وضع داكن
25-04-2024
Logo
ومضات قرآنية - الحلقة : 27 - أعظم معصية التقول على الله خلاف الدين.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألوِيَتِه، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وُحول الشهوات إلى جنّات القربات.

أخطر شيء في الدين أن يقول الإنسان على الله ما لا يعلم :

 أيها الأخوة المشاهدون؛ لا زلنا في برنامج:" ومضات قرآنية"، والآية اليوم هي قوله تعالى:

﴿ ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ﴾

[سورة آل عمران: 154]

 الحقيقة في هذه اللقاءات التي لا تزيد عن دقائق لا يمكن أن نفسر الآية بأكملها لكن من خلال هذه الآية أقف عند كلمات دقيقة فيها، في قوله تعالى:

﴿ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ﴾

[سورة آل عمران: 154]

 كأن الله عز وجل في آيات كثيرة رتب المعاصي والآثام ترتيباً تصاعدياً، فذكر الفحشاء والمنكر، والإثم والعدوان، وجعل على رأس هذه المعاصي الكبيرة: وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون، لذلك العوام لئن يرتكبوا الكبائر أهون من أن يقولوا على الله ما لا يعلمون، إذا قالوا على الله ما لا يعلمون صار الطريق إلى الله غير سالك، لذلك الآية الكريمة:

﴿ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ﴾

[سورة آل عمران: 154]

 أي هذا الإنسان إذا توهم أو سمع من متوهم أن الله عز وجل كتب على هذا الإنسان قبل أن يخلق أن يكون كافراً إلى جهنم، هذه الفكرة تحتاج إلى توضيح، إلى تعليق دقيق، إلى أدلة أخرى، إلى آيات أخرى، إلى أحاديث، الإنسان حينما يتحرك وفق منهج الله، الله عز وجل وعده بالجنة، فإذا تحرك وفق شهواته يعده بغير الجنة، أما أن يتوهم الإنسان أن الإنسان مهما أطاع الله إذا كان قد كتب عليه الشقاء في عالم الأزل لا بد من أن يشقى، هذا الكلام لا تؤيده الآيات الكريمة، فلذلك رجل في عهد سيدنا عمر شرب الخمر، فقال سيدنا عمر: أقيموا عليه الحدّ، فقال هذا الرجل: والله يا أمير المؤمنين إن الله قدر عليّ ذلك، فقال سيدنا عمر: أقيموا عليه الحدّ مرتين، مرة لأنه شرب الخمر، ومرة لأنه افترى على الله، قال: ويحك يا هذا إن قضاء الله لم يخرجك من الاختيار إلى الاضطرار.
 أنت مخير فلذلك أخطر شيء في الدين أن يقول الإنسان على الله ما لا يعلم، أي أن يقع في سوء الظن.

 

حسن الظن بالله ثمن الجنة :

 لذلك قيل: حسن الظن بالله ثمن الجنة، إله عظيم أسماؤه حسنى، صفاته فضلى، خلق الإنسان ليسعده، والدليل قال تعالى:

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾

[ سورة هود :119]

 خلقهم ليسعدهم، فلذلك حسن الظن بالله ثمن الجنة، من ثمار الإيمان الصحيح والعميق حسن الظن بالله، أما إذا وقع الإنسان بسوء الظن انقطع عن الله عز وجل، إذاً تكاد تكون أكبر معصية أن تسيء الظن بالله عز وجل، والآية هنا:

﴿ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ﴾

[سورة آل عمران: 154]

 الله عز وجل خلق الإنسان، ومنحه حرية الاختيار، وكلفه أن يعبده، فإذا استجاب هذا الإنسان لربه، وعبده، واستقام على أمره، فشيء طبيعي جداً أن الله عز وجل يعده بالجنة، قال تعالى:

﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً ﴾

[ سورة النساء : 87]

﴿ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ﴾

[ سورة التوبة: 111 ]

 هذا الذي يتوهم كلمات لا معنى لها، يتوهم معلومات لم ترد في النصوص الصحيحة، ويوهم الناس أن القضية متعلقة بشيء لا تعلمه أنت، فقد يكون المصير إلى النار هذا الكلام مرفوض في حقيقة الإيمان، والآية الكريمة:

﴿ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ﴾

[سورة آل عمران: 154]

 فهذا الذي أفنى حياته في طاعة الله، والتزم الأمر والنهي، وكان دخله حلالاً، وأسس أسرة صالحة، وربى أولاده تربية عالية، يجب أن يعتقد يقيناً من باب الرجاء أنه من أهل الجنة، فلذلك توفي صحابي جليل فقالت امرأة بمحضر النبي صلى الله عليه وسلم:

(( ... رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما يدريك أن الله أكرمه؟ ..فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما هو فقد جاءه اليقين، فوالله إني لأرجو له الخير، والله ما أدري وأنا رسول الله ماذا يفعل بي ))

[ الحاكم عن أم العلاء الأنصارية ]

 أي ليس من شأن العبد أن يحكم يقيناً على المستقبل، أما الأدب مع الله فأن يقول" أرجو الله أن يكرمه:

(( ...فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: .. والله ما أدري وأنا رسول الله ماذا يفعل بي... ))

[ الحاكم عن أم العلاء الأنصارية ]

 أي أن أرجو رحمة الله، وأخشى عذابه، أما أن أقول: أنا مكاني في الجنة حتماً، هذا يتجاوز حدود العبودية لله عز وجل.

 

على المؤمن أن يكون متفائلاً لا متشائماً :

 أردت من هذه الآية الكريمة أن يكون المؤمن أقرب إلى التفاؤل، وإلى حسن الظن بالله، وإلى تصديق كلمات الله، إلى تصديق وعود الله أقرب من التشاؤم الذي يروج له بعض الجهلة، قال تعالى:

﴿ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ﴾

[سورة آل عمران: 154]

 إذاً الجاهل هو الذي يظن بالله غير الحق، أما المؤمن فيبني إيمانه على حسن الظن بالله، هناك أمر و نهي، وعد و وعيد، الله عز وجل وعد المؤمنين بالجنة، ووعد غير المؤمنين بعذاب الحريق، فإذا كنت مؤمناً صالحاً مستقيماً تحريت الدخل الحلال، ربيت الأولاد تربية صالحة، تزوجت امرأة صالحة، هذه كلها من أسباب دخول الجنة.
 أرجو الله سبحانه وتعالى أن تكون عقيدتنا صحيحة، وأن يكون ظننا بالله حسناً، وهذا من أسباب دخول الجنة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور