي لا أشعر بشيء، هل تصدق أن خالق السماوات والأرض، الإله الذي خلق هذا الخلق المعجز، يقبل منك أن تؤدي حركات الصلاة أداءً شكلياً ؟ أي أن تقف، وأن تقرأ، وأن تركع، وأن تسجد، وأنت في واد آخر بعيد عن معاني هذه الآيات، هل ترضى أن تصلي صلاة شكلية ؟ ماذا قال الله عز وجل:

 

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) ﴾

( سورة العنكبوت )

 هذا النهي قال عنه العلماء: الوازع الداخلي، الحياة تقوم على طريقتين، على رادع خارجي، وعلى وازع داخلي، الرادع الخارجي سهل جداً لكن لن يحل المشكلة، نحن نردعك أن ترفع السرعة إلى درجة عالية، ما دام هناك آلات تصوير فأنت منضبط، وإن لم يكن هناك آلة تصوير فأنت متفلت.
 مرة إنسان تجاوز الإشارة الحمراء، و هناك شرطي أوقفه ليحاسبه، قال له: ألا تراها حمراء ؟ قال: رأيتها حمراء لكن لم أرك، هذه الإشارة مربوطة بالشرطي، النظام الوضعي مربوط بالرادع الخارجي، إن لم يكن هناك رادع فليس هناك انضباط، أوضح مثل لو أن الصيام فرضته الدولة مراعاة لصحة المواطنين، كم شخص بالعشرين مليون سيصوم ؟ ولا شخص، يدخل الحمام يشرب ماء، انظر إلى الإيمان، الإنسان يدخل إلى بيته بالصيف، والحر لا يحتمل، يكاد يموت من العطش وحده في البيت لا أحد يراه، والثلاجة فيها ماء بارد، ولا يقدر أن يضع بفمه قطرة ماء.
أنا أرى أن هذه الحياة لا تستقيم إلا بالإيمان، قال له: " بعني هذه الشاة وخذ ثمنها، قال له: ليست لي، قال: قل لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب، قال له: والله إنني لفي أشد الحاجة إلى ثمنها، ولو قلت لصاحبها ماتت لصدقني فإني عنده صادق أمين، ولكن أين الله ؟ ".

 

النظام العالمي قائم على الرادع الخارجي والدين الإلهي مبني على الوازع الداخلي:

 

 الآن عندنا ما يسمى بالعالم الغربي ضبط إلكتروني، سوق فيه بمئات المليارات بضائع، لكن كل سلعة عليها لصاقة فيها مادة، إن لم تدفع الثمن هذه المادة تُفعّل، فإذا فُعّلت صدرت أصوات مخيفة، وأغلقت الأبواب، تجد في هذا السوق خمسة آلاف إنسان لا يوجد واحد إلا ويدفع ثمن ما أخذه، لا لأنه مؤمن أبداً، لا لأنه يخاف الله، بدليل عندما قطعت الكهرباء في مدينة بأمريكا تمت مئتا ألف سرقة، المبلغ كان ثلاثين ملياراً، سرقت بضائع بثلاثين مليار في ليلة واحدة، لأنه لا يوجد مراقبة، فالنظام العالمي قائم على الرادع الخارجي والدين الإلهي مبني على الوازع الداخلي، والله في هذه البلدة الطيبة سمعت أن سائقاً وجد بمركبته كيساً أسود، فيه عشرون مليون ليرة، ثلاثة أيام يبحث عن صاحبه ووصل إليه، وأعطاه المبلغ، هذا الدين يقوم على الوازع الداخلي.
 عامل بفرن دخل إلى الحمام، و لم يغسل يديه، وتابع العجين بيده، يمكن أن يصاب ثلاثمئة مواطن بأمراض خبيثة من جراء انتقال بقايا تلوث يديه إلى الناس، هذا الدين لا بدّ منه لاستقامة الحياة، بائع بقال وقعت فأرة في مستودع الزيت من يرى ذلك ؟ بإمكانه أن يبيع هذا الزيت زيتاً، أما المؤمن يبيعها إلى معمل الصابون، لا تستقيم الحياة من دون إيمان، المؤمن يرى أن الله سوف يحاسبه.

بطولة الإنسان أن يأخذ منهج الله تعالى ويستقيم على تفاصيله من أجل سلامته وسعادته:

 

 أقول لكم بصدق: الذي يدعو الناس إلى الاستقامة خوفهم من الله، وأي شيء آخر أنا لا أعتدّ به كثيراً، يقول لك: تربية منزلية، صح على ألف ليرة يمتنع عنها، أما خمسة ملايين يفكر، يبحث عن فتوى، التربية المنزلية لا تقف أمام شيء مغر، لا تقف أمام ملايين، لا تقف أمام منصب رفيع، فالتربية المنزلية بالأشياء البسيطة، أما الكبيرة فقد تخترق هذه التربية المنزلية، أما حينما تعلم علم اليقين أن الله لا بدّ من أن يحاسبك فتراجع نفسك مئة مرة قبل أن تقدم على أي فعل.
 المثل الشهير، نحن في الحياة المدنية نركب مركبتنا، والإشارة حمراء، والشرطي واقف، وهناك شرطي آخر على دراجة نارية، وضابط مرور ثالث في السيارة، وأنت مواطن، لا يمكن أن تجتاز الإشارة، بسبب أنك تعلم علم اليقين أن واضع قانون السير علمه يطولك، من خلال هذا الشرطي وقدرته تطولك من سحب الإجازة، أو حجز المركبة، فأنت حينما توقن أن القوي يعلم وسيحاسب لن تعصيه أبداً، فلذلك الإنسان حينما يعصي الله تضعف رؤيته، حينما يبتز أموال الناس ينطلق من رؤيا مشوهة.
هناك مجرم قبل أن يعدم ما الذي يأتي إلى خاطره ؟ هو خطط ألا يعدم، خطط أن يقتل، وأن ينهب هذا المال الطائل، لكن ما أدخل برؤيته الإعدام، لا يوجد إنسان يغش المسلمين أدخل في حسابه أن الله سيتلف ماله، فالبطولة أن تأخذ منهج الله عز وجل، وأن تستقيم على تفاصيله من أجل سلامتك وسعادتك.

ذكر الله أكبر ما في الصلاة:

 

 المؤمن يتمتع برؤيا والحقيقة الآية الكريمة:

﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾

( سورة العنكبوت الآية: 45 )

 قال علماء التفسير: ذكر الله أكبر ما في الصلاة، قال تعالى:

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾

( سورة طه )

 الصلاة ذكر، الصلاة قرب:

﴿ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ﴾

( سورة العلق)

 والصلاة عقل:

﴿ لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ (43) ﴾

( سورة النساء )

 يجب أن تعلم ما يقرأه الإمام، والصلاة طهر، الصلاة طهور، إنسان متصل بالله عنده كبر ؟ مستحيل، عنده احتيال ؟ مستحيل، عنده مكر ؟ مستحيل، عنده تذلل ؟ مستحيل، عزيز النفس:

 

(( من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه ))

 

[البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود]

ما من إنسان يعصي الله إلا ويتوهم أنه لن يحاسب فإذا جاء الحساب أدرك أنه كان خاطئاً:

 الإنسان الموصول باله لن يكون ذليلاً، ولن يكون مستكبراً، ولن يكون محتالاً، ولن يكذب أبداً، المؤمن لا يكذب:

 

(( يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا ))

 

[ أحمد عن أبي أمامة ]

 هناك مؤمن أنيق جداً، و مؤمن أقل أناقة، و مؤمن ينفق بغير حساب، و مؤمن ينفق بحساب دقيق، الكل على العين والرأس:

 

(( يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا))

 

[ أحمد عن أبي أمامة ]

 هناك مؤمن اجتماعي، ومؤمن يرغب أن يبقى وحده، مؤمن يحب السفر، ومؤمن يحب الإقامة، هناك طباع بأناقتك، بثيابك، بلباسك، بطعامك، بشرابك، هناك إنسان يحب الراحة زيادة، وإنسان يحب العمل، قال لي أخ منذ يومين: والله أنا بكل حياتي أنام أربع ساعات، الساعة الخامسة يختل كل مزاجي، أربع ساعات متفوق جداً:

 

(( يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ ))

 

[ أحمد عن أبي أمامة ]

 فإذا كذب و خان ليس مؤمناً، العبرة أنت حينما تتحرك، حينما توقع تصريحاً كاذباً ماذا ترى ؟ ترى أنك نجوت بهذا التصريح، فإذا علمت أن الله سيحاسبك، وسوف يكشف أمرك، أيها الأخوة الكرام، لا يوجد إنسان يعصي الله إلا ويتوهم أنه لن يحاسب، فإذا جاء الحساب أدرك أنه كان خاطئاً ومغروراً.

 

الابتعاد عن مباهج الحياة التي تبعد الإنسان عن الآخرة:

 

 لذلك:

﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ(5)﴾

(سورة فاطر)

 والله هناك قصة أرويها كثيراً ؛ لي صديق ـ توفي رحمه الله ـ يوم كان شاباً كان يعمل في محل في سوق الحميدية، عنده روح دعابة، فكان يجمع القمامة يضعها في علبة أنيقة جداً، يلف هذه العلبة بورق هدايا ثمين، ويضع شريطاً أحمر له عقدة، يضع هذه العلبة على الرصيف، يمر إنسان يتوهم فيها ألماس، أو ذهب، أو شيء ثمين، يأخذها ويعدو يتبعه بعد مئتي متر يفك الشريط الأحمر، وبعد مئتي متر ثانية ينزع ورق الهدايا الثمين، و المئتين الثالثة يفتح العلبة، يرى بها قمامة المحل عندئذ يغضب، ويسب، ويزمجر، هو يتمتع بهذا الموقف، هذه المفاجأة والله سوف يراها كل إنسان اغتر بالدنيا.
 بالبدايات المال كل شيء، يبيع دينه، يبيع عرضه، في البدايات المرأة كل شيء، في البدايات الوجاهة كل شيء، المنصب كل شيء، بمنتصف الحياة هذه كلها أشياء لكن ليست كل شيء، الدليل تجد إنساناً معه مليارات، يتمنى أن يلتقي بعالم، والسبب أنه لا يملك شيئاً لكن هو عنده فراغ بنفسه، هذا الفراغ لا يملأه المال، تجد إنساناً يحتل منصباً رفيعاً جداً إذا التقى بعالم يعتني به، يتمنى منه أن يجلس معه، السبب هذا معه سلطة كبيرة، هذا العالم لا يوجد معه سلطة، و هو عنده فراغ لا يملأه لا المال ولا السلطة، الغارق في مباهج الحياة عنده فراغ.

 

بطولة الإنسان أن يقذف الله في قلبه نوراً يرى به الحق حقاً والباطل باطلاً

 

 

 فلذلك أيها الأخوة الكرام، بطولتك أن ترى رؤيا صحيحة، بطولتك ألا تندم، كل إنسان يندم قطعاً كان يرى رؤيا خاطئة، أعرف شخصاً كان يعيش في الستينات، ترك مئة مليون، و الدولار كان في ذلك الوقت بثلاث ليرات، فكلمة مئة مليون بالستينات تساوي ألف مليون الآن، أو عشرة آلاف مليون، نظر إلى أولاده ـ و كان قد أهمل تربيتهم ـ وهو على مشارف الموت قال لزوجته: أخطأت خطأً كبيراً حينما جمعت المال وأهملت أولادي، هذه رآها متى ؟ عندما ترك بعض الأولاد ومعهم مئة مليون و ليس فيهم دين إطلاقاً، رأى أن هذا المال سينفق على المعاصي والآثام، وهو تعب وجهد في جمعه، ويأتي أولاده ليتلذذوا في المعاصي من خلال هذا المال.
 لذلك بطولتك أن ترى رؤيا صحيحة، بطولتك أن يقذف الله في قلبك نوراً ترى به الحق حقاً والباطل باطلاً.

العاقل من حرص على أن يملك رؤيا صحيحة تتطابق مع كلام الله عز وجل:

 لذلك:

﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾

( سورة العنكبوت الآية: 45 )

 ذكر الله لك وأنت في الصلاة أكبر من ذكرك له، إنك إن ذكرته أديت واجب العبودية، لكنه إن ذكرك منحك الحكمة، منحك النور، منحك الأمن، منحك الرضا، منحك الاستقامة، منحك السكينة، فلذلك احرص على أن تملك رؤيا صحيحة تتطابق مع كلام الله عز وجل، الله ماذا قال ؟

﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾

( سورة الأحزاب الآية: 71 )

 الآن فيما أتصور إذا إنسان اشترى أرض بخمسة ملايين، بعد عشر سنوات صار ثمنها خمسمئة مليون، يرى أنه فاز فوزاً عظيماً، أحد الورثة نصيبه من الميراث يقدر بتسعين مليوناً، قريبه ترك ألف مليون، هو عنده محل تجاري متواضع، أغلقه نهائياً، ومشي بالمعاملة، تسعون مليوناً، ستة أشهر عمل شاق، تأمين  الوثائق، وبراءات الذمة، إلى آخره، وافته المنية قبل أن يقبض قرشاً واحداً:

﴿ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴾

( سورة الأنبياء )

 الله عز وجل هو الوارث الحقيقي.

 

الشفاعة لها معنى آخر غير المعنى الذي يفهمه عوام المسلمين:

 

 

 فيا أيها الأخوة، الرؤيا الصحيحة:

﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ(5)﴾

(سورة فاطر)

 لا تراها بحجم أكبر من حجمها،

﴿ وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾

 .الشيطان يعدك أن هناك شفاعة، الشفاعة لها معنى آخر غير المعنى الذي يفهمه عوام المسلمين.
أيها الأخوة الكرام، أرجو الله سبحانه وتعالى أن ننتفع بهذه الآية:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ﴾

 لا ترونها بحجم أكبر من حجمها،

﴿ وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾

 . أوضح مثل عندما يقول طالب كسول لزميله: لا تدرس الأستاذ آخر السنة يعطينا الأسئلة بهدية ثمينة، فسمع كلامه و لم يدرس، وقبل الامتحان بيوم طرق باب المعلم حتى يعطيه الأسئلة، فتلقى صفعتين من الأستاذ، كان مغتراً طوال العام، وأكثر الناس يغتروا أن الله غفور رحيم:

﴿ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾

( سورة النحل )

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور