وضع داكن
24-04-2024
Logo
حياة المسلم 1- إذاعة حياة إف إم- الحلقة : 161 - الشبهات10 – الردة في الإسلام.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، يا ربنا صلِّ وسلم، أنعم وأكرم على نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، حياكم الله مستمعينا الأكارم على الهواء مباشرة عبر أثير إذاعتكم حياة fm، نحن وإياكم كل يوم ثلاثاء بحول الله تعالى الساعة الثالثة بعد موجز الأنباء، ويعاد هذا اللقاء الحادية عشرة لذات الليلة، والخامسة من مساء الجمعة وعبر قناة إذاعة حياة على موقع اليوتيوب.
 باسمكم مستمعينا الكرام نرحب بفضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، حياكم الله شيخنا وأستاذنا الكريم.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم .
المذيع:
 حفظكم الله دكتور، وبارك بكم يا رب العالمين، أهلاً وسهلاً بكم يا دكتور.
 حلقتنا العاشرة في سلسلة الرد على الشبهات التي تُثار حول الإسلام، تحدثنا في الحلقة الماضية عن الحدود الشرعية، واليوم نأخذ حداً منها تحديداً نتوسع في أهميته، وهو حدّ الردة في الإسلام.
 نبدأ شيخنا الكريم بقول الله سبحانه وتعالى:

﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾

[ سورة الكهف : 29 ]

 هذا قول الله سبحانه وتعالى نجعله مطلعاً لحلقتنا.
 دكتور، الردة هي إنسان كفر بعدما كان مؤمناً، ما هو حكمها في شرعنا الإسلامي؟

 

تعريف الرّدة :

الدكتور راتب :
  قبل أن أذكر حكمها، الردة ليست انسحاباً من الإسلام، ولكنها عدوان عليه، لو أن مسلماً توهم أن هذا الدين ليس من عند الله، فترك الصلاة، ولم يصم رمضان، ولم يحج بيت الله الحرام، ولم يؤدِ زكاة ماله، وقبع في بيته، من يستطيع أن يحاسبه على ارتداده؟ لا أحد، هذا مطبق في بعض بلاد العالم.
كيف؟ ببريطانيا مثلاً لك أن تنتقد مئة مسؤول ومسؤول، إلا الملكة، لأنها رمز الوطن.
  فأنا حينما أنتقد هذا الدين أرتد عنه وأصمت لا شيء عليّ، أما حينما أهاجم، وأُقرع، وأدخل في تفاصيل، وأثبت للناس أنه باطل، هذا أكبر عدوان على مقدسات الأمة، لذلك لو إنسان انسحب من الإسلام، ترك الصلاة، والصيام، والحج، والزكاة، وقعد في بيته لا يمكن أن يحاسب على انسحابه منه، إذاً الردة ليست انسحاباً من الإسلام ولكنها عدوان عليه.
المذيع:
 شيخنا للتوضيح لا يمكن أن يحاسب، تقصد أنه لا يقوم عليه الحد في الدنيا، الوالي لا يحاسب لكن شرعاً يحاسب أمام الله.
الدكتور راتب :
 طبعاً، كحد في الدنيا.
المذيع:
 لا يقام عليه الحد، حتى لو كان جحوداً بها دكتور؟
الدكتور راتب :
 مبدئياً ما صلى، ولا صام، ولا حج بيت الله الحرام، وقبع في بيته، في الأنظمة الإسلامية من يقيم عليه الحد؟ الحد هو حينما تهاجم الدين، حينما تفند سلبيات الدين، حينما تعتدي على حرمة المسلمين، حينما تشوه مقدسات الدين، الارتداد ليس انسحاباً من الدين، ولكنه عدوان عليه.
المذيع:
 شيخنا الكريم نوضح المفاهيم، الردة هي إنسان أسلم طواعية واختار الإسلام ديناً ثم كفر به أو بجزء منه.

الدكتور راتب :
 تراءى له أو توهم أن هذا الدين ليس من عند الله، فترك الصلاة، ولم يصم، ولم يحج، ولم يؤدِ زكاة ماله، وقبع في بيته، لا يوجد بالأمة كلها من يحاسبه على ذلك، أما حينما يعتدي على هذا الدين، يشوه تعاليمه، يفند بعض سلبياته، يريد أن يعتدي على أقدس شيء في حياة الأمة، فهذا مطبق بالعالم كله.
المذيع:
 سيدنا سامحنا فقط لتوضيح المفاهيم في البداية: إذاً الردة هي إنسان أسلم طواعيةً ثم كفر بجزء من الدين، كتركه للصلاة جحوداً بها، أو كفر به كله، هذا هو المرتد، إذاً أنت فضيلتك ترى أن المرتد نوعان، النوع الأول المرتد، والمرتد بنفسه.
الدكتور راتب :
 انسحب من الدين.
المذيع:
 بشكل فردي.
الدكتور راتب :
 لا يوجد قانون في الإسلام يضبطه، ترك الصلاة، لم يصلّ، هناك إنسان لا يصلي بالمسجد لكنه يصلي ببيته، الصائم لا تعرف أنه صائم أم غير صائم، يدخل لبيته يشرب كأس ماء.
المذيع:
 الحاكم الإسلامي ليس مأموراً أن يدخل لبيته، وأن يكتشف أسراره، هذا النوع الأول مرتد، ارتد بنفسه دون إظهار ذلك.
الدكتور راتب :
 أما حينما اعتدى على هذا الدين، شوه صورته، سفه قوانينه، اعتدى على مقدساته جهاراً نهاراً، هذا المرتد الذي يحاسب، لأنه اعتدى على أقدس شيء في حياة الأمة.
المذيع:
 كيف نفهم هذا الفهم دكتور في الآية الكريمة التي بدأنا بها الحلقة في قوله سبحانه وتعالى :

﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾

 الآية تقول: ومن شاء فليكفر، ونحن نقول: إن من يرتد عن الإسلام ويعلن الكفر ويعاديه له حكم الردة.

 

الارتداد هو الاعتداء على أقدس شيء بحياة المسلمين :

الدكتور راتب :
 من شاء أن يفكر الكفران السلبي، ما صليت، ما قنعت بهذا الدين، ما صليت، ولا صمت، ولا حججت، ولا زكيت، من يحاسبني؟ لا أحد، أما حينما أُعلن كفري، وأُفند سلبيات الدين، وأشوه علماء المسلمين، وأعتدي على حرمات المسلمين، و أقول: هذا القرآن ليس كلام الله، هذا النبي ليس نبياً، بل هو إنسان ذكي جداً وعاقل، أنا حينما أعتدي على أقدس شيء بحياة المسلمين أنا عندئذٍ أسمي هذا ارتداداً.
المذيع:
 إذاً وكأنها دعوة ليجعل أيضاً الآخرين يرتدون، فهنا يحاسب.
الدكتور راتب :
 أذكر مرة امرأة تمشي في مدينة على البحر، مدينة إسلامية، فرأت صديقتها ترتدي ثياباً فاضحة جداً جداً جداً، صديقتها: ما هذا يا فلانة؟! قالت لها: معي مهمة.
 أحياناً يوجد عدوان مربوط بجهات خارجية، عدوان مقصود، دائماً الإسلام، ثبت عند الغرب لا يمكن أن يلغى هذا الدين، لكن الغرب عندهم طريقة خبيثة جداً، أنا أسميها: التفجير من الداخل.
المذيع:
 وكيف يمكن أن تفجر من الداخل دكتور؟

 

تفجير الدين من الداخل :

الدكتور راتب :
 مثلاً أنا آتي بعشرة أشخاص، أضعهم في قفص مع ونش، أنزلهم في مسبح ليموتوا، بعد أن يموتوا أصور تصوير هوليوود، هذا هو الدين، هناك أعمال تقوم فيها جهات يقيني بالمئة مليار مرتبطة بجهات أجنبية باسم الدين.
المذيع:
 والدليل أنها شوهت، شوهت مظاهر الدين.
الدكتور راتب :
 لي قريب جاء من أمريكا، ومعه فيديو، لكنه تألم وتأثر به تأثراً سلبياً جداً، سائق شاحنة من مدينة إلى مدينة أوقفه حاجز قال له: الفجر كم ركعة؟ لم يعرف، قُتل، ذُبح ومشى دمه بين حلب والرقة، أنا لمحت آلة تصوير سوني احترافية، سعرها حوالي مليونين، هذا العمل مدروس سيدي، قال تعالى:

﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾

[ سورة إبراهيم : 46 ]

 إذا خالق الأكوان الله عز وجل وصف مكر الآخر بأن هذا المكر يزيل الجبال، معنى هذا أن الطرف الآخر ليس سهلاً، فلذلك ما لم نحصن أنفسنا بعقيدة سليمة، ما لم نستقم على أمر الله حتى نقطف ثمار الدين، ما لم نتعاون، مع الأسف الشديد أعداء المسلمين يتعاونون تعاوناً مذهلاً، وبينهم خمسة بالمئة قواسم مشتركة، والمسلمون اليوم يتقاتلون وبينهم خمسة وتسعون بالمئة قواسم مشتركة.
 مرة ميركل رئيسة ألمانيا، قالت: الشرق الأوسط بآسيا فيه ثمانمئة دين، وهم ساكنون متعاونون، وأنتم إلهكم واحد، ودينكم واحد، ونبيكم واحد، وقرآنكم واحد، تتخاصمون؟ عندنا مشكلة، جزء منها داخلي، وجزء منها عدوان خارجي.
المذيع:
 دكتورنا الآن من كفر بجزء من الإسلام هل يعتبر كافراً؟

 

أنواع الكفر:

الدكتور راتب :
 عندنا الكفر نوعان؛ كفر يخرج من الملة.
المذيع:
 مثل؟
الدكتور راتب :
 أن تنكر وجود الله عز وجل، وهناك حكم شرعي ما فهمته أنت، أو ما قنعت به، هذا كفر دون كفر، الكفر الخطير الذي يخرج من الملة، أما حكم شرعي أنت لم تقتنع له، تقول: لم أقتنع به كأنك عبرت عن عدم قناعتك، هذا كفرٌ دون كفرٍ، هذا الكفر الثاني لا يخرج من الملة.
 لكن النقطة الدقيقة جداً لو أن مسلماً ارتد، أولاً ندعوه أن يتوب عن ردته، ويستغفر، فإن لم يقتنع جئنا له بعالم كبير، أقنعه بكل الشبهات، فإن جئنا له بعالم كبير أعطاه جواباً شافياً لكل سؤال وارتد بعدها، معنى ذلك هو مرتبط بأجندة خارجية.
المذيع:
 لماذا عفواً دكتور هذا الافتراض؟ لنفترض أنه عقلي ليس مرتبطاً بأي طرف خارجي، قرأ شيئاً في الإسلام لم يقتنع به، حاوره عالم لم يقتنع بإجاباته، فأراد هكذا.
الدكتور راتب :
 قاعد ببيته لم يقتنع بالدين، لا صلى، ولا صام، ولا حج، ولا زكا، جالس ببيته لا يوجد عليه شيء، أعلنها، وقال: هذا الدين باطل، ومحمد ليس نبياً، القرآن كلام أشخاص، هنا المشكلة، أنت عندما تهاجم أقدس ما في حياة الأمة فإنك تزلزلها.
 انظر الأمة مئة، تسعون يصدقون علماءهم، ولكن عشرة ممكن أن يكذبوا، فأنت عندما استفزيت العشرة شككت بالدين، التسعون يصدقون، لكن لا يوجد معهم أدلة قوية، أنت عندما طرحت الشبهات حملت التسعين على الشك بدينهم.
المذيع:
 شيخنا الكريم، حينما نقول: إن الدين دين الله، ولا إجبار فيه، الآن أنا أقرأ لفضيلتكم ثلاث آيات قوله تعالى:

﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾

[ سورة البقرة : 256]

 وقوله تعالى:

﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾

[ سورة الكافرون : 6]

 وقوله تعالى:

﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾

[ سورة الكهف:29]

 كيف يمكن لنا أن نقول: إن اختيار الدين هو اختيار طوعي ربنا أعطاه للإنسان يأخذه أو يرفضه، ونقول في حق الردة المسلم يفترض أن يبقى على هذا الدين؟

 

ديننا دين الفطرة :

الدكتور راتب :
 لأن هذا الدين دين الفطرة، قال تعالى:

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ ﴾

[ سورة الروم : 30]

 أي أمر أُمرت به، أنت جُبلت، وفُطرت، وولفت، وبُرمجت على محبته، الدليل:

﴿ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ﴾

[ سورة الحجرات : 7]

 أي أمر الله أمر به أنت مبرمج على محبته، هذا دين الفطرة، لو فرضنا شخصاً جاء إلى البيت الساعة الثانية ليلاً، وأمه قالت له: أنا بحاجة لهذا الدواء، قال لها: جميع الصيدليات مغلقة فسكتت، لكن هو يعلم علم اليقين أن هناك صيدليات مناوبة، معه سيارة، هو ارتاح ونام، شخص ثان طلبت أمه الدواء الساعة الثانية ليلاً، ركب سيارته وطاف بكل الصيدليات المناوبة هذا الدواء غير موجود، والثاني نام، والأم بالحالتين الدواء لم تأخذه، لكن الثاني ينام مرتاحاً.
 هناك دقة بالحسابات دقيقة جداً هي الفطرة، عندنا عقل وعندنا فطرة، ترابط العقل مع الفطرة مذهل، أي أمر أُمرت به بالوحي، أي نهي نُهيت عنه هذا الأمر لو طبقته ترتاح، الراحة النفسية هي راحة الفطرة، لو خالفته عندك مشكلة.
 أقول لك: شخص اصطاد أرنباً وأكله وحده وأمه جائعة، لا يرتاح، ولو لم يحاسبه أحد، ولو لم يتلق أي توجيه ديني في الأرض من جميع الديانات يحس بضيق.
المذيع:
 إذاً الفطرة دكتور تتفق مع قواعد الإسلام، والإيمان بالله.
الدكتور راتب :
 تطابق الفطرة مع الشرع مئة بالمئة، الدليل:

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾

[ سورة الروم : 30]

 أي ما من أمر أُمرت به إلا وقد فُطرت، أو بُرمجت، أو ولفت على محبته.
المذيع:
 هل الإيمان بالله والإخلاص دكتور هو إجباري بمعنى يكره الناس عليه لو لم يريدوه؟

 

لا إكراه في الدين :

الدكتور راتب :
 أولاً:

﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾

[ سورة الكهف:29]

 ثانياً:

﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾

[ سورة الإنسان : 3 ]

﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾

[ سورة الأنعام : 132]

 لا يوجد إكراه، والآية الأوضح، الصريحة، الصارخة:

﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾

 الذي خلقنا حياتنا بيده، موتنا بيده، رزقنا بيده، الغنى بيده، الفقر بيده، الصحة بيده، المرض بيده، السعادة بيده، الشقاء بيده، ومع كل ذلك ما أراد أن نعبده إكراهاً، فقال:

﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾

 بل أراد أن تكون العلاقة بيننا وبينه علاقة حب، قال:

﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾

[ سورة المائدة : 54]

 هذه النقطة الدقيقة.
المذيع:
 ونعمة بالله، إذاً غير المسلم وغير المؤمن لا يجبر على أن يدخل الإسلام، هذه قاعدة قرآنية، أما من اختار الإسلام طواعية فلا يحق له بعد ذلك أن يطعن علناً بالإسلام هذه الفكرة دكتور؟

 

من اختار الإسلام طواعية لا يحق له أن يطعن به :

الدكتور راتب :
 لو أن هذا الإنسان الذي اختاره طواعية توهم أن هذا ليس دين الله، ومحمد إنسان عبقري وذكي جداً، فانسحب من الدين، لم يعد يصلي، ولا يصوم، ولا يحج، و لا يزكي، وقعد ببيته ما عليه شيء، أما حينما يعلن صراحة أن هذا الإسلام باطل، والقرآن ليس كلام الله، وهذا ليس نبياً، فهذا إنسان عبقري؟! هنا المشكلة.
المذيع:
 إذاً دكتور، غير المسلمين لا يجبرون على اختيار الإسلام، وإنما قناعة، ومن لم يرد اختيار الإسلام شرعاً لا يقام عليه الحد.

تكليف غير المسلم ببدل نقدي إن كان في بلد مسلم :

الدكتور راتب :
 نقطة دقيقة جداً: غير المسلم لو رفض الإسلام، لكن هو ببلد مسلم هناك خدمات في الدولة تدافع عنه، يدفع بدلاً نقدياً، طبعاً المسلم مكلف أن يحارب أعداء المسلمين، غير المسلم غير مكلف، أنت اقعد ببيتك نحن نحميك، نحمي أعراضك، وأموالك، هو ليس مطالباً بذلك، لكن يقابلها بدل نقدي.
الآن بالضبط، أحياناً الإنسان يعفى من الخدمة الإلزامية عليه بدل، يدفع بدلاً.
المذيع:
 بارك الله بكم دكتور، لابد لنا أن نتوسع في هذه القضية.
 شيخنا الكريم حياكم الله من جديد.
 شيخنا، نلخص ما كان في الشق الأول من الحلقة لمستمعينا، الردة: هي خروج عن الإسلام لمن لم يعد مؤمناً بالله هذه ردة كاملة، وإن أنكر بنداً من بنود الإسلام أو ركناً كالصلاة والصيام، هذه ردة جلية إن جاز التعبير، ومن ارتد عن الإسلام وبقي في بيته غير مقتنع، لا يوجد حكم شرعي يطبق عليه، لكن من يعلن الردة ويبدأ في الطعن بالإسلام لمحاولة تشويهه، أو التخريب الفكري على المسلمين هذا يحاسب في الرد، لإعلانه وإساءته للدين.

الردة عدوان على الإسلام :

الدكتور راتب:
 إذاً الردة ليست انسحاباً من الإسلام ولكنها عدوان عليه.
المذيع:
 فمن انسحب بمفرده لا شيء عليه، أما من أنسحب وحاول أن يسحب الآخرين ويخرب الدين، هنا أصبح اعتداء على المقدسات، وحق هذا الدين أن يدافع عنه، غير المسلم لا يلزم شرعاً أن يدخل إلى الدين، لكن إن اختار الإسلام طواعيةً ديناً له هنا لا يحق له الانسحاب العلني مع التخريب، أما إن انسحب فرداً فذلك له، هذه نقطة مهمة.
 شيخنا الكريم حينما نتحدث عن الردة بداية ما هو حكم المرتد؟ أي من ارتد عن الدين؟

الخطوات التي تمنح للمرتد كي يتوب :

الدكتور راتب :
 أنا الذي أفهمه من هذا الدين أن الذي ارتد عنه ولم يعلن ارتداده لا شيء عليه، أم إذا أعلن ارتداده وطعن في القرآن، وفي نبي الإسلام، هذا المرتد أولاً يعطى مهلة ليتوب، يعطى فرصة ليراجع نفسه.
المذيع:
 إذاً الخطوة الأولى المرتد يعطى فرصة للتوبة.
الدكتور راتب :

 لا يكفي نكلف عالماً كبيراً ليقنعه، فبعد إقناعه وتقديم الأدلة القطعية الواقعية والنصية والقرآنية والنفسية والاجتماعية، ورفض هذا إذاً له مقصد آخر، مقصد آخر بمعنى لم يرَ ذلك، لا، ما رأى ذلك، هو معه أجندة، معه مهمة، اختلف الوضع، إذاً قضية اعتراض ذاتي من عنده بتوهم غير صحيح، أقنعناه أول دليل والثاني والعاشر والمئة، النصوص، الدليل العقلي، والدليل النقلي، والدليل الاجتماعي.
المذيع:
 وكم يأخذ زمناً هذا الكلام دكتور؟ يوم أو يومان إذا لم يقتنع؟
الدكتور راتب :
 معه سنة، هذا يدعى إلى التوبة، وأن يعود إلى رشده، يراجع نفسه، يفرز له عالم كبير، اقرؤوا يا جماعة أتحدث مع المشاهدين، عالم كبير يقنعه، عندما أقنعناه بألف دليل ودليل، وألف آية وحديث، وألف قضية منطقية، ودليل نفسي، واجتماعي، وأيديولوجي، وما قبلـ معنى هذا أن معه مهمة.
أذكر تماماً أن صديقاً يتجول في ساحل البحر في الدمام، وزوجته رأت صديقتها بثياب فاضحة سألتها؟ قالت: معي مهمة، واضحة؟
المذيع:
 شيخنا الكريم مشينا معه بهذه الإجراءات ولم تجدِ نفعاً، وأعلن ردته، وطعنه للدين، ما هو الحكم الشرعي الذي يطبق عليه؟

عزة الإسلام :

الدكتور راتب :
 قبل سيدي، في بلد عربي مسلم، وزيرة نفط إبريطانية، جاءت إلى البلد لزيارته والاسقبال في المطار، وقف وزير النفط ومعه كبار موظفيه، والوزيرة امرأة أنثى، فصافحوها جميعاً، إلا أحد الموظفين الكبار سحب يده واعتذر، الوزير انزعج انزعاجاً يفوق حدّ الخيال، وقال له: لمَ لم تصافحها؟ قال له: هذا الحاضر، قال له: لا تأت غداً إلى الغداء، طبعاً عندنا مطعم بالشام، أول مطعم بسوريا اسمه: نادي الشرق، فلم يأت، كانت الوزيرة تجلس جانب الوزير، قالت له: يوجد شخص لم يصافحني بالأمس أين هو؟ قال لها: اعتذر، قالت له: أريد أن أراه، اضطروا أن يحضروه، سألته: لماذا لم تصافحني؟ فقال لها: أنا مسلم، وديني يمنعني أن أصافح امرأةً أجنبية، وأنت امرأة أجنبية، فقالت للوزير: لو أن المسلمين أمثال هذا الرجل لكنا تحت حكمكم.
 كنت في أمريكا، هناك طبيبة سألتني عن المصافحة، قالت لي: أنا طبيبة، أكون في المستشفى يأتي طبيب أميركي ويمد يده ليصافحني، فأنا لا أصافحه، يتوهم أنني إنسانة متخلفة عقلياً، أو عندي جفاء وكبر، ماذا أفعل؟ قلت لها: الملكة إليزابيت في بريطانيا لا يصافحها إلا سبعة رجال من علية قومها، والمسلمة ملكة أيضاً لعلو مقامها في مجتمعها، لا يصافحها إلا سبعة رجال من علية قومها.
 أي الدول الأجنبية تطبقها، الملكة لا يصافحها إلا سبعة فقط، ونحن بالإسلام سبعة من محارمها يصافحوها فقط.
المذيع:
 شيخنا، ما هو حد المرتد؟ بما أننا نتناقش في هذا الملف، هل نذهب إلى قول النبي عليه الصلاة والسلام:

((مَنْ بَدلَ دِينَهُ فاقتُلُوهُ))

[أخرجه أنس عن عكرمة رحمه الله]

 هل حدّ الردة هو القتل؟

 

الحد الردعي و الحد التنفيذي :

الدكتور راتب :
 نستطيع أن نتلافى هذا الحد إن قال: لا إله إلا الله، يسمونه حداً ردعياً، عندنا حد تنفيذي، وحد ردعي، حتى الرجم بالإسلام، ليس من المعقول أن تكون العملية التامة التامة على مرأى الناس، أي لا تجدها بالأرض كلها، فصار حد ردعي، عندنا حد تنفيذي و حد ردعي.
المذيع:
 ما المقصود بالحد الردعي؟
الدكتور راتب :
 أي حتى لا تفعل هذا الشي، الحد شديد جداً حتى لا تفعله فإنه عملياً هذا الحد لا يطبق، لأنه نادر جداً.
المذيع:
 نعم نعم، هناك من يقول لك دكتور: حروب الردة التي خاضها سيدنا أبو بكر الصديق حينما مُنع أداء الزكاة من بعض الأقوام، ما الفكرة التي كانت هناك؟ أي ما الفكرة التي أرادها؟ سيدنا عمر في البداية احتج أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: إن الناس الذين يشهدون أن لا إله إلا الله دماؤهم محقونة، يجب ألا يقتلوا، فرد سيدنا أبو بكر الصديق: والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه لقاتلتهم على ذلك.

الإسلام كلّ لا يتجزأ :

الدكتور راتب :
 رأيه دقيق جداً، الإسلام كُل لا يتجزأ، وكُل متكامل، والكل يكمل بعضه بعضاً، أي لا أستطيع أن أؤمن بشيء وأكفر بشيء، وإلا أنا أتبع الهوى، هذا المنهج يؤخذ كلياً، أو لا جدوى من عدم أخذه كلياً.
المذيع:
 سيأتيك دكتور من يقول لك: إن المسلمين يقتلون من يخالفهم من بني جلدتهم.

من لم يعبد الله فالله في حلّ من وعوده :

الدكتور راتب :
 غير صحيح، هذا إذا كان غير مسلم، عفواً سيدي ممكن شخص قال: أنا مسلم وهو كذاب؟ هذا هل يفعل الجرائم كلها؟ أنا لا أريد شخصاً من أبوين مسلمين، لا أريد شخصاً يدّعي جهلاً أنه مسلم، أريد شخصاً مسلماً مطبقاً.

(( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))

[أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس]

 نحن الآن مليارا مسلم، ملياران بالضبط، كنا ملياراً وثمانمئة، أحدث إحصاء ملياران.
 أولاً: نحن بيننا عوامل واحدة لا تملكها أمة في الأرض، ثانياً: نملك نصف ثروات الأرض، والشيء المؤسف جداً أمرنا ليس بيدنا، وللطرف الآخر علينا ألف سبيل وسبيل، الآية الدقيقة:

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾

[ سورة النور: 55]

 وزوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين.

﴿ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾

[ سورة النور: 55]

 آية بالقرآن الكريم واضحة، موعودون بالاستخلاف، والتمكين، والتطمين، ومع الأسف الشديد الثلاثة غير محققة، ما الجواب الدقيق؟ كلمة وحدة بآخر الآية:

﴿ يَعْبُدُونَنِي ﴾

[ سورة النور : 55]

 فإن لم نعبده تحركنا بأهوائنا، بتقليد الغرب، ما عبدناه، فالله تعالى في حلّ من وعوده الثلاث.

﴿ يَعْبُدُونَنِي ﴾

 أقم أمر الله فيما تملك يكفك ما لا تملك.
المذيع:
 ونعم بالله، شيخنا الكريم لو كان الإنسان على غير دين الإسلام، في الديانة اليهودية أو النصرانية، فأراد أن يبدل دينه وأن يصبح مسلماً، نرحب به، ولا نقبل نحن كمسلمين أن يُساء له، أي لو أرادوا قتله نعتبره أخونا بالله وندافع عنه؟

 

من كان غير مسلم فله ما لنا و عليه ما علينا :

الدكتور راتب :

 بالتعبير الأصولي: لهم ما لنا وعليهم ما علينا.
المذيع:
 هذا لمن أسلم حديثاً، سيقول لك البعض دكتور: طالما أنتم مسلمون تبحثون عن أشخاص من الديانات الأخرى ليبدلوا دينهم، ويصيروا مسلمين، وتحمونهم، لماذا لا تسمحون لمسلم أراد بقراره أن يبدل دينه وأن يصبح نصرانياً أو يهودياً بعدما كان مسلماً؟ لماذا يقام عليه حد الردة؟ لماذا لا يقبل تبديل دينه؟

العدوان على الدين عدوان على الأمة :

الدكتور راتب :
 أنا قلت أول اللقاء: لو بدل دينه و لم يتكلم لا يوجد مشكلة، هو عمل عدواناً، الكلمة الدقيقة بهذا اللقاء الطيب محور اللقاء.
المذيع:
 من أساء للإسلام.
الدكتور راتب :
 الردة ليست انسحاباً من الدين، ولا أحد يحاسبك، ولكنها عدوان على الدين، الدين لم يعجبه، لم يقتنع به، أسلم ولم يقتنع فانسحب، ولم يعد يصوم و لا يصلي و لا يحج و لا يزكي، لكنه لم يتكلم بأية كلمة، الإنسان حر، ما الدليل؟

﴿ من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ﴾

 دليل ثان:

﴿ إِنَّاهَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾

[ سورة الإنسان : 3]

 أما عندما أنا أستخدم معلوماتي الدينية البسيطة للعدوان على الدين هذا عدوان على الأمة.

 

أنواع الذنوب :

 ممكن إنسان يعصي الله، هناك ذنبٌ يغفر، وذنبٌ لا يترك، وذنبٌ لا يغفر، الذي يغفر ما كان بينك وبين الله.
المذيع:
 والذي لا يترك؟
الدكتور راتب :
 الصلحة بلمحة، وأهون ذنب ما كان مع الله، الذنب الذي لا يترك حقوق العباد، حقوق العباد مبنيةٌ على المشاححة، بينما حقوق الله مبنية على المسامحة.
 الدليل: رجل توفي في عهد النبي الكريم، والنبي من عادته يسأل: أعليه دين؟ فقالوا: نعم، قال: صلوا على صاحبكم، فواحد من أصحابه الخلَّص قال له: عليَّ دينه فصلى عليه، في اليوم الثاني سأله: أديت الدين؟ قال: لا، وفي اليوم الثاني: لا، وفي اليوم الثالث، قال له: أديت الدين؟ قال له: نعم، قال: الآن ابترد جلده.
الدكتور راتب :
 إذاً حقوق الله مبنية على المسامحة، أما حقوق العباد فمبنية على المشاححة.
 أما الذنب الذي لا يغفر، شخص معه أزمة قلبية حادة، يوجد طريق إلى المستشفى، وطريق إلى المنتزه، إذا أخذناه إلى المنتزه سيموت، إذا توجهت إلى غير الله لم يبق لك شي.
المذيع:
 معنى هذا أنه مشرك.
الدكتور راتب :
 هذا الذي لا يغفر.
المذيع:
 الموت على الشرك.
الدكتور راتب :
 يغفر، لا يترك، لا يغفر.
المذيع:
 شيخنا الكريم مرحباً بفضيلتكم من جديد، دكتورنا في حديثنا عن موضوع الردة وعن موضوع بعض الشبهات التي تثار، هل اليوم ينفذ حد الردة؟ هل الحدود كلها تنفذ في هذه الأيام؟

الابتعاد عن تطبيق الحدود في هذه الأيام :

الدكتور راتب :
 لا.
المذيع:
 غير موجود؟
الدكتور راتب :
 الحكومات لا تنتهج نهج الإسلام، إما لضغوط خارجية، أو بتقصير فردي.
المذيع:
 لا يطبق بشكل فردي.

النهي عن تطبيق الحد بشكل فردي :

الدكتور راتب :
 لا، لا.
المذيع:
 مثلا أنا لي جار أو صديق ارتد، لا قدر الله، هذا الكلام غير مقبول؟
الدكتور راتب :
 أريد أن أقول كلمة دقيقة جداً: شخص ارتكب عملاً يوجب حداً، ليس مكلفاً أن يبلغ عن نفسه، وهذا من عظمة هذا الدين.
المذيع:
 ماذا يفعل؟
الدكتور راتب :
 لا يعمل شيئاً، يتوب إلى الله.
المذيع:
 يتوب.
الدكتور راتب :
 أما الحاكم فإذا بلغه خطأ عمل يقتضي الحد ولم يفعل لا عفا الله عنه إن عفا.
المذيع:
 هذه حدود الله.
الدكتور راتب :
 نعم، أنا كمواطن مسلم ارتكبت عملاً يوجب حداً، أنا لست مكلفاً أن أبلغ عن نفسي، أما الحاكم إذا بلغه وعفا، لا عفا الله عنه إن عفا.
المذيع:
 للتوضيح شيخنا، لو إنسان ارتد وأنا أعرف عنه، أنا كفرد لا يحق لي أن أقيم الحد عليه؟ صديقي مثلاً، هذا مرفوض؟
الدكتور راتب :
 لا، أبداً.
المذيع:
 هل تسمح بعد إذنك أن نأخذ مجموعة من مشاركات مستمعينا الكرام الهاتفية.
الدكتور راتب :
 نعم، نعم.
المذيع:
 أبو طه اتصال هاتفي تفضل.
السائل:
 السلام عليكم.
المذيع:
 عليك السلام ورحمة الله وبركاته، تفضل.
السائل:
 زادكم الله علماً وهدايةً للناس إن شاء الله.
المذيع:
 أكرمكم الله.
السائل:
 أنا بالأمس استمعت إلى نقاش مع معاينة على إحدى طرق التواصل، اثنان يتناقشان مع بعض، ويقولون: بالنسبة للحاكم الذي قتل من المسلمين، ومازال على قيد الحياة، ومازال حاكماً، لو رجع عن هذا القتل، ورجع لله عز وجل، وتاب واستغفر، هل هذا يبقى حسب ما هم يتحدثون أنه كافر؟ هم كفروه طبعاً. هل هو كافر أم غير كافر؟
المذيع:
 الفكرة واضحة تماماً أخي.

لا توبة لقاتل :

الدكتور راتب :
 والله أنا معي معلومات دقيقة لا توبة لقاتل، القتل لا توبة له، أما إن أخطأ أي شرب الخمر، قصر، اغتاب، فيستطيع أن يتوب، ولكن يظل المسلم بخير ما لم يسفك دماً.
المذيع:
 لو أنا دكتور قتلت، وأردت بعد ذلك أن أتوب، لا توبة لقاتل؟
الدكتور راتب :
 أنا أتوب، لكن إذا الحاكم بلغه ولم يقم عليك الحد فهذه مشكلة.
المذيع:
 لو كان الحاكم قاتلاً دكتور، كما هو الحال في بعض الدول العربية، لو كان الحاكم قاتلاً لبعض أبناء شعبه، وأراد أن يصلح ويتوب بعد ذلك، أيمنعه الله من التوبة؟
الدكتور راتب :
 هذا شأن الله وحده.
المذيع:
 لكن لا يجوز لنا كبشر أن نقول إن توبته مقبولة أو مرفوضة، هذا شأن الله.
الدكتور راتب :
 أنا لا أحكم على إنسان، هذا ليس من شأن الإنسان، أنا لا أنزل حكماً على معين هذه قاعدة، أقول: من فكر بكذا فقد كفر، من قال كذا فقد كفر، من فعل هذا فقد كفر، أما أنا كمؤمن بحكم الشرع لا أستطيع أن أكفر أحداً، إلا إذا عمل عملاً في حد يقتضي أن أقيمه عليه وأنا حاكم.
المذيع:
 لكن القتل مصيبة يلقى بها الإنسان وجه الله تعالى.
الدكتور راتب :
 يظل المسلم بخير ما لم يسفك دماً.
المذيع:
 نعم، محمد تفضل أخي باتصالٍ هاتفي جديد، أخي محمد معنا على الهواء تفضل.
السائل:
 شكراً، أنا عندي ثلاثة أسئلة إذا ممكن، سوف أطرحهم بسرعة وأسأل الله أن ييسر للشيخ ليجاوبني.
المذيع:
 لكن أتمنى أن يكونوا في موضوع الحلقة أخي.
السائل:
 أول سؤال: أنا ساكن بالغرب وأتعامل كثيراً مع أناس عندما يروني أصلي يقولون لي: لماذا أنت مسلم؟ أنا أتجاهلهم، فهل هذا الشي حرام؟ أي أنا أستطيع أن أجاوبهم بمعرفتي، وأنا مسلم جديد، صار لي تقريباً أربعة أشهر في الإسلام، وقبل لم أكن مسلماً.
 السؤال الثاني: الأقساط الحكومية القروض الحكومية التي نأخذها لسداد أقساط الجامعة ما حكمها؟
المذيع:
 محمد اسمح لي أنا أقترح عليك أن نتصل بك بعد الحلقة وتستمع للإجابة مباشرة من الدكتور لضيق الوقت، حتى يجيبك بالقضية التي طرحتها، نتمنى أن تبقى معنا على الهواء محمد.

الإنسان على ثغرة من ثغر هذا الدين فلا يؤتين من قبله :

الدكتور راتب :

﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ﴾

[ سورة الممتحنة : 8]

 أقول: المسلم إذا أخطأ في بلاد المسلمين، يشار إليه فقط أنه أخطأ، أما إذا أخطأ في بلاد الغرب فيشار إلى الدين كله، أنت على ثغرة من ثغر هذا الدين، فلا يؤتين من قبلك، والخطأ في بلادنا شيء، وعند الآخرين شيء آخر.
المذيع:
 أخونا محمد يقول: أنه أسلم حديثاً قبل أربعة شهور، فمعرفته ومعلوماته في الإسلام بسيطة، يسأله البعض: أنت مسلم وتصلي، لا يعرف ماذا يقول؟

 

السؤال مفتاح العلم :

الدكتور راتب :
 مفتاح العلم السؤال.

﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة النحل : 43]

 عفواً، من غير الممكن أن تدخل عند طبيب من دون مبلغ بجيبتك، الطبيب والمحامي وأي إنسان آخر، إلا رجل الدين كله بالمجان:

﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾

المذيع:
 ومن هنا حتى يتفقه أكثر في دينه دكتور يمتنع عن الإجابة، ويجيب بما يعلم.
الدكتور راتب :
 يقول له: لا أعرف، أنا أجيبك بعد حين.
 عفواً سيدي، موقعي يدخله باليوم مليونا زائر، ممكن أن تفتح من غوغل نابلسي، ضع سؤالاً يأتيك بعد يومين الجواب.
المذيع:
 إذاً إذا هو سُئل سؤالاً مهماً و كان يعرف فعليه أن يجيب، لم يكن يعرف يبحث عن الجواب ثم يعيد الجواب للسائل حتى يكون أفاده بإذن الله.
 دكتورنا، نلخص ما جاء في هذه الحلقة لأهمية هذا الموضوع في حلقتنا عن الردة في الإسلام.
 المرتد هو من كفر بدين الله تبارك وتعالى، والردة الجزئية لمن كفر بجزء من بنود أو أركان الإسلام، من ارتد في نفسه، ولم يعلن ذلك، ولم يشوه سمعة الإسلام لا شيء عليه، من ارتد علناً وأساء للإسلام وحاول تخريب المسلمين، وتشويه دينهم عليهم يقام عليه حد الردة.

 

تلخيص لما سبق :

الدكتور راتب :
 هو حدّ ردعي أولاً، ثم تنفيذي ثانياً.
المذيع:
 والحد أن يستتاب.
الدكتور راتب :
 يستتاب، ثم يفرز له علماء لإقناعه، ويعطى زمن، وقد يصل إلى سنة، فإذا أصر معنى ذلك أنه مرتبط بجهات أجنبية.
المذيع:
 فيكون حده القتل بعد ذلك، والذي ينفذ هذا الحد هو الوالي المسلم وليس الأفراد.
الدكتور راتب :
 الحاكم فقط.
المذيع:
 وليس الأفراد، جميل! هذه النقطة بالغة الأهمية.

﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾

[ سورة البقرة : 256]

 لغير المسلم لا يكره ليصبح مسلماً، أما من اختار الإسلام ديناً، فعليه أن يأخذه منهجاً.
الدكتور راتب :
 من اختاره باختياره، دون ضغط عليه، وبعد أن عرف بعض أحكامه، بدأ يشوهها، لا يقبل منه، صار عدواناً على رمز الأمة.
المذيع:
 أما لو عرف بعض الأحكام وهو من الداخل أصبح لديه شبهات، فيحضر له عالم.
الدكتور راتب :
 والله قال:

﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة النحل : 43]

المذيع:
 أيضاً فضيلتك ويجاب عليه من ناحية نفسية، واجتماعية، وشرعية، ليس فقط من ناحية شرعية، فهذا العالم عليه أن يكون موسوعياً في هذه الجوانب.
أكرمكم الله دكتور، نختم حلقتنا بالدعاء.

 

الدعاء :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير واجعل الموت راحةً لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك، أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وراضَ عنا، اجعل هذا البلد الأردن آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، واحقن دماء المسلمين في كل مكان، واحقن دماءهم في الشام، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم.

خاتمة و توديع :

المذيع:
 الحمد لله رب العالمين، بارك الله بكم دكتور، سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور