وضع داكن
19-04-2024
Logo
الدرس : 150 - فريضة الزكاة؛ قال تعالى - ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ....﴾.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارض عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

الزكاة ضرورية لتلبية حاجة الفقير :

 أيها الأخوة الكرام؛ آية الزكاة في القرآن الكريم، قال تعالى:

﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾

[سورة التوبة:103]

 في هذه الآية ملامح دقيقة جداً، أولاً "خذ " خطاب للنبي لا على أنه نبي الله، على أنه ولي أمر المسلمين، الزكاة تؤخذ ولا تعطى، لأن الزكاة تتعلق بها سلامة الأمة، بحساب بسيط - والقصة قديمة من عشرين سنة- كانت سوريا ثلاثة ونصف مليون نسمة، اليوم عدد سكانها ثلاثة وعشرون مليوناً، الدخل القومي لسوريا زكاته تساوي ثمانية وأربعون ملياراً، لا يمكن أن يبقي فقيراً، بحساب دقيق الدخل القومي لسوريا قبل خمس وعشرين سنة كنا ثلاثة ونصف مليون نسمة زكاتهم ثمانية وأربعون ملياراً، رقم فلكي ، هذه الزكاة مصممة من قبل الله أن تلبي حاجة الفقير، لذلك ما تلف مال في بر أو بحر إلا بحبس الزكاة، لي صديق مقيم في لبنان في أحداث لبنان الشهيرة لما أحرقت بيروت بأكملها يوجد محل بساحة البرج، أول محل يبيع مواد غذائية، يومها أغلق المحل وبدأت الأحداث، كان عليه زكاة تقدر بأربعين ألفاً فدفعها، أنا رأيت المحل بعيني، بعدما انتهت الأحداث المحل من الخارج كله دخان، تفتح المحل كما هو، لم يخسر شيئاً حتى أنه كان في الصندوق أربعون ألفاً فوجدهم، ما تلف مال في بر أو بحر إلا بحبس الزكاة، صاحب معمل كبير في الشام معمل برادات، جاءته باخرة مواد أولية للمعمل، غرقت في البحر الأحمر، راحت بضاعته كلها وهو يؤدي الزكاة، ويمكن الضعف بعد عشر سنوات أخرجوا الباخرة وبضاعته كلها معادن، باعها بعشرة أضعاف ثمنها، لا تصدق أن يتلف مال في بر أو بحر إلا بحبس الزكاة، هذه الزكاة ضمان من الله، لذلك الآية تقول: "خذ"، ما قال يا أيها الذين آمنوا ادفعوا الزكاة، لا، هذه تتعلق بها مصلحة الأمة، ليس على مزاج المؤمن يدفع أو لا يدفع، هذا الأصل لذلك في بعض الروايات: " ادفعها لمن بايعت".

 

الزكاة تؤكد صدق المؤمن في طاعته لربه :

 الآن:

﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾

 الأموال جاءت جمعاً، أي الذي عنده مال ورقي عليه زكاة، وإذا عنده ذهب وفضة عليه زكاة، وإذا عنده أغنام عليه زكاة، أبقار عليه زكاة، عنده بضاعة عليها زكاة، من أموالهم، من جميع أموالهم، خذ من أموالهم صدقة، سميت الزكاة صدقة لأنها تؤكد صدق المؤمن، سوجد نشاطات كثيرة لا تكلفك شيئاً، تأتي إلى صلاة الجمعة تلبس الكلابية البيضاء، وتضع مسكاً وعطراً ومسبحة تركواز وجاهة أما الدفع فلا يوجد به وجاهة، هذا المال محبب، المال تحل به مليون مشكلة، فالزكاة تؤكد صدق المؤمن في طاعته لربه، إذاً خذ من أموالهم، الزكاة ليست متعلقة بمزاج المؤمن الدافع، دفع أو لم يدفع، الزكاة متعلقة بمصلحة الأمة، لذلك أمر أولي الأمر أن يأخذوها، أي إذا إنسان أعجبه ماله أو لم يعجبه، هذا أصل النظام، خذ من أموالهم والخطاب موجه للنبي على أنه ولي الأمر لا على أنه نبي الله، فأي حاكم هذا الشرع هكذا، خذ من أموالهم صدقة تطهرهم، تطهر من؟ قال: تطهر الغني من الشح، تطهر الفقير من الحقد، تطهر المال من تعلق حق الغير به، تطهر الغني من الشح، قال تعالى:

﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾

[سورة الحشر:9]

 عفواً كيف عندنا مرض جسمي هو الورم الخبيث، وهو مرض قاتل، والله لا أبالغ عندنا مرض نفسي هو الشح، وهو أيضاً مرض قاتل، من هو أشقى الناس؟ الذي يعيش فقيراً من بخله ليموت غنياً، ورد في الأثر القدسي: " أن عبدي أعطيتك مالاً فماذا صنعت به؟ يقول: يا رب لم أنفق منه شيئاً مخافة الفقر على أولادي من بعدي، فيقول الله عز وجل: إن الذي خشيته على أولادك من بعدك قد أنزلته بهم، ويقول لعبد آخر: عبدي أعطيتك مالاً فماذا صنعت فيه؟ يقول: يا رب أنفقته على كل محتاج ومسكين لثقتي بأنك خير حافظاً وأنت أرحم الراحمين، يقول: أنا الحافظ لأولادك من بعدك".
أنت حينما تؤدي زكاة مالك كأنك تثق أن الله عز وجل سيحفظ أولادك من بعدك.
 إذاً خذ يا ولي الأمر- الخطاب لأولي الأمر - من أموالهم جمع، من كل أنواع أموالهم، عروض التجارة أي البضاعة، فأي بضاعة عليها زكاة، خذ من أموالهم صدقة سميت الزكاة صدقة لأنها تكشف صدق المؤمن، هذه الزكاة تطهر الغني من الشح، والفقير من الحقد، وتطهر المال من تعلق حق الغير به.

 

الزكاة تزكي نفس الغني و الفقير وتزكي المال نفسه :

﴿ وَتُزَكِّيهِمْ ﴾

 التزكية موضوع ثان، الطهارة غير التزكية، هذا الإناء غير نظيف أول عملية تنظفه، أي تطهره ثم تملؤه بشراب، عصير فاكهة راق جداً، المرحلة الأولى مرحلة التطهير، المرحلة الثانية التعطير، فالزكاة تطهر وتعطر، تطهر النفس من الشح عند الغني، والفقير من الحقد، والمال من تعلق حق الغير به، وتزكي نفس الغني، أي وزع الأموال على أهل الحي، على أقربائه الفقراء، على من حوله من الفقراء، دعوا له، كانوا فرحين، أدخل البسمة على البيوت، حينما يرى أثر إنفاق المال يحس بسعادة كبيرة، هي تزكيهم، أنت مهم، أنت بمالك أدخلت الفرحة لمئة بيت، رسمت البسمة على أفواه الصغار، والله أذكر قصة وقعت في الشام، بيت فيه كآبة كبيرة، دخل الأب قليل جداً وعنده سبعة أولاد، يبدو أنه تلقى زكاة مال، الأب على العيد اشترى حلويات وفواكه، واشترى لأولاده ألبسة من زكاة مال الغني، هذا البيت صار فيه مثل العرس، الأولاد لبسوا الجديد، أكلوا أكلاً طيباً، أكلوا حلويات، فأنت لا تعرف قيمة الزكاة إلا إذا أعطيت الفقير زكاة مالك، ورأيت بيت هذا الفقير صار فيه عيد، إذاً خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم، تزكي نفس الغني، فيرى عمله الطيب أمامه ويتأثر، تطهر وتزكي نفس الفقير، يشعر بقيمه الفقير المجتمع ما نسيني، المجتمع رحيم، المجتمع دفع لي من ماله، نفس الغني نمت، زكت أي نمت، الزكاة النمو، تألقت في التعبير المعاصر، ونفس الفقير تألقت، والمال؟ المال يوجد قانون لزيادته وهناك عناية إلهية لزيادته، القانون أنت عندما تدفع زكاة مالك للفقراء صار بيد الفقراء مال، هذا المال قوة شرائية، ماذا سيفعلون به؟ سيشترون منك، أنت إن كنت بائع ألبسة سيأخذون من عندك ألبسة، فأي إنسان غني دفع زكاة ماله سيرجع له مبيعات دون أن يشعر، فصار هذا الفقير قوة شرائية، أضيفت إلى دخل الغني، فهنا الآية تنمي نفس الغني، تنمي نفس الفقير، وتنمي المال بآلية قانونية، بآلية طبيعية، صار هناك قوة شرائية، الفقير اشترى من عند الغني الذي يبيع الخضر والفواكه والحلويات والألبسة.
وهناك حالة ثانية؛ قانون العناية الإلهية، أي الله يلهمك أن تشتري بضاعة يكون سعرها بسيطاً جداً، تربح بها بالمئة ثلاثمئة أحياناً، فأنت عندما تدفع زكاة مالك الله نمى لك مالك بطريقة أحسن، صار هناك قوة شرائية، بطريقة ثانية أنت ألهمك الله عملاً مربحاً، أحياناً الإنسان يجتهد يجتهد بالتجارة يشتري صفقة لا تباع معه، بعد ذلك يوزعها صدقات، ليس لها حل، يقول لي تاجر أقمشة: أثناء خبرتي وجدت نوع أقمشة ممكن أن أبيعها بعشرة أضعاف جميلة جداً ومطلوبة في السوق، هكذا تصور، اشترى البضاعة عرضها لم تباع، عرضها لم تباع، رابع سنة قصها متراً متراً ولفّ بها البضاعة المباعة، لم يبع منها ولا متراً، فأحياناً الإنسان لا يعرف كيفية رواج البضاعة، فالزكاة تطهر وتزكي، تزكي نفس الغني، تزكي نفس الفقير، تزكي المال نفسه، إما بطريقة آلية علمية، صار مع الفقير قوة شرائية، أو باستثناء بعناية إلهية، والله أحياناً أذكر أنه بجانب الجامع الأموي محل بسيط يبيع القباقيب، صاحب المحل صالح مستقيم بشكل عجيب، ماله حلال، لا يوجد عنده أي مشكلة، جاء شخص قال له: تبيعني المحل؟ قال له: لا أريد أن أبيعه، أنا أعيش منه، فقال له: بعني إياه أول مرة، ثاني مرة، فباعه إياه بسبعمئة ألف، أي كانت فروغه سبعمئة ألف، بعد سبعة أيام صدر قرار استملاك للمحلات كله من الدولة، وأعطوا أصحابها سبعة آلاف، أنت كل عمرك تمشي بشكل صحيح ومالك حلال تركه الله يبيع المحل بسبعمئة ألف، والذي اشتراه قال: والله أعطوه سبعة آلاف فقط مقابله، فإذا كان الله معك فهذا شيء كبير، خالق الأكوان معك.

 

الكرامات تصدق و لا تروى :

 أنا سأقول كلمة: أجمل ما في الدين معاملة الله لك بعد أن تصطلح معه، ترى شيئاً لا يصدق، ترى إكراماً من الله، استثناءات تسميها كرامة، كرامة، أنا مؤمن بالكرامة، لكني لا أرويها، أومن بها لكني لا أرويها، لا أرويها ولا أنكرها، إذا رويتها هناك مشكلة، نصبح كأننا نعتمد على الكرامات، لو فرضنا للتقريب أن أباً أصيب بمرض عضال، وعنده ابن بالتوجيهي وهي سنة حاسمة متعلقة بجامعته، والابن من وفائه لوالده ترك الدراسة، والتفت لوالده خدمة سبعة أشهر بأعلى مستوى، بقي للامتحانات شهر، بدأ يقرأ، طبعاً ليس من الصعب أن يلهمه الله أن يقرأ موضوع السؤال؟ الله يعرف، أكثر الذي قرأه جاءت الأسئلة منه فنجح بتفوق، هذه القصة تروى للطلاب؟ لا يدرسون أبداً، يخدم أبوه قليلاً حتى لا يدرس، فالكرامات لا تروى، أنا لا أرويها إطلاقاً، أنا أصدقها ولا أرويها.

الزكاة فرض و الصدقة سنة :

 على كلّ أخواننا الكرام، قال تعالى:

﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾

[سورة التوبة:103]

 لكن النقطة الدقيقة والخطيرة، في المال حق سوى الزكاة، حق نحن ظننا أن الزكاة كل شيء، لا ليست كل شيء، اسمعوا الآية:

﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾

[سورة البقرة:177]

 على حبه إما على حبه للمال، يحبه وأنفقه، أو ابتغاء محبة الله بالمعنيين، وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة، آتى الزكاة هذا فرض أما الصدقة فسنَّة، فالإنفاق طوعاً، الفقهاء قالوا: "في المال حق سوى الزكاة"، قال تعالى:

﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾

[سورة البقرة:177]

 إذاً القاعدة" في المال حق سوى الزكاة" يجب أن تدفع زكاة مالك قطعاً، مثلاً مواطن عليه ضريبة أداها، إذا أدى الضريبة لا يأتيه كتاب شكر من الدولة، الدولة عندها مدارس، عندها طرقات، عندها منشآت، عندها موظفون، فهذه الزكاة الفريضة ضريبة، لكن إذا المواطن قدم أرضاً لوزارة التربية لإنشاء مدرسة قدمها مجاناً يقيمون له حفل تكريم، فالضريبة شيء، الضريبة هي الزكاة، أما حفل التكريم فللصدقة، الصدقة مفتوحة والصدقة إنفاقها واسع جداً، ممكن أن نعمر بناء، لكن بالزكاة لا يوجد بناء، الزكاة للفقير، يجب أن تنتهي الزكاة إلى فقير، إلى فم جائع، أما الصدقة فأي مشروع تريده ممكن أن يكون صدقة، لذلك: في المال حق سوى الزكاة:

﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾

[سورة البقرة:177]

بطولة الإنسان أن يحول قابض الزكاة إلى دافع لها :

 لذلك أول حقيقة: في المال حق سوى الزكاة، عندنا زكاة وعندنا صدقة، الصدقة مصارفها واسعة لا تحد بشيء، مثلاً أنا بالشام أعرف إنساناً أنعم الله عليه بالمال، اشترى بيتاً بأحد أرقى أحياء دمشق، والبيت واسع، عمله جمعية لتعليم الفقيرات الخياطة، فأحضر عدداً من ماكينات الخياطة، وأحضر خبيرات بالخياطة، والفقيرة تأتي تداوم ستة شهور تتعلم الخياطة ويعطونها ماكينة، ويعطونها قماشاً تخيطه وتعطيهم ويوزعونها على الفقراء بالأعياد، فبدل أن يدع الفقير يأخذ الصدقة وهو خجلان لا، جعله يدفع الصدقة.
 سأقول كلمة: أفضل زكاة تدفع إذا حولت قابض الزكاة إلى دافع للزكاة، أنا أذكر أن أخاً من الأخوان فقير جداً، فكرت كيف سأساعده كل شهر كل شهر؟ يوجد مركبة صغيرة للنقل، ثمنها عشرون ألفاً، أخذت له واحدة، والله أصبح يدفع زكاة المال للفقراء، اشتغل عليها ربح أنفق من أرباحه ودفع زكاة ماله، فهنا البطولة أن تحول قابض الزكاة إلى دافع للزكاة، أي أغنيته طوال عمره، أخذت له محلاً صغيراً، ماكينة تريكو، لا تتركه شحاذاً طوال حياته يمد يده، علمه مصلحة، لا تطعمني سمكاً علمني كيف أصطاد السمك، الزكاة الراقية تساوي خبرات عالية، أما أن تتركه شحاذاً يتوسل:

(( من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه ))

[ البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود]

 لا تعلم الفقير أن يبقى شحاذاً يرجوك دائماً، ويتسول، ويكذب أحياناً، أنا كنت أعاني هذه المشكلة، أنني أعطي الفقير لكنه يأخذ من جهات عديدة، فعملنا طريقة بتأسيس جمعية تأخذ أسماء الذين يعطونهم، هذا أخذ من عند هذا، لماذا يأخذ من الثاني؟ تنتشر الفوضى.

 

وجوب تأدية الزكاة لمن يستحقها :

 هناك إنسان يشحذ وهو غني، أحد أخواني الكرام في الشام أسسوا جمعية لمكافحة التسول، قبضوا على ألف وخمسمئة متسول، أقسم بالله الفقراء منهم فقط خمسة، وبعضهم له في البنك مليون، وجدوا أن هذا العمل مربح بدون رأسمال، أخذ زاوية في شارع بوقت معين يعطيه الناس، أحياناً يضع الجبس على يده، أحياناً يضع عصابة على عيونه، هو لا يعاني من شيء إطلاقاً، فأصبحت مصلحة، قال له: أنت غني كيف تأخذ المال؟ قال له: قضية مبدأ، مبدؤه أن يشحذ، فأنا لا أتمنى أن يعطي بسذاجة، لي رأي دقيق: لا تظن أنك إذا رميت زكاتك لإنسان كائناً من كان بأنك أديت الذي عليك، لا، يجب أن تؤدي هذا المال لمن يستحق، لمن يحتاجه، هناك كثير من الناس يريد أن يخرج المبلغ فقط يرميه وانتهى، نزعه عن رقبته، لا ، يجب أن يصل هذا المال إلى المحتاج، من المحتاج؟ الأقربون أولى بالمعروف، الأقربون فقراً، والأقربون نسباً، والأقربون إيماناً، ثلاثة عوامل؛ يكون مراقباً المال ممكن أن يشتري دخاناً مثلاً، الأقربون إيماناً واستقامة، والأقربون نسباً، أنت لك ابن عم أو ابن خال هذا أولى، والأقربون فقراً، الأفقر و الأقرب بالنسب والأقرب إيماناً.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

إخفاء الصور