وضع داكن
19-04-2024
Logo
حياة المسلم 1- إذاعة حياة إف إم- الحلقة : 101 - الكلمة الطيبة .
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع :
 بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلّ وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم مستمعينا الأكارم على الهواء مباشرة عبر أثير إذاعتكم حياة fm، متواصلين وإياكم في مجلس العلم والإيمان، مع فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي، مرحباً بكم شيخنا وأستاذنا.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
المذيع :
 مدّ الله في عمركم وعلمكم دكتورنا الكريم، نتحدث تحت عنوان: الكلمة الطيبة، ونبدأ بقوله سبحانه وتعالى:

﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾

[سورة فاطر:10]

 ويقول عز وجل أيضاً:

﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً ﴾

[سورة إبراهيم: 24]

 الكلمة الطيبة صدقة، وبهذا أنتقل إليكم دكتورنا الفاضل كيف تكون الكلمة طيبة؟

 

الكلمة الطيبة صدقة :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 أخي الكريم بارك الله بك ونفع بك، لمجرد أن يعد الإنسان كلامه من عمله فقد نجا،

(( وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً))

[ الترمذي عن أبي هريرة ]

 إذا إنسان قال: أنت ضعيف لأنك أخلاقي، أو أنت أخلاقي لأنك ضعيف، هذا هدم الدين كله، هدم القيم كلها، الإنسان بالكلمة الخبيثة يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً، والكلمة الطيبة صدقة، أحياناً تشجع إنساناً وهو يائس، تشجعه، تعطيه أملاً، تعاونه، تكون رفعته إلى أعلى عليين، الحقيقة:

(( وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً، يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ))

[ الترمذي عن أبي هريرة ]

 والكلمة الطيبة صدقة، ويرتفع بالكلمة الطيبة إلى أعلى عليين.
المذيع :
 ما الفرق بين الكلمة العادية والكلمة الطيبة؟ كيف تكون الكلمة طيبةً؟
الدكتور راتب :
 إذا إنسان يائس أنت شجعته، رفعت معنوياته، هذا شيء رائع جداً، أنا أذكر مدرس لغة عربية، أخذ طالب عنده صفراً، أعطاه بيت شعر، وجعله يعربه أمامه، وقال له: احفظه طوال الليل، وفي اليوم الثاني كتب البيت على السبورة، وطلب من الطلاب أن يعربوه، وتركه للآخر، والبيت صعب، فطلب منه أن يعرفه فعربه، أثنى عليه ثناء كبيراً، ما انتهى العام إلا وأخذ علامة تامة بالعربي، كلمة طيبة، نقله من التحطيم إلى المعنويات العالية، فالإنسان أحياناً بالكلمة يتقرب إلى الله عز وجل، الكلمة الطيبة صدقة.

 

ارتباط الكلمة الطيبة بالذكاء و الدين :

المذيع :
 دكتور هل الكلمة الطيبة مرتبطة بالجانب الديني فقط - أنا أتحدث تجاه العبادة - أم مرتبطة بكل جوانب الحياة؟
الدكتور راتب :
 متعلقة بالذكاء أولاً، وبالدين ثانياً، يوجد أشخاص أذكياء، كلامهم طيب، علاقتهم مع الله سيئة جداً، هؤلاء خطيرون، الإنسان يستعيذ بالله من إنسان كلامه طيب لكن فعله سيئ جداً، هذه مشكلة كبيرة.
المذيع :
 الكلمة الطيبة ليست مرتبطة بالشأن الديني والآخرة، مرتبطة بكل تفاصيل الحياة، دكتورنا الكريم ما جزاء الكلمة الطيبة عند الله سبحانه؟

 

جزاء الكلمة الطيبة عند الله :

الدكتور راتب :
 صارت عملاً صالحاً، من عدّ كلامه من عمله فقد نجا، العمل الصالح علة وجودك في الدنيا، فبالعمل الصالح رفعت معنوياته، آنسته، أعنته على واقعه، عمل عظيم جداً.
المذيع :
 دكتور أعود إلى قوله تعالى:

﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾

[سورة فاطر:10]

 لماذا ترفع الكلمة الطيبة إلى الله عز وجل؟

 

رفع الكلمة الطيبة إلى الله عز وجل :

الدكتور راتب :
 لأن ليس في الكون إلا جهة واحدة تعلم يقيناً ماذا تريد من هذه الكلمة، إذا واحد عنده يقين أن هذا الشراب الرائع يؤذي معدة فلان لأنه معه قرحة، قدم له شراباً وبارداً وأصرّ عليه أن يشربه، لأنه يعلم أن هذا الشراب يؤذي قرحته، هذا صار عملاً سيئاً.

(( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ))

[ متفق عليه عن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ]

 عفواً شخص يمشي في الطريق وجد محفظة فتحها فيها مال، دقق وضع الجزدان في جيبه، وفي نيته أن يبحث عن صاحبه، وجد بائعاً بقالاً، والمحل مغلق، غداً يأتي ويسأل البقال، رسم خطة أن يبحث عن صاحبه، نحن عندما أخذ الجزدان ووضعه في جيبه صورناه، في اليوم الثاني شخص وضع له هذا الجزدان في الطريق، وانحنى، وأخذه وصورناه، الاثنان مثل بعضهما، لكن الأول نوى أن يبحث عن صاحب الجزدان، والثاني نوى أن يأخذه، الشكل لا يختلف ولا شعرة، الذي نوى أن يبحث عن صاحبه ارتقى عند الله، والآخر لم يرتق:

(( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ.. ))

[ متفق عليه عن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ]

المذيع :
 دكتورنا عندما نقول الكلمة الطيبة هل من أمثلة لمواقف في حياتنا نستخدم الكلمة الطيبة حتى تكون واضحة لمستمعينا.

 

أمثلة عن الكلمة الطيبة :

الدكتور راتب :
 والله التشجيع كلمة طيبة، تعليق الناس بالله عز وجل، الله لا يوجد عنده إلا الخير، قال تعالى:

﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ﴾

[ سورة آل عمران: 26 ]

 دقق بيدك الخير، لم يقل بيدك الشر، معاني التوحيد، معاني الخيرية الإلهية، معاني العطاء الإلهي يريح النفس، هذه كلمة طيبة:

(( خياركم الذين إذا رؤوا ذكر الله بهم ))

[البيهقي عن عمر ]

 إذا رؤوا فقط، متفائل لا يوجد تشاؤم عنده.
المذيع :
 دكتور هل غضب الإنسان في مرحلة من مراحله واستخدامه الكلمات القاسية يتنافى مع الكلمة الطيبة؟

 

تنافي الغضب مع الكلمة الطيبة :

الدكتور راتب :
 طبعاً، قال النبي صلى الله عليه وسلم:

(( لا تَغْضَبْ ))

[ البخاري والترمذي ومالك عن أبي هريرة ]

 الغضب قد ينقلك إلى عمل لا ترضى عنه أنت أساساً، كثير من الأسر شردت بكلمة غضب، كثير من القرارات اتخذت خطأ بساعة غضب، أنا أقول: البطولة ألا تتخذ قراراً وأنت غاضب، حتماً سيكون خاطئاً، أحياناً يصير طلاق، زوجته صالحة ويحبها وتحبه غضب لسبب محدود منها فطلقها، الآن يضطر أن يتسكع على أبواب العلماء والمفتين.
المذيع :
 دكتورنا الكريم عندما يضطر الإنسان لتقديم شكوى على أحد، يضطر للتحدث عن إساءة للطرف الآخر.

 

انتفاء الغيبة في حالة الظلم :

الدكتور راتب :
 قال تعالى:

﴿ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ ﴾

[سورة النساء:148]

 يوجد إنسان أساء لك، حطم معنوياتك أمام أولادك مثلاً فاشتكيت عليه، ماذا قال لك القاضي؟ ماذا قال لك بالضبط يجب أن تتكلم له، هنا لا يوجد به غيبة، لا، الغيبة انتفت، قال تعالى:

﴿ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ ﴾

[سورة النساء:148]

 يتكلم بكل صراحة ولا يعد كلامه غيبة.
المذيع :
 ولا يعد كلامه غيبة ويبقى كلماً طيباً لأنه حقيقة وظلم فيها، دكتور حينما يسأل إنسان في قضية زواج أو شراكة تجارية تسأل عن شخص رافقته لسنوات، وحقيقته أنه إنسان غير أمين.
الدكتور راتب :
 والله إن لم تذكر سوءه فأنت آثم، خطؤه، انحرافه فأنت آثم أمام الله، غششت به المسلمين، قال لك شخص: فلان خطب أختي ما قولك؟ سوف تقول له كل الناس خير وبركة، لا، هذا الكلام ليس صحيحاً، البطولة الذي سألك وأخذ المعلومة الدقيقة منك لا ينسبها لك، سألت عنه هكذا قالوا، لا تحدد من قال هذا الكلام تصنع عداوات كبيرة جداً، هو نصحك، هذا الإنسان لا يصلح كصهر عندك، منحرف، دخله حرام، لا يصلي، له رفقاء سوء، بلغته كل شيء، قال تعالى:

﴿ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ ﴾

[سورة النساء:148]

 هنا لا غيبة فيه إطلاقاً.
المذيع :
 هنا كلمة حق بل أمانة، لا يجب عليه أن يقول: كل الناس بركة، أو يكتم شهادة الحق خوفاً من أن يغتاب.
الدكتور راتب :
 بالعكس ارتكب معصية كبيرة غش الناس:

(( مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا ))

[ الترمذي عن أبي هريرة]

الآن هو غش الناس.
المذيع :
 دكتورنا الكريم عندما نبقى في مفهوم الكلمة الطيبة في لحظة من اللحظات يكون موقف الإنسان والعلم الذي عنده لا بد من أن يقول الحقيقة في تقييم المدرس لطلبته، إذا كان هنا الطالب ضعيفاً، كيف يكون المدرس صاحب كلمة طيبة؟ ممكن أن تحل هذا الإشكال؟

 

ضرورة قول الحقيقة عند تقييم المدرس لطلبته :

الدكتور راتب :
 أرفع معنويات الطالب، وأبلغ الأب، لا أحطمه، وأخبر والده إذا لم تساعد ابنك بدروس استثنائية للغة العربية لا ينجح، أحياناً عندك خيار تبلغ من يأمره وينهاه.
المذيع :
 دكتورنا نتوقف لفاصل قصير... نتواصل مع فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، نتابع الكلمة الطيبة وهي مفتاح من مفاتيح العمل الصالح، والقرب من الله عز وجل، بدأنا بالتعريف بهذه القضية، ومعانيها، وبأشكالها، ومتى تكون ومتى لا تكون، لماذا الكلمة رغم أنها كلمة لا تقدم ولا تؤخر، ليست عملاً، لماذا لها هذه القيمة الكبيرة؟ لماذا لها هذا التشديد في شريعتنا الإسلامية؟

 

القيمة الكبيرة للكلمة الطيبة :

الدكتور راتب :
 الأنبياء بماذا جاؤوا؟ بالكلمة، كلمة تسعد إنساناً، كلمة تشقي إنساناً، الكلمة الطيبة صدقة، الأنبياء جاؤوا بالكلمة فقط، لا معهم تصوير، ولا معهم إنجازات، جاء بالكلمة الطيبة من عند الله، فهي أقوى عمل، الإنسان يسعد بكلمة، ويشقى بكلمة.
المذيع :
دكتورنا الكريم:

(( وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ ))

[ متفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 ربطت كلمة الخير بالإيمان بالله، أعظم قضية في حياة المسلم الإيمان، والإيمان بالله تعالى في أركان الإيمان، لماذا هذه الدرجة الخطيرة للكلمة؟

 

أهمية الكلمة الطيبة و ربطها بالإيمان :

الدكتور راتب :
 لأن الإنسان بكلمة طيبة يسعد بالله، يرتقي عند الله، يستقيم على أمر الله، بالكلمة الطيبة يعمل أعمالاً صالحة، بالكلمة الطيبة ينفق المال في سبيل الله، كلمة طيبة تنقلك من حال إلى حال، من وادي إلى قمة جبل، من صحبة رفقاء السوء إلى أناس طيبين، بالكلمة فقط، الأنبياء جاؤوا بالكلمة فقط، ولها فعل يصعب تصوره لكن الصادقة.
المذيع :
 دكتورنا الكريم اسمح أن نشرك معنا اتصال أبو أصيل.
 سؤال: أنا أرى الإسلام لا ينقصه صلاة على قدر ما ينقصه كلمة طيبة وحكمة في تعاملنا، لأننا في المسجد في نفس الصف الأول، لكن والله كل شخص يحمل على الذي جانبه، المؤذن يحمل على الطفل الصغير والشيخ ... كل أمورنا ليست في الشارع في المسجد أعصابنا حامية جداً، ولا يوجد كلمة حلوة نتكلمها مع بعض، طبعاً لا نعمم في كل المساجد، توقف على إشارة وانظر إلى أخلاقنا في المسجد، مصيبتنا ينقصنا الحكمة والخلق، ولا ينقصنا الصيام والصلاة، يوجهنا فضيلة الشيخ.

 

القسوة و الكبر من أعراض الإعراض عن الله :

الدكتور راتب :
 الحقيقة أن هناك أمراضاً لا تعد ولا تحصى، هذه الأمراض ليست أمراضاً لكنها أعراض مرض واحد هو الإعراض عن الله، يوجد إعراض عن الله، و يوجد كبر، ولؤم، وقسوة، وغلظة، قال تعالى:

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾

[ سورة آل عمران : 159 ]

 أي يا محمد بسبب رحمة استقرت في قلبك من خلال اتصالك بنا كنت ليناً معهم، فلما كنت ليناً بالكلمة الطيبة التفوا حولك، أنت أنت بالذات لو كنت بعيداً عن الله، منقطعاً عن الله، يمتلئ القلب قسوة، وهذه القسوة تنعكس على الناس غلظة وفظاظة، فانفضوا من حولك قال تعالى:

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾

[ سورة آل عمران: 159 ]

المذيع :
 رغم أنها رسالة التوحيد، دكتور هذا يقودني إلى السؤال التالي بعض الأشخاص حينما يقولون كلمة حق فإنهم لا يبحثون عن لطف الكلام فيها أي كما يقولون في العامية للأعور أنت أعور بعينك.

 

ضرورة البحث عن ألطف العبارات و التحلي بالخلق الحسن :

الدكتور راتب :
 خطأ مرّ سيدنا عمر على أناس يوقدون ناراً، فقال : السلام عليكم يا أهل الضوء، ولم يقل: السلام عليكم يا أهل النار، هناك لطف، ودقة، وكنايات لطيفة جداً.
المذيع :
 دكتور كلمة الحق لا تبرر سوء التعبير عنها.
الدكتور راتب :
 يوجد عبارات متعلقة بقضايا من الصعب الإفصاح عنها إلا بعبارات لطيفة جداً.
المذيع :
 كيف للناس أن يتحلوا بحسن الخلق في كلماتهم؟
الدكتور راتب :
 هذه من الحكمة البالغة قال تعالى:

﴿ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيراً ﴾

[ سورة البقرة: 269 ]

 هذا الخير الكثير بكلمة طيبة، أنت ممكن أن تصف إنساناً بوصف سيئ جداً، ممكن أن تعطيه تقييماً يشعر بالوصف من دون الوصف السيئ.
المذيع :
 أهلاً أم مراد، سؤال: السلام عليكم، بارك الله بالدكتور، ونفعنا الله بعلمه، كيف يثبت الإنسان على الحق، في معظم المجالس الكلام يخالف الأفعال، يوجد تناقض، والكيل بأكثر من مكيال؟

 

حاجة الإنسان إلى حاضنة إيمانية ليثبت على الحق :

الدكتور راتب :
 هذا يحتاج إلى حاضنة إيمانية، صديق مؤمن، أخوة كرام مؤمنون:

(( لا تُصَاحِبْ إِلا مُؤْمِنا، ولا يأكُلْ طَعَامَكَ إِلا تَقِيّ ))

[أبو داود والترمذي عن أبي سعيد الخدري ]

 عندك علاقات عمل لوحدها، ليس لنا علاقة بها، دوامك في العمل، إنجاز عملك فقط، أما العلاقة الحميمة فكالنزهة:

(( لا تُصَاحِبْ إِلا مُؤْمِنا، ولا يأكُلْ طَعَامَكَ إِلا تَقِيّ ))

[أبو داود والترمذي عن أبي سعيد الخدري ]

 الصحبة الإيمانية ترقى بالإنسان، وصحبة إنسان مع آخر تهوي به، مجموعة في مدينة عربية مدمنون على شرب الخمر، أحدهم ذهب إلى بيت الله الحرام، وتاب رجع لم يترك أصحابه، فلما بقي معهم في ليلة أحرجوه أن يشرب الخمر، أنا حججت وتائب إلى الله، قال له أحدهم: كم كلفتك الحجة؟ أعطاه شيكاً بالمبلغ كله، شرب الخمر وعصى ربه، بعد عشرة أيام توفي، مات شارب خمر، قال تعالى:

﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾

[ سورة الكهف : 28]

المذيع :
 قال تعالى:

﴿ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾

[ سورة الصف: 3 ]

 من يتعمد أن يقول شيئاً وهو يبطن في داخله شيئاً آخر.

 

الابتعاد عن المتاجرة بالدين :

الدكتور راتب :
 هذا يتاجر في الدين، ذو الوجهين ليس عند الله وجيهاً.
المذيع :
 دكتور إذا إنسان تحدث مع أناس بقضية معينة وهو مقصر فيها هل يشمله المعنى؟
الدكتور راتب :
 لا يشمله، أنت إنسان مثلاً سئلت عن قيام الليل تثني عليه كثيراً، قد يكون ظرفك الصحي أو ظرف العمل أو همتك ضعيفة، إن كانت همتك ضعيفة يجب أن تثني على قيام الليل وأن تنصح بقيام الليل.
المذيع :
 لكن لا يمتنع عن الحق لأنه لا يفعله.
الدكتور راتب :
 لذلك قالوا: ترك العمل الصالح خوف الرياء قمة الرياء.
المذيع :
 اتصال أبو مالك، يوجد مشاركتان الأولى تتعلق بأمور حول أخلاق المسلمين، أنا كنت في ألمانيا في دورة لاحظت هناك للأسف أنهم يطبقون أخلاق المسلمين و نحن لا نفعل ذلك، أي الآية الكريمة:

﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً ﴾

[ سورة الفرقان]

 أرجو إذا كان هناك سؤال محدد لطرحه، لي صديق دارس في روسيا ومتشرب العلمانية، زميلي في العمل، بعض الأمور التي يطرحها يحرج الجميع، هو إنسان مثقف، مثلاً الأديان لا يوجد بها حرية، أنا إنسان ملتزم وعندي كل الحرية، لماذا الإسلام يقتل المرتد؟ أنا أعيش في مجتمع إسلامي ولا أريد الإسلام، لماذا القتل؟ كيف نجيب عن هذا السؤال؟
 اتصال جديد أخي أحمد، سؤالي كيف نستعجل فرج الله على الأمة على المستوى الفردي وعلى مستوى المؤسسة وعلى المستوى الجماعة؟

 

حكم المرتد :

الدكتور راتب :
 هذا خطأ كبير جداً، المرتد يستتاب لسنوات من خلال علماء كبار، فإذا كان منتفعاً بارتداده معه أجندة معينة لأعداء الدين، موضوع ثان، أما إنسان شكّ بالدين يستتاب فقط، يفرز له علماء كبار لسنوات، حتى يقنع، أما إذا معه خطة لتهديم بلد إسلامي فهذا إنسان آخر، على كل من السذاجة أن نتوهم أن إنساناً ينكر الدين، إذا الإنسان ترك الصلاة ولم يحج ولم يصم من يعلم به؟ من يقتله في كل العصور؟ أما عندما يجهر بالكفر يريد أن يهز قيمة النبي أمام الناس أينما كان يحاسب حتى في الأنظمة العلمانية، كل بلد لها مقدسات، في بعض البلاد الأوربية الملكة لها مكانة لا يمكن أن تتكلم عليها، أو تحاسب، الارتداد الذي استخدم المعلومات الإسلامية لتحطيم الدين، ولصرف الناس عن الدين، والحاكم استتابه مرة واثنتين وثلاث، وبعث له علماء كبار، معنى هذا معه خطة من طرف الأعداء.
المذيع :
 دكتور إذا فكرياً أحد الأشخاص لم يعد مقتنعاً بالإسلام لسبب أو لآخر وكان مسلماً؟
الدكتور راتب :
 لا يوجد عليه عليه شيء إطلاقاً.
المذيع :
 طالما لم يجاهر ولم يحاول هدم الإسلام. دكتور بعيداً عن هذه الشبهة قتل المرتد كيف يمكن للمسلم أن يتقوى في الرد على الشبهات؟ هناك شبهات كثيرة.

تطبيق سنة النبي أمان من عذاب الله :

الدكتور راتب :
 ما نزل بلاء إلا بذنب ولا يرفع إلا بتوبة، قال تعالى:

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾

[ سورة الأنفال : 33 ]

 ما دام هناك شبهات وشهوات، الشبهات أيديولوجية والشهوات سلوكية، ما دام هناك تقصير وتفلت، المصلحة غير الحق، والشهوة أبلغ من العقل، مادام هناك تفلت وانتماء للدين شكلياً هذا لا يقدم ولا يؤخر، الانتماء الشكلي للدين لا يقدم ولا يؤخر، قال تعالى:

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾

[ سورة الأنفال : 33 ]

 ما دامت سنتك مطبقة في حياتهم هم في مأمن من عذاب الله، نريد ألا نطبق، و هناك اختلاط ودخل ربوي وأموالنا في البنوك وبفائدة ربوية وإطلاق بصر ومتابعة مسلسلات لا ترضي الله، وبعد هذا نريد نصراً فهذا شيء مستحيل، أنا أقول: ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة.
المذيع :
 هل من مراجع تنصح المستمعين للرد على الشبهات؟

 

أهم المراجع للرد على الشبهات :

الدكتور راتب :
 يوجد علماء كثر، يوجد علماء لهم بصمة قوية في المجتمع، وهم صادقون عند الناس، افتح على مواقعهم.
المذيع :
 إذا إنسان طرحت عليه قضية ولا يعرف.
الدكتور راتب :
 قال تعالى:

﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة النحل: 43 ]

المذيع :
 كيف نستعجل نصر الله عز وجل؟ أنا أفهم من كلامه أن نصر الله قادم، لكن الامتحان صعب، أخواننا في سوريا، في بورما، في العراق، في فلسطين، قضايا صعبة على المسلمين كيف نستعجل نصر الله عز وجل؟

 

استعجال نصر الله بالتوبة النصوح :

الدكتور راتب :
 بالتوبة النصوح، لا يوجد غير هذا الحل، إذا لم يكن هناك توبة لا يوجد تغيير، ما نزل بلاء إلا بذنب ولا يرفع إلا بتوبة، لا يوجد توبة انظر ماذا يحدث، أشبه هذا بطريق عرضه ستون متراً، على يمينه واد سحيق، وعلى يساره واد سحيق، أنت تمشي بالوسط، لو حرفت المقود سنتمتراً واحداً وثبته تجد نفسك في الوادي، هذه الصغيرة، صغائر لكن لا توبة منها، لا صغيرة مع الإصرار، أما لو حرفت المقود تسعين درجة، وعرض الشارع ثلاثون متراً تستطيع أن ترجعه، ولا كبيرة مع الاستغفار، إذا إنسان عرف ذنبه هذه نعمة كبيرة جداً:

(( لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ تَعالى فَيَغفِرُ لَهُمْ))

[ مسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه ]

 معنى الحديث إن لم تشعروا بذنوبكم، سهرة حتى الساعة الثالثة بالليل، كلها غيبة ونميمة، ماذا عملنا؟ عملت كل شيء، أنت هتكت أعراض الناس بهذه الجلسة، فلذلك نحن فهمنا أن الدين صوم وصلاة وحج وزكاة، والله لا أبالغ الدين ألف بند بالتعامل، كسب المال، إنفاق المال، علاقاتك مع من فوقك، مع من دونك، صلة الرحم، النساء الأجنبيات، يوجد مخالفات لا تعد ولا تحصى، ما دام الناس مقيمين على ما هم عليه لا يغيروا طبعاً أيضاً الإله عز وجل يلغي وعده بالنصر، قال تعالى:

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾

[ سورة النور: 55 ]

 لا استخلاف ولا تمكين ولا تطمين، قال تعالى:

﴿ يَعْبُدُونَنِي ﴾

[ سورة النور: 55 ]

 فإذا أخلّ الطرف الآخر بما كلف به من عبادة فالله جلّ جلاله في حل من وعوده الثلاثة.
المذيع :
 دكتور أربط هذه القصة بعنوان حلقتنا عن الكلمة الطيبة، بعض الأشخاص يأتي بالكلمة الخبيثة ليزعزع إيمان الناس، فيأتي لي جواب فضيلتكم وملخصه أن الذنوب هي التي تحول بين معية الله وبين خلقه، الغرب ليس فقط صاحب ذنوب بل صاحب كفر وصاحب إلحاد وصاحب إباحية ومع ذلك أمورهم من خير إلى خير، والعالم الإسلامي؟
تطبيق سنة النبي أمان من عذاب الله :

تكريس الإيمان في النفوس بالكلمة الطيبة :

الدكتور راتب :
 الجواب دقيق جداً، قال تعالى:

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾

[ سورة الأنعام : 44]

 أنت طبيب جاءك إنسان معه مرض خبيث منتشر بكل أنحاء جسمه، قال لك: ماذا آكل؟ تقول له: كُل ما شئت، منته، يأتي إنسان معه التهاب معدة حاد تخضعه لحمية قاسية جداً، هناك أمل في الشفاء، إذا كان هناك أمل بالشفاء يوجد معالجة دقيقة، أما إن لم يكن هناك أمل إطلاقاً بالهداية فقد قال تعالى:

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ ﴾

[ سورة الأنعام : 44]

 ما قال باب، قال: أبواب، وما قال أبواب شيء، أبواب كل شيء، قال تعالى:

﴿ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾

[ سورة الأنعام : 44]

المذيع :
 الآية كأنها تتحدث تماماً.
الدكتور راتب :
 أفضل أن يعالجني الله كل يوم، حتى أصل إلى دار السلام بسلام.
المذيع :
 هنا يأتي دور الكلمة الطيبة في توضيح هذه القضايا ليطمئن المؤمن على إيمانه، البعض بالكلمة الخبيثة يزعزع إيمان الناس، أين الله فيما يحصل؟ الغرب يكفر والله معهم، قد تشك النفس في إيمانها، هذا التوضيح يأتي لتكريس الإيمان في النفوس.
الدكتور راتب :
المؤمن إذا كان هناك متابعة له يفرح، إذا لم يكن هناك متابعة وضعه صعب جداً، يعصي ربه ولا يهابه فهذا خارج الاهتمام الإلهي.
المذيع :
 فاصل قصير ونتابع حول الكلمة الطيبة...
 من جديد حياكم الله متواصلين مع فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، نرحب بالاتصالات ..
 لمن اعتاد للأسف ألا تكون الكلمة الطيبة على لسانه، حتى في تربية بعض الناس الطفل الصغير يعلمونه الشتم، اللعن، باعتبار أنها فكاهة، كيف يتخلص الإنسان من الكلمة السيئة؟

 

كيفية التخلص من الكلمة السيئة أو الوقوع فيها :

الدكتور راتب :
 ينبغي أن يصحب المؤمنين ليتعلم منهم، الحاضنة الإيمانية، يكون صديقك مؤمناً، السهرة مع مؤمنين، أما مع فسقة، مع أهل الدنيا، فهناك مشكلة كبيرة، لا تستمر، أنت في أمر إلهي:

﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ﴾

[ سورة الكهف : 28]

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

.

[ سورة التوبة:119]

 نريد حاضنة إيمانية.
المذيع :
 إذا أراد الإنسان من الأساس ألا يقع في هذه الأشياء كيف من البداية يربي نفسه و أولاده حتى لا يقع في الكلمة الخبيثة؟
الدكتور راتب :
 درهم وقاية خير من قنطار علاج، دائماً وأبداً وقوع المشكلة لها مضاعفات، أنت منعته أن يفعلها أصلاً بقي طاهراً، بقي مع الله متوازناً، يوجد مع الله خط ساخن.
المذيع :
 في هذه دكتور يتحدث كثير من الناس أن الابن يتربى تربية إيمانية، يذهب إلى المدرسة أو إلى مركز شبابي يعود ويقول كلمات بذيئة.

 

ضرورة معرفة أصدقاء الابن و صديقات البنت :

الدكتور راتب :
 تأثير الأب والأم والأخ الأكبر والأخت الكبرى والأستاذ وشيخ الجامع والخطيب أربعون بالمئة، ورفيق السوء ستون بالمئة، أهم شيء للآباء والأمهات أن يعرف الأب من هو صديق ابنه، وأن تعرف الأم من هي صديقة ابنتها، لأن تأثير هؤلاء يكون ستين بالمئة إذا لم ينتبه لأصدقاء أولاده، يجب على الأب أن يعرف من أصدقاء أولاده، يدعوهم لعنده للبيت على العشاء، هؤلاء أصدقاء ابنه، أبناء عائلات محترمة؟ يصلون؟ يجب أن تعرف من أصدقاء ابنك وصديقات ابنتك، أنت حينما تعرف لا يصبح تشويش، لن تأتي كلمة سيئة.
المذيع :
 هل يحاسب الإنسان على هذا الكلام أم على اللفظ، قال تعالى:

﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾

[سورة ق: 18]

محاسبة الإنسان على الكلام لا على السماع :

الدكتور راتب :
 يجب أن نفرق بين استمع وسمع، راكب سيارة أجرة يفتح على الغناء، لا تستطيع أن توقف الغناء، هنا سمع، أما أنا كصاحب سيارة لا أضع غناء في سيارتي، استمع جلس فتح الراديو ووضع على أغنية معينة:

(( مَنْ جَلَسَ إلَى قَيْنَةٍ يَسْمَعُ مِنْهَا صُبَّ فِي أُذُنَيْهِ الْآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))

[عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ]

 الآنك الرصاص المذاب، هناك فرق بين استمع وسمع، أنا يغلب على ظني أن السماع لا تحاسب عليه، تمشي في الطريق بقال يفتح على أغنية معينة.
المذيع :
السماع رغماً عني؟
الدكتور راتب :
وأنا عندي قناعة ما دام رغماً عنك لا تتأثر تأثراً سلبياً.
المذيع :
 هذا للغناء، هناك جلسة للعمل وزملاء العمل في المكتب يتحدثون ويستخدمون كلمات معينة؟
الدكتور راتب :
 إذا كان هناك جلسة تستطيع أن تخرج منها فهذا أفضل، تكون بهذا قد لقنتهم درساً لا ينسى، مادام هناك كلام لا يرضي الله أنا لا أجلس معكم.
المذيع :
 هذا ما جاء في الآية الكريمة:

﴿ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ﴾

[سورة النساء: 140]

 قبول الاستماع.
الدكتور راتب :
 إذا ضحكت لطرفة بذيئة كثيراً ضحك الإنسان هذا إثم كبير، لأنك أنت شجعتهم.
المذيع :
 المفروض أن تنصحهم وتتجنبهم.
الدكتور راتب :
 أنا أضرب مثلاً شدّ الحبل، أنت بطرف والآخر بطرف، إذا استطاعوا أن يشدوك لعندهم اتركهم، وإذا استطعت أن تشدهم لعندك فشدهم، هذا المقياس.
المذيع :
 اتصال من محمد فضيلة الدكتور، رسالة محمد راتب النابلسي إلى الأزواج في شهر رمضان، أكثر حالات الطلاق في رمضان يقول: أنا عصبي، أنا لا أستطيع أدخن في رمضان.

 

التمسك بالموضوعية :

الدكتور راتب :
 أنت مهما كنت عصبياً، إذا تكلمت كلمة عن جهة معينة وحبست بها خمس سنوات لماذا تضبط لسانك؟ عندك قدرة، لماذا بالدين لا تقدر؟ لماذا مع الدنيا تحسب حساب كل إنسان وتدخله في حساباتك ولا تعلق؟ لماذا في الدين لا تسأل؟ الإنسان أخي الكريم عندما يكيل بمكيالين انتهى عند الله، صار حقيراً، والحقيقة العلم والخلق يلتقيان بالموضوعية، أن تذكر شيئاً بحجمه الحقيقي دون مبالغة.
المذيع :
 في ختام حلقتنا نسأل الله الدعاء.

الدعاء :

الدكتور راتب :
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك، اجعل جمعنا هذا جمعاً مباركاً مرحوماً، واجعل التفرق بعد معصوماً، واحقن دماء المسلمين في كل مكان و احقن دماءهم في الشام، و الحمد لله رب العالمين.
المذيع :
 بارك الله بكم فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، في آخر نصف دقيقة على عتبات رمضان ثلاث ليال تفصل بيننا وبينه، بماذا تنصح المستمعين باستقباله؟

نصائح لاستقبال رمضان :

الدكتور راتب :
 والله هذا الشهر دورة مكثفة استثنائية للصلح مع الله، يجب أن ننتقل في رمضان من حال إلى حال، من ضعف الاستقامة إلى الاستقامة التامة، من العمل الصالح القليل للعمل الصالح الكثير، من الإقبال الضعيف للإقبال الشديد، لا بد من نقلة نوعية في هذا الشهر، ماذا يقول المسلمون في العيد؟ الله أكبر، قال تعالى:

﴿ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴾

[سورة الحج:37]

 نقلكم نقلة نوعية إليه، ذقتم طعم القرب، طعم الطاعة، طعم قراءة القرآن، طعم صلاة التراويح، ما دام هناك ذوق صار هناك قرب هذا التحقق.

 

خاتمة و توديع :

المذيع :
 بارك الله بكم فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي، وكل عام وأنتم بخير لقرب موعد رمضان المبارك، إلى هنا نصل إلى نهاية حلقتنا، سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك، والسلام عليكم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور