وضع داكن
29-03-2024
Logo
رمضان 1430 - الفوائد - الدرس : 20 - اتقوا الله وأجملوا في الطلب
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

بطولة الإنسان أن يكون عمله متسقاً مع أهدافه:

 أيها الأخوة الكرام، مع فائدة جديدة من فوائد كتاب الفوائد القيّم لابن القيم رحمه الله تعالى.
عنوان هذه الفائدة حديث شريف هو:

 

(( فاتقوا الله عباد الله وأجملوا في الطلب ))

 

[حديث صحيح بشواهده، ابن ماجه وأبو نعيم في الحلية والحاكم وابن حبان عن جابر]

 العمل الذي ترتزق منه أي حرفتك، مهنتك، وظيفتك، اختصاصك، العمل الذي ترتزق منه إذا كان في الأصل مشروعاً، وسلكت بها الطرق المشروعة، وابتغيت منها كفاية نفسك، وأهلك، وخدمة المسلمين، ولم يشغلك عن واجب ديني، ولا عن فريضة، ولا عن عمل صالح ترقى به عند الله، انقلب هذا العمل إلى عبادة، عبادات المؤمن هي أعماله، عادات المؤمن عبادات، وعبادات المنافق سيئات.
 أخواننا الكرام، مرة أخ يبيع أشرطة غناء، سمع بعض الدروس تأثر تأثراً بالغاً، حضر فترة ثم غاب، سألت عنه والتقيت به قال لي: حرفتي لا تتناسب مع حضوري مجالس العلم، لأن اختصاصه بالغناء، تعلمت من هذا درساً أن الإنسان إذا اختار حرفة مخالفة لمنهج الله يتعذب طوال حياته، خبرته فيها، ورزقه منها،  و يتوهم أنه لا يستطيع تركها من ضعفه طبعاً، هناك حِرف مثلاً كتاب يطبع فيه ضلالات، فالذي طبع الكتاب، وروجه، ونشره، له وزر لا ينتهي إلى يوم القيامة، كل من قرأ هذا الكتاب، وتأثر بعقائده الزائغة، ورفض قيم الدين من خلال هذا الكتاب في صحيفة من ألفه، ومن طبعه، ومن نشره، فعد للمليون قبل أن تختار حرفة لا ترضي الله.
 قلت مرة ثانية: حرفتك وزوجتك ألصق شيئين بك، فإذا وفقت إلى حرفة فيها خير، التعليم خير، الطبابة خير، أن تدافع عن مظلوم بصرامة بالغة خير، أن تبيع الناس المواد الغذائية خير، أما أعمال لا تعد ولا تحصى تنطلق من معصية، تصب في معصية، كسبها حرام، هذه الحرف تحجب عن الله عز وجل، البطولة أن يكون عملك متسقاً مع أهدافك.

 

حرفة الإنسان لها دور خطير في صلته بالله فبطولته أن يختار حرفة شريفة نظيفة:

 

 لذلك حرفة الإنسان لها دور خطير في صلته بالله، هناك حرف تقطع عن الله عز وجل، أو حرف أساسها التعامل مع نساء كاسيات عاريات، هذه الحرف لها الآن أثار سلبية جداً، فالحرف التي لا ترضي الله، والتي تقوم على ابتزاز أموال الناس بالباطل، والحرف التي تبيع وهماً لا حقيقة، والحرف التي تسوق الناس إلى معصية، هذه الحرف سوف يحاسب صاحبها ومن امتهنها.
 أحياناً ألعاب، طفل يسهر للساعة الثانية ليلاً في هذه المقاهي، ضيّع مستقبله، ضيّع دراسته، ضيّع مال أبيه، سرق من مال أبيه ليتابع هذه الألعاب بالانترنيت، فهذا الذي يفتح مقهى انترنيت، ويعلم علم اليقين أن معظم رواده إما في الألعاب، أو في المواقع الإباحية، ماذا فعل ؟ البطولة حينما تختار حرفة شريفة، حرفة  نظيفة، حرفة مسموح بها، حينما تختار حرفة لا تؤذي بها الناس، لا تلقي الرعب في قلوبهم، لا تبتز أموالهم، لا توقعهم في الوهم، لذلك هذا كلام دقيق للشباب قبل أن تختار حرفة، اختص بالمصارف الربوية، إذاً وظيفته بمصرف ربوي، اختص بالدعاية لا بد أن يظهر المرأة بأبهى زينة، امرأة شبه عارية كي ينجح هذا الإعلان، قبل أن تختار حرفة، قبل أن تختار اختصاصاً بالجامعة، قبل أن تختار طريقاً لكسب الرزق عد للمليون:

(( فاتقوا الله عباد الله وأجملوا في الطلب ))

 وفي بعض الآثار: واستجملوا مهنكم، هناك حرف ترفع رأسك بها، أريد أن أتكلم كلاماً دقيقاً قال بعض العلماء: " هناك حرفة مجزية لذاتها، وهناك حرفة مجزية لغيرها
 معنى لغيرها بنّاء يقف على منصة خشب في أيام البرد، في شهر كانون الأول، والحرارة دون الصفر، وعلى مهب الرياح، ليصب هذا السقف، حرفة متعبة جداً، لكن أجرها الكبير يدعو صاحبها أن يتابعها، نقول: هذه الحرفة مجزية لغيرها لأجرها الكبير، لكن لو تخيلنا إنساناً يحب المطالعة حباً لا حدود لها، وعيناه أمين مكتبة، هو في غاية المتعة في حرفته، نقول: هذه الحرفة مجزية لذاتها، كل إنسان مؤمن التعليم يناسبه، من خلال التعليم ينشر أفكار الدين، ينشر قيم الإسلام، مبادئ الإسلام، يشرح آيات قرآنية، أحاديث شريفة، يشعر وهو يدرس أنه مع الله، هو في حرفته يؤدي هوايته، في حرفته يؤدي عملاً صالحاً.

 

من لوازم توفيق الله عز وجل للمؤمن أن يقيمه في حرفة شريفة:

 

 فيا أيها الأخوة، أتمنى أن يعد الإنسان للمليون قبل أن يختار حرفته، قبل أن يختار فرعاً، هناك كليات لا تنجح إلا إذا رسمت امرأة شبه عارية، أو عارية كلياً، من لوازم النجاح، المرأة يعدونها عنصر جميل والفن، يعتني بالمرأة وهي عارية، أنت حينما تختار فرعاً يقدم للأمة ثماراً يانعة، هناك فروع راقية جداً، هناك تجارة مشروعة، مواد غذائية، أقمشة، وهناك تجارة مبنية على المعصية، يبيع أعداداً كبيرة جداً من طاولات النرد أنت ماذا تفعل ؟ أنت تسهم في انتشار هذه اللعبة التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم : "من لعب النرد فكأنما غمس يده في لحم خنزير ".
أنا حينما أسأل أخاً كريماً عن حرفته، يقول لي: بالتعليم، بالطب، ممتاز، هناك مهن راقية، أنت تقدم للإنسان شيئاً ثميناً، إما معرفة، أو معالجة، أو أنت تنوب عنه في القضاء تأخذ له حقه، وعدل ساعة يعدل عند الله أن تعبده ثمانين عاماً.
 هناك حرف راقية جداً، حرف تبث الخير في الناس، وهناك حرف أساسها المعصية، قال لي إنسان: هناك ملهى في مكان جميل، في مصيف، والله بخمسة وأربعين يوماً كانت الأرباح ثمانية ملايين، فيه خمر، فيه راقصة، فيه مغنٍ، فيه طعام، الأسعار ضرب عشرة، هناك حرف كثيرة جداً، أساساً الآن أربح حرفة على الإطلاق تجارة المخدرات، من مكان زراعة المخدرات إلى مكان بيعها مئة ألف ضعف، لذلك هذه التجارة تروج في العالم اليوم، فالمؤمن من لوازم توفيق الله له أنه أقامه في حرفة شريفة، إذا أردت أن تعرف مقامك فانظر فيما استعملك، مرة جلست في مناسبة افتتاح مسجد، وكان إلى جانبي مدير الأوقاف قلت له: اشكر الله عز وجل، هو سأل سؤال المستفهم على ماذا ؟ قلت له: أنت مدير أوقاف تفتتح مسجداً وتعين خطيباً أو إماماً، قال لي: صح، قلت له: هناك شخص أهم منك في منصب وزاري يفتتح ملهى، ويعين راقصة، فإذا أردت أن تعرف مقامك فانظر فيما أقامك، وانظر فيما استعملك، هناك حرف كثيرة، المادة محرمة أو الأسلوب محرم.

الابتعاد عن الحرف الغير مشروعة التي تغضب الله عز وجل:

 

 أيها الأخوة الكرام،

(( فاتقوا الله عباد الله وأجملوا في الطلب ))

 ، كأن هذا الحديث جمع خيري الدنيا والآخرة، اتقِ الله واختر حرفة شريفة، لكن هناك أشخاصاً كثيرين نشؤوا بحرفة لا ترضي الله، و بعد أن عرفوا الله تركوا هذه الحرفة:

 

(( وما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه ))

 

[ الجامع الصغير عن ابن عمر ]

 هناك حرف أساسها دخل غير مشروع، دخل إضافي غير مشروع، والله أعرف شخص أول ولد معاق والثاني والثالث، ودخله فلكي، يأكل أموال الناس بالباطل، قوي يبتز أموالهم، بعد الولد الثالث تاب إلى الله واختار حفة نظيفة دخلها حلال، أنا أتكلم بهذا الكلام لأنني أنطلق من واقع مؤلم، الحرف التي دخلها كبير جداً لا ترضي الله، وهناك حرف دخلها معتدل، وقد قيل: الاقتصاد في المعيشة خير من بعض التجارة. تجارة رابحة جداً لكن البضاعة محرمة، أو يسلك بها طرقاً محرمة، هو مقطوع عن الله، محجوب عن الله، اسأل نفسك أنا ماذا أعمل ؟ هناك أعمال خيرة منها التعليم، منها الطبابة، منها أي فرع في الجامعة يؤدي خدمة للأمة، وهناك ملاهٍ و أنواع منوعة من الحرف التي لا ترضي الله.
 هناك حرف مشروعة لكن يسلك بها الطرق الغير مشروعة، الغش أحياناً، بالابتزاز، بتغيير المواصفات، بيع القماش مشروع لكن يشتري قماشاً من دول صناعة القماش عندها سيئة جداً، وهناك شريط على شكل طويل يضغط على القماش بالمكواة كتب عليه صنع في فرنسا، إنكلترا، يباع القماش بثلاثة أضعاف بهذه الحاشية المزورة، والله أنواع الغش الآن لا تعد ولا تحصى، فحينما يغش الإنسان ما قال الله أكبر ولا مرة ولو رددها بلسانه ألف مرة.

 

الله عز وجل كلف كل إنسان أن يقيم أمر الله في نفسه و بيته و عمله:

 

 أولاً حاسب نفسك أنت بماذا كلفك الله ؟ كلفك الله أن تقيم أمره في نفسك أولاً، وفي بيتك ثانياً، وفي عملك ثالثاً، ولست مسؤولاً عن أي شيء آخر، هناك قوى مخيفة في الأرض، هناك دول جبارة تعتدي على الشعوب الضعيفة، تبتز ثرواتها، تقتل شبابها، أنت مسؤول ؟ لا لست مسؤولاً، أنت مسؤول عن نفسك هل أقمت أمر الله في نفسك ؟ مسؤول عن بيتك، مسؤول عن عملك، أنا أتمنى أن ينتبه الأخ الكريم إلى حقيقتين ؛ هل طبق أمر الله على نفسه ؟ وينتبه إلى بيته هل أقام أمر الله في بيته ؟ هناك بيوت فيها اختلاط، وزيارات مختلطة، وغمز، ولمز، وغيبة، ونميمة، وطعام يقدم بالمال الحرام، و بيوت أساسها الطاعة، والطهر، والكمال، لذلك جمع النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:

(( فاتقوا الله عباد الله وأجملوا في الطلب ))

 مصالح الدنيا والآخرة ونعيمهما، إنما ينال ما عند الله بتقوى الله، وراحة القلب والبدن، هناك امتحانات، سئل الإمام الشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ: "أندعو الله بالابتلاء أم بالتمكين ؟ فقال: لن تمكن قبل أن تبتلى ".

 

ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه:

 

 

 والله بعض الأخوة الكرام استجابوا لي، صفقة لا ترضي الله نتركها، قال لي: والله أرباحها بالمئة ثلاثمئة، قلت له: الله هو الغني، تركها والله بعث له أضعافاً مضاعفة، الحرام اركله بقدمك، لا تعبأ به ولو كان كثيراً، لأنه مستحيل وألف ألف مستحيل أن تطيعه وتخسر، و مستحيل وألف ألف مستحيل أن تعصيه وتربح.
 لكن أقول كلمة دقيقة ؛ إذا كان إنسان مغتنياً بحرفة لا ترضي الله، وتاب إلى الله، هناك فتاوى غير صحيحة أن ماله كله حرام، بعض العلماء الكبار قال: توبة هذا الإنسان تطهر ماله، أي يعمل ضارب عود بفندق، تاب إلى الله، معه ثلاثة ملايين، هذا كل ما يملك، هناك من يقول له: هذا المال حرام ينبغي أن تنفقه في سبيل الله، هذا الإنسان التوبة تعني عنده الفقر، التوبة تعني أن يبقى بلا مال، نقول له: ما لم يتعلق بهذا المال حقوق العباد هذا أجر أخذته على الضرب على العود في فندق، فإذا تبت إلى الله توبة نصوحة فتوبتك تطهر مالك، ابحث عن عمل آخر، والكلام الدقيق الدقيق جداً:

(( وما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه ))

[ الجامع الصغير عن ابن عمر ]

من استقام على أمر الله و اختار عملاً يرضي الله سيكرمه الله و يوفقه توفيقاً كبيراً:

 

 ملمح الحديث دقيق جداً،

(( وما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه))

أي يبقى مع الله متصلاً، عندما ترك عملاً لا يرضي الله بقيت علاقته بالله قوية إلا

((عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه ))

أنا أقول مستحيل وألف ألف مستحيل، والله الذي لا إله إلا هو أن تستقيم على أمر الله، وأن تدع عملاً لا يرضي الله، وألا تلقى من الله إكراماً، هذا يتناقض مع وجود الله، الحديث رائع جداً ويحتاجه كل الناس:

(( وما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه ))

[ الجامع الصغير عن ابن عمر ]

 أقسم لي بالله أخ كريم قال: جاءني شخص يريد مسكة مصنوعة من البلاستيك، هو خرج بعد أن اتفقت معه على مئتي ألف قطعة، وأرباحها جيدة جداً، قال: أريد اللون خمري، قلت له: لا يوجد أي مانع، قال: لأنني سأضعها على علب وسكي، هو لا يعرف أن صاحب المعمل مستقيم، قال له: أعتذر، ترجاه، لا يوجد فائدة، اتصل بوالده كوسيط، قال لي: والله بعد أربعة وعشرين يوماً جاءتني صفقة يمكن أرباحها مئة ضعف:

 

(( وما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه ))

 

[ الجامع الصغير عن ابن عمر ]

 الله موجود لا تقلق الله، حينما يراك تركت عملاً لله سيعوضك أضعافاً مضاعفة، أحياناً إنسان يعيش في بلاد الغرب يخاف على أولاده، على مستقبل أولاده، على بناته، يترك دخلاً فلكياً، وأعماله ناجحة هناك، أما خوفاً على أولاده عاد إلى بلده هذا اسمه عند الله مهاجر في سبيل الله، وسوف يوفق في بلده توفيقاً عجيباً، لأنه ترك شيئاً لله، والحديث المتعلق بهذا الدرس:

 

(( وما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه ))

 

[ الجامع الصغير عن ابن عمر ]

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور