وضع داكن
28-03-2024
Logo
حياة المسلم 1- إذاعة حياة إف إم- الحلقة : 108 - تزكية النفس.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
  بسم الله الرحمن الرحيم، و الحمد لله رب العالمين، اللهم صلّ وسلم وزد وبارك وأنعم وأكرم على النبي المعلم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أهلاً وسهلاً بكم مستمعينا الكرام، على الهواء مباشرة في حلقة جديدة من برنامجكم مع فضيلة العلّامة الدكتور محمد راتب النابلسي، وباسمكم نرحب بفضيلة العلّامة الداعية محمد راتب النابلسي، مرحباً بكم شيخنا.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم وأعلى قدركم.
المذيع:
 دكتوري الكريم نبدأ بقوله تعالى:

﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾

[ سورة النازعات :40-41]

 وفي الدعاء عن النبي صلى الله عليه وسلم:

(( ...اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا..))

[ مسلم عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ]

 عن تزكية النفس حلقتنا لهذا اليوم، نبدأ مع فضيلتكم ما المقصود بتزكية النفس؟

 

ارتباط رقي الإنسان بمعرفة كليات الحياة :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا بما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 الحقيقة الدقيقة أن الإنسان أحياناً يغرق في جزئيات الحياة وتغيب عنه حقائق الحياة الكبرى، تغيب عنه هويته، من هو؟ لم هو المخلوق الأول؟ لماذا جاء به الله إلى الدنيا؟ ماذا بعد الموت؟ ما هي الجنة؟ ما هي هذه الكليات؟ فالإنسان لا يرقى إلا إذا عرف كليات الحياة، لا جزئياتها، لذلك المرض الخطير الآن الذي أصاب معظم أهل الأرض الغرق في الجزئيات، حصّل دخلاً، تمتع بالحياة، أكل، شرب، سافر، عمل سياحة، جاءه الموت، هذا الموت ليس مبرمجاً نفسه عليه إطلاقاً، يفقد كل شيء بثانية من قصر إلى قبر، ماذا في القبر؟ الإنسان عندما يغفل عن كليات الحياة عنده ساعة إحباط لا تقدر، لا توصف، إحباط من كل شيء إلى لا شيء، عبدي رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبقَ لك إلا أنا، وأنا الحي الذي لا يموت، هذا الموت ينهي حياة القوي والضعيف، والغني والفقير، والعالم والجاهل، والرياضي وعدم الرياضي، ينهي حياة كل شيء، هذا الموت إذا دخل في حساباتنا، أدخلناه ضمن عقيدتنا، الموت مرحلة انتقالية من الحياة الدنيا إلى حياة البرزخ، ثم إلى الحياة الآخرة، كنا في عالم الأزل أصبحنا في عالم الصور، ثم في البرزخ، ثم في الجنة أو النار، هذه كليات الحياة إذا الإنسان عرف سرّ وجوده وغاية وجوده.
 أضرب مثلاً بسيطاً، أب أرسل ابنه إلى باريس لينال الدكتوراه، باريس مدينة عملاقة كبيرة فيها كل شيء، فيها مقاصف، فيها حدائق، فيها مسارح، فيها أسواق، وفيها جامعة، علة وجود هذا الشاب في كل هذه المدينة له هدف واحد أن ينال الدكتوراه، فإذا غاب عن الإنسان علة وجوده ضلاله حتمي، وبعيد، ومتى يكتشف هذا الضلال البعيد؟ عند الموت، إلى أين؟ رجعوا وتركوك، فالنقلة من كل شيء إلى لا شيء تعمل صعقة بالإنسان، قال تعالى:

﴿ فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ﴾

[ سورة الزخرف: 83]

 فالبطولة أن تتكيف مع الموت، كنا في الجامعة فأستاذ علم النفس عالم كبير قال: الذكاء في كتابكم ثمانون صفحة، أتحبون أن أضغطه في كلمة واحدة؟ قال: الذكاء هو التكيف. تتكيف مع الموت، لك أعمال صالحة، بيتك إسلامي، ضبطت شهواتك وفق منهج الله، ربيت بناتك، حجبت بناتك، علمت أولادك الدين، هذا التكيف مع الموت عمل عظيم جداً، الموت ما عاد شيئاً مفاجئاً غير متوقع، ما عاد نقلة من كل شيء إلى لا شيء، صار من شيء إلى كل شيء، تقريباً يوجد خط للإنسان بياني صاعد، ولد، كبر، دخل مدارس، أخذ شهادة، توظف، اشترى بيتاً، تزوج، دخله تضاعف، بدل بيته، بدل سيارته، طالع طالع، وقف قلبه، جلطة انتهى، مكاسب سبعين سنة تنتهي بتوقف ضربات القلب، أو بتجلط الدم، هذا يصعق ساعتها، يأتي المؤمن خطه البياني صاعد صعوداً مستمراً والموت نقطة على الخط الصاعد، هو يسعى للآخرة، يسعى لجنة عرضها السموات والأرض.
أخواننا المستمعين؛ ما لم ندخل الآخرة في حساباتنا فنحن في خطأ كبير، وفي حرج شديد.
المذيع:
 دكتور حينما نستخدم هذا المصطلح ونقول: تزكية النفس، ما المقصود بالتزكية؟

 

تزكية النفس :

الدكتور راتب :
 هذه النفس ذات الإنسان، ذاتك هي أنت، الإنسان له جسم هذا وعاؤه، له روح هذه القوة المحركة مثل الكهرباء، أما هو نفس فدليلها قال تعالى:

﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ﴾

[ سورة الفجر: 27-28 ]

﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾

[ سورة آل عمران: 154]

 فأنت نفس، هذه النفس تذوق طعم الموت ولا تموت إلى أبد الآبدين، قال تعالى:

﴿ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ﴾

[سورة الزخرف: 77]

 لا يوجد موت للنفس، لكن إنها تذوق طعم الموت، فالإنسان إذا فكر بالآخرة، والآخرة منالها ليس صعباً بل سهلاً، لا يوجد حرمان بالدين إطلاقاً، موضوع المرأة زوجة، لا يوجد خليلة، موضوع المال عمل، لا يوجد سرقة، فكل شيء أودعه الله فينا من شهوات له طريق شرعي ومتاح وواسع، وأنت محمود عليه، وله طريق آخر غير شرعي.
المذيع:
 دكتور تزكية النفس وضبطها وفق شرع الله؟
الدكتور راتب :
 التزكية حينما تنضبط وفق شرع الله ينشأ حالة نفسية في النفس ثقتك أن الله يحبك، هذا شعور لا يوصف.
المذيع:
 دكتور ممكن توضحها أكثر.
الدكتور راتب :
 أنت حينما تضبط حركتك في الحياة، أو تضبط شهواتك وفق منهج الله، ما أكلت مالاً حراماً، ما نظرت إلى حرام، ما اعتديت على أعراض الناس، عندما استقمت عندك شعور قطعي وعميق أن الله يحبك، هذا الشعور تسعد به ولو فقدت كل شيء، من يحبك؟ خالق السموات والأرض، بيده حياتك وموتك وسعادتك، بيده رزقك، بيده من حولك، من فوقك، من تحتك، الإله إذا أرضيته رضي عنك كل شيء:

(( ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء ))

[ تفسير ابن كثير]

 فأنت عندما تمشي في طريق إرضاء الله، حينما يرضى الله عنك أنت إنسان آخر، خالق الأكوان، العظيم، الحنان، المنان، الجميل، القوي، الحكيم، بيده كل شيء، فأنت عندما تكون مع القوي قوي، مع العليم عليم، مع الرحيم رحيم:

(( ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء.. ))

[ تفسير ابن كثير]

 بصراحة بين المؤمن وغير المؤمن ليس موضوع درجة أو درجتين أو ثلاث، مثلاً المؤمنون يوجد ذهب عياره أربع وعشرون، وواحد وعشرون، وثمانية عشر، وستة عشر، وأحد عشر لكن كله ذهب، التفاوت بالنسب، وهناك معدن خسيس كالتنك، فالفرق بين الذهب والتنك فرق بالطبيعة لا بالدرجة.
المذيع:
 دكتور حديث النبي صلى الله عليه وسلم:

(( ...اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا..))

[ مسلم عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ]

 المقصود يا رب أعن أن أنتهج شرعك في حياتي؟

نفس الإنسان هي الآمرة الناهية :

الدكتور راتب :
 هي الآمرة والناهية، حينما تلتزم بمنهج الله تقبل على الله، فإذا أقبلت اقتبست من رحمته، من حنانه، من لطفه، من علمه، من كمالاته العلا، الإنسان المؤمن غير الإنسان الآخر، يتميز بمليون فرق، الإيمان سعادة، الإيمان طمأنينة، الإيمان سكينة، الإيمان ثقة بالمستقبل، الإيمان ثقة بالله، الإيمان لا يوجد يأس، لا يوجد تشاؤم، لا يوجد سوداوية، لا يوجد أمراض نفسية.
المذيع:
 دكتور ما المقصود بالدعاء:

(( ...اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا..))

[ مسلم عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ]

العمل الطيب نور يقذف في قلب المؤمن يرى به الحق حقاً والباطل باطلاً :

الدكتور راتب :
 أنت تمشي بطريق، هذا الطريق فيه حفر خطيرة، وفيه أكمات خطيرة، وفيه عقارب و أفاع، كيف تتقي لدغة الأفعى والسقوط في الحفر والارتطام بالصخرة؟ لا بد لك من نور، الصلاة نور، أنت إذا صليت قذف الله في قلبك النور، ترى به الحق حقاً والباطل باطلاً، الناس يمشون في عمى، قال تعالى:

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى* قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً* قَالَ كَذَلِكَ ﴾

[ سورة طه: 124-126 ]

 قال كذلك، كنت أعمى في الدنيا، هي رؤيا يسمونها البصيرة، يوجد بصر ويوجد بصيرة، عفواً مثلاً طبيب يعالج مريضاً، والطبيب مؤمن، لو أراد أن يخيف هذا المريض بمرض خطير ويبتز أمواله خلال سنة ألا يسقط من عين الله؟ لا يوجد مرض خطير لكن أوهمه أن مرضك خطير، تحتاج إلى معالجة كل أسبوع ثلاث جلسات، لا يوجد عنده إمكانية ليكشف خطأ الطبيب، لكن هذا الطبيب ألم يسقط من عين الله؟ هنا المشكلة، يجب أن يكون عملك طيباً، أنت عند الله كبير، غال على الله، ما غششت إنساناً، غال على الله، ما فرقت بين زوجين، الموقف الكامل يقتضي أن يأتيك من الله سكينة، السكينة تسعد بها وإن فقدت كل شيء.
المذيع:
 وهذه نتيجة التزكية؟

 

التزكية أكبر عطاء إلهي :

الدكتور راتب :
 يا سيدي هذه التزكية أكبر عطاء إلهي، هذه السكينة تتنزل على قلب المؤمن.
المذيع:
 دكتور كيف نصل إليها؟ هل هي رزق من الله أم هي مسعى؟
الدكتور راتب :
 من طاعة الله، تطيعه فينزل على قلبك السكينة.
المذيع:
 دكتور الخطوة الأولى مني؟
الدكتور راتب :
 الطاعة، قبل الطاعة لا تتكل على اًشيء بالدين، من دون طاعة الدين يصبح فلكلور، تراثاً، عادات، تقاليد، آية قرآنية تتنزل على قلبه، هذه السكينة صعب شرحها، سعيد؟ سعيد، ثقته كبيرة بالله؟ كبيرة، عنده حكمة؟ عنده حكمة، عنده نظر ثاقب؟ عنده نظر ثاقب، أب كامل؟ أب كامل، النقلة نوعية بين شخص متفلت والثاني ملتزم.
المذيع:
 دكتور كيف نفهم معنى الآية الكريمة:

﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ﴾

[ سورة النازعات :40]

 فهل الخطوة الأولى في أن تنهى أنت نفسك عن الهوى بمخافة الله؟

 

ضرورة طاعة الله و نهي النفس عن الهوى :

الدكتور راتب :
 عرف مقام ربه أولاً فنهى النفس عن الهوى.
المذيع:
 عليك أن تبدأ بالطاعة، وأن تعرف مقام الله، وأن تنهى النفس عن الهوى، جزاء الله سكينة من الله؟
الدكتور راتب :
 تتنزل على قلبك، تسعد بها وإن فقدت كل شيء، وتشقى بفقدها - لا سمح الله - ولو ملكت كل شيء.
المذيع:
 هذه التي قيل بها دكتور لو يعلم الملوك لقاتلونا عليها؟
الدكتور راتب :
 لو يعلم الملوك ما نحن عليه من سكينة لقاتلونا عليها بالسيوف، والله قد يكون الإنسان بوظيفة متواضعة جداً وهو أسعد من حوله بالملايين، وقد يكون بأعلى مكانة ومكان وثروة ودخل وهو أشقى الأشقياء.
المذيع:
 دكتور هل هذه السكينة بالعامية هي راحة البال؟
الدكتور راتب :
 قال تعالى:

﴿ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ ﴾

[ سورة محمد: 5]

 قرآن سيدي، عنده طمأنينة.
المذيع:
 دكتور والله إن هذا القرآن لكتاب حياة، لمن يتفقه ويتعمق به.
الدكتور راتب :
 سيدي كلمة وأنا أعني ما أقول: إن لم تقل - وقد اتصلت بالله- ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني عندنا مشكلة بالإيمان، موظف، تاجر، يوجد عدد من المشاكل الصحية كله مقبول إلا أن يكون أتقى مني.
المذيع:
 فاصل قصير ثم نتابع مع فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي وحلقتنا عن تزكية النفس..
 من جديد دكتور الكريم، في ظل النصوص الشرعية، قوله تعالى:

﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾

[ سورة النازعات :40-41]

 هل هو وعد من الله عز وجل لكل من زكى نفسه هكذا أفهم النص؟

 

النجاح و الفلاح :

الدكتور راتب :
 زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين، وعد إله، قال تعالى:

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾

[ سورة النحل: 97 ]

 الحياة الطيبة ليس لها علاقة بالغنى والفقر أبداً، قد تجد إنساناً دخله محدود، أسعد إنسان في الأرض، قد تجد إنساناً وظيفته وسط، السكينة شيء صعب وصفه، خالق الكون يحبك، أنت تهتدي بهديه، تلتجئ له، تستعين بعلمه، تستعين بحكمته، تستعين برحمته، تجد نفسك مسدداً ناجحاً بحياتك، الفلاح غير النجاح، قد تنجح في جمع المال، نجاح، قد تنجح في تسلم منصب رفيع، نجاح، قد تنجح باختيار زوجة صالحة، الفلاح شمولي، أنت ناجح بعلاقتك مع ربك، وناجح بعلاقتك مع أهلك، وناجح بعلاقتك بعملك، ناجح مع صحتك، الخمسة بنود يعملون فلاحاً، الفلاح مجموعة نجاحات متكاملة.
المذيع:
 دكتور هل قد أفلح من زكاها؟
الدكتور راتب :
 أنت خلقت للجنة، الجنة ثمنها نفس زكية، جيء بك إلى الدنيا كي تزكي نفسك بمعرفة الله وطاعته والتقرب إليه.
المذيع:
 دكتور ما المقصود بقوله تعالى:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴾

[ سورة الشمس:9]

تزكية النفس تكون بتحقيق الهدف من وجودها :

الدكتور راتب :
 أي حقق الهدف من وجوده، هذا الفلاح، قد يكون الإنسان غنياً، بيل غيت يملك تسعين ملياراً، مات، الإنسان يموت، الموت ينهي كل شيء، ينهي قوة القوي، وضعف الضعيف، وغنى الغني، وفقر الفقير، وينهي كل شيء، فالإنسان عندما يعرف الله عز وجل يستحق الآخرة، فالموت صار نقلة نوعية:

(( تحفة المؤمن الموت ))

[الطبراني وأبو نعيم والحاكم والبيهقي عن ابن عمر]

(( الموت عرس المؤمن ))

[رواه ابن المبارك في والبيهقي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ]

 أريد أن أقدم للأخوة المستمعين تفسيراً للموت، إنسان فقير جداً وذكي جداً، باع من حوله- أمه وخالاته- أساورهم، واشترى بطاقة سفر إلى أمريكا، ودرس في أمريكا بفرع مهم جداً، قبل الظهر يداوم، بعد الظهر يعمل بمطعم بغسيل الصحون حتى يأكل، وبالليل يدرس، قضى سبع سنوات من أصعب ما يكون ثم أخذ الدكتوراه، موعود في بلده وزير صحة، بيتان في العاصمة، وبيت على البحر، وبيت في الجبل، وسيارتان أو ثلاث، يوم وضع رجله في سلم الطائرة حياة التعب والجهد والقلق انتهت، صار في حياة الإكرام والتبجيل والتمتع بالحياة، هذا الموت عند المؤمن:

(( تحفة المؤمن الموت ))

[الطبراني وأبو نعيم والحاكم والبيهقي عن ابن عمر]

(( الموت عرس المؤمن ))

[رواه ابن المبارك في والبيهقي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ]

المذيع:
 أبدأ معك يا أم حسان تفضلي..
 جزاكم الله خيراً، أريد أن أسأل الدكتور عن الآية:

﴿ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ ﴾

[ سورة الروم: 8 ]

 ما هو الرابط؟

 

تفكر الإنسان بعلة وجوده في الدنيا :

الدكتور راتب :
 الله عز وجل ما خلق هذه السموات والأرض عبثاً، قال تعالى:

﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾

[سورة المؤمنون:115]

 العبثية عمل غير هادف، أما الله عز وجل فخلق الإنسان للجنة، خلقه لجنة عرضها السموات والأرض، وجاء به إلى الدنيا ليدفع ثمن الجنة.
المذيع:
 دكتور في أنفسهم، هل له علاقة بتزكية النفس؟
الدكتور راتب :
 طبعاً قال تعالى:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴾

[ سورة الشمس:9]

المذيع:

﴿ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ ﴾

[ سورة الروم: 8 ]

 ما هو الرابط؟
الدكتور راتب :
 الرابط يجب أن يتفكر الإنسان في علة وجوده في الدنيا، وعلة خلق السموات والأرض، خلق السموات علتها التعريف بالله، الله عز وجل لا تدركه الأبصار ولكن العقول تصل إليه، فعبر عن ذاته بآياته، عنده آيات كونية، خلقه، أداتها التفكر، وآيات تكوينية أفعاله، أداتها النظر، وآيات قرآنية، أداتها التدبر، فنعرفه من خلال التفكر والنظر والتدبر.
المذيع:
 السلام عليكم أم خالد تفضلي..
بارك الله في الدكتور، الطمأنينة ما هو التعبير عنها؟
 السلام عليكم كيف يشعر الإنسان أنه وصل إلى مرحلة التزكية؟ ثانياً ما هي كتب في التزكية؟ هل يرشح لنا الأستاذ كتاباً؟

 

تزكية النفس بالاستقامة و العمل الصالح :

الدكتور راتب :
 يوجد كتاب مدارج السالكين، هذا كتاب لابن قيم الجوزية، كيف تزكي نفسك؟ بالاستقامة، والعمل الصالح، ومحبة الله عز وجل، والإخلاص، وله كتاب مختصر.
المذيع:
 كيف تعبر عن الطمأنينة هي تعبر كحب الأم لأولادها، هل هذا المعنى يصح كتعريف؟

 

السكينة والنجاح والتوفيق عطاءات الله عز وجل للمؤمن :

الدكتور راتب :
 لا، الطمأنينة مثلاً من وقف في عرفات ولم يغلب على ظنه أن الله غفر له فلا حج له، الطمأنينة شعور يتنزل على المؤمن، قال تعالى:

﴿ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ﴾

[ سورة الطور: 48 ]

 مثلما أنت ترفع لله عملاً صالحاً، هذا العمل الصالح الذي رفع إليه يتنزل من الله عليك طمأنينة، والسكينة والنجاح والتوفيق هذه عطاءات الله عز وجل، الله عز وجل قال:

﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾

[سورة البقرة:125]

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾

[سورة طه:14]

 الآية الثانية:

﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾

[سورة البقرة:125]

 أنت إذا صليت أديت واجب العبودية، أما إذا ذكرك الله فمنحك نعمة الأمن، منحك نعمة السكينة، منحك التوفيق، منحك النجاح، منحك الرضا.
المذيع:
 دكتور كيف أصل إلى هذه المرحلة؟
الدكتور راتب :
 غير الطاعة لا طريق إلى الله عز وجل، قال تعالى:

﴿ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا ﴾

[سورة الأحزاب: ٧١]

 الله عز وجل: سماه الفوز العظيم، حققت الهدف من وجودك والغاية من وجودك.
المذيع:
 دكتور سؤال كيف أعرف أني قد وصلت إلى مرحلة النجاح في تزكية نفسي؟

 

كيفية الوصول إلى مرحلة النجاح في تزكية النفس :

الدكتور راتب :
 من كمال الله عز وجل أن يشعر من دونه بتحقيق أهدافه، عفواً أنت حججت، من كمال الربوبية الإلهية أن يشعرك الله بتعبير آخر أن يلقي في روعك أنه قبلك، وغفر لك، أنت عندما ترفع عملاً صالحاً يعود العمل الصالح سكينة، راحة نفسية، يعود توفيقاً، يعود تيسيراً، النتائج الإيجابية للطاعة لا تعد ولا تحصى، يوجد أمور ميسرة قال تعالى:

﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾

[سورة الليل5-7]

 زواجه ميسر، عمله ميسر، صحته ميسرة، في بيته ميسر، قال تعالى:

﴿وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾

[سورة الليل8-10]

 التيسير رسالة من الله عز وجل أنه يحبك.
المذيع:
 تفضل أبو أصيل..
 نحن سيدي نرفض تزكية أنفسنا ونطلب النصر من الله، ومعروف ما نزل بلاء إلا بذنب ولا يرفع إلا بتوبة.

 

لا نصر مع المعاصي و الآثام :

الدكتور راتب :
 ولو دعونا ليلاً نهاراً لا نستفيد شيئاً.
المذيع:
 كيف ننصر مقدساتنا، ونحن نرفض أن نقلع عن الزنا، عن الخمر، عن الربا، عن عن ونلوم غيرنا؟
الدكتور راتب :
 والله مع المعاصي والآثام لا نشم رائحة النصر.
المذيع:
 سيدي أطال الله عمرك أنا أعتبر الذنب مني وليس من حكامنا، الجميع يدعو الله أن ينصرنا، والجميع يطالب حكامه بالنصر، وهو نفسه يرفض أن يقلع عن أي معصية هو قائم عليها.
الدكتور راتب :
 أنا أقول كلمة دقيقة أدِّ الذي عليك واطلب من الله الذي لك، أنت أدِّ طاعة الله وانتهى الأمر والله يتولى العطاء.
المذيع:
 علاقة نصر الأمة بالذنوب الفردية، هل معية الله يمكن أن تكون على مرحلتين بشكل فردي لمن طبق شرع الله، وللأمة؟

 

عظمة هذا الدين أنه فردي وجماعي بآن واحد :

الدكتور راتب :
 عظمة هذا الدين أنه فردي وجماعي بآن واحد، هذا الدين العظيم فردي، أي لو طبقه الإنسان وحده في بيته وعمله ونفسه، في ثلاث دوائر، نفسك دائرة أولى، بيتك دائرة ثانية، عملك دائرة ثالثة، لو طبقت هذا الدين أقمته في نفسك عقيدة، وطاعة، وعبادة، وإحساناً، طبقته في بيتك، ربيت الأولاد تربية إسلامية، كنت محسناً لزوجتك، وفي عملك أتقنت عملك، وكنت مع الناس مخلصاً ومستقيماً، أنت حققت إيمانك في الدوائر الثلاث الأولى، وانتهت الآن مسؤوليتك، الذي طبق نجح بإسلامه الفردي، أما الإسلام أيضاً فجماعي إن طبقت الأمة هذا الإسلام تنتصر.
المذيع:
 دكتور مثل ماذا الثمار الفردية؟
الدكتور راتب :
 دخلك حلال، الإنفاق حلال، أنت أسعد الناس في بيتك.
المذيع:
 دكتور أما كأمة حتى تنتصر؟
الدكتور راتب :
 تطبقه تنتصر، صار عندنا إسلام فردي وجماعي.
المذيع:
 دكتور هل له علاقة بدور الحاكم؟ نحن نلوم الحكام وندع أنفسنا هل من ارتباط؟

 

العلاقة الترابطية بين الحاكم و شعبه :

الدكتور راتب :
 هذه اسمها عملية ترابطية، الحاكم الصالح يحمل الناس على الصلاح، والناس الصالحون يختارون حاكماً صالحاً، عملية متداخلة.
المذيع:
 فاصل ونعود..
 من جديد حياكم الله، مع فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي وحديثنا عن تزكية النفس..
 دكتور في تزكية النفس البوصلة واضحة وأبدأ بقوله تعالى:

﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ﴾

[ سورة النازعات :40]

 في البداية تبدأ بتعرفك على الله عز وجل ثم..

 

خطوات تزكية النفس :

الدكتور راتب :
 بالاستقامة على أمره..
المذيع:
 وتجنب المحرمات..
الدكتور راتب :
 والأعمال الصالحة، ثم يتجلى عليك بالسكينة فتوفق، ثم تشعر بالأمن، العطاءات لا تعد ولا تحصى، شعور بالأمن على سكينة على توفيق على إدراك عميق على محبة الناس على نجاحك في البيت وعملك وصحتك.
المذيع:
 دكتور نحن بدأنا بقوله تعالى:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴾

[ سورة الشمس:9]

الدكتور راتب :
 أبقاها على خطئها.
المذيع:
 خاب من دساها؟
الدكتور راتب :
 خاب مسعاه ولم ينجح في الحياة.
المذيع:
 دكتور في الآية الكريمة:

﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ﴾

[سورة النازعات : 40 ]

 الهوى جزء من فطرة الإنسان؟

 

نهي النفس عن الهوى الذي يخالف شرع الله عز وجل :

الدكتور راتب :
 الله عز وجل أودع بنا الشهوات، هذه الشهوات تلبى بمئة وثمانين درجة، جاء الشرع أعطاك مئة وعشرين درجة حلالاً والباقي حرام، نهى النفس عن الهوى، علاقته بالمرأة زوجة فقط، لا يوجد خليلة في الإسلام، علاقته بالمال كسب مشروع، لا يوجد سرقة، المقصود بالهوى الشهوة، اشتهى المال يسمح الله لك بكسب المال من طريق حلال فقط، اشتهى المرأة يسمح الله لك أن تعاشرها كزوجة فقط.
المذيع:
 على الإنسان أن ينهى نفسه عن الهوى الذي يخالف شرع الله عز وجل.
الدكتور راتب :
 كل شهوة مثل دائرة، مئة وثمانون درجة، مئة وعشرون حلالاً وستون حراماً.
المذيع:
 دكتور كثير من التحديات والمعاصي تصعب على الإنسان تزكية نفسه.

التحديات والمعاصي تصعب على الإنسان تزكية نفسه :

الدكتور راتب :
 جواب دقيق سيدي، ما من شهوة أودعها الله فينا إلا جعل لها قناة نظيفة تسري خلالها، بالإسلام لا يوجد حرمان، لكن يوجد تصعيد، لي رأي ثان، متعة الإنسان بحلاله مليون ضعف عن متعة الزاني بامرأة.
المذيع:
 دكتور كثرة الفتن تصعب على الإنسان تزكية النفس؟
الدكتور راتب :
 لذلك قال تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 119]

 تحتاج إلى حاضنة إيمانية تعيش معها، الفتن تعني أنني فاتح كل شيء، أنا لا أفتح كل شيء، أنا أفتح بيئة على شاكلتي، أنا أعيش ببيئة إيمانية:

(( لا تُصَاحِبْ إِلا مُؤْمِنا، ولا يأكُلْ طَعَامَكَ إِلا تَقِيّ ))

[ أبو داود والترمذي عن أبي سعيد الخدري ]

 إذا عندك حاضنة إيمانية هذه السعادة، هذا معنى قوله تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 119]

المذيع:
 دكتور هل تزكية النفس تعني أن يتجرد الإنسان عن هذه الدنيا ليكون عابداً في صومعة؟

 

الإسلام دين متوازن :

الدكتور راتب :
 الإسلام متوازن، تشتغل وتعمل وتتزوج وتنجب وتربي الأولاد وتسافر وتجمع الثروة وتنال الشهادات.
المذيع:
 دكتور هذا كله لا يتعارض مع تزكية النفس؟
الدكتور راتب :
 أبداً ضمن الشرع، لكن أقول كلمة دقيقة جداً إلا أن المؤمن القوي بعلمه أو بماله أو بمنصبه أحبّ إلى الله عز وجل من المؤمن الضعيف، لماذا؟ علة وجودنا في الدنيا العمل الصالح، والقوي خياراته في العمل الصالح لا تعد ولا تحصى، القوي بماله يطعم الجياع، يعلم الشباب، يلبي حاجات الأرامل والأيتام، خيارات القوي في العمل الصالح لا تعد ولا تحصى، ولأن علة وجودي العمل الصالح، لذلك إذا كان طريق القوة سالكاً وفق منهج الله يجب أن تكون قوياً، لأن خيارات العمل الصالح للقوي لا تعد ولا تحصى، القوي مالاً، والقوي علماً، والقوي قوة.
المذيع:
 دكتور تزكية النفس تعني أنك تتعرف على مقام الله عز وجل وتستقيم على أمره..

التقرب إلى الله بالأعمال الصالحة لنيل السكينة :

الدكتور راتب :
 تتقرب إليه بعمل صالح، تقبل عليه تأتي السكينة، أكبر مكافأة من الله تسعد بها ولو فقدت كل شيء، شعر بها يونس في بطن الحوت، في ظلمات ثلاث، شعر بها سيدنا إبراهيم، وهو في النار، في النار سكينة، شيء لا يصدق، الأنبياء العظام وضعوا في تجربة صعبة جداً، كانوا مع الله فكانوا أسعد الناس.
المذيع:
 دكتور حتى لو مرّ الإنسان بكرب قادر على أن يتأقلم معه؟
الدكتور راتب :
 الله عز وجل يعوض له بالسكينة، تسعد بها ولو فقدت كل شيء، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء.
المذيع:
 وهي صلاح البال، دكتور ما الذي يعين الإنسان على أن يثبت على هذا الكلام، قد يستمع إلينا أشخاص كيف يثبت على هذا الشيء؟

 

حاجة كل مسلم إلى حاضنة إيمانية :

الدكتور راتب :
 تحتاج إلى حاضنة إيمانية، قال تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 119]

 تحتاج إلى سهرة إيمانية، صديق مؤمن، الأخت الكريمة تحتاجين إلى صديقة مؤمنة تحضك على الحجاب والصلاة:

(( لا تُصَاحِبْ إِلا مُؤْمِنا.. ))

[ أبو داود والترمذي عن أبي سعيد الخدري ]

 أنا أصاحب الكل علاقات عمل، علاقات ضرورية، أما العلاقات الحميمة فيجب أن تكون مع المؤمن، ما عنده شيء خاطئ يغريك به، أو لعبة شد حبل، أنت تمسك الحبل من طرفه وهناك إنسان من طرفه الآخر، إذا استطاع أن يشدك إلى معصية اتركه فوراً، إذا تمكنت أن تشده إليك ابق معه.
المذيع:
 دكتور إذا سار الإنسان بهذا الطريق وزلت نفسه إلى المعصية ماذا يفعل؟

 

المعصية تقتضي التوبة و أن يفتح الإنسان مع الله صفحة جديدة :

الدكتور راتب :
 يتوب، الله تواب رحيم.
المذيع:
 لكن قلبه لم يبق مع الله عز وجل؟
الدكتور راتب :
 عندما يتوب، أول توبة أسهل توبة في الأرض، يا رب لقد تبت، يلقي في روعه وأنا يا عبدي لقد قبلت، الثانية أصعب بنفس الذنب تحتاج إلى ترميم بصدقة، كلما تكررت التوبة من نفس الذنب تحتاج إلى صدقة.
المذيع:
 دكتور هل هذا الذنب سبب في أن أفقد السكينة؟ وكيف أعود؟
الدكتور راتب :
 بعمل صالح مرمم، افتح مع الله صفحة جديدة، قال تعالى:

﴿ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ ﴾

[ سورة الأنفال: 19]

المذيع:
 دكتور نختم بالدعاء..

 

الدعاء :

الدكتور راتب :
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين، اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً، وسائر بلاد المسلمين، واحقن دماء المسلمين في كل مكان، وصلّ اللهم على محمد النبي الأمي وعلى آله صحبه وسلم، والحمد له رب العالمين الفاتحة.

خاتمة و توديع :

المذيع:
 بارك الله بكم فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، ونصل إلى نهاية حلقتنا التي كانت عن تزكية النفس، والتي أشار إليها الدكتور في أن تتعرف على مقام الله عز وجل، وأن تستقيم على شرعه، متجنباً معصيته، وتزيد من العمل الصالح ليكرمك الله بالسكينة، تسعد بها مهما كانت الظروف، سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك، والسلام عليكم.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور