وضع داكن
19-04-2024
Logo
برنامج تعاضد : ندوة عن علة وجود الانسان والعمل الصالح.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع :
  بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأتمّ الصلاة وخير التسليم على حبيب قلوبنا على نبينا محمد الصادق الوعد الأمين، وعلى آله وأصحابه أجميعن، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم أخوة الإيمان في كل مكان في حلقة جديدة من برنامجكم: " تعاضد" عشرة أيام ولت من  هذا الشهر الفضيل، عشرة أيام وعشر ليال:

(( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة ]

(( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة ]

 هذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم، نسأل الله أن يتقبل ما كان منا من الصيام والقيام، وأن يبلغنا ليلة القدر، وأن يجعل ما تبقى من رمضان شهر خير وبركة وإيمان واحتساب، ليرضى الله عنا، لقد تعس وانتكس من أدرك رمضان فلم يغفر له، غفر الله لنا ولكم، هذا جزء من رسالتنا، وجزء من الخير الذي نحاول أن نكون وإياكم حجر بناء فيه في هذا الشهر الفضيل، في برنامج: " تعاضد " لنكون معاً أينما كان الجرح لأخواننا المستضعفين، في فلسطين المحتلة، في سوريا النازفة، في العراق، في بورما، في إفريقيا، في كل مكان يستضعف فيه المسلمون، لنكون معاً عوناً لهم، ومضمدين لجراحهم.
 مرحباً بكم مشاهدينا الكرام في برنامجكم:" تعاضد " كما نرحب بضيوفنا الأكارم من على اليمين فضيلة الداعية الإسلامي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، تربينا على دروسكم وعلمكم، وأيضاً مرحباً بضيفنا العزيز والغالي الأستاذ محسن العباد العجي، وهو المستشار الثقافي للمدير العام لمؤسسة راف وهو أيضاً رئيس قسم البرامج التعليمية الدولية في مؤسسة راف من قطر.
 حياكم الله ومرحباً بكم مشاهدينا الكرام، ودوماً تعرض على مدار هذه الحلقة اتصالات للراغبين بالتبرع، ودعم المشاريع، وكان الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، أبدأ مع فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، شيخنا في هذا البرنامج، وجاءت الفكرة من حديث النبي صلى الله عليه وسلم:

((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد ..))

[ مسلم عن النعمان بن بشير ]

 هل تعتقد فضيلتكم أن الأمة الإسلامية اليوم قد حققت هذا الحديث أم أنها بعيدة بعض الشيء؟

 

العبادة علة وجود الإنسان على وجه الأرض :

الدكتور راتب :
 و الله قبل أن أجيب عن هذا السؤال أقول: إنسان في جامعة، هذه الجامعة فيها ندوة، فيها مطعم، فيها ملعب، أشياء كثيرة، لكن نسأل أحد الطلاب: ما سبب وجودك في هذه الجامعة، علة وجودك؟ الحقيقة الدراسة، وهذه الأشياء كلها ملحقة، فالإنسان عندما ينسى علة وجوده، ينسى غاية وجوده، ينسى دوره في الحياة الدنيا، ويمضي وقته في أشياء لا تقدم ولا تؤخر، يكون مغبوناً، فلذلك عندما يفهم الإنسان من خلال مسلمات الدين علة وجوده، قال تعالى:

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الذاريات: 56]

 والعبادة في أدق تعاريفها طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية.
 هناك جانب فكري عقائدي إيديولوجي، وجانب سلوكي وهو الأصل، وجانب جمالي وهو النتيجة، فالإنسان عندما يكون تدينه صحيحاً، معرفته بالله صحيحة، ويتحرك وفق منهج الله يحقق الهدف من وجوده في الدنيا والآخرة، والآية الدقيقة:

﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾

[ سورة الرحمن : 46]

 جنة في الدنيا وجنة في الآخرة، الإنسان العبرة أن يتأمل من حين لآخر من هو؟ هو المخلوق الأول عند الله عز وجل، لأن الله عز وجل حينما عرض الأمانة قال تعالى:

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ﴾

[ سورة الأحزاب : 72 ]

 لأنه قبِل حمل الأمانة كان عند الله المخلوق الأول رتبة، ولأنه كان كذلك قال تعالى:

﴿ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ﴾

[ سورة الجاثية : 13 ]

تسخير الكون للإنسان تسخير تعريف و تكريم :

 الآن يوجد فكرة دقيقة؛ تسخير التعريف والتكريم، موقف الإنسان من تسخير التعريف أن يؤمن، وموقفه أيضاً من تسخير التكريم أن يشكر، فإذا آمن وشكر حقق الهدف من وجوده، قال تعالى:

﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾

[ سورة النساء : 147]

 فالإنسان لا بد من أن يؤمن، فإذا آمن لا بد من أن يشكر، على ماذا؟ على أن الله أوجده وأمده وشرفه، نعمة الإيجاد، ونعمة الإمداد، ونعمة الهدى والرشاد، خلقه من لا شيء ثم كرمه أن أعطاه العقل والنفس والفكر، وأعطاه منهجاً يسير عليه، يقولون: إن كمال الخلق يدل على كمال التصرف، فما دام الله معجزاً في خلقه كمال الخلق يدل على كمال التصرف، إذاً أرسل الأنبياء والمرسلين والدعاة إلى الله عز وجل، فالإنسان يجب أن يقف من حين لآخر ليعرف من هو؟ هو المخلوق الأول والمكلف والمشرف، قال تعالى:

﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾

[ سورة الإسراء : 70 ]

حجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح :

 الآن سوف أقول كلمة دقيقة جداً: هذا الطالب في الجامعة، مع أن هناك ندوة، ومطعماً، وملعباً، وأشياء كثيرة، وحدائق لكن الجامعة علة وجوده بها الدراسة، أنا أقول لك: وعلة وجود الإنسان في الدنيا العمل الصالح، أي أن حجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح، الدليل، قال تعالى:

﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾

[ سورة الأنعام: 132]

 والإنسان إذا غفل عن هذه الحقيقة واقترب أجله، ماذا يقول؟

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾

[ سورة المؤمنون : 99-100]

 فمعنى هذا أن مهمة الإنسان الأولى أن يدفع ثمن الجنة، وثمن الجنة هو العمل الصالح، قال تعالى:

﴿ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾

[ سورة النحل: 32]

 فحينما أقول لإنسان: أنت قد تضع وردة حمراء أو صفراء على صدرك، تضعها وقد لا تضعها، فهذا العمل الصالح ليس كذلك، إذا شبهناه بوردة تضعها على صدرك أو لا تضعها، الأمر أعقد من ذلك، العمل الصالح كالهواء للإنسان فما لم يعمل صالحاً شقي وهلك في الدنيا، عندما يعيش للذة هناك دراسات فلسفية دقيقة جداً تؤكد أن الإنسان إذا استهدف اللذة انقلبت، الله عز وجل سمح لنا أن نسعد بأشياء كثيرة أما أن تستهدف:

((إِيَّاكَ وَالتَّنَعُّمَ فَإِنَّ عِبَادَ اللَّهِ لَيْسُوا بِالْمُتَنَعِّمِينَ ))

[أحمد عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ]

 الإنسان قد يسعد بزوجته، وبأولاده، وبدخله، وبمن حوله، وبإيمانه، وبأصدقائه، لكن حينما تستهدف اللذة كما هي في الغرب سقط الإنسان من عين الله، و زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين، ولأن يسقط الإنسان من السماء إلى الأرض فتنحطم أضلاعه أهون من أن يسقط من عين الله.

 

معرفة الله من خلال آياته الكونية و التكوينية و القرآنية :

 ما الذي يؤكد مكانتك عند الله؟ أن تعرفه، وأن تتحرك وفق منهجه، وأن تتقرب إليه بالعمل الصالح، أن تعرفه، أولاً: كيف نعرفه؟ هناك آيات كونية، آيات تكوينية، آيات قرآنية، قال تعالى:

﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾

[سورة الجاثية: 6]

 فحينما نتحرك في القنوات السالكة لمعرفة الله، قناة الكون خلقه، قناة الحوادث أفعاله، قناة القرآن كلامه، فخلقه طريق لمعرفته، وأفعاله طريق آخر، وكلامه طريق آخر، ملخص الملخص علة وجودنا في الدنيا العمل الصالح.
المذيع :
 دكتور أنا أريد أن أسألك العمل الصالح إذا وفق الإنسان له هل هو علامة رضا من الله عز وجل وإذا حرم هل لا سمح الله أن يكون غاضباً عليه؟
 دكتور سنعود إليك بعد أن ننتقل إلى ضيفنا الشيخ محسن بن عباد أستاذ محسن السؤال المهم: هل طبيعة الإنجازات التي تقوم بها مؤسستكم راف هي مقتصرة فقط على الجهود الإغاثية، على تقديم المساعدات، أم أن هناك بعض المشاريع التنموية، و توفير فرص عمل لهؤلاء المستضعفين حتى تكون فرصة عمل شهرية لهم، علمني الصيد أفضل من أن تطعمني السمك.

 

السياسة التنموية لمؤسسة راف :

الشيخ محسن:
 بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله، طبعاً دخلت مؤسسة راف سياسة أخرى غير السياسة الإغاثية الفورية وإن كانت على أهميتها، ألا وهي السياسة التنموية، بحيث أن هذا الأخ الذي نناصره سواء في سوريا أو البلدان، نعلمه شيئاً يستطيع من خلاله أن يأتي بحاجاته المعيشية، في سوريا مثلاً بالتعاون مع هيئة الشام الإسلامية بدأنا مشروع دثر، وهو مشروع لتعليم أهالي القرى في سوريا الزراعة، بعض الأمور في مجال الصناعة، ليكون هذا مصدر دخل لهم، لكي يقوموا بجلب احتياجاتهم من كسب يدهم، واتخذت راف هذه السياسة وبدأنا بتدشين هذا المشروع في دولة قطر، وعرضه على كبار المتبرعين.
المذيع :
 عفواً يمكن أن يمتلكوا المهنة ولا ينقصهم تعليم الحرفة ولكن ينقصهم التمويل في الظروف الراهنة من يقوم بإنشاء مزارع نموذجية أو من يقوم بإنشاء مصانع أو مشاغل لهؤلاء الأشخاص؟
الشيخ محسن:
 يحتاجون من يعطيهم التمويل بداية، وتعليمهم كيفية تسويق ما يقومون بإنجازه أيضاً في البداية والنهاية.
المذيع :
 هل هذا مشروع رأى النور؟
الشيخ محسن:
 نعم رأى النور وبعض القرى حصدت نتائجه في سوريا، وهو مطبق في دول أخرى محتاجة، بالعكس في الفيلبين في إقليم مندناو أصبح بعض المزارعين الذي تمّ تعليمهم طريقة الزراعة الإنتاجية وطريق تسويق منتجاتهم أصبحوا يدفعون زكاة أموالهم لغيرهم من الفقراء.
المذيع :
 الله أكبر أصبحوا من المزكين، إذا لك تعليق شيخنا..

 

أفضل عطاء أن تنقل الآخذ إلى دافع للزكاة :

الدكتور راتب :
 أفضل عطاء أن تنقل الآخذ إلى دافع للزكاة، هناك من يستحق الزكاة فإذا أغنيته بتعليمه حرفة، أن تجعله منتجاً سوف يعطي الزكاة، سوف يتحول آخذ الزكاة إلى دافع لها، يكون هذا العمل في قمة الروعة، أما أن يبقى الإنسان يمد يده دائماً فليست هكذا الزكاة، الزكاة من أجل أن تغني، قال تعالى:

﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾

[ سورة التوبة: 103 ]

 تطهر الغني من الشح، وتطهر الفقير من الشح و اليأس، وتطهر المال من تعلق حق الغير بهم، وتزكيهم، الدافع للزكاة تزكو نفسه، يرى آثار عمله، يرى الذين كانوا جياعاً فشبعوا، الذين كانوا عراة فلبسوا، الذين كانوا مشردين فأووا في بيوت، فهذا الغني دافع الزكاة تنمو نفسه فضلاً على أنها تطهر بأداء الزكاة، والآخذ كان يائساً فشعر أن المجتمع لم ينسه فنمت نفسه، وهذا المال - الشيء الدقيق جداً - ينمو بقوانين حياتية لكن عند المزكي ينمو بعناية إلهية مباشرة، لأن الربا على الآلة الحاسبة يجب أن يزيد المال، قال تعالى:

﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾

[ سورة البقرة: 276 ]

 هذا تدخل إلهي بخلاف القوانين، قال تعالى:

﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾

[ سورة البقرة: 276 ]

المذيع :
 إذاً جهود طيبة تقومون بها لنقل الناس من خانة المستهلكين إلى خانة المنتجين، وتصنعون قضية إيجابية في المجتمع، وخط متواز أستاذ محسن مع الإغاثات العاجلة في بعض أماكن النكبات.

 

العمل التنموي جزء لا يتجزأ من المشاريع الدولية :

الشيخ محسن:
 لا بد منها، هذه ثقافة جديدة في مجال التبرعات، تعلم الناس الحرف، وجدنا صعوبة طبعاً بإقناع بعض المتبرعين بذلك، بعض المتبرعين يرون الحاجة إلى الأكل أو الكساء أو بناء المساجد أو المصليات صحيح، لكن إنك تقوم بإعفاف ذلك الرجل أو هذه المرأة أن يمدوا أيديهم للناس أيضاً هذه حاجة عظمى، وهناك الحمد لله من استجاب.
المذيع :
 دعنا نقول: غير النموذج الذي طرحته في سوريا أيضاً في الفيلبين، هل هذا الآن جزء من مخططاتكم في المستقبل؟
الشيخ محسن:
 نعم أصبح جزءاً.
المذيع :
 للعمل التنموي ليس فقط للإغاثة الفورية المنتهية بنفس اليوم.
الشيخ محسن:
 نعم أصبح جزءاً لا يتجزأ من المشاريع الدولية، وأخبرنا فيه شركاءنا إلى متى نعطي الناس؟ ستظل تعطي حتى تنتهي أموالك، أما بهذه الطريقة فسيصبح لك مصدر دخل ثابت، ستعطيه المرة الأولى فقط، وهو يكمل مشوار حياته، يعول نفسه ويعول أسرته.
المذيع :
 بعد قليل سيصبح هو أيضاً مصدر دخل لمثل هذه المشاريع كما تفضلتم فصار يزكي، سنتوقف معك أستاذ محسن وأنتقل إلى فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، دائماً من كلامك الطيب نشتم رائحة الشام شام العلماء سأسألكم عن سوريا ولكن ليس بصفتك سوري بل بصفتك عالم وداعية إسلامي، ما الذي ينتابك حينما تشاهد هذا الجرح الكبير الذي يحصل للأخوة هناك كمسلم؟

أفضل المعروف إغاثة الملهوف :

الدكتور راتب :
 الحقيقة ينتابني ألم شديد، لأن الإنسان هو خليفة الله في الأرض، والإنسان بنيان الله وملعون من هدم بنيان الله، فالإنسان حينما تؤدي له حقوقه وحاجاته كاملة يرقى عند الله، فإذا منعته من أشدّ الأشياء حاجة إليها ينهدم، في الحقيقة حينما نؤدي عملاً طيباً لهؤلاء المحتاجين كأننا نقدم شيئاً كبيراً جداً، وفي الحجرة النبوية الشريفة مكتوب في داخلها:" أفضل المعروف إغاثة الملهوف".
 هناك تجربة متواضعة في بلدنا قبل عشر سنوات محسن كبير قدم بيتاً كبيراً في أرقى أحياء دمشق، جعل هذا البيت مركزاً لجمعية خيرية، تعلم الفتيات الفقيرات الخياطة، زوده بخبيرات في الخياطة، وبآلات خياطة عديدة، وكل إنسانة فقيرة تنتسب إلى هذه الجمعية تأخذ راتباً شهرياً تتعلم الخياطة الدقيقة ثم تعطى الأقمشة وتخيط لهذه المؤسسة وتبيع وتعيش، أي كانت تمد يدها كانت يدها سفلى فأصبحت يدها عليا، هذا الذي أتمناه أن تكون الأعمال الصالحة بهذه الطريقة، أن تبقي هذا الإنسان يمد يده دائماً أنت كأنك حملته على أن يذل.

((ابتغوا الحوائج بعزة الأنفس فإن الأمور تجري بالمقادير))

[ورد في الأثر ]

(( من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه ))

[ البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود]

 فأنت حينما تكرم هذا الإنسان، تعطيه حاجاته بطريقة راقية، أحياناً مثلاً هناك جمعيات خيرية تبحث في المدارس عن فقراء، تأخذ أسماءهم وتأتي بحاجاتهم، هذه الحاجات تعطى لأوليائهم، يأتي الطالب في اليوم الثاني يرتدي ثياباً جديدة يقول: أبي اشتراه لي، أنا يهمني علاقة الابن بأبيه.
المذيع :
 هو صادق لا يعلم.
الدكتور راتب :
 نحن نعطي للآباء، أعط هذه الحاجة لابنك، هذا عمل فيه ذكاء وفيه قرب من الله عز وجل.
المذيع :
 دكتور وهذه اللمسات لها اعتبارها في شريعتنا الإسلامية؟

 

ضرورة المحافظة على كرامة الإنسان :

الدكتور راتب :
 ينبغي أن نحافظ على كرامة الإنسان، الإنسان بنيان الله إذا أعطيته وأذللته هذا ليس عطاء، فلذلك كان السلف الصالح يهتم كثيراً بكرامة هذا الذي يأخذ، كان الغني الصادق يعطي المال ويده هي السفلى، أي يجعل يد الآخذ هي العليا من باب الاجتهاد، فلذلك الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، أنواع الأعمال الصالحة لا تعد ولا تحصى، أنا حينما أؤمن إيماناً يقينياً أن علة وجودي في الدنيا هي العمل الصالح أتفنن في تنويعه، وفي تحديثه، وفي مستوياته، مثلاً أنت حينما تبحث في المدرسة عن الطالب الذكي المتفوق الذي لم يتح له قسط الجامعة وتجعله طبيباً هذا عمل كبير جداً، هناك أغنياء أفقهم لا يتسع لهذا المشروع، يريد أن يطعم جائعاً فقط، أما هذا المتفوق فقد يقدم لأمته إنجازاً كبيراً جداً، قد يسد ثغرة، أحياناً تأتي بخبير أجنبي يأخذ عشرة أضعاف الراتب المحلي، أنت إذا علّمت المتفوق عملت عملاً طيباً، حتى أذكر أن في بلدنا الطيب أنشئت جمعية للمتفوقين، المتفوقون الذين لا يستطيعون متابعة التعليم العالي فيعطى هذا المتفوق راتباً وأقساط الجامعة فيعود إنساناً متفوقاً، أنا أريد لهذا الإنسان أن يعطى إمكانيات عالية جداً كي يكون منتجاً.
المذيع :
 دكتور نتحدث عن صناعة الإنسان بكرامة، أستاذ محسن ونعود إليكم فضيلة الدكتور، سؤال قد يكون أقرب للشخصي: فضيلة الدكتور يتحدث عن العمل الصالح لكن نسأل الله عز وجل أن يعظّم نياتكم جميعاً، هل وجدتم ثمار هذا العمل الصالح في حياتكم؟ في هدوئكم؟ في أسركم؟ في سعادتكم ؟

من آثر آخرته على دنياه وجد ثمار العمل الصالح في حياته :

الشيخ محسن:
 سأجيب شخصياً عن وضعني أنا، نعم وجدته من خلاله رزقني الله عز وجل بزوجة صالحة، رزقني بأبناء، أصبح جزءاً من حياتي هذا النمط، نمط العطاء، نمط الذهاب إلى مواطن الخير، نمط حب الخير وأهل الخير، وأجيب أيضاً نيابة عن أخواني وغيرهم من المؤسسات نعم وجدوه في أهلهم، فمنهم من يضحي بوقته وكان باستطاعتهم أن يصبحوا تجاراً، يقضون في المؤسسة سبع عشرة ساعة، أو ست عشرة ساعة، فإذا أمضوا هذا الوقت في أمر من أمور الدنيا كالتجارة يستطيعون أن يكونوا من كبار التجار، ولكن فضلوا الآخرة على الدنيا، وسألوا الله أن يعطيهم على نياتهم.
المذيع :
 هنا نجدد الدعوة لكم أخواننا ومشاهدينا الكرام للمساهمة في حملة تعاضد، ودعم هذه المشاريع التي تشرف عليها هذه الأيادي المباركة، والله حسيبها ولا نزكي على الله أحداً، من مؤسسة راف في قطر...
 أين تجد الآن الأنفع لهؤلاء المستضعفين في بورما في ميانمار، المستضعفون أعدادهم أكثر من مئة ألف، وهم في بنغلادش، ما هو أفضل شيء يقدم لهؤلاء؟ لنسد هذه الثغرات؟

 

رفع شأن الأمة بتعليم أبنائها و تحويلهم من متلقين إلى منتجين :

الدكتور راتب :
 والله أنا سمعت عن محسن كبير يقيم في بلد في إفريقيا، فهذا الابن في إفريقيا ابن المسلم يرسل للتسول يأتي بدولار، أكبر رقم دولار، هناك مؤسسة كبيرة في العالم الإسلامي، ذهبت إلى هؤلاء أعطت الأب خمسة دولارات وأخذت ابنه وعلمته فلما علمته هذا الابن صار منتجاً، رفع اسم بلده، ورفع دخله، ورفع دخل الآخرين، هناك أعمال فيها ذكاء، وفيها نظر مستقبلي، أما أن تعطي إنساناً يتسول دائماً فأنت ما رفعت من شأنه، أنت عندما تعطيه حرفة، تعلمه على مصلحة ينتج، صار دافعاً للزكاة.
 ملخص الملخص أتمنى أن يكون دفع الزكاة أو المساعدات بشكل عام إلى الإنسان محولة له من قابض إلى دافع، هذا يحيي فيه كرامته، وتصبح يده هي العليا لا السفلى.
المذيع :
 في لحظة لا بد من الجهود الإغاثية الفورية لكن الأصل أن يكون المنهج والرسالة التي نرغب الوصول لهما أن يصبح من متلق إلى منتج.
الدكتور راتب :
 هي لخصت بكلمة لطيفة: لا تطعمني سمكاً علمني كيف أصطاد السمك.
الشيخ محسن:
 كما قال عبد الرحمن بن عوف: دلني على السوق. حينما عرض عليه من آخر بينه وبين صاحبه، قال لك مالك: ولكن دلني على السوق.
المذيع :
هنا ترى عزة المؤمن وحسن الظن بالله، سنتوقف.
 نعود إلى فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، كنت قد سألت ما إذا كان توفيق الله عز وجل للإنسان للقيام بالعمل الصالح هل هو علامة رضا؟ إذا أنا نويت هذا الشيء فأغلق عليّ بابي هل أخاف؟ هل هذا من علامات الرضا والقبول؟

من عرف سرّ وجوده و غاية وجوده كان هدفه العمل الصالح :

الدكتور راتب :
 أولاً: الآية الكريمة تجيب عن هذا السؤال، قال تعالى:

﴿وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾

[سورة إبراهيم : 34]

 فما من مخلوق يسأل الله أن يجري على يديه عملاً صالحاً إلا مكنه الله من ذلك، حقيقة مهمة جداً أنت حينما تعرف أن سرّ وجودك العمل الصالح، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك، الله هو الخالق، لكن الانبعاث منك، أما الفعل فيحتاج إلى قوة إلهية، مكنك في الأرض بمنصب، أو أعطاك مالاً، أو أعطاك جاهاً، أو أعطاك علماً، الإنسان حينما يؤمن بعلة وجوده في الدنيا يرى أن القوة مطلب إنساني، النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(( المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف ))

[ مسلم عن أبي هريرة]

 لماذا؟ قال: لأن خيارات الإنسان القوي إما أنه قوي بماله، أو قوي بعلمه، أو قوي بمنصبه، هذه أنواع القوة، إذا كان طريق القوة بأنواعها الثلاثة سالكاً وفق منهج الله يجب أن تكون قوياً، لأن خيارات العمل الصالح للقوي لا تعد ولا تحصى، إن كان قوة منصب بجرة قلم تحق حقاً وتبطل باطلاً، تقر معروفاً وتبطل باطلاً، تقر معروفاً وتزيل منكراً، إذا كان بالعلم قال تعالى:

﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ ﴾

[ سورة الأحزاب: 39]

 فلذلك الإنسان حينما يعرف سر وجوده يتحرك وفق منهج الله عز وجل، والعمل الصالح هو بعد الإيمان بالله علة وجودنا في الدنيا، هو ثمن الجنة، قال تعالى:

﴿ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾

[ سورة النحل: 32]

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِي* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا ﴾

[سورة المؤمنون: 99-100]

﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾

[ سورة الأنعام : 132]

 فالإنسان من دون عمل صالح إنسان بلا هوية، ليست قضية وردة تضعها، ولا هواء تستنشقه، ولا قضية ماء تشربه، قضية مصيرية، فأنا حينما أفهم وجودي في الدنيا من أجل عمل صالح أرتفع به عند الله وأستحق الجنة، اختلف الوضع، هناك أعمال نفعلها أو لا نفعلها، وهناك أعمال أساسية في حياتنا، إذا إنسان أخذ دكتوراه وتعين في الجامعة موظفاً أو أستاذاً جامعياً، دوامه شيء أساسي، دوامه ليس له فيه خيار، أنا عندما أعلم علم اليقين أن وجودي في الدنيا العمل الصالح لم يعد قضية أفعلها أو لا أفعلها، أفعلها يقيناً لأنها جزء من حياتي، المؤمن أعتقد بعد أن آمن بالله خالقاً ومربياً ومسيراً، آمن بأسمائه الحسنى وصفاته الفضلى، آمن بعلة وجوده، آمن بمنهجه، الآن حركته حركة عمل صالح، وهذا الفرق الكبير بين إنسان تائه شارد لا يدري ماذا يفعل، مثلاً لو إنسان وجد في باريس سأل: إلى أين أذهب؟ نقول: عجباً لهذا السؤال؟! لماذا جئت إلى هنا؟ إن جئت طالب علم فاذهب إلى السوربون، إن جئت سائحاً إلى برج إيفل، إن جئت تاجراً إلى الأسواق، فالإنسان كائن متحرك، أما هذه الطاولة فكائن ساكن، أنا لماذا متحرك؟ عندي حاجة إلى الطعام والشراب حفاظاً على بقائي كفرد، عندي حاجة إلى الزواج حفاظاً على بقاء النوع دون أن أشعر، وعندي حاجة إلى التفوق حفاظاً على بقاء الذكر، أنت تتحرك، أنت كائن متحرك، لأنك بحاجة إلى طعام وشراب، لبقاء وجودك، وبحاجة إلى الزواج لبقاء النوع دون أن تشعر، وبحاجة إلى التفوق لبقاء الذكر، فأنا عندما أعرف سرّ وجودي وغاية وجودي حركتي مدروسة.
 إنسان ذهب إلى باريس لينال الدكتوراه، سوف يبحث على مئات الجزئيات في خدمة هذا الهدف، سوف يستأجر بيتاً قريباً من الجامعة، ليوفر الوقت والجهد، سيصاحب طالباً فرنسياً ليتعلم منه المحادثة، سيقتني مجلات متعلقة باختصاصه، إذا كان الهدف واضحاً جداً، هذا الهدف الواضح يفرز لك مئات الجزئيات في خدمتك، أنا عندما أعرف سرّ وجودي في الدنيا الآن هدفي العمل الصالح.
المذيع :
 يجب أن يعرف البوصلة في حياته.

 

سعادة البشرية بإلغاء العنصرية :

الدكتور راتب :
 مرة قال لي أحدهم: هذه الآية تلخص إدارة الأعمال، قال تعالى:

﴿ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾

[ سورة الملك : 22]

 هدفه واضح، والجزئيات بين يديه، فكل حركاته، وسكناته، ولقاءاته، واتصالاته، وفرحه، وحزنه، منطلق من هذا الهدف، فرق كبير بين حياة المؤمن الذي عنده رسالة و الذي لا يملك رسالة، فأي إنسان حينما يرى له ما ليس لغيره، وحينما يرى أيضاً ما على غيره ليس عليه هذا عنصري، ومادام هناك عنصرية فالحروب لن تتوقف، اسمح لي بكلمة دقيقة وحق الفيتو حق عنصري، لماذا خمس دول تقول: لا، ألغي القرار؟ هذا عنصري، ما دام هناك عنصرية فالحروب لن تنتهي، إلا إذا آمنت لغيري ما لي وأن عليّ ما على غيري، ما عاد هناك عنصرية، مثلاً زوج إن تحدثت زوجته كلمة عن أمه أقام الدنيا عليه وعندما يتكلم عن والدة زوجته في السهرة كلها لا تستطيع أن تتكلم ولا كلمة، هذا زوج عنصري، حينما تضع مقياساً لك لا لغيرك هذه قضية خطيرة جداً أنا أرى البشرية لن تسعد إلا بالإلغاء العنصرية.
المذيع :
 دكتور في حديثنا عن الحروب ننتقل إلى العراق والحديث معك أستاذ محسن عن الجهود التي تقوم بها في العراق، ما هي الجهود التي تقومون بها وكيف تصلون إلى العراق ومساعدة الأخوة المستضعفين هناك؟

 

جهود راف في العراق تتمثل برعاية الأرامل و الأيتام :

الأستاذ محسن :
 طبعاً جهود مؤسسة راف قد بدأت في العراق قبل ستة أشهر أي قبل الأزمة الأخيرة، سميتها حملة راف لإغاثة أخواننا في العراق، وذلك بالتعاون مع شركاء لها، منذ ستة أشهر، أطلقتها في دولة قطر، طبعاً تتمثل جهودنا في العراق برعاية الأرامل والأيتام، جهود صحية وجهود رعاية البيوت في مواسم الشتاء والصيف، الآن العراق زادت الحاجة نسأل الله تعالى أن يعينهم ويكون معهم، ونسأل الله عز وجل من يقوم بخدمتهم ودعمهم.
المذيع :
 ما هي المشاريع التي تقومون بها هل تقتصر على تقديم الكفالات لهؤلاء الأيتام؟
الأستاذ محسن :
 هي للأيتام والأرامل، وهنالك تركيز على الجهود الصحية، ولدينا مشروع مصنع للأطراف الصناعية، لوجود العديد ممن فقدوا أطرافهم، ومشاريع تعليمية لأهميتها.
المذيع :
 تعملون بشكل مباشر من قطر أم من خلال شركاء؟
الأستاذ محسن :
 شركاء لنا تمّ اختيارهم بعناية.
المذيع :
 ما الذي تطمحون له في الملف العراقي من خطط ومشاريع؟
الأستاذ محسن :
 نحن نركز كثيراً على الصحة و التعليم وندعو المتبرعين لدعم هاتين الجهتين.
المذيع :
 فتح الله عليك يسيراً بخط متواز مع مشاريع إغاثية أخرى .
 مع تقرير ... لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، ربنا يكون عوناً لهم على هؤلاء البوذيين الذين يهجرونهم لأنهم قالوا: ربي الله، أعود إلى ضيوفنا الأكارم، فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي حضرني بيت من الشعر:

ربّ وامعتصماه انطلقت  ملء أفواه الــبنات اليتـــــــم
لامست أسماعهم لـكنها  لم تلامس نخوة المعتصم
* * *

 ماذا تقول فضيلة الشيخ للأخوان الذي تشاهدهم في راكان، في ميانمار، الذين يتعرضون لكل هذه الإساءات؟

 

بطولة المؤمنين انتظار النتائج لأنه ما من محنة إلا و بعدها منحة من الله :

الدكتور راتب :
 أنا مؤمن إيماناً قطعياً أنه ما من شدة إلا بعدها شدَّة إلى الله تعالى، وما من محنة تصيب المسلمين إلا بعدها منحة من الله، فالبطولة أن ننتظر النتائج، أما أنه عمل يسمح الله به من دون نتائج فمستحيل، لذلك أقول وهذه الكلمة دقيقة جداً: كل شيء وقع في القارات الخمس من آدم إلى يوم القيامة أراده الله، معنى أراده أي سمح به لم يأمر ولم يرض، كشاهد؛ طبيب تزوج ما أنجب، مضى عشر سنوات ما أنجب، ثم أنجب ولداً غاية في الجمال، تعلق به تعلقاً مذهلاً، ثم اكتشف الأب الطبيب أن مع ابنه التهاباً للزائدة الدودية، فسمح أن يذهب للمستشفى وأن يخدر تخديراً كاملاً، وأن يفتح بطنه، وأن تستأصل هذه الزائدة.
 فكل شيء وقع في القارات الخمس من آدم إلى يوم القيامة أراده الله، معنى أراده أي سمح به لم يأمر ولم يرض، وكل شيء أراده الله وقع، وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، فالذي وقع لو لم يقع لكان الله ملوماً، والذي وقع لو لم يقع لكان نقصاً في حكمة الله، والإرادة الإلهية متعلقة بالخير المطلق، أي في الكون لا يوجد شر مطلق، هناك شر موظف للخير، الدليل وما أكثر الفراعنة، قال تعالى:

﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً ﴾

[ سورة القصص: 4]

 أي فرعون سيدنا موسى قبل آلاف السنين استخدم الورقة الطائفية، قال تعالى:

﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾

[ سورة القصص: 4]

 الشاهد كله بالآية التالية:

﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾

[ سورة القصص: 5-6]

 أنا هذا إيماني القسم الثاني من الآية.
المذيع :
 دكتور فتح الله عليك، أستاذ محسن لكن ماذا يمكن أن نساعد في حلّ أزمة أخواننا المسلمين في ميانمار؟

 

كيفية حلّ أزمة أخواننا المسلمين في ميانمار :

الأستاذ محسن :
 ذكرت في الحلقات الماضية موضوع ميانمار والمشكلات التي يمرون بها، ولكن أريد أن أركز في هذه الحلقة على مشروع كفاف، خمسة عشر ألف أسرة من أخواننا اللاجئين من راكان موجودون في بنغلادش، الكفالة السنوية للأسرة مقدارها المتوسط ألف ومئتان وستون ريالاً قطرياً أي مئة وخمس ريالات في الشهر، ألا يستطيع أي رب أسرة أن يدفع مئة وخمس ريالات لكفالة أسرة كاملة؟
المذيع :
 الرقم بالدولار قد يكون أحد من مشاهدينا في أوربا يشاهد برنامجنا.
الأستاذ محسن :
 الدولار يساوي ثلاثة ريالات وخمسة وستون فلساً.
المذيع :
 تقريبا أربعمئة إلى خمسمئة دولاراً كفالة عائلة لمدة عام كامل، بأقل من خمسمئة دولار أمريكي تستطيع أن تكفل عائلة مسلمة متوسطة العدد لمدة عام كامل في إقليم ميانمار، الذين هجروا من البوذيين لأنهم فقط مسلمون دون أن يرتكبوا أي تقصير، والمشروع كفالة خمسة عشر ألف عائلة، أرقام الاتصال والتبرع الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه. هل هناك أمور أخرى؟
الأستاذ محسن :
 ذكرنا في الحلقات الماضية الكثير من الأمور وهذا المشروع الرئيس نريد أن نركز عليه في هذه الحلقة.
المذيع :
 فتح الله عليكم يا رب، شيخنا الدكتور النابلسي نود أن ننهيها بدعاء طيب من فضيلتكم، ولا ننسى أخواننا الذين شاهدناهم في ميانمار، والمسلمين في فلسطين الذين يتعرضون إلى آلة القصف الصهيونية في هذه الأيام وما فتح الله عليكم.

 

دعاء للمسلمين في كل مكان :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أُمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم احفظ إيمان أخوتنا في كل مكان، اللهم احفظ صحتهم وأموالهم، واحفظ لهم حياتهم وانصرهم على أعدائهم يا رب العالمين، اللهم هؤلاء المستضعفون يرفعون أيديهم إليك يا رب، لبِّ حاجتهم، واحفظ لهم إيمانهم وأهلهم وصحتهم، اللهم انصرهم على أعدائك يا عظيم يا جليل، هؤلاء المستضعفون يجأرون إلى الله عز وجل أن يعينهم، وأن ينصرهم على من يظلمهم، لعل الله عز وجل يأخذ بيدهم إلى خيرهم في الدنيا والآخرة، وأرجو الله عز وجل أن يحفظ كل المسلمين، وأن يحقن دماء المسلمين جميعاً في كل مكان، وفي بلاد الشام والعراق وفلسطين ومصر وفي أي بلد آخر، إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، والحمد لله رب العالمين.

 

خاتمة و توديع :

المذيع :
 جزاك الله خيراً دكتورنا فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي شكراً لكم، وأيضاً الشكر للأستاذ محسن بن عباد العجي، وهو المستشار الثقافي للمدير العام لمؤسسة راف، وأيضاً رئيس قسم البرامج التعليمية الدولية في شركة راف، شكراً لك أستاذ محسن للجهود الطيبة التي تقومون بها، والشكر أيضاً لمشاهدينا الكرام في حلقاتنا من برنامج تعاضد، والتي كنا نتحدث فيها عن الحملة الضخمة التي تقوم بها مؤسسة راف من قطر رحمة بالإنسان، هذه الجمعية التي تقوم بجهود كثيرة لإغاثة المستضعفين ...
 ويمكنكم التبرع عبر الموقع الإلكتروني لمؤسسة راف في قطر، يمكنكم تقدم أفكار للإغاثة، أسأل الله أن يتمم علينا رمضان بالبركات والأجور المضاعفات، وأن يعيد ديار المسلمين إلى الحق، وأن يعيد العلماء إلى ديارهم وإلى كراسيهم الذين يتحدثون فيها ورؤوسهم مرفوعة، إلى هنا نصل إلى الختام سبحانك الله وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك، ليلة مليئة بالطاعات نرجوها لكم، والسلام عليكم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور