وضع داكن
19-04-2024
Logo
مختلفة تونس : 3 - إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم - أهمية العبادات مع بعضها وأنواع المصائب والهدى .
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع :
 أهلاً بكم في مقر إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم نقول بتحية الإسلام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الدكتور راتب :
 وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبارك الله بكم وبإذاعتكم.
المذيع :
 بارك الله بالدكتور، ربما يعرف الجميع أن من ينابيع العلم ينبوعك في زمن تاهت فيه سبل المعرفة بين الدعاة والمدعين، ولكن الذي لا يعرفه أغلب الناس أن هذا الينبوع الذي تمثله تصل جذوره العليا إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، فماذا تقول زيادة على ما قلناه ليعرفك الناس أكثر؟

العبادات الشعائرية لا تقطف ثمارها إلا إذا صحت العبادة التعاملية :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، و ارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
 سيدنا جعفر رضي الله عنه التقى النجاشي وسأله عن الإسلام، قال:

(( أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه....، فدعانا إلى الله لتوحيده، ولنعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء ))

[ابن خزيمة عن جعفر بن أبي طالب ]

 أي كتفصيل: إن حدثكَ فهو صادق، وإن عاملتهُ فهو أمين، وأن استثيرت شهوتهُ فهو عفيف، والنسب تاج على كل ذلك:

((..فدعانا إلى الله لتوحيده، ولنعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء ))

[ابن خزيمة عن جعفر بن أبي طالب ]

 النقطة الدقيقة أن الإسلام فيه عبادات شعائرية؛ كالصلاة، والصوم، والحج، والزكاة، و عبادة تعاملية، لكن الموضوع الخطير جداً أن العبادات الشعائرية على عظمتها وعلى أنها من أركان الدين لا تقبل ولا تصح ولا تقطف ثمارها إلا إذا صحت العبادة التعاملية، لولا الدليل لقال من شاء ما شاء، طالبني بالدليل:

(( يؤتى برجال يوم القيامة لهم أعمال كجبال تهامة، يجعلها الله هباء منثوراً، قيل: يا رسول الله جلهم لنا؟ قال: إنهم يصلون كما تصلون، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها))

[ ابن ماجه عن ثوبان]

 انتهت الصلاة بهذه الطريقة، الآن الصيام:

(( مَن لم يَدَعْ قولَ الزُّورِ والعمَلَ بِهِ، فَليسَ للهِ حاجة فِي أَن يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ))

[البخاري وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة ]

 الزكاة، قال تعالى:

﴿قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ﴾

[ سورة التوبة: 53]

 بقي الحج:

(( من حج بمال حرام ووضع رجله في الركاب، ونادى لبيك اللهم لبيك، نودي أن لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك))

[الأصبهاني في الترغيب عن أسلم مولى عمر بن الخطاب ]

 بقي الشهادة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:

((من قال لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة، قيل: وما حقها؟ قال: أن تحجبه عن محارم الله))

[ الترغيب والترهيب عن زيد بن أرقم بسند فيه مقال كبير ]

 هذه الشهادة والصوم والحج والزكاة الأركان الخمسة إن لم ترافقها عبادة تعاملية صدق وأمانة وإخلاص لا قيمة لها، فلذلك حينما فهم المسلمون - وهذا شيء دقيق جداً وخطير- الإسلام عبادات شعائرية فقط ولم يعبؤوا بالعبادة التعاملية ضعفوا، لأنه هان أمر الله عليهم التعاملي فهانوا على الله، فإذا أردنا نهضة إسلامية لا بد من أن نجمع بين العبادتين الشعائرية والتعاملية، وكأن الشعائرية تشبه الامتحان، ثلاث ساعات آخر السنة، أما التعاملية فالعام الدراسي بأكمله، تسعة أشهر حضور وانتباه وكتابة وتلخيص ومراجعة ودراسة هذه العبادة التعاملية، هذه تقتضي الاستقامة في الإنفاق في الدخل، في العلاقات، أنا أكاد أقول لك كلمة أرجو ألا أكون مبالغاً بها: العبادة التعاملية تبدأ من أخصّ خصوصيات الإنسان من فراش الزوجية وتنتهي بالعلاقات الدولية، تكاد تكون العبادة التعاملية خمسمئة ألف بند، أو خمسين ألف بند، الرقم كبير، كيف تكسب مالك؟ كيف تعامل موظفيك؟ كيف تعامل أخوانك؟ كيف تعامل زوجتك؟ كيف تعامل من هم أكبر منك؟ من هم أدنى منك؟ من هم حولك؟ هناك تفاصيل بالشريعة كبيرة جداً.

