وضع داكن
28-03-2024
Logo
حياة المسلم 1- إذاعة حياة إف إم- الحلقة : 010 - الأحداث الساخنة التي تشهدها الأمة الإسلامية.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع :
  بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وأتم الصلاة وخير التسليم على نبينا محمد الصادق الأمين، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.
 السلام عليكم ورحمة الله وتعالى وبركاته، نرحب بفضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، فأهلاً وسهلاً بكم مستمعينا، ومرحباً بكم فضيلة الدكتور.
الدكتور راتب:
 بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
المذيع :
 دكتورنا الكريم حديثنا اليوم سيكون بعدة عناوين منوعة، حديثنا سيكون عن الأحداث الساخنة التي تشهدها الأمة الإسلامية، حريق ذلك الطفل الصغير علي، في فلسطين المحتلة وأتبع استشهاده واستشهاد والده ووالدته يوم أمس حالة الغرق الذي يتعرض لها كثير من أخواننا اللاجئين السوريين، ذلك الطفل أركان الذي هزت صورته العالم أجمع، ومن هنا بات كثير من التساؤلات لدى فئة من عباد الله المؤمنين، ولدى قوم آخرين من الملحدين، أولئك الملحدون يشككون يقول: أين الله؟ أين عدل الله؟ أين نصر الله الذي تتحدثون عنه؟ وعباد الله المؤمنون الذين يوحدون الله يقيناً بنصر قادم يقولون: لله حكمة في كل أمر، وفي كل شأن، نطرح هذه القضية على فضيلتكم دكتور، تفضل.

كل شيء وقع أراده الله وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة :

الدكتور راتب:
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، وعلى آله وأصحابه الطيّبين الطاهرين، أمناء دعوته، وقادة ألوِيَتِه، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين.
 أخي الكريم؛ أخوتي الأكارم المستمعون، الحقيقة الدقيقة أن الدين ملخص بكلمة واحدة، إنها التوحيد، وقبل ذلك كم نوع تجارة يوجد بالعالم؟ مليون نوع، وكم مستوى تجارة يوجد؟ من بائع متجول إلى رئيس غرف الصناعة والزراعة مثلاً، التجارة كمثل تمهيدي مليون نوع، ومليون مستوى، لكن هل يمكن أن تضغط التجارات في الأرض على مستوياتها المختلفة وأنواعها المتباينة بكلمة واحدة؟ أنا أقول: إنها الربح، فإن لم تربح فلست تاجراً، واضحة سيدي؟ الآن الدين على اختلاف أنواع موضوعاته من تفسير إلى سيرة إلى حديث إلى فرائض إلى فقه وعلى اختلاف موضوعاته التاريخية، الدين يلخص بكلمة واحدة إنه التوحيد، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، التوحيد يقتضي هذه المقولة الدقيقة: كل شيء وقع بالقارات الخمس من آدم إلى يوم القيامة أراده الله، ما معنى أراده؟ لا تعني أبداً أنه قبله، ولا تعني أبداً أنه رضيه، ولا تعني أبداً أنه أمر به، لكن كيف أن الطبيب إذا تزوج ولم ينجب بعشر سنوات ثم جاءه ولد جميل جداً، تعلق به تعلقاً مذهلاً، فإذا الطبيب الأب يكتشف أن ابنه مصاب بالتهاب الزائدة، هذا الأب يسمح بتخديره تخديراً شاملاً، وبفتح بطن ابنه، وإجراء عملية استئصال الزائدة، نقول: هذا الأب الطبيب الرحيم الرائع أراد أن يستأصل هذه الزائدة من بطن ابنه، الآن كل شيء وقع في القارات الخمس من آدم إلى يوم القيامة أراده الله لا تعني أنه أمر به، ولا تعني أنه رضيه، لكن سمح به لحكمة بالغة بالغة بالغة، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها..
 كل شيء وقع أراده الله، معكوسة، وكل شيء أراده الله وقع، الآن وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، ماذا تعني الحكمة المطلقة؟ أي الذي وقع لو لم يقع لكان الله ملوماً، والذي وقع لو لم يقع لكان نقصاً في حكمة الله، فنحن لا تستطيع أن نكتشف عدل الله بعقولنا إلا بحالة مستحيلة، أن يكون لنا علم كعلم الله عز وجل، لكن لما البشرية جمعاء يوم القيامة تقول:

﴿ وآخِرُ دَعْوَاهُمْ أنِ الحَمْدُ لِلَّه رَبّ العالَمِينَ ﴾

[ سورة يونس : 10 ]

 معنى ذلك الذي يقع قد يكون في ظاهره مؤلماً، وقد يكون في ظاهره محيراً، وقد يكون في ظاهره مربكاً، أما حينما تنكشف لك الحكمة الإلهية فنعتقد يقيناً أن الذي وقع أراده الله، أي سمح به لحكمة بالغة بالغة، كل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع، والإرادة الإلهية متعلقة بالحكمة المطلقة، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق، الشر المطلق أي الشر للشر يتناقض مع وجود الله، هناك أشياء سلبية مؤلمة، هذه الأشياء السلبية المؤلمة لها حكمة بالغة قد نعرفها، وقد لا نعرفها، فلذلك البشر جميعاً:

﴿ وآخِرُ دَعْوَاهُمْ أنِ الحَمْدُ لِلَّه رَبّ العالَمِينَ ﴾

[ سورة يونس : 10 ]

 لكن أحياناً الله يمتحننا بحجب الحكمة عنا، هنا يظهر الإيمان، حسن الظن بالله ثمن الجنة، أنا لا أستبعد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في معركة الخندق، قال أحدهم: أيعدنا صاحبكم- يقصد رسول الله- ما قال رسول الله، أيعدنا صاحبكم أن تُفْتَح علينا بلاد قيصر وكسرى وأحدنا لا يأمن أن يقضي حاجته؟ قال تعالى:

﴿ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ﴾

[ سورة الأحزاب: 11-12 ]

 لكن بعد ذلك يقول الله:

﴿ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا ﴾

[ سورة الأحزاب: 23 ]

 أنا إيماناً مني أرى أن كل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع، وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق، لا يوجد شر مطلق لكن أنا لا أستطيع أن أكتشف حكمة الله بعقلي، إلا أن يخبرني الله بذلك، هذا الذي حصل.
المذيع :
 لو سألك أحد الأشخاص كعالم لك باع طويل في الدعوة: ما هي الحكمة الربانية من هذه الابتلاءات على الأمة الإسلامية لسنوات طوال؟

 

الحكمة الربانية من هذه الابتلاءات على الأمة الإسلامية :

الدكتور راتب:
 أولاً يا سيدي الإنسان مخلوق لجنة عرضها السماوات والأرض، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، الإنسان في الدنيا حينما يغفل عن هذا الهدف الكبير، حينما يغفل عن علة وجوده في الدنيا وهو العمل الصالح، حينما يغفل عن هذه المعاني الدقيقة جداً قد يحتاج إلى تنبيه لفت نظر، قال تعالى:

﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾

[ سورة السجدة : 21]

 ما من شدة إلا بعدها شدَّة إلى الله تعالى، وما من محنة تصيب المسلمين إلا بعدها منحة من الله، هذا الإيمان، والحياة حينما الزمن يمضي تنكشف هذه الحقائق، فلذلك حينما تشتد المصيبة يقول ضعاف الإيمان: أين الله؟ كما تفضلت، وحينما يأتي فرج الله عز وجل يقول الكافر: لا إله إلا الله، فأنا إيماني أنه لا يمكن أن يسلمنا ربنا إلى غيره وأن يقول لك: اعبدوني، قال تعالى:

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ ﴾

[ سورة هود: 123 ]

 الأمر الـ للجنس، أي أمر كله توكيد، قال تعالى:

﴿ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾

[ سورة هود: 123 ]

 متى أمرك أن تعبده؟ بعد أن طمأنك أن الأمر كله بيده، هذا هو التوحيد، الحقيقة أن ضعف الإيمان يسبب اضطراباً شديداً جداً، أنا أتمنى على الأخوة المستمعين أن يدققوا في تقوية إيمانهم، لأن هنالك ابتلي المؤمنون في عهد رسول الله، قال تعالى:

﴿ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ﴾

[ سورة الأحزاب: 11-12 ]

 ثم يقول الله:

﴿ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا ﴾

[ سورة الأحزاب: 23 ]

 الحقيقة هذه المآسي الصعبة التي تعاني منها الأمة هي حوافز كي يقوي المرء إيمانه بالله عز وجل، حتى لا يضطرب إيمانه مع هذه الأحداث المؤلمة.
المذيع :
 فضيلة الأستاذ الدكتور لو أن أحد الأشخاص شكك بوجود الله يقول: أنتم كمسلمين تدعون أن الله عز وجل موجود، وأنه ينتصر للمظلوم، ها نحن نرى المظلوم وقتاً تلو الآخر، كيف نرد عليهم؟ بأي خطاب نتحدث معهم؟

 

ما من شِدّة تصيب المسلمين إلا بعدها شدَّة إلى الله تعالى :

الدكتور راتب:
 أنا أقول: الله عز وجل له حكمة بالغة قد لا نكشفها نحن الآن، لكن هذه الحكمة لا بد من أن تظهر جلية كالشمس بعد حين، أنا أقول لك: ما من شدة تصيب المسلمين والله الذي لا إله إلا هو إيماني بهذه الحقيقة كإيماني بوجودي، أو إيماني بكل ذرة من خلايا جسمي، وبكل قطرة من دمي، كل شيء وقع بعده يوجد خير كبير، ما من شدة إلا بعدها شدَّة إلى الله تعالى، وما من محنة إلا بعدها منحة من الله، وهذا يحتاج إلى إيمان.
المذيع :
 هل مرّ على الأمة الإسلامية مثل هذه الابتلاءات الشديدة التي يفتن الناس بها؟

الابتلاءات الشديدة على الأمة الإسلامية فتنت الناس :

الدكتور راتب:
 والله أشد بكثير، إذا واحد قرأ التاريخ مرّ أشد من ذلك، وهذا الذي مرّ أشد من ذلك، أعقب نتائج مذهلة، أنا أقول لك: إيماني الدقيق هذه البلاد التي تعاني ما تعاني الآن من مشكلات، ومن قهر، ومن قتل، إلى آخره، والله لا بد من أن تكون هناك حكم بالغة ونقلة نوعية في إيمانهم، قال تعالى:

﴿ وآخِرُ دَعْوَاهُمْ أنِ الحَمْدُ لِلَّه رَبّ العالَمِينَ ﴾

[ سورة يونس : 10 ]

(( عَجَبا لأمر المؤمن! إنَّ أمْرَه كُلَّه له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابتْهُ سَرَّاءُ شكر، فكان خيراً له، وإن أصابتْهُ ضرَّاءُ صَبَر، فكان خيراً له ))

[ مسلم عن صهيب الرومي ]

 هذا الإيمان، سيدي عفواً إذا أنت وجدت أباً يضرب ابنه، أنت لثقتك أن هذا الأب قلبه مليء حباً لابنه، ولو لم يكن هناك حكمة بالغة لما ضربه، وجد معه مبلغاً لم يعطه إياه، من أين جئت بهذا المبلغ؟ أراد الأب بهذه القسوة الظاهرة أن يحدث عند ابنه خبرة مؤلمة حتى لا يأخذ مالاً ليس له، فأنت حينما ترى على الشبكية ضرباً من رجل كبير لطفل صغير، قد لا تنتبه إلى الحكمة، هذا الرجل أب لهذا الطفل، وهذا الطفل ارتكب خطأ أراد الأب أن يعطيه خبرة مؤلمة، أنا أثق بدافع من الإيمان إن شاء الله أن كل هذه البلاد التي تعاني ما تعاني الآن والله ينتظرها ربيع عربي حقيقي، هذا الآن خريف.
المذيع :
 نتحدث عن الأحداث التي تمر بالأمة الإسلامية، والسؤال الذي يتبادر لذهن الكثيرين: متى يأتي نصر الله؟ بعض المشككين والملحدين يريد أن يسيئوا للقيم الإسلامية، وبعض المؤمنين يتساءلون نفس السؤال، حريق لشهيد ولوالده ولوالدته في فلسطين، غريق أدمى قلب العالم أجمع، لاجئون يحرقون، يقتلون، تسرق أعضاؤهم، وهذا ما يصيب الأمة الإسلامية غيض من فيض، أهلاً بفضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، عرفنا أن لله حكمة في كل أمر، على المسلم أن يتعامل بيقين وإيمان معها، ولن يعقب تلك المحن إلا نصر كبير..
 ما المطلوب منا اليوم كأفراد؟

 

من أخلّ بطاعة الله و تنفيذ أمره فالله في حلّ من وعوده :

الدكتور راتب:
 بارك الله بك، قال تعالى:

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾

[ سورة النور: 55 ]

 الحقيقة زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين، كما استخلف الذين من قبلهم، قانون، قال تعالى:

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾

[ سورة النور: 55 ]

 أنا أرى الحقيقة المرة أهون ألف مرة من الوهم المريح، نحن لسنا مستخلفين، هذه الحقيقة المرة، الله وعدنا بالاستخلاف، قال تعالى:

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ﴾

[ سورة النور: 55 ]

 والحقيقة المرة أن هذا الدين العظيم ليس ممكناً في الأرض، بل يواجه حرباً عالمية ثالثة، كانت قبل حين تحت الطاولة، واليوم فوق الطاولة جهاراً نهاراً، قال تعالى:

﴿ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾

[ سورة النور: 55 ]

 نحن بالحقيقة لسنا مستخلفين، ولسنا ممكنين، ولسنا آمنين، الجواب بكلمة واحدة، آخر كلمة بالآية، قال تعالى:

﴿ يَعْبُدُونَنِي ﴾

[ سورة النور: 55 ]

 فإذا أخلّ المسلمون في طاعتهم لله، وفي تنفيذ أمر الله، وفي إقامة الإسلام في نفوسهم، وفي أعمالهم، وفي بيوتهم، فالله عز وجل في حلّ من وعوده الثلاثة، هذه الحقيقة المرة، ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا يرفع إلا بتوبة.

 

من أحبه الله ابتلاه :

 حقيقة الأمر عند العامة هي لماذا هكذا يصير معنا؟ إذا قلت لي: يوجد أناس غارقون بالمعاصي والآثام، ولا يوجد عندهم أية مشكلة كالعالم الغربي، أقول لك الآية الكريمة، حينما غاب أمر الله عن حياتهم كلياً أعطاهم الدنيا، أعطاهم الدنيا بعد أن يئسوا من طاعة الله عز وجل، إذاً القضية قضية علاقة بالله عز وجل، إما يوجد أمل فهناك شدة، أو لا يوجد أمل فتركه، قال تعالى:

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾

[ سورة الأنعام : 44]

 أب عنده ثلاثة أولاد، واحد منغولي لا يوجد منه أمل فتركه، وولد ذكي ومتفوق أيضاً تركه، لأنه حقق الهدف، وعنده ولد وسط، ذكي ومقصر، هذا الذكي المقصر يعالج، فأنا أقول: إذا أحبّ الله عبده ابتلاه، فإن صبر اجتباه، وإن شكر اقتناه.
 الإنسان إذا كان عنده معدن طيب، وعنده قابلية أن يكون مؤمناً كبيراً، وغفل عن الله عز وجل تساق له بعض الشدائد، قال تعالى:

﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾

[ سورة السجدة : 21]

 أما الطرف الآخر، قال تعالى:

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾

[ سورة الأنعام : 44]

المذيع :
 ما المطلوب منا حتى ننصر أخواننا كأفراد؟ كرجال أعمال؟ كدعاة؟ كأمة كاملة؟ كيف ننصر أخواننا المستضعفين؟

 

كيفية نصر أخواننا :

الدكتور راتب:
 الحقيقة ينبغي أننا نصطلح مع الله، وأن نعود إليه، وأن نقيم أمر الله في بيوتنا، وفي أعمالنا، وفي أنفسنا، وأن نهيئ أنفسنا لتلقي منهج الله عز وجل، وإن شاء الله بعد هذه العودة والصحوة والرجعة إلى الله سوف نرى شيئاً يسرنا، قال تعالى:

﴿ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ﴾

[ سورة الحج: 15]

 يعمل عملاً صالحاً خالصاً لله عز وجل، قال تعالى:

﴿ ثُمَّ لِيَقْطَعْ ﴾

[ سورة الحج: 15]

 يقطع كل مخالفة:

﴿ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ﴾

[ سورة الحج: 15]

 فإذا إنسان توهم أنني أنا لن أنتصر، الله عز وجل دله على الطريق، تقرب إلى الله بعمل صالح، واقطع كل معصية، ثم انتظر الفرج والتأييد.
 النقطة الدقيقة أن الأبد لو فرضنا واحداً أمامه أصفار ثلاثة ألف، ثلاثة أصفار ثانية مليون، ثلاثة ثالثة ألف مليون، ثلاثة رابعة مليون مليون، واحد بالأرض والأصفار للشمس، مئة و ستة و خمسون مليون كيلومتر وكل ميلي صفر، هذا الرقم إذا نسب إلا اللانهاية قيمته صفر، الله وعدنا باللانهاية، وعدنا بالأبد، فإذا واحد ضيع الأبد من أجل سنوات في الدنيا معدودة يكون أحمق، فإذا الله عز وجل لفت نظره ساق له بعض الشدائد، يعمل له رسالة لفت نظر فيما يكرهه.
المذيع :
 معنا اتصال أخي محمد ناصر تفضل...
 أنا طالب شريعة وأخذنا أن علم الله ليس قطعياً، أن الشخص إذا عمل الصالحات الله عز وجل لن يبتليه ، كيف أن علم الله ليس قطعياً؟ هل الشخص بإمكانه أن يعمل شيئاً بخلاف علم الله مثلاً؟

 

قضية التوحيد أخطر قضية لأنها أصل الدين :

الدكتور راتب:
 أولاً الإنسان إذا عمل عملاً يستحق عليه العقاب فإذا صحا واستغفر وتاب وأناب ورجع إلى الله واستقام على أمره، هذا الذي كان مقدراً له كمعالجة أن يصيبه يتوقف، أي إذا طبيب كلى فحص كلية لمريض وجدها واقفة، قال له: بعد أسبوع تأتي وسوف نستأصل هذه الكلية، جاء بعد أسبوع أعاد الطبيب الفحص وجدها تشتغل، هل يستأصلها؟ لذلك لا يرد القضاء إلا الدعاء، يوجد قضاء كان مرسوماً بمعنى معالجة التقصير، هذا الإنسان صحا وتاب وأناب ورجع إلى الله، توقف هذا الذي كان سيأتي، القضاء يرده الدعاء لأنه أصلح نفسه، أوضح مثل الكلية، أنت ممكن عندما تصطلح مع الله عز وجل كل شيء كان مرتباً لك، تربية، معالجة، أو تأديباً، أو عقاباً، تبت توقف، هذه تعطي أملاً كبيراً للناس، الصلحة بلمحة، قال تعالى:

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾

[ سورة الزمر: 53 ]

 إذا رجع العبد إلى الله نادى منادٍ في السماوات والأرض أن هنئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله.
 أخونا الكريم؛ هناك قضية أنه أنا مكتوب عليّ من الأزل أنني شقي، هذه المقولة أخطر مقولة تقال في الدين، هذه تشل الأمة، الدليل قال تعالى:

﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾

[ سورة الأنعام: 148 ]

 لا يوجد إنسان يقول: أنا مكتوب عليّ الشقاء، هذا كلام يركل بالقدم، جيء لسيدنا عمر بشارب خمر فقال: أقيموا عليه الحد، فقال: والله يا أمير المؤمنين إن الله قدر عليَّ ذلك. فقال: أقيموا عليه الحد مرتين، مرة لأنه شرب الخمر، ومرة لأنه افترى على الله، قال له: ويحك يا هذا إن قضاء الله لم يخرجك من الاختيار إلى الاضطرار.
 في اللحظة التي يتوهم فيها الإنسان أن الله كاتب عليه الشقاء التغى الدين كله، عقيدة الجبر أخطر عقيدة، التغى الاختيار، التغى الثواب، التغى العقاب، التغت الآخرة، قال تعالى:

﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾

[ سورة الكهف : 29 ]

﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾

[سورة الإنسان: 3]

 والآية الأصل في الموضوع:

﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾

[ سورة الأنعام: 148 ]

 لذلك قضية التوحيد قضية خطيرة جداً، هي أصل الدين كله.
المذيع :
 تفضلي أخت فايزة.
 ما تفسير الآية:

﴿ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ﴾

 السؤال: كيف يعرف الإنسان أنه ناصر للمؤمنين أم لا وهو لا يستطيع فعل شيء؟ ما علاج الخوف من الموت؟

 

معاملة الله للعبد بعد أن يصطلح معه أجمل شيء في الإسلام :

الدكتور راتب:
 الجواب الدقيق قوله تعالى:

﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾

[ سورة القيامة: 14-15 ]

 يمكن أن تخدع بعض الناس لكل الوقت، ويمكن أن تخدع كل الناس لبعض الوقت، أما أن تخدع كل الناس لكل الوقت فهذا مستحيل، تعليق آخر أما أن تخدع ربك أو نفسك ولا ثانية، قال تعالى:

﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾

[ سورة القيامة: 14-15 ]

 من وقف في عرفات، ولم يغلب على ظنه أن الله غفر له فلا حج له، الله عز وجل يلقي في روع المؤمن أن الله يحبه ويرضى عنه، هذا أروع شيء بالإيمان، يلقي في روعه، أنت ليس من المعقول أن تستقبل ابنك آخر العام كل علاماته تامة، وعليه ثناء على أخلاقه العالية، ولا تعمل شيئاً، يجب أن تضمه وتعمل له جائزة، ليس من المعقول إنسان يخطب ود الله، والله لا يلقي في روعه أنه يحبه، أنه راض عنك، هذا أجمل شيء في الإسلام معاملة الله لك بعد أن تصطلح معه، الله يلقي في روع المؤمن أنني أحبك...

 

الخوف من الموت :

 الحقيقة الخوف من الموت لو قرأنا تاريخ أربعين صحابياً، أنا درست سيرة الصحابة ثلاث مرات، شيء يلفت النظر هؤلاء الصحابة الكرام على اختلاف اتجاهاتهم، ومستوياتهم، ودرجاتهم كانوا في أسعد لحظات حياتهم عند موتهم، الموت تحفة المؤمن، لو شخص فقير جداً طلب منه أن يدرس في جامعة غربية، ويحضر دكتوراه في الطب، ليصير وزير صحة مثلاً، هذا ذهب اشتغل في النهار، ودرس في الليل، قضى عشر سنوات موت، أخذ الدكتوراه، صدقها، قطع كرت طائرة، وضع رجله في سلم الطائرة، جاء من قهر، من دراسة متعبة، من عمل، إلى مكانة كبيرة، ودخل كبير، هذا الموت عند المؤمن:

(( تحفة المؤمن الموت ))

[الطبراني، وأبو نعيم، والحاكم، والبيهقي، عن ابن عمر]

(( الموت عرس المؤمن ))

[رواه ابن المبارك والبيهقي عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ]

 كل هذا العمر يستقيم، ويحرر دخله، ويربي أولاده، ويصلي، ويغض بصره، ويحرر دخله لهذه الساعة، عندما يقترب أجله يرى مقامه في الجنة، يقول: لم أر شراً قط، وغير المؤمن عندما يرى مقامه في النار يكون قد تمتع بالشهوات وما ترك محلاً لم يزره، يقول: لم أر خيراً قط.
المذيع :
 أخت آلاء تفضلي..
 لا يخفى على أحد أن الأمة بحالة ضعف، وبالمقابل الجهاد يطبق بطريقة خاطئة، سؤالي: لا بد عندما ترى الأمم الأخرى حال المسلمين تصد عن الدعوة، وتأخذ موقفاً، بعد ذلك كيف الله عز وجل سوف يتعامل مع الناس الذين أخذوا صورة سلبية عن الإسلام كالأفراد الذين شوهوا هذا الدين؟
المذيع :
 عدم التعميم أن كل الجهاد هو تشويه.
تفضل أخي يزن..
 هل معصية الفرد ممكن أن تؤخر نصر الأمة ككل؟

 

الله عز وجل خلقنا ليسعدنا وهو ينتظر توبتنا :

الدكتور راتب:

﴿ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ﴾

[ سورة الحج: 15]

 في بعض التفاسير يعلق حبلاً، ويشنق نفسه، هل أنت تقبل هذا التفسير؟ إله يقول:

﴿ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ﴾

[ سورة الحج: 15]

 السبب هو العمل الصالح،

﴿ ثُمَّ لِيَقْطَعْ ﴾

 يقطع كل معصية،

﴿ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ﴾

 تذهب عنه كل مشكلة، وأنا أقول لكل مستمع: عندك مشكلة وعندك وهم أن الله لا يحبك، وهم، وقد يكون الشيطان، اعمل عملاً صالحاً وانظر كيف الله يقبلك، يرحب بك، ويتجلى على قلبك، ييسر أمورك، الله ينتظرنا:

(( لو يعلم المعرضون انتظاري لهم، وشوقي إلى ترك معاصيهم، لتقطعت أوصالهم من حبي، ولماتوا شوقاً إليّ..))

[ورد في الأثر]

 الإنسان عندما يعرف أن الله ذات كاملة، خلقنا ليسعدنا، ينتظر عودتنا، ينتظر توبتنا، الله يفرح:

(( لله أفرح بتوبة عبده من الضال الواجد، والعقيم الوالد، والظمآن الوارد))

[ذكره السيوطي في الجامع الصغير عن أنس]

 الله ينتظرنا..
المذيع :
 بعض السلوك التي شوهت الإسلام من أفراد المسلمين.

 

سلوك المسلمين شوه الإسلام أمام الغرب :

الدكتور راتب:
 أنا أريد أن أقول لك ملاحظة كي أطمئنك: الغربي يتمتع بذكاء شديد، والنماذج المشوهة لا يقبلها، يعرف الإسلام قوياً، والإسلام فتح القسطنطينية، والأندلس، والإسلام هو الدين الأول سيكون في العالم، والله ليس بعيداً فرنسا بعد عدة سنوات كلها مسلمة، انتشار الإسلام في العالم غريب، أنا كنت في فرنسا بؤتمر إسلامي كبير، كل يوم يدخل في فرنسا خمسون إنساناً من أصل فرنسي أم وأب، يومياً، هناك كلام مخيف عند الغرب ممكن الغرب كله يصبح مسلماً، والأمد ليس بقرون، بعشرات السنين فقط، يرون بأعينهم المسلم.
المذيع :
 لكن أيضاً هذه السلوكيات شوهت سماحة الإسلام لدى الغرب هل سيحاسبون؟
الدكتور راتب:
 أنت أيها المسلم المقيم في الغرب أنا كنت أقول كلمة، أنا قلتها في ألمانيا، وفي فرنسا، وإنكلترا، وإيطاليا، قلت: هذا الإيطالي أو الفرنسي ما قرأ القرآن، وما قرأ السنة، الإسلام عنده أنت، جاره المسلم إذا كذب أسقط الإسلام عنده، إذا قدم تصريحاً كاذباً مشكلة كبيرة، أنا إذا مسلم بالشرق أخطأت يقولون: فلان أخطأ فقط أما المسلم في الغرب إذا أخطأ فيصبح الإسلام كله على خطأ، أنت على ثغرة من ثغر هذا الدين فلا يؤتين من قبلك، فكل إنسان مقيم في بلد الغرب والله له حساب عشرة أضعاف، إذا أخطأ صرح تصريحاً كاذباً سبب للدين كله متاعب.
المذيع :
 هل يعذر هذا الغربي إذا شاهد سلوكيات مشوهة عن الإسلام فصد عن هذا الدين؟
الدكتور راتب:
 والله يشاهدون أشياء إيجابية كثيرة، أنا ذهبت إلى أوروبا وكندا والبرازيل والله هذا الكلام: الإسلام قوي، الجالية الإسلامية في أمريكا هي أقوى جالية، أطباء من أعلى مستوى بأمريكا، مرة أساؤوا للمحجبات في واشنطن - قصة من عشرين سنة- أكثر من عشرة آلاف مسيحية تحجبوا دعماً لأخواتهم المسلمات، هناك أخبار طيبة جداً سيدي، الإسلام هو الدين الأول في العالم الآن.
المذيع :
 هل هناك أثر للذنوب الفردية على نصرة الأمة؟

أثر الذنوب الفردية على نصرة الأمة :

الدكتور راتب:
 لا، عندنا نقطة دقيقة، أنا عندي فرد وعندي أمة، الفرد الآية تقول:

﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾

[ سورة النساء : 147]

 أي إنسان فرد في العالم إذا آمن وشكر تتوقف جميع المصائب بالنسبة له، هذا فرد، أما أمة، قال تعالى:

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾

[ سورة الأنفال : 33 ]

 الأمة إذا طبقت منهج النبي عليه الصلاة والسلام في حياة هذا المجتمع هم في مأمن من عذاب الله، ما كان هذا نفي الشأن، لو إنسان سأل شخصاً قال له: هل أنت جائع؟ يقول: لا، لكن إنسان محترم تقول له: هل أنت سارق؟ ليس معقولاً، ما كان لي أن أسرق، هذه الصيغة في اللغة تعني نفي الشأن لا نفي الحدث، لا أسمح، ولا أبارك، ولا أسكت، علماء النحو عدوا عشرة أفعال تنفى معاً بهذه الصيغة، إذا الله عز وجل يقول:

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾

[ سورة الأنفال : 33 ]

 مادام المجتمع المسلم يطبق منهج النبي صلى الله عليه وسلم لا يوجد قوة في الأرض تصل إليه.
المذيع :
 سؤال شخصي لفضيلتكم ما هي المشاعر التي انتابتكم حينما شاهدتم سواء الطفل الذي أحرقه الصهاينة أو الطفل البريء الذي أغرقه الظالم حينما شرده من أرضه؟

 

الإنسان لا يمكن أن يموت إلا بعد أن يأخذ كل أبعاده :

الدكتور راتب:
 الإنسان لا يمكن أن يموت إلا بعد أن يأخذ أبعاده، هذا الإنسان إذا عنده نية سيئة يجب أن تظهر كفعل، وهذا كله رسائل للغرب ماذا يفعل بنا، والغرب يجب أن يتعظ بها، وإذا لم يتعظ عنده حساب شديد جداً، مرة سمعت خطاباً لكلينتون قبل أن يستقيل وتنتهي ولايته، قال: ثمانمئة ألف شخص قتل في راوندا، كان بإمكاني أن أنقذ أربعمئة ألف ولكنني لم أفعل، أنا سمعتها كلمة كلمة، على وهم سلاح شمولي في العراق ثلاثون دولة جاؤوا، هذا الغرب.
المذيع :
 الله يفتح عليكم دكتور نختم حلقتنا بالدعاء؟

الدعاء :

الدكتور راتب:
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك، اللهم احقن دماء المسلمين في كل مكان، واحقن دماءهم في الشام، و اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين، الفاتحة.

خاتمة و توديع :

المذيع :
 بارك الله بكم فضيلة العلّامة الدكتور محمد راتب النابلسي، متى يأتي نصر الله كان عنوان حلقتنا، إلى هنا مستمعينا ينتهي هذا اللقاء، سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور