وضع داكن
23-04-2024
Logo
ومضات قرآنية - الحلقة : 24 - الحق واحد لا يتعدد والباطل متعدد - النور والظلمات.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألوِيَتِه، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين.

الباطل متعدد و الحق واحد :

 أيها الأخوة الكرام؛ لازلنا في برنامج:" ومضات قرآنية" والآية اليوم هي قوله تعالى:

﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾

[سورة البقرة:257]

 أيها الأخوة المشاهدون؛ هناك ملمح دقيق في هذه الآية، هذا الملمح هو أن الظلمات جاءت جمعاً، وأن النور جاء مفرداً، والحقيقة أن الحق واحد لا يتعدد، إن أردت أن تضع نقطتين، وأن تمرر بينهما خطاً مستقيماً لا يمر إلا خط مستقيم واحد، ولو رسمت مليون خط، تأتي كل هذه الخطوط فوقه، إذاً الحق لا يتعدد، والباطل متعدد، نبقى في المثال الأول بين نقطتين يمر مليون خط منحن، مليون خط منكسر، لذلك هناك حقيقة دقيقة أن عمر الإنسان قصير لا يمكن أن يستوعب الباطل كله لتعدده وكثرته، ولكن بإمكان أي إنسان بعمره القصير أن يستوعب الحق، وما سوى الحق هو الباطل، لذلك البطولة أن نمضي أعمارنا في معرفة الله، ومعرفة منهجه، وفي حقيقة الكون والحياة والإنسان.

 

أكبر ثمرة يجنيها المؤمن من إيمانه أن الله يتولاه بالعناية والرعاية :

 الله عز وجل ولي الذين آمنوا، تولاهم، يرعاهم، يربيهم، يرشدهم، يشجعهم، يثبطهم عندما يختارون اختياراً خاطئاً، هو رب العالمين يتولانا بالرعاية والعناية، يتولانا بالتربية، فلذلك الله عز وجل ولينا، إذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك؟ إذا كان الله وليك من يستطيع أن ينال منك؟ وإذا لم يكن الله وليك أي مخلوق يتطاول عليك؟ قال تعالى:

﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾

[سورة البقرة:257]

 أكبر ثمرة يجنيها المؤمن من إيمانه أن الله عز وجل خالق السموات والأرض يتولاه، يتولاه بالعناية، بالرعاية، بالتوجيه، بالتأديب أحياناً، بالترقية، وكل نتائج الإيمان لها أثر في الدنيا والآخرة، قال تعالى:

﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾

[سورة البقرة:257]

 إذاً الباطل متعدد والحق واحد، من هنا قيل: الحرب بين حقين لا تكون، لأن الحق لا يتعدد، وأما الحرب بين الحق والباطل فلا تطول لأن الله مع الحق، أما الحرب بين باطلين فلا تنتهي، قد تنتهي الحياة ولا تنتهي. إذاً:

﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾

[سورة البقرة:257]

 معنى وليهم أي يربيهم، يرشدهم، ينصحهم، يؤدبهم، يرعاهم، كل هذه المعاني نستشفها من كلمة: الله ولي الذين آمنوا، فلذلك فرق كبير بين أن يكون الله وليك، وبين أن يكون زيد أو عبيد وليك، إنسان ضعيف يريد أن ينفعك فيضرك، يريد أن ينصحك لكنه لا يعلم ما الخير، لكنك إذا كنت مع الله خضع لك كل شيء، إذا كان الله معك فمن عليك؟
 أيها الأخوة الكرام؛ من يتبع شهوته فهو في ظلمة، من يتبع مصلحته فهو في ظلمة، من يتبع من حوله فهو في ظلمة، هناك آلاف الحركات هي حركة نحو الظلام، الذي يتبع الواحد الديان فهو في ضياء، في نور، لذلك العلم نور، بمعنى أنك إذا عرفت حقيقة الكون، وحقيقة الحياة الدنيا، وحقيقة الإنسان، عرفت حقيقة الدين، حقيقة العبادة.

 

العبادة علة وجودنا في الدنيا :

 ما علة وجودنا في الدنيا؟ أن نعبده، والدليل قوله تعالى:

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الذاريات: 56]

 العبادة هي طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية.
 هل من شعور ينتاب المؤمن كأن يشعر أن الله وليه؟ أن خالق السموات والأرض وليه؟ أن الذي بيده كل شيء وليه؟ أن الذي يقول للشيء: كن فيكون وليه؟ مشاعر لا توصف، لذلك المؤمن يستمد قوته من الله، وعلمه من الله، وحكمته من الله، ورحمته من الله، المؤمن يقف الموقف الحكيم لأنه مع الله، المؤمن يعطي كل ذي حق حقه لأنه مع الله، المؤمن أب رحيم، زوج وفي، ابن بار، أي لا يوجد صفة تصل بالمؤمن وترقى به كصفة الإيمان، للتقريب بيت فيه كل الأجهزة الكهربائية لكن ليس فيه كهرباء، كل هذه الأجهزة لا قيمة لها، فإذا سرت الكهرباء في الخطوط كل هذه الأجهزة تحركت، وأدت ثمارها يانعةً، فلذلك هذه الآية من أدق الآيات وهي قوله تعالى:

﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾

[سورة البقرة:257]

 إما أن يكون الله جلّ جلاله وليك، وإما أن يكون الشيطان وليك، والحقيقة أن هناك اثنينية، إن لم تكن على الخط الأول أن تكون مع الله، وأن الله وليك، فأنت على الخط الثاني شئت أم أبيت.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور