وضع داكن
29-03-2024
Logo
الدرس : 103 - أهمية التربية الدينية عند الأطفال، قال تعالى - ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ...﴾
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الإنسان لا يسعد إلا إذا كان أولاده كما يتمنى :

 الآية الكريمة تقول:

﴿وَالَّذينَ يَقولونَ رَبَّنا هَب لَنا مِن أَزواجِنا وَذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أَعيُنٍ وَاجعَلنا لِلمُتَّقينَ إِمامًا﴾

[ سورة الفرقان: ٧٤]

 لا يعلم مدى السعادة التي تغمر قلب الأب والأم حينما يرى ابنه صالحاً إلا من ذاقها، لا أحد يعلم مدى السعادة التي يكون بها المؤمن حينما يرى ابنه كما يتمنى، وكنت حينما أسافر إلى بلاد الغرب أقول لأخوتي الكرام: لو بلغت أعلى منصب في الأرض، وجمّعت أكبر ثروة في الأرض، وارتقيت إلى أعلى مكانة في مجتمعك، ولم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس، أؤكد لكم بالدليل العلمي والاجتماعي والواقعي والنفسي أن الإنسان لا يسعد إلا إذا كان أولاده كما يتمنى، ومهما ارتقى إن وجد أن ابنه على غير شاكلته بمنهج آخر لن يسعد، لذلك حينما أسافر إلى بلاد الغرب البعيد والشرق البعيد - أستراليا - المشكلة الأولى في حياة الجالية الإسلامية الأولى أولادهم، لأن أولادهم إذا نشؤوا من دون عناية أبوين يصبحون أناساً آخرين لا ينتمون إلى هذه الأمة، ولا إلى هذا الدين، ولا إلى أية قيمة أخلاقية.
 فلذلك والذين المؤمنين من خصائص إيمانهم ومن فضل الله عليهم أنهم يقولوا:

﴿ رَبَّنا هَب لَنا مِن أَزواجِنا وَذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أَعيُنٍ ﴾

[ سورة الفرقان: ٧٤]

 الذي عنده زوجة صالحة لا تقدر بثمن، الذي عنده ابن صالح صائم و مصلّ، الذي عنده بنات محجبات، محتشمات، عابدات، تائبات، سائحات، ذاكرات الله عز وجل، صدّق ولا أبالغ يكون هذا البيت الصغير قطعة من الجنة، وقد يكون الدخل قليلاً، وقد يكون الطعام خشناً، وقد يكون هناك معاناة كثيرة، لكن هذا الحب الذي يخلقه الله في نفس المؤمن لمن حوله هذا حبّ من فضل الله عز وجل، فأنا أتمنى أن هذا البيت يجب أن تجعله قطعة من الجنة والأمر بيدك، دخلت مبتسماً، السلام عليكم، أثنيت على زوجتك التي تعبت في تنظيف البيت، وإعداد الطعام، وتربية الأولاد، وغسيل الملابس، إذا كان هناك ثناء كان هناك مد.

 

آيات الله في الكون :

 ثم إن الله عز وجل قال:

﴿وَمِن آياتِهِ خَلقُ السَّماواتِ وَالأَرضِ ﴾

[ سورة الروم: ٢٢]

 السموات والأرض مصطلح قرآني يعني الكون، والكون ما سوى الله، ومن آياته خلق السموات والأرض، ومن آياته الليل والنهار، ومن آياته الشمس والقمر، دقق الآن، ومن آياته... أنا أقدم لك مثلاً للتوضيح: هل من المعقول أن تقول للناس في جلسة عامة: والله اشتريت بيتاً وملعقة؟ هذه ليست واردة، لا يوجد تناسب بين المتعاطفين، أي المألوف بيت وسيارة، أو بيت ومزرعة، أو بيت ومحل تجاري، فلما ربنا عز وجل يقول:

﴿وَمِن آياتِهِ خَلقُ السَّماواتِ وَالأَرضِ ﴾

[ سورة الروم: ٢٢]

 أي الكون:

﴿وَمِن آياتِهِ الشَّمسُ وَالقَمَرُ ﴾

[ سورة فصلت: ٣٧]

﴿وَمِن آياتِهِ اللَّيلُ وَالنَّهارُ ﴾

[ سورة فصلت: ٣٧]

تطابق القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة مع البحوث العلميّة :

 دقق الآن: كما أن خلق الكون من آياته الكبرى، وكما أن الليل والنهار من آياته الكبرى، وكما أن الشمس والقمر من آياته الكبرى، و كذلك:

﴿وَمِن آياتِهِ أَن خَلَقَ لَكُم مِن أَنفُسِكُم أَزواجًا لِتَسكُنوا إِلَيها ﴾

[ سورة الروم: ٢١]

 يوجد تعبير معاصر: الأصل أن تسكن إليها، كيف أسكن إليها؟ كنت مرة في طريقي من الكويت إلى دمشق بالطائرة، أعطونا مجلة في الطائرة تصفحتها فإذا فيها عنوان: علم نفس الجنس، ثم تبين لي أن هذا العلم أحدث الآن، الجنس عند الذكور له خصائص، والجنس عند النساء له خصائص، الموضوع طويل لكن قرأت الموضوع بتأن شيء مدهش، كل الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة تتطابق مع هذا البحث العلمي تطابقاً مذهلاً، أي ملخص البحث الجنس عند الرجل حسي يثيره عرض جسم المرأة، وأما الجنس عند المرأة فاجتماعي:

﴿ فَلا تَخضَعنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذي في قَلبِهِ مَرَضٌ وَقُلنَ قَولًا مَعروفًا﴾

[ سورة الأحزاب: ٣٢]

 مفتاح المرأة القول، الكلام المعسول، أنت أمل حياتي وقرة عيني، هنا تضعف بالقول،

﴿فَلا تَخضَعنَ بِالقَولِ ﴾

 والله شيء لا يصدق والله دمعت عيني، تطابق القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة مع هذا البحث العلمي شيء لا يصدق، هذا من عند الله.

 

تربية الأولاد أربح تجارة في الأرض :

 لذلك:

﴿وَمِن آياتِهِ خَلقُ السَّماواتِ وَالأَرضِ ﴾

[ سورة الروم: ٢٢]

﴿وَمِن آياتِهِ الشَّمسُ وَالقَمَرُ ﴾

[ سورة فصلت: ٣٧]

﴿وَمِن آياتِهِ اللَّيلُ وَالنَّهارُ ﴾

[ سورة فصلت: ٣٧]

﴿وَمِن آياتِهِ أَن خَلَقَ لَكُم مِن أَنفُسِكُم أَزواجًا لِتَسكُنوا إِلَيها وَجَعَلَ بَينَكُم مَوَدَّةً وَرَحمَةً ﴾

[ سورة الروم: ٢١]

 إذاً الدعاء في القرآن:

﴿وَالَّذينَ يَقولونَ رَبَّنا هَب لَنا مِن أَزواجِنا وَذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أَعيُنٍ وَاجعَلنا لِلمُتَّقينَ إِمامًا﴾

[ سورة الفرقان: ٧٤]

 فممكن أن تجعل بيتك جنة، وممكن أن تجعل حفيد حفيدك أينما تحرك يقولون له: رحم الله الوالد علمنا كذا، والوالد من علمه؟ والده، فأنت بتربيتك لأولادك، ذريتك، إلى نهاية الحياة أعمال ذريتك في صحيفتك، والآية الواضحة الدقيقة القاطعة الجامعة المانعة:

﴿وَالَّذينَ آمَنوا وَاتَّبَعَتهُم ذُرِّيَّتُهُم بِإيمانٍ أَلحَقنا بِهِم ذُرِّيَّتَهُم وَما أَلَتناهُم مِن عَمَلِهِم مِن شَيءٍ﴾

[ سورة الطور: ٢١]

 العلماء قالوا: ألحقنا بهم أعمال ذرياتهم، فأنا أرى أنه لا يوجد في الأرض تجارة مع الله تفوق تربية الأولاد، أي ممكن الأب أن يكون مشغولاً في الحياة، يغمض يفتح ابنه لا ينتمي إليه، لا ينتمي لا إلى هذه الأمة، ولا هذا الدين، ولا إلى الإسلام بالتفاصيل، والمشكلة كبيرة، أنا أقول: الذي كسب الدنيا كلها وخسر ابنه لم يربح شيئاً.

 

السلامة و السعادة :

 أنت عندك بأصل تركيبك حاجة إلى السلامة، وعندك حاجة إلى السعادة، لا يوجد شخص على وجه الأرض من السبعة مليارات والمئتي مليون إنسان إلا وهو حريص على سلامته، من يحب الفقر؟ من يحب المرض؟ من يحب القهر؟ لا أحد، وحريص على سعادته، من لا يتمنى أن يكون بيته واسعاً ودخله كبيراً وزوجته تروق له وبناته وأولاده على أحسن ما يرام؟ هذا شيء طبيعي، الجواب: سلامتك باستقامتك، الاستقامة لا تحقق السعادة، تحقق السلامة، وسعادتك بالعمل الصالح، والعمل الصالح يرفعك، واستمرارك يكون بالرغبة العميقة في نفس الإنسان، الاستمرار يتحقق بالأولاد، فإذا رأيت أولادك كما تتمنى هؤلاء امتداد لك، الحاجة إلى الامتداد، الحاجة إلى التعمير- إلى عمر طويل- تتحقق بأولادك، فأنا أقول: الذي يعتني بأولاده هو يعتني بنفسه، هو يعتني بسعادته، أنا أعلم بعمل الدعوة، بفضل الله ترى الأب الذي عنده ابن صالح يكون من أسعد الناس، وسماه القرآن قرة عين، أي ابنك صلى الصبح معك حاضراً، أي لا يوجد خبر سيئ عنه، وأحياناً تستدعى من قبل مخفر تعال واستلم ابنك ارتكب جريمة، أو تعال واستلم ابنتك كانت بعلاقة مشبوهة مع شاب، ممكن، فأنا أقول: أحد أكبر أسباب السعادة أن يكون ابنك كما تتمنى، فهنا الآية:

﴿وَالَّذينَ يَقولونَ رَبَّنا هَب لَنا مِن أَزواجِنا وَذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أَعيُنٍ وَاجعَلنا لِلمُتَّقينَ إِمامًا﴾

[ سورة الفرقان: ٧٤]

 فالذي يعتني بأولاده يعتني بنفسه، والذي يعتني بأولاده يحقق شرط استمراره.

ضرورة العناية بالأولاد لأنهم الورقة الوحيدة الرابحة بين أيدينا :

 أنا أقول كلمة مرة قلتها بلقاء مهم جداً: يمكن أن نواجه القنبلة الذّرية، هذا أكبر سلاح مع أعدائنا، أي الحقيقة بعد الحرب العالمية الثانية بعد أن استخدمت أمريكا هذا السلاح الذري في هيروشيما وناكازاكي ومات ثلاثمئة ألف إنسان بثانية، هذا السلاح الآن سلاح ردع، أي إلى الآن لم يستخدم مرة أخرى، فكنت أقول: يمكن أن نواجه القنبلة الذَّرية بقنبلة الذُّرية.
 من يومين كنت في عقد قران، أخو صاحب البيت، جاءني بطفل صغير حديث الولادة، حملته وقرأت له الفاتحة، قلت له: لم يبق في أيدي المسلمين من ورقة رابحة إلا أولادنا، أي نحن بعصر صعب جداً، فقدنا القرار، فقدنا النصر، فقدنا أشياء لا تعد ولا تحصى، مع أن هذه الأمة تملك نصف ثروات الأرض، ثروات الأرض كلها تملكها الأمة الإسلامية، وهي أفقر أمة على سطح الأرض، وأكثر أمة فيها نزاعات داخلية .
 دخلت لإسبانيا وضع على الجواز ختم الدخول، انتقلت إلى فرانسا إلى ألمانيا لسويسرا لإيطاليا شيء عجيب كأنك تنتقل من عمان إلى إربد، لا يوجد حاجز، ولا نقطة تفتيش، ولا جوازات، لا شيء أبداً، حتى مرة انتقلت من سويسرا إلى إيطاليا لفت نظري أنه لا يوجد حدود، لا يوجد لوحة على الطريق، شخص قال لي: انظر إلى الأرض يوجد خط، الحدود ليست أعلى منه مستوى، بل على نفس المستوى لكن من الحجارة قال لي: هذا الحد فقط، أمم، حروب، بلاء، خصومات لا تنتهي، دول متنوعة، قوميات متنوعة، لغات متنوعة، فكروا أدركوا أن سلامتهم وتقدمهم بوحدتهم، معك عملة واحدة أينما ذهبت علم واحد، ناطق واحد باسم الخارجية الأوروبية كلها امرأة، ثلاث و عشرون دولة ينطق بسياستها الخارجية امرأة، وزير واحد، قوميات، انتماءات، خصومات سابقة، حروب سابقة، لغات متنوعة، أمة واحدة، ونحن ليس على وجه الأرض أمة تتمتع بما تتمتع به الأمة الإسلامية، دين واحد أي الأجانب يقولون لك: من إيران إلى الأندلس أمة واحدة، لغة واحدة، كتاب سماوي واحد، نبي واحد، شيء مخيف، ومع ذلك بأسنا بيننا، الشيء الذي يدمي القلب أن أعداء المسلمين يتعاونون تعاوناً مذهلاً وبينهم خمسة بالمئة قواسم مشتركة، وكل يوم يلغون حاجزاً بينهم، كلما تقدم الزمن ازدادت هذه الأواصر متانة، ونحن نملك نصف ثروات الأرض، ولنا دين واحد، وإله واحد، ونبي واحد، وقرآن واحد، وآلام وآمال واحدة، الحديث عن عوامل الوحدة لا ينتهي ومع ذلك بأسنا بيننا، يذبح بعضنا بعضاً على خلافات في العقيدة لا تزيد عن واحد بالمئة من مجمل العقيدة، هذا مما يؤلم أشدّ الألم، أعداؤنا يتعاونون وبينهم خمسة بالمئة قواسم مشتركة ونحن نتقاتل وبيننا خمسة و تسعون بالمئة قواسم مشتركة.
 إذا يمكن أن نواجه القنبلة الذرية بقنبلة الذُّرية، كلما أرى طفلاً صغيراً في يد أمه أو أبيه من أقربائي، هذه الورقة الرابحة الأخيرة الباقية في أيدينا، إذا أهملته كل شيء بالعصر الحديث يصرف عن الله، المدرسة مع الأسف الشديد، والإعلام مع الأسف الأشد، والصحافة، والمجلات، والانترنيت، والفضائيات، كل شيء بين أيدينا يصرف عن الله ويحبب في الدنيا.
 الآن عندنا عقبات وصوارف لا تعد ولا تحصى، تقف أمام الأب، إذا أراد أن يربي أولاده، فالأب البطل الذي يعطي أولاده اهتماماً كبيراً حتى يكونوا قرة عين له، وحتى يسعد بهم، والذي يعتني بأولاده يعتني بنفسه، من بعض الحقائق المذهلة والتي قد لا تصدق أن كل الذي تتمنى أن يكون في ابنك من فكر، من عقيدة، من تصورات، من عادات، من تقاليد، من أخلاق، كل شيء تتمناه في ابنك، ينغرس فيه من يوم ولادته لسبع سنوات، وبعد ذلك العوض بسلامتك، ومع الأسف الشديد هذه السنوات يهملها الآباء، ابنه كبر أصبح أطول منه تفاجأ أن هذا الابن لا ينتمي إلى هذه الأسرة، ينتمي انتماءات أخرى، ينتمي إلى شهوة، إلى علاقة، إلى متعة قد تخالف منهج الله عز وجل، فالذي يعتني بأولاده يعتني بنفسه، الذي يعتني بأولاده يحقق ذاته، أكبر مصدر للسعادة أن ترى ابنك كما تتمنى، والذي يرى ابنه على خلاف ما يتمنى يشقى بشقاء ابنه، أولادك ينتمون إليك أي هم امتداد لك، تسعد بسعادتهم، وتشقى بشقائهم.
هناك حقيقة أخرى وهي خطيرة جداً، أنت وزوجتك بالنسبة للابن؛ الأب والأم والأعمام والأخوال وابن العم وابن الخال وأستاذ المدرسة وشيخ الجامع وكل الجهات الكبرى المقدسة التوجيهية مجتمعة تأثيرها في نفس ابنك أربعون بالمئة، ورفيق السوء ستون بالمئة، دراسة نفسية، أنت وزوجتك وعم الابن وخال الابن والشيخ وأستاذ الديانة بالمدرسة، كل هذه الجهات التي توجه تأثيره لا يزيد تأثيرها عن أربعين بالمئة وتأثير رفيق السوء ستون بالمئة، فكل بطولتك أن تعرف من هو صديق ابنك، وكل بطولتك أيتها الأخت الكريمة أن تعرفي من هي صديقة ابنتك.

تربية الأولاد تربية عقلية و علمية و دينية و أخلاقية :

 الآن أنا الحمد لله ربيت أبنائي، وحققوا نجاحاً بالدراسة، هذا نجاح فرعي، الآن عندنا مفهوم للنجاح جديد لا يعد النجاح نجاحاً إلا إذا كان شمولياً، أي أخذ دكتوراه لكن لا يوجد به دين، بعثته إلى أوروبا، جاء معه دكتوراه، ارتكب الفاحشة هناك، تشرب الفكر الإلحادي، يرى الدين كله ثقافة، ثقافة ما وراء الطبيعة، ثقافة للضعاف، علموه أنت ضعيف إذاً أنت أخلاقي، أنت لماذا أخلاقي؟ لأنك ضعيف، يرجع إنسان لا ينتمي إلى أمته أبداً، ولا يجمعه بها شيء، لكن معه دكتوراه فأنت ضمنت له الدنيا أما الآخرة فخسرها، وليس المعنى ألا تدرسوا أولادكم لكن المعنى أن تهتموا بعقيدة ابنكم وإيمانه.
 لذلك عندنا تربية عقلية، وتربية علمية، وتربية تحصيلية، معه بكالوريا هذه تربية تحصيلية، والعقلية تنمي له عقله، والتربية العلمية معلوماته، وتربية دينية، وتربية أخلاقية، وتربية نفسية، وتربية اجتماعية، وتربية جسمية، وتربية جنسية، وتربية صحية، هذه أنواع التربية.

الأبوة مسؤولية كبيرة :

 الأبوة مسؤولية الأبوة، كأنها منصب رفيع تحتاج إلى علم، أنا يؤلمني أشدّ الألم إذا كنت تريد أن تطلب من الآباء أن يربوا أبناءهم.. عندي عبارة مؤلمة: فاقد الشيء لا يعطيه، الابن جاهل نشأ المال هو كل شيء بحياته، يحلف مئة يمين كاذب حتى يبيع السلعة، يحلف بالإيمان المغلظة أنه يبيعها برأس مالها وهو رابح بها مئة بالمئة، الكذب عنده سهل، البنت جالسة مع أمها يذهبون إلى بيت الجيران، يجلسون هناك ساعتين، يرجعون ويأتي الأب أين كنتم؟ لم نكن بأي مكان، هذه البنت تسمع أمها تكذب على أبيها كأن الكذب شيء طبيعي، فالإنسان أحياناً لا ينتبه، عندما تكذب الأم على الأب أمام البنت انتهى الصدق عند البنت، بنت كاذبة، أي الأب عندما يتابع أفلاماً لا ترضي الله أمام أولاده انتهى عند أولاده، الأبوة منصب خطير جداً، لذلك القدوة قبل الدعوة، لو أن الأب لم يتكلم ولا كلمة لكن كان أخلاقياً، يغض بصره، يضبط لسانه، القدوة دعوة من دون كلام، القدوة قبل الدعوة.

 

الإحسان قبل البيان :

 الإحسان قبل البيان؛ الأب المحسن يوجد أب عنيف، بيته قطعة من النار يدخل إلى البيت يتعوذ بالله من هذا الدخول، أنا أقول كلمة: يا أخواننا بطولتك أن يكون بالبيت عيد إذا دخلت، وأنا أحذرك بأن يكون العيد إذا خرجت، يوجد عيد في المنزل إما عند دخولك أو عند خروجك، الأب القاسي بكلامه، العنيف، الذي يشتم، و يسب، ويخبط الأبواب، إذا خرج من البيت يتنفس السعداء، ارتحنا يتمنون ألا يعود، وإن سافر لا يرجع، هكذا والله يتمنون ألا يعود وإن سافر لا يرجع.
 مرة أب بخيل أصابه مرض، فكأن هناك حالة فرح في المنزل، أقسم لكم بالله فرح لا يوصف، يقولون: إن شاء الله ستكون هذه نهايته، عندما قال لهم الطبيب: لا عرضية، انزعجوا انزعاجاً لا يوصف، ماذا؟ بسيطة نحن نريده مرضاً قاتلاً، أي أصعب شيء في حياة الإنسان أن يتمنى من حوله موته، وأسعد شيء بحياة الإنسان أن يتمنى من حوله بقاءه، يا ترى أنت من دون مجاملات أولادك يحبون بقاءك؟ إذا كنت تريد أن يحبوا بقاءك يجب أن تعطيهم بحياتك وليس بعد مماتك.
 أعرف أباً عنده تقريبا اثنتا عشرة بناية في الشام، وكلها مؤجرة، والله أنا ساعدت ابنه بالزواج، لأنه لا يعطيه، اثنتا عشرة بناية أعطه بيتاً منهم، أخذنا له بيتاً في ضواحي دمشق – في دمر- أنا والله عاونته بالبيت، هذا ابنك لماذا لا تعطيه؟ هذا البخل، كيف نحن عندنا بجسمنا لا قدر الله مرض خبيث، مرض قاتل، والشح مرض نفسي قاتل، والآية تقول:

﴿ وَمَن يوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ﴾

[ سورة الحشر: ٩]

 الذي نجاه الله من شح النفس هو في خير كبير، هذا المال لأولادك، لماذا يتمنون وفاتك؟ لماذا؟ زوجهم بحياتك، أعطهم بيتاً، أدخلهم معك شركاء بالتجارة، يبقى فقط يعطيه معاشاً، هذا له مستقبل، مستقبله لم يعد عندك، يريد محلاً يأخذ فيه أكثر من حاجته، يريد أن يربي أولاده، يجوز بعد فترة يمرض يحتاج إلى أن يغيب يعطيه معاشه فقط، لا يجب أن تعطيه فوق معاشه، يجب أن يكون الدخل ضعف ما يصرف من أجل أن يكون الدخل الثاني للمستقبل.

 

مشاورة الأبناء يعطي الأب مكانة كبيرة عندهم :

 أخواننا الكرام؛ موضوع التربية موضوع دقيق جداً، فالقدوة قبل الدعوة، والإحسان قبل البيان، كنت أقول هذا الكلام: افتح قلبه بإحسانك ليفتح لك عقله لبيانك، افتح قلبه بالإحسان يصغي لك، الأب المحسن يصغى إليه، يؤخذ كلامه على محمل الجد، والله قال:

﴿ وَشاوِرهُم فِي الأَمرِ ﴾

[ سورة آل عمران: ١٥٩]

 المشاورة تعطي مكانة للإنسان، أي اسأل ابنك: بابا أنا هكذا أفكر ما قولك؟ يرى مكانته الكبيرة عندك، هناك أب لا يسأل ابنه إطلاقاً، اسأله أصبح أطول منك، أريد أن أغير البيت ما قولك بابا؟ أريد أن أوسع تجارتي قليلاً ما رأيك؟ عندما تسأله يحبك، شعر بمكانته عندك، قد تكون إجابته غير دقيقة لا تأخذ بها دائماً، لكن عندما تسأله وتشاركه بالأمر تكبر مكانتك عنده.
 يوجد أخ هنا بعمان حدثني عن شيء أنا والله أعجبني كثيراً، أخذ متوسط استهلاك الكهرباء والماء والهاتف لشهر فأصبح هناك أرقام، بلّغ أولاده أي توفير عن هذا المبلغ لكم، قال لي: صار انضباط في استهلاك الكهرباء شيء لا يصدق، لأنهم علموا أن الفرق لهم، استهلاك الماء، استهلاك الهاتف، أحياناً الهاتف بلا فائدة.
 أنا من تجربتي المتواضعة أضع مالاً في درج، و هناك قلم وورقة فقط، اكتب، لا يوجد سائل ومحروم، فقط اكتب يوجد دفتر وقلم، أصبح معه مال لم يعد بحاجة لأن يقنص.

 

لزوم الأولاد وتعليمهم الاحترام و الأدب :

 وهناك توجيه نبوي: "الزم ولدك"، خذه معك، إن تركته في البيت يكون أفضل لك، خرج إلى الخارج سمع كلمة رذيلة، التقى مع صديق سوء علمه عادة سيئة، الزم ولدك، خذه معك، دعه يسمع من الكبار، يسمع الكلام الطيب، انظر إلى الأدب والاحترام، الزم ولدك، لا تستح به، ألبسه واعتن به، عود نفسك أن تأخذه معك.
 أقول كلمة أخرى؛ أنا أقول: بطولة الأب أن يجعل بيته جنة ينجذب إليها أولاده، لا يوجد صراع في البيت، لا يوجد عصبية، لا يوجد سباب، و لا شتائم، و لا غلق أبواب، أي عنف شديد في المنزل، والأب يسب زوجته، ويسب أولاده، الولد يهرب من المنزل، ربما يحتضنه صديق سيئ يعلمه عادة سيئة، الأب هو السبب.
 ورد في بعض الآثار: البنت تقف يوم القيامة بين يدي الله تقول: يارب لا أدخل النار قبل أن أدخل أبي قبلي، هو السبب، الذي عنده بنت يا الله بنت واحدة يمكن أن يدخل بها الجنة، " من جاءه بنتان فأحسن تربيتهما فأنا كفيله في الجنة، فقال الصحابة: وواحدة؟ قال: وواحدة".
 ما قولكم؟ الذي عنده بنت يمكن أن يضمن دخول الجنة بها وحدها الجنة كلها، والحوار مع الأولاد ماذا سمعت اليوم من أستاذك يا بني؟ صديقي كان رئيس أركان، عنده رتبة عسكرية، يقول لي ابنه: نجتمع دائماً الساعة الثانية ظهراً على الطعام، لابد من وجبة طعام مشتركة، أما أتى الابن لوحده أكل ثم ذهب، هذه مشكلة في البيوت، كل شخص يأكل وجبة لوحده، لا بد من وجبة طعام واحدة صباحاً أو مساء أو ظهراً، يجتمع عليها أفراد الأسرة كلهم في حوار، ساعة الطعام اسأل ابنك ماذا تعلم بالمدرسة، ماذا سمع من أستاذه، ماذا سمع في خطبة الجمعة.

الإنفاق على الأولاد إنفاق في سبيل الله :

 شيء آخر؛ يقول لك: أنا والله استيقظت قبل الأولاد ورجعت بعدما ناموا، أنت لست أباً إذا لا يوجد عندك وقت فراغ تجلس فيه مع أولادك، ما هذا الأب؟ معظم الناس هكذا، يريد أن يؤمن المعيشة ومعه حق هذا الذي عنده أسعار ارتفعت، وماله محدود، عنده ثلاثة خيارات إما أن يشعر بالحرمان الدائم، أو يلغي وقت فراغه من أجل وظيفتين، أو يقبل المال الحرام، و هنا المشكلة، أصعب مشكلة مجتمع الاستهلاك، كل شيء مغري، الدعاية مخيفة، الآن أي شيء يعرض عليك بأحلى صورة مع مواصفات غير معقولة، أنت بشر تشتري، عندك سيارة لا تريد هذه السيارة تشتريها، الموضوع الأخطر يريد أن يمد يده بالعقل الباطن إلى الحرام، يوجد مشكلة للمواطن لا تحل إلا بالرشوة، أتاه خمسة أضعاف دخله، حسن دخله لكنه سقط عند الله عز وجل.
 فالبطولة أن تحسن تربية أولادك، وأنا أقول والله لا أبالغ حينما تكسب المال الحلال بجهد كبير كي تلبي حاجات أولادك الأساسية، والله أنت في عبادة، خرجت من بيتك باكراً، ذهبت إلى عملك، جمعت مالاً من حلال كله، قدرت أن تحقق طموح أولادك المعقولة، يدخل ابنك الجامعة يكون مرتدياً ملابس معقولة، الدنيا شتاء، برد، لا يوجد عنده معطف، لا يجوز، فحينما تنفق على أولادك هذا الإنفاق في سبيل الله درهم تنفقه على فقير، ودرهم على مسكين، ودرهم على عبادة، فهو في سبيل الله، اعتقد يقيناً أن كل شيء تنفقه على أولادك هو نوع من الإنفاق في سبيل الله.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

إخفاء الصور