وضع داكن
20-04-2024
Logo
محاضرة في مسجد الشيخة فاطمة بنت مبارك : مطلب البشر السلامة والسعادة والاستمرار، السلامة بالاستقامة والسعادة بالعمل الصالح والاستمرار بتربية الأولاد .
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارض عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

حجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح :

 أيها الأخوة الأكارم؛ هل من خصائص تنطبق على كل البشر أي تنطبق على سبعة مليارات إنسان ونحن منهم؟ نعم، يوجد جواب، ما من إنسان على وجه الأرض من آدم إلى يوم القيامة إلا حريص على سلامته.
 إذاً ما منا أحد على وجه الأرض إلا حريص على سلامته، وحريص على سعادته.
 السلامة سلبية، يقول الإنسان: أنا لم أكذب، والاستقامة سلبية، أنا لم أكذب، أنا لم أغش، أنا ما أكلت مالاً حراماً، وأنواع الاستقامة كلها سلبية لكن العمل الصالح إيجابي؛ عطاء، فأنت حريص على سلامتك بالاستقامة، ولكن الاستقامة وحدها لا تسعدك، ما أكلت مالاً حراماً، إذاً لست لصاً، ما أقمت علاقة مع غير زوجتك، إذا عندك وفاء زوجي، فالاستقامة تؤدي إلى السلامة، تعيش حياة هادئة سليمة من كل مصيبة:

﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ﴾

[ سورة الجن: 16-17 ]

 لكن السعادة تحتاج إلى عطاء، إلى بذل، فأنت حجمك عند الله بحجم عملك الصالح.
 لكن قبل أن أتابع، هل تعلم من أنت؟ قد لا تصدق، أنت المخلوق الأول عند الله، الأول رتبة والدليل - عود نفسك بالدين ألا تقبل شيئاً بدون دليل، ولا ترفضه بدون دليل، ولولا الدليل لقال من شاء ما شاء، إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، دينك، دينك، إنه لحمك ودمك، خذ من الذين استقاموا، ولا تأخذ عن الذين انحرفوا.
 أي قضية مصيرية مثلاً قد تنجح من السابع للثامن، ومن الثامن للتاسع، ومن التاسع للعاشر، ومن العاشر للحادي عشر، ومن الحادي عشر للبكالوريا، ولكن علاماتك بالثاني عشر تحدد مصيرك، إما طب، أو طب أسنان، أو صيدلة، أو هندسة، أو لغة عربية، آخر شيء حقوق.. في كل دولة يوجد ترتيب، فهنالك نجاح مصيري يحدد مصيرك.

خيار الإنسان مع الإيمان خيار وقت فقط :

 إذاً أنت في الحياة تملك خيار القبول أو الرفض، خطبت فتاة لم تعجبك يمكنك أن ترفض، تريد أن تشتري بيتاً، البيت غير مناسب، أو موقعه غير مناسب ترفضه، بإمكانك أن ترفض مليون أمر، تملك خيار الرفض إلا في موضوع واحد تملك خيار الوقت، لأن أكثر كفار الأرض في العالم عندما أدركه الغرق قال:

﴿ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ﴾

[ سورة يونس: 90 ]

 لكنه آمن بعد فوات الوقت، فأنت مع الإيمان تملك خيار الوقت، وليس خيار الرفض، أي كل البشر عند الموت يؤمنون بما جاء به الأنبياء لكن إيمانهم إيمان متأخر، إيمان بعد فوات الأوان، دخلت الامتحان لم تستطع أن تجب ولا بكلمة، ذهبت للبيت فتحت الكتاب المقرر قرأت الإجابة، الآن فهمت الإجابة، لكن فهمتها بعد فوات الأوان، فنحن جميعاً سوف نؤمن بعد فوات الأوان، لكن من هو البطل؟ الذي يؤمن في الوقت المناسب قلبه ينبض بالإيمان، فالإيمان بعد فوات الأوان:

﴿ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ ﴾

[سورة يونس: 91]

 لفرعون، حيث قال: آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل، لذلك:

﴿ يَومَ يَأتي بَعضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفسًا إيمانُها لَم تَكُن آمَنَت مِن قَبلُ أَو كَسَبَت في إيمانِها خَيرًا﴾

[سورة الأنعام: ١٥٨]

حرص كل إنسان على سلامته و سعادته و استمراره :

 الآن النقطة لا تنطلق من شيء انطلق من حرصك على ذاتك، من حرصك على استمرارك، فكل واحد منا إنسان حريص على سلامته، أنت أعقد آلة في الكون تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز، تفتح جهازاً تجد عدداً من الأسلاك وعدة أجهزة، بالظاهر لا يوجد شيء مثلاً جهاز تسجيل صوت وصورة من الخارج لطيفة جميلة لكن افتحها تجد صمامات وأجهزة ومقاييس، شيء غير معقول على الإطلاق، فأنت أعقد آلة في الكون تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز، ولك صانع عظيم، ولهذا الصانع العظيم تعليمات التشغيل والصيانة، مثلاً بلغني الآن أنه يوجد جهاز طبي تضع عليه نقطة دم يعطيك فوراً سبعة و عشرين عنصراً، فالذي لديه هذا الجهاز طبيب محلل عنده ألف زبون، وكل زبون يدفع ألف ليرة، بكبسة زر هذا الجهاز العظيم الغالي جداً الشركة باعته، لكن نسيت تعليمات التشغيل، هل تستطيع استخدامه؟ لا، ستخربه، وإذا لم تستخدمه جمدت ثمنه، أليست التعليمات أغلى من الجهاز؟! والدليل:

﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾

[ سورة الرحمن: 1-4]

 يا رب أيعقل أن يعلم الإنسان القرآن قبل أن يُخلق؟ هذا الترتيب ليس ترتيباً زمنياً أي أنه ترتيب رتبي، بمعنى أنه لا معنى لوجود الإنسان بلا منهج يسير عليه، فالمنهج أبلغ من وجودك، الله عز وجل خلق الإنسان علمه البيان، وسخر له ما في السموات والأرض.
 لذلك أول نقطة بهذا اللقاء الطيب والوحيد يجب أن تكون حريصاً على سلامتك، ولأنك أعقد آلة في الكون لك صانع عظيم أرسل لك تعليمات تشغيل هي القرآن الكريم، والسنة، انطلاقاً من حرصك على سلامتك أولاً، وعلى سعاتك ثانياً، والثالثة أنت حريص على سعادتك وسلامتك واستمرارك بأولادك.
ذات مرة كنت بأمريكا قلت لكم هذه القصة كثيراً على زمن كلينتون قلت: إذا بلغت منصباً ككلينتون وثروة كأونسيس وعلماً كأنشتاين، ولم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس.
 الإنسان المسلم إذا رأى ابنه ضالاً شقي لشقائه، تسعد لصلاحه، وتشقى لشقائه، فأنت تريد سلامتك وسعادتك واستمرارك بتربية أولادك.
 عندنا بالشام خطيب جامع الأموي توفي رحمه الله، متفوق جداً، عندما توفي أقيم له عزاء بالجامع، حضرنا العزاء وفي اليوم الثالث ألقى ابنه كلمة كأبيه تماماً، هذا يعني أنه لم يمت، كلامي دقيق، عندما تربي ابنك ليكون ابناً صالحاً مؤمناً فهذا استمرارك، فأنت كما أنك حريص على سلامتك بالاستقامة، وعلى سعادتك بالعمل الصالح، فحجمك عند الله بحجم عملك الصالح:

﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾

[ سورة الأنعام: 132]

 لكن استمرارك بأولادك، فأنت عندما تستقيم فهذه ضريبة سلامتك، وعندما تتقرب من الله بالعمل الصالح ضريبة سعادتك، وعندما تربي أولادك ضريبة استمرارك.
 كل البشر هذه الخصائص تنطبق عليهم جميعاً؛ الحرص على السلامة بالاستقامة، والسعادة بالعمل الصالح، والاستمرار بتربية الأولاد.

الإنسان كائن متحرك تحركه حاجات ثلاث :

 الإنسان كائن؛ قبل أن أكمل هناك جماد شيء مادي يشغل حيزاً من الفراغ، له وزن وحجم وأبعاد ثلاثة، النبات أيضاً شيء مادي يشغل حيزاً من الفراغ، له طول وعرض وارتفاع إلا أنه ينمو، دخلنا بالنماء، الحيوان مادي يشغل حيزاً من الفراغ، له وزن وحجم وأبعاد ثلاثة وينمو ونضيف على النمو أنه يتحرك، القطة تمشي فصارت شيئاً له أبعاد ثلاثة، وتشغل حيزاً من الفراغ، تنمو وتتحرك، الإنسان أيضاً شيء، لنا جميعاً أوزان وحجم وطول وارتفاع، وننمو، ونمشي، بماذا نتميز؟ بالتفكير، أي الله عز وجل أعطانا قوة إدراكية، أعطانا إمكانية الفهم، التحقق، هذه القوة الإدراكية هي الحاجة العليا في الإنسان.
 فالإنسان إن لم يؤمن هبط عن مستوى إنسانيته إلى مستوى ثانٍ، الدليل:

﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾

[ سورة الفرقان : 44]

 الأنعام غير مكلفة:

﴿ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ ﴾

[ سورة المدثر : 50]

﴿ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾

[ سورة المنافقون: 4 ]

 إذاً إما دابة أو أنعام أو خشب مسندة، لأن من لم يطلب العلم لم يؤكد ذاته الإنسانية بالعلم، ولم يبحث عن سرّ وجوده، ولا عن غاية وجوده، أي أنت كائن متحرك، ماذا يحركك؟ سؤال: هذا الكائن ثابت اتركه مئة سنة يبقى كما هو، أنت متحرك ماذا يحركك؟ الحاجة إلى الطعام حفاظاً على بقائك كفرد، كما يحركك الحاجة للجنس، إن كان شاباً يريد زوجة، وإن كانت شابة تريد زوجاً، حفاظاً على بقاء النوع، بالأكل تحافظ على بقائك كفرد، بالزواج تحافظ بدون أن تشعر على بقاء النوع، أنت أكلت وتزوجت عندك حاجة ثالثة، سماها العلماء: تأكيد الذات، عندك حاجة لكونك شخصاً مهماً متفوقاً يشار إليك بالبنان، ما شاء الله صاحب السماحة والفضيلة الدكتور الفلاني، أستاذ المادة الفلانية بالجامعة، تاجر كبير، عندك حاجة ثالثة أنا أسميها: بقاء الذكر أو التفوق، أكلت حافظت على بقائك كفرد، تزوجت حافظت على بقاء النوع، تفوقت حافظت على بقاء الذكر.
 مرة سألت طلابي سؤالاً غريباً: من يأتي لي باسم تاجر عاش عام 1983 بدمشق؟ نظروا إليّ لم يجب أحد عن هذا السؤال، فقلت لهم: و أنا لا أعرف اسم أحد، لكن من منا لا يعرف سيدنا صلاح الدين؟ سيدنا خالد؟ العلماء العظام؟ الصحابة الكرام؟ حافظوا على بقاء الذكر.
 يا أخوان؛ أنتم شباب لماذا تكون شخصاً عادياً كعامة الناس؟ مليون إنسان جاؤوا إلى الدنيا وماتوا ولم يذكرهم أحد، لمَ لا تكن عَلماً من أعلام الأمة؟ لذلك التفوق طموح.

خيارات العمل الصالح لا تعد ولا تحصى :

 الآن الإنسان الذي قال: المؤمن قوي، ما معنى قوي؟ قد يكون قوياً بماله، وقد يكون غنياً بعلمه، وقد يكون غنياً بمنصبه. لماذا سيدنا النبي قال:

(( المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف ))

[ مسلم عن أبي هريرة]

 أنا لي رأي ومعي دليل عليه، إذا كان طريق القوة، قوة المال، أو العلم، أو المنصب سالكاً وفق منهج يجب أن تكون قوياً، لأن خيارات العمل الصالح لا تعد ولا تحصى.
 مرة كنت بالمغرب، صعدت إلى الطيارة فكان الطيار زميلي، أخذني لمقصورة القيادة، عندما دخلنا القطر من طرابلس رأيت بعيني طرطوس وصيدا، يوجد أربعمئة كيلو متر، طبعاً على ارتفاع ثلاثين ألف قدم أرى أربعمئة ألف كيلو متر، بعيني رأيت طرطوس على الساحل السوري وصيدا آخر مدينة بلبنان، قدرت المسافة بأربعمئة كيلو متر بنظرة واحدة، فكلما ارتفع مقامك اتسعت رؤيتك، وكلما ارتفع مقامك اتسعت عاطفتك، الأنبياء كانوا يبكون كثيراً على العدو أي على الكفار، وكلما ارتفعت عند الله اتسعت رؤيتك، واتسعت مشاعرك الإنسانية.
 الآن كل واحد منا بنفسه أمر، تزوج عنده شريكة حياة يهتم بها، أنجب أولاداً يهتم بأولاده، له أب وأم، أيضاً العائلة، العشيرة، الشعب، الأمة الإنسانية، كلما ارتقيت عند الله تتسع دائرة اهتمامك، لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً، ولضحكتم قليلاً، يبكي على أعدائه، أمام الله هذا إنسان أمامه جهنم إلى أبد الآبدين، يظن نفسه قوياً، وذكياً، وهو أحمق، وغبي.

تعريف الأبد :

 قضية الدين قضية مصيرية جداً، مصيرك إلى أبد الآبدين.
 أخواننا الكرام؛ ما هو الأبد؟ لنقل هنالك واحد وثلاثة أصفار أصبحوا ألفاً، ثلاثة أصفار أخرى مليون، وثلاثة أخرى مليار، من هنا لخارج الجامع كل ميليمتر صفر، ما هذا الرقم؟ ليس من هنا لمخرج الجامع، من هنا أي من الأرض للشمس مئة و ستة و خمسون مليون كيلومتر إذا كان كل ميليمتر صفراً ما هو هذا الرقم؟! كل أخواتنا الدارسين أي رقم إذا نسب للانهاية قيمته صفر، معنى هذا أن الدنيا لو معك مال بيل غيتس بأعلى منصب بالأرض، وبأعلى شهادات أنشتاين، ومعك فقر مع الله، فأنت خاسر، الله خلقك للأبد، ما المشكلة؟ خلقك للأبد.

اللذة و السعادة :

 أعطاك نفساً لا نهائية، هذه النفس اللانهائية عندما تختار هدفاً نهائياً محدوداً، اخترت المال ما دمت قبل أن تصل لهذا الهدف سعيداً، تعيش بالأمل والأحلام، بلغته ضمنته، اسأل الأغنياء كلهم: هدفك حققته هل أضاف لك سعادة مستمرة؟ الله ما سمح للدنيا أن تعطيك سعادة دائمة، هذه السعادة متناقصة، إذاً يوجد سعادة ويوجد لذة حسية، اللذة طابعها حسي، تحتاج إلى وقت وإلى مال، فدائماً الانسان بحيرة بالغة دائماً ينقصه واحدة من هذه الأمور الثلاثة، إذاً اللذة تحتاج إلى مال وصحة ووقت، بالبدايات يوجد صحة ويوجد وقت لكن لا يوجد مال، بالكهولة ووسط الحياة يوجد صحة ويوجد مال لكن ليس لديه وقت، كبر سلم لأولاده، أصبح يوجد لديه مال ووقت لكن لا يوجد عنده صحة، يصاب بعدة أمراض؛ سكري وضغط، هذه الحياة، اللذة تحتاج إلى وقت وإلى مال وإلى صحة ودائماً يوجد نقص بواحدة، أما السعادة فبأي لحظة تنعقد لك الصلة مع الله، فأنت سعيد، فرق كبير بين أن تأتي اللذة من نقود، من زوجة، من بيت فخم، وبين أن تنبع من داخلك، أولياء أمتي إذا رؤوا ذكر الله بهم، بين أن تأتي اللذة وبين أن تنبع من الداخل.

الحياة الطيبة ثمن طاعة الإنسان لله عز وجل :

 لذلك أيها الأخوة القضية قضية مصيرية، والإنسان حينما يؤمن يسلم ويسعد ويرقى عند الله، والقضية سهلة جداً، الأمر بين أيديكم، من هنا أتمنى على كل إنسان أن يكون موضوع السعادة، موضوع الدين، موضوع البيت في باله دائماً، لذلك يجب أن تقيم الإسلام في بيتك أولاً، وفي عملك ثانياً، فإذا أقمته في بيتك وعملك فلحت، لم يكلفك الله فوق طاقتك، كلفك ما أنت تملكه، تملك نفسك؟ أقم الإسلام في نفسك، تملك بيتك؟ أقمه في بيتك، تملك عملك؟ أقمه بعملك، فإذا أقمته في نفسك أولاً وفي عملك ثانياً وفي بيتك ثالثاً عملت الذي عليك، وبقي الأجر عند الله، ضعوا هذا في بالكم الموضوع خطير، موضوع سعادة أو شقاء أبديين، موضوع سلامة أو مشكلات لا تنتهي:

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾

[ سورة طه: 124 ]

 وزوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين:

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾

[سورة النحل: 97]

 الحياة الطيبة هذه ثمن طاعتك لله، يقابلها:

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى* قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً* قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾

[ سورة طه: 124 ]

 قال: كذلك كنت أعمى في الدنيا، لذلك إن الله يعطي الصحة والذكاء والمال والجمال لكثير من خلقه، ولكنه يعطي السكينة لأصفيائه المؤمنين، هي سكينة، مشاعر إيجابية تسعد بها ولو فقدت كل شيء، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء.

أركان النجاة هي الاستقامة و العمل الصالح :

 أخواننا الكرام؛ الأمر مصيري، أنا ما قرأت بحياتي تعريفاً للإنسان أبداً كتعريف الحسن البصري قال: الإنسان بضعة أيام كلما انقضى يوم انقضى بضع منه، لذلك أنت أيها الإنسان كائن زمني، فالله خاطبك بهويتك وقال:

﴿ وَالْعَصْرِ﴾

[ سورة العصر : 1 ]

 أقسم لك بمطلق الزمن، جواب القسم الأول:

﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾

[ سورة العصر: 2 ]

 لماذا يا رب؟ لأنك زمن، فمضي الزمن وحده يستهلكك، سبت أحد اثنين ثلاثاء أربعاء خميس جمعة أول أسبوع، أسبوعان، ثلاثة، أربعة تصبح شهراً، أربعة شهور تصبح فصلاً، أربعة فصول سنة، عشر سنوات عقد، كل حياتك ربع قرن، فلذلك أنت زمن، ولأنك زمن فمضي الزمن يستهلكك، جاءت كلمة إلا:

﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾

[ سورة العصر : 1-3 ]

 أركان النجاة:

﴿ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾

[ سورة العصر : 3 ]

 يجب أن تؤمن الإيمان الذي يحملك على طاعته، يجب أن تستقيم وتعمل صالحاً عملاً يرقى بك إلى الله، يجب أن تصبر على طاعة الله، والاستقامة والعمل الصالح هذه أركان النجاة عند الإمام الشافعي حيث قال:" لو تدبر الناس هذه السورة لكفتهم ":

﴿ وَالعَصرِ* إِنَّ الإِنسانَ لَفي خُسرٍ* إِلَّا الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَتَواصَوا بِالحَقِّ وَتَواصَوا بِالصَّبرِ ﴾

[سورة العصر: ١-٣]

 بارك الله بكم، ونفعنا بكم، وجمعنا على الحق جميعاً.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور