وضع داكن
25-04-2024
Logo
برنامج ويتفكرون - الحلقة : 27 - الطحال من آيات الله الدالة على عظمته وزنه 200غ ومعمل احتياطي لتوليد الكريات
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الطحال من آيات الله الدالة على عظمته :

 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته، و ارضَ عنا وعنهم رب العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
 أيها الأخوة المشاهدون ؛ هناك حقيقة دقيقة وهي أن كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب ، قد يتوهم المتوهم أن العبادات صوم وصلاة وحج وزكاة ، هذه عبادات شعائرية ، بينما أي أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب ، هذا معنى قوله تعالى حينما خاطب النبي صلى الله عليه وسلم :

﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾

[ سورة الحشر: 7 ]

 أي أمر في الكتاب والسنة ينبغي أن يطبق ، وأي نهي في الكتاب والسنة ينبغي أن نبتعد عنه ، لذلك قد تعبد الله عبادة راقية جداً تجعلك قريباً منه ، لأن التفكر في خلق السموات والأرض ، والتفكر في خلق الإنسان أقصر طريق إلى الله ، وأوسع باب ندخل منه على الله ، ومن يصدق أن هذه القطعة التي في أجسامنا وهي الطحال تسمى باللغة الدارجة السوداء ، لو زاد نشاطها لمات الإنسان ، ولو ضعف نشاطها لمات الإنسان ، ما هي ؟ هي قطعة وزنها يقدر بمئتي غرام ، في الطحال معمل لكريات الدم الحمراء ، مع أن كريات الدم الحمراء تصنع في نقي العظام ، لو أن هذا المعمل تعطل عن العمل ، وهذا التعطل له مرض اسمه فقر الدم اللا مصنع ، ولا تعرف أسبابه حتى الآن ، لو تعطل جهاز نقي العظام عن توليد الكريات الحمراء يأتي الطحال كمعمل احتياطي لتوليد الكريات الحمراء والبيضاء معاً ، بل هو في الحقيقة مقبرة للكريات ، حينما يموت في الثانية الواحدة بضعة ملايين من الكريات الحمراء ، هذه الكريات الميتة أين تذهب ؟ تذهب إلى المقبرة ، والمقبرة هي الطحال ، لكن هذه المقبرة حديثة جداً تحلل هذه المواد الميتة إلى مكوناتها الأساسية ؛ أول مكون الكريات الحمراء ، هذه حللت أصبحت حديداً ، الحديد يذهب إلى معامل صنع كريات الدم الحمراء - اسمه تدوير - وهذا شيء حضاري ، شيء راق جداً ، أن مادة ماتت حللوها إلى عواملها الأساسية ، واستخدمت استخداماً آخر . شيء آخر ؛ من المواد الأساسية حينما تحلل هذه الكريات الحمراء الهيموغلوبين ، هذا الهيموغلوبين يؤخذ إلى الكبد فيكوّن الصفراء ، والصفراء مادة خطيرة جداً ، إذا كان هناك عسر في الهضم ، وإذا كان هناك دهون كثيفة جداً في الطعام ، واستحال هضم هذه الصفراء تصب محلولها عليها فتذوب فوراً ، نحن بحاجة إلى الصفراء أيضاً ، أي حالة استثنائية ، حالة علاجية لعسر الهضم ، إذاً الهيموغلوبين أرسل إلى الصفراء ، والحديد أرسل إلى معامل نقي العظام ، الآن الطحال معمل لكريات الدم الحمراء ولكريات الدم البيضاء ، وهي مستودع احتياطي لكريات الدم الحمراء ، وهي مقبرة لهذه الكريات ، وتحليلها لمكوناتها الأساسية ، واستخدام هذه المكونات في مهمة ثانية . لذلك النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال :

(( أحلت لكم ميتتان و دمان ؛ فأما الميتتان فالحوت و الجراد ، و أما الدمان فالكبد و الطحال ))

[ أحمد عن عبد الله بن عمر]

مهمات الأعضاء النبيلة في الإنسان :

 أنت حينما تتفكر في خلق السموات والأرض ، أو تتفكر في خلق الإنسان ، أقرب شيء إليك جسمك الذي بين يديك ، هذه آيات دالة على عظمته ، قال تعالى :

﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ* خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ* يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾

[ سورة الطارق : 5-7]

 ومتابعة لآيات الله الدالة على عظمته في خلق الإنسان نرى أن الأعضاء النبيلة ، الأجهزة الخطيرة وضعت في حصون ، فالدماغ في الجمجمة ، ولكن حينما نرى في الجمجمة خطوطاً منكسرة ، هذه فواصل تمدد ، فهذه الفواصل المنكسرة فيما بينها لو وقع الطفل على بلاط الأرض لامتصت هذه الصدمة ، ونجا الطفل ، إذاً هذه مهمة من مهمات الأعضاء النبيلة في الإنسان .

 القلب موضوع في القفص الصدري ، العين في المحجر ، النخاع الشوكي في العمود الفقري ، معامل كريات الدم في نقي العظام - ضمن العظام - لو تتبعت هذا الموضوع لوجدت العجب العجاب ، أي جسم خطير تراه في حصن حصين ، فالرحم شيء خطير جداً موجود في الحوض ، أخطر معمل في الإنسان كريات الدم الحمراء ضمن العظام ، في نقي العظام ، القلب في الصدر ، الدماغ في الجمجمة ، هذا إتقان صنعة الله عز وجل الذي أتقن كل شيء .

 

وجود الإنسان لا معنى له من دون منهج يسير عليه :

 لذلك التفكر في خلق السموات والأرض يوصلنا إلى أن لهذا الإنسان صانعاً عظيماً ، ولهذا الصانع العظيم تعليمات التشغيل والصيانة ، وهذه التعليمات هي منهج الله عز وجل ، فانطلاقاً من حرصنا اللامحدود على سلامتنا ، وعلى سعادتنا ، ينبغي أن نطبق منهج ربنا ، من هنا قال تعالى :

﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ ﴾

[ سورة الرحمن : 1-3]

 يا رب أيعقل أن يعلم الإنسان القرآن قبل أن يخلق ؟ العلماء قالوا : لا ، هذا الترتيب ليس ترتيباً زمنياً إنما هو ترتيب رتبي . بمعنى أن وجود الإنسان لا معنى له بالأصل من دون منهج يسير عليه .
 الله عز وجل خلقنا ، منحنا نعمة الإيجاد ، و نعمة الإمداد ، ونعمة الهدى والرشاد ، فلذلك لأن الإنسان خلق في أحسن تقويم ، ولأن الله عز وجل كرمه أعظم تكريم ، ينبغي أن يخضع لمنهجه ، ويطبق أمره ونهيه ، حتى يسلم ويسعد في الدنيا والآخرة ، وعندئذ يحقق الهدف من وجوده ، وإذا حقق الهدف من وجوده توقفت كل المعالجات الإلهية ، قال تعالى :

﴿ مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا ﴾

[ سورة النساء : 174 ]

إخفاء الصور