وضع داكن
20-04-2024
Logo
برنامج ويتفكرون - الحلقة : 30 - النحل وردت في القرآن بصيغة المؤنث - مجتمع النحل
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

النحل من الآيات الدالة على عظمة الله عز وجل في خلقه :

 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، و ارضَ عنا وعنهم رب العالمين .
 أيها الأخوة الكرام ؛ لازلنا في الآيات الدالة على عظمة الله عز وجل في خلقه ، ولا سيما في موضوع النحل ، وقد قال الله عز وجل :

﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ﴾

[ سورة النحل : 68]

 فكيف جاءت كلمة النحل وقد سبقتها - أن اتخذي - ياء المؤنثة المخاطبة ؟
 لو عدنا إلى زمن ليس ببعيد لا أحد يعرف أن هذه النحلة ذكر أم أنثى ، قال تعالى :

﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي ﴾

[ سورة النحل : 68]

 هذا مما يدل على أن خالق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن ، قال تعالى :

﴿ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ﴾

[ سورة النحل : 68]

 لذلك هذه النحلة مصنفة ، هي حشرة متفوقة تفوقاً كبيراً في بناء البيت ، وفي تخزين رحيق الأزهار ، إلا أن هناك شيئاً يلفت النظر لو أن نحلة وقفت على زهرة ومصت رحيقها تدع على هذه الزهرة إشارة إلى أنها قد مص رحيقها ، من أجل توفير الوقت والجهد ، وأن هذه الحشرة النحلة التي تفوقت في تخزين رحيقها ، وفي بناء بيوتها ، تفوقت أيضاً في صنع هذه المستودعات للعسل سداسية الشكل ، وقد أشار بعض العلماء إلى أن الشكل السداسي لا يدع فراغات بينية إطلاقاً بين حجراته ، هذا الشكل اقتصادي .
 السؤال هنا من علم هذه النحلة سبل تخزين هذا الرحيق وتخزين هذا العسل وصنع هذا البيت وبناء هذا المستودع ؟ من علمها ؟
 لذلك قالوا : إن ألف زهرة تمص النحلة رحيقها كي تصنع قطرة عسل واحدة ، بل إن مئة غرام من رحيق الأزهار يصنع قطرة واحدة ، بل إن كيلو العسل ألف غرام من أجل أن يجتمع من رحيق الأزهار ومن معالجته في بطن النحلة يحتاج إلى طيران يساوي أربعمئة ألف كيلو متر ، أي حول الأرض عشر مرات ، قال تعالى :

﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾

[ سورة لقمان: 11 ]

 أما سرعة هذه النحلة وهي غير محملة برحيق الأزهار فهو خمسة وستون كيلو متراً في الساعة ، أما إذا حملت في بطنها رحيق الأزهار فسرعتها تقدر بثلاثين كيلو متراً في الساعة، أما الملكة فتضع ألفي بيضة في اليوم الواحد ، مهمتها تفريخ البيوض ، وأما العاملات فلهن وظائف كثيرة ؛ من هذه الوظائف أن تكون العاملة وصيفة للملكة ، وهناك عاملات حاضنات تربي الصغار ، هذا كان يسمى عند النمل قطاع التعليم ، وهناك أيضاً نحلات تأتي بالماء إلى الخلية ، وهناك نحلات حارسات ، والذي يلفت النظر أن لكل خلية نحل كلمة سر ، فإن لم تذكر النحلة التي رجعت إلى خليتها كلمة السر تقتل ، والأبلغ من ذلك أن هذه الكلمات تتبدل من حين إلى آخر ، مجتمع راق إلى درجة مذهلة ، هذا المجتمع بأمر تكويني من الله عز وجل .
 هناك نحلات عاملات لتهوية الخلية ، هناك نحلات عاملات لتنظيف الخلية ، هناك عاملات من النحلات لتلميع الخلية ، وكأن كل قطاع من النحل له وظيفة خاصة يتقنها ، والتعاون بين هذه النحلات شيء مذهل ، وشيء لا يصدق ، قال تعالى :

﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾

[ سورة لقمان: 11 ]

 شيء آخر ؛ هناك نحلات تستقصي مواقع الزهر ، فتذهب إلى أماكن جديدة فإذا عثرت على مواقع ممتازة عادت إلى الخلية كي تبلغ زميلاتها عن هذه الأماكن ، فكيف تقنع أو تنقل لزميلاتها النحلات هذه المواقع ؟ قال : هناك رقص ترقصه النحل ، كل رقصة تبين الكثافة والمسافة ، لو تتبعنا آيات الله الدالة على عظمته في النحل لوجدنا العجب العجاب .

 

البر صلاح الدنيا و التقوى صلاح الآخرة :

 مرة ثانية ، قال تعالى :

﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾

[ سورة لقمان : 11 ]

 وليت البشر يتعاونون كما يتعاون النحل ، لذلك قال تعالى :

﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا ﴾

[ سورة المائدة : 2 ]

 قال العلماء : البر صلاح الدنيا و التقوى صلاح الآخرة . والمجتمعات الآن القوية يتعاونون فيما بينهم ، وبينهم خمسة بالمئة قواسم مشتركة ، والمجتمعات المتخلفة يتقاتلون ، وبينهم خمسة وتسعون بالمئة قواسم مشتركة ، لذلك قال تعالى :

﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا ﴾

[ سورة المائدة : 2 ]

 البر صلاح الدنيا ، و التقوى صلاح الآخرة .

 

التفكر في خلق الله من دلائل عظمته سبحانه :

 أيها الأخوة الكرام ؛ هذه المعلومات الدقيقة عن النحل دليل على عظمة الله عز وجل، فإذا أردت أن تعرفه تفكر في خلق السموات والأرض ، تفكر في هذه الحشرات الراقية ، إن أردت أن تطيعه صدق أمره ونهيه ، لذلك هذه الدلائل العظيمة على عظمة الله لا بد أن تكون مدخلاً لنا إلى الله عز وجل معرفة ، وطاعة ، وتوبة ، وإنابة ، وبذلاً ، وعطاءً ، والله سبحانه وتعالى يوفقنا جميعاً لما يحب ويرضى .

إخفاء الصور