 

من أخلّ بما كلفه الله من عبادة فالله في حلّ من وعوده :

 إذا فهمنا الدين عبادات شعائرية؛ جوامع وصلاة نحن مليار وسبعمئة مليون مسلم، وليست كلمتنا هي العليا، وهذه حقيقة مرة وأنا أؤمن أن الحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح، ليس كلمتنا هي العليا، وليس أمرنا بيدنا، وللطرف الآخر علينا ألف سبيل وسبيل، معنى هذا أن هناك مشكلة تتضح بما يلي، قال تعالى:

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾

[ سورة النور: 55 ]

 هذا وعد إلهي، وزوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين، والدليل قوله تعالى:

﴿ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ﴾

[ سورة النور: 55 ]

 قانون، أي دين وعد بتمكينه؟ لا كما نفهمه نحن احتفالات، أناشيد، تلاوات رائعة، أما بالحياة العملية فنتحرك وفق أهوائنا، هذا فهمنا للدين، قال تعالى:

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾

[ سورة النور: 55 ]

 نحن بالحقيقة المرة لسنا مستخلفين، قال تعالى:

﴿ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ﴾

[ سورة النور: 55 ]

 أي دين وعد بتمكينه؟ الذي ارتضى لهم، فإن لم نمكن معنى ذلك أن فهمنا للدين لم يرض الله عز وجل، قال تعالى:

﴿ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾

[ سورة النور: 55 ]

 هناك حرب عالمية ثالثة معلنة على الإسلام، كانت تحت الطاولة الآن فوق الطاولة جهاراً نهاراً، آخر كلمة قال تعالى:

﴿ يَعْبُدُونَنِي ﴾

[ سورة النور : 55 ]

 فإذا أخلّ الطرف الآخر بما كلفه الله به من عبادة الله جلّ جلاله في حلّ من وعوده الثلاثة، هذه الحقيقة المرة التي أراها أفضل ألف مرة من الوهم المريح.
المذيع :
 فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بارك الله بك على هذه الكلمات الطيبات في بداية هذا اللقاء، يحضر معي كذلك فضيلة الشيخ قيس، ويحضر أيضاً عضو جمعية الدعوة والإفلاح الأخ هيثم.

 

تذكير ببرنامج الدكتور راتب في تونس و ترحيب حار به :

الأستاذ :
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وما قل ودل خير مما كثر وألهى، لم أطل بإذن الله تعالى أنال الحقيقة، أرحب بكل المستمعين إلى إذاعة الخير، وإلى إذاعة البشر إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم، سدد الله خطاكم، ونفع بكم الأمة، ونفع بكم تونس، وكل من يستمع إليكم، وأنا أشدّ على أيديكم لتواصلوا هذا الطريق، والطريق صعب.
 ثانياً: أنا عندما أكرمني ربي عز وجل بمرافقة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي تذكرت فتى موسى، أتمنى أن يقبلني الشيخ لأكون خادماً عنده والله، الحمد لله بدأنا هذه الجولة استقبلته جمعية الدعوة والإصلاح، ولبى الدعوة مشكوراً لأول مرة في تونس.
كنت أريد أن أتنقل خارج تونس حتى أقوم بمحاضرة.
 الحمد لله هذا توفيق من الله عز وجل، أريد أن أعطي لمحة عن البرنامج المتبقي للشيخ قبل أن يتواصل الحوار، هذا الحوار الشيق ومعنا الشيخ قيس، أولاً سيكون يوم الجمعة...
 الحقيقة هذا البرنامج المتبقي للشيخ محمد راتب ونحن سنستدعيه بإذن الله تعالى لأنا سعدنا بكلماته وبلقائه وشعارنا في ذلك:

ازرع جميلاً ولو كان في غير  موضعه فلن يضيع جميل أينمـــا زرع
إن الجميـــــــل ولو طــــــــــــــال الزمان  به فليـس يحصده إلا الذي زرع
***

 أنا لن أطيل عليكم.
المذيع :
 سأعيد لك الكلمة فيما بعد، سنذكر ببرنامج فضيلة الشيخ في برامج أخرى حتى يكون الأخوة المستمعون عندهم علم.
الشيخ قيس :
 اسمح لي بكلمة أمام شيخي وأستاذي: لطالما حلمت بهذه اللحظة أن ألقاه، وأن أملأ عيني منه رأي العين، فضيلة الدكتور أنا مولع جداً لما تقول.

 

الدكتور راتب :
 من تبادلوا النصائح، وأعان بعضهم بعضاً ارتقوا عند الله جميعاً، فإذا تنافسوا وتشاتموا سقطوا من عين الله جميعاً، ومن عين الناس، فعلامة الإخلاص التعاون والاعتراف بالآخر والاتباع.
المذيع :
 الأخت شقرونة زميلتنا تريد أن تسأل فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، تفضلي...
المذيعة :
 بسم الله، والصلاة والسلام على الحبيب محمد رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، يشرفني وأنا بينكم سعادة الدكتور وجزاكم الله خيراً أن حللتم بيننا أهلاً ونزلتم سهلاً ويشرفني أيضاً أنني من بين هذه الآلاف من النسخ التي تسحب من موسوعتك يومياً سيدي الفاضل.
الدكتور راتب :
 بارك الله بك، ونفع بك إن شاء الله.
المذيعة :
 اللهم آمين، الحمد لله على طيب هذا الدعاء، من موقعي كامرأة مسلمة سيدي الدكتور كيف لكل أم وأخت وابنة أن ترضى بقضاء الله سبحانه وتعالى عليها وقضائه أمام الأمراض؟ أمام العقم؟ أمام المشاكل الزوجية؟ أمام اختيار الزوج الصالح؟ هذا السؤال الشق الأول، والثاني: كيف نفهم الكلمة والحكمة: المنع هو عين العطاء؟

الدنيا دار ابتلاء لا دار جزاء :

الدكتور راتب :
 أولاً: انطلاقاً من مسلمات الإسلام والإيمان والتوحيد أن كل شيء وقع في القارات الخمس من آدم إلى يوم القيامة أراده الله، ما معنى أراده؟ هنا يوجد فهم كبير في فهم أراده، أراده لم يأمر به ولم يرضه، مثل طبيب تزوج ولم ينجب لمدة عشر سنوات، ثم أنجب طفلاً آية في الجمال، تعلق به تعلقاً مذهلاً، ثم اكتشف الأب الطبيب أن ابنه مصاب بالتهاب الزائدة الدودية، فهذا الطبيب الرحيم والولهان بابنه يسمح بفتح بطن ابنه بعد التخدير الكامل، واستئصال الزائدة، معنى أراده لا تعني أنه أمر به، ولا تعني رضيه، ولكن تعني فقط أنه سمح به.
المذيع :
 فاصل ونعود...
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أعيد الكلمة لفضيلة الدكتور كنت تتحدث عن الطبيب..
الدكتور راتب :
 هذا الطبيب الذي اكتشف عند ابنه التهاب الزائدة، يسمح بفتح بطن ابنه بعد التخدير الكامل، واستئصال الزائدة، ثم خياطة الجرح، ثم زوال مفعول المخدر، ومعاناته من آلام صعبة جداً، كل شيء وقع أراده الله، أي سمح به، لم يأمر ولم يرض، ولكن تقتضيه الحكمة، و لكل واقع حكمة، يجب أن نعلم هذه الحكمة، بالحكمة نتقبل هذا الأمر، لذلك قال العلماء: الرضا بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين، شيء مزعج، إنسانة لم تنجب، زوجها لم يكن كما يتمنى، الرضا بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين، نحن في دار ابتلاء لا في دار جزاء، نحن في مدرسة لو فرضنا الطالب طلب مقعداً مريحاً، ممكن أن ينام في أثناء الدرس، المكان المخصص للدراسة يجب أن يكون المقعد عادياً من الخشب، لا يوجد تكييف، التكييف يشعر الإنسان أنه بحاجة للنوم، هذه حقيقة الدنيا، حقيقة الدنيا ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم، هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء، لا تستقيم لأحد، ومنزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء - لأنها مؤقت- ولم يحزن لشقاء- مؤقت- قد جعلها الله دار بلوى، وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سبباً، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً، فيأخذ ليعطي ويبتلي ليجزي.
 هذه خطبة للنبي الكريم، وضع النقاط على الحروف، هذه الدنيا للعمل الصالح، دار ابتلاء، قال تعالى:

﴿ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾

[ سورة المؤمنون: 30]

 الإمام الشافعي رحمه الله تعالى حينما سُئل: ندعو الله بالابتلاء أم بالتمكين؟ فقال: لن تمكن قبل أن تُبتلى.
 يجب أن توطن نفسك أن هناك ابتلاء عليك أن تقبله، مثلاً هذه السيارة ما علة صنعها؟ السير لكن فيها مكبحاً، المكبح ضروري جداً لسلامتها، مع أنه فلسفي يتناقض مع علة صنعها، علة صنعها السير، المكبح يوقفها، المكبح ضروري جداً جداً لسلامتها، أنت مخلوق للسعادة، للسير أي كالسيارة لكن هناك مكبحاً، وهذه ضرورية جداً لسلامتك، لأن الله عز وجل قال:

﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾

[ سورة السجدة : 21]

أنواع المصائب :

 إلا أن المصائب أنواع خمسة، هذا موضوع مهم جداً، أعلى أنواع المصائب مصائب الأنبياء، مصائب كشف، هناك كمال متراكم عند النبي صلى الله عليه وسلم لا يبدو بالحالة الطبيعية، النبي عليه الصلاة والسلام مشى على قدميه إلى الطائف ثمانين كيلو متراً ليدعوهم إلى الله، كذبوه، سخروا منه، بعثوا أولادهم خلفه ليضربوه بالحجارة، فسال الدم من قدمه الشريف، يقول:

(( ربي إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي، ولك العتبى حتى ترضى، لكن عافيتك أوسع لي ))

[ الطبراني عن عبد الله بن جعفر بسند فيه ضعف ]

 يأتيه ملك الجبال، يقول له:

(( إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ))

[ متفق عليه عن عائشة]

 هذه النبوة؛ ضربوه، كذبوه، سخروا منه، ومكنه الله أن ينتقم منهم، مصائب الأنبياء مصائب كشف فقط، تكشف حقيقتهم العالية، هذه مصيبة.
 مصائب المؤمنين نوعان، مصائب دفع ومصائب رفع، هناك تقصير بالعبادات يلوح له شبح مصيبة يقوم الليل، يتقن صلاته، يقرأ القرآن يومياً، يغض بصره، مصائب دفع، وهو قبِل بمكان عادي في الجنة، عنده إمكانية عالية جداً يكون أعلى من ذلك، يسوق له مصيبة ليرفع مقامه عنده، مصائب المؤمنين مصائب دفع ومصائب رفع، الأنبياء كشف.
 أما الكفار والمشركين فمصائب قصم وردع، تأتيه مصيبة كبيرة لعله يرتدع، فإذا ما ارتدع يأتيه القصم، قال تعالى:

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾

[ سورة الأنعام: 44]

أساليب الله عز وجل لهداية خلقه :

 لذلك أنا مضطر إلى أن أقول: هناك أربعة أساليب لله عز وجل لهداية خلقه، أول أسلوب: الهدى البياني؛ أنت صحيح في بيتك، معافى، زوجتك معك، أولادك معك، ما عندك مشكلة مالية، ولا صحية، ولا أمنية، يأتيك نص، حلقة دينية بالإذاعة، خطيب يلقي خطبة أمامك، هذا الهدى البياني أنت مرتاح ما عندك أية مشكلة، الله عز وجل بلغك الحق عن طريق داعية، عن طريق قراءة كتاب، عن طريق ندوة تلفزيونية، أي طريق، هذا الهدى البياني أنت صحيح، ما عندك مشكلة، الموقف الكامل من الهدى البياني أن تستجيب، قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكم ﴾

[ سورة الأنفال: 24 ]

 لا سمح الله ولا قدر ما استجاب الإنسان الله عز وجل يتبعه لمرحلة ثانية، التأديب التربوي، يسوق له مصيبة، لعله يرجع إلى الله بها، قال تعالى:

﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾

[ سورة السجدة: 21]

المذيع :
 المرحلة الأولى..
الدكتور راتب :
 الأولى: الهدى البياني، أنت ما عندك أية مشكلة، لكن سمعت درساً، سمعت خطاباً، قرأت كتاباً، قرأت القرآن، قرأت السنة، أنت ما عندك أية مشكلة، الثانية أنت ما استجبت، قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكم ﴾

[ سورة الأنفال: 24 ]

 ما استجبت الآن مرحلة ثانية، ماذا يقول الطبيب للمريض؟ معك قرحة في المعدة إذاً تخضع لحمية قاسية جداً حليب فقط تشفى، وإذا ما خضعت للحمية عندك عمل جراحي، الثانية التأديب التربوي، عمل جراحي، تأديب تربوي ولم يتب، بالأول ما استجاب، بالثاني لم يتب، عندنا حالة ثالثة لكنها صعبة، اسمها إكرام استدراجي، تأتيه الدنيا وهي راغمة، عمل، دخل كبير، صحة طيبة، مكانة اجتماعية، وهو لا يصلي إطلاقاً، هذا اسمه: إكرام استدراجي، الموقف الكامل بالثالث أن تشكر، بالهدى البياني أن تستجيب، بالتأديب التربوي أن تتوب، بالإكرام الاستدراجي أن تشكر، لم يستجب و لم يتب و لم يشكر، يأتي القصم، قال تعالى:

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾

[ سورة الأنعام : 44]

خاتمة و توديع :

المذيع :
 بارك الله بك دكتور محمد راتب النابلسي، أكيد تحتاج إلى ساعات وساعات إذا تكلمنا بل أيام حتى نأخذ هذا الكم الهائل من المعلومات، بارك الله بك.
 للأسف لكل الحضور الشيخ مشغول جداً، وإن شاء الله الشيخ يسامحنا، ويبارك له في صحته، وأنا أعتذر لكل الأخوة في وسائل الإعلام، أو في كل الندوات، أو الجمعيات، الذين أرادوا استضافة الشيخ، أو أخذ موعد ولم نتمكن من ذلك، لأن النهار فيه أربع وعشرون ساعة فقط، ربي يبارك لنا في أوقاتنا، أريد أن أذكر المستمعين ببقية البرنامج... وأختم وأقول:

دقـــــــــات قلبــــــــــك نبض  قلبــــــــــــي وخطاك خطوي بين دربي
الله آخى بيننا بعقيدة  ربطت وحب فرباطنــــــــــــــــــــا دين الإله
فمن يحل رباط ربي ؟
***

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الدكتور راتب :
 كلمة قصيرة؛ كلمات يلفظها معظم الناس بالكسر وهي بالضم، يُونس، وتُونس، ويُوسف، يلفظ بالكسر.
المذيع :
 في ثلاثين ثانية كلمة إلى تونس.
الدكتور راتب :
 إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم، فإذا ظنّ أنه قد علم فقد جهل.
المذيع :
 شرف كبير لنا أن ندير لقاء مع فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، بارك الله لك، نكون قد أنهينا معك، شكراً لكم.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